قصة حياة قارون ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى ﴾ القصص:76؛ في هذه الكلمات السِتة فقط! ...

قصة حياة قارون
﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى ﴾ القصص:76؛ في هذه الكلمات السِتة فقط! اختصار لأحداث طويلة من حياة قارون؛ قبل أن يلهث وراء الثروة التي جعلها فرعون طعماً لاصطياده.
فقد كان قارون من فقراء بني إسرائيل الضعفاء المطحونين المضطهدين، ولكنه كان طموحاً صاحب همة عالية، كما كان عابداً لله موحداً له على دين جده يعقوب.
وكان من الأتباع العباد لله المقربين من موسى عليه السلام، الذين حملوا الرسالة بقوة لتبليغها لقومهما، ولذلك لم يقل الله عنه أنه "كان من بني إسرائيل" لأن فيهم الصالح والطالح، ولكن الله قال:
﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى ﴾ ليترك المجال أمام عقلنا الواعي لنتخيل عبادته(1) وورعه، وقربه من موسى وحرصه على تبليغ الدعوة معه.
سر الثراء
كان قارون طموحاً ذا همة عالية، لم يستسلم للفقر والاستعباد، فعمل على تحسين مستواه المعيشي، بما حباه الله من علم ومعرفه، فانشغل بالتجارة ونجح فيها نجاحاً ملحوظاً مقارنة بأقرانه؛ ولما اشتد الإيذاء على بني إسرائيل بعد أحداث يوم الزينة، خاف قارون من بطش فرعون به، فبدأ يبتعد شيئاً فشيئاً عن موسى، وكان فرعون – ككل نظام فاسد – يمنع نمو أموال المعارضين له، وكان من استضعافه للناس يصادر أموالهم وأراضيهم إذا زادت عن الحد الذي حده؛ ولكن فرعون ونظامه غضوا الطرف عن قارون، لأن التقارير الأمنية كانت تؤكد أن قارون أصبح بلا انتماء بعد ابتعاده عن موسى ودعوته؛ فأفسحوا له المجال!
فازدادت أموال قارون، ودخل بها في تجارات عديدة ومتنوعة، ومشاريع استثمارية كبيرة، وسط فرحة عارمة في صفوف بني إسرائيل لنجاح واحد منهم في مجال من المجالات، مع تخوف ملحوظ من موسى ورفاقه على ثبات قارون على الإيمان بالرسالة، فطموحه الزائد – وإن بقي على الإسلام – مع ابتعاده عن طريق الدعوة قد يجعله فريسة لفرعون ونظامه، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية(1).
استمر قارون بعيداً عن طريق الدعوة، فقد انشغل بأمواله وتجاراته وشركاته، حتى أصبحت أمواله ثروة لا يتخيلها العقل البشري– إنها كنوز - وانطبق عليه المثل الذي يقول: ملك الملوك إذا وهب لا تسألن عن السبب !.
حجم الثروة
ولما كانت النقود عملة متغيرة القيمة من وقت إلى آخر ومن زمان إلى زمان؛ وصف الله لنا ثروة قارون بطريقة حفظها في الخزائن فقال:﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ ﴾ مفاتيح الخزائن التي تحتوي على الكنوز﴿ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ﴾ والعصبة: جماعة من الناس لا يقلون عن عشرة رجال أشداء(2)، من أُولِي الْقُوَّةِ ليحملوا مفاتيح الخزائن فقط لكلّ بعضهم واثّاقل عن حملها من ثقلها وكثرتها، رغم أنه من أُولِي الْقُوَّةِ !
ويزداد العجب عندما تعلم أن الخزائن – كالعادة – لا تحتوي إلا على النقود– السيولة – فما بالكم بقصوره، وأراضيه، وشركاته ؟! فكلمة "مِنَ" في الآية ليست للتبعيض وإنما للتنوع، لتفسح لعقولنا المجال لنتخيل أنواع الثروات التي يمتلكها قارون.
كما جاءت كنوزه بدون تفصيل أو وصف لنوعها ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ﴾ لنتخيل في كل زمان ومكان أنواع التجارات التي تاجر فيها، وشكل المصانع التي بناها، والأسواق التي امتلكها، والأراضي التي زرعها، فإذا كان في زماننا من حصل على توكيل لإحدى شركات السيارات أو الأجهزة المنزلية يقول: أنا حصلت على"كنز"؛ فقارون قد حصل على كنوز كثيرة !!
رحلة السقوط
وبدأ الانحدار الأخلاقي الذي يقع فيه بعض من وسع الله عليهم بالتعالي على من هم دونه، فكانت أول سقطة لقارون أنه لما علا بغى ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عليهِمْ﴾ القصص:76، وكلمة "بَغى" لها في اللغة تصريفات عديدة بمعان كثيرة(1)؛ تفهم من خلالها درجة السقوط والتدني التي وقع فيها قارون بعدما أصبح من كبار رجال الأعمال في الدولة، وكأن الله يقول: ما إن أنعمنا عليه وكثرت أمواله حتى نسي دعوته التي تربى في كنفها، بل ونسي أهله الذين خرج من بينهم وتعالى عليهم ثم تنصل منهم وكأنه لا يعرفهم.
كِبر وغرور
تغلغلت الوجاهة والزعامة في قلب قارون؛ فها هو يمشي متبختراً لا يلقي سلاماً ولا يرده! وأصبح لا يرى في الدولة إلا نفسه، وبدأت علامات الكبر والعُجب تظهر عليه بوضوح؛ تقرؤها في قسمات وجهه، وتراها في سُخرية عينيه، وتسمعها من فلتات لسانه.
وهذا دائما يكون حال من تقبل عليهم الدنيا، فيظهرون معدنهم السيئ، وعلاج ذلك أن تُعمَرَ القلوب بالإيمان، ويُتخذ للنفوس صحبة صالحة ترصد عيوبها وتُقوِّم اعوجاجها، مع محاسبة ذاتية مستمرة للنفس فهي دائما ما تتغير مع المنصب والجاه، فتبدأ في ازدراء الناس، وتغيير المبادئ؛ وهذا هو السر في قول الرزاق - جل في علاه - ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ فخزائنه ملأى لا تنفد أبداً، قال في الحديث القدسي: "يا عبادي ! لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم، وإنسَكم وجِنَّكم، قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني، فأعطيتُ كل إنسانٍ مسألتَه؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقصُ المِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ البحرَ"(1)، ولكن الناس أمام المال صغار لا يملكون التوازن، ضعاف لا يحتملون إلا إلى حد، والله بعباده خبير بصير، ومن ثم جعل رزقهم في هذه الأرض مقدراً محدوداً، وإلا لبغوا في الأرض، لنوقن أن الخير فيما يأتينا، وأن الكثرة ربما ستطغينا.
ولأن عبد المال يضحي بكل شيء في سبيل تحصيله؛ كان قارون في كل يوم يتخلى عن مبادئه وأخلاقه ليجتاز أي عقبة قد توضع أمامه، حتى وإن كان اجتياز هذه العقبات على حساب أهله وأصدقائه ورفقاء دعوته من بني إسرائيل.
قارون في شباك الدنيا
لقد كان غنى قارون تحت عين فرعون وبإذن منه، وإلا كان من الممكن أن يصادر نظام فرعون كل أموال قارون بجرة قلم وبدون آية أسباب؛ ولكنهم تركوه ليستغلوه ويضموه إلى معسكرهم، ويكون معول هدم في أيديهم يضربون به دعوة موسى، ولا مانع وقتها أن يستمر في غناه، طالما أنه نفذ خطتهم التي رسموها.
جمعت الثروة بين قارون وسادة ملأ فرعون، وباتت تجمعه بهم سهرات وشراكات – وإن كان مازال حتى الآن على خلاف عقائدي معهم – لجمع المزيد من الأموال عن طريق التسهيلات والتنازلات التي سيقدمونها له، رغم أن الله آتاه من الكنوز ما لو ظل أعماراً فوق أعماره ينفق منها ما نفدت، ولكنه الطمع واللهث وراء المال.. أي مال، حتى ولو كان عن طريق الإفساد في الأرض(1)، فإن كانت صحبة السوء تفسد، فكيف لو كانت هذه الصحبة حفنة يقودها أفسد أهل الأرض "فرعون"؟!
ومرة بعد مرة، وصفقة بعد صفقة، كان على قارون سرعة الاختيار بين الدين والدنيا، بين حمل الرسالة أو الجاه والمال والسلطان، ولكنه - كما ظن فرعون - آثر الحياة الدنيا وزينتها، ورأى في بعده عن دين أجداده- وارتمائه في أحضان نظام فرعون - الخير له ولأمواله وتجاراته، فتلك الصفقات المشبوهة الفاسدة، جعلت قارون يدرك أن بقاء نظام فرعون يعني بقاء ثروته ونموها، ومعنى سقوط نظام فرعون هو ضياع أمواله التي جمعها من الحلال ومن الحرام، فبدأ يظهر في الصورة مع المعادين لرسالة موسى عليه السلام، معلنا ترك دينه الذي آمن به من قبل.
قارون يكفر بالله
لقد رضي الشيطان من قارون أن يترك العمل الدعوي فقط، من أجل أن يتفرغ لتجارته وأمواله ؛ على أن يظل متمسكاً بدينه داعماً له، ثم جره الشيطان إلى الخطوة التي تليها وهي الابتعاد عن رفقاء دعوته حتى يحافظ على أمواله وكنوزه من مصادرة نظام فرعون لها، ثم جره إلى الخطوة التي تليها فغرس في قلبه حب الدنيا والحرص على جمع المال والكبر والسعي نحو الزعامة فتعالى على أهله ورفقاء دعوته، ليجره للخطوة التي بعدها وهي القرب من طبقة النظام الحاكم وتبادل الرؤى والحوارات والسهرات معهم، ليجره للتي بعدها وهي عقد شراكات هدفها الإفساد في الأرض فيتلوث ماله بالحرام، ثم جره للتي بعدها فأقنعه أن بقاء أمواله مرتبط ببقاء فرعون ونظامه لذا كن حليفاً لهم؛ ليهوي به هذه المرة إلى القاع ويقول له: كن على دينهم؛ فكان على دينهم !
قارون القيادي السابق
انتهز فرعون الفرصة؛ فقارون أصبح أُلعوبة في أيديهم يحركونها كما يريدون، فطلبوا منه أن يخرج في الناس ويدلي ببعض التصريحات التي تحط من قدر موسى وتطعن في دعوته.
فخرج قارون في الناس معترفاً أنه كان في يوم من الأيام تلميذاً من تلامذة موسى وأحد أبناء دعوته، ولكنه ترك الدعوة عندما تأكد من كذب موسى وافترائه على الله، فما يقوم به موسى سحر ودجل، ناصحاً الناس بعدم تصديقه أو الاستماع إليه، فهو أدرى الناس به، فقبل أن يكون ابن دعوته كان ابن عمه ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾ غافر:24
ولكم عانى موسى من هذه التصريحات، فقد أخذ الناس كلام قارون على أنه حقيقة مُسَلم بها، فقد كان يوما ما قريباً منه، وهو أولاً وأخيراً ابن عمه وأدرى الناس به، فصد عن سبيل الله خلقاً كثيراً.
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند
وبدأ عداء قارون لموسى ودعوته يتصاعد حتى أصبح أشد من عداء فرعون وهامان، فقد تقدم اسمه على أسمائهم عندما ذكر الله لنا عداء أصحاب المصالح للدعوات فقال:﴿ وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ ﴾ العنكبوت:39
لنفهم أن قارون قد تنازل عن دينه وقيمه وأخلاقه ومبادئه - التي تربى عليها - من أجل الحفاظ على منصبه وأمواله، فكثر شره وانعدم خيره فكان أشد عداء لموسى من عداء فرعون !
وهو الذي كان يوما ما صاحب رسالة، وعابداً من العباد، ولكنها نفسه التي لم يكبح جماح حرصها على الدنيا، فأوردته المهالك ﴿ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾ العنكبوت:38.
المؤامرة الفاشلة
زاد قارون في طغيانه - من أجل أن ترضى عنه السلطات - أن دفع مالاً لامرأة من العاهرات الزواني - يبدو أنه تعرف عليها في إحدى سهراته الفرعونية - مقابل أن تقف في جمع حاشد من بني إسرائيل وتتهم موسى علانية بأنه قد زنى بها
وبالفعل ذهبت المرأة ووقفت في جمع حاشد لبني إسرائيل وقالت: أيها الناس إن موسى الذي يحدثكم أنه نبي يوحى إليه من السماء؛ كان معي على فراشي الليلة الماضية!
فقلب الناس كفاً على كف، وسط همهمة فيها سب وتطاول وإيذاء، ليجد موسى نفسه في محنة لا يدري كيف يخرج منها؛ فرفع يديه ودعا ربه أن يبرئ ساحته من هذا الاتهام البشع.
فاستجاب الله دعاءه، فرق قلب المرأة واعترفت أمام الناس أن قارون هو الذي دفع لها مالاً كثيراً من أجل أن تقول ما قالته على موسى عليه السلام ثم استغفرت الله وتابت إليه، فخر موسى ساجداً لله شاكراً له (1).
وفد في زيارة قارون
ورغم كل ما فعله قارون، لم يتخل موسى عنه، فقد أرسل له وفداً من خيار قومه، برسالة مفادها، ألا يتعالى على الناس فهم منه، وهو منهم، والله لا يحب المتكبرين وفي ذلك إيقاظ له من سكرة المال(2)، حتى إذا صحا، دعوه إلى ما ينبغي أن ينفق فيه ماله، فيطلب به رضا الله، ويقدم منه بعض الصدقات لتطهره وتزكيه وتنفعه في الآخرة، وأن يبرئ ساحة نفسه من تهم الفساد الموجهة إليه.
وذهب الوفد إلى قصره الفخم؛ ما أروعه !! أعمدته من الرخام المُحلى بالذهب والفضة وأرضيته من أرقى أنواع الرخام، ونوافذه من خشب الصندل المعطر ..
خدم وحشم في كل مكان، وإجراءات أمنية مشددة قابلهم بها حرسه الخاص حرصاً على سلامته!
وبعد طول انتظار .. قابلوا قارون في أبهته، ووجاهته! ولما كان وقته من ذهب - كما علموا عند قدومهم - أوجزوا حوارهم واختصروا نصيحتهم في ثلاث رسائل واضحة وقوية.
الرسالة الأولى: لا تفرح بالدنيا
﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾ فإن الدنيا لو أعطتك وجهها اليوم فقد تستدير عنك غداً، ولا تغتر بما آتاك الله من ثروات وكنوز، فتتكبر وتتعالى على خلق الله، فهم منك وأنت منهم، والناس سواسية وكلهم من آدم وآدم من تراب، يقولُ اللهُ تعالى: يا ابْنَ آدمَ ! أنَّى تُعْجِزُني وقد خلَقْتُكَ من مِثْلِ هذا ؟ حتى إذا سوَّيْتُك وعَدَلْتُك ، مَشَيتَ بين بُرْديْنِ ولِلأرضِ منكَ وئِيدٌ ، فجمعْتَ ومَنعْتَ(1)
الرسالة الثانية: أدِ حقوق الناس
كما ننصحك - بحق الأخوة والدين - أن تتصدق ببعض مالك ابتغاء رضى الله عنك؛ فإن "صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السُّوءِ وصدقةُ السِّرِّ تُطفئُ غضبَ الرَّبِّ وصلةُ الرَّحمِ تزيدُ في العمرِ"(1) ﴿ وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ﴾ القصص:77، فالعاقل من يستطيع الموازنة بين الدنيا والآخرة ولا يطغي إحداهما على الأخرى.
﴿ وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إليكَ﴾ القصص:77، فما نطلبه من زكاة وصدقات لأهلك من فقراء بني إسرائيل، هو نوع من الإحسان مقابل ما أحسن الله إليك فأعطاك وأغناك.
الرسالة الثالثة: تطهر من الفساد
وفي الختام حتى لا نطيل عليك، فقد جاءت امرأة عاهرة تتهم نبي الله موسى  بأنه زنا بها، ثم كذّبت نفسها بنفسها واعترفت: أنك استأجرتها لتتهم نبي الله موسى بهذا الاتهام فتهز صورته أمام الناس، كما بلغنا أنك تستخدم أموالك في الصد عن سبيل دعوة الله، وأنك أصبحت حليفاً لفرعون الذي اضطهدنا وأذلنا وقتّل أبناءنا، وبت تقول ما يقوله عن موسى  بأنه ساحر وكذاب ! ، فابتعد عن فرعون ونقِ أموالك إن شابها شيء من هذا الفساد ﴿ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ القصص:77، ثم سكتوا ..
فقال قارون – بعد صمت وعدم مقاطعة-: أنا لا أحتاج إلى استماع ما ذكرتم، ولا إلى ما إليه أشرتم ﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ القصص:78، فقد أوتيتُ هذه الكنوز بسبب علمي وجهدي وتعبي وذكائي، فبأي حق تُملُون على طريقة خاصة في التصرف فيها ؟ أنا أتصرف كما أشاء وقتما أشاء، وأمنع من أشاء وأعطي من أشاء؛ ونصائحكم غير مقبولة. .. انتهت المقابلة!
ليخرج قومه من عنده وهم يتأسفون على حاله ويقلبون كفاً على كف، كيف تجرأ قارون بهذه البشاعة والوقاحة على الله، كيف تناسى ما كان بيننا وبينه من أواصر أُخَوِية، كيف لا يتبين الحلال من الحرام في أمواله، كيف ينسب فضل ما هو فيه من صحة ونعيم لنفسه ولا يُرجع الفضل لله، ألا يخاف من الله؟ ، أفلا يجلس مع نفسه لحظات لينظر إلى من كان قبله من الأمم السابقة، أين هم الآن؟ وأين ما جمعوا من مال وما اجتمع لهم من قوة؟ هل أغنى ذلك عنهم من بأس الله من شيء؟ لقد هلكوا، وهلك ما كان لهم﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً ﴾ ؟! القصص:78.
تفاصيل الزيارة بين يدي موسى
وجاء الوفد لموسى يقصون عليه ما دار بينهم وبين قارون، وما كان منه من بغي وتطاول، وإعراض عن النصح، وتعالِ على العظة، وإصرار على الفساد، واغترار بالمال.
فتيقن موسى أن قارون قد وصل إلى طريق لا رجعة فيه، وقد أصبح وجوده أشد خطراً من فرعون على دعوته، فهو بماله يصد عن سبيل الله، ويبهر عقول الناس ويلهيهم، كما أنه يفتن الآخرين بتصريحاته التي يرددها بأن موسى ساحر وكذاب؛ فدعا موسى عليه بأن يجعله عبرة وآية لكل الناس؛ فاستجاب الله دعاءه.
لا تظلمنَّ إِذا ما كنتَ مقتدراً فالظلمُ ترجع عقباه إِلى الندمِ
تنامُ عينكَ والمظلومُ منتبهٌ يدعو عليكَ وعينُ اللّهِ لم تنمِ
موكب قارون
وذات يوم تحرك موكب قارون - وقد خرج كعادته - في موكب حاشد لأكبر رجل أعمال في الدولة، عربات من أحدث طراز مزينة بأرقى الزينات، ومُطَعّمة بالفضة والذهب وسروج خيلها مصنوعة من الجلد المزين بالذهب الخالص، جنود وحرس على جانبي الموكب، وأصناف النعيم والترف وزخارف الدنيا تحيط به من كل مكان، ﴿ فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ﴾ القصص:79؛ والغرض من كل هذا أن يظهر فيه سيداً عظيماً في زي أصحاب الملك والسلطان، فيفتن الناس ويحرك أهواءهم.
فلما رآه الناس تطايرت من أعينهم قطرات التمني والغيرة ﴿ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ القصص:79، فقد استهوتهم الزينة، وسال لعابهم أمام جمال الموكب، ولم يتساءلوا بأي ثمن اشترى صاحب الزينة زينته؟ ولا بأي الوسائل نال ما ناله من حظ الحياة؟ لم يفكروا ولو للحظات إلى الثمن الباهظ الذي أداه، ولا إلى الطريق الدنس الذي خاضه، ولا إلى الوسيلة الخسيسة التي اتخذها !!.
لقد ظن المساكين أن الله لما أحب قارون أعطاه الدنيا فصار ذا حظ عظيم، ونسي المساكين أن سعة الرزق وكثرة المال ليست علامة حب من الله جل وعلا، فهو القائل:﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ المؤمنون:56
فالله عز وجل يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب(1)، ولكنه لا يعطي الدين والتمسك بالدعوة إلا لمن أحب، بهذه المعاني دخل عليهم عقلاء القوم – من المتصلين بالله - ليذكروهم بها: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾ القصص:80، فاحمدوا الله على نعمة الإيمان، وشرف حمل الرسالة، فذلك خير وأبقى.
وما أروعها من نصيحة صادقة يحتاج إليها بسطاء الشعب الكادح حينما يشاهدون مواكب «قارونات» اليوم وهى تقطع عليهم طرقهم وتعطلهم عن مصالحهم، وتسير بفخامتها أمام أعينهم؛ لتحول أغلبهم إلى باحثين عن المال حتى لو كان على حساب الأخلاق والمبادئ أو حتى الدين.
الأرض تبتلع قارون
وما هي إلا لحظات وفي لمحة خاطفة فتحت الأرض فمها وابتلعت قصر قارون بأسواره وأشجاره وأنهاره وزينته؛ ثم امتد الخسف إلى موكبه وحُرّاسه وخدمه وحشمه، وسط محاولات للفرار بعيداً عن فتحات الأرض العميقة، ولكنها كانت تبتلعهم بشراهة؛ ليسقط فيها قارون وكل ما جمعه وملكه، في حادث مروع أذهل كل من رآه !﴿ فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ(1) الْأَرْضَ﴾ القصص:81، فأين فرعون لينصره ؟!، بل أين هامان ليغيثه ؟!، أين فرق الإنقاذ؟، أين الجنود أين الأتباع ؟!!
﴿فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ﴾ القصص:81.
فهل يتعظ «قارونات» هذا الزمن مما حدث لقارون قوم موسى، هل أدرك المتطلعون للثراء على حساب مبادئهم وأخلاقهم وأوامر ونواهي الله عز وجل مصير قارون، أم إنهم سيستمرون في طريقهم يجمعون المال فوق المال غافلين عن دورهم في الحياة، ونصيب الفقراء فيما جمعوا؟
الإجابة ربما ستكون عكس ما تتوقع، لأن أسطورة قارون وأمواله وقصوره لم تدفع أحداً للتوقف أمام نتائجها بقدر ما دفعت الجميع لتخيل شكل أموال وقصور قارون !
ردود فعل الشارع
تجمع الناس حول هذه الحفرة الواسعة الكبيرة العميقة جداً، ينظرون إليها في دهشة وذهول، لقد اختفى كل شيء في لحظة خاطفة، كما يختفي السابح في الماء، وقد احتوته دوامة عاتية فغرق وهوى إلى القاع!! فقلبوا أكُفهم وهم متعجبون متعظون، أهكذا الدنيا إذاً ؟ أهكذا تصاريف القدر فيها؟ أهكذا يفعل الله بمن باع رصيد القيم والأخلاق من أجل رصيد المال ؟!
بدأوا يقلبون أيديهم على مآله، فقد خسر ثروته التي جمعها من حلال ومن حرام، ولم ينفعه فرعون ونظامه الذين ارتمى في أحضانهما وباع أهله ودينه، فخسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
ثم تلمح في ذات المشهد ذهول فريق من الذين تعلقت أمانيهم بذيل الموكب، وسخطوا على حظهم الضئيل من الدنيا وهم يبكون على ما كان منهم، فقد لقنوا درساً قاسياً للغاية، فهموا منه أن المال ليس كل شيء، وأن قليلاً يكفي خير من كثير يُطغي﴿ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ علينا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ﴾ القصص:82.
وبات ما حدث لقارون – بعد دعاء موسى عليه – رسالة إنذار جديدة لفرعون وكل أفراد نظامه، لعلهم يتوبون أو يعودون، فكل ما دبروه لموسى ينقلب لصالحه، ويجعل الناس تتأكد من صدقه، فيصبح وبالاً عليهم!﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ الأنفال:30.
الدعاء على فرعون ونظامه
وهنا يتجه موسى عليه السلام إلى ربه رافعاً يديه، وأخوه هارون بجواره يُؤمّن على دعائه، ليدعوا على فرعون وملئه ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ﴾ الدخان:22، دعاء من يئس من هدايتهم، وضاق ذرعاً مما يدبرونه له وللمؤمنين من حوله من ابتلاءات وفتن وعقبات، مستخدمين ما أنعم الله به عليهم من جاه ومناصب وأموال ليصدوا الناس ويضلوهم عن سبيل الله ﴿ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وملئه زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأليمَ ﴾ يونس:88.
وتلمس مدى حسرة قلب موسى عليه السلام على فرعون وملئه، إنه يقول: ربنا إنك آتيت فرعون وملئه زينة وأموالاً في الحياة الدّنيا فكفروا بنعمك وجحدوها، وحاربوك بها فأذلوا الناس واستضعفوهم، وكانت تلك الأموال والمناصب سبباً في عتوّهم وضلالهم، ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأليمَ﴾ يونس:88.
فتقبل الله دعوتهُما وأمرهما بأمرين فقال: ﴿ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يونس:89.
الأمر الأول: الاستقامة على منهج الله، واستمرار الدعوة دون تلكؤ أو استثقال.
الأمر الثاني: ألا يسلكا سبيل الذين لا يعلمون سنته في خلقه، فيستعجلا الهلاك لعدوهما قبل ميقاته، أو يستبطئا النصر لهما قبل حينه.
...المزيد

فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) ...

فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)
قوله عز وجل:
[سورة النازعات (79) : الآيات 37 الى 46]
فَأَمَّا مَنْ طَغى (37) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (39) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (41)
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (43) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (44) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (46)
طَغى معناه: تجاوز الحدود التي ينبغي للإنسان أن يقف عندها بأن كفر وآثر الحياة الدنيا على الآخرة لتكذيبه بالآخرة. والْمَأْوى والمسكن حيث يأوي المرء ويلازم، ومَقامَ رَبِّهِ هو القيامة، وإنما المراد مقامه بين يدي ربه، فأضاف المقام إلى الله عز وجل من حيث بين يديه وفي ذلك تفخيم للمقام وتعظيم لهوله وموقعه من النفوس.
*قال ابن عباس: المعنى خافه عند المعصية فانتهى عنها، والْهَوى:
هو شهوات النفس وما جرى مجراها، وأكثر استعماله إنما هو في غير المحمود.
*قال سهل التستري: لا يسلم من الهوى إلا الأنبياء وبعض الصديقين.
*وقال بعض الحكماء: إذا أردت الصواب فانظر هواك فخالفه
*وقال الفضيل: أفضل الأعمال خلاف الهوى، وقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ الآية نزلت بسبب أن 🌴قريشا كانت تلح في البعث عن وقت الساعة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم بها ويتوعدهم بها ويكثر من ذلك، و: أَيَّانَ مُرْساها معناه: متى ثبوتها ووقت رسوها أي ثبوتها كأنه يسر إلى غاية ما ثم يقف كما تفعل السفينة التي ترسو.
*وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: «إيان» بكسر الألف. ثم قال لنبيه عليه السلام على جهة التوقيف فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها أي من ذكر تحديدها ووقتها أي لست من ذلك في شيء إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ، 🌴وقالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة كثيرا، فلما نزلت هذه الآية انتهى. وقرأ أبو جعفر وعمر بن عبد العزيز وأبو عمرو بخلاف، وابن محيصن والأعرج وطلحة وعيسى: «منذر» بتنوين الراء، وقرأ جمهور القراء: «منذر» بإضافة «منذر» إلى مَنْ، ثم قرب تعالى أمر الساعة بإخباره أن الإنسان عند رؤيته إياها لم يلبث إلا عشية يوم أو بكرته، فأضاف الضحى إلى العشية من حيث هما طرفان للنهار، وقد بدأ بذكر أحدهما فأضاف الآخر إليه تجوزا وإيجازا.
نجز تفسير النَّازِعاتِ والحمد لله كثيرا.
..
.
.
.
.
.
.
top4top.net
مَكْتُوبٌ فِي الحِكْمَةِ: إِنَّ مِنَ الحَيَاءِ وَقَارًا، وَإِنَّ مِنَ الحَيَاءِ سَكِينَةً ".......
...المزيد

عطرك الباهي المنشد فارس سلامه #المنشد_فارس_سلامه #فارس_سلامه ...

عطرك الباهي المنشد فارس سلامه
#المنشد_فارس_سلامه
#فارس_سلامه
https://youtu.be/CT_XtNnr1to?si=UaH9YHEGakM0TPy5

🌌رسائل الفجر١٤٤٥/١٠/٢٥🌌 (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا ...

🌌رسائل الفجر١٤٤٥/١٠/٢٥🌌
(إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون )
🔻 🔻 🔻
إن الفاحشة لتشيع في الذين آمنوا حتى إذا صارت إلى الصالحين صاروا لها خزّانا؛ فلا يصغوا إليها، بل ينهروا من يوصلها، ثم يدفنونها كانهم ما علموا ولا سمعوا
🔻 🔻 🔻
وأما السماعون للكذب، فإن الشائعة تنمو في ساحتهم كما ينبت الحب في ساقيته، فهم يحسنون الاستماع ثم يتقنون الرواية مع إضافات ومحسِّنات، فهم قوم قلّ ورعهم، وذهب ماء وجههم، فليس للأعراض عندهم حرمة ولا كرامة.
🔻 🔻 🔻
روى مسلم عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ .

https://t.me/azzadden
...المزيد

اجمع عيالي في8 ثم اعطيك خمسة وبابي ستن وعشرين مشروع

اجمع عيالي في8 ثم اعطيك
خمسة وبابي ستن وعشرين مشروع

🌌رسائل الفجر١٤٤٥/١٠/٢٤🌌 إذا المرء لم يمدحه حسن فعاله ... فمادحه يهذي وإن كان مفصحا يروى ان رجلا ...

🌌رسائل الفجر١٤٤٥/١٠/٢٤🌌
إذا المرء لم يمدحه حسن فعاله ... فمادحه يهذي وإن كان مفصحا

يروى ان رجلا اخبر سفيان الثوري أنه راه في المنام بحالة حسنة فقال له:
أنا أعلم بنفسي من أصحاب المنامات
🔻 🔻 🔻
كل عاقل هو طبيب نفسه، فلا يغتر بمدح الناس ومبالغتهم في الثناء عليه، فماذا ينفعه مدح الناس إذا كان عند الله مقيتا
🔻 🔻 🔻
أثنى رجل على علّي بن أبي طالب رضي الله عنه في وجهه، وكان يكره عليا، فقال عليّ: أنا دون ما تقول وفوق ما في نفسك.
🔻 🔻 🔻
من بالغ في مدحك فإنه سيبالغ في ذمك يوما، لأن المبالغ لا ورع له، فهو يتبع عاطفته أو مصلحته، فلا تفرح بمدحه، كما لا تجعل ذمه يعيق سيرك إلى هدفك،
https://t.me/azzadden
...المزيد

﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ • قَالَ كَلا إِنَّ ...

﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ • قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾

...يقينٌ عظيمٌ ينبغي أن يسْتَصْحِبه المسلمُ في كلِّ أحواله، فحينما قال الذين اسْتُضْعِفوا في الأرض: "إنا لمدركون"! -وهم الذِّين أُوذُوا من قبل أن يأتيهم مُوسَىٰ-، يُجيبُ بكلِّ ثباتٍ وعزمٍ: "كلاَّ؛ إنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ" ، فكانت الإجابة وكان المددُ والإمداد، في أضخم عَمليةِ إنقاذٍ ونجاةٍ شهدتها البشريةُ، كان مُنطَلَقُهَا الأَوحد اليَقِينُ باللَّٰهِ...

أنتَ لستَ رسُولاً كمُوسىٰ، لكن يُمكن للمعجزات والكرامات أن تجري على يَدَيْك، إن كان لك يقينٌ كيقينِ موسىٰ والذِّين آمنوا مَعَهُ؛ فإذا ضاقت بك الدُّنيا، وأحاطتْ بك المصائبُ، وغرَقْتَ في يمِّ الشَّهوات، وتكالبتْ عليك الأعادي، وأدرَكك الخوفُ... قُل: "إنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ"، وسترى كل ما أصابك يَنفلِقُ كالطَّودِ العظيمِ، سترى التَّوفيقَ والعَونَ والعَطاءَ والفتوحاتِ، والمنَّ مِنْ ربٍّ كريمٍ، ﴿كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ﴾...

#نحن_أحق_بموسى_منهم
...المزيد

الشَّريكُ صاحِبٌ وسَاحِبْ! في كتاب "المجالسة وجواهر العلم" للقاضي الفقيه أبي بكرٍ ...

الشَّريكُ صاحِبٌ وسَاحِبْ!

في كتاب "المجالسة وجواهر العلم" للقاضي الفقيه أبي بكرٍ الدينوريَّ:
قال الحسنُ البصريُّ: وقفتُ على بائعِ ثيابٍ في مكة أشتري ثوباً، فجعلَ يمدحُ ويحلفُ ويروّج بضاعته بالأَيمان، فتركته، وقلتُ: لا ينبغي الشّراء من مثله، واشتريتُ من غيره!
ثم حجبتُ بعد ذلك بسنتين، فقصدته، فلم أجده يمدحُ ويحلف!
فقلتُ له: ألستَ الرّجل الذي وقفتُ عليه منذ سنتين؟
قال: بلى!
قلتُ: وأيُّ شيءٍ أخرجكَ مما أرى، لا أراكَ تحلفُ وتمدح؟
فقال: كانتْ لي امرأة إذا جئتها بالقليل احتقرته، وإذا جئتها بالكثير قلَّلته!
فماتتْ، فتزوجتُ امرأةً بعدها، فإذا أردتُ الذَّهاب إلى السَّوق، أخذتْ بثيابي،
ثم قالتْ لي: اتقِ الله، ولا تُطعمنا إلا طيَّباً، إن جئتنا بقليلٍ كثّرناه، وإن لم تأتنا بشيءٍ أعنّاكَ بمغزَلنا!

في الأصلَ أنَّ كلَّ إنسانٍ مسؤولٌ عن صلاحه وفساده، وليس لأحدٍ أن يُعلِّقَ خيباته على شمَّاعة أحد! الزَّوج لا شكَّ مُعينٌ أو معيق، ولكن آسيا بن مزاحمٍ وهي واحدة من سيدات أهل الجنة الأربع كانت متزوَّجةً من فرعون وهو أحد أشهر الكُفّار في التّاريخ! والزَّوجة أيضاً معينة أو مُعيقة، ولكنَّ نوحاً عليه السَّلام وهو شيخ المرسلين، وأطولُ الدُّعاة عمراً ووقتاً في تعبيد الخلقِ بخالقهم كان متزوَّجاً من امرأةٍ كافرة على دين قومها، وحين صعدتْ الحيوانات إلى السَّفينة التي بناها، اختارتْ هي الغرق!

ولكن لا يُنكر عاقلٌ أثرُ الشَّريك في استقامةِ المرءِ أو ضلاله، السِّباحةُ بعكسِ التَّيار مرهقة، ونحن نعلمُ النهاية المشرقة لآسيا زوجة فرعون ولكننا لا نعلمُ شيئاً عن مشقَّةِ الطَّريق قبل بلوغ هذه النهاية، على أيةِ حالٍ هي فارقت الدُّنيا مصلوبةٌ!
ونحنُ نعلمُ أن نوحاً عليه السَّلام من أولي العزم من الرُّسل، ولكننا لا نعلمُ شيئاً عن مشقّةِ أن يخرجَ الرَّجلُ ليصلحَ المجتمعَ وفي بيته شيءٌ من هذا الخلل لم يستطِعْ أن يصلحه! إنَّها لحياة مضنية أن تكون أنتَ في وادٍ وشريكُ عمركَ في وادٍ!

في كتابِ مناقب الإمام الشَّافعي ً الذي كتبه الإمامُ البيهقيُّ، أنَّ الشّافعيَّ قال: سمعتُ بعضَ أصحبانا ممن أثقُ به قال: تزَّوجتُ لأصونَ ديني، فذهبَ ديني، ودين أمي، ودين الجيران!

اختاروا شركاء العُمرِ بتأنٍّ، فهم مسؤولون عن كثيرٍ من السَّعادة أو التعاسة التي ستحصلون عليها! الانتظار خيرٌ من قرارٍ خاطئٍ متسَّرعٍ، وأن يفوتكَ القطار خيرٌ من أن يحملكَ إلى وُجهةٍ تعيسة!
من حقَّ الشاب أن يطلبَ الفتاة الحسناء، ومن حقَّ الفتاة أن تطلب الشّاب الوسيم، هذا ليس عيباً ولا حراماً، فالأصلُ أن الزَّواج للعفَّة، والرَّغبة في الشريكِ من أهمَّ مقوماتها! ولكن علينا أن لا ننسى أن كلَّ شيءٍ نأخذُ منه نألفه نهاية المطاف ويصبحُ عادياً مهما كان أوّل الأمر مبهراً! لهذا اختاروا أولاً الأخلاق والدَّين، فكم من شابٍ اختارَ الجمال فقط فجعلته تلك الحسناء يكره جنس النِّساء!
وكم من فتاةٍ اختارت الوسيم فقط فما عادت بعد ذلك لسوء خلقه تطيق النظرَ في وجهه!
إذا وجدتم الإيمان والأخلاق فابحثوا عن بقيَّةِ الصفات، وإذا لم تجدوها فاقلبوا الصَّفحة! لا تلقُوا بأيديكم إلى نارٍ ستحرقكم، وإياكم أن تُراهِنوا على تغيير الشّريك، الفتاة التي لم يردعها وعيد ربِّها، ولم يربّها أهلها، فلن تُغيرها أنتَ، والشَّابُ الذي لا يأتيكِ مؤمناً خلوقاً منذ البداية لا تُغامري بنفسكِ معه، نادراً ما يتغيَّرُ النّاس!

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
...المزيد

‏السّلام عليكَ يا صاحبي، ‏ينفطرُ قلبي حين أقرأ في كتبِ الحديث ‏ أنَّ صحابياً سأل آخر: من ...

‏السّلام عليكَ يا صاحبي،
‏ينفطرُ قلبي حين أقرأ في كتبِ الحديث
‏ أنَّ صحابياً سأل آخر: من أين؟
‏فقال له: من عند النَّبي ﷺ
‏وصحابياً لقيَ صحابياً في الطريق
‏فقال له: إلى أين؟
‏ فقال له: إلى النَّبي
‏هكذا بهذه البساطة،
‏ وبهذا الجمال،
‏من عند النَّبي ﷺ وإليه!

‏وددتُ لو أني آتيه،
‏ فأقولُ له: يا رسول الله، قلبي يؤلمني!
‏فيمسحُ على صدري، ويُصبرني،
‏ ولعله يقول لي: لا تبتئسْ إنما هي أيام وتمضي!
‏أو لعله يضعُ يده فوق قلبي ويقول: اُثْبُتْ قلب!
‏فيثبتُ ويطمئن، فقد ثبتَ أُحدٌ حين نادى عليه!

‏وددتُ لو أني إذا اشتقتُ إليه،
‏وصدر مني نشيجُ المشتاق،
‏رقَّ لي كما رقَّ للجذعِ،
‏ فيحتضنني كما احتضَنَه
‏ثم بعدها، على الدنيا السّلام!

‏وددتُ لو أني إذا خاصمتُ حبيباً جئته فطلبتُ شفاعته،
‏ فمشى معي يرممُ شرخَ قلبي،
‏ تماماً كما سعى في شوق مغيثٍ حين تركته بريرة،
‏ وقال لها: لو راجعته!

‏وددتُ لو أثقلني دَيْنٌ فجئته شاكياً،
‏ فمشى معه يستشفعُ المدينين لي،
‏ تماماً كما مشى في دين جابرٍ،
‏ وقال لليهودي الذي له عليه دين: أَنْظِرْ جابراً!

‏وددتُ لو أساءَ لي صديقٌ فجئته متوجعاً،
‏ فانتصرَ لي، كما انتصرَ لبلالٍ حين قال له أبو ذر: يا ابن السوداء!
‏فقال له: أعيرته بأمه، إنك امرؤ فيكَ جاهلية!
‏أو لعلي كنتُ يومها عزيزاً على قلبه كأبي بكر،
‏ فغضبَ لي، وقال: هل أنتم تاركو لي صاحبي!

‏وددتُ لو أني إذا مرضتُ عادني في بيتي،
‏ كما عاد سعد بن أبي وقاصٍ، وربتَ على قلبه!

‏وددتُ لو أحزنني شيءٌ فواساني،
‏كما واسى صبياً ماتَ عصفوره!

‏وددتُ لو أهمني أمر صغير حتى،
‏فجئته ليخفف عني، ويمشي لي فيه،
‏ كما مشى مع جاريةٍ صغيرةٍ يشفعُ لها عند أهلها،
‏ حين أرسلوها في حاجةٍ لهم فتأخرت عنهم!

‏وددتُ لو أني سافرتُ معه،
‏ فحرسته بقلبي وعيوني،
‏ فلعله نام على دابته من تعبه،
‏ فأسندته، فقال لي كما قال لأبي طلحة: حفظكَ الله كما حفظتَ نبيه!

‏وددتُ لو قاتلتُ معه يوم أحدٍ،
‏لأسبقَ طلحة، وأحني ظهري قبله،
‏ ليدوس عليه ويصعد الصخرة، ثم يقول: أوجبَ أدهم!

‏وددتُ لو أنها كلما ضاقتْ
‏مرَّ بي كما مرَّ بآل ياسرٍ،
‏وقال: صبراً ياسرٍ فإن موعدكم الجنة!
‏كان ليهون كلَّ شيءٍ عندي وقتها!

‏حبيبي يا رسول الله، كم أشتاقُ إليكَ

‏والسّلام لقلبكَ.
أدهم الشرقاوى.
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
22 ذو الحجة 1445
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً