الشكر والصبر [6]الشكر هو الصبر العلاقة بين الشكر والصبر: جاء فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ...

منذ 2019-09-16
الشكر والصبر
[6]الشكر هو الصبر العلاقة بين الشكر والصبر:
جاء فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ»، هذا مقياس عدل لحالك فانظر لإيمانك هل صبرت عند البلاء؟، وهل شكرت على النعماء؟، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} كَانَ مُطَرَّفٌ يَقُولُ: نِعْمَ الْعَبْدُ الصَّبَّارُ الشَّكُورُ، الَّذِي إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ، وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ. قال ابن كثير رحمه اللّه تعالى: وقوله {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء : 35] أي نخبركم بالمصائب تارة وبالنّعم تارة أخرى، فننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط.
قال ابن حجر رحمه اللّه تعالى: الشّكر يتضمّن الصّبر على الطّاعة، والصّبر عن المعصية.
وقال بعض الأئمّة: الصّبر يستلزم الشّكر ولا يتمّ إلّا به، وبالعكس فمتى ذهب أحدهما ذهب الآخر، فمن كان في نعمة ففرضه الشّكر، والصّبر[21]، أمّا الشّكر فواضح، وأمّا الصّبر فعن المعصية، ومن كان في بليّة ففرضه الصّبر والشّكر، أمّا الصّبر فواضح، وأمّا الشّكر فالقيام بحقّ اللّه في تلك البليّة، فإنّ للّه على العبد عبوديّة في البلاء، كما له عليه عبوديّة في النّعماء[22].
قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6] أيَ: يُعَدِّدُ الْمَصَائِبَ، وَيَنْسَى النِّعَمَ. أَنْشَدَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ فِي ذَلِكَ: [البحر السريع].
يَا أَيُّهَا الظَّالِمُ فِي فِعْلِهِ *** وَالظُّلْمُ مَرْدُودٌ عَلَى مَنْ ظَلَمْ
إِلَى مَتَى أَنْتَ وَحَتَّى مَتَى *** تَشْكُو الْمُصِيبَاتِ وَتَنْسَى النِّعَمْ؟
عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «الشُّكْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ، وَالصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ، وَالْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ»، وقال بعض السّلف: البلاء يصبر عليه المؤمن والكافر، ولا يصبر على العافية إلّا الصّدّيقون، وقال عبد الرّحمن بن عوف رضي اللّه عنه: "ابتلينا بالضّرّاء فصبرنا، وابتلينا بالسّرّاء فلم نصبر."، ولذلك حذّر اللّه عباده من فتنة المال والأزواج والأولاد. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: قَالَ عَبَايَةُ أَبُو غَسَّانَ: " حُمِمْتُ بنَيْسَابُورَ فَانْطَبَقَتْ عَلَيَّ الْحُمَّى، فَدَعَوْتُ بِهَذَا الدُّعَاءِ: إِلَهِي، كُلَّمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ نِعْمَةً قَلَّ عِنْدَهَا شُكْرِي، وَكُلَّمَا ابْتَلَيْتَنِي بِبَلِيَّةٍ قَلَّ عِنْدَهَا صَبْرَى، فَيَا مَنْ قَلَّ شُكْرِي عِنْدَ نِعَمِهِ فَلَمْ يَخْذُلْنِي، وَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ بَلَائِهِ صَبْرَى فَلَمْ يُعَاقِبْنِي، وَيَا مَنْ رَآنِي عَلَى الْمَعَاصِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي، اكْشِفْ ضُرِّي، قَالَ: فَذَهَبَتْ عَنِّي "، "الحرّ لا يكفر النّعمة، ولا يتسخّط المعصية، بل عند النّعم يشكر، وعند المصائب يصبر، ومن لم يكن لقليل المعروف عنده وقع أوشك أن لا يشكر الكثير منه، والنّعم لا تستجلب زيادتها ولا تدفع الآفات عنها إلّا بالشّكر"[23].
قال الحسن البصريّ: "إنّ اللّه ليمتّع بالنّعمة ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا، ولهذا كانوا يسمّون الشّكر: الحافظ، لأنّه يحفظ النّعم الموجودة: والجالب، لأنّه يجلب النّعم المفقودة" [24].
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ».
أَنْشَدَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبَانَ الْعَسْقَلَانِيُّ لِمَحْمُودٍ الْوَرَّاقِ مِنَ الْوَافِرِ:[البحر الوافر].
عَطِيَّتُهُ إِذَا أَعْطَى سُرُورُ *** وَإِنْ أَخَذَ الَّذِي أَعْطَى أَثَابَا
فَأَيُّ النِّعْمَتَيْنِ أَحَقُّ شُكْرًا *** وَأَحْمَدُ عِنْدَ مُنْقَلَبٍ إِيَابَا
أَنِعْمَتُهُ الَّتِي أَهْدَتْ سُرُورًا *** أَمِ الْأُخْرَى الَّتِي أَهْدَتْ ثَوَابَا
بَلِ الْأُخْرَى وَإِنْ نَزَلَتْ بِكُرْهٍ *** أَعَمُّ لِصَابِرٍ فِيهِ احْتِسَابَا[25].
  • 5
  • 0
  • 19,025

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً