نص السؤال أيهما أعظم أجراً ؛ أجر الأذان أو أجر الإمامة ؟ نص الفتوى لا شك أن الإمامة أفضل - على ...

منذ 2019-10-29
نص السؤال
أيهما أعظم أجراً ؛ أجر الأذان أو أجر الإمامة ؟

نص الفتوى
لا شك أن الإمامة أفضل - على أصح قولي العلماء - ، ومن تأمل ذلك وجده جلياً :
أولاً : أن الإمامة تتعلق بالأصل الذي من أجله شرع الأذان ، فالأذان وسيلة للصلاة ؛ والإمام هو الذي يقيم الصلاة ، وهو الذي يتبعه الناس ويأتمون بإمامته ، ويسمعون إلى كلامه وخطبته ، فالإمامة من حيث تفضيل الشرع لها من عدة وجوه : كون المؤذن ينادي بالشهادتين أفضل منه تلاوة القرآن ، فالإمام يقرأ القرآن ويتلو آيات الله-سبحانه وتعالى- ، فكم من قلوب خشعت ! وكم من عيون دمعت ! وكم من نفوس اهتدت وصلحت وزكت بفضل الله-سبحانه وتعالى- ثم بالأئمة الذين وفقوا لحسن الأداء وحسن الترتيل ، والإخلاص في ذلك لوجه الله-سبحانه وتعالى- ، وكذلك بالأئمة الذين وفقوا للإخلاص في الخطب والمواعظ والتوجيه ، فالإمامة لها فضل عظيم ، وقد اختارها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ولا يختار له إلا الأفضل ، ثم إن الإمامة إذا نظر إلى تفضيل الشرع للإمام من عدة وجوه ففي يوم الجمعة - مثلاً - هو الذي يخطب ، وهو الذي يعظ الناس إلى درجة أنه لو تكلم رجل أثناء خطبته وأثناء كلامه لغت جمعته ، فهذا فضل عظيم ؛ ولذلك : الإمامة شرف عظيم ، فإذا تقلدها الخيرِّ الصالح الدَّيِّن عَظُم أجره ، وثَقُل ميزانه واهتدت به أمم وصلحت به أحوال ، وقلَّ أن ترى حياً أو ترى أمة فيها إمام
صالح موفق إلا وجدت أثره عظيماً في النفوس ، وجدت أثره في إصلاح الناس وهدايتهم ودلالتهم على الخير جلياً واضحاً ، وخطب الجمعة كم أخرجت من المساجد من التائبين ! وكم أخرجت من المساجد من أناس على الحق ثابتين ! إلى غير ذلك من المصالح والمنافع والخيرات التي جعلها الله-سبحانه وتعالى- للأئمة ؛ ولكن لمن أخلص لوجه الله وأراد ما عند الله ، وتكلم من قلبه وأراد ما عند ربه ، فهؤلاء هم الذين يعظم أجرهم ويثقل ميزانهم ويعظم نفعهم بين الناس ، فالإمامة أفضل ؛ولذلك تقلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما أراد الصحابة أن يولوا أبا بكر قالوا رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاك لدنيانا ! فجعلوا الاستنابة إلى الخلافة بالصلاة ، وما جعلوها بالأذان ، جعلوها بالصلاة لأن الإمام في الصلاة في أعظم الطاعات وأشرفها عند الله-سبحانه وتعالى- بعد الشهادتين ، فلا شك أن الإمامة أفضل وهي أعظم أجراً وأثقل ميزاناً ، وكونه يرد بعض الأحاديث مثلاً قوله-عليه الصلاة والسلام-في حديث أبي هريرة في فضل الأذان قال : إن رسول الله قال : (( أطول الناس أعناقاً يوم القيامة المؤذنون )) ، وفي حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي المشهور حديث ال
كثبان من المسك المؤذن ، وكذلك - أيضاً - في حديث أبي هريرة عند أبي داود وأحمد - في مسنده - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم اغفر للمؤذنين ، وأرشد الأئمة )) قالوا : فقال : (( اللهم اغفر للمؤذنين )) وقال : (( وأرشد الأئمة )) وهذا لايقتضي تفضيل المؤذن على الإمام فإن القاعدة المعروفة في المناقب والفضائل ورود الخاص من وجه لا يقتضي تفضيله من كل وجه فكونهم أطول الناس أعناقاً يوم القيامة لا يقتضي تفضيلهم على غيرهم ، فلا يقتضي - مثلاً - تفضيلهم على الأنبياء ، ولا تفضيلهم على العلماء بالعلم ، فدل على أن المزية الخاصة مثل ما ورد عن الصحابة-رضوان الله عليهم- قال لسعد : (( إرم فداك أبي وأمي)) لا يقتضي هذا أنه أفضل من أبي بكر وعمر ، فالمقصود أن ورود المنقبة الخاصة هذا أصل تكلم عليه العلماء من خلال السنة ( أن ورود المنقبة الخاصة والفضيلة الخاصة في القول ، والفعل ، والشخص ، والزمان ، والمكان ، لا يقتضي التفضيل من كل وجه ) فكونه يقول : (( أطول الناس أعناقا يوم القيامة المؤذنون )) لا يقتضي تفضيله على الإمامة ، ومن نظر إلى العواقب يعني قوله-تعالى- : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّ
نْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} فالإمام يدعو إلى الله ، الإمام يدعو إلى الله من كل الوجوه ، يدعو إلى الله خطيباً على منبره ، وواعظاً بعد الصلوات ، ومذكراً للناس حتى أثناء صلاته قبل أن يكبر ، يأمرهم بتسوية صفوفهم ، وسد الخلل ، ونحو ذلك مما يكون بينهم من الفُرج ، وكل ذلك من الدعوة إلى الله ، فالمقصود أن الإمامة أفضل وأعظم أجراً لمن عرف حقوقها وأدى الحقوق على وجهها ، ووضع الله له القبول بين الناس فأداها على أتم الوجوه ، وإذا وقف في محرابه أو وقف في مكان صلاته كأنه ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إمامته ، يطيل بالناس فلا يملوه ، ويخفف فلا يقصر في تخفيفه ، فانعقدت القلوب على حبه ، وحب إمامته ، والرضا به ، فإن أمثال هؤلاء - لا شك إن شاء الله - أنهم أعظم عند الله أجراً ، وأثقل ميزاناً ، - نسأل الله العظيم من فضله الكريم - ، والله -تعالى- أعلم .

صاحب الفتوى
محمد المختار الشنقيطي

5da245cce07d5

  • 2
  • 0
  • 830

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً