#خواطر_رمضانية_9 "وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا ...

منذ 2019-05-14
#خواطر_رمضانية_9
"وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ" النّمل{48} .
الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على النبيّ المصطفى :
يقول إبن عاشور رحمه الله تعالى : ( عَطَفَ جُزْءَ الْقِصَّةِ عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا. والْمَدِينَةِ: هِيَ حِجْرُ ثَمُودَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ الْمَعْرُوفُ مَكَانُهَا الْيَوْمَ بِدِيَارِ ثَمُودَ وَمَدَائِنَ صَالِحٍ، وَهِيَ بَقَايَا تِلْكَ الْمَدِينَةِ مِنْ أَطْلَالٍ وَبُيُوتٍ مَنْحُوتَةٍ فِي الْجِبَالِ. وَهِيَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَتَبُوكَ فِي طَرِيقِ الشَّامِ وَقَدْ مَرَّ بِهَا النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ فِي مَسِيرِهِمْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَرَأَوْا فِيهَا آبَارًا نَهَاهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ مِنْهَا إِلَّا بِئْرًا وَاحِدَةً أَمَرَهُمْ بِالشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ بِهَ , وَالرَّهْطُ: الْعَدَدُ مِنَ النَّاسِ حَوَالَيِ الْعَشَرَةِ وَهُوَ مِثْلُ النَّفَرِ. وَإِضَافَةُ تِسْعَةٍ إِلَيْهِ مِنْ إِضَافَةِ الْجُزْءِ إِلَى اسْمِ الْكُلِّ عَلَى التَّوَسُّعِ وَهُوَ إِضَافَةٌ كَثِيرَةٌ فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ مِثْلَ: خَمْسُ ذَوْدٍ. وَاخْتَلَفَ أَيِمَّةُ النَّحْوِ فِي الْقِيَاسِ عَلَيْهَا، وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشِ أَنَّهَا سَمَاعِيَّةٌ وكَانَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ مِنْ عُتَاةِ الْقَوْمِ ) .
ليس المراد من المقال إستيراد قصة ثمود ونبي الله صالح بل سأقف بعض الوقفات مع هذه الآية , لنرى الأولويات عند هذين الرهطين، و نستبصر بالقرآن لفضح هذه الطائفة ، التي هي كالسرطان تنتظر الفرصة لهدم دين الله في الأرض.
قال _تعالى_:" وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ " 48"
عجيب تحديد هذا الرهط بنفر يسير، فعددهم قليل جداً، و مع هذه القلة فإنهم لا يُفسدون في المدينة فقط، بل إنهم " يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ"، فسبحان الله ! هل تأملت تعظيم القرآن للإفساد في الأرض؟ حيث جعل الإفساد في منطقة معينة هو في حقيقته إفساد في جميع أرجاء الأرض .
فماذا نقول لمن يريد أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ؟ ممن يُريدون للمرأة أن تُسفر عن وجهها، و يسعون من أجل ذلك سعياً حثيثاً ، و يَصبرون في هذا الطريق ثم يُصبرون .

تشييع الفاحشة من أبرز الرهط المفسد للأرض :-
( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) أي يريدون أن ينتشر الفعل القبيح المفرط في القبح كإشاعة الرذيلة والزنى وغير ذلك من المنكرات {فِي الذين آمَنُواْ} أي في المؤمنين الأطهار {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدنيا والآخرة} أي لهم عذاب موجع مؤلم في الدنيا فإقامة الحدِّ، وفي الآخرة بعذاب جهنم قال الحسن: عنى بهذا الوعيد واللعن المنافقين فإ نهم أحبوا وقصدوا إذاية الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وذلك كفرٌ وملعون صاحبه .
قال ابن العربي: { يُحِبُّونَ } يَعْنِي يُرِيدُ ذَلِكَ وَيَفْعَلُهُ ؛ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ فِعْلُ الْقَلْبِ، وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَظْهَرَهُ .
لنعلم إذا أن المفسدين يُـفسدون في الأرض ولا يُصلحون .
تتتبّع الآيات التي ورد فيها ذكر الإفساد لنتعرف على أنواع الإفساد وصوره :
– الشرك بالله إفساد . قال الله تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ )
فهؤلاء جمعوا بين إفسادين :
1- كفرٌ بالله 2- وصدٌ عن سبيل الله
وقال سبحانه وبحمده: ( وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ )
- النِّـفاق إفساد في الأرض . قال الله تبارك وتعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ )
- تكذيب الرسل ، ورد الحق برغم الإيقان به . قال الله تبارك وتعالى عن آل فرعون : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ )
وقال سبحانه وتعالى عن قوم صالح ، وأن صالحاً قال لهم : ( وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ )
ويدخل فيه الصدّ عن سبيل الله . قال الله تبارك وتعالى : (وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ )
- اللجـوء إلى غير الله ودعاء الأموات إفساد . قال الله تبارك وتعالى : ( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ )
- قتل النفس إفساد ، وتعظم الجريرة إذا كان المقتول مُصلحاً . قال الله تبارك وتعالى : ( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ )
واشترك القوم بالرأي والمكيدة ، فهو إفساد الطبقة المتنفّذة المتسلّطة ، ولذا قال سبحانه :
( قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ )
والتبييت قتله ليلا
فهم خفافيش الظلام التي يبهرها النور فلا تستطيع أن تتحرك وتعمل إلا تحت جُنح الظلام .
وقتل الأنفس البريئة إفساد
قال جل جلاله عن فرعون : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ )
ولذا قالت الملائكة ( قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ) ؟
- بخس الموازين والتطفيف بالكيل إفساد . قال الله تبارك وتعالى على لسان شعيب : ( فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا )
- التقاطع في الأرحام وعدم وصلها . قال الله تبارك وتعالى : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ )
- نقض العهد ، وعدم الوفاء به ، وقطع ما أمر الله به أن يُوصل . قال الله تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )
ولذا قال سبحانه وتعالى بعدها مباشرة : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )
وقال جل جلاله : ( وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ )
- الإسراف ومجاوزة الحد في الغي والتمادي في المعاصي إفساد . قال الله تبارك وتعالى على لسان موسى عليه الصلاة والسلام :( كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ )
وقال سبحانه وتعالى عن الألـدّ الخصِم : (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ )
- إيقاد نيران الحروب بين عباد الله إفساد . واليهود هم أهل هذا التخصص . قال الله تبارك وتعالى : ( كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )
- السِّـحـر إفساد . قال الله تبارك وتعالى : ( قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ )
- الجبروت والتكبّر على عباد الله إفساد ، والإفراط في الفرح والأشر والبَطَر . قال جل جلاله عن رمز الثراء الفاحش " قارون " : ( إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)
- ارتكاب المنكرات وإتيان ما حرّم الله من الفواحش . قال الله تبارك وتعالى على لسان لوط : ( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ )
فماذا كان جواب القوم المفسدين ؟
(ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)
فكانت دعوته (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ )
- السرقة إفسـاد . قال جلا وعلا عن إخوة يوسف : ( قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ )
كل ذلك إفســـــــــــــاد بغير إصــــــــلاح ، وإن ادّعوا أنهم مُصلحون فقد كذبهم الله .
( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار )
لا يستويان .
وصلى الله وسلم وبارك على النبيّ محمد
كتبه الشيــــخ شــــــــــــــرماركي محمد عـــيسى ( بخاري )
9/رمضان/1440هــــــــــــــــــ هـــــــــــــرجيـــــــــــــسيا
أبــــــــــو الاثيــــــــــــــــــر الصـــــــــــــومالي ,
  • 1
  • 0
  • 1,370

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً