ألا أدلكم على ما هو أخطر على الأمة من فيروس كورونا؟ الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول ...

منذ 2020-03-23
ألا أدلكم على ما هو أخطر على الأمة من فيروس كورونا؟



الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه أما بعد:

فإن الكذب جريمة شنعاء, وخصلة ذميمة, قرنه الله لبشاعته بالشرك وعبادة الأوثان فقال: [ فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور]. توعد أهله بالنار الحامية, قال النبي صلى الله عليه وسلم: { وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور, وإن الفجور يهدي إلى النار, ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا} –متفق عليه-.إذا قيل لشخص: أنت كذاب, إستشاط غضبا, ولم ويرض أن ينعت بالكذب, فكيف تطيب نفسه بأن يكتب اسمه عند الله في قائمة الكذابين, بل كيف يرجوا أن يستجاب دعاءه وقد كتب عند رب العالمين كذابا. الكذب من خصال أهل النفاق, يقول النبي صلى الله عليه وسلم:{أربع من كن فيه كان منافقا خالصا, ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان, إذا حدث كذب, وإذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر} –متفق عليه-, لقد أخبرنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن مصير الكذبة في الحياة البرزخية بعد الموت مصير مخز مذل مهين, يقول عليه الصلاة والسلام: {إنه أتاني الليلة آتيان –يعني في المنام- وإنهما قالا لي: إنطلق, وإني انطلقت معهما, فأتيا على رجل مستلق لقفاه, وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد, وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه ويشرشر شقه إلى قفاه, ثم يتحول إلى الشق الثاني فيفعل به مثل ذلك, فإذا التأم الشق الأول عاد إليه ففعل به مثل ما فعل به أول مرة وهكذا يكون عذابه إلى يوم القيامة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله, ما هذا؟ قالا: هو الرجل يغدوا من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق –أي تنتشر في الناس انتشارا سريعا} –الحديث رواه البخاري-. الكاذب لا يؤتمن جانبه, ولا يوثق به في خبر ولا معاملة, وهو موضع احتقار لدى الناس, فكيف يحلوا للإنسان أن يتخذ الكذب مطية لقضاء حوائجه, بعض الكفار يعافون الكذب, ويشق عليهم التخلق به لبلوغ مآربهم لأنه ينافي الفطرة السليمة, هذا أبو سفيان قد ذهب إلى الشام قبل أن يسلم, ولما أتت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم هرقل ملك الروم, قال لمقربيه: أدعوا لي من ها هنا في الشام, أدعولي من ها هنا من العرب, فدعي إليه أبو سفيان, فسأله أسئلة عديدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, قال أبو سفيان: فوالله لولا الحياء أن يؤثروا علي كذبا لكذبت عليه, وكان صادقا في إجابته عن الأسئلة التي وجهت إليه حتى قال هرقل: إذا كان ما تقول حقا, فسيملك صاحبكم موضع قدمي هاتين} –رواه البخاري-. وكان الأمر كما قال, تأملوا كيف كان أهل الشرك يتنزهون عن الكذب ويستحيون من أن ينسب إليهم, فكيف يطيب للمسلم الكذب وقد أكرمه الله بالإسلام والسنة وأمره بالصدق وحرم عليه الكذب, وحذره منه تحذيرا شديدا, قال عمر: "لأن يضعني الصدق وقل ما يضع, أحب إلي من أن يرفعني الكذب وقل ما يفعل".

أيها المسلمون, إن فيروس الكذب لأخطر بكثير جدا من فيروس كورونا وغيره من الفيروسات, أتعجبون؟ فمن مات وهو مصاب بفيروس الكذب فأظنكم قد عرفتم مصيره من خلال ما تقدم من النصوص, ومن قدر الله أن يقتله فيروس كورونا من أهل الخير والصلاح فإن له عند الله للحسنى, ألا يستقيم أن تنظم حملات توعوية ودورات تحسيسية بشأن فيروس الكذب.

أيها المسلمون أخطر صور الكذب: الكذب على الله ورسوله, ومن ذلك تحليل الحرام وتحريم الحلال, والقول بأن هذا سنة, وهذا بدعة على غير بصيرة ومن غير بينة, يقول الله تعالى:[ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة] وقال الله تعالى: [ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار} –رواه البخاري ومسلم-, ومن أقبح صور الكذب ما يتوصل به إلى أكل اموال الناس بالباطل, قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من حلف على مال مسلم بغير علمه لقي الله وهو عليه غضبان, ثم قرأ قول الله تعالى: [إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم]} –رواه البخاري ومسلم-, قال بعض العلماء: ينبغي للقاضي إذا أراد أن يحلف أحد المتخاصمين أن يقرأ عليه هذه الآية العظيمة تحذيرا له من الفجور في الخصومة. ومن أبشع صور الكذب ما يقوله العرافون والكهان للجهلة السذج المغفلين, بحيث يخدعونهم بمعسول كلامهم الآثم, ويستولون على أموالهم بغير مشقة بلا كلفة في يسر وسهولة, ويشترك معهم الذين يقصدونهم, يشترك معهم هؤلاء الجهلة في الإثم لأنهم يروجون لبضاعتهم الفاسدة الخبيثة, وقد جاء في الحديث الصحيح: {من أتى عرافا أو كاهنا فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم} –والحديث في الصحيح الجامع-. ومن صور الكذب أن يأتي إليك, أحد المخادعين الغادرين ويدعي كذبا وزورا أن زوجته في حالة مرضية حرجة, أو أن ولده على وشك إجراء عملية جراحية وليس عنده مال وليس عنده طعام, يذرفون دموع التماسيح, ويستدرون عواطف الطيبين [ألا ساء ما يعملون]. إن رحمة الضعفاء والإحسان إلى المحتاجين رفعة عند الله وعند الناس وأجر ومثوبة, لكن أهل الإحسان ينبغي ألا يجودوا بأموالهم إلا بعد التحري والإيقان وينبغي الا ينخدعوا بكلام الدجالين, ومن صور الكذب شهادة الزور, وذلك بأن يكذب الإنسان في شهادته أو يشهد بما لا يعلم, ويشتد التحريم إذا أخذ في مقابل ذلك دراهم معدودة, عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ألا أنبؤكم بأكبر الكبائر ثلاث مرات} قلنا: بلا يا رسول الله, قال: {الإشراك بالله, وعقوق الوالدين, وكان متكئا فجلس وجعل يقول: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت} إشفاقا عليه ورأفة به صلى الله عليه وسلم –رواه البخاري ومسلم-. ومن صور الكذب الكذب في الرؤيا, بأن يقول إنسان: رأيت في منامي كذا وكذا وهو لم ير شيئا, وخاصة إذا قال: رأيت في منامي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثني بكذا وكذا وقال لي كذا وكذا, هذا باطل وهذا خطر عظيم, فمن يفعل ذلك فهو على خطر عظيم, الكذب في الرؤيا كذب على الله, لأن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة, يقول النبي صلى الله عليه وسلم:{من أفرى الفرى –يعني من أشد صور الكذب خطورة- أن يري الإنسان عينه ما لم تر}. ومما يتساهل فيه بعض الناس الكذب لإضحاك الآخرين وذلك بالطعن في أعراض الأبرياء والاستهزاء بهم والسخرية منهم, يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم, ويل له ثم ويل له} –رواه أبو داوود والترمذي- ومما يتساهل فيه الناس الكذب على الصبيان بأن يعدهم آباؤهم وأمهاتهم خيرا ثم لا ينجزون لهم ما وعدوهم, فهم بذلك يغرسون في نفوسهم بذرة خبيثة, ويربونهم على الكذب منذ نعومة أظفارهم.

وإن علاج الكذب أن يلزم العبد الصدق في أقواله وأفعاله وأحواله وفي نواياه بأن يخلص لله العمل ليحظى بمقعد صدق عند مليك مقتدر, هذا الذي ينفع الناس يوم الدين, قال الله تعالى: [هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم] وقال الله تعالى: [يآيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين] يعني إن كنتم مؤمنين حقا فلزموا التقوى والزموا الصدق تفلحوا. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

5e77bf3d5a506

  • 0
  • 0
  • 606

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً