خاطرة للدكتور عثمان جيلان معجمي حول قوله تعالى : لقد خلقنا الانسان في كبد الله تعالى خلق الانسان ...

منذ 2019-10-04
خاطرة للدكتور عثمان جيلان معجمي حول قوله تعالى : لقد خلقنا الانسان في كبد
الله تعالى خلق الانسان , في دنيا تتطلب منه الكد والجري والتعب وراء لقمة العيش , (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) سورة الملك) , و هيأ جسمه لذلك , ليتمكن من المشي والجري والاخذ والعطاء والتفكير , وعمل جميع الاسباب التي يتحصل بها على رزقه , بل واداء العبادات , من صلاة وحج وغير ذلك , و خلق الله للإنسان المأكولات والاغذية , وركب فيه الشهية للأكل , و كانت البداية بآدم عليه السلام , الذي بدأت مسيرة حياته في الجنة , يأكل منها رغدا حيث شاء , دون كد او تعب , وحذره الله من الاكل من شجرة معينة (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) سورة البقرة) , والفرق بين هذه الشجرة وبقية اشجار الجنة , ان الاكل من هذه الشجرة , ينتج عنه تكوين مخلفات ومواد سامة في الجسم , فتخرج المخلفات من الجسم على شكل براز وبول , وتبقي المواد السامة في الجسم مسببة الاحساس بالضنك والضيق والضجر والاكتئاب والطفش , تماما مثل الاشجار والمأكولات على سطح الارض , اما بقية اشجار الجنة , فإن اكلها لا يؤدي الى تكوين مخلفات في الجسم , ولا تكوين مواد سامة, بل تتكون مواد اخرى , تؤدي الى الشعور بالنشاط والقوة و الفرحة والسعادة والسرور , ولذلك سميت الجنة ببلاد الافراح , (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) سورة ال عمران) , فلا يصيبهم الملل والخوف والحزن , و لا يشعرون بالضنك والضيق والضجر , وهذا هو الانسب للحياة الابدية والخلود في الجنة .
وعندما اكل ادم من تلك الشجرة , تكونت المخلفات في جسمه , من البراز والبول , وهذه المخلفات لا بد ان يتخلص منها الجسم , ولكن لا مكان في الجنة للبراز والبول والنجاسات والقاذورات , ولذلك خرج ادم من الجنة وهبط الى الارض , ليضع تلك المخلفات على سطح الارض , فهي المكان المناسب لوضع المخلفات والقاذورات , وعلى سطح هذه الارض , سيعيش ادم وبنوه الى يوم القيامة , (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) سورة الاعراف) , (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) سورة الاعراف)

اذن اخي القارئ , هناك فرق بين المأكولات والاشجار في الارض , والمأكولات والاشجار في الجنة , المأكولات التي توجد في الجنة , لا ينتج عنها مخلفات او سموم في الجسم , فلا يتكون البول ولا البراز ولا السموم في جسم الانسان , بل تتحول الى مواد تجعل الانسان فرحا مسرورا, والى مواد اخرى تخرج من الجلد على شكل عرق ذو رائحة زكية طيبة , تجعل الجو من حوله منعشا (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) سورة الواقعة)
واما المأكولات والاشجار الموجودة في الارض , فإنها تتحول في جسم الانسان الى مخلفات و مركبات سامة , واهم المخلفات هي البراز والبول , واهم المركبات السامة هي مواد تؤدي الى الشعور بالضيق والاكتئاب والضجر , وتمنع عن الانسان الشعور بالسعادة والبهجة والفرجة والسرور , فأما البول والبراز , فيتخلص الجسم منهما بسهولة , واما المواد السامة , فإن الجسم يجد صعوبة في تكسيرها والتخلص منها , وتتراكم تلك المواد السامة في الجسم , ولا يمكن التخلص منها , الا ببذل مجهود عضلي كبير , كالمشي مسافات طويلة , و اداء التمارين , والصيام .
اذن , تبقى الوسيلة الوحيدة للتخلص من المواد السامة , هو اداء مجهود عضلي شاق , او الصيام , ولذلك تجد العامل المسكين , الذي يشتغل حجر وطين , ويتعب طول يومه , ويبذل مجهودا عضليا في حمل الاسمنت والاحجار , تجده في نهاية عمله سعيدا فرحا مسرورا , لان هذا المجهود الشاق , ادى الى تخلص جسمه من السموم , ويعود هذا العامل الى اهله بشوشا فرحا , يلعب مع اطفاله وينشر في منزله البهجة والسرور , وهو لا يملك الا قوت يومه , ويعود ذلك الغني المرتاح على كرسي مكتبه , والذي لم يبذل مجهودا عضليا في عمله , يعود الى منزله ضيقا ضنكا غاضبا , بسبب تراكم السموم في جسمه .
ولذلك , فرض الله تعالى خمس صلوات في اليوم والليلة , ليذهب كل مسلم الى المسجد خمس مرات , هذا الذهاب والمشي الى المساجد كل يوم خمس مرات , يستهلك مجهودا عضليا , والذي يؤدي الى التخلص من السموم , فيشعر المصلي بالفرحة والسعادة والسرور , ولذلك فرض الله تعالى قيام الليل على حبيبه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم , (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) سورة المزمل) , (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) سورة الشرح ) , أي: إذا فَرغت من أمور الدنيا وأشغالها ، وقمت بأمر الدعوة , فانصب في العبادة واتعب فيها، وقم إليها نشيطا, لأن الله يحبه , يريده ان يكون سعيدا مسرورا .
اذن , المرتاح في الدنيا تعبان ,و التعبان فيها مرتاح , وكلما تعب الانسان وبذل مجهودا عضليا وبدنيا في يومه , تخلص من السموم , وشعر بالسعادة والسرور في نهاية يومه , وكلما زاد تعبه وكده , زاد احساسه بالفرح والسرور , وكلما ارتاح جسمه من التعب , ولم يبذل مجهودا عضليا في يومه , تراكمت السموم , وزاد احساسه بالضيق والهم والضجر والطفش والضنك , ولذلك اخبرنا الله تعالى عن هذه الحقيقة , بعد ان اقسم ثلاث مرات , (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) سورة البلد) , أي ان الله خلق الانسان , وجعله يكابد التعب والمشقة والعناء , لأن جسمه لا يناسبه الا التعب والعناء في الدنيا , ليشعر بالسعادة والسرور , ولن يقيه من الضجر والضيق والضنك الا بالمكابدة والتعب , اما في الاخرة , فلا يحتاج الى التعب والعناء والمكابدة , فلا مخلفات ولا مواد سامة , بل فرحة وسعادة و سرور .
, اخي القارئ , ونحن في عصر السيارات والمواصلات , يذهب الانسان الى عمله راكبا , ويؤدي عمله على كرسيه جالسا , ويعود الى منزله راكبا , لا يتحرك ولا يمشي كثيرا , لذا , وجب القيام ببعض التمارين اليومية , واقل تلك التمارين هي المشي لمسافات طويلة , والذي لا يستطيع القيام بالتمارين , فعليه بقيام الليل , والذي لا يستطيع قيام الليل , فعليه بالصيام ,كصيام الاثنين والخميس , ولذلك ترى الصائمين في ليالي شهر رمضان , تراهم فرحين مسرورين بعد الافطار , بسبب تخلص اجسامهم من السموم , وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال , للصائم فرحتان, فرحة عند فطره , وفرحة عند لقاء ربه , وهذا هو السر , في ادمان بعض الناس صيام الاثنين والخميس , لانهم طعموا البهجة والسرور بعد الافطار
وفي الاخير , تبين ان الانسان لا يشعر بالسعادة والسرور في الحياة الدنيا , الا اذا تعب وكابد في العمل او العبادة , والذي لا يتعب ولا يتعبد , يعيش حياة ضنك وضجر وضيق وتعاسة , حتى لو كان يملك الدنيا باسرها , لن يذوق البهجة والسرور الا اذا تحرك وتعب وتعبد , اما الجنة , فهي العكس , كلما جلس وارتاح , زاد احساسه بالبهجة والفرح والسرور , (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) سورة البقرة)

5d8ff95e2ff0a

  • 5
  • 0
  • 288

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً