أعظم الأخوّة • لا أخوة أعظم من أخوة الإيمان، فهي الرابطة المتينة التي جمع الله بها بين الذين ...

أعظم الأخوّة

• لا أخوة أعظم من أخوة الإيمان، فهي الرابطة المتينة التي جمع الله بها بين الذين رضي عنهم من خلقه فقال: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..)، وشبهها نبيه بالبنيان فقال: ( إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وشَبَّكَ أَصَابِعَهُ) [ متفق عليه ]، قال ابن رجب: ويفهم من تشبيكه: أن تعاضد المؤمنين بينهم كتشبيك الأصابع بعضها في بعض فكما أن أصابع اليدين متعددة فهي ترجع إلى أصل واحد ورجل واحد، فكذلك المؤمنون وإن تعددت أشخاصهم فهم يرجعون إلى أصل واحد، وتجمعهم أخوة النسب إلى آدم ونوح، وأخوة الإيمان.

[ إفتتاحية النبأ - يشد بعضه بعضا - العدد: 438 ]
...المزيد

إنَّ لها ما بعدها - بإذن الله تعالى - • ويا جنود الإسلام وأنصار الخلافة في كل مكان، كثفوا ...

إنَّ لها ما بعدها - بإذن الله تعالى -

• ويا جنود الإسلام وأنصار الخلافة في كل مكان، كثفوا الضربات تلو الضربات واجعلوا مراكز إعلام أهل الكفر ودور حربهم الفكرية ضمن الأهداف، فمن لكعب بن الأشرف وحمالة الحطب، من لعلماء السوء ودعاة الشر والفتنة، فواصلوا جهادكم وعملياتكم المباركة، وإياكم أن يهنأ الصليبيون والمرتدون في عقر دارهم بلذيذ عيش وطيب مقام، وإخوانكم يذوقون القصف والقتل والدمار.


[ الشيخ المجدد: أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني البغدادي - تقبله الله تعالى - ]
...المزيد

انتكاس الفطرة بتقديم العقل على النقل • ومن نتائج انتكاس الفطرة أيضا: تقديم العقل على الشرع، ...

انتكاس الفطرة بتقديم العقل على النقل

• ومن نتائج انتكاس الفطرة أيضا: تقديم العقل على الشرع، وجعله "مصدرًا للتشريع" بدلا من التكليف! فما وافق العقل أخذ به المنتكسون وإلا أعرضوا عنه، فالحسن ما استحسنته عقولهم، والقبيح ما استقبحته دون اعتبار لأمر خالقهم وخالق عقولهم التي يقيسون بها! والذي لم يشرّع في دينه - مطلقا - ما يناقض العقول السليمة، إلا عند ذوي الأفهام السقيمة من المجادلين والمعاندين، وما أكثرهم في هذا الزمان!

[ إفتتاحية النبأ - الحرب على الفطرة - العدد: 445 ]
...المزيد

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى ...

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا

قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى الألباب، فتلك بيوتهم خاوية وقد غدت أثرًا بعد عين وأطلالا لا حياة فيها ولا حراك، كما قال تعالى: { أَوَلَمۡ یَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ یَمۡشُونَ فِی مَسَـٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتٍۚ أَفَلَا یَسۡمَعُونَ }، قال ابن كثير: "أي: وهؤلاء المكذبون يمشون في مساكن أولئك المكذبين، فلا يرون فيها أحدًا ممن كان يسكنها ويعمرها، ذهبوا منها، ( كأن لم يغنوا فيها ) كما قال: ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا).. ولهذا قال هاهنا: ( إن في ذلك لآيات ) أي: إن في ذهاب أولئك القوم ودمارهم وما حلّ بهم.. لآيات وعبر ومواعظ ودلائل متظاهرة".

[ إفتتاحية النبأ - بين الهداية والعلم - العدد: 441 ]
...المزيد

ضوابط خروج المسلمة إلى السوق ثانيا: على المسلمة التزامها بحجابها الشرعي الكامل، فتخرج من بيتها ...

ضوابط خروج المسلمة إلى السوق

ثانيا: على المسلمة التزامها بحجابها الشرعي الكامل، فتخرج من بيتها متشحة بالسواد فلا يظهر منها شيء، وروى الترمذي وابن حبان من حديث قتادة، عن مورق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان).

ثالثا: تخرج المرأة تَفِلَةً غير متطيبة، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا من ريحها، فهي زانية) [رواه أبو داود والترمذي والنسائي].

ولقي أبو هريرة امرأة مُطَيِّبة، فقال لها: أين تريدين؟ فقالت: إلى المسجد، فقال لها: وله تَطَيَّبْتِ؟ فقالت: نعم، فقال لها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أيما امرأة تَطَيَّبَتْ وخرجت إلى المسجد لم تُقبَل لها صلاة حتى ترجع فتغسله عنها) [رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد]. وإذا كان هذا النهي عن التطيب فيمن تخرج وهي تريد بيت الله، للصلاة والعبادة -علما بأن الأفضل والأعظم أجرا للمرأة صلاتها في بيتها- فكيف بمن تتطيب وتخرج تريد الأسواق مواطن الفتنة والإغواء والعياذ بالله؟!

قال الهيتمي في الزواجر: «خروج المرأة من بيتها متعطرة متزينة من الكبائر ولو أذن لها زوجها».

رابعا: لا تخرج المرأة من بيتها وهي تنتعل ما يعرف اليوم بالكعب العالي، والله -عز وجل- يقول: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [سورة النور: 31]، قال الإمام الطبري رحمه الله: «أي لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت لتُسمِع صوت خلخالها، فإسماع صوت الزينة كإبداء الزينة وأشد...».

والكعب العالي محرم لبسه أمام الرجال الأجانب لما فيه من التشبه بالكافرات، وتغيير الهيئة والمشية، إذ يجعل المرأة تبدو طويلة وتتمايل في مشيتها فتلفت نظر الرجال إليها، ولعل ذلك يجعلها من المائلات المميلات المذكورات في الحديث، علما بأن أول من ابتدع الكعب العالي نساء من بني إسرائيل.

خامسا: على المسلمة أن تلزم أطراف الطريق ولا تمشي في وسطه، حتى تتجنب محاذاة الرجال وملاصقتهم، فعن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري، عن أبيه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول -وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: (استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق) فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به [رواه أبو داود والبيهقي والطبراني].

جاء عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: «ألا تستحيون ألا تغارون؛ فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج!» [رواه أحمد].

سادسا: على المسلمة إن هي جاءت السوق، أن تغض بصرها عن الرجال، قال الله عز وجل: {وَقُلْ لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [سورة النور: 31]، قال ابن كثير: «ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا».

ورضي الله عن فاطمة إذ تقول: «خير للمرأة أن لا ترى الرجال، ولا يراها الرجال».

سابعا: على المسلمة أن تخفض من صوتها ولا تخضع بالقول، لقول الله عز وجل: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [سورة الأحزاب: 32]، وإن كان هذا الأمر بعدم الخضوع بالقول موجه لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أن نساء الأمة تبع لهن في ذلك، فلا تحدث المسلمة رجلا غريبا عنها وترقق صوتها وتُلينُ له القول.

ثامنا: على المسلمة أن تتجنب الاختلاء بالبائع في المحل فهذا من الخلوة المحرمة شرعا، ومن نعم الله على النساء في دار الخلافة أن ألزم رجال الحسبة -جزاهم الله خيرا- أصحاب المحلات التي تُباع فيها ملابس ولوازم النساء بوجود امرأة من محارمهم لتبيع النساء فلا يكون البائع رجلا.

كما وقد منع رجال دولتنا الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر أصحاب المحلات من اتخاذ غرفة داخل محلاتهم تعرف «بغرفة القياس»، حيث كانت بعض المسلمات لا يتورعن عن نزع ملابسهن في المحلات التجارية حتى يجربن لباسا يردن شراءه، وقد رواه أحمد وغيره عن عائشة، قالت سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أيما امرأة وضعت ثيابها، في غير بيتها، فقد هتكت ما بينها وبين الله عز وجل، أو ستر ما بينها وبين الله عز وجل).

أما اليوم وغيرةً من رجال الحسبة على أعراض المسلمات فقد مُنعت تلك الغرف، ولله الحمد من قبل ومن بعد.

وأخيرا فعلى الأخت المسلمة أن تعجل بقضاء حاجتها من الأسواق ولا تضيع وقتها في التسكع بين المحلات، يستشرفها الشيطان وتلتهمها أعين الرجال.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلِّ اللهم وسلِّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال:
ضوابط خروج المسلمة إلى السوق
...المزيد

ضوابط خروج المسلمة إلى السوق الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، ...

ضوابط خروج المسلمة إلى السوق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..

من حكمة الله تعالى أن جعل الأصل في المرأة القرار في بيتها لقول الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [سورة الأحزاب: 33]، فلا يكون خروجها إلا لحاجة أو ضرورة، وفي امتثالها لهذا الأمر الخير كله لها وللمجتمع الذي تعيش فيه، وقد أباح الله -عز وجل- للنساء الخروج من بيوتهن لحاجة يقضينها أو ضرورة تجبرها على ذلك، ومن رحمته أنه لم يقيد ذاك الخروج بمَحْرَم يصاحبها كما هو الشأن عند السفر رفعا للحرج، ولكن ومع ذلك فقد جعل الشارع لخروج المرأة من بيتها وارتيادها الأسواق ضوابط، يجب على المسلمة مراعاتها والالتزام بها عند الخروج، هذا مع ضرورة التذكير بأنها إن وجدت من يكفيها ولوج الأسواق ويكفيها شرورها وفتنها فهذا خير لها وأكمل لدينها.

ومعلوم أن الأسواق من مراتع الشيطان التي ينشغل الناس فيها بالدنيا وزخرفها، وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)، فكان لزاما على من يدخل السوق رجلا كان أو امرأة، أن يتقي الله ما استطاع في نفسه وفي غيره من المسلمين.

ومن ضوابط خروج المرأة المسلمة إلى السوق:

أولا: استئذانها من زوجها، إذ لا يجوز لها الخروج من بيتها دون إذنه، وإن فعلت ذلك كانت عاصية آثمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إِذا استأذنت امرأةُ أحدِكم إلى المسجد فلا يمنعها) [رواه البخاري]، وفي هذا دليل على أن المرأة تستأذن زوجها للخروج إلى الصلاة، وعليه ومن باب أولى أن تستأذنه إذا أرادت الخروج لمكان آخر كالسوق وغيره.

ثانيا: على المسلمة التزامها بحجابها الشرعي الكامل، فتخرج من بيتها متشحة بالسواد فلا يظهر منها شيء، وروى الترمذي وابن حبان من حديث قتادة، عن مورق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان).

ثالثا: تخرج المرأة تَفِلَةً غير متطيبة، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا من ريحها، فهي زانية) [رواه أبو داود والترمذي والنسائي].

ولقي أبو هريرة امرأة مُطَيِّبة، فقال لها: أين تريدين؟ فقالت: إلى المسجد، فقال لها: وله تَطَيَّبْتِ؟ فقالت: نعم، فقال لها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أيما امرأة تَطَيَّبَتْ وخرجت إلى المسجد لم تُقبَل لها صلاة حتى ترجع فتغسله عنها) [رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد]. وإذا كان هذا النهي عن التطيب فيمن تخرج وهي تريد بيت الله، للصلاة والعبادة -علما بأن الأفضل والأعظم أجرا للمرأة صلاتها في بيتها- فكيف بمن تتطيب وتخرج تريد الأسواق مواطن الفتنة والإغواء والعياذ بالله؟!

قال الهيتمي في الزواجر: «خروج المرأة من بيتها متعطرة متزينة من الكبائر ولو أذن لها زوجها».

رابعا: لا تخرج المرأة من بيتها وهي تنتعل ما يعرف اليوم بالكعب العالي، والله -عز وجل- يقول: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [سورة النور: 31]، قال الإمام الطبري رحمه الله: «أي لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت لتُسمِع صوت خلخالها، فإسماع صوت الزينة كإبداء الزينة وأشد...».

والكعب العالي محرم لبسه أمام الرجال الأجانب لما فيه من التشبه بالكافرات، وتغيير الهيئة والمشية، إذ يجعل المرأة تبدو طويلة وتتمايل في مشيتها فتلفت نظر الرجال إليها، ولعل ذلك يجعلها من المائلات المميلات المذكورات في الحديث، علما بأن أول من ابتدع الكعب العالي نساء من بني إسرائيل.

خامسا: على المسلمة أن تلزم أطراف الطريق ولا تمشي في وسطه، حتى تتجنب محاذاة الرجال وملاصقتهم، فعن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري، عن أبيه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول -وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: (استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق) فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به [رواه أبو داود والبيهقي والطبراني].

جاء عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: «ألا تستحيون ألا تغارون؛ فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج!» [رواه أحمد].

سادسا: على المسلمة إن هي جاءت السوق، أن تغض بصرها عن الرجال، قال الله عز وجل: {وَقُلْ لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [سورة النور: 31]، قال ابن كثير: «ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا».

ورضي الله عن فاطمة إذ تقول: «خير للمرأة أن لا ترى الرجال، ولا يراها الرجال».


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال:
ضوابط خروج المسلمة إلى السوق
...المزيد

الخشية من الله، أم الخوف من الحسبة؟! • ولأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جعلها أئمة ...

الخشية من الله، أم الخوف من الحسبة؟!

• ولأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جعلها أئمة المسلمين ولاية دينية (وظيفة رسمية من وظائف الدولة المسلمة) تحت مسمى (الحسبة)، وعينوا لها رجالا (محتسبين)، واجبهم الأساس هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنحوهم سلطة عظيمة، ليتمكنوا من خلالها إلزام المخالف للشرع بالقوة.

لذا كان ديوان الحسبة من أول الدواوين التي أنشأتها الدولة الإسلامية، حفظها الله، ومن يوم إنشائه حمل رجاله على عاتقهم أمانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا تأخذهم في الله لومة لائم، يرغّبون الناس تارة ويرهّبونهم تارة، ويعاقبون من لم ينفع معه الترغيب ولا الترهيب، حتى صار بعض الرعية اليوم يهابون رجال الحسبة، فيستخفون منهم، ولا يستخفون من الله! فتراهم يعصون الله -جل جلاله- في السر لا في العلن، وهو سبحانه بحلمه يسترهم! فما خافوا الملك الجبار، ولكنهم خافوا عبادا لله ضعفاء! فلا حول ولا قوة إلا بالله.

فيا عبد الله العاصي: لِم لا يكون تركك للمعصية خوفا من الله لا خشية من الحسبة؟!

يا عبد الله: من حرّم عليك الخبائث كالسجائر والخمر؟

من نهاك عن سماع المحرمات كالغناء والمعازف؟

من أمرك برفع إزارك وإطلاق اللحية والصلاة في وقتها؟

أليس ربك وإلهك؟

فما لك تخشى ممن يلزمك بما أمرك به ربك، ولا تخاف من الآمر نفسه جل وعلا؟!

ويا أمة الله: ما لك تلتفتين يمنة ويسرة ترقبين خائفة، فإذا رأيت محتسبا أصلحت خمارك! هلا جعلت حجابك خشية من ربك؟!

من الذي أمرك بستر وجهك عن الأجانب؟

ومن الذي نهاك عن الخلوة بغير محرم؟

الله أم الحسبة؟!

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت، ولكن قل عليَّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ما يرى ... ولا أن ما تخفي عليه يغيب

واعلم -رحمك الله- أن الله أجزل لك الأجر العظيم إذا راقبته وخشيته، والتزمت شرعه طاعة له لا خوفا من بشر، قال الحق سبحانه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ} [سورة النازعات: 40-41]، وقال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [سورة الرحمن: 46].

قال ابن القيم: «من راقب الله في سره، حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته، والمراقبة: هي التعبد باسمه الرقيب، الحفيظ، العليم، السميع، البصير، فمن عقل هذه الأسماء، وتعبد بمقتضاها، حصلت له المراقبة» [مدارج السالكين].

وقال ابن الجوزي: «يا أرباب المعاملة! بالله عليكم، لا تكدروا المشرب! قفوا على باب المراقبة وقوف الحراس! وادفعوا ما لا يصلح أن يلج فيفسد!».

وقال أيضا: «قلوب الجهال تستشعر البعد [عن الله]، ولذلك تقع منهم المعاصي، إذ لو تحققت مراقبتهم للحاضر الناظر، لكفوا الأكف عن الخطايا، والمتيقظون علموا قربه، فحضرتهم المراقبة، وكفتهم عن الانبساط» [صيد الخاطر].

فتيقن -هداك الله- أن المحتسب بشر مثلك، فلا تكن خشيتك منه أعظم من خشيتك لربك الذي خلقك وهو الذي نهاك وأمرك.

وكن ذكيا فطنا! ثم تفكر! أنت في دولة الإسلام، التي فيها الكفر والبدع والمعاصي مقموعة لا محالة، وهيهات هيهات يرضى بها المجاهدون الذي ما بذلوا أرواحهم رخيصة إلا لإزالتها وتطبيق شرع الله، فاحسبها حسابا صحيحا، واترك المحرمات لله تعالى، ولك الأجر والثواب على ذلك، فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، فاترك المحرمات قبل أن تجبر على تركها، فليس لك حينئذ أجر، وعليك الوزر.

رزقنا الله وإياك مراقبته وخشيته، والحمد لله رب العالمين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال:
الخشية من الله، أم الخوف من الحسبة؟!
...المزيد

الخشية من الله، أم الخوف من الحسبة؟! الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ...

الخشية من الله، أم الخوف من الحسبة؟!

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن من أهم مراتب الإسلام مرتبة الإحسان، وهو كما عرّفه النبي، صلى الله عليه وسلم: (أن تخشى الله كأنك تراه، فإنك إن لا تكن تراه فإنه يراك) [رواه مسلم]، وهذا المقام هو الذي ينبغي أن يكون عليه العبد المسلم المؤمن دائما، والذي لن يصل إليه إلا إذا علِم عِلْم اليقين وآمن إيمانا قاطعا بأن الله تعالى رقيب عليه، يراه ويسمعه، وأن الملائكة تسجّل كل ما يصدر عنه من حسنات وسيئات.

فإذا تلا المسلم قوله تعالى: {الّذِي يراك حِين تقُومُ} [سورة الشعراء: 218]، وقوله: {وهُو معكُمْ أيْن ما كُنتُمْ} [سورة الحديد: 4] وقوله: {إِنّ اللّه لا يخْفىٰ عليْهِ شيْءٌ فِي الْأرْضِ ولا فِي السّماءِ} وقوله: {يعْلمُ خائِنة الْأعْيُنِ وما تُخْفِي الصُّدُورُ} [سورة آل عمران: 5] وقوله: {أمْ يحْسبُون أنّا لا نسْمعُ سِرّهُمْ ونجْواهُم بلىٰ ورُسُلُنا لديْهِمْ يكْتُبُون} [سورة الزخرف: 80] وقوله: {مّا يلْفِظُ مِن قوْلٍ إِلّا لديْهِ رقِيبٌ عتِيدٌ} [سورة ق: 18]؛ وأمثالها من الآيات العظيمة، إذا تلاها استشعر عظيم قدرة الله تعالى، وقربه من عباده.

إذاً، من عرف ذلك وآمن به، استبعدت منه المعاصي، ولكن لمّا كانت النفوس تميل بطبعها إلى الهوى، شُرِع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليردّ النفوس العاصية إلى الطاعة، قال تعالى: {ولْتكُن مِّنكُمْ أُمّةٌ يدْعُون إِلى الْخيْرِ ويأْمُرُون بِالْمعْرُوفِ وينْهوْن عنِ الْمُنكرِ وأُولٰئِك هُمُ الْمُفْلِحُون} [سورة آل عمران: 104]، فبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينجو الآمر والمأمور، قال تعالى: {وإِذْ قالتْ أُمّةٌ مِّنْهُمْ لِم تعِظُون قوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أوْ مُعذِّبُهُمْ عذابًا شدِيدًا قالُوا معْذِرةً إِلىٰ ربِّكُمْ ولعلّهُمْ يتّقُون * فلمّا نسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أنجيْنا الّذِين ينْهوْن عنِ السُّوءِ وأخذْنا الّذِين ظلمُوا بِعذابٍ بئِيسٍ بِما كانُوا يفْسُقُون} [سورة الأعراف: 164-165]، وبه تنال الأمة الخيرية التي قال عنها الله تعالى: {كُنتُمْ خيْر أُمّةٍ أُخْرِجتْ لِلنّاسِ تأْمُرُون بِالْمعْرُوفِ وتنْهوْن عنِ الْمُنكرِ} [سورة آل عمران: 110]، وبتركه هلاك ولعنة، قال تعالى: {لُعِن الّذِين كفرُوا مِن بنِي إِسْرائِيل علىٰ لِسانِ داوُود وعِيسى ابْنِ مرْيم ذٰلِك بِما عصوا وّكانُوا يعْتدُون * كانُوا لا يتناهوْن عن مُّنكرٍ فعلُوهُ لبِئْس ما كانُوا يفْعلُون} [سورة المائدة: 78-79]، وقال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن].

لهذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- كل مسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقال: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [رواه مسلم].

ولأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جعلها أئمة المسلمين ولاية دينية (وظيفة رسمية من وظائف الدولة المسلمة) تحت مسمى (الحسبة)، وعينوا لها رجالا (محتسبين)، واجبهم الأساس هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنحوهم سلطة عظيمة، ليتمكنوا من خلالها إلزام المخالف للشرع بالقوة.

لذا كان ديوان الحسبة من أول الدواوين التي أنشأتها الدولة الإسلامية، حفظها الله، ومن يوم إنشائه حمل رجاله على عاتقهم أمانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا تأخذهم في الله لومة لائم، يرغّبون الناس تارة ويرهّبونهم تارة، ويعاقبون من لم ينفع معه الترغيب ولا الترهيب، حتى صار بعض الرعية اليوم يهابون رجال الحسبة، فيستخفون منهم، ولا يستخفون من الله! فتراهم يعصون الله -جل جلاله- في السر لا في العلن، وهو سبحانه بحلمه يسترهم! فما خافوا الملك الجبار، ولكنهم خافوا عبادا لله ضعفاء! فلا حول ولا قوة إلا بالله.

فيا عبد الله العاصي: لِم لا يكون تركك للمعصية خوفا من الله لا خشية من الحسبة؟!

يا عبد الله: من حرّم عليك الخبائث كالسجائر والخمر؟

من نهاك عن سماع المحرمات كالغناء والمعازف؟

من أمرك برفع إزارك وإطلاق اللحية والصلاة في وقتها؟

أليس ربك وإلهك؟

فما لك تخشى ممن يلزمك بما أمرك به ربك، ولا تخاف من الآمر نفسه جل وعلا؟!

ويا أمة الله: ما لك تلتفتين يمنة ويسرة ترقبين خائفة، فإذا رأيت محتسبا أصلحت خمارك! هلا جعلت حجابك خشية من ربك؟!

من الذي أمرك بستر وجهك عن الأجانب؟

ومن الذي نهاك عن الخلوة بغير محرم؟

الله أم الحسبة؟!

◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال:
الخشية من الله، أم الخوف من الحسبة؟!
...المزيد

أبو نعمان ينتاري خدم الجهاد في الصومال دهراً.. فقتلوه غدراً • بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ...

أبو نعمان ينتاري
خدم الجهاد في الصومال دهراً.. فقتلوه غدراً

• بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، انتقل الشيخ إلى ساحات القتال، وكان أول ما بدأه في هذا الطريق مساعدته للشيخ آدم حاشي عيرو -تقبله الله- في إنشاء «معسكر الهدى» في مسقط رأسه (قرية جدودي)، حيث عمل فيه أيضا داعيا إلى الله ومعلما للمتدربين.

انتقل بعدها إلى معسكر كامبوني متدربا، ليستزيد هناك من المعارف العسكرية والخبرات الجهادية، فتم تعيينه أميرا ومسؤولا شرعيا لإحدى القرى في منطقة كامبوني وهي قرية بوركابو.

ومع انطلاق الصحوات في مقديشو تحت مسمى «تحالف مكافحة الإرهاب» أرسله المجاهدون إلى مسقط رأسه ليعيد افتتاح «معسكر الهدى» الذي تحول إلى مورد هام لإمداد المجاهدين في مقديشو، ثم شارك مع حركة «اتحاد المحاكم الإسلامية» في فتح مدينة كسمايو، وبقي عاملا في صف «المحاكم» إلى حين دخول الجيش الأثيوبي الصليبي إلى الصومال، حيث شارك في معركة إيدالي الشهيرة وأصيب خلالها.

في العام 1427 هـ مع عودة زخم القتال ضد الجيش الأثيوبي، عاد -رحمه الله- للمشاركة في المعارك، حيث ألقى الصليبيون القبض عليه بعد مشاركته في بعض العمليات، وتم نقله إلى أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، ليودع في أحد سجونها لسنتين، بعد اعتقاله في أحد سجون مقديشو لمدة ستة أشهر.

مع خروجه من السجن، كانت حركة الشباب قد تأسست وبدأت قتالها لقوات «التحالف الأفريقي» وعملائها المرتدين، ليشارك في القتال في صفوف الحركة، ويتم تعيينه من قبلها واليا على جوبا السفلى، وفي ذلك الوقت لم يكن غافلا عن قضايا المسلمين خارج الصومال، حيث كان الشيخ مؤيدا للدولة الإسلامية، داعيا إلى نصرتها والذب عنها.

بعد الإعلان عن عودة الخلافة، كان من أوائل المؤيدين لها والساعين إلى الانضمام إليها، وهو ما قام به في النهاية في محرم 1437 هـ، ولم يجعل بيعته لأمير المؤمنين سريّة بل أعلنها بعزيمة عمريّة، متحديا قيادة حركة الشباب المجرمة التي تهدّد كل من يترك فصيلهم وينضم إلى جماعة المسلمين وإمامهم.


ولم يكن أولئك المجرمون المبايعون لعميل المخابرات الباكستانية أختر منصور المتعصبون لفصائلهم التي فرّقت المسلمين، ليتركوا الشيخ وشأنه، وهم يعلمون مكانته في الصومال عموما وعند مقاتلي حركة الشباب خصوصا، وهو العالم المجاهد المرابط، أحد مؤسسي الجهاد في الصومال، المربي لأجيال من المجاهدين، فخططوا لاغتياله، وكان يشعر بنيتهم ولم يبالِ بل مضى يدعو الجنود للالتحاق بجماعة المسلمين.

خططوا لاغتياله ولم يشفع له عندهم إسلامه، ولا سنوات جهاده الطويلة، ولا حسن بلاء في معاركه ضد أعداء الدين، ولا صبر على ابتلاء في سبيل الله، فصاروا لا يرون فيه إلا ما رأى اليهود في عبد الله بن سلام، رضي الله عنه، فقتلوه ولم يخفوا ذلك، بل خرجوا يتبجحون بذلك، ويعلنونه في الملأ، ليزرعوا في نفوس جنودهم الخوف من قيادة الحركة، ويبينوا لهم أنهم لا يرعوون عن سفك دم حرام، حينما يتعلق الأمر بمصالحهم الضيقة.

وقد كانت قصة اغتياله -تقبله الله- نموذجا حيا للغدر بجنود الدولة الإسلامية الذي بات مفخرة تنظيم القاعدة وحلفائه من الصحوات.

فبعد إعلان بيعته لأمير المؤمنين ودعوته الناس للحاق بركب الخلافة المبارك، أرسلت قيادة حركة الشباب مجموعة من جواسيسها ممن كانوا على معرفة شخصية بالشيخ للقائه، على أنهم يريدون البيعة لأمير المؤمنين، فقبل الشيخ لقاءهم، وأرسل في طلبهم، ودفع أجرة نقلهم إليه، ثم استقبلهم أحسن استقبال، وألقى فيهم موعظة يذكرهم فيها بالله ويحضّهم على بيعة إمام المسلمين، وذبح شاةً ليُطعمهم لكرم ضيافته، فأكلوا من زاده، وأمّنهم على نفسه ورفاقه بأن ترك أسلحتهم معهم، فكان جزاؤه منهم الغدر والغيلة، بعد المكر والخديعة.

ذهب الشيخ أبو نعمان ليرتاح مع اثنين من إخوانه، وكلف ثلاثة آخرين بخدمة ضيوفه، ليتسلل الغادرون إلى مضجعه فيقتلوه ورفيقيه، ويقتلوا الإخوة الذين كانوا في خدمتهم، ولم ينج منهم إلا واحد كان قد نزل إلى بئر ليجلب لهم الماء، ويهرب الجناة إلى سادتهم، يزفون إليهم نبأ قتلهم للشيخ الشهيد، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

قُتل الشيخ أبو نعمان -تقبله الله- ولم تمت شجرة الخلافة في أرض الهجرتين كما تمنّى يهود الجهاد، بل نمت -بفضل الله- واستوت على سوقها، ولا زال إخوان الشيخ وجنوده وتلاميذه يتوافدون منضمين إلى ركب الخلافة، وسيثمر اجتماعهم وجهادهم بإذن الله عزا وتمكينا.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من قصة شهيد:
أبو نعمان ينتاري
خدم الجهاد في الصومال دهراً.. فقتلوه غدراً
...المزيد

أبو نعمان ينتاري خدم الجهاد في الصومال دهراً.. فقتلوه غدراً • كان الصحابي الجليل عبد الله بن ...

أبو نعمان ينتاري خدم الجهاد في الصومال دهراً.. فقتلوه غدراً

• كان الصحابي الجليل عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- من ذوي الشأن بين أصحابه فلما أسلم قال للنبي، عليه الصلاة والسلام: (يا رسول الله إن اليهود قوم بهت، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني، فجاءت اليهود فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: أي رجل عَبْدُ اللهِ فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيّدنا وابن سيّدنا، قال: أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟ فقالوا: أعاذه الله من ذلك! فخرج عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله! فقالوا شرّنا وابن شرّنا! وانتقصوه، قال: فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله) [رواه البخاري]، فهذا طبع اليهود في كل مكان، وبه يتطبع من يأخذ بمنهجهم الباطل في التكبر عن اتباع الحق، والكيد لأهله، حسدا من عند أنفسهم أن يروا الحق في سواهم.

الشيخ أبو النعمان ينتاري -تقبله الله- كان من تلك الفئة النادرة في الناس التي تنقّب عن الحق، وتتقصى طريق الهداية، فلما وجده لم يبالِ بمكانته بين قومه، ولا بما يتوقعه منهم من كيد وبهتان، بل انطلق مؤمنا به، عاملا بما يقتضيه، داعيا الناس إليه، صابرا على الأذى فيه.

كان له يد خير في تأسيس الجهاد في الصومال، بل كان من قاداته المبرزين، وفرسانه المشهورين، قاتل المرتدين والصليبيين، وأصيب عدّة مرات، وأوذي في سبيل الله، سجنا وجوعا وتشريدا، لتكون نهاية مسيرته الظافرة أن يقتل غدرا بيد من كانوا يعدونه بالأمس خيرهم وابن خيرهم، ليتحول بمجرد تركه لهم ملتحقا بركب الخلافة إلى هدف لهم، ينتقصون من شأنه، وينالون من عرضه، وفي الختام يطعنونه في ظهره بعدما أمنهم وآواهم ونصرهم.

ولد الشيخ بشير آدم فيلي المشهور بأبي نعمان ينتاري عام 1390 هـ، في قرية جدودي من منطقة ساكوا، ويعود نسبه إلى قبيلة ينتار من قبائل الرحاويين.

خرج من قريته وهو صغير السن لطلب العلم، فدرس القرآن في قرية حكركا من إقليم باي، ثم انتقل إلى مدينة بيدوا ليلتحق بدار الحديث، ثم التحق بمعهد شرعي في منطقة لوق التي تلقى فيها دورة عسكرية في معسكرات «الاتحاد الإسلامي» في فترة حكم الميليشيات للصومال، وبعد ذلك انتقل إلى مدينة ساكوا ليعمل هناك داعيا ومدرسا للعلوم الشرعية، وقد أدى به ذلك إلى الاصطدام مع المسيطرين على تلك المدينة من مشركي الصوفية وزعماء الميليشيات القبلية، فنجاه الله منهم بعد أن حاولوا اغتياله بإطلاق النار عليه أثناء إلقائه لمحاضرة في أحد شوارع المدينة.

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، انتقل الشيخ إلى ساحات القتال، وكان أول ما بدأه في هذا الطريق مساعدته للشيخ آدم حاشي عيرو -تقبله الله- في إنشاء «معسكر الهدى» في مسقط رأسه (قرية جدودي)، حيث عمل فيه أيضا داعيا إلى الله ومعلما للمتدربين.

انتقل بعدها إلى معسكر كامبوني متدربا، ليستزيد هناك من المعارف العسكرية والخبرات الجهادية، فتم تعيينه أميرا ومسؤولا شرعيا لإحدى القرى في منطقة كامبوني وهي قرية بوركابو.

ومع انطلاق الصحوات في مقديشو تحت مسمى «تحالف مكافحة الإرهاب» أرسله المجاهدون إلى مسقط رأسه ليعيد افتتاح «معسكر الهدى» الذي تحول إلى مورد هام لإمداد المجاهدين في مقديشو، ثم شارك مع حركة «اتحاد المحاكم الإسلامية» في فتح مدينة كسمايو، وبقي عاملا في صف «المحاكم» إلى حين دخول الجيش الأثيوبي الصليبي إلى الصومال، حيث شارك في معركة إيدالي الشهيرة وأصيب خلالها.

في العام 1427 هـ مع عودة زخم القتال ضد الجيش الأثيوبي، عاد -رحمه الله- للمشاركة في المعارك، حيث ألقى الصليبيون القبض عليه بعد مشاركته في بعض العمليات، وتم نقله إلى أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، ليودع في أحد سجونها لسنتين، بعد اعتقاله في أحد سجون مقديشو لمدة ستة أشهر.

مع خروجه من السجن، كانت حركة الشباب قد تأسست وبدأت قتالها لقوات «التحالف الأفريقي» وعملائها المرتدين، ليشارك في القتال في صفوف الحركة، ويتم تعيينه من قبلها واليا على جوبا السفلى، وفي ذلك الوقت لم يكن غافلا عن قضايا المسلمين خارج الصومال، حيث كان الشيخ مؤيدا للدولة الإسلامية، داعيا إلى نصرتها والذب عنها.

بعد الإعلان عن عودة الخلافة، كان من أوائل المؤيدين لها والساعين إلى الانضمام إليها، وهو ما قام به في النهاية في محرم 1437 هـ، ولم يجعل بيعته لأمير المؤمنين سريّة بل أعلنها بعزيمة عمريّة، متحديا قيادة حركة الشباب المجرمة التي تهدّد كل من يترك فصيلهم وينضم إلى جماعة المسلمين وإمامهم.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من قصة شهيد:
أبو نعمان ينتاري
خدم الجهاد في الصومال دهراً.. فقتلوه غدراً
...المزيد

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب - معركة فتح الرمادي، ثلاثة أيام لا غير: فما كان من قادة ...

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب

- معركة فتح الرمادي، ثلاثة أيام لا غير:

فما كان من قادة الدولة الإسلامية إلا أن قاموا بترتيب صفوف المجاهدين في الداخل وتكليف البطل أبي عبد الجبار بإمارة الرمادي عسكريا، بعد أن دفعها عن نفسه مرارا وتكرارا، إلا أن القادة كانوا يتوسمون خيرا في هذا الرجل الورع التقي النقي، نحسبه والله حسيبه، فاستنّ بسنة أبي تراب -تقبله الله- في زيارة جميع الإخوة وحل مشاكلهم ونصح مخطئهم فزاد الصف المسلم تماسكا، وسمت روحهم المعنوية، وعلا دافعهم الإيماني لبذل المزيد من الجهد لنيل إحدى الحسنيين، فجاءت جمادى الآخرة من عام 1436 هـ حيث غزوة أبي تراب الأنصاري، التي فتح الله بها على المجاهدين منطقتي الصوفية والبوفراج، لتكون المنطلق للغزوة الكبرى (غزوة الشيخ أبي مهند السويداوي) التي وضع خططها مسبقا، تقبله الله، ففي صبيحة اليوم السادس والعشرين من رجب ابتدأت الغزوة وما أن أفل هلال رجب حتى أفَلت به جموع المرتدين من الرمادي وصارت تحت سلطان الخلافة، إلا أن سنة الابتلاء لم تفارق خندق الحق حتى بأيام الغزوة الثلاث، وفي مساء اليوم الثاني صاح الأمير النحرير أبو عبد الجبار بجنوده على مسمع المرتدين: غدا -بإذن الله- سندخل المجمع الحكومي الرافضي، وأقسم على الله بذلك، فأبر الله بقسمه صبيحة اليوم الثالث فدُكَّت صروح المرتدين في الرمادي وحُرِّر الأسارى وكان -رحمه الله- بنفسه يقود مفارز الاقتحام، إلى أن تجندل وهو يصلي صلاة عصر يوم الفتح بصاروخ غادر، بعدما أقر الله عينه بالنصر والفتح المبين مع ثلة من خيرة المجاهدين الذين عركتهم المحن والشدائد، فتقبلهم الله وأعلى نزلهم.

- قصة الرمادي أم قصة الإيمان:

إن قصة الجهاد في الرمادي تكاد تكون مشهدا مصغرا لحال مجاهدي الدولة الإسلامية في كل ساحات قتالهم مع المشركين والمرتدين، فهم يتقلبون بين فتح وتمكين وإقامة للدين، وبين محن وابتلاءات وصبر ومصابرة، وكلما ضاقت عليهم الأرض وظن أعداؤهم أنهم أوشكوا على القضاء عليهم تماما ومن إنهاء وجود دولتهم، منّ الله عليهم بفتح أكبر من الفتح الذي قبله، فيخرجون أقوى مما كانوا قبل الابتلاءات، وتعود دولتهم أشد تمكينا في الأرض مما كانت.

ومن يعرف هذه الحقائق يدرك السبب وراء صبر قادة وجنود الدولة الإسلامية على المحن، وعدم تمكن أعدائهم من توهين عزائمهم، أو زرع القنوط والإحباط في نفوسهم، فهم موقنون بوعد الله لهم بإحدى الحسنيين، وبأن الأرض يمكن أن تسلب منهم، لكنهم على يقين بأنهم سيستردونها وأضعافها من المرتدين، وأن الرجال سيقتلون، وهذا من غايات جهادهم؛ أن يتخذ الله منهم شهداء، ولكن سيعوض الله عنهم بأضعافهم عددا، وبمن هم أشد منهم خبرة وقوة، ولكن الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يتنازلوا عنه هو منهجهم القائم على توحيد الله وجهاد أعداء الله، الذي ثبتوا عليه طوال السنين الماضية، لأن أي انحراف عن هذا المنهج سيعني هدم البنيان من أساسه، وتضييع ثمرة جهاد ودماء عشرات الآلاف من المجاهدين الذين بتضحياتهم قام الدين وعادت الخلافة.

لقد ابتلى الله جنود الخلافة في ولاية الأنبار بالخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات فصبروا، وابتلاهم بالفتح فشكروا؛ بأن عملوا فيما مكنّهم الله كما أراد الله، من تطبيق لشرعه، وإقامة لحدوده، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهم بين عبادتي الصبر والشكر، وهذا هو حال المؤمن في كل زمان ومكان.

إن العبرة الأكبر في قصة فتح الرمادي قبل عام، أن نصر الله قريب من عباده المؤمنين، مهما قل عددهم وعتادهم، ومهما كانت قوة أعدائهم، ومهما كان حالهم من الشدة والبلاء، بل إن ذلك كله من مقدمات النصر التي ذكرها الله تعالى بقوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [سورة البقرة: 214].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال من التاريخ:
فتح الرمادي
ألا إن نصر الله قريب
...المزيد

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب - محن في الرمادي ومنح في الموصل: بلغت قلوب المجاهدين ...

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب

- محن في الرمادي ومنح في الموصل:

بلغت قلوب المجاهدين الحناجر، فخيرة الرجال قد ارتقوا، إلا أن الله ثبّت الثلة القليلة الباقية التي انحسرت بشارع واحد، بعد ملاحم عظيمة وتضحيات جسيمة فمقتل أبي بلال وأبي تراب قد أخذ منهم كل مأخذ، فلقد كانا أسدين من آساد الإسلام، تقبلهما الله، وابتلي المؤمنون هناك وزلزلوا زلزالا عظيما، وبقوا ليلتهم يجأرون إلى الله ويتضرعون بين يديه، فقادتهم وخيرة رجالاتهم قُتلوا، وذخيرتهم أوشكت على النفاد وجرحاهم لا يجدون العلاج، فجاءت توجيهات القائد البيلاوي بفتح جبهات أخرى لتخفيف الضغط عن المجاهدين في الرمادي، فجلس الشيخ أبو مغيرة القحطاني -رحمه الله- وكان حينها واليا على صلاح الدين وجمع جنده وسلاحه وقسمها نصفين بينه وبين كواسر الأنبار وجلس يبكي مقسما: والله لن نخذل إخواننا في الأنبار، وهذا النصف من السلاح سنرسله لهم، والنصف الثاني سنغزو به سامراء فإما فاتحين أو نقتل هنالك.

وجاءت غزوة سامراء ثم فتح الموصل، إلا أن المجاهدين في الرمادي من ضيق إلى ضيق والتعب بلغ بهم مبلغه، فلم يكن لهم بد من عمل يحسم الأمر بعد التوكل على الله والتبرؤ من حولهم وقوتهم، فجهزوا استشهاديين اثنين لضرب القوات المحاصرة لهم، بعد أن صرح أحد كبرائهم أن الساعات القليلة القادمة ستكون نهاية وجود المجاهدين في الرمادي، وما أن بدت شمس اليوم التالي حتى كرّ المجاهدون على أعداء الله في المدرسة الحمراء في حي الضباط وانغمس الاستشهاديان فيهم وفجرا عجلتيهما فيهم، لتنكسر تلك القوة الهائلة، وتنكفئ تلعق جراحها، وفرّج الله عن المجاهدين بعد معاناة كبيرة، وبدأت بوادر النصر تظهر شيئا فشيئا، فصارت الفتوحات شارعا فشارعا ثم حيا فحيا، حتى وصلوا لمشارف «مجلس محافظة الأنبار» الشركي، حيث توقفت عجلة الانتصارات عند ذاك الحد، فقتل القائد أبو أحمد العيساوي تلاه الماجد أبو مهند السويداوي ثم أمير كتيبة الاقتحاميين أبو إسماعيل البغدادي، ثم غزوات لم يكتب الله لها التوفيق، فعاد البلاء بأعتى صوره على المجاهدين، فثبت الله من شاء في هذه المحنة ليزداد الصف المسلم المجاهد تماسكا وقوة.

معركة فتح الرمادي، ثلاثة أيام لا غير

فما كان من قادة الدولة الإسلامية إلا أن قاموا بترتيب صفوف المجاهدين في الداخل وتكليف البطل أبي عبد الجبار بإمارة الرمادي عسكريا، بعد أن دفعها عن نفسه مرارا وتكرارا، إلا أن القادة كانوا يتوسمون خيرا في هذا الرجل الورع التقي النقي، نحسبه والله حسيبه، فاستنّ بسنة أبي تراب -تقبله الله- في زيارة جميع الإخوة وحل مشاكلهم ونصح مخطئهم فزاد الصف المسلم تماسكا، وسمت روحهم المعنوية، وعلا دافعهم الإيماني لبذل المزيد من الجهد لنيل إحدى الحسنيين، فجاءت جمادى الآخرة من عام 1436 هـ حيث غزوة أبي تراب الأنصاري، التي فتح الله بها على المجاهدين منطقتي الصوفية والبوفراج، لتكون المنطلق للغزوة الكبرى (غزوة الشيخ أبي مهند السويداوي) التي وضع خططها مسبقا، تقبله الله، ففي صبيحة اليوم السادس والعشرين من رجب ابتدأت الغزوة وما أن أفل هلال رجب حتى أفَلت به جموع المرتدين من الرمادي وصارت تحت سلطان الخلافة، إلا أن سنة الابتلاء لم تفارق خندق الحق حتى بأيام الغزوة الثلاث، وفي مساء اليوم الثاني صاح الأمير النحرير أبو عبد الجبار بجنوده على مسمع المرتدين: غدا -بإذن الله- سندخل المجمع الحكومي الرافضي، وأقسم على الله بذلك، فأبر الله بقسمه صبيحة اليوم الثالث فدُكَّت صروح المرتدين في الرمادي وحُرِّر الأسارى وكان -رحمه الله- بنفسه يقود مفارز الاقتحام، إلى أن تجندل وهو يصلي صلاة عصر يوم الفتح بصاروخ غادر، بعدما أقر الله عينه بالنصر والفتح المبين مع ثلة من خيرة المجاهدين الذين عركتهم المحن والشدائد، فتقبلهم الله وأعلى نزلهم.

قصة الرمادي أم قصة الإيمان

إن قصة الجهاد في الرمادي تكاد تكون مشهدا مصغرا لحال مجاهدي الدولة الإسلامية في كل ساحات قتالهم مع المشركين والمرتدين، فهم يتقلبون بين فتح وتمكين وإقامة للدين، وبين محن وابتلاءات وصبر ومصابرة، وكلما ضاقت عليهم الأرض وظن أعداؤهم أنهم أوشكوا على القضاء عليهم تماما ومن إنهاء وجود دولتهم، منّ الله عليهم بفتح أكبر من الفتح الذي قبله، فيخرجون أقوى مما كانوا قبل الابتلاءات، وتعود دولتهم أشد تمكينا في الأرض مما كانت.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال من التاريخ:
فتح الرمادي
ألا إن نصر الله قريب
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
3 رمضان 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً