قصة شهيد - القائد (خادم) -تقبله الله- القائد (خادم) -تقبله الله- قصفته أمريكا... ونبشت ...

منذ 5 ساعات
قصة شهيد - القائد (خادم) -تقبله الله-



القائد (خادم) -تقبله الله-
قصفته أمريكا... ونبشت طالبان قبره!


يتعاقب أجيال الإيمان لهدف واحد من منبع واحد، قرآن يشحذ هممهم، وقلوب تغرس معانيه وأفعال لا مثيل لها، هم صفحات مشرقة لهذه الأمة مضيئة ونماذج حاضرة معاصرة، ليست قصصهم أساطير أو روايات خيالية، بل هي أحداث واقعية جرت وما زالت تجري لمن ثبت على طريقهم، وما هم من خارج الدنيا جاؤوا ولكنهم كانوا أعرف الناس بها، فأخرجوا نفوسهم منها وإن بقيت أجسادهم فيها، جنود الحق همُ إن كان للباطل جنود، وحكّام القرآن همُ إن كان للطاغوت حكّام، ولأجل الله وفي سبيله سرورهم وحزنهم، وتحيط بهم المصائب فتكون لإيمانهم عصائب، ولئن سمعنا بالجبال فوق الجبال فهم القمم على أعالي القمم، وكان من أولئك الأبطال الكمي الباسل المقدام، الأخ محمد أمين المعروف بـ(خادم) تقبله الله تعالى.


• طلبه للعلم

ولد الأخ محمد أمين المعروف بـ(خادم) بمنطقة (جبرهار) في (ننجرهار) عام 1406 هـ، ونشأ وترعرع على حبّ الدين منذ صغره لسلامة فطرته وصلاح بيئته، فأقبل على تعلم تلاوة القرآن منذ كان ابن ستّ سنين، ثم شرع في أخذ العلوم الشرعية في قرية (مانو) بمنطقته، حيث أتم العلوم الابتدائية هناك، فلما تخرج من الصف العاشر، انتقل من منطقة (جبرهار) إلى (خوجياني) وقرية (ككه) وتعلم فيها لمدة عام تقريبا، ثم ذهب إلى منطقة (وزير) ودرس فيها أيضا ما يقارب العام، ثم اشتد عطشه للعلم فرحل إلى باكستان وقرأ أصناف الفنون من تفسير القرآن وعلم الحديث وغيره، حيث تنقّل هناك بين مجموعة من مشايخ عصره -آنذاك-، والتحق بإحدى الجامعات وأتم الدراسة فيها، وبعد التخرج قام (خادم) تقبله الله بتدريس القرآن والحديث والدعوة إلى التوحيد في قريته، ثم درَّس مدة في منطقة (خوجياني) أيضا.

وفي تلك الفترة كان المسلمون في أحلك ظروفهم تحت وطأة الغزو الصليبي الأمريكي، وكان (خادم) تقبله الله حزينا لأحوال المسلمين ينصرهم بحسب استطاعته متطلعا للجهاد وأخباره، محبا لطريقه وأهله.


• بداية جهاده

أدرك (خادم) تقبله الله تعالى أن العلم للعمل لا لتكديس الكتب وتصدّر المجالس وإدمان الخطب، فبادر في العام 1426 هـ إلى تعلم الإعداد العسكري والعقيدة الصافية من بعض المهاجرين العرب، وكان أثناء الإعداد يعاون معلّمه في الترجمة للّغة البشتونية.

ولما رجع إلى قريته في (جبرهار) بدأ يشارك في القتال تحت إمرة طالبان -آنذاك- حيث التحق بمجموعة الأمير (جعفر) تقبله الله تعالى، وفي تلك الآونة كان عدد المقاتلين قليلا جدا، لكن (خادم) تقبله الله تعالى شمّر عن ساق الجد والاجتهاد وبذل كل ما يستطيع في تلك الفترة، مجاهدا مرابطا في منطقته (جبرهار) نصرة للإسلام وأهله ودفاعا عن حرماتهم وأعراضهم.


• بيعته للخلافة

واستمر (خادم) تقبله الله في هذا الطريق حتى دخل الجهاد المعاصر مرحلة التمايز بشروق شمس الخلافة التي بزغت في العراق والشام وأضاء بريقها جبال خراسان، فسارع (خادم) مع مجموعته بقيادة الأمير (جعفر) إلى بيعة الدولة الإسلامية وإمامها الشيخ أبي بكر البغدادي تقبله الله.

وبعد أن بصّرهم الله تعالى بطريق الحق ولزوم الجماعة، لم تمضِ سوى أيام قلائل على ذلك، حتى أحسن الله خاتمة أميرهم فقُتل (جعفر) تقبله الله بقصف من طائرة أمريكية مسيّرة بمنطقة (خوجياني)، ليتولى حمل الأمانة من بعده الأخ (خادم) الذي كان أهلا لها، فأخذ يدعو الناس ليلا ونهارا إلى صحة التوحيد وطريق الجهاد، ويصدع بالحق والولاء والبراء جهارا، فما وهن ولا استكان، وكان دائبا لا يهدأ ونشِطا لا يفتُر، حتى التحق -بفضل الله تعالى- على يديه عدد كثير من المجاهدين بالدولة الإسلامية، بسبب دعوته وجميل أخلاقه ولطيف معاشرته واجتهاده وإخلاصه نحسبه والله حسيبه.


• ولأهله نصيب من المحن!

وقد لاقى (خادم) تقبله الله تعالى في هذا الطريق ما لاقاه سالكوه من قبل، فتعرض هو وعائلته الكريمة إلى أشد المحن والابتلاءات، فأصيب شقيقه (حكمة الله) بجروح وشلل مع بداية المعارك الأولى التي اندلعت مع ميليشيا طالبان المرتدة، وقد قتل متأثرا بجراحه بعد ألم ومعاناة طويلة كابدها في سبيل الله تعالى.

كما قُتل شقيقه الآخر (بلال) وزوج أخته (عبد الله) في منطقة (جبرهار)، وتوفي والده الذي كان رجلا صالحا، وكان موته في دار الإسلام حيث عاش ودفن فيها.

ولم تنفك المحن والخطوب عن ملازمة (خادم) تقبله الله تعالى، حيث قتلت طائرات أمريكية أخته وزوجة أخيه واثنين من أبناء أخيه في يوم واحد في القصف الهمجي على منطقة (جورجوري)، نسأل الله أن يتقبلهم جميعا في الشهداء، كما أُسر شقيقه الثالث وابنه اللذَين لم يبلغا الحلم بعد -فكّ الله أسرهما-.

كل هذه الابتلاءات لم تفتّ من عزيمة (خادم) رحمه الله، واستمر يقود ويخوض العديد من المهام الجهادية المختلفة ويسوس الأمور بالإخلاص والصدق والطاعة في شتى مناطق (ننجرهار) خصوصا في مناطق: (بجير)، و(شينوارو)، و(تورا بورا)، و(خوجياني)، و(كوت)، و(مامند)، و(هسكه مينه).


• قائدا عسكريا في (كنر)

وفي الفترة التي مكّن الله تعالى لعباده المجاهدين في (ننجرهار) أرسله أمراؤه إلى منطقة (كنر) وعيّنوه أميرا عسكريا عليها، فقاد العديد من الغزوات والمواجهات وأذكى جذوتها ففتح الله على يديه مناطق عديدة في (كنر)، وحمي البأس واشتد الوطيس فأسال الله على يديه دماء المرتدين من ميليشيا طالبان والجیش الأفغاني حتى ضيّق عليهم ونغّص عيشهم وألحق النكاية فيهم وأفقدهم أمنهم واستقرارهم.

ولقد خاض المعارك واحدة تلو الأخرى مع ميليشيا طالبان المرتدة في مناطق (كورانجال) و(كانديغال) و(شوريك)، ففلق رؤوس العشرات منهم وحزّ رقابهم بحول الله وقوته، رغم قلة أعداد المجاهدين وشحّ عتادهم هناك، حتى أدركت ميليشيا طالبان أن طمعهم في السيطرة على (كنر) بعيد المنال في ظل قيادة الأخ (خادم) تقبله الله للمعارك هناك وخبرته العسكرية التي اكتسبها طوال سنين جهاده برفقة إخوانه وجنوده الذين أحبهم وأحبوه فكانوا له كما كان لهم عونا وقدوة في القول والعمل والعطاء.

وبعد فشل ميليشيا طالبان في التقدم نحو (كنر)، تحالفت مع القوات الصليبية التي كانت تقصف جوا وبرا على مواقع المجاهدين هناك، لتتقدم طالبان على الأرض تماما كما فعلوا من قبل في (ننجرهار) في تنسيق ميداني واضح، ظلّ المشككون يقدحون في صحته حتى رأوه عيانا نهارا في "مطار كابل" فمنهم من صدّق عينه ومنهم من أبى!


• طالبان تنبش قبره!

وعلى إثر ذلك أصبح (خادم) هدفا لهذا التحالف الشيطاني فبثوا جواسيسهم للحصول على خبره وتحركاته، وظلوا يتتبعونه حتى قدّر الله أمرا كان مفعولا، حيث قصفته طائرة مسيّرة بتاريخ (2/رجب) لعام 1441 هـ، تجندل حينها شهيدا كما نحسبه والله حسيبه بعد حياة غمرها بالتوحيد والجهاد على منهاج النبوة نحسبه والله حسيبه.

لكن قصة (خادم) لم تتوقف بمقتله! فبعد أن استطاعت طالبان السيطرة على (كنر) بعد الحملة الجوية الأمريكية، قام أشقاهم بنبش قبر (خادم)!! تقبله الله وأخرجوا جسده حقدا وعداوة وذلك بعد مرور 14 شهرا على مقتله، ليخرج لهم جسده كما لو أنه دفن للتو كرامة من الله تعالى لعبده الذي طلب التوحيد في بيئة التصوف وبادر إلى الجماعة في عصر الفرقة وتمزقت أشلاء ذويه في شعاب الإيمان والشظف، فلم يزده ذلك إلا حبّا لربه سبحانه وسعيا في نيل نعيم الأنس به جل جلاله.

قُتل (خادم) تقبله الله خادما للإسلام ورافعا لراية التوحيد، بينما يعيش الآن نابشو قبره خدما لقاتليه! يجتمعون معا تحت "قبة واحدة" يشتركون فيها شركا وحربا على الجهاد! ويصلون غدا نارا وسعيرا -إن لم يتوبوا-، فشتان شتان بين العاقبتين، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 315
الخميس 27 ربيع الثاني 1443 هـ

683b4c4f96693

  • 1
  • 0
  • 9

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً