▂ ▃ ▄ ✴❣مراتبُ الدين ≈ أركانُ الإسلام ≈ أركانُ الإيمان ❣✴ ▄ ▃ ▂ ✒ ≈ مِن أين جاءَتْ تلك ...
منذ 2019-09-21
▂ ▃ ▄ ✴❣مراتبُ الدين ≈ أركانُ الإسلام ≈ أركانُ الإيمان ❣✴ ▄ ▃ ▂
✒
≈ مِن أين جاءَتْ تلك المُسمياتُ : مراتبُ الدين ، أركانُ الإسلامُ ، أركانُ الإيمان ،
. الإحسانُ ، أمَاراتُ الساعة ؟
↵ جاءَ ذلك كلُّه في حديثِ جبريلَ الشهيرِ :
♨ عن عمرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوسٌ عندَ رسولِ اللهِ - ﷺ
. ذاتِ يومٍ ، إذْ طلعَ علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثيابِ ، شديدُ سوادِ الشَّعرِ ، لا يُرىٰ عليه
. أثرُ السفرِ ، و لا يعرفُه مِنّا أحدٌ ، حتى جلسَ إلى النبي - ﷺ - فأسندَ ركبته إلى
. ركبتيه ، و وضعَ كَفَّيه علىٰ فَخِذَيه ، و قالَ : " يا محمدُ أخبرني عن الإسلامِ "
Ⓜ فقالَ له : ( الإسلامُ أنْ تشهدَ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ و أنّ محمدًا رسولُ اللهَ ، و تُقيمَ
. الصلاةَ و تؤتيَ الزكاةَ ، و تصومَ رمضانَ ، و تحجَّ البيتَ إنِ استطعتَ إليه سبيلًا ) .
≈ قَالَ : " صدقْتَ " ، فعَجِبْنا له يسألُه و يُصَدِّقُه .
↵ قَالَ : " أَخْبِرْنِي عن الإيمانِ " .
Ⓜ قَالَ : ( أنْ تُؤمنَ باللهِ وملائكتِه وكتبِه ورُسلِه واليومِ الآخرِ ، و تُؤمن بالقَدَرَ خَيرِه
. و شرِه ) .
≈ قَالَ : " صدَقْتَ " قَالَ : " فَأَخْبِرْنِي عن الإحسانِ " .
Ⓜ قَالَ : ( أن تعبدَ اللهَ كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) .
≈ قَالَ : " فَأَخْبِرْنِي عن الساعةِ " .
Ⓜ قَالَ : ( ما المسؤولُ بأعلمَ مِن السائلِ ) .
≈ قَالَ : " فَأَخْبِرْنِي عن أمَارَاتِها " .
Ⓜ قَالَ : ( أن تلدَ الأَمَة رَبَّتَها، وأن تَرىٰ الحفاةَ العراةَ العالةَ رعاءَ الشاءِ يتطاولون في
. البنيان)
≈ ثم انطلق فلبثَ مَليًا .
Ⓜ ثم قَالَ : ( يا عمرُ ، أتدري مَن السائلُ ؟ ) ، قلتُ : " اللهُ ورسولُه أعلمُ " .
↵ قَالَ : ( فإنه جبريلُ أتَاكم يعلمُكم دينَكم ) رواه مسلم .
🌾
💧 هــذٰا اڵحۡـدٻۧــٽُ ٻُۧـسَــمّۘـىٰ أُمّۘ اڷــسُّـنۨـَّـۃ💧
🌹
↵ و هو حديث عظيم القدر ، إذ هو جامع لأبواب الدين كله .. مشتملٌ على مراتب
. الدين الثلاثة :
🔘 المَرْتَبَةُ الأُولىٰ : " الإسلامُ "
. و يُفَسَّرُ بالأعمالِ الظَاهِرَةِ التي تُؤَدِّيها الجَوَاْرِحُ : كَالنُطقِ بالشَّهَادَتَينِ ، و الصلاةِ ،
. و الصيامِ ، و الزكاةِ ، و الحجِّ ، و العُمرةِ ، و صِدْقِ الحديثِ ، و السَّعي إلى المسجدِ
. وإِمَاطَةِ الأذىٰ عن الطريقِ ، و بِرِّ الوالدَيْنِ بتَفَقُّدِ أحوالِهِما ، و زيارَتِهما ، و السُّؤالِ
. عنهما ، و خَفْضِ الجَانِبِ ، و لِيْنِ الحَدِيثِ ، و الدُّعاءِ لهما ، و الإنفاقِ عليهما ، و
. و قَضَاءِ دَيْنِهِما و التَّصَدُّقِ عَنْهُما ، و إِكرامِ صَدِيْقِهما .. .. و غيرِ ذلك مِن الأعمالِ
. الظَّاهِرَةِ التي تُؤدَّىٰ بالجَوَارِحِ ، كَالأيدي و الأرْجُلِ ، و المَسَامِعِ و الأبصارِ و غيرها .
☕
🔘 المَرْتَبَةُ الثانيةُ : الإيمانُ
. و يُفَسَّرُ بالأعمالِ البَاطِنَةِ : و منها الوَلَاءُ والبَرَاءُ - بأنْ تُحِبَّ للهِ ، و تَبْغَضَ للهِ ، و
. تُوالِيَ للهِ ، و تُعادِيَ للهِ ، وأن تُحبّ ما أحبّه الله ، و تَبْغَضَ ما يَبغَضُه الله - و منها
. أيضا الخوفُ و الرجاءُ .. و الرِّضَىٰ بالقضاءِ ، و حُبُّ الرسولِ ، و وجوبُ
. توقيرِه و طاعتِه ، والاعتقادُ فيه - ما وصفَه به ربُّه مِن غَيْرِ إفراطٍ و لا تَفْرِيْطٍ - أنه
. خيرُ الأَنَامِ ، و آخٍرِ الأنبياءِ ، و أنّ شِرْعَتَهُ ناسخةٌ لِمَا قَبْلَها ، و أنّه لا يَنطقُ عن
. الهوىٰ ، و اتباعُ شَرِيْعَتَهُ و سُنَّتَهُ اِتّبَاعًا مُطْلَقًا ، و الرِّضَىٰ بالتَّحَاكُمِ إليها و الخضُوعِ
. لها ، إذ لا أحدَ من الناس يَسَعُهُ الخروجُ عن شريعتِه ؛ لعمومِ رسالتِه .. .
☕
🔘 المَرْتَبَةُ الثالثةُ : الإحسانُ .
. و هو أعلىٰ مَراتبِ الدِّينِ ؛ إذْ هو يَشْمَلُ تَحْسِينَ الظاهرِ و الباطنِ ، و يُوجِبُ الخشيةَ
. والهيبةَ للهِ ، و المراقبةَ و الإخلاصَ في العبادة ، و محبَّتَه و الإنَابةَ إليه، والخشوعَ
. و الخضوعَ له .
🔘 و بحسبِ قوةِ استحضارِ قُرْبِ اللهِ و مراقبَتِهِ ، و محبَّتِه و خشيتِه تتفاوتُ درجاتُ
. أهلِ الإحسانِ الذين هُم صفوةُ عبادِ الرحمنِ ؛ و لهذا وَرَدَ في كلامِ اللهِ مِنَ الثَّنَاءِ
. عليهم ما لمْ يَرِدْ في غيرهم . و إنه لشرفٌ - لا يُدانيه أيُّ شَرَفّ - و مِنَّةٌ هي أعظمُ
. ما يَمُنُّ بهِ عليْهِم سُبْحَانَهُ : أنَّهم يَنْظُرُون إلى وجهِهِ عزَّ و جَلَّ : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ
. الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } ، و الزيادةُ فَسَّرَها النبيُّ - ﷺ - بالنَّظَرِ إلى وجهِ تعالىٰ في
. الجَنَّةِ . صَحَّ ذلكَ عَنْهُ ، و تَوَاتَرَتْ بهِ النُّصُوصُ .
🔘 و صح عنه - ﷺ - : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تُرِيدُونَ
. شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ ؟
. قَالَ : فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ
☪
✴ و هنا قد يَرِدُ على الخَاطِرِ سؤالٌ قد يَسأَلُهُ أحَدُنا لنفسِهِ : هَلْ ثَمَّةُ فَرْقٌ بَيْنَ
. المسلمِ و المؤمِنِ !
🔘 بالفعلِ ، فكلُّ مُؤمنٍ مُسلمٌ ، وليس كلُّ مُسلمٍ مُؤمِنًا ؛ لأن النبي- ﷺ - جعل الدينَ
. ثلاثَ درجاتٍ : أعلاها ( الإحسان) ، و أوسطها ( الإيمان ) ، و يليه ( الإسلام ) .
☪
🔹 مِثَالُ ذلكَ ( الرِّسَالَةُ و النّبُوَّةُ ) ، فكلُّ رسولٍ نبيٌّ ، و لَيْسَ كلُ نبيٍ رسولًا .
🔹 مثالٌ آخرٌ : مَرَاحِلُ التَّعْلِيمِ
📖 الابتدائيةُ : و لنَتَّفِقْ أنها ( الإسلامُ )
↵ الاعداديةُ : و لتَكُن ( الإيمانُ )
↵ الثانويةُ : و لتَكُن ( الإحسانُ )
🔘 و عليه : فَمَنْ حَصَلَ على الابتدائيةِ فهو مسلمٌ فَقَطْ ، و ليسَ مُؤمِنا.. و مَن حَصَلَ
. على الاعداديةِ ، فهو مؤمنٌ ، و بالتالي فهو مسلمٌ إذْ معَه الابتدائيةُ ، ولذلك نقولُ
. إن كلَّ مؤمنٍ مسلمٍ ، و ليسَ كلُّ مسلمٍ مؤمنًا ، و قِسْ علىٰ ذلكَ ( الإحسانَ ) .
🔸
☪ و هل هناك ما يؤكدُ ذلك مِن كلامِ اللهِ ، أو سُنّةِ نبيهِ ؟
🔘 نَعَم ، قَولُه تَعَالىٰ : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ... } و قولُه
. تَعَالىٰ : { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ، قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَ لَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا } ، فَذِكْرُ الْمُسْلِمِينَ
. وَ الْمُؤْمِنِينَ في الآيةِ الأولىٰ ، و نَفْيُ الإيمانِ و إِثْبَاتُ الإسلامِ في الثانيةِ في سياقٍ
. واحدٍ مِن الكلامِ يُؤكّدُ تَغَايُرَهُما ، و يدلُّ علىٰ أنّ لكلٍّ مِنهما معنىٰ يَخْتَصُّ به...
🔸
📚 و في الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضيَ اللهُ عنهُ أنّ النبيَّ - ﷺ - أَعْطَىٰ
. جماعة من الناس و ترك رجلا هو أعجبهم إليه فقال يا رسول الله ! ما لك
. عن فلان ! فو الله إني لأراه مؤمنا ، فقال النبي - ﷺ - : أوْ مسلما .
☪ فتفريقُه صلى الله عليه وسلم بين المؤمن والمسلم في نص واحد ، بقوله :( أو
. مسلما ) يدل على أن لكل منهما معنى يختص به .. و فيه أنه لا يجوز تزكية إنسان
. معين و وصفه بالإيمان ؛ لأنَّ الإيمان باطنٌ في القلبِ ، لا اطلاعَ للعبدِ عليه ؛ بل
. يطلع عليه اللهُ وحدَه : { فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ } ، و عليه فلا يقطع
. لأحد معين بأنه مؤمن أو شهيد ، و لا بجنة أو نار ، إلا من ثبت فيه نصٌّ ، كالعشرة
. و أشباههم ، وهذا مجمع عليه عند أهل السنة .
✒
✴ سؤالٌ آخرٌ قد يسأله أحدنا لنفسه عندما يسمع أو يقرأ : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ
. الْإِسْلَامُ } ، أو : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } ، ففيها - و في غيرها
. كثيرٌ - قد سَمًّى الله الْإِسْلَامَ دِينًا ، فهل ثمة تناقض بين هذا و بين حديث جبريلَ
. إذْ جعل الْإِسْلَامَ جزءًا من الدين و مرتبةً منه !
🔘 بِدايةً نؤكد أنه لا تناقضَ مطلقا بين آية وأخرى ، أو بين آية و سُنَّة : { وَلَوْ كَانَ
. مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } ، و إنْ وُجِدَ تَوَهُّمُ تناقُضٍ فمَرَدُّهُ
. سوءُ فهمٍ للنصوص ، و دَرْءُ هذا التعارضِ ميسورٌ لِمَن أقْدَرَهُ اللهُ عليه ، إمّا بالجمعِ
. بين النصوص ، و إما بالتَّرْجِيحِ بينها بعد بحثٍ علمي مَبْنِي على قواعدَ و أصولٍ .
🔘 أمَّا مَا ذُكِر مِن تناقضٍ بين قوله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } و حديثِ
. جبريلَ ، فبيانُ ذلك أنهما - أي الإسلام والإيمان - إذا اِجْتَمَعَا اِفْتَرَقَا ، وإذا اِفْتَرَقَا
. اِجْتَمَعَا ، أي أنهما إذا اجتمعا في كلام واحد كان لكل واحد منهما معنى يَخْتَصُّ
. به ، و عندئذٍ يُفَسَّرُ الإسلامُ بالأعمالِ الظاهرةِ ،و الإيمانُ بالأعمال الباطنة ، يدلُّ
. على هذا قولُه تعالى : { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا } ،
. فاجتمعا في نص واحد ؛ فدَلَّ على افتراقهما ، أي لكل واحد معنى غير الآخر .
🔘 ومعنى افتراقهما : أن يأتي أحدهُما في نص دون الآخر ، فعندئذٍ يكون أحدُهُما
. بمعنى الآخر ، فالإسلامُ هو الإيمانُ والعكسُ صحيح . و مِن أوضحِ الأدلة على كَوْنِ
. افتراقِهِما يجعلّ معناهما واحدًا : " آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان
. بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ! قال : تشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمداً
. رسول الله ، و تقيموا الصلاة ، و تؤتوا الزكاة، و تصوموا رمضان ، و أن تُعْطُوا من
. المَغنم الخُمْسَ " .
🔘 فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم في الحديث عن الإيمان بأركان الإسلام ،
. فدلَّ على أنهما بمعنى واحد ، مما يُفيدُ أنّ أحدَهما يَغني عن الآخر عند الافتراق .
. و إذا كان الأمرُ كذلك ، فإن ثَمَّةَ تلازُمًا بين الإسلام و الإيمان ، فلا يُمْكن أن يُوجَدَ
. أحدُهما بدونِ الآخر ، فلا يصِحُّ الإسلامُ بدونِ أصْلِ الإيمان ، و إذا انتَفَى أصلُ
. الإيمان بطلَ الإسلامُ ، كذلك لا يصحُّ إيمانٌ بدونِ إسلامٍ .
🕌 { رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا
. ذُنُوبَنَا ، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ، وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ
. ، وَ لَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } 🕌
✒
≈ مِن أين جاءَتْ تلك المُسمياتُ : مراتبُ الدين ، أركانُ الإسلامُ ، أركانُ الإيمان ،
. الإحسانُ ، أمَاراتُ الساعة ؟
↵ جاءَ ذلك كلُّه في حديثِ جبريلَ الشهيرِ :
♨ عن عمرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوسٌ عندَ رسولِ اللهِ - ﷺ
. ذاتِ يومٍ ، إذْ طلعَ علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثيابِ ، شديدُ سوادِ الشَّعرِ ، لا يُرىٰ عليه
. أثرُ السفرِ ، و لا يعرفُه مِنّا أحدٌ ، حتى جلسَ إلى النبي - ﷺ - فأسندَ ركبته إلى
. ركبتيه ، و وضعَ كَفَّيه علىٰ فَخِذَيه ، و قالَ : " يا محمدُ أخبرني عن الإسلامِ "
Ⓜ فقالَ له : ( الإسلامُ أنْ تشهدَ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ و أنّ محمدًا رسولُ اللهَ ، و تُقيمَ
. الصلاةَ و تؤتيَ الزكاةَ ، و تصومَ رمضانَ ، و تحجَّ البيتَ إنِ استطعتَ إليه سبيلًا ) .
≈ قَالَ : " صدقْتَ " ، فعَجِبْنا له يسألُه و يُصَدِّقُه .
↵ قَالَ : " أَخْبِرْنِي عن الإيمانِ " .
Ⓜ قَالَ : ( أنْ تُؤمنَ باللهِ وملائكتِه وكتبِه ورُسلِه واليومِ الآخرِ ، و تُؤمن بالقَدَرَ خَيرِه
. و شرِه ) .
≈ قَالَ : " صدَقْتَ " قَالَ : " فَأَخْبِرْنِي عن الإحسانِ " .
Ⓜ قَالَ : ( أن تعبدَ اللهَ كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) .
≈ قَالَ : " فَأَخْبِرْنِي عن الساعةِ " .
Ⓜ قَالَ : ( ما المسؤولُ بأعلمَ مِن السائلِ ) .
≈ قَالَ : " فَأَخْبِرْنِي عن أمَارَاتِها " .
Ⓜ قَالَ : ( أن تلدَ الأَمَة رَبَّتَها، وأن تَرىٰ الحفاةَ العراةَ العالةَ رعاءَ الشاءِ يتطاولون في
. البنيان)
≈ ثم انطلق فلبثَ مَليًا .
Ⓜ ثم قَالَ : ( يا عمرُ ، أتدري مَن السائلُ ؟ ) ، قلتُ : " اللهُ ورسولُه أعلمُ " .
↵ قَالَ : ( فإنه جبريلُ أتَاكم يعلمُكم دينَكم ) رواه مسلم .
🌾
💧 هــذٰا اڵحۡـدٻۧــٽُ ٻُۧـسَــمّۘـىٰ أُمّۘ اڷــسُّـنۨـَّـۃ💧
🌹
↵ و هو حديث عظيم القدر ، إذ هو جامع لأبواب الدين كله .. مشتملٌ على مراتب
. الدين الثلاثة :
🔘 المَرْتَبَةُ الأُولىٰ : " الإسلامُ "
. و يُفَسَّرُ بالأعمالِ الظَاهِرَةِ التي تُؤَدِّيها الجَوَاْرِحُ : كَالنُطقِ بالشَّهَادَتَينِ ، و الصلاةِ ،
. و الصيامِ ، و الزكاةِ ، و الحجِّ ، و العُمرةِ ، و صِدْقِ الحديثِ ، و السَّعي إلى المسجدِ
. وإِمَاطَةِ الأذىٰ عن الطريقِ ، و بِرِّ الوالدَيْنِ بتَفَقُّدِ أحوالِهِما ، و زيارَتِهما ، و السُّؤالِ
. عنهما ، و خَفْضِ الجَانِبِ ، و لِيْنِ الحَدِيثِ ، و الدُّعاءِ لهما ، و الإنفاقِ عليهما ، و
. و قَضَاءِ دَيْنِهِما و التَّصَدُّقِ عَنْهُما ، و إِكرامِ صَدِيْقِهما .. .. و غيرِ ذلك مِن الأعمالِ
. الظَّاهِرَةِ التي تُؤدَّىٰ بالجَوَارِحِ ، كَالأيدي و الأرْجُلِ ، و المَسَامِعِ و الأبصارِ و غيرها .
☕
🔘 المَرْتَبَةُ الثانيةُ : الإيمانُ
. و يُفَسَّرُ بالأعمالِ البَاطِنَةِ : و منها الوَلَاءُ والبَرَاءُ - بأنْ تُحِبَّ للهِ ، و تَبْغَضَ للهِ ، و
. تُوالِيَ للهِ ، و تُعادِيَ للهِ ، وأن تُحبّ ما أحبّه الله ، و تَبْغَضَ ما يَبغَضُه الله - و منها
. أيضا الخوفُ و الرجاءُ .. و الرِّضَىٰ بالقضاءِ ، و حُبُّ الرسولِ ، و وجوبُ
. توقيرِه و طاعتِه ، والاعتقادُ فيه - ما وصفَه به ربُّه مِن غَيْرِ إفراطٍ و لا تَفْرِيْطٍ - أنه
. خيرُ الأَنَامِ ، و آخٍرِ الأنبياءِ ، و أنّ شِرْعَتَهُ ناسخةٌ لِمَا قَبْلَها ، و أنّه لا يَنطقُ عن
. الهوىٰ ، و اتباعُ شَرِيْعَتَهُ و سُنَّتَهُ اِتّبَاعًا مُطْلَقًا ، و الرِّضَىٰ بالتَّحَاكُمِ إليها و الخضُوعِ
. لها ، إذ لا أحدَ من الناس يَسَعُهُ الخروجُ عن شريعتِه ؛ لعمومِ رسالتِه .. .
☕
🔘 المَرْتَبَةُ الثالثةُ : الإحسانُ .
. و هو أعلىٰ مَراتبِ الدِّينِ ؛ إذْ هو يَشْمَلُ تَحْسِينَ الظاهرِ و الباطنِ ، و يُوجِبُ الخشيةَ
. والهيبةَ للهِ ، و المراقبةَ و الإخلاصَ في العبادة ، و محبَّتَه و الإنَابةَ إليه، والخشوعَ
. و الخضوعَ له .
🔘 و بحسبِ قوةِ استحضارِ قُرْبِ اللهِ و مراقبَتِهِ ، و محبَّتِه و خشيتِه تتفاوتُ درجاتُ
. أهلِ الإحسانِ الذين هُم صفوةُ عبادِ الرحمنِ ؛ و لهذا وَرَدَ في كلامِ اللهِ مِنَ الثَّنَاءِ
. عليهم ما لمْ يَرِدْ في غيرهم . و إنه لشرفٌ - لا يُدانيه أيُّ شَرَفّ - و مِنَّةٌ هي أعظمُ
. ما يَمُنُّ بهِ عليْهِم سُبْحَانَهُ : أنَّهم يَنْظُرُون إلى وجهِهِ عزَّ و جَلَّ : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ
. الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } ، و الزيادةُ فَسَّرَها النبيُّ - ﷺ - بالنَّظَرِ إلى وجهِ تعالىٰ في
. الجَنَّةِ . صَحَّ ذلكَ عَنْهُ ، و تَوَاتَرَتْ بهِ النُّصُوصُ .
🔘 و صح عنه - ﷺ - : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تُرِيدُونَ
. شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ ؟
. قَالَ : فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ
☪
✴ و هنا قد يَرِدُ على الخَاطِرِ سؤالٌ قد يَسأَلُهُ أحَدُنا لنفسِهِ : هَلْ ثَمَّةُ فَرْقٌ بَيْنَ
. المسلمِ و المؤمِنِ !
🔘 بالفعلِ ، فكلُّ مُؤمنٍ مُسلمٌ ، وليس كلُّ مُسلمٍ مُؤمِنًا ؛ لأن النبي- ﷺ - جعل الدينَ
. ثلاثَ درجاتٍ : أعلاها ( الإحسان) ، و أوسطها ( الإيمان ) ، و يليه ( الإسلام ) .
☪
🔹 مِثَالُ ذلكَ ( الرِّسَالَةُ و النّبُوَّةُ ) ، فكلُّ رسولٍ نبيٌّ ، و لَيْسَ كلُ نبيٍ رسولًا .
🔹 مثالٌ آخرٌ : مَرَاحِلُ التَّعْلِيمِ
📖 الابتدائيةُ : و لنَتَّفِقْ أنها ( الإسلامُ )
↵ الاعداديةُ : و لتَكُن ( الإيمانُ )
↵ الثانويةُ : و لتَكُن ( الإحسانُ )
🔘 و عليه : فَمَنْ حَصَلَ على الابتدائيةِ فهو مسلمٌ فَقَطْ ، و ليسَ مُؤمِنا.. و مَن حَصَلَ
. على الاعداديةِ ، فهو مؤمنٌ ، و بالتالي فهو مسلمٌ إذْ معَه الابتدائيةُ ، ولذلك نقولُ
. إن كلَّ مؤمنٍ مسلمٍ ، و ليسَ كلُّ مسلمٍ مؤمنًا ، و قِسْ علىٰ ذلكَ ( الإحسانَ ) .
🔸
☪ و هل هناك ما يؤكدُ ذلك مِن كلامِ اللهِ ، أو سُنّةِ نبيهِ ؟
🔘 نَعَم ، قَولُه تَعَالىٰ : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ... } و قولُه
. تَعَالىٰ : { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ، قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَ لَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا } ، فَذِكْرُ الْمُسْلِمِينَ
. وَ الْمُؤْمِنِينَ في الآيةِ الأولىٰ ، و نَفْيُ الإيمانِ و إِثْبَاتُ الإسلامِ في الثانيةِ في سياقٍ
. واحدٍ مِن الكلامِ يُؤكّدُ تَغَايُرَهُما ، و يدلُّ علىٰ أنّ لكلٍّ مِنهما معنىٰ يَخْتَصُّ به...
🔸
📚 و في الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضيَ اللهُ عنهُ أنّ النبيَّ - ﷺ - أَعْطَىٰ
. جماعة من الناس و ترك رجلا هو أعجبهم إليه فقال يا رسول الله ! ما لك
. عن فلان ! فو الله إني لأراه مؤمنا ، فقال النبي - ﷺ - : أوْ مسلما .
☪ فتفريقُه صلى الله عليه وسلم بين المؤمن والمسلم في نص واحد ، بقوله :( أو
. مسلما ) يدل على أن لكل منهما معنى يختص به .. و فيه أنه لا يجوز تزكية إنسان
. معين و وصفه بالإيمان ؛ لأنَّ الإيمان باطنٌ في القلبِ ، لا اطلاعَ للعبدِ عليه ؛ بل
. يطلع عليه اللهُ وحدَه : { فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ } ، و عليه فلا يقطع
. لأحد معين بأنه مؤمن أو شهيد ، و لا بجنة أو نار ، إلا من ثبت فيه نصٌّ ، كالعشرة
. و أشباههم ، وهذا مجمع عليه عند أهل السنة .
✒
✴ سؤالٌ آخرٌ قد يسأله أحدنا لنفسه عندما يسمع أو يقرأ : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ
. الْإِسْلَامُ } ، أو : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } ، ففيها - و في غيرها
. كثيرٌ - قد سَمًّى الله الْإِسْلَامَ دِينًا ، فهل ثمة تناقض بين هذا و بين حديث جبريلَ
. إذْ جعل الْإِسْلَامَ جزءًا من الدين و مرتبةً منه !
🔘 بِدايةً نؤكد أنه لا تناقضَ مطلقا بين آية وأخرى ، أو بين آية و سُنَّة : { وَلَوْ كَانَ
. مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } ، و إنْ وُجِدَ تَوَهُّمُ تناقُضٍ فمَرَدُّهُ
. سوءُ فهمٍ للنصوص ، و دَرْءُ هذا التعارضِ ميسورٌ لِمَن أقْدَرَهُ اللهُ عليه ، إمّا بالجمعِ
. بين النصوص ، و إما بالتَّرْجِيحِ بينها بعد بحثٍ علمي مَبْنِي على قواعدَ و أصولٍ .
🔘 أمَّا مَا ذُكِر مِن تناقضٍ بين قوله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } و حديثِ
. جبريلَ ، فبيانُ ذلك أنهما - أي الإسلام والإيمان - إذا اِجْتَمَعَا اِفْتَرَقَا ، وإذا اِفْتَرَقَا
. اِجْتَمَعَا ، أي أنهما إذا اجتمعا في كلام واحد كان لكل واحد منهما معنى يَخْتَصُّ
. به ، و عندئذٍ يُفَسَّرُ الإسلامُ بالأعمالِ الظاهرةِ ،و الإيمانُ بالأعمال الباطنة ، يدلُّ
. على هذا قولُه تعالى : { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا } ،
. فاجتمعا في نص واحد ؛ فدَلَّ على افتراقهما ، أي لكل واحد معنى غير الآخر .
🔘 ومعنى افتراقهما : أن يأتي أحدهُما في نص دون الآخر ، فعندئذٍ يكون أحدُهُما
. بمعنى الآخر ، فالإسلامُ هو الإيمانُ والعكسُ صحيح . و مِن أوضحِ الأدلة على كَوْنِ
. افتراقِهِما يجعلّ معناهما واحدًا : " آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان
. بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ! قال : تشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمداً
. رسول الله ، و تقيموا الصلاة ، و تؤتوا الزكاة، و تصوموا رمضان ، و أن تُعْطُوا من
. المَغنم الخُمْسَ " .
🔘 فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم في الحديث عن الإيمان بأركان الإسلام ،
. فدلَّ على أنهما بمعنى واحد ، مما يُفيدُ أنّ أحدَهما يَغني عن الآخر عند الافتراق .
. و إذا كان الأمرُ كذلك ، فإن ثَمَّةَ تلازُمًا بين الإسلام و الإيمان ، فلا يُمْكن أن يُوجَدَ
. أحدُهما بدونِ الآخر ، فلا يصِحُّ الإسلامُ بدونِ أصْلِ الإيمان ، و إذا انتَفَى أصلُ
. الإيمان بطلَ الإسلامُ ، كذلك لا يصحُّ إيمانٌ بدونِ إسلامٍ .
🕌 { رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا
. ذُنُوبَنَا ، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ، وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ
. ، وَ لَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } 🕌