(وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) اجتمعت دعوة الأنبياء على كلمة سواء { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ...

(وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)

اجتمعت دعوة الأنبياء على كلمة سواء { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ }، ولذا احتلت قضية اجتناب الطاغوت مساحة كبيرة في الإسلام جعلتها حدّ الإيمان والكفر، فصار الإيمان بالله تعالى والاستمساك بعروته الوثقى لا يتم إلا بالكفر بالطاغوت لقوله تعالى: { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ }

• اقتباس
من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 457
...المزيد

وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ • ومن الطواغيت المعاصرة: طاغوت الوطن والوطنية، فغدا الوطن هو الغاية ...

وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ

• ومن الطواغيت المعاصرة: طاغوت الوطن والوطنية، فغدا الوطن هو الغاية العظمى، يقاتلون في سبيله ويتسابقون لتحريره من حكم طاغوت إلى حكم آخر.

وصارت الوطنية تجبُّ عن صاحبها كل كفر! فمن قاتل للوطن عدّوه شهيدا مجيدا حتى لو كان شيوعيا أو رافضيا شيعيا بل ولو كان نصرانيا يعتقد التثليث لا التوحيد! والله تعالى يقول: { الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ }.

ومن الطواغيت المعاصرة: طاغوت "الحرية الشخصية" التي يتشدق بها كفار الغرب والشرق، وحقيقتها الحرية المطلقة، المنافية للعبودية المطلقة لله تعالى، أي: أن يقول أو يفعل المرء ما شاء ومتى شاء، وكيفما شاء، دون ضابط من دين أو شرع، طالما أنه يوافق رغبته وهواه، فيصبح الهوى بذلك الأساس المتبع والسيد المطاع، وبعبارة أوضح وأكثر صراحة: الإله المعبود كما قال الله تعالى: { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ }.

ومن الطواغيت المعاصرة الأحزاب والحركات المرتدة التي يتبعها أتباعها في كل حين، ويؤيدونها على الحق والباطل، ويضمرون لها من صفات العصمة والتقديس ما يضاهي عصمة الأنبياء وقداسة الشريعة، ولذلك تجاوزوا بها حد الطاعة والاتباع فغدت طاغوتا معبودا من دون الله، حجبهم عن اتباع الحق والفيء إليه حتى انتهى بهم المطاف جنودا وبيادق في محاور وأحلاف الرافضة والنصارى الكافرين.

وجريا على القواعد التي قعّدها علماء الملة استقاء من نصوص الكتاب والسنة، فإن صور الطواغيت أكثر من أن تُحصى أو تحصر في مقال، فقد يكون الطاغوت حاكما أو عالما أو رويبضة مشهورا أو ساحرا مغمورا... أو كما قال الطبري في عبارته الجامعة: "إنسانا كان ذلك المعبود، أو شيطانا، أو وثنا، أو صنما، أو كائنا ما كان من شيء". ولئن كان رأس الطواغيت بالأمس الشيطان وأبرز صوره الأوثان، فإن رأس الطاغوت في عصرنا هو هو، غير أن أبرز صوره الإنسان وما انبثق عنه من أفكار ومذاهب تنافي وتناقض الإيمان.

وأيًّا كانت صورة الطاغوت اليوم، فإن الواجب على المسلم الكفر بها، وذلك لا يكون إلا بالبراءة منها وبغضها وعداوتها ومحاربتها ومدافعتها ومفارقة جيوشها وصفوفها، مهما نزل بالمسلم من بلية ومهما خُذل من البرية، فحسبه سلامة الدين إن أصيب في دنياه، والبشرى من مولاه كما قال سبحانه: { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ }.

• مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد "457"
الخميس 18 صفر 1446 هـ
وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
...المزيد

وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ • اجتمعت دعوة الأنبياء على كلمة سواء {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ...

وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ

• اجتمعت دعوة الأنبياء على كلمة سواء {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، ولذا احتلت قضية اجتناب الطاغوت مساحة كبيرة في الإسلام جعلتها حدّ الإيمان والكفر، فصار الإيمان بالله تعالى والاستمساك بعروته الوثقى لا يتم إلا بالكفر بالطاغوت لقوله تعالى: {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ}، قال ابن كثير: "قال مجاهد: يعني: الإيمان، وقال السدي: الإسلام، وقال سعيد بن جبير والضحاك: يعني: لا إله إلا الله، وعن أنس بن مالك: القرآن، وعن سالم بن أبي الجعد: هو الحب في الله والبغض في الله"، قال ابن كثير: "وكل هذه الأقوال صحيحة ولا تنافي بينها"، فتأمل مقام اجتناب الطاغوت في الإسلام أين بلغ وماذا جمع.

وقد أجاد أئمة السنة في بيان حقيقة الطاغوت وصوره والتشديد في التحذير منه والدعوة إلى اجتنابه أسوة بالأنبياء، فقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "الطاغوت: ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع"، وقال الإمام ابن عبد الوهاب: "الطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة: إبليس - لعنه الله -، ومن عُبد وهو راضٍ، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئا من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله"؛ وتأمل عمق التوصيف ودقة العبارة التي اتخذها الإمام بقوله: "الطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة"، فدلَّ هذا على تعدّد وتنوّع صور الطواغيت، واتخاذها أشكالا مختلفة ومتجددة بحسب كل زمان، وهو ما أدركه وأكده الإمام الطبري حين قال: "الصواب من القول عندي في الطاغوت، أنه كل ذي طغيان على الله! فعُبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، وإنسانا كان ذلك المعبود، أو شيطانا، أو وثنا، أو صنما، أو كائنا ما كان من شيء".

فيُفهم مما سبق أنّ الطاغوت الذي أُمرنا باجتنابه والكفر به، يتخذ في كل عصر أشكالا وصورا جديدة للترويج لعبادته المنافية لعبادة الله تعالى، وهذا يحتّم على ورثة الأنبياء، اتباعَ سبيلهم وانتهاجَ منهجهم في تبيان الطواغيت وتحديثاتهم في كل عصر، وزجر الناس عنها، وبالأخص في عصرنا الذي غدت فيه صناعة الطاغوت الحرفة الرائجة والمهنة الشائعة، بل وصارت بضاعة المُضلين من الكبراء الذين استكبروا، ومتاع الضالين من الضعفاء الذين اتبعوا، فقد توسعت هذه الصناعة الإبليسية في عصرنا حتى طغت وبغت ودخلت كل بيت، وزاحمت المسلم في توحيده وعبادته وفطرته وأخلاقه، وغدا - صدقا وعدلا - أنّ إيمان العبد لا يستقيم ولا يسلم إلا باجتناب الطاغوت والكفر به.

وأدّت وسائل الإعلام الخبيثة في عصرنا دورا كبيرا في الترويج لصناعة الطاغوت، وتعليبها وتغليفها وتوزيعها على الزبائن المتلقين، لتكون جاهزة للاستهلاك، بأشكال ونماذج جديدة وحلل وحيل متعددة لإغواء الناس باتباعها وعبادتها من دون الله تعالى، ولا عجب فقد توعد زعيم الطواغيت "إبليس" بني آدم منذ طرده من الجنة بصرفهم عن عبادة الله، كما في قوله: { لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ }، قال ابن عباس: "أي طريق الحق وسبيل النجاة، ولأضلنهم عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك!". [التفسير]

ومن أبرز صور الطواغيت المعاصرة: طاغوت الديمقراطية وما اتصل بها من أحكام وقوانين ومواثيق وأنظمة ومحاكم كفرية تحارب الله تعالى وتنازعه في حاكميته وشريعته، ويلحق بها - قطعا - الطاغوت الحاكم بغير ما أنزل الله الذي يحكم بالدساتير الوضعية الشركية ويدعو الناس إلى التزامها واحترامها، وبالجملة فكل ما اتصل بمنظومة الديمقراطية فهو طاغوت وجب الكفر به وترك التحاكم إليه، قال تعالى: { يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ }.

ومن الطواغيت المعاصرة: طاغوت "الإنسانية" التي تروج لها وسائل الإعلام ودعاة التقارب بين الأديان على مدار الساعة ويضعونها بديلا لرابطة الإسلام، فالناس في "الإنسانية" سواء وأولياء بغض النظر عن دينهم كفارا كانوا أو مسلمين! عبادا لله أو للطاغوت! والله تعالى يقول: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ }؛ فلا ولاية ولا محبة ولا نصرة إلا للمسلم، والبغض والعداوة للكافر ولا اعتبار لإنسانيته عند انتقاض أو انعدام توحيده.

• مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد "457"
الخميس 18 صفر 1446 هـ
وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
...المزيد

في سبيل الأوطان • جاء في السنة المطهرة ضمن صور القتال الباطلة: (الرجل يقاتل شجاعة) أي أن طبعه ...

في سبيل الأوطان

• جاء في السنة المطهرة ضمن صور القتال الباطلة: (الرجل يقاتل شجاعة) أي أن طبعه مجبول على الشجاعة فهو يقاتل بها وتغلب عليه، (ويقاتل حميّة) يعني عن قومه ووطنه كما هو حال أغلب قتال "حركات التحرر" اليوم، ومع ذلك لم تكن الشجاعة وحدها كافية لتصحيح النية وتزكية القتال أو المقاتل، ما لم يكن في سبيل الله تعالى، نصرة للشريعة ومراغمة لأعدائها.

وبالتالي، فالشجاعة بغير توحيد لا تنفع صاحبها سوى في الدنيا، كقولهم: إن فلانا شجاع، وقد قيل! أما في الآخرة فلا اعتبار للشجاعة بدون توحيد صاف وعقيدة سليمة توافق اعتقاد أهل السنة والجماعة الذين ليس منهم بالقطع "الإمام الخميني!" ولا "سورية الأسد!" ولا "حزب الشيطان" الذي يمثل الشطر الأهم من جند الشام! " بحسب تعبير "جيفارا العرب".

وقد جاء في حديث آخر أورده الإمام البخاري في باب: (إذا بقي حثالة من الناس)، يصف فيه حال آخر الزمان حين تختل موازين الناس، فيتمادحون ويتفاخرون بكل شيء إلا الإيمان، (ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبّة خردل من إيمان!) ، أي يكون الرجل فطنا، فصيحا، وقويا شجاعا وليس في قلبه أدنى درجات الإيمان.

• مقتبس صحيفة النبأ العدد 446
...المزيد

ادفعوا المجزرة بالمجزرة وفلّوا الحديد بالحديد واحقنوا دماء المسلمين بسفك دماء الكافرين • لا شيء ...

ادفعوا المجزرة بالمجزرة وفلّوا الحديد بالحديد واحقنوا دماء المسلمين بسفك دماء الكافرين

• لا شيء يدفع المجزرة عن أمة الاسلام غير المجزرة، واقرأوا التاريخ أيها "الإسلاميون" لكي تعرفوا كيف كان المسلمون! اقرأوا سير الصحابة والفاتحين، اقرأوا عن بأس الصدّيق يوم حروب الردة، اقرأوا عن مغازي خالد بن الوليد ونكايته بالكافرين، اقرأوا تاريخ الإسلام من مظانه فهو التطبيق العملي لما جاء في الوحيين، اقرأوا وامتثلوا قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }، وقوله سبحانه: { فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ }، اقرأوا تاريخكم بوحييه لتعلموا أن المسلمين دفعوا المجزرة بالمجزرة، وفلّوا الحديد بالحديد، وحقنوا دماء المسلمين بسفك دم الكافرين، فأدموا الروم والفرس وقبلهم المشركين والمرتدين، نصروا الإسلام بالجهاد الذي لا يستحي من النكاية والبأس والغلظة والشدة على الكافرين حتى امتلأت الصحارى بنتن قتلاهم، وكان زهم الموت يملأ الأجواء، هكذا واجه سلفُنا السابقون المجزرة ودفعوها.


• افتتاحية النبأ - في زمن المجزرة 456
...المزيد

لله لا للوطن "٤" • شبهات وردود: دائماً ما يُشغِّبُ الوطنيّون بأنَّ حبَّ الوطن من الإيمان! ...

لله لا للوطن "٤"

• شبهات وردود:

دائماً ما يُشغِّبُ الوطنيّون بأنَّ حبَّ الوطن من الإيمان! ويتغنَّون بأنَّ الموتَ في سبيل الوطن شهادة! وغيرهما من الشبه التي يُلقونها في أسماع رعيّتهم.

وللردّ على ذلك نقول: أما مقولة (حبُّ الوطن من الإيمان) فلا هي بحديث ولا أثر، فهي مقولة ساقطة تعارض الشرع، لأنَّ جعل حبِّ الوطن أحد معايير أو درجات الإيمان فيه افتئات على شرع الله تعالى. وأما مقولة (الموت دفاعاً عن الوطن شهادة) فهذه فِرية واضحة، فالشهيد هو مَن ق、اتل لتكون كلمة الله هي العليا كما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم، أما مقولة: "من قُتل دون أرضه فهو شهيد" فهي زيادة على حديث (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) الذي أخرجه أحمد وأبو داود والنّسائي والتّرمذي بسندٍ صحيحٍ، ولم نعثر على هذه الزيادة في كتب الحديث! ولو سلّمنا جدلاً بأنَّ هذه المقولة صحيحة؛ فإنَّ الأرض التي يقاتل المسلم دفاعاً عنها هي دارُ الإسلام التي تُحكَم بشريعة الله، فيُدافعُ عنها المجاهدُ ويقاتلُ كلَّ مَنْ يصولُ عليها حفاظاً على أحكام الإسلام التي تعلوها لا حفاظاً على تربتها التي قد تصيرُ في يومٍ ما دارَ كفرٍ وردةٍ وحرابةٍ كما في الكثير من البلدان اليوم.

• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 5
مقال: "لله لا للوطن"
السنة السابعة - السبت 2 صفر 1437 هـ
...المزيد

لله لا للوطن "٣" • بعضُ مفاسدِ دينِ الوطنيّة: خامساً: في الوطنيّة تعطيل لجهاد الطّلب: وهو أحد ...

لله لا للوطن "٣"

• بعضُ مفاسدِ دينِ الوطنيّة:

خامساً: في الوطنيّة تعطيل لجهاد الطّلب: وهو أحد نوعي الجهاد في سبيل الله، والذي يكون بقتال الكفّار في عقر دارهم حتى تكون كلمة الله هي العليا، أمّا عند الوطنيّين فالجهاد لا يتجاوز الدّفاع عن حدود الوطن ضدَّ الاعتداء الخارجيّ، والغاية العظمى لهم هو الحفاظ على وحدة تراب الوطن وسلامة أراضيه.

لذلك تجد الكثير من الفصائل المنحرفة ممّن تلبّس بضلالة الوطنيّة يسارع في تطمين الطواغيت المجاورين للبلاد التي يقاتل فيها، إنّه لا يقصد من قتاله سوى "تحرير وطنه من المحتلّ"، وأنّه لن يشكل خطراً عليهم، وأنه حريص على علاقات "حسن الجوار" مع هؤلاء الطواغيت. وهذا الأمر تعطيل صريحٌ لفريضة الجهاد، وردٌّ للأحكام المعلومة من الدّين بالضّرورة في قتال الكفّار حيثما وُجدوا حتى يُعبد الله وحده، ويزول الشّرك من الأرض ويُحكم بما أنزل الله.

سادساً: في الوطنية الفُرقة والاختلاف: كونها تفرِّق بين المسلمين، وتجعلهم أوطاناً وقوميّات متنافرة، كلٌ منها يتعصَّب لأرضه وتاريخه وتراثه، فهي تفصل المسلم العربيّ عن أخيه المسلم العجَميّ، بل وتفرِّق بين العرب أنفسهم، فهذا عراقيّ وذاك سوريّ وهناك مصريّ...إلخ، وكذا تفرّق بين المسلمين العجم كالأتراك والكُرد والفرس، وفي ذلك تضادٌّ مع أمر الله بالتجمّع والاعتصام، كما في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣]، وفيه مساس بأخوّة الدّين التي وصفها الله تعالى بقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، وهي الصّورة النّاصعة التي جسّدها الصحابةُ (رضي الله عنهم)، فحمزة القرشي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي جمعهم الإسلامُ لا الوطن.

سابعاً: الوطنية من دعاوى الجاهليّة: فالإسلامُ حارب دعاوى الجاهليّة سواء كانت مرتبطة بلون أو جنس أو عرق أو وطن أو مذهب... إلخ، ولا شكَّ أنَّ دعوة القوميّة والوطنيّة دعوة إلى غير الإسلام، قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية: "كل من خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة، فهو من عزاء الجاهلية" [مجموع الفتاوى]، ولا شكَّ أنَّ أرباب القوميّة والوطنيّة يدعون إلى قوميّة عصبيّة ووطنيّة جاهليّة ويتفاخرون بالعروبة والوطن، والإسلام براءٌ منهم ومن مناهجهم الكفريّة.

• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 5
مقال: "لله لا للوطن"
السنة السابعة - السبت 2 صفر 1437 هـ
...المزيد

لله لا للوطن "٢" • بعضُ مفاسدِ دينِ الوطنيّة: أولا: الوطنية شركٌ بالله تعالى: الوطنية دينٌ ...

لله لا للوطن "٢"

• بعضُ مفاسدِ دينِ الوطنيّة:

أولا: الوطنية شركٌ بالله تعالى: الوطنية دينٌ باطلٌ، ومنهجٌ جاهليٌّ يدعو لاتخاذ الوطن وثناً وطاغوتاً يُعبد من دون الله، فهي تُلزم الناس بالعمل لها وحدها، والتضحية والقتال في سبيلها، وصرف البغض والبراء لكل خارج عن حدود أرضها وإن كانوا أولياء لله، وصرف الحبّ والولاء لكل داخل في حدودها وإنْ كانوا من أعظم الناس كفراً وأغلظهم شركاً؛ وهي بهذا تكون نداً معبوداً من دون الله، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: ١٦٥].

ثانياً: الوطنية تنقضُ عقيدةَ الولاء والبراء: ذلك أنَّ أصل الولاء والبراء في الإسلام قائمٌ على المفاصلة والمفارقة بين المسلمين وغيرهم على أساس الدّين، كما قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: ٥٥]، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} [المائدة: ٥٧]، أما الوطنيّون فالموالاة عندهم قائمة على أساس الانتماء للأرض التي تحيطها حدود الوطن، وهذا يلزم منه إزالة الفوارق التي وضعها اللهُ سبباً شرعياً للمفاصلة مع الكفار، وتلك مصادمة صريحة لنصوص الشّرع الصّحيحة، قال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١٣٨-١٣٩].

ثالثاً: الوطنية تعطّلُ أحكام الديار والهجرة: ذلك أنّ جَعْلَ الرابط الوطنيّ مهيمناً على رابط الدّين يَلزم منه اختلاط الأحكام على الناس، فمن الأمور المستقرّة في الشريعة أنَّ دار الكفر التي تعلوها أحكام الكفر تختلف عن دار الإسلام التي تعلوها أحكام الإسلام وتُحكم بما أنزل الله، ولكلٍ منهما أحكامها التي تميّزها، ومن هذه الأحكام وجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، أما في دين الوطنية فلا مجال للكلام عن هذه المسائل البتّة، لأنَّ المواطن يلزم الوطن، بل ويدافع عنه وإن كان ذلك الوطن دارَ كفر وردّة وحرابة.

رابعاً: الوطنيّة تلغي التمايز بين المسلمين والكفّار: فتخلط بذلك بين مسمّى الإيمان ومسمّى الكفر؛ لأنَّ جَعْلَ الانتماء للأرض أساساً لمعاملة الناس يُزيل حتماً الفوارق المبنية على أساس الدّين، والتي جعلها الله السّبب الشّرعي للتّمييز بين النّاس في الدّنيا والآخرة، فالوطنيّة تجعل الناس مؤمنَهم وكافرَهم، برّهم وفاجرهم في مرتبة واحدة، وهذا تكذيبٌ صريحٌ لنصوص الدّين القطعية، التي منها: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٥-٣٦]، ومنها: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: ٢٨].

• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 5
مقال: "لله لا للوطن"
السنة السابعة - السبت 2 صفر 1437 هـ
...المزيد

سينضر تولز واحد۳دي لكونصول جبيا نعتمده في قصص مصوره .......... اخترع ...

سينضر تولز واحد۳دي لكونصول جبيا نعتمده
في قصص مصوره
..........
اخترع قصه الان
الهروب من جحيم۷ الكابوس۲۲ بدء
حيث عمر وبيضا يي في بيت عنكبوت بل متاهه
صدا صوت التواصل وحيد يكلف ..
هل يجتمعون
...المزيد

الحُجب العشرة • قال ابن القيم - رحمه الله - والحجب عشرة: ▪ الأول: حجاب التعطيل، ونفي حقائق ...

الحُجب العشرة

• قال ابن القيم - رحمه الله - والحجب عشرة:

▪ الأول: حجاب التعطيل، ونفي حقائق الأسماء والصفات، وهو أغلظها، فلا يتهيأ لصاحب هذا الحجاب أن يعرف الله، ولا يصل إليه ألبتة إلا كما يتهيأ للحجر أن يصعد إلى فوق.

▪ الثاني: حجاب الشرك، وهو أن يتعبد قلبه لغير الله.

▪ الثالث: حجاب البدعة القولية، كحجاب أهل الأهواء، والمقالات الفاسدة على اختلافها.

▪ الرابع: حجاب البدعة العملية، كحجاب أهل السلوك المبتدعين في طريقهم وسلوكهم.

▪ الخامس: حجاب أهل الكبائر الباطنة، كحجاب أهل الكبر والعجب والرياء والحسد، والفخر والخيلاء ونحوها.

▪ السادس: حجاب أهل الكبائر الظاهرة، وحجابهم أرق من حجاب إخوانهم من أهل الكبائر الباطنة، مع كثرة عباداتهم وزهاداتهم واجتهاداتهم، فكبائر هؤلاء أقرب إلى التوبة من كبائر أولئك، فإنها قد صارت مقامات لهم لا يتحاشون من إظهارها وإخراجها في قوالب عبادة ومعرفة، فأهل الكبائر الظاهرة أدنى إلى السلامة منهم وقلوبهم خير من قلوبهم.

▪ السابع: حجاب أهل الصغائر.

▪ الثامن: حجاب أهل الفضلات، والتوسع في المباحات.

▪ التاسع: حجاب أهل الغفلة عن استحضار ما خلقوا له وأريد منهم، وما لله عليهم من دوام ذكره وشكره وعبوديته.

▪ العاشر: حجاب المجتهدين السالكين، المشمرين في السير عن المقصود.

◾ فهذه عشر حجب بين القلب وبين الله سبحانه وتعالى، تحول بينه وبين هذا الشأن، وهذه الحجب تنشأ من أربعة عناصر: عنصر النفس، وعنصر الشيطان، وعنصر الدنيا، وعنصر الهوى، فلا يمكن كشف هذه الحجب مع بقاء أصولها وعناصرها في القلب ألبتة.

[مدارج السالكين]


▫المصدر: إنفوغرافيك النبأ - الحُجب العشرة
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 464
الخميس 21 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

حقيقة الإخلاص وسبل تحقيقه • فائدة: قال ابن القيم -رحمه الله-: "وهذا الشّرك في العبادة يبطل ...

حقيقة الإخلاص وسبل تحقيقه

• فائدة:

قال ابن القيم -رحمه الله-: "وهذا الشّرك في العبادة يبطل ثواب العمل، وقد يعاقب عليه إذا كان العمل واجبا، فإنّه ينزله منزلة من لم يعمله، فيعاقب على ترك الأمر، فإنّ اللّه سبحانه إنّما أمر بعبادته عبادة خالصة، فمن لم يخلص للّه في عبادته لم يفعل ما أمر به، بل الّذي أتى به شيء غير المأمور به، فلا يصحّ ولا يقبل منه" [الجواب الكافي].

• تحقيق الإخلاص:

وتحقيق الإخلاص ليس أمراً سهلا على النفس، وقد يسهل عليها في وقت دون آخر حسب قوة الإيمان وضعفه، وعليه؛ فلا بد من التحقق منه وتذكير النفس به عند كل عبادة، خصوصا وأن الإيمان يزيد وينقص، ومما يعين على أطر النفس على تحقيق الإخلاص وتجنيبها الرياء: التأمل في عاقبة الرياء وعاقبة الإخلاص، والتفكر في حقيقة من يرائي لهم العبد وأنهم لا ينفعونه ولا يضرون، قال ابن القيم في مدارجه: "فالعمل لأجل الناّس، وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم، ورجاؤهم للضّرّ والنّفع منهم لا يكون من عارف بهم البتّة، بل من جاهل بشأنهم، وجاهل بربّه، فمن عرف النّاس أنزلهم منازلهم، ومن عرف اللّه أخلص له أعماله وأقواله، وعطاءه ومنعه وحبّه وبغضه، ولا يعامل أحد الخلق دون اللّه إلّا لجهله باللّه وجهله بالخلق، وإلّا فإذا عرف اللّه وعرف الناّس آثر معاملة اللّه على معاملتهم".

ومما يعين على تحقيق الإخلاص التأمل في صفات عباد الله المخلصين، الذين وصفهم ابن القيم في قوله: "أعمالهم كلّها للّه، وأقوالهم للّه، وعطاؤهم للّه، ومنعهم للّه، وحبّهم للّه، وبغضهم للّه، فمعاملتهم ظاهرا وباطنا لوجه اللّه وحده، لا يريدون بذلك من النّاس جزاء ولا شكورا، ولا ابتغاء الجاه عندهم، ولا طلب المحمّدة، والمنزلة في قلوبهم، ولا هربا من ذمّهم، بل قد عدّوا النّاس بمنزلة أصحاب القبور، لا يملكون لهم ضرّا ولا نفعا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا" [المدارج].

ومما يعين على الإخلاص: سؤال الله تعالى أن يطهّر قلوبنا من شرك الرياء، وأن يعيننا على الإخلاص في الأقوال والأعمال، فإن القلوب بين يديه سبحانه يقلّبها كيف يشاء.

• أعمال صالحة لكن أُحبطت!

تقدم أنه لا بد للعمل المقبول أن يكون صالحا موافقا للشرع وخالصا لا يشوبه الشرك، وقد نقل لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة مشاهد رهيبة من يوم الحساب، لثلاثة رجال عملوا أعمالا صالحة ولكن شابها شرك الرياء وانعدم فيها الإخلاص فكان عاقبة أهلها النار، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنّ أوّل النّاس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتّى استشهدت قال كذبت ولكنّك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثمّ أمر به فسحب على وجهه حتّى ألقي في النّار ورجل تعلّم العلم وعلّمه وقرأ القرآن فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال فما فعلت فيها قال تعلّمت العلم وعلّمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنّك تعلّمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثمّ أمر به فسحب على وجهه حتّى ألقي في النّار ورجل وسّع اللّه عليه وأعطاه من أصناف المال كلّه فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحبّ أن ينفق فيها إلّا أنفقت فيها لك قال كذبت ولكنّك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثمّ أمر به فسحب على وجهه ثمّ ألقي في النّار) [مسلم]، فتأمل حال هؤلاء الثلاثة كيف أنهم عملوا في الدنيا أعمالهم الصالحة تلك، من جهاد وقراءة قرآن وإنفاق، لكنهم لم يحققوا فيها الإخلاص، فخسروا في الدنيا والآخرة، والله المستعان.

أخيرا، هذه همسة في أذنك أيها العبد المجاهد، كونك أقرب لأسباب الموت من غيرك، أن تجدد الإخلاص دوما في أعمالك عموما وجهادك خصوصا، فإن مفسدات النفس والشيطان له كثيرة، وطرق تسرب الرياء إليه متعددة، فلا بد من مجاهدة النفس وأطرها على الإخلاص، نسأل الله أن يجعل أعمالنا كلها صالحة وإليه سبحانه خالصة، والحمد لله رب العالمين.


▫ المصدر: مقالات النبأ - حقيقة الإخلاص وسبل تحقيقه
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 466
الخميس 21 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

حقيقة الإخلاص وسبل تحقيقه - أمر الله تعالى عباده بالإخلاص في عبادته، قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا ...

حقيقة الإخلاص وسبل تحقيقه

- أمر الله تعالى عباده بالإخلاص في عبادته، قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة]، وجعله الأصل في قبول العمل؛ فلا يُقبل العمل بدونه مهما عَظُم؛ ولأجل هذه المكانة العظيمة للإخلاص في دين الله؛ سنحاول في هذا المقال أن نقف على معناه، وحقيقته، وسبل تحقيقه، إن شاء الله تعالى.

• ما هو الإخلاص؟

الإخلاص لغة: تصفية الشيء وتنقيتُه، أما اصطلاحا فقد عرفه أهل العلم عدة تعريفات، ولا تخرج عما قاله الإمام ابن القيم -رحمه الله- في قوله: "والإخلاص: أن يخلص للّه في أفعاله وأقواله وإرادته ونيّته، وهذه هي الحنيفيّة ملّة إبراهيم الّتي أمر اللّه بها عباده كلّهم، ولا يقبل من أحد غيرها، وهي حقيقة الإسلام" [الداء والدواء].

• حقيقته:

وحقيقة الإخلاص هي تصفية العمل كله لله -جل وعلا- ليس لأحد فيه شريك حتى نفسك، قال القرطبي -رحمه الله-: "والإخلاص حقيقته تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين" [التفسير]؛ ذلك أن العمل الصالح إذا خالطه الرياء للمخلوقين فقد أُشرِك فيه مع الله، وفي الحديث القدسي قال اللّه تبارك وتعالى: (أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) [مسلم].

• لا يقبل العمل إلا به:

جعل الله تعالى تحقيق العبادة في أصلين عظيمين لا ينفكان عن بعضهما ولا يُقبل أحدهما دون الآخر؛ وهما: أن لا يكون العمل إلا بما شرعه الله ورسوله، وأن يكون خالصا لله عزّ وجلّ، قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف]، قال ابن كثير في تفسيره: "(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ) أي ثوابه وجزاءه الصّالح، (فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا) أي ما كان موافقا لشرع اللّه، (وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) وهو الّذي يراد به وجه اللّه وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبّل، لا بدّ أن يكون خالصا للّه صوابا على شريعة رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-"؛ فتحقيق الإخلاص هو أصل الدين وركنه الذي عليه يدور قبول الأعمال وردّها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فلا بد من العمل الصّالح وهو الواجب والمستحب ولا بد أن يكون خالصا لوجه الله تعالى.. وهذا الأصل هو أصل الدّين وبحسب تحقيقه يكون تحقيق الدّين وبه أرسل الله الرّسل وأنزل الكتب وإليه دعا الرّسول وعليه جاهد وبه أمر وفيه رغب وهو قطب الدّين الّذي تدور عليه رحاه" [العبودية].

• فائدة:

قال ابن القيم -رحمه الله-: "وهذا الشّرك في العبادة يبطل ثواب العمل، وقد يعاقب عليه إذا كان العمل واجبا، فإنّه ينزله منزلة من لم يعمله، فيعاقب على ترك الأمر، فإنّ اللّه سبحانه إنّما أمر بعبادته عبادة خالصة، فمن لم يخلص للّه في عبادته لم يفعل ما أمر به، بل الّذي أتى به شيء غير المأمور به، فلا يصحّ ولا يقبل منه" [الجواب الكافي].

• تحقيق الإخلاص:

وتحقيق الإخلاص ليس أمراً سهلا على النفس، وقد يسهل عليها في وقت دون آخر حسب قوة الإيمان وضعفه، وعليه؛ فلا بد من التحقق منه وتذكير النفس به عند كل عبادة، خصوصا وأن الإيمان يزيد وينقص، ومما يعين على أطر النفس على تحقيق الإخلاص وتجنيبها الرياء: التأمل في عاقبة الرياء وعاقبة الإخلاص، والتفكر في حقيقة من يرائي لهم العبد وأنهم لا ينفعونه ولا يضرون، قال ابن القيم في مدارجه: "فالعمل لأجل الناّس، وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم، ورجاؤهم للضّرّ والنّفع منهم لا يكون من عارف بهم البتّة، بل من جاهل بشأنهم، وجاهل بربّه، فمن عرف النّاس أنزلهم منازلهم، ومن عرف اللّه أخلص له أعماله وأقواله، وعطاءه ومنعه وحبّه وبغضه، ولا يعامل أحد الخلق دون اللّه إلّا لجهله باللّه وجهله بالخلق، وإلّا فإذا عرف اللّه وعرف الناّس آثر معاملة اللّه على معاملتهم".

ومما يعين على تحقيق الإخلاص التأمل في صفات عباد الله المخلصين، الذين وصفهم ابن القيم في قوله: "أعمالهم كلّها للّه، وأقوالهم للّه، وعطاؤهم للّه، ومنعهم للّه، وحبّهم للّه، وبغضهم للّه، فمعاملتهم ظاهرا وباطنا لوجه اللّه وحده، لا يريدون بذلك من النّاس جزاء ولا شكورا، ولا ابتغاء الجاه عندهم، ولا طلب المحمّدة، والمنزلة في قلوبهم، ولا هربا من ذمّهم، بل قد عدّوا النّاس بمنزلة أصحاب القبور، لا يملكون لهم ضرّا ولا نفعا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا" [المدارج].

ومما يعين على الإخلاص: سؤال الله تعالى أن يطهّر قلوبنا من شرك الرياء، وأن يعيننا على الإخلاص في الأقوال والأعمال، فإن القلوب بين يديه سبحانه يقلّبها كيف يشاء.


▫ المصدر: مقالات النبأ - حقيقة الإخلاص وسبل تحقيقه
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 466
الخميس 21 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
4 ربيع الأول 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً