الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ - قصة شهيد أبو عمر الخليفاوي -تقبله الله- الأمير العسكري ...

منذ يوم
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ - قصة شهيد


أبو عمر الخليفاوي -تقبله الله-
الأمير العسكري لولاية الفلوجة

أنزل الله لأمة الإسلام كتابا هاديا، وكتب لمن اتبعه وعمل به الرفعة والعزة، قرآنا يصنع الرجال جيلا بعد جيل، ومِن سنة الله أن يُهيئ رجالا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لا تندرس آثارهم، ولا تُنسى تضحياتهم، لا يغيبون حيث أمرهم ربهم، يستعملهم حين يستبدل بهم غيرهم ويرفعهم حين يضع سواهم، ويصنعهم على عينه ليكونوا للجهاد رُوّادا وللملاحم قُوّادا، وكان من هؤلاء الصناديد الأبطال أخو الرجولة والصبر والشجاعة كما نحسبه والله حسيبه الأخ (أبو عمر الخليفاوي) -تقبله الله تعالى- من السابقين الأولين إلى الجهاد، وممن شهد المغازي في العراق والشام.


• التحق مبكرا بصفوف المجاهدين

وُلد أبو عمر تقبله الله في أسرة طيبة محافِظة عام 1405 هـ، في منطقة (أم نجم) في (التاجي) شمال بغداد، وعاش في كنف والدين صالحين قاما بتعليمه أمر دينه مُنذ نعومة أظفاره، ما جعله ينشأ منذ شبابه نشأة إيمانية على طاعة الله تعالى، متّبعا طريق الهداية والنجاة، دفاعا عن دينه وعرضه، طالبا رضا مولاه، وراجيا جنات الخلود.

ففي عام 1425 هـ التحق أبو عمر في صفوف المجاهدين إبّان الغزو الصليبي لأرض الرافدين، فحمل سلاحه مجاهدا مقاتلا ضد القوات الأمريكية في مناطق شمال بغداد، حيث كان قائدا لإحدى المفارز التي كانت تنشط فيها آنذاك، فبرز معدنه منذ البداية، ثم كان من أوائل المجاهدين المسارعين إلى مبايعة الشيخ أبي مصعب الزرقاوي تقبّله الله والانضواء تحت لوائه، واستمر مجاهدا منكّلا بالصليبيين يذيقهم الويلات ويسعّر عليهم المعمعات في مناطق شمال بغداد، والكرمة، والفلوجة وغيرها من المناطق.

ومضى أبو عمر على هذا الدرب حتى منّ الله على المجاهدين بإعلان دولة العراق الإسلامية، فسارع إلى مبايعة أميرها الشيخ أبي عمر البغدادي تقبله الله، وقد تم تعيينه قائدا لإحدى المفارز العاملة في منطقة (الشيخ عامر)، فكان عارفا بالحروب بصيرا بدروبها، وقد أذاق الله تعالى على يديه الجيش الرافضي والقوات الصليبية كؤوس الحتوف، خاصة بعد أن أعمل فيهم سلاح العبوات فقطّع أوصالهم ودمّر آلياتهم.


• قائدا لإحدى كتائب شمال بغداد

وعندما ظهرت صحوات الردة والخيانة في العراق تعرّض أبو عمر للملاحقة والمتابعة من قِبلهم، فأنجاه الله تعالى منهم حتى قرر الخروج من منطقته التي كان فيها، فواصل المسير ولم يساوم على دينه بل تكيّف مع تلك المرحلة فأخذ يطاولهم بعملياته الأمنية، حتى قدّر الله تعالى أن يؤسر في عام 1429 هـ خلال عملية إنزال جوي للقوات الأمريكية على بيته، فلبث في سجن (بوكا) ثلاث سنوات ونصف، اشتدّ فيها ساعدُه وقويَ عزمه، إلى أن يسّر الله له الخروج من السجن في عام 1432 هـ، ليواصل طريقه وجهاده، وقد أسرع مجدد بالاتصال والالتحاق بإخوانه المجاهدين في الدولة الإسلامية وبقي معهم حتى مرحلة إعلان الخلافة الإسلامية، حيث كلّفه إخوانه بقيادة إحدى الكتائب في ولاية شمال بغداد، فظلّ قائدا رائدا للمجاهدين طيلة فترة التمكين، حتى قدّر الله أن تستهدفه طائرة قاصفة بصاروخ، فأصيب في إحدى يديه، و قرر الأطباء بترها لكنه رفض، وبقي يعالج يده حتى منّ الله عليه بالشفاء.


• في ملاحم ولاية الفلوجة

وبعد الانحياز من ولاية شمال بغداد، توجه أبو عمر مع كتيبته إلى ولاية الفلوجة ليستلموا إحدى ثغورها، فقام مع إخوانه بالمهمة على أتمّ وجه، وكان إخوانه معجبين بحسن فعاله وشجاعته، وبقي في الفلوجة حتى قام الرافضة والمرتدون بحصار المدينة، فقطعوا عنها طرق الإمداد وكثفوا القصف العشوائي بالمدافع والطائرات، واشتد الحال على المسلمين في الفلوجة قرابة سنة كاملة، صبر فيها المسلمون على الجوع والقصف العنيف محتسبين ما يصيبهم عند ربهم، ثم بدأ العدو يتقدم نحو مناطق الفلوجة، وراح المجاهدون يتصدون لهم بكل بسالة موقعين في صفوفهم خسائر كبيرة.

وأثناء إحدى المواجهات التي كان يخوضها برفقة إخوانه في مناطق (الزغاريد) و (البوعزيز) و (الشيحة)، قدّر الله تعالى أن يُصاب أبو عمر مرة أخرى بقذيفة هاون، فقدَ بسببها بصره مدة خمسة أشهر، حتى أعاد الله له إحدى عينيه.

• أبو عمر مجاهدا في الباغوز

وفي هذه الفترة، انحاز أبو عمر مع إخوانه المجاهدين من الفلوجة إلى ولاية الفرات ليواصلوا جهادهم ويرصوا صفوفهم من جديد، ولمّا شفاه الله تعالى انتقل إلى العمل في مجال الإدارة، واستمر فيه سبعة أشهر صان خلالها مصالح المسلمين وحقوقهم.

لكنّ الشوق ظلّ يحدوه إلى ميادين القتال والرباط وصحبة الفرسان، تلك المواطن التي اعتادها فلم يعد يُطيق فراقها، وبعد إلحاح شديد وافق إخوانه على نقله إلى مواقع الرباط، وكُلف بقيادة إحدى الكتائب في ثغور ولاية الفرات وتحديدا في البوكمال، وعلى إثر اشتداد القصف الهمجي، قرر المجاهدون الانحياز من مدينة البوكمال إلى منطقة الباغوز، وهناك كُلف أبو عمر بقيادة ثغور الباغوز، حتى أثخن في الجيش والميليشيات النصيرية والرافضية أيّما إثخان، وكان مما وفقه الله إليه إعمال سلاح القنص في العمليات، فقام بنشر القناصين على طول نهر الفرات من جهة البوكمال لاصطياد المرتدين، فكان لا يمر يوم إلا ويسقط فيه ثلاثة أو أربعة قتلى من عناصر الميليشيات الإيرانية والرافضية.


• العودة إلى العراق سيرا على الأقدام!

ولاحقا، قرر قادة المجاهدين أن يعود أبو عمر تقبله الله إلى ولاية العراق، حيث تم تكليفه بأن يكون نائبا للأمير العسكري لولاية الفلوجة، فيسّر الله له الدخول إلى (جزيرة الكرمة) في عام 1439 هـ، بعد مسيرة شهر سيرا على الأقدام!، كان يرافقه فيها مجاهد واحد فقط، لكن الواحد من أمثال هؤلاء الأبطال بألف رجل، فقد فتح الله عليهم ونجحوا في المهمة التي كُلفوا بها، وهي إعادة تأسيس العمل العسكري في قاطع (جزيرة الكرمة)، ومع غربتهم عن تلك المنطقة إلا أن الله كتب على أيديهم الخير الكثير، فكان لهما -بعد الله تعالى- الفضل الأكبر في إعادة نشاط ولاية الفلوجة، وصار أبو عمر تقبله الله حجر الأساس فيها.


• أميرا عسكريا على ولاية الفلوجة

ثم صار أبو عمر وإخوانه يصولون ويجولون خلف خطوط المرتدين غُزاة منكّلين، ومن ضمن الغزوات التي غزاها أبو عمر، غزوة (الضابطية) التي هزت عروش الرافضة والمرتدين وأدخلت الرعب في صدورهم، حتى ترك المرتدون ديارهم خشية أن تصلهم أسياف المجاهدين وامتلأت قلوبهم غيظا ورعبا، فجنّدوا ضده الكثير من الجواسيس واستهدفوه أكثر من مرة، فحفظه الله من مكرهم وكيدهم، وفتح الله عليه فراح يستطلع القواطع وينشر فيها المجاهدين حتى وصل إلى مناطق جنوبي بغداد مثل (زوبع، والعناز، والمعامير) وغيرها، ثم كُلف أميرا عسكريا عاما لولاية الفلوجة لجودة فعاله وحسن قيادته، فكان أبا حنونا وأخا نصوحا شفوقا، كالظل لا يفارقهم.


• آخر روحة له في سبيل الله

وكغيره من قيادة دولة الإسلام يتقدمون الصفوف، انطلق أبو عمر في أحد الأيام برفقة مفرزة من إخوانه لشن هجوم على إحدى ثكنات الجيش الرافضي في منطقة (العناز)، حيث تمكنوا من إسقاطها وقتل من فيها، وفي طريق عودتهم كانت تلك آخر رَوحة له في سبيل الله، فقد ترجّل البطل الهمام إثر كمين نصبه لهم المرتدون في الطريق، ليُقتل تقبّله الله تعالى، تاركا خلفه جيشا من المؤمنين ربّاهم على الصبر والثبات والإقدام.

إن مثَل أبي عمر الخليفاوي ليعيد إلى هذه الأمة ذكرى الفاتحين الأوائل كخالد والقعقاع رضي الله عنهما، الذين تنقّلوا بين ساحات وثغور العراق والشام ذهابا وإيابا، جهادا في سبيل الله تعالى، وكرّا على أعداءه، نصرة للإسلام الذي لا ينتصر بغير الجهاد.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 304
الخميس 9 صفر 1443 هـ

683b4f9a9ea34

  • 1
  • 0
  • 29

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً