أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله ...

منذ 2020-03-23
أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحابته أجمعين أما بعد:

يقول الله تعالى وهو يصف نبينا صلى الله عليه وسلم: (وإنك لعلى خلق عظيم) قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره: "في هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان سهلا لينا قريبا من الناس, مجيبا لدعوة من دعاه, قاضيا لحاجة من استقضاه, جابرا لقلب من سأله لا يحرمه ولا يرده خائبا, وإذا أراد أصحابه منه أمرا وافقهم عليه وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محظور, وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم, لم يستبد به دونهم حتى يشاورهم ويآمرهم, وكان يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم, ولم يكن يعاشر جليسه إلا أتم عشرته, إلا أتم عشرة وأحسنها, وكان لا يعبس في وجهه, ولا يغلظ عليه في مقاله, ولا يطوي عنه بشرة, ولا يمسك عليه فلتات لسانه -يعني لا يآخذه بزلات اللسان-, ولا يآخذه بما يصدر منه من جفوة بل يحسن إلى عشيره غاية الإحسان, ويحتمله غاية الاحتمال" إنتهى كلامه رحمه الله.

أيها المسلمون إن الأخلاق أحد الأهداف السامية والغايات النبيلة التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل تحقيقها {إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق} –حديث صحيح-, وصفته عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما بقولها: {كان خلقه القرآن} –والحديث صحيح كما هو معروف-, كان خلقه القرآن يعني كان يأتمر بأوامره وينتهي بنواهيه, فالأخلاق باب عظيم من أبواب الدين, والأخلاق من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم. لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غار حراء وفرائسه ترتعد, أرادت خديجة رضي الله عنها أن تطمئنه وتسكنه, فقالت: {والله لا يخزيك الله أبدا, إنك لتصل الرحم, وتحمل الكل, وتكسب المعدوم –الفقير-, وتقري الضيف, وتعين على نوائب الحق} –رواه البخاري-. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن} –والحديث مخرج في الصحيحة-, وعن أسامة بن شريك قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير –يعني صامتين- ما يتكلم منا متكلم, إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله؟, قال: {أحسنهم خلقا}. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن معاذا رضي الله عنه أراد سفرا, فقال: يا رسول الله أوصني, قال: {اعبد الله ولا تشرك به شيئا}, قال: يا نبي الله زدني, قال: {إذا أسأت فأحسن} -إذا صدرت منك سيئة فأتبعها بحسنة تمحها-, قال: يا رسول الله زدني, قال: {استقم ولتحسن خلقك}. وأريد في هذه العجالة أن أتحدث عن أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم في رمضان, فلقد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع رماضانات لم يبد منه إلا كل خلق نبيل, في رمضان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيض جودا وكرما وسخاءا مثل الريح المرسلة التي يجيء بعدها الغيث الذي ينبت الزرع ويحيي الأرض بعد موتها ويعم نفعه الجميع, فعن بن عباس رضي الله عنهما قال: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل, وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن, فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة} –رواه البخاري-. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه}, من لم يدع الكذب والنميمة والغيبة وقول الزور وشهادة الزور وغيرها من الآثام فكأنه لم يصم, فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه -رواه البخاري-. فما أجدر المسلم أن يتحلى في هذا الشهر الكريم بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم, وكل مسلم مأمور بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم, (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) وكان عليه الصلاة والسلام يخص هذا الشهر دون غيره بمزيد من البذل والعطاء, قال بن القيم في الزاد: "كان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات, فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان, وكان إذا لقيه أجود بالخير من الريح المرسلة, وكان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان, يكثر في هذا الشهر من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف, وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور, ثم إنه كان يواصل الصيام يواصل النهار بالليل يواصل فيه أحيانا حتى يوفر ساعات ليله ونهاره بالعبادة" –إنتهى كلامه رحمه الله-. وقد تعلم الصحب الكرام من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهدي, فكان لهم في رمضان مزيد من البذل والعطاء أيضا والجود والكرم, فكان أحدهم لا يهنأ بطعام حتى يرى على مائدته الفقراء والمساكين, كانوا يبحثون عن الفقير أكثر مما يبحث عنهم فكأنهم هم أصحاب الحاجة, وقد أثر عن بن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يأكل طعاما إلا ومعه يتيم على مائدته, وكان حماد بن أبي سليمان يفطر كل ليلة في شهر رمضان مئة نفس فإذا كانت ليلة الفطر كساهم أو كسى كل أحد منهم ثوبا, فالمسلم يتقرب إلى الله في هذا الشهر ويكثر من الطاعة والعبادة كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلى على الظالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

أيها المسلمون, إن المسلم في رمضان يتربى على الأخلاق الفاضلة والشمائل الحسنة, يتربى على الصبر والحلم وضبط النفس, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: {...والصيام جنة -وقاية-, فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث –لا يقل كلاما سخيفا سيئا-, ولا يسخب –لا يصيح ولا يصرخ-, فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم} –رواه البخاري ومسلم-. يتربى المسلم في رمضان خاصة وإن كانت حياة المسلم كلها تربية وآداب, يتربى المسلم في رمضان على كبح جماح شهواته وتهذيب نفسه وتزكيتها, فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة, يقول الصيام: أي ربي منعته الطعام والشهوات بالنهارفشفعني فيه, ويقول القرآن: أي ربي منعته النوم بالليل فشفعني فيه, قال: فيشفعان} –والحديث صحيح مخرج في صحيح الترغيب والترهيب- .

أيها المسلمون ويجب على المسلم أن يحذر من الخصام والشجار والغضب والاختلاف مع إخوانه, لماذا قلت هذا؟ ,لأن الخلاف شأم. فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا بليلة القدر, فتلاحى رجلان –يعني اختصم رجلان-, والنبي صلى الله عليه وسلم جاء ليخبر الصحابة أي ليلة هي ليلة القدر, فتلاحى رجلان من المسلمين, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {خرجت لأخبركم بليلة القدر, وإنه تلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خير لكم}, يعني رفع العلم بها من أجل ما كان من الخصام بين ذينك الرجلين, فالخلاف والخصام شأم فقد رفع العلم بليلتها من أجل الخصام الذي كان بين الرجلين. فاللهم جنبنا الخلاف وشر الخلاف, وبلغنا رمضان وتقبله منا, اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم, وتقبل منا إنك أنت السميع العليم, اللهم آت نفوسنا تقواها, وزكها أنت خير من زكاها, أنت وليها ومولاها, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار, آمين والحمد لله رب العالمين .

5e77bf3d5a506

  • 0
  • 0
  • 157

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً