الحياة مع الله.. من قلبك يمكنك لمس السماء! "رُبَّ معصية أورثت ذلاً وانكسارا خيرٌ من طاعة أورثت ...
منذ 2019-01-08
الحياة مع الله.. من قلبك يمكنك لمس السماء!
"رُبَّ معصية أورثت ذلاً وانكسارا خيرٌ من طاعة أورثت عزاً واستكبارا". أحمد بن عطاء الله السكندري.
نحن في هذه الحياة حيارى محزونون، وأحزاننا موجعة، وسنبقى نتخبط ونتيه في دَياجِر الظلام؛ طالما أننا بعيدون عن النور الذي يُضيءُ أَرواحَنا، ويجلي أحزاننا، ويَشرح صُدورنا. من عرف الله حقاً تغير حاله؛ لأن الإيمان إذا لامس شغافُ القلب حوله من حالٍ إلى حال. من فقد الله فقد كل شيء.. ستشعر بالغربة والوحشة ولو كنت في وسط العالم؛ لأن العين لا تُبصر إلا ما تراه، وإذا وجدت الله وجدت كلّ شيء.. الأنس بالله، الطمأنينة، السكينة، السلام، ستخرق روحكَ الحجب؛ لأن الإيمان سيكون متوهّجاً نورانياً.
ستشعر بالرضى ولو حزت القليل، ولن تُغريك زينة الحياة الدنيا ولو أتتك راغبة. التعلّق بالله هو الرجاء الذي لا ينقطع، والأمل الذي لا يخيب، والطمأنينة التي تؤنس القلب، قال تعالى: "وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ"(النور:40) يقول ابن القيم: "في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفي القلب وحشةٌ لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفي القلب خوف وقلق لا يَذهب إلا بالفرار إلى الله، وفي القلب حسرةٌ لا يطفئها إلا الرضا بالله". أفرغ قلبك من الخلق، واجعل الله نور لك في حياتك، اجعل بينك وبين الله، علاقة، سريرة، لا يطّلع عليها أحد. كلما أصابك غمّ أو همّ، أو تمنيت شيئاً التجئ إليه، عندما تبتئس أو تضيق بك الحياة اعتزل العالم، مُحيطك، بيتك، قريتك.
اذهب إلى مكان لا يعرفك فيه أحد، أو اختلي في غُرفة صغيرة تجمع بها روحك المبعثرة، أو قم في الثلث الأخير من الليل تخلو بربك وقد سكن الكون، وأرخى الليل سدولَه. هنا وفي هذا المكان وهذه اللحظات يجب أن تتعرى من كل شيء! تعرى من روحك، وحقيقتك؟ من حزنك وفرحك؟ كُن على سجيّتك؟ أعد صياغة حياتك وهندستها، ضع جبهتك على الأرض تأوَّهَ، أذرف الدموع، قل يا الله أنا ضائع في بيداء الحياة، رُوحي مُمزّقةٌ وذُنوبي عَظُمَت، إلهي من لي سواك أَرْتَجيه وألوذ به. إلهي أنا عبدك الصَّغِيرُ أَتَيْتُكَ محملاً بخطايا الذنوب اغفر لي وارحمني، أنر قلبي، أزل الغِشاوة عن عيني. إلهي لا تكن أهون الناظرين إلىّ، يا الله أنا مُتعَب في دنيا الهوى، كل هذه الأنوار لم تعد تنر قلبي، وروحي ساكنة، وجسدي هزيل، ردني إليك رداً جميلاً.
قال الله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"(البقرة:186). ما ظنُّك بربِك أيها المريضُ، ويامن أصابَته الهمومُ والغمومُ؟ وأنت تتلو قولَه تعالى: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" (النمل: 62). ما أجملها من لحظات وأنت واقف بين يديه تذرف الدموع وتُلح عليه في الدعاء، تخيل في هذه اللحظات أن الله ينظر إليك، واللهِ إنّها لسعادة لا يعلم بها إلا من ذاقها. قيل للإمام أحمد، كم بيننا وبين عرش الرحمن؟ قال: دعوة صادقة من قلب صادق.
للَّه نورٌ أن أردّت بلوغَه.. فاسكُبْ دمُوعَ الشّوقِ في الخلواتِ
قُمْ ناد ربّك وادعُوه ليثبّتكَ.. فهُو المجيبُ وسامعُ الدعوات
لا تيأس من شيء الله الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ قادر أن يُغيِّر حياتك بين طرفة عَينٍ وانتباهَتِها. وما أجمل هذه الآية التي تجعل المسلم بعيدًا عن القنوط واليأس مهما ادلهمَّت الخطوب، وأظلمت أمامك الدروب، قال عز من قائل: "وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ" (يوسف: 87). يقول سيد قطب رحمه الله تعالى: "والذي ييأس في الضرّ من عون الله يفقد كل نافذة مضيئة، وكل نسمة رخيّة، وكل رجاء في الفرج، ويستبدّ به الضيق، ويثقل على صدره الكرب، فيزيد هذا كله من وقع الكرب والبلاء.. ألا إنه لا سبيل إلى احتمال البلاء إلاّ بالرجاء في نصر الله، ولا سبيل إلى الفرج إلاّ بالتوجّه إلى الله، ولا سبيل إلى الاستعلاء على الضرّ والكفاح للخلاص إلاّ بالاستعانة بالله، وكل يائسة لا ثمرة لها، ولا نتيجة إلاّ زيادة للكرب ومضاعفة الشعور به".
الحياة مع الله تعني الراحة، اليقين، الأمل انشراح الصدر، كن مع الله بين الحب والخوف والرجاء. هذه الحياة قصيرة، عشها وأنتَ مُوقِنٌ كل يوم أنك راحل، عشها بالأمل بالحب باليقين، اجعل الله غايتك ونصب عينيك، وأنيسك. يقول بعض السلف: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيبَ ما فيها.. حلاوةَ الأنس بالله". فالأنس بالله مقام عظيم من مقامات الإحسان الذي قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ". كلما هممت بأمر قل يا الله من لي سواك، لا تقطع الصلة به؛ لو تخلى عنك الجميع، وتآمر عليك القريب والبعيد، قُلْ من حنايا قلبك ودقات روحك يا الله أنا بك أقوى، وعليك أتوكل، وبك ألوذ.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الدُّعَاءِ". عندك رب عظيم إِذَا دُعِيَ أَجَاب، وَإِذَا سُئِلَ أَعْطَى، خزائنه لا تنفذ بالعطاء. لن ينسى الله دعاءً كنت تلح به، ولا دموع ذرفت من أجله، كُن على أمل أن الله يراقب حزنك، أنفاسك، خلجات قلبك، لا يريد لك إلا أن تكون مرتاح الضمير، نقيّ السَّريرة. النفس البشرية بطبعها تميل إلى الدنيا وشهواتها، إلى الراحة والدعة، لا تحب الجد في الأمور، ولا تُطيق التكاليف والمكابدات، وقد يبتلي الله تعالى عبده ليتضرع إليه ويلجأ إليه، ويلح عليه في الدعاء، فيسمع دعاءه وتضرعه ومناجاته. بل أن الله تعالى يحب العبد اللحوح في الدعاء، والله تعالى لا يمل من دعاء العبد له، بل يفرح برفع أكف الضراعة إليه وكثرة الدعاء وتكراره.
فالإلحاح على الله تعالى مرغب فيه شرعاً، وهو من أسباب الإجابة، كما جاء في شعب الإيمان عن الأوزاعي قال: أفضل الدعاء: الإلحاح على الله عز وجل والتضرع إليه. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ". (رواه الترمذي). وعَنْ كُرْدُوسَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:" فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْكُتُبِ: أن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْتَلِي الْعَبْدَ وَهُوَ يُحِبُّهُ؛ لَيَسْمَعَ تَضَرُّعَهُ". فما أروع هذا البيت من الشِعر:
سيفتحُ الله باباً كنت تحسبهُ.. من شدة اليأس لم يُخلق بمفتاحِ
قد يخذلك كل الناس حَتَّى الذين كانوا قريبين من أنفاسك، حينها لن تجد إلا الله الذي سيجبر خاطرك، ويزيل الأوجاع عن قلبك، ويُذهب عنك الهموم والأحزان. كن دائمًا قريبًا منه في خلواتك وجلواتك، في سجودك، حتى وأنت في أحلك الظُّروف، إذا أصابك حزن، مكروه، انظر إلى السماء. نحنُ ضعفاء، مساكين، لا شيء، غبار ذرّات متناثرة. نعتقد أننا امتلكنا العالم، ولا نعلم أننا من طين، يُوجعنا صغير الشوك، ويُغْرقنا قليل المطر. نحن بحاجة إلى القلوب التقية، والأرواح الندية، والعيون البكيّة، إلى المدد إلى النور، إلى اليقين، إلى الطمأنينة، إلى صفاء السريرة، إلى من ينشلنا لترتقي أرواحنا، وتعانق السماء بطُهْر ونقاء
"رُبَّ معصية أورثت ذلاً وانكسارا خيرٌ من طاعة أورثت عزاً واستكبارا". أحمد بن عطاء الله السكندري.
نحن في هذه الحياة حيارى محزونون، وأحزاننا موجعة، وسنبقى نتخبط ونتيه في دَياجِر الظلام؛ طالما أننا بعيدون عن النور الذي يُضيءُ أَرواحَنا، ويجلي أحزاننا، ويَشرح صُدورنا. من عرف الله حقاً تغير حاله؛ لأن الإيمان إذا لامس شغافُ القلب حوله من حالٍ إلى حال. من فقد الله فقد كل شيء.. ستشعر بالغربة والوحشة ولو كنت في وسط العالم؛ لأن العين لا تُبصر إلا ما تراه، وإذا وجدت الله وجدت كلّ شيء.. الأنس بالله، الطمأنينة، السكينة، السلام، ستخرق روحكَ الحجب؛ لأن الإيمان سيكون متوهّجاً نورانياً.
ستشعر بالرضى ولو حزت القليل، ولن تُغريك زينة الحياة الدنيا ولو أتتك راغبة. التعلّق بالله هو الرجاء الذي لا ينقطع، والأمل الذي لا يخيب، والطمأنينة التي تؤنس القلب، قال تعالى: "وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ"(النور:40) يقول ابن القيم: "في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفي القلب وحشةٌ لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفي القلب خوف وقلق لا يَذهب إلا بالفرار إلى الله، وفي القلب حسرةٌ لا يطفئها إلا الرضا بالله". أفرغ قلبك من الخلق، واجعل الله نور لك في حياتك، اجعل بينك وبين الله، علاقة، سريرة، لا يطّلع عليها أحد. كلما أصابك غمّ أو همّ، أو تمنيت شيئاً التجئ إليه، عندما تبتئس أو تضيق بك الحياة اعتزل العالم، مُحيطك، بيتك، قريتك.
اذهب إلى مكان لا يعرفك فيه أحد، أو اختلي في غُرفة صغيرة تجمع بها روحك المبعثرة، أو قم في الثلث الأخير من الليل تخلو بربك وقد سكن الكون، وأرخى الليل سدولَه. هنا وفي هذا المكان وهذه اللحظات يجب أن تتعرى من كل شيء! تعرى من روحك، وحقيقتك؟ من حزنك وفرحك؟ كُن على سجيّتك؟ أعد صياغة حياتك وهندستها، ضع جبهتك على الأرض تأوَّهَ، أذرف الدموع، قل يا الله أنا ضائع في بيداء الحياة، رُوحي مُمزّقةٌ وذُنوبي عَظُمَت، إلهي من لي سواك أَرْتَجيه وألوذ به. إلهي أنا عبدك الصَّغِيرُ أَتَيْتُكَ محملاً بخطايا الذنوب اغفر لي وارحمني، أنر قلبي، أزل الغِشاوة عن عيني. إلهي لا تكن أهون الناظرين إلىّ، يا الله أنا مُتعَب في دنيا الهوى، كل هذه الأنوار لم تعد تنر قلبي، وروحي ساكنة، وجسدي هزيل، ردني إليك رداً جميلاً.
قال الله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"(البقرة:186). ما ظنُّك بربِك أيها المريضُ، ويامن أصابَته الهمومُ والغمومُ؟ وأنت تتلو قولَه تعالى: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" (النمل: 62). ما أجملها من لحظات وأنت واقف بين يديه تذرف الدموع وتُلح عليه في الدعاء، تخيل في هذه اللحظات أن الله ينظر إليك، واللهِ إنّها لسعادة لا يعلم بها إلا من ذاقها. قيل للإمام أحمد، كم بيننا وبين عرش الرحمن؟ قال: دعوة صادقة من قلب صادق.
للَّه نورٌ أن أردّت بلوغَه.. فاسكُبْ دمُوعَ الشّوقِ في الخلواتِ
قُمْ ناد ربّك وادعُوه ليثبّتكَ.. فهُو المجيبُ وسامعُ الدعوات
لا تيأس من شيء الله الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ قادر أن يُغيِّر حياتك بين طرفة عَينٍ وانتباهَتِها. وما أجمل هذه الآية التي تجعل المسلم بعيدًا عن القنوط واليأس مهما ادلهمَّت الخطوب، وأظلمت أمامك الدروب، قال عز من قائل: "وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ" (يوسف: 87). يقول سيد قطب رحمه الله تعالى: "والذي ييأس في الضرّ من عون الله يفقد كل نافذة مضيئة، وكل نسمة رخيّة، وكل رجاء في الفرج، ويستبدّ به الضيق، ويثقل على صدره الكرب، فيزيد هذا كله من وقع الكرب والبلاء.. ألا إنه لا سبيل إلى احتمال البلاء إلاّ بالرجاء في نصر الله، ولا سبيل إلى الفرج إلاّ بالتوجّه إلى الله، ولا سبيل إلى الاستعلاء على الضرّ والكفاح للخلاص إلاّ بالاستعانة بالله، وكل يائسة لا ثمرة لها، ولا نتيجة إلاّ زيادة للكرب ومضاعفة الشعور به".
الحياة مع الله تعني الراحة، اليقين، الأمل انشراح الصدر، كن مع الله بين الحب والخوف والرجاء. هذه الحياة قصيرة، عشها وأنتَ مُوقِنٌ كل يوم أنك راحل، عشها بالأمل بالحب باليقين، اجعل الله غايتك ونصب عينيك، وأنيسك. يقول بعض السلف: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيبَ ما فيها.. حلاوةَ الأنس بالله". فالأنس بالله مقام عظيم من مقامات الإحسان الذي قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ". كلما هممت بأمر قل يا الله من لي سواك، لا تقطع الصلة به؛ لو تخلى عنك الجميع، وتآمر عليك القريب والبعيد، قُلْ من حنايا قلبك ودقات روحك يا الله أنا بك أقوى، وعليك أتوكل، وبك ألوذ.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الدُّعَاءِ". عندك رب عظيم إِذَا دُعِيَ أَجَاب، وَإِذَا سُئِلَ أَعْطَى، خزائنه لا تنفذ بالعطاء. لن ينسى الله دعاءً كنت تلح به، ولا دموع ذرفت من أجله، كُن على أمل أن الله يراقب حزنك، أنفاسك، خلجات قلبك، لا يريد لك إلا أن تكون مرتاح الضمير، نقيّ السَّريرة. النفس البشرية بطبعها تميل إلى الدنيا وشهواتها، إلى الراحة والدعة، لا تحب الجد في الأمور، ولا تُطيق التكاليف والمكابدات، وقد يبتلي الله تعالى عبده ليتضرع إليه ويلجأ إليه، ويلح عليه في الدعاء، فيسمع دعاءه وتضرعه ومناجاته. بل أن الله تعالى يحب العبد اللحوح في الدعاء، والله تعالى لا يمل من دعاء العبد له، بل يفرح برفع أكف الضراعة إليه وكثرة الدعاء وتكراره.
فالإلحاح على الله تعالى مرغب فيه شرعاً، وهو من أسباب الإجابة، كما جاء في شعب الإيمان عن الأوزاعي قال: أفضل الدعاء: الإلحاح على الله عز وجل والتضرع إليه. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ". (رواه الترمذي). وعَنْ كُرْدُوسَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:" فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْكُتُبِ: أن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْتَلِي الْعَبْدَ وَهُوَ يُحِبُّهُ؛ لَيَسْمَعَ تَضَرُّعَهُ". فما أروع هذا البيت من الشِعر:
سيفتحُ الله باباً كنت تحسبهُ.. من شدة اليأس لم يُخلق بمفتاحِ
قد يخذلك كل الناس حَتَّى الذين كانوا قريبين من أنفاسك، حينها لن تجد إلا الله الذي سيجبر خاطرك، ويزيل الأوجاع عن قلبك، ويُذهب عنك الهموم والأحزان. كن دائمًا قريبًا منه في خلواتك وجلواتك، في سجودك، حتى وأنت في أحلك الظُّروف، إذا أصابك حزن، مكروه، انظر إلى السماء. نحنُ ضعفاء، مساكين، لا شيء، غبار ذرّات متناثرة. نعتقد أننا امتلكنا العالم، ولا نعلم أننا من طين، يُوجعنا صغير الشوك، ويُغْرقنا قليل المطر. نحن بحاجة إلى القلوب التقية، والأرواح الندية، والعيون البكيّة، إلى المدد إلى النور، إلى اليقين، إلى الطمأنينة، إلى صفاء السريرة، إلى من ينشلنا لترتقي أرواحنا، وتعانق السماء بطُهْر ونقاء