*افتح الباب يا قلب* وحينما تدرك أن العالم كله يعمل ضدك، والدنيا أغلقت أبوابها في وجهك اهرع إلى ...
منذ 2019-08-19
*افتح الباب يا قلب*
وحينما تدرك أن العالم كله يعمل ضدك، والدنيا أغلقت أبوابها في وجهك اهرع إلى الباب..
لا تتردد..
لا تقل لست بذلك الطهر والنقاء والصدق الذي يمكنني من طرق الباب..لا تتباطأ عن المشي إلى مصراعي الباب..
يكفيك أن يردد قلبك:
وافيتُ ( بابك).. لا زادٌ يبلّغني..
ولستُ يا خالقي من جملة الصُلَحا
قم بهدوء وأفض حبيبات الماء على يديك وامسح بها وجهك ويديك ورأسك ورجليك ثم قف بين يديه..
إنك عندما تفتح الباب تفتح لك الدنيا أبوابها،وتلقى الأمن والسرور وتدلف إلى عالم الطمأنينة والأنس والانشراح..
حتى وإن لم تحفظ إلا بعدد الأصابع من سور القرآن اعلم أن الخير كله معك وعندك من الفتوح ما ليس له عد وليس له حصر..
كان صديقي الذي تعرفت عليه من جنوب أفريقيا قبل أيام يجهد نفسه في حفظ القرآن..
أردت ذات مساء أن أفتح الغشاء الرقيق عن قلبه لأعرف سر همته فقال: أخشى أن أموت قبل أن أكمل القرآن..
-وكم تحفظ؟
- قال ثلاثة.
نظرتُ إليه مطمئنا..أبشر معك الفاتحة سر الفتح وهي تعدل القرآن كله..
لم يصدق !!
قلت له إن كانت الإخلاص تعدل ثلث القرآن بنص الحديث فالفاتحة تعدل القرآن بنص القرآن ألم يقل الله" ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم"
فهي في كفة والقرآن في كفة.
رأيت الدموع تتحدر من عينيه فرحا.
كان يظن صديقي الذي جاء من أقاصي الدنيا أنه لن يدخل على ربه حق الدخول ولا يستطيع بلوغ مقام العارفين ولن يفتح له الباب إلا إذا حفظ القرآن كله..
وتشاء أنت من البشائرِ قطرة ..
ويشاء ربك أن يغيثك بالمطر
وتشاء أنت من الأماني نجمة ..
ويشاء ربك أن يناولك القمر
يمرض كثير من الناس ويصابون بأوجاع وآلام وأسقام فيهرعون سريعا للوقوف صفوفا أمام بوابات الأطباء وينسون الباب..
الفاتحة باب الشفاء الأمثل لكن لمن يملك مفتاحا جيدا..
ويشقى كثير من الناس ويصابون بالقهر الذي يفتت الأكباد ..ويمنعهم لذة الرقاد..
يعانون من مشقة الغربة في صحاري الحياة، وتعركهم الأوجاع عرك الرحى فيفكرون كل ليلة عند الإخلاد إلى النوم بمن يستعينون وينسون" وإياك نستعين".
واعلم أنك لو استعنت بكل معين سوى الله فلن تجد إلا الخذلان فاستكثر إن شئت أو دع..
والبعض من شدة كربه ييأس ويقنط وينهزم ولن تزيده الشدة إلا إعراضا وهو بعيد كل البعد عن الباب..
قل للذي ظن الحياة تعيسة ...
ومضى يُفتش عن (أمانٍ سانحة)
لن تستقيم حياةُ عبد معرضٍ ..
عن ربهِ (مالم يجي بالفاتحة)
الفاتحة هي خلاصة الكتب السماوية وهي بوابة الدخول على الملك..وهي زبدة ما نزل من وحي إلى الأرض منذ أول الخليقة..أفتنساها..؟.
خذ مثلا أضربه لك هب أن ملكا بنى أكثر من مائة قصر ثم أراد أن يبني قصرا يختم به كل القصور ويجعله زينة لها وآية عليها..فتخيل كيف سيكون هذا القصر...؟
ثم إن هذا الملك بنى لهذا القصر بابا فجمله وأحسنه فجعله تحفة للرائين وآية للناظرين وبهجة للعالمين..فالقصور هي الكتب السابقة والقصر هو القرآن والباب هو الفاتحة وهو معقد الجمال وخلاصة الكمال وهيبة الجلال فهيا لتفتح الباب.. فعلى مصراعيه تحف الدنيا.. وعلى جنباته كنوز الملكوت وهو معراج إلى ذي الجبروت..
الفاتحة إن عقلت أصل الحياة..وطريق الحياة..ومعين الحياة..لا يشقى من اهتدى بها..ولا يفتقر من استغنى بها..ولا يجهل من تعلم منها..ولا يذل من اعتز بها..ولا ينهزم من استنصر بها..ولا يضيع من استرشد بها..
هي الْحَيَاةُ فلا تسخَطْ ولا تلُمِ ..
وخلِّ عنك دواعي الهمِّ والندمِ
كل تعب وألم وهم وغم وكدر ونكد يزول بالفاتحة..بها تستنزل الغنى واللطف والرأفة والهبات والرحمات من" الرحمن الرحيم".
ومن خلالها تلتمس التوفيق والقوة والعون من " وإياك نستعين".
ومن خلالها تلتمس الإلهام والرشد والصواب والسداد من " اهدنا الصراط المستقيم" .
وهي مزيلة للبلايا والنكبات والأوجاع والضربات من خلال تألهك وانشراح صدرك لمعبودك
تَعــب الحيـاة أزيلــهُ بالفاتحة
فهي الشفاءُ، لكل صدر شارحة
في الفاتحة إعلان كبير لمن يريد العون ولا يوجد أحد من البشر إلا وهو ضعيف يحتاج لقوة، مهدود يريد سندا، فقير يتشوف لغنى، مستوحش ينقصه الأنس وأبواب البشر مغلقة دون القوة والسند والغنى والأنس فما من طريق دون الاستعانة به..
إنّ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
"عَهْدٌ مَهِيْبٌ تُعَاهِدُ بِهِ رَبَّكَ ﷻ فِي كُلِّ رَكعَةٍ أَنْ لَا تَعبُدَ سِوَاهُ وَلَا تَستَعِينُ بِغَيرِهِ ..
فَهَلْ يَلِيِقُ بِقَلبِكَ بَعدَهَا أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى غَيرِهِ".
ألا يكون شعارك:
مادام قلبي مشرقا بيقينه
فلسوف يبقى النور في أحداقي
من لطيف ما يُحْكَى عن البيضاوي بيض الله وجهه أنه لما ألّف تفسيره المشهور المسمّى بـ (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) وفرغ منه، ذهب به إلى بغداد ليعرضه على السلطان، لعله ينال شيئا من عطاياه، يستعين به على نوائب الدهر .
فمرَّ في طريقه بقرية فيها أحد المشايخ ، فنزل عنده وأضافه ، ثم سأله :
أين قصدك ؟
قال: إلى بغداد .
قال : وما تريد بها ؟
قال : إني صنّفتُ تفسيرا بذلتُ الجهد في تنقيحه وتهذيبه، ولي بناتٌ قد أدرَكْنَ ، فاحتجت إلى تجهيزهنّ ولا مال لي ، فأردت أن أذهب إلى السلطان عسى أن يحلّ لي من عنده ما أستعين به في جَهازهنّ .
فقال له ذلك الشيخ : بم فسّرتَ قوله تعالى : {إياك نعبد وإياك نستعين} ؟.
قال : فسّرناه بأنّا لا نعبد إلا إياك ، ولا نستعين إلا بك .
فقال له : فكيف تستعين بغيره ؟!
فأثّر كلامه في قلب العلامة البيضاوي، وتنبّه ورجع قافلا من حيث جاء ، ولم يذهب إلى بغداد !
قالوا : فمن أجل ذلك وضع الله القبول على تفسيره ، فأقبل عليه العلماء من كلِّ جهةٍ في حياته وبعد مماته، وخدموه بالتعليقات والحواشي، وحصل به نفعٌ كبير.
..
لا تعتمد على غناك وقوتك وقدراتك ومواهبك وذكائك ووجاهتك ، فمن وُكل إلى نفسه خُذل ..!
اركن إلى مسبب الأسباب فالأمور كلها بيده، معقودة بقضائه وقدره وتصريفه، وحكمته وعدله..
وإن لم تستعن بالفتاح ستبقى الأبواب مغلقةً دونك ..!
فيارب…
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }.
القرب من الله جل وعلا مملكة الأُنس ومهوى القلوب ونعيم الدنيا ولذة الآخرة وكلما ازداد القلب لله حباً ازداد منه قربا..
"والقلب فقير بالذات إلى الله من وجهين: من جهة العبادة وهي العلة الغائية ومن جهة الاستعانة والتوكل وهي العلة الفاعلية,فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا ينعم ولا يسر ولا يلتذ ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة. وهذا لا يحصل له إلا بإعانة الله له، فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك له إلا الله ، فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة { إياك نعبد وإياك نستعين } ولو أعين على حصول كل ما يحبه ويطلبه ويشتهيه ويريده ولم يحصل له عبادة لله ، فلن يحصل إلا على الألم والحسرة والعذاب، ولن يخلص من آلام الدنيا ونكد عيشها إلا بإخلاص الحب لله بحيث يكون الله هو غاية مراده ونهاية مقصوده".
وأنت عندما تحمدالله في البوابة تذكر المصاب في هذه الليلة بالسرطان والموبوء بفيروس الكبد والمهدود بالكلى والمتعب من القلب..
تذكر الجرحى والمصابين وتخيل تلك الآهات التي يطلقها الجوعى والنازحين والمشردين والمنكوبين..
وأنت المنعم بين أطفالك تذكر طفلا يموت جوعا كل دقيقة على هذا الكوكب..
تذكر ثمانمائة ألف ماتوا هذه السنة انتحارا وما بهم الفقر إنما الاكتئاب..
تذكر ...وتذكر
وقل" الحمد لله رب العالمين"
قلها من قلبك ليطمئن..
كفاية أن تقولها فقط بلسانك وعلى مضض.
وإن ظُلمت على هذا الكوكب فتذكر " مالك يوم الدين" فهناك يجتمع الخصوم ويقتص للمظلوم..كل هذا *ليطمئن قلبك*.
هي الفاتحة سر الفتح وفتح السر فافتح الباب لباب الفتح..
كان لي صديق يداوم عليها صباح كل يوم ما فتح الله عليه فيكررها سبعا أو تسعا أو واحدا وعشرين مرة لما سألته عن سر تكرارها قال: لا أستطيع العيش بدونها ..مضت بنا الحياة وإذا به يعانق الجوزاء ويحصد المراكز الأولى في أرقى الجامعات العربية ولعلني أدركت جزءا من أسرار الفتح..
هي أساس ومنطلق النبوغ العلمي والإدراك الذهني والتوفيق الإلهي والفتح الرباني..
بدونها أنت لا شيء وليس من فراغ وجوب تكرارها سبعة عشر مرة كل يوم عند انتصابك على بوابة الملك..
تعلق بها كتعلق الطفل بثدي أمه..
وشد عليها كشد الغريق يده على الحبل..
انظر إليها متطلعا كنظرة السجين شعاع الشمس، وعش معها اليوم حيا كما لم تعش معها بالأمس..
هي أُسُّ العلوم ومفتاح الكنوز ودرة القلائد وبحار الفوائد.. حدثني مفسر أنه حاضر في مسجده ثمانية عشر محاضرة في تفسير الفاتحة ثم صرفته الحياة بمشاغلها فلما تقدم به العمر وطعن في الستين ندم أنه لم يكمل ما بدأ به وتحسر على ليالٍ كان يعيشها في ظل الفتح إذ تنهمر عليه الفتوح برعاية الفتاح
سقى اللهُ أرضاً لستُ أنسى عهودها
ويا طولَ شَوْقي نحوَها وَحَنيني
منازلُ كانتْ لي بهنّ منازلٌ
(وَالفتح كان مساندي وَقَريني)
الفاتحة فيها علوم الأولين والآخرين وقد ألف فيها الرازي مجلدا وذكر أن فيها عشرة آلاف مسألة..
وقد بلغ عدد المؤلفات في تفسير سورة الفاتحة قرابة المائتين وسبعة وعشرين كتابا وكلهم غرفوا من بحرها وما أنقصوا منه إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر..
الفاتحة بوابة للهداية فمن طلب بصدق" اهدنا" لن يعود صفر اليدين".
في البوابة تتذكر كم أناس مروا من على هذا الكوكب من المنعمين من رب العالمين ومن المغضوب عليهم والضالين..إنه تاريخ مختزل في سطر..وآية تشرح في قمطر..
لا تتردد كل الفتوح بين يديك فقم حالا إليها..
اجعل كل تنهيدة آية منها..
تلذذ بطعمها..
تذكر أن كل الخيرات ستنهمر عليك كالغيث فقط إن فتحت قلبك لها..
أتترك قلب يتمزق في كل واد ولا تلم شعثه بها..
أتتركه يستوحش ولا تؤنسه بها..
لن تتمالك نفسك من الفرح إن اطمئن قلبك بها..
أستودعك الله يا قلب💔
*عامر الخميسي*
وحينما تدرك أن العالم كله يعمل ضدك، والدنيا أغلقت أبوابها في وجهك اهرع إلى الباب..
لا تتردد..
لا تقل لست بذلك الطهر والنقاء والصدق الذي يمكنني من طرق الباب..لا تتباطأ عن المشي إلى مصراعي الباب..
يكفيك أن يردد قلبك:
وافيتُ ( بابك).. لا زادٌ يبلّغني..
ولستُ يا خالقي من جملة الصُلَحا
قم بهدوء وأفض حبيبات الماء على يديك وامسح بها وجهك ويديك ورأسك ورجليك ثم قف بين يديه..
إنك عندما تفتح الباب تفتح لك الدنيا أبوابها،وتلقى الأمن والسرور وتدلف إلى عالم الطمأنينة والأنس والانشراح..
حتى وإن لم تحفظ إلا بعدد الأصابع من سور القرآن اعلم أن الخير كله معك وعندك من الفتوح ما ليس له عد وليس له حصر..
كان صديقي الذي تعرفت عليه من جنوب أفريقيا قبل أيام يجهد نفسه في حفظ القرآن..
أردت ذات مساء أن أفتح الغشاء الرقيق عن قلبه لأعرف سر همته فقال: أخشى أن أموت قبل أن أكمل القرآن..
-وكم تحفظ؟
- قال ثلاثة.
نظرتُ إليه مطمئنا..أبشر معك الفاتحة سر الفتح وهي تعدل القرآن كله..
لم يصدق !!
قلت له إن كانت الإخلاص تعدل ثلث القرآن بنص الحديث فالفاتحة تعدل القرآن بنص القرآن ألم يقل الله" ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم"
فهي في كفة والقرآن في كفة.
رأيت الدموع تتحدر من عينيه فرحا.
كان يظن صديقي الذي جاء من أقاصي الدنيا أنه لن يدخل على ربه حق الدخول ولا يستطيع بلوغ مقام العارفين ولن يفتح له الباب إلا إذا حفظ القرآن كله..
وتشاء أنت من البشائرِ قطرة ..
ويشاء ربك أن يغيثك بالمطر
وتشاء أنت من الأماني نجمة ..
ويشاء ربك أن يناولك القمر
يمرض كثير من الناس ويصابون بأوجاع وآلام وأسقام فيهرعون سريعا للوقوف صفوفا أمام بوابات الأطباء وينسون الباب..
الفاتحة باب الشفاء الأمثل لكن لمن يملك مفتاحا جيدا..
ويشقى كثير من الناس ويصابون بالقهر الذي يفتت الأكباد ..ويمنعهم لذة الرقاد..
يعانون من مشقة الغربة في صحاري الحياة، وتعركهم الأوجاع عرك الرحى فيفكرون كل ليلة عند الإخلاد إلى النوم بمن يستعينون وينسون" وإياك نستعين".
واعلم أنك لو استعنت بكل معين سوى الله فلن تجد إلا الخذلان فاستكثر إن شئت أو دع..
والبعض من شدة كربه ييأس ويقنط وينهزم ولن تزيده الشدة إلا إعراضا وهو بعيد كل البعد عن الباب..
قل للذي ظن الحياة تعيسة ...
ومضى يُفتش عن (أمانٍ سانحة)
لن تستقيم حياةُ عبد معرضٍ ..
عن ربهِ (مالم يجي بالفاتحة)
الفاتحة هي خلاصة الكتب السماوية وهي بوابة الدخول على الملك..وهي زبدة ما نزل من وحي إلى الأرض منذ أول الخليقة..أفتنساها..؟.
خذ مثلا أضربه لك هب أن ملكا بنى أكثر من مائة قصر ثم أراد أن يبني قصرا يختم به كل القصور ويجعله زينة لها وآية عليها..فتخيل كيف سيكون هذا القصر...؟
ثم إن هذا الملك بنى لهذا القصر بابا فجمله وأحسنه فجعله تحفة للرائين وآية للناظرين وبهجة للعالمين..فالقصور هي الكتب السابقة والقصر هو القرآن والباب هو الفاتحة وهو معقد الجمال وخلاصة الكمال وهيبة الجلال فهيا لتفتح الباب.. فعلى مصراعيه تحف الدنيا.. وعلى جنباته كنوز الملكوت وهو معراج إلى ذي الجبروت..
الفاتحة إن عقلت أصل الحياة..وطريق الحياة..ومعين الحياة..لا يشقى من اهتدى بها..ولا يفتقر من استغنى بها..ولا يجهل من تعلم منها..ولا يذل من اعتز بها..ولا ينهزم من استنصر بها..ولا يضيع من استرشد بها..
هي الْحَيَاةُ فلا تسخَطْ ولا تلُمِ ..
وخلِّ عنك دواعي الهمِّ والندمِ
كل تعب وألم وهم وغم وكدر ونكد يزول بالفاتحة..بها تستنزل الغنى واللطف والرأفة والهبات والرحمات من" الرحمن الرحيم".
ومن خلالها تلتمس التوفيق والقوة والعون من " وإياك نستعين".
ومن خلالها تلتمس الإلهام والرشد والصواب والسداد من " اهدنا الصراط المستقيم" .
وهي مزيلة للبلايا والنكبات والأوجاع والضربات من خلال تألهك وانشراح صدرك لمعبودك
تَعــب الحيـاة أزيلــهُ بالفاتحة
فهي الشفاءُ، لكل صدر شارحة
في الفاتحة إعلان كبير لمن يريد العون ولا يوجد أحد من البشر إلا وهو ضعيف يحتاج لقوة، مهدود يريد سندا، فقير يتشوف لغنى، مستوحش ينقصه الأنس وأبواب البشر مغلقة دون القوة والسند والغنى والأنس فما من طريق دون الاستعانة به..
إنّ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
"عَهْدٌ مَهِيْبٌ تُعَاهِدُ بِهِ رَبَّكَ ﷻ فِي كُلِّ رَكعَةٍ أَنْ لَا تَعبُدَ سِوَاهُ وَلَا تَستَعِينُ بِغَيرِهِ ..
فَهَلْ يَلِيِقُ بِقَلبِكَ بَعدَهَا أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى غَيرِهِ".
ألا يكون شعارك:
مادام قلبي مشرقا بيقينه
فلسوف يبقى النور في أحداقي
من لطيف ما يُحْكَى عن البيضاوي بيض الله وجهه أنه لما ألّف تفسيره المشهور المسمّى بـ (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) وفرغ منه، ذهب به إلى بغداد ليعرضه على السلطان، لعله ينال شيئا من عطاياه، يستعين به على نوائب الدهر .
فمرَّ في طريقه بقرية فيها أحد المشايخ ، فنزل عنده وأضافه ، ثم سأله :
أين قصدك ؟
قال: إلى بغداد .
قال : وما تريد بها ؟
قال : إني صنّفتُ تفسيرا بذلتُ الجهد في تنقيحه وتهذيبه، ولي بناتٌ قد أدرَكْنَ ، فاحتجت إلى تجهيزهنّ ولا مال لي ، فأردت أن أذهب إلى السلطان عسى أن يحلّ لي من عنده ما أستعين به في جَهازهنّ .
فقال له ذلك الشيخ : بم فسّرتَ قوله تعالى : {إياك نعبد وإياك نستعين} ؟.
قال : فسّرناه بأنّا لا نعبد إلا إياك ، ولا نستعين إلا بك .
فقال له : فكيف تستعين بغيره ؟!
فأثّر كلامه في قلب العلامة البيضاوي، وتنبّه ورجع قافلا من حيث جاء ، ولم يذهب إلى بغداد !
قالوا : فمن أجل ذلك وضع الله القبول على تفسيره ، فأقبل عليه العلماء من كلِّ جهةٍ في حياته وبعد مماته، وخدموه بالتعليقات والحواشي، وحصل به نفعٌ كبير.
..
لا تعتمد على غناك وقوتك وقدراتك ومواهبك وذكائك ووجاهتك ، فمن وُكل إلى نفسه خُذل ..!
اركن إلى مسبب الأسباب فالأمور كلها بيده، معقودة بقضائه وقدره وتصريفه، وحكمته وعدله..
وإن لم تستعن بالفتاح ستبقى الأبواب مغلقةً دونك ..!
فيارب…
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }.
القرب من الله جل وعلا مملكة الأُنس ومهوى القلوب ونعيم الدنيا ولذة الآخرة وكلما ازداد القلب لله حباً ازداد منه قربا..
"والقلب فقير بالذات إلى الله من وجهين: من جهة العبادة وهي العلة الغائية ومن جهة الاستعانة والتوكل وهي العلة الفاعلية,فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا ينعم ولا يسر ولا يلتذ ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة. وهذا لا يحصل له إلا بإعانة الله له، فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك له إلا الله ، فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة { إياك نعبد وإياك نستعين } ولو أعين على حصول كل ما يحبه ويطلبه ويشتهيه ويريده ولم يحصل له عبادة لله ، فلن يحصل إلا على الألم والحسرة والعذاب، ولن يخلص من آلام الدنيا ونكد عيشها إلا بإخلاص الحب لله بحيث يكون الله هو غاية مراده ونهاية مقصوده".
وأنت عندما تحمدالله في البوابة تذكر المصاب في هذه الليلة بالسرطان والموبوء بفيروس الكبد والمهدود بالكلى والمتعب من القلب..
تذكر الجرحى والمصابين وتخيل تلك الآهات التي يطلقها الجوعى والنازحين والمشردين والمنكوبين..
وأنت المنعم بين أطفالك تذكر طفلا يموت جوعا كل دقيقة على هذا الكوكب..
تذكر ثمانمائة ألف ماتوا هذه السنة انتحارا وما بهم الفقر إنما الاكتئاب..
تذكر ...وتذكر
وقل" الحمد لله رب العالمين"
قلها من قلبك ليطمئن..
كفاية أن تقولها فقط بلسانك وعلى مضض.
وإن ظُلمت على هذا الكوكب فتذكر " مالك يوم الدين" فهناك يجتمع الخصوم ويقتص للمظلوم..كل هذا *ليطمئن قلبك*.
هي الفاتحة سر الفتح وفتح السر فافتح الباب لباب الفتح..
كان لي صديق يداوم عليها صباح كل يوم ما فتح الله عليه فيكررها سبعا أو تسعا أو واحدا وعشرين مرة لما سألته عن سر تكرارها قال: لا أستطيع العيش بدونها ..مضت بنا الحياة وإذا به يعانق الجوزاء ويحصد المراكز الأولى في أرقى الجامعات العربية ولعلني أدركت جزءا من أسرار الفتح..
هي أساس ومنطلق النبوغ العلمي والإدراك الذهني والتوفيق الإلهي والفتح الرباني..
بدونها أنت لا شيء وليس من فراغ وجوب تكرارها سبعة عشر مرة كل يوم عند انتصابك على بوابة الملك..
تعلق بها كتعلق الطفل بثدي أمه..
وشد عليها كشد الغريق يده على الحبل..
انظر إليها متطلعا كنظرة السجين شعاع الشمس، وعش معها اليوم حيا كما لم تعش معها بالأمس..
هي أُسُّ العلوم ومفتاح الكنوز ودرة القلائد وبحار الفوائد.. حدثني مفسر أنه حاضر في مسجده ثمانية عشر محاضرة في تفسير الفاتحة ثم صرفته الحياة بمشاغلها فلما تقدم به العمر وطعن في الستين ندم أنه لم يكمل ما بدأ به وتحسر على ليالٍ كان يعيشها في ظل الفتح إذ تنهمر عليه الفتوح برعاية الفتاح
سقى اللهُ أرضاً لستُ أنسى عهودها
ويا طولَ شَوْقي نحوَها وَحَنيني
منازلُ كانتْ لي بهنّ منازلٌ
(وَالفتح كان مساندي وَقَريني)
الفاتحة فيها علوم الأولين والآخرين وقد ألف فيها الرازي مجلدا وذكر أن فيها عشرة آلاف مسألة..
وقد بلغ عدد المؤلفات في تفسير سورة الفاتحة قرابة المائتين وسبعة وعشرين كتابا وكلهم غرفوا من بحرها وما أنقصوا منه إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر..
الفاتحة بوابة للهداية فمن طلب بصدق" اهدنا" لن يعود صفر اليدين".
في البوابة تتذكر كم أناس مروا من على هذا الكوكب من المنعمين من رب العالمين ومن المغضوب عليهم والضالين..إنه تاريخ مختزل في سطر..وآية تشرح في قمطر..
لا تتردد كل الفتوح بين يديك فقم حالا إليها..
اجعل كل تنهيدة آية منها..
تلذذ بطعمها..
تذكر أن كل الخيرات ستنهمر عليك كالغيث فقط إن فتحت قلبك لها..
أتترك قلب يتمزق في كل واد ولا تلم شعثه بها..
أتتركه يستوحش ولا تؤنسه بها..
لن تتمالك نفسك من الفرح إن اطمئن قلبك بها..
أستودعك الله يا قلب💔
*عامر الخميسي*
عامر بن طاهر الخميسي
منذ