الفرقان / وكفى بربِّك هادياً ونصيراً مقتبسات من كلمة "وكفى بربِّك هادياً ونصيراً" لأمير ...

منذ 6 ساعات
الفرقان / وكفى بربِّك هادياً ونصيراً



مقتبسات من كلمة "وكفى بربِّك هادياً ونصيراً"
لأمير المؤمنين الشيخ المفضال أبي بكر البغدادي -تقبله الله تعالى-


"فمهما حشدوا وألّبوا فلن تغني جموعهم من أمر الله شيئا، وقد أخبرنا سبحانه في مواطن من كتابه العزيز، أن العبرة ليست بالعدد والعدة والقوة، قال صاحب أضواء البيان بتصرف يسير: "إن الفئة القليلة المتمسكة بدين ربها تغلب الفئة القوية الكافرة التي لم تتمسك به"، ففي غزوة الخندق، ذلك الحصار العسكري الذي نوه الله بشأنه، وبيّن شدته وعِظمه في سورة الأحزاب في قوله: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِّنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: 10 ، 11] وقع هذا الحصار العظيم وأهل الكفر في عدد وعدة وقوة، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ضعف وجوع وقلة من المال والسلاح، حتى ذكر أهل السير، أن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يشد حزامه على الحجارة من شدة الجوع، ومع شدة الحصار والضيق، نقضت بنو قريظة العهد الذي كان بينهم وبين المسلمين، وهذا هو ديدن اليهود، فأصبح المسلمون في موقف حرج وضيق أشد، فكان الذي واجه المسلمون به هذا الموقف الشديد والحصار العسكري الكبير، هو الإيمان والتسليم كما أخبر الله -تعالى- عنهم بقوله، {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22] ، وكان من نتائج هذا الإيمان والتسليم، ما قصه الله علينا في محكم كتابه في سورة الأحزاب في قوله، {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25].

ولقد أثبت أبناء الإسلام في دولة الخلافة بفضل الله ومنه، أنهم بثباتهم وعدم نكولهم من مصادمة آلة العدو وترسانته الصماء، هم حصن الأمة ودرعها المتين، وأملها المتقد، وخط دفاعها الأول، في وجه العدو الرافضي الحوثي المجوسي النصيري، الذي بات يؤمِّل نفسه أن يُحكم قبضته على ديار أهل السنة، وبدعم منقطع النظير من عباد الصليب وأذنابهم المرتدين، ومما يدل على ذلك، صمود رجالات الأمة في هذا الزمان الذين ثبتوا على أرض الموصل، وأبوا أن يسلموا أرضا حكمت بشرع الله لأهل الكفر وأمم الصليب، إلا بدق الرقاب وسكب الدماء، معتزين بدينهم مستعلين بإيمانهم موقنين صابرين محتسبين، فأوفوا بعهدهم وما بذمتهم، ولم يسلموها إلا على جماجمهم وأشلائهم، فأعذروا بعد ما يقارب سنة من القتال والنزال -نحسبهم والله حسيبهم- رغم أن الصليبيين الحاقدين وكعادتهم مع المسلمين، في الموصل وغيرها من ديار الإسلام، لم يتركوا سلاحا فاتكا مدمرا إلا واستخدموه، ولا محرّما عندهم -زعموا- إلا وألقوا به وجربوه، فأحرقوا البشر والشجر وكل شيء على الأرض عليهم من الله ما يستحقون، ولن يثني ذلك المجاهدين عن جهادهم وسيظل أبناء الإسلام يُرخصون دماءهم وأجسادهم في سبيل خالقهم جل وعلا، ولسان حالهم، {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة: 52].

وليعلم كل موحد مجاهد في دولة الإسلام وخارجها، بأنَّا على يقين، أن سيل الدماء والأشلاء الذي سكبه الثابتون الصابرون في الموصل وسرت، والرقة والرمادي وحماة، أن الله سيجريه في البلاد، فيهلك به كل طاغوت جثم على صدر الأمة، وستنزاح به الستور التي فرقت المسلمين لدهور، فلن نعود أعزة كرماء بديننا إلا بضرب البيض الصفاح، ومصادمة العدو في كل ساح، هذا سبيل فلاحنا في ديننا ودنيانا إن اعتصمنا بكتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.

وإنا بحول الله وقوته باقون ثابتون صابرون محتسبون في دار الإسلام، لن تثنينا كثرة القتل والأسر وألم الجراح، وأنيسنا قول ربنا {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104].

فيا أهل السنة في العراق والشام واليمن، يا أهل السنة في كل مكان، لقد طاول أبناء الخلافة حشود الرفض وقطعان النصيرية والحوثة في العراق والشام واليمن، وفلوا بفضل الله جيوشهم وجموعهم، فثبوا من مخادعكم، وانفضوا غبار الذل عنكم، واعلموا أن الرافضة والنصيرية لن يقبلوا بأنصاف الحلول، بعدما سلبوا الديار وانتهكوا الأعراض، وقد حل بكم ما حذركم منه نبيكم صلى الله عليه وسلم حين قال: (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)، فارجعوا إلى دينكم، ارجعوا إلى عزكم وما فيه رفعتكم، وانبذوا فصائل الردة والخسة والعمالة، من تسيرهم أمريكا وحكومات الردة في المنطقة، من يقتاتون بدمائكم وعلى أشلاء أبنائكم، فقولوا لي بربكم، ماذا جنيتم من محافل الذل وفتات الداعمين، سوى مهادنة النصيرية وتسليم دياركم، وأصبح أبناؤكم وقود حرب يُشعلها الصليبي الكافر ضد دولة الإسلام، أو تظنون أنكم اليوم بمنأى من بطش النصيرية وداعميهم، كلا والله، لقد حذرناكم من قبل، ولا زلنا نحذركم من المكر الذي يراد بكم، ولن يغنيَ عنكم المرتد الإخواني التركي شيئا، ولن تُغني عنكم فصائل الردة وداعموهم شيئا، إن اُصطلم لا قدر الله جنود الخلافة وحراس العقيدة في الشام، فإنا نعتقد أنه لولا الله، ثم هؤلاء الشعث الغبر، لكان الأمر على غير ما تشتهون، فأفيقوا من سباتكم يا أهل السنة في الشام، واطردوا آمال السراب عنكم وعودوا إلى ربكم، فقد أقبل النصيرية اليوم وبكل ما يملكون، يدفعهم الروس ودولة المجوس إيران، للمضي قدما في قتال دولة الإسلام، فلا تهولنكم قطعانهم التائهة في أودية الشام وسوحها، فاحملوا على عدوكم حملة رجل واحد، فقد أصبح بفضل الله وحده مكشوف الظهر واهن العظم، فلا تعطوه فرصة لالتقاط أنفاسه، واغتنموا ساعة الإمكان قبل فوات الأوان.

ويا جنود الخلافة وآساد الإسلام في العراق والشام وجزيرة محمد صلى الله عليه وسلم، وخراسان واليمن وليبيا وسيناء ومصر وشرق آسيا، وغرب إفريقية والصومال وتونس والجزائر والقوقاز وبلاد البنغال وغيرها من البلدان.

قال ربنا في كتابه العزيز: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 140]. اعلموا -يرحمكم الله- أنكم اليوم في عُدوةٍ واحدة، تقارعون أمم الكفر وتصدون حملتهم الغاشمة عن ديار الإسلام، فبثباتكم ثبات لإخوانكم وسلوة لهم في كل ثغر وصقع من الأرض، وفي تجلدكم إرباك لمخططات الصليبيين، واستنزاف حقيقي لمقدراتهم، ودفع وتأخير لصيالهم على معقل الإسلام في هذا الزمان، فاثبتوا يرحمكم الله، {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 310
الخميس 21 ربيع الأول 1443 هـ

683b4f9a9ea34

  • 1
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً