قراءة القرآن الكريم بتدبر تساعد على تنشيط جميع خلايا الدماغ بكافة أقسامه ... تم تطبيق الدراسة ...

منذ 2019-04-05
قراءة القرآن الكريم بتدبر تساعد على تنشيط جميع خلايا الدماغ بكافة أقسامه ...

تم تطبيق الدراسة على سورة الفاتحة الشريفة ...
ونسأل الله تعالى العون لتطبيقها على سور أخرى من القرآن الكريم ...

أخوكم : حسان الحوراني ...


علاقة الدماغ الأيمن والأيسر بتعلم اللغة ميّز الله تعالى الإنسان عن بقية المخلوقات حين جعل له دماغا يعقل به، حيث يعتبر الدماغ من أهم أعضاء جسم الإنسان الذي يتحكم في تفكيره وسلوكه وانفعالاته. فالدماغ هو المسؤول عن الأنشطة الدماغية المعقدة، وتنظيم الحركات الإرادية واللاإرادية، والذاكرة، والانفعالات، والإحساس. ولقد أثبتت الدراسات النفسية العصبية أن عملية استقبال الرسائل المعرفية والعصبية وتحليلها والتفاعل معها تتم بواسطة هذا العضو الرئيسي الذي يسمى بالدماغ. وقسم علماء الأعصاب الدماغ إلى نصفين، دماغ أيمن ودماغ أيسر، وكل نصف يمتاز عن قرينه، وكل منهما له أنشطته ووظائفه الخاصة، لكن لا يستغني أحدهما عن الآخر، إذ تربطهما حزمة من الألياف تتولى توصيل المعلومات بينهما. ولقد تصاعد اهتمام الباحثين في العالم بدراسة العلاقة بين اللغة والدماغ، ومن ضمن الاكتشافات العلمية التي توصل إليها علم اللغة العصبي عدم تماثل دماغي يسيطر على إدراك الإنسان، حيث أثبتت الدراسات أن لدماغ الإنسان كيفية مختلفة في الاستيعاب والتفاعل مع العالم حوله، وذلك يعود إلى الحقل الدماغي النشط لديه. إن التخصص الوظيفي لنصفي الدماغ الأيمن والأيسر وسيطرتهما على النشاط المعرفي هو الهاجس الأكبر لهذا العلم، حيث كشفت الدراسات أن النصف الدماغي الأيسر قد يسيطر على الدماغ فيكون أيسرَ، أو يسيطر النصف الدماغي الأيمن فيكون أيمنَ، وهذا ما يعرف بالسيادة النصفية للدماغ. فالنصف الدماغي الأيسر مسؤول على إدارة مجموعة من الوظائف اللغوية تختلف تماما عن وظائف النصف الدماغي الأيمن، فالدماغ الأيسر يحلل الأفكار وبخاصة ذات العلاقة باللغة، فهو النصف المسؤول عن الكلام، والمنطق، والتتالي، والوقت، والتفاصيل، والرياضيات. أما الأيمن فيرتبط بالموسيقى، والفن، والاستجابات الانفعالية الحادة، والحدس، والصور، والتلخيص، وحفظ الأشكال. ويعمل هذان النصفان معا باتساق على النحو التالي:
الدماغ الأيمن
موسيقي
خيالي
تخاطبي
بنائي
فني
روحي
عاطفي
مفاهيمي
داخلي
كلي
الدماغ الأيسر
تخطيطي
رياضي
تقني
تحليلي
إداري
تحكمي
حل المشكلات
منظومي
احتفاظي
استدلالي
إن معرفة سمات دماغ المتعلم وأنماط تفكيره يجعل العملية التعليمية أكثر ملاءمة لظروف المتعلمين النفسية والمعرفية، ومدى تهيئتهم واستعدادهم لتقبل المعلومات. فمن الضروري فهم أنواع الوظائف التي يقوم بها كل نصف من نصفي الدماغ في عملية تعليم اللغة. حيث نجد كثيرا من المعلمين يعانون من عدم تركيز المتعلمين للدرس وصعوبة مراعاة الفروق الفردية داخل الفصل. كما يحتار الكثير من المعلمين من بعض الطلاب الذين يكثرون من اللعب أثناء الدرس ولكنهم يحققون درجات عالية في الامتحانات، وعلى عكسهم من يواظبون على دروسهم ولكنهم يتشتتون في الإجابة عن الأسئلة. ولقد أثبتت الدراسات النفسية التربوية أنه من الضروري فهم أنواع الوظائف التي يقوم بها كل نصف من الدماغ، إذ أن فهم وظائف نصفي الدماغ يساعد المعلمين بشكل خاص والتربويين بشكل عام على فهم عملية التعليم، كما يساعدهم على تنمية وتطوير وتعزيز سمات الدماغ لدى أفراد المتعلمين بشكل متناسق وفعال. فإن معرفة سمات دماغ المتعلم وأنماط تفكيره يجعل العملية التعليمية أكثر ملاءمة لظروف المتعلمين النفسية والمعرفية، ومدى تهيئتهم واستعدادهم لتقبل المعلومات. ومن أهم أنماط خصائص الدماغ الأيمن التعرف على الصور وتذكرها، وتفسير لغة الأجسام بسهولة، والاستجابة للمثيرات الوجدانية، والاستجابة العاطفية والشعورية، وعدم الجدية وعدم النظام في التجريب، وحل المشكلات بطريقة غير جادة ومرحة، والتعامل مع عدة مشكلات في وقت واحد، والتفكير المرح والسار، والمبادأة، وحب التغيير، والتفكير المحسوس، والتعبير، واستخدام الخيال في التذكر، واستخدام الاستعارة والتشبيه، وعدم الخوف من ارتكاب الأخطاء اللغوية. أما أهم أنماط خصائص الدماغ الأيسر فهي التعرف على الأسماء وتذكرها، والاعتماد على الكلمات لفهم المعاني، والاستجابة للمثيرات اللفظية والمنطقية، وكبت العواطف والشعور، والجدية والنظام في التجريب، والجدية والنظام في التخطيط لحل المشكلات، والتعامل مع مشكلة واحدة في وقت واحد، والتفكير المنطقي، واستقبال المعلومات، ونقص الطاقة النفسية، والتفكير المجرد، والحفظ، واستخدام اللغة في التذكر، واستخدام أقل للاستعارة والتشبيه، والتركيز في الإملاء والنحو والصـرف.
هذا وإن سيطرة كل من نصفي الدماغ على وظائف معينة لا تعني انعدام التنسيق بينهما بل هناك وظائف مشتركة ومتكاملة بينهما. هذه الوظائف سواء أكانت مشتركة أم خاصة تجعل لكل نصف دماغي نمطا معينا في معالجة المعلومات. فمراعاة هذه الخصائص الدماغية في عملية تعليم اللغة جديرة بالاهتمام، وهي تعتبر من الفروق الفردية التي تراعيها مناهج التعليم.
اللغة العربية من الجانب الأيمن للمخ البشري :
أعلن باحثون في جامعة حيفا بإسرائيل، أن الكتابة بالحروف العربية أمر بالغ التعقيد، بحيث أن الشق الأيمن من دماغ المتعلم لا يأبه بذلك.
.
جاء ذلك إثر سلسلة دراسات أجرتها كلية علم النفس بجامعة حيفا، ومركز إدموند سافرا لأبحاث الدماغ، حول تعلم اللغة العربية، وسبب كونها واحدة من أصعب اللغات.
وكشفت الدراسة أن بعض الحروف واللكنات العربية تبدو كغيرها تماماً، لكنها تختلف في طريقة اللفظ، وبالتالي يتغير معناها، وما يضيف مزيداً من الإرباك على ذهن المتلقي، أن بعض الأصوات يتم نطقها بطرق ورموز مختلفة.
وتمت الدراسة على مجموعة من البالغين والأطفال الذين يتعلمون اللغات العربية والعبرية والإنجليزية، وتحديدا فيما يتعلق بمدى سرعة ودقة قراءة اللغة العربية بالمقارنة مع اللغات الأخرى، وجرت المقارنة أيضاً مع أولئك الذين تمثل اللغة العربية لهم اللغة الأم.
وكشفت النتائج إلى أنه خلال عملية القراءة، فإن الشق الأيمن من الدماغ هو المسؤول عن قراءة اللغتين الإنجليزية والعبرية، ولكن ليس العربية.
وأشارت إلى أن علامات الترقيم وتنقيط الحروف في اللغة العربية يعتبر أمراً حاسماً في تحديد هوية الحروف، وهو أمر شاق على النصف الأيمن من الدماغ بزعمهم .
ولتبين ذلك سنقوم باستقراء سورة الفاتحة كمثال على وظائف الدماغ البشري بشقيه الأيمن والأيسر لنتعرف على هذه الخصائص الفريدة التي تحيط بلغتنا الفريدة دون أن ندري .
الخصائص والسمات التي يتمتع بها الجانب الأيمن في الدماغ البشري :
1- الإبداع :
يرتصف الإبداع في السورة الكريمة من بدايتها حتى نهايتها في مفرداتها وأصوات حروفها وتراكيبها وجملها الطويلة والقصيرة وفي صورها البلاغية الفريدة التي جمعت بين روائع البلاغة والجمال وبين الدقة والتفصيل ومنها :
• تكرير ذكر الرحمة وإعادة ذكرها أربع مرات من خلال مشتقاتها ( الرحمن ـ الرحيم ) وقد ذكر سبحانه المنعم دون المنعم عليهم .
• قدم الرحمن على الرحيم ؛ لأن الرحمن اسم خاص به سبحانه وتعالى على عكس عادة العرب في الترقي بالمدح من الأدنى إلى الأعلى ، فاختار عزوجل ما اختص به دون غيره وما يناسب ملاصقة الاسم المفرد له واختار التدرج العكسي فابتدأ بـ الله ثم الرحمن ثم الرحيم ثم بدأ بسرد الصفات والخواص التي يتمتع بها دون غيره (( مالك يوم الدين )) .
2- الخيال :
- اعتمد القرآن الكريم في معظم آيه الحكيم على إعمال جوانب العقل ، ومنها الخيال وإعمال مخيلة الإنسان إلى أقصى حد فذكر الجنة والنار وترك المجال مفتوحاً لتصورات بشرية لن تصل إلى أدنى وصف لها .
- في فاتحة الكتاب نجد الخيال متوزعاً على مستويات متعددة منها ما هو سطحي ظاهر للعيان ومنها ما هو بحاجة إلى تأمل وكدٍّ للوصول إليه ...
- فرحمة الله سبحانه وتعالى لا حدود بشرية تستطيع إدراكها لذلك نجده سبحانه وتعالى يعبر بلفظ " الرحمن " الذي لا يتصف به سواه من المخلوقات وهذا التفرد القرآني خصَّ الله عزوجل به ذاته وترك المجال مفتوحاً لتصور حدود هذه الرحمة التي وسعت كل شيء خلقه من حبيبات الرمل الصغيرة إلى مجراته الكونية الواسعة ...
- وكذلك الأمر نجد الخيال في فاتحة الكتاب يفتح على مصراعيه في قوله تعالى : " الصراط المستقيم " فما نوع هذا الصراط ؟ ، وما هي طبيعته ؟ وما هي الأجواء التي تحيط به ؟ وكيف للإنسان أن يمشي عليه مع وصفه بالدقة والاستقامة ؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تترك المجال مفتوحاً لتصورات بشرية لن تبلغ الحد الأدنى في وصف مشهد الصراط .
3- الصورة الكلية :
- تميز القرآن الكريم في سوره وكلماته بتقديم صورة كلية مثيرة للعقول محركة للأفئدة ، فكانت كلماته تختزل بين طياتها العديد من المعاني التي ما زلنا نبحر في اكتشاف أسرارها ونحتار في اختيار معانيها وفي فاتحة الكتاب نلاحظ أنَّ الله عزوجل سرد العديد من هذه الصور الكلية من خلال :
- الابتداء بالاسم المفرد (( الله )) ثم سرد الصفات والأسماء واعتماد مبدأ الخصوصية فيها فلا أحد سواه يتصف بما أراده دالاً عليه .
- اختار (( الرحمن )) وهو الاسم المشتق من الرحمة والدال على الكلية والشمول ليلاصق (( الرحيم )) ، والذي يوحي بنوع من خصوصية هذه الرحمة على المؤمنين من عباده ، فهو رحمن بعباده أجمعين من آمن منهم ومن كفر .
- (( رب العالمين )) وذلك للدلالة على الربوبية المطلقة ، ليطمئن العالم إلى رعايته المطلقة والدائمة وربوبيته القائمة على خلقه .
- (( مالك يوم الدين )) فهو المالك الوحيد لهذا اليوم الموعد الذي يفصل فيه بين الخلائق أجمعين .
- (( إياك نعبد وإياك نستعين )) وهي صورة كلية للتحرر من العبودية وحصر الاستعانة به دون سواه من الخلائق .
4- المشاعر :
- اعتمد القرآن الكريم على مخاطبة النفس البشرية والدماغ البشري بما يهواه وبما يألف ؛ لأنه سبحانه وتعالى أدرى بهذا التكوين لدماغ الإنسان فكان خطاب المشاعر طاغياً في القرآن عامةً ، وفي فاتحة الكتاب نلاحظ أن خطاب المشاعر ضمن محو رين أساسيين هما :
الأول : خطاب إثارة مشاعر المؤمنين بالرأفة والرحمة (( الرحمن ـ الرحيم )) الخاصة بهم .
الثاني : خطاب الكفار وإثارة مشاعر الخوف لديهم من خلال : (( غير المغضوب عليهم ))
5- الإدراك المكاني والزماني :
اعتمد الخطاب القرآني على الشمولية في معظم أرجائه لا سيما في قضية الزمان والمكان ، وفي المفهوم الإسلامي الأرض كلها لله مع اختصاصه سبحانه وتعالى بتحديد الزمان وبذلك نرى أن مرَّد الزمان والمكان إلى الله وحده ، وفي سورة الكنز " الفاتحة " نلاحظ الإشارة إلى هذا التحديد من خلال :
- (( يوم الدين )) فقد اختص سبحانه وتعالى وحده بتحديد خصائص هذا اليوم الموعود الذي يفصل فيه بين الخلائق .
- (( الصراط المستقيم )) وهو الجسر الذي ينصب على ظهر جهنم ويكون محفوفاً بالمخاطر والأهوال ونهايته توصل إلى أبواب الجنان .
6- الألوان :
اعتمد القرآن الكريم في معظم سوره على تقديم آلية لونية مثيرة للعقول والأفئدة ، محركة للأبدان والأنفس البشرية ، فكانت آياته تشير إلى اللون إشارة واضحة أو إشارة خفية نلتمسها من خلال السياق القرآني الخاص بها .
نلاحظ التضاد اللوني الحاصل في البنية العميقة للفاتحة الشريفة من خلال تقديم اللون الأبيض لون النور والهداية واللون الأسود لون الضلال والضياع في الفاتحة الشريفة .
فالأبيض وهو أصل الألوان كلها ومن درجاته اشتقت الألوان ولهذا نلاحظ أن هداية الله لعباده من خلال الابتداء ضمنياً بهذا اللون تدعو إلى التفكر بمزيد من العناية والرعاية بنور الله ، حيث نلاحظ أنَّ الفاتحة ابتدأت بذكر اسم الله ثم استحقاق الحمد لله وحده لأنه رب العالمين ومالك يوم الدين وبذلك يكون جل وعلا مستحقاً لهذا الحمد دون سواه .
ونلاحظ اللون الأسود هذا اللون التراكمي المتكون من اجتماع العديد من الألوان فوق بعضها البعض يلقي بظلاله من خلال قوله تعالى : ( اهدنا الصراط المستقيم ) فالهداية لا تتم لولا وجود عائق أمام من ضل طريقه في هذا السواد الحالك الذي يلقي بظلاله على كل من الصراط ويوم الدين وذلك في طريق من غضب الله عليهم ومن ضل الطريق بعد الهداية ، فالهداية الربانية هي السراج المتقد الذي ينير لنا صراطنا في الدنيا والآخرة .
7- الصوت :
للحروف العربية معانٍ وصفات تفردت بها دون سائر اللغات الأخرى ، فالمعاني خاصة بالأحرف عندما تجتمع في كلمة معينة في سياق معين ، حيث يتحد كلاً من معنى السياق الخاص بالتركيب اللغوي بالمعنى الخاص بالحرف المسيطر والذي يظهر من خلال تكراره في أصول مفردات الجملة العربية ، وفي النص القرآني نلاحظ هذا الأمر واضحاً جلياً ، ففي دراسة آيِّ الفاتحة الشريفة نلاحظ هذا الأمر بكل جلاء ووضوح كما في :
- تكرار حرف الراء في ( الرحمن ـ الرحيم ) وكلاهما مشتق من جذر لغوي أو مادة لغوية واحدة وهي " رحم " وحرف الراء بطبيعته اللغوي يدل على التكرار والترجيع والتحرك وعلى أصوات الطبيعة التي أبدعها الخالق سبحانه وتعالى ، فأينما ذهبت في هذه الطبيعة ستجد رحمة الله سبحانه وتعالى موجودةً أمامك ...
- وإذا ما قمنا باستقراء سورة الفاتحة بحثاً عن هذا الحرف الفريد والذي يعتبر روح اللغة العربية الذي يمدها بالحيوية والنشاط والألق لوجدنا الكلمات الآتية : (( الرحمن ـ الرحيم ـ ربِّ ـ الصراط ـ غير )) فقد تكرر هذا الحرف 8 مرات على مستوى السورة الكريمة ، فقد أشار الله تعالى لربوبيته المطلقة بكلمة " ربِّ " ليظهر من خلال حرف الراء صور ربوبيته المطلقة والتي تتكرر أمامنا باستمرار في جميع مشاهد حياتنا .
أما بالنسبة لصفات الحروف والتي تظهر أثناء النطق بها فهي كثيرة ومتنوعة في سورة الكنز منها ما أورده الدكتور محمد راتب النابلسي ومنه :
- اللام في لفظ الجلالة، اللام الأولى، انتبهوا لام الجلالة فيها لامان، اللام الأولى ساكنة والثانية متحركة بالفتح، أنا أتكلم الآن على اللام الساكنة، هذه اللام من حروف،(لن عمر)، فزمنها أقصر من زمن السين في، (بِسْ)، انتبهتم، (بِسْمِ)، السين أطول بقليل من اللام، (بسم الله الرَّحْ)، الحاء ساكنة وهي حرف رخو، إذاً يجب أن يكون زمن الحاء مساوياً لزمن، (بسْ)، زمن السين التي تقدمت لأنهما نظيران، (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، الميم المتطرفة الأخيرة هذه عند الوقف تسكن، فهذه الميم الساكنة زمنها مساوي لزمن اللام الأولى من لفظ الجلالة، (بسم ال )، (حيم)، نفس الزمن انتبهنا، (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، هكذا تقرأ.
- بعد ذلك ننتقل إلى الآية الأخرى، (الْحمْد) فزمن اللام وزمن الميم واحد، يعني لا يصح إنسان أن يقول (الحمد لله) أن يطول الميم هكذا زيادة، لا بد أن يكون زمنها بقدر زمن اللام، (الحمد لله)، لوناها باللون الأخضر، الحروف التي هي بين الرخوة والشدة أرجو أن تكون واضحة عند الأخوة في البيوت، والحروف الرخوة السين والحاء لوناها باللون الأحمر:
- ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [ سورة الفاتحة: 2 ]
- (رب ال)، اللام في رب حرف بين الرخو والشديد، (العالمين)، النون في آخر العالمين عند الوقف عليها تسكن فيصير زمنها مساوياً لزمن (ال)، (العالمين)، ففيها جريان ضئيل للصوت، لاحظوا هكذا، (ال)، فيها جريان ضئيل، (العالمين)، كذلك النون الأخيرة.
- ﴿ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ﴾[ سورة الفاتحة: 3 ]
- هذه الآية فيها الحاء من كلمة الرحمن ساكنة، فزمنها مساوي لزمن السين في، (بسم)، ولزمن الحاء في، (الرحمن)، (الرحيم)، الميم المتطرفة والأخيرة عندما وقفنا عليها سكنت فصار زمنها مساوي لزمن، (رب العالمين)، النون الأخيرة من العالمين.
- ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾[ سورة الفاتحة: 5]
- لاحظوا بارك الله فيكم كلمة، (إياك)، فيها ياء مشددة، وقلنا سابقاً إن الحرف المشدد أصله حرفان ينفك إلى حرفين حرف ساكن وحرف متحرك، أنا أتكلم الآن على الياء الأولى من الياء المشددة، (إيَّا)، لاحظوا هكذا، (إيَّا)، الياء الأولى ساكنة والياء رخوة فلذلك زمنها مساوي لزمن، (بسم)، (إي)، نفس الزمن، (إِيَّاكَ نَعُْ)، العين الساكنة مساوي ل،(الْحمْد)، اللام والميم في كلمة (الْحمْد)، مثل زمن، (نَعْبُدُ)، نعْ، لاحظوا الصوت هكذا، لابد من جريان الصوت قليلاً في حرف العين حتى تتحقق صفة البينية.
- فإذاً الياء في إياك أطول بقليل من، ( نَعْبُدُ)، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، لاحظوا كلمة، (نسْتعين)، السين من حروف الرخاوة فزمنها مساوي ل، (بسْم)، للحاء من الرحْمن، نسْتعينْ، النون المتطرفة عندما وقفنا عليها سكنت، فلما سكنت ساوى زمنها زمن الميمات والنونات التي تقدمت معنا.
- ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾[ سورة الفاتحة:6]
- لاحظوا صوت الهاء، (اهْد)، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، لاحظوا زمن الهاء مساوي لزمن بسْم، اهْد، نفس الطول، انتبهتم يا أخوة، (اهْدنا، بسْم)، نفس الطول، (اهدنا الصِّراط)، أيضاً هذه الصاد مشددة فهي تتألف من صادين، الصاد الأولى ساكنة، (الصْ صِ)، فالصاد الأولى زمنها مساوي لزمن الهاء في، (اهْدنا)، (اهدنا الصراط المستقيم)، المسْتقيم السين أيضاً زمنها مساوي لزمن (اهْد)، المسْتقيم، الميم الأخيرة أيضاً حرف بين الرخو والشديد زمنه يساوى زمن ما تقدمه من الميمات والنونات واللامات.
- ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾[ سورة الفاتحة:7]
- لاحظوا هكذا، (صراط الْ لَ)، هذه كم لام؟ لامان اللام الأولى ساكنة وهى بحاجة إلى جريان ضئيل في الصوت، (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ)، أنعمت النون بين الرخوة والشديد من حروف البينية، (عم)، الميم أيضاً من الحروف بين الرخوة والشديدة فزمنهما متساوي، (أنعمت عليهم عليْهم)، انظروا هكذا، الياء من الحروف الرخوة فزمنها يساوي زمن، (بسْم، عليْهم، اهْدنا)، نفس الطول، (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ)، الياء، عليْهم، نفس الطول، (غير المغضوب)، الغين من كلمة المغضوب أيضاً من الحروف الرخوة زمنها مساوي لزمن (بسْم، اهْدنا، نسْتعين)، مثلاً، (غير المغضوب)، لاحظوا هكذا، (نغ)، (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)، هنا أيضاً، الضاد بارك الله فيكم، تتألف من ضادين، الضاد الأولى ساكنة، (ولا الضْ)، اسمعوني جيداً، (ولا الضَّالين)، فيها مط وفيها تطويل مساوي ل(بسْم، ولا الضَّالين، اهْد)، كل هذه الأزمنة متساوية، (ولا الضالين)، أتكلم عن الضاد الأولى، أما الثانية مفتوحة ما لنا شغل فيها، ولا الضالين، اللام أيضاً في كلمة، ولا الضالين مشددة تتألف من لامين، اللام الأولى بين الرخوة والشديدة، زمنها يحتاج إلى جريان ضئيل مساوي ل، (الحمد)، (ولا الضالْ لِين)، يكاد يسمع السامع لاماً واحدةً مكسورة، وأيضاً نسمع من بعض الأخوة المبتدئين، (ولا الضالين)، فيطول اللام زيادة، إذاً تطويلها زيادة لا يصح، بترها وقراءة لام مكسورة واحدة لا يصح لأننا نكون قد أنقصنا من التلاوة حرفـاً وهو اللام الأولى من اللام المشددة.
- هذا هو الذي شرحناه الآن بالتفصيل سوف أعيده من غير شرح ويقرأ خلفي الشباب وأرجو أن تتذوقوا هذا الميزان الذي ذكرناه لأزمنة الحروف السواكن، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
انتهى القسم الأول من وظائف الجانب الأيمن في دماغ الإنسان .
الجانب الأيسر في دماغ الإنسان والوظائف التي يقوم بها :
تتركز العمليات التي تعتمد المنطق والحساب ولغة الرياضيات العلمية البحتة الجانب الأيسر من دماغ الإنسان ، فإذا ما أردنا أن نكلم شخصاً ما بلغة المنطق والرياضيات توجهنا مباشرة إلى الحديث معه من جهة أذنه اليمنى لأنَّ المستقبلات السمعية تقوم بنقل إشارتها بطريقة عكسية فتنطلق إشاراتها مسرعة إلى الجانب الأيسر منه ، وإذا ما أردنا التحدث بلغة المشاعر انطلقنا إلى الأذن اليسرى لنحدث الجانب العاطفي في دماغ المرسل إليه ولنستثير عاطفته القلبية .
وقد اعتمد القرآن الكريم على هذا المنطق للتكوين البشري واستثمره بطريقة إبداعية تفوق النظير ، فالجانب الأيسر للدماغ البشري مسؤول عن :
1- المنطق :
لا يخفى علينا محبة الإنسان للحديث بلغة المنطق لأنها لغة سهلة محببة للأذهان ، فهي كثيراً ما تعتمد على لغة الرياضيات في علاقاتها المختلفة والمتنوعة ، كالبدء من السهل إلى الصعب ومن المعلوم إلى المجهول ، وقد حدثنا القرآن الكريم مراراً بهذه اللغة اليسيرة ، منها ما اعتمده في فاتحة الكتاب :
حيث نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى يكلمنا في آيه بلغة منطقية فنراه يسند الحمد إلى ذاته العليَّة ثم يردفها بصفات خاصة تناسب هذا المقام والمشتملة على الرحمة " الرحمن ـ الرحيم " ثم يشير لنا بكل سلاسة وهدوء إلى امتلاكه لزمام اليوم العظيم " يوم الدين " وأنه رحيم بنا في هذا اليوم شرط اتباع هدي صراطه المستقيم وإلا فغضبه سيشمل العصاة كما شمل المغضوب عليهم والضالين .
- ولغة المنطق القرآني استدعت البدء بالتعريف بصاحب هذا اليوم العظيم الذي يُفصل فيه بين العباد أجمعين ، ولولا التعريف بصاحبه لبقي هذا اليوم مجهولاً لا يعرف ولا يعرف صاحبه ولما استدعى منا هذا الاهتمام ، فلغة المنطق تفرض مبدأ التدرج في عرض الحقائق حتى يترجمها الذهن إلى أحداث ترتبط بين بعضها البعض برابط واحد ، وهذا الرابط في سياقنا القرآني هو الله سبحانه وتعالى فلولاه ما كنا لنوجد .
2- الأرقام :
- لا يخفى على الجميع العلاقات العددية والدراسات القرآنية التي تعرض علاقة لغة القرآن بعلم الأرقام ، من خلال نظام الجُّمَّل ، وهو نظام بياني مشفر لرسائل إلهية بثها القرآن الكريم في آياته وسوره ذكر من خلالها العديد من الأحداث التي حدد تاريخها بدقة متناهية تفوق النظير .
- في فاتحة الكتاب أو سورة السبع المثاني نلاحظ هذا النظام اللغوي البياني موجوداً بكل جلاء ووضوح ...
- ومن التناسق العجيب لأحرف الفاتحة نذكر :
ورد حرف الباء في سورة الفاتحة في تناسق عجيب.. تأمّل:
عندما ورد للمرّة الأولى جاء في ترتيب الحرف الأوّل في الكلمة (بِسْمِ)!
وعندما ورد للمرّة الثانية جاء في ترتيب الحرف الثاني في الكلمة (رَبِّ)!
وعندما ورد للمرّة الثالثة جاء في ترتيب الحرف الثالث في الكلمة (نَعْبُدُ)!
وتأمّل أين ورد للمرّة الرابعة والأخيرة؟
لقد جاء في ترتيب الحرف رقم 7 من بداية كلمة (الْمَغْضُوبِ)، وعدد آيات الفاتحة 7 آيات!
الرقم 7 عدد أوّليّ، ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 4
وللمرّة الرابعة والأخيرة أيضًا ورد في ترتيب الحرف رقم 16 من نهاية السورة، أي 4 × 4
وفي ترتيب الحرف رقم 29 من بداية الآية، وعدد كلمات الفاتحة 29 كلمة!
وقد عرض الدكتور: أحمد مُحمَّد زين المنّاوي في مقالة بعنوان هندسة حروف الفاتحة إلى قضية الإعجاز العددي وناقش العديد من الظواهر المرتبطة بعلم الأرقام في سورة الفاتحة واكتشف العديد من الظواهر الرقمية في هذه السورة والتي تعتبر مفتاحاً رقمياً مشفراً لكتاب الله العزيز .
3- الحسابات :
تتركز الحسابات الرقمية والعمليات الحسابية بالجانب الأيسر في عقلنا البشري كما أسلفنا منذ قليل ، والقرآن الكريم بمجمله عبارة عن شيفرة حسابية معقدة ومعادلات رياضية لا يستطيع فك شيفرتها إلا من أتاه الله سبحانه وتعالى علمه اللَّدني الخاص ، فيفتح أمام بصره وبصيرته كنوزاً من الحقائق كانت غائبة حاضرة على الدوام ، ومما ورد في فاتحة الكتاب :
وقد أورد الدكتور: أحمد مُحمَّد زين المنّاوي أمثلة متنوعة لذلك في سورة الفاتحة ومما ذكره ما اختص به لفظ الجلالة مع أسماء اللَّه الحسنى حيث يقول :
تضمَّنت أوّل آية في كتاب اللَّه عزّ وجلّ لفظ الجلالة، واسمين من أسماء اللَّه الحسنى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
وتضمَّن القرآن الكريم كله لفظ الجلالة 2704 مرّات، وهذا العدد = 114 × 23 + 41 × 2
تأمّل..
114 هو عدد سور القرآن!
23 هو عدد أعوام الوحي!
41 هو مجموع تكرار أحرف اسم اللَّه ضمن الحروف المقطّعة!
2 هو ترتيب اسم اللَّه في أوّل آية في القرآن!

والرقم 2 هو أيضًا ترتيب أوّل سورة في القرآن تبدأ بالحروف المقطّعة!
تكرّر اسم "الرحمن" في القرآن 57 مرّة، وتكرّر اسم "الرحيم" 114 مرّة، أي 57 + 57 مرّة!
تكرّر "الرحيم" بما يعادل ضعف تكرار "الرحمن"، وبما يماثل عدد سور القرآن الكريم!!
تأمّل..
ورد اسم "الرحيم" في القرآن 115 مرّة! ولكنه ورد كاسم من أسماء اللَّه الحسنى 114 مرّة وفي مرّة واحدة ورد كصفة لنبي الرحمة مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- وذلك في قوله تعالى:
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِيْنَ رَؤُوفٌ رَحِيْمٌ } (128) التوبة
أرأيت مدى الدقة القرآنية!

4- الإعراب :
سنكتفي بالحديث عن خصائص اللغة العربية والتي تفردت بالإعراب اللغوي لكلماتها وفق لغة منطقية حيث تتسلسل الكلمات في الترتيب المنطقي لتشكل هذه الظاهرة الفريدة والتي تعتمد على المنطق بمجملها ، فالإعراب عبارة عن معادلات لغوية فريدة اختصت بها العربية دون بقية اللغات ، وإعراب القرآن الكريم يشكل ظاهرة لغوية فريدة حيث يعتمد الإعراب على استقامة المعنى وكلما تجدد هذا المعنى طرأ تغيير في لغة بيانات إعرابه ، لذلك فالإعراب جسر يصل بين القسم الأيمن من الدماغ والقسم الأيسر منه ، فإذا حصل تغيير في القسم الأيمن تبعه تغيرات جذرية في بيانات الإعراب .
وفي فاتحة الكتاب نجد هذه العلاقة اللغوية مسيطرة على أرجاء النص القرآني فقد ابتدء سبحانه وتعالى فاتحة الكتاب بعد آية البسملة بالمبتدأ ( الحمدُ ) وعمد إلى حذف الخبر والذي يدل على نوع وخصوصية هذا الحمد ودلل عليه من خلال ( لله ) ، فهذا المبتدأ له دلالة خاصة مستترة بحاجة إلى إعمال العقل كثيراً وإلى الكد والعناء للتعرف على خبره المحذوف والذي بثَّه لنا سبحانه وتعالى في أرجاء القرآن الكريم في كل آياته ، فهو خبر متعدد الخصائص والسمات ، متفرد لا مثيل له .
وبعد هذه الجولة السريعة في ربوع فاتحة الكتاب استطعنا معرفة بعض اللآلئ المكتنزة والجواهر الفريدة التي خصَّ الله بها لغة القرآن في تفرد عظيم لا يوجد لسواها من اللغات .
وقد اكتفيت بمثال واحد أو مثالين من أجل الاختصار لا أكثر وسنتبع هذا العمل إن شاء الله تعالى ونردفه بالأمثلة اللازمة والمصادر المتنوعة والكثيرة التي اعتمدت عليها في حديثنا السابق .
فقراءتك للفاتحة أو لكتاب الله العزيز تعمل على تنشيط جميع خلايا المخ البشري وإعمال جميع وظائفه وتنشيطها وتحفيزها وحثها على بذل الجهد العقلي والذي يساعد كثيراً في تنمية المهارات المتنوعة للعقل البشري .
  • 1
  • 0
  • 8,790

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً