نص السؤال لما كان الإمام يتقدم على الناس وله شرف الإمامة فإنه أحياناً يضعف ويصيبه العجب والغرور ...

منذ 2019-10-29
نص السؤال
لما كان الإمام يتقدم على الناس وله شرف الإمامة فإنه أحياناً يضعف ويصيبه العجب والغرور فكيف يتخلص من هذا البلاء ؟

نص الفتوى
أي نعمة ينعم الله بها على عبده في الدين أو الدنيا فإنه مختبره ومبتليه ، أنعم الله على الأنبياء والصفوة من الأخيار والصلحاء فلما نظروا إلى نعمه وعظيم منِّه وكرمه انكسرت قلوبهم لله ، وأصبحت فرائصهم ترعد خشية من الله أن تكون النعمة نقمة عليهم في دينهم ، أو دنياهم ، ولذلك لما رأى سليمان عرش بلقيس بين يديه كان أول ما قال : { هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} فالواجب على المسلم إذا رأى أي نعمة وفضل أن يقول : الحمد الله الذي وفقني ويسر لي ذلك ، ويشكر بقلبه ويشكر بلسانه ويشكر بجوارحه ، وشكر القلب أن تعتقد الفضل كله لله ، إياك إذا تقدمت إماماً ، أو خطيباً ، أو واعظاً ، أو معلماً ، أو مدرساً ، أن تشعر بأن لك فضلاً على الناس بل عليك أن تعتقد أن الفضل كله لله وحده لا شريك له ، فإذا اعتقدت الفضل لله آمنت وأيقنت وبورك لك في نعمتك ، فإن الله اختار القلب محلاً للنظر : (( إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى ألوانكم ؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم )) فالله الله أن يدخلك العجب في قراءتك ، أو يدخلك العجب في إلقاءك ، أو يدخلك العجب في علمك ، ولذلك يبتلي الله القارئ والمعلم بابتلاءت فيسلبه النعم لأوقات حتى يح
س بنعمة الله عليه وجميل فضله وجليل نعمه لديه ، وإذا دخل الإنسان العجب فلينظر فكم من أُناس هم أعلم منه ! فإن كان عالماً فكم من أناس هم أعلم منه ؟! لم يرزقهم الله ما رزقه ، وإذا نظر إلى ذكائه فكم من أناس هم أذكى منه ! ، وإذا نظر إلى حفظه فلينظر إلى من هو أحفظ منه ، وإذا نظر إلى جماله ونعمة الله عليه في الدينا فلينظر إلى من هو أكثر نعمة منه ، وعليه أن يقول : اللهم لك الحمد على فضلك ، وأن يشكر الله على إحسانه ، وأن لا يغتر بجمال صوته ، وألا يغتر بحسن أداءه ، ليس المهم أن يقرأ القارئ فيجود ويرتل ، ليس هذا هو المهم وحده ؛ ولكن المهم والأهم أن يتقبل الله قراءته ، وكم من تال لكتاب الله يتلوه بسليقته وفطرته وجبلته فتحت أبواب السموات لقراءته وتلاوته ! وكم من قارئ يقرأ القرآن فيحبره تحبيراً ويتقنه إتقاناً تغلق أبواب السماء دون تلاوته ؛ لأن الله نظر إليها فوجده مغروراً بقوله ، مغروراً بقراءته ، يظن أن ذلك بفضله ، وأن ذلك بضبطه ، وأن ذلك بإتقانه والفضل كل الفضل لله ، فالله الله يا عباد الله ، أن تنظر أن لك فضلاً على الله- انكسر لله وقل : الحمد الله ، والفضل كله لله ، والله إن الله قادر على أن يسلب العبد نعمته في أقل من طر
فة عين ، وليس في طرفة عين بل في أقل من طرفة عين ، فالله وحده هو الذي بيده أزمة الأمور ، ولذلك كان السلف الصالح-رحمهم الله- كثيراً ما ينكسرون ، وكان الرجل كلما وجد إقبال الناس وعجب الناس به يبكي ويخاف ويخشع ، ومنهم من كان يعتزل الناس بعد شهرته وبعد دخول فتنة السمعة عليه ، كل ذلك خوفاً من الله وفراراً من الله إلى الله .
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم ، ألا يفتننا في نعمه ، اللهم إنا نعوذ بك من الغرور ، ونعوذ بك من حال أهل الغي والشرور ، ونسألك اللهم حسن الخاتمة ، ونسألك اللهم التوفيق لما تحب وترضى .

صاحب الفتوى
محمد المختار الشنقيطي

5da245cce07d5

  • 1
  • 0
  • 59

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً