وصايا هامة للمجاهدين والرد على المخذلين قبل عقد من الزمان على إعادة الخلافة الإسلامية، وإقامة ...

منذ ساعتين
وصايا هامة للمجاهدين والرد على المخذلين

قبل عقد من الزمان على إعادة الخلافة الإسلامية، وإقامة دين الله تعالى في الأرض، كان الشيخ أبو مصعب الزرقاوي يبشر المسلمين بقرب ذلك، ويدعوهم إلى التصديق بما يزعم المنافقون والذين في قلوبهم مرض أنه ضرب من الخيال، ويحثهم على الرد عليهم، ويحرضهم على الجهاد في سبيل تحقيق ذلك والثبات على طريق الجهاد مهما لاقوا من المشقة فيه، وأن لا يبالوا بالمنتكسين والمنهزمين والمتساقطين على الطريق، فرحمه الله تعالى وأسكنه في عليين.
قال رحمه الله في محاضرة له بعنوان (وصايا هامة للمجاهدين، والرد على المخذّلين)، أصدرها القسم الإعلامي لجماعة التوحيد والجهاد، في 29 جمادى الأولى 1425:

أيها المجاهدون:

سيقول لكم المنافقون وقطاع الطريق إلى الله: أتظنون أن شيئاً مما تريدون سيتحقق، وهل تظنون أن الخلافة الإسلامية أو حتى الدولة الإسلامية تقوم، إن ذلك لا يمكن أن يحدث، وهو أمر أقرب إلى الخيال من الحقيقة.

فإذا قالوا ذلك فتذكروا قول الله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم} [الأنفال:49]
وقولوا لهم: إن الله سيفتح على المسلمين روما كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، وكما فتحت القسطنطينية من قبل.

قولوا لهم إننا نأمل من نصر الله بما هو أبعد من ذلك.. إننا نرجو من الله أن يفتح البيت الأبيض والكرملين ولندن.. ومعنا وعد الله:
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم} [النور:55]

أما متى يكون ذلك.. فهذه ليست مهمتنا، ولم يكلفنا الله بها، وإنما كلفنا بالعمل للدين والذود عن الشريعة واستفراغ الوسع في ذلك وبذل أقصى الجهد.. أما النتائج فهي إلى الله عز وجل.

فعليك بذر الحب لا قطف الجنى
والله للساعين خير معين

عندما ابتلي الإمام أحمد – رحمه الله – في فتنة خلق القرآن وظهرت الفتنة بقوة السلطان، جاء رأس البدعة أحمد بن أبي دؤاد إلى الإمام أحمد متشمتاً: ألم تر كيف ظهر الباطل على الحق يا أحمد؟

فقال الإمام أحمد – رحمه الله –: إن الباطل لم يظهر على الحق.. إن ظهور الباطل على الحق هو انتقال قلوب الناس من الحق إلى الباطل، وقلوبنا بعد لازمة للحق.

قولوا لهؤلاء كما قال يعقوب عليه السلام: {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُون} [يوسف:94]، فرغم كل هذه الابتلاءات والشدائد فإننا نجد ريح الفرج و النصر والتمكين.. لولا أن تفندون، وكثير من الناس يقولون لكم: إنكم لفي ضلالكم القديم.

لقد قال المنافقون للصحابة بعد غزوة أحد: ارجعوا إلى دين آبائكم..
وهذه الكلمات سيقولها المنافقون لأهل الإيمان في كل زمان إذا أصابت المجاهدين في سبيل الله مصيبة، أو تعرضوا إلى قتل وجراح وسجن وتعذيب.
فإذا قالوا ذلك نقول لهم: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج:38]، {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُه} [الحج:40].

وسيقول المنافقون لكم مثلما قالوا عن أصحاب الرجيع الذين غدر بهم المشركون:
(يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا، لا هم أقاموا في أهلهم، ولا هم أدوا رسالة صاحبهم).
وهذه الكلمات ستقال لكم هذه الأيام كلما قتل بعض الإخوة.. لا هم قعدوا وسلموا، ولا هم استطاعوا أن يزيلوا المنكرات والموبقات.
فإذا سمعتم هذا فقولوا لهم قول الصّـدّيقة خديجة: (أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً).

فنقول لكل من مجاهد في سبيل الله: كلا - والله - لا يخزيك الله أبدا، إنكم لتصلون الأرحام، وتذودون عن الشريعة، وتجاهدون في سبيل الله ضد من كفر بالله من اليهود والصليبيين والمرتدين.

قال المؤرخ محمد البسام في كتابه -الدرر والمفاخر في أخبار العرب الأواخر- عن علماء الدعوة النجدية في قتالهم لملك مصر: (ولا والله تغلّـب عليهم صاحب مصر عن ضعف منهم أو جبن؛ بل خيانة من العربان، أو رضى من ساكني البلدان).


أيها المجاهدون:

لقد بعتم أنفسكم لله عز وجل وليس أمامكم إلا خيار واحد هو أن تُـسلموا المبيع لمن اشتراه:
{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:111].

وإذا استلم المشتري المبيع فليصنع به ماشاء، وليضعه حيث يشاء، فإن شاء وضعه في قصر، وإن شاء وضعه في سجن، وإن شاء ألبسه فاخر الثياب، وإن شاء جعله عارياً إلا مما يستر به عورته، وإن شاء جعله غنياً، وإن شاء جعله فقيراً معوزاً، وإن شاء علقه على عود مشنقة، أو سلط عليه عدوه فقتله أو مثـّـل به.

يقول سيّـد – رحمه الله – معلقاً على حادثة أصحاب الأخدود:

(لم يكن بد من هذا النموذج الذي لا ينجوا فيه المؤمنون، ولا يؤخذ فيه الكافرون؛ ذلك ليستقر في حس المؤمنين أصحاب دعوة الله أنهم قد يُدعون إلى نهاية كهذه النهاية في طريقهم إلى الله، وأن ليس لهم من الأمر شيء، وإنما أمرهم وأمر العقيدة إلى الله.

إن عليهم أن يؤدوا واجبهم ثم يذهبوا، وواجبهم أن يختاروا الله، وأن يؤثروا العقيدة على الحياة، وأن يستعلوا بالإيمان على الفتن وأن يصدقوا الله في العمل والنية، ثم يفعل الله بهم وبأعدائهم كما يفعل بدعوته ودينه ما شاء، وينتهي بهم إلى نهاية من تلك النهايات التي عرفها تاريخ الإيمان، أو إلى غيرها مما يعلمه الله ويراه).

وإنهم أجراء عند الله.. أفيحُـسن لمن باع شاة أن يغضب على المشتري إذا ذبحها، أو يتغير قلبه لذلك!!

ألم تسمع عما حدث لأسد الله وأسد رسوله (حمزة) لقد بُـقر بطنه وأخرجت كبده ومثّـل به.

وما جرى لخير الخلق صلى الله عليه وسلم يوم أحد.

وتأمل الأنبياء والرسل وهم صفوة الخلق: فقد أُلقي في النار إبراهيم عليه السلام، ونـُـشر بالمنشار زكريا، وذُبح السيد الحصور يحي، ومكث أيوب في البلاء سنوات، وسـُـجن في بطن الحوت يونس، وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين.

كل ذلك وهم راضون عن ربهم ومولاهم الحق.
وقد كان بعض السلف يقول: (لو قـُـرض جسمي بالمقاريض أحب إلي من أن أقول لشيء قضاه الله ليته لم يكن).

فكونوا إخوتي من هؤلاء الذين لا يُزاحم تدبيرهم تدبير مولاهم ولا يناهض اختيارهم اختياره سبحانه، فهؤلاء لم يتدخلوا في تدبير الله لملكه (لو كان كذا لكن كذا - ولا بعسى – ولعل – وليت).

فاختيار الله لعبده المؤمن أعظم اختيار، وهو أفضل اختيار مهما كان ظاهره صعباً أو شاقاً، أو فيه هلكة للمال أو ضياع للمنصب والجاه، أو فقد الأهل أو المال، أو حتى ذهاب للدنيا بأسرها.

وتذكروا قصة غزوة بدر وتفكروا فيها جيداً: فلقد أحبّ بعض الصحابة –رضي الله عنهم– وقتها الظفر بالعير، ولكن الله - سبحانه – اختار لهم أفضل من اختيارهم، لقد اختار لهم النفير، وفرق بين الأمرين عظيم.

فماذا في العير.. إنه طعام يؤكل ثم يـُـذهب به إلى الخلاء، وثوب يبلى ثم يـُلقى، ودنيا زائلة.

أما النفير.. فمعه الفرقان الذي فرق الله به بين الحق والباطل، ومعه هزيمة الشرك واندحاره، وعلو التوحيد وظهوره، ومعه قتل صناديد المشركين الذين يقفون حجر عثرة أمام الإسلام، ويكفي أن الله اطـّـلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 196
الخميس 21 ذي الحجة 1440 هـ

683b4f9a9ea34

  • 1
  • 0
  • 4

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً