نص السؤال بعض الأئمة من كبار السن وله باع طويل في الإمامة وهو حريص ومنضبط ولكنه عند مشيبه وكبره هل ...

منذ 2019-10-29
نص السؤال
بعض الأئمة من كبار السن وله باع طويل في الإمامة وهو حريص ومنضبط ولكنه عند مشيبه وكبره هل الأولى أن يتنحى عن الإمامة لمن هو أولى ويعتبر هذا من الفقه الإمام أم من حقه البقاء ؟

نص الفتوى
إذا نحيتموه فهذا من كفران النعمة ونسيان الفضل لأهل الفضل أي فقه في هذا رجل كبير السن وله السابقة والفضل وأمّ هذا الزمان بأي حق تنحيه عن إمامته لكبر سنه ؟! يقول النبي-هل ورد عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أن المسلم يطلب من أخيه المسلم الدعاء ؟- : (( فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً )) ويقول لمالك بن الحويرث : (( وليؤمكما أكبركما )) هذا هو الفقه وهذه هي السُّنة إجلال الكبير وتوقير الكبير واحترام الكبير (( وإن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم )) وما زال الناس يقدرون الإمامة ويقدرون مجالس الأئمة لماّ كان فيها كبار السن والفضلاء فكانوا أعقل وكانوا أكرم وكانوا أفضل وكانوا أحلم وكانت صدورهم متسعة وكان فيهم من الخير ما الله به عليم ، ولماّ تصدر لها الأحداث وتتبع الناس النغمات وأصبحوا يقدمون من لا ينظر إلى فعله ؛ وإنما يُنظر إلى قوله وجمال قراءته تغير الحال والله المستعان ! ولا نحُقِّر من أمر الشباب وهل كان أصحاب رسول الله-هل ورد عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أن المسلم يطلب من أخيه المسلم الدعاء ؟- إلا شباباً ؛ ولكن نأمر بالقسط الذي أمر الله به والعدل نأمر بما أمر الله-عزوجل- به وننهى عما نهى الله عنه { وَلاَ تَ
بْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَائَهُمْ } الإمام إذا كان كبير السن يقولون : إنه أفضل لأنه أقرب إلى الآخرة وأكثر خوفاً وأكثر خشية لله-عزوجل- من غيره فقد جرب الدنيا حلوها ومرها وعايش الحياة فعرف غثاه وسمينها فهو أعقل وهو أمكن ؛ لأن طول الزمان في الإمامة ، وكذلك كبر السن لاشك أنه يبصره بأمور يكون تقدمه فيها على غيره أفضل ، وبناءً على ذلك الذي أراه أن تحفظوا فضل هذا الإمام وأن تحترموه وتوقروه وتجلوه ، وبعضهم يقول : والله عندنا إمام خطبه متكررة ! وهل الدين إلا خطب متكررة سور القرآن وحوادث القرآن كلها مكررة ، الإسلام لا يبحث الإنسان فيه وكأنه شيء يجدد أو شيء يطور ، الإسلام قديمه جديد وجديده قديم ، وما يدريك أن الكلمة من هذا الرجل الذي يخاف الله تقع عند الله بمكان ! وما يـدريك أن هذا الذي تصلي وراءه صلاته مقبولة ! وأنه أحظ عند الله-عزوجل- من غيره فلا يحتقر الإنسان الناس ، ولايزدريهم ، بعض الأحداث وبعض الصغار وبعض من لايفقه سنن الله-عزوجل- في عباده بمجرد أن يتعلم حديثاً أو حديثين أو ثلاثة أو سُنَّة أو سنتين ويرى شيخاً كبيراً لا يطبقها إزدراه وانتقصه ونسى فضله ؟! ولذلك الله الله في كبار السن فإن لهم حقاً على المسلمين ويوقرون
ويقدرون وخاصة إذا شابت رؤوسهم في الإسلام وكان لهم فضل من الأئمة وتعليم وتوجيه وتذكير بالله-عزوجل- ، ولذلك تجد الإنسان كأحسن ما أنت رائىٍ إذا جلس في مجالس العلماء أو حضر لإمام مسجده وجلس وأنصت وحاول أن يستفيد من كلامه وتوجيهه ؛ ولكن بمجرد أن تمر عليه فترة في هدايته ويألف الكلام يتنكر-والعياذ بالله- للمعروف ويقول : يا أخي هذا شيء مكرر ، ولذلك تجد بعضهم إذا رأى محاضرة عن الصبر ، رأى محاضرة عن الصلاة يقول : هذا شيء مكرر ! يا إخوان تكرار هذه المباديء وإعادتها هو منهج الإسلام ؛ لأنه يجعل الأمر عندك عقيدة لايمكن أبداً أن يساوم عليها ! ويجعل الأمر عندك في رسوخ لايمكن أن تتنازل عنه ! الفاتحة تكررها في صلاتك حتى تتفقه ما فيها من المعاني وتوحيد الله وتقديسه وتمجيده فتصبح عقيدة راسخة في قلبك ، الكلمات والآداب والأخلاق والشمائل التي تكررها كل يوم كل هذا مدرسة ربانية تعود الإنسان على هذا النمط الذي لايقبل التغيير والتبديل ؟! ولذلك على الإنسان أن يتقي الله وهذا الذي نريده أن يتقي الله-تعالي- فيمن لهم فضل ولهم حق ، ومن سنن الله-تعالي- أنه ما من إنسان تكون له سابقة في الخير مثلاً إمام تمر عليه عشر سنوات وهو يصلي بالناس أو عشر
ين سنة وهو يؤم الناس ، أو أكثر من ذلك وكان مخلصاً لله-عزوجل- في إمامته وصلاته وديانته وصلاحه إلاَّ وضع الله له البركة في إمامته وجعل الخير في قوله وهدايته ، وولايته ، ولربما الكلمة الواحدة منه يضع الله فيها البركة ما لم يضعها لإنسان حدث ؛ لأن الله لا يبخس الناس أشياءهم ، والله-عزوجل- حكيم عليم ، ولايضيع أولياءه { وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ } فليس هناك أحد أوفى من ربك ، والله-عزوجل- إذا رأى هذه القدم التي صلت له وركعت وسجدت الأربعين والخمسين سنة لن يذهب عملها هدراً عند الله ، فإياك أن تنظر إلى الجمال الظاهر وتترك المعاني التي تدور عليها الفائدة ، والأصل وهي أن تستفيد وتنتفع من كبير سن وغيره ، جرّب أن تجلس عند خطيبٍ يخطب في موضوع واضح وأحضر له قلبك وأخشع له فؤادك وحاول أن تنظر وكأنك لأول مرة تسمع هذا الكلام وستجد عاقبة ذلك ، إياك أن تنظر أنك من الراسخين في الهداية أو أنك لست بحاجة إلى هذا كبير سن الذي يأتي بالمواضيع الواضحة حس بأن كل كلمة أنت محتاج إليها وستجد أن الوضع قد تغير تماماً ، وأن الله سيبارك لك في كل نصيحة تسمعها ، وفي كل حكمة تعلمها لأنك تريد الخير أنَّى وجدته أخذته وعلمت به - نسأل الله
العظيمرب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل - ، والله - تعالى - أعلم .

صاحب الفتوى
محمد المختار الشنقيطي

5da245cce07d5

  • 1
  • 0
  • 153

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً