مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

ويتصور كثير من الناس أنه بمجرد أن يذهب إلى الصلاة، حتى لو كان متأخرًا دومًا، ويذهب إليها متثاقلًا؛ فقد ارتفع عنه الوعيد والتهديد الذي جاء في القرآن، ولا يعلم هذا المغرور أن الله ذكر عن المنافقين أنهم يصلون، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المنافقون يصلون، ولكن أنظر بالله عليك كيف وصف الله صلاة المنافقين {وَإِذَا قَامُوٓا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ} [النساء من الآية:142]

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

زارني مرة طالب في جامعة الملك سعود، في المستوى الثالث، وكان لديه بعض الإشكاليات يريد أن يناقشها، وأثناء حديثه قلت له: أريد أن أسألك سؤالًا: ما هي الإشكاليات الفكرية التي يتساءل حولها طلاب الجامعة وتؤرقهم. تبسم هذا الشاب وقال لي: "هل تريد أحدثك بصراحة"، قلت: نعم، قال: طلاب الجامعة الذين أراهم ليس لديهم أصلًا أي اهتمام بالإشكاليات الفكرية التي تعنيكم! ولا ألقوا بالًا لهذه القضايا التي تختلف حولها النخب، الطلاب الذين أراهم إذا أردت الصراحة ينتشر بينهم "التهاون في الصلاة"!

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

قال لي مرة أحد: "المشايخ يمارسون التهويل في تصوير الخلل الديني في مجتمعنا، ولو ركزوا على الكبائر لعلموا أن أمورنا الدينية جيدة، والمشكلة عندنا في دنيا المسلمين فقط"، المقارنة بين مشهدي الساعة 5 و7 صباحًا هي من أهم المفاتيح لمن يريد أن يعرف منزلة الدنيا في قلوبنا مقارنة بدين الله. لا أتحدث عن لحية، ولا معازف، وإنما أتحدث عن رأس شعائر الإسلام، إنها الصلاة! التي قبضت روح رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوصي بها أمته ويكرر "الصلاة.. الصلاة".

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

ووصف النبي صلى الله عليه وسلم سلوك المنافق في تعامله مع الصلاة فقال

«تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني االشيطان، قام فنقرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلا قليلًا» (رواه مسلم).

ألا يخشى المسلم المتكاسل في الصلاة، المستثقل لها، المستعجل دومًا في أدائها، أن يكون طيلة حياته إنما كان يمارس صلاة المنافق! كم ستكون صدمة فاجعة إذا رأى صلاته عند لقاء الله محسوبة عليه صلاة المنافقين فتكون وبالًا وهو يظنها النجاة؟!

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

هل نحن حين نتلو القرآم نستحضر أن من مقاصد القرآن عميق استحضار اليوم الآخر في النفوس؟ حين ننشغل بدنيانا ونغفل عن هذا اليوم القادم، فنحن لا نغفل عن يوم عادي أو يوم مهم فقط، إننا نغفل عن يوم وصفه الله تعالى {إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْمًۭا ثَقِيلًۭا} [الإنسان:27]. إنه الرحمن -جل وعلا- تخشع له الأصوات في ذلك اليوم المهول {يَوْمَئِذٍۢ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِىَ لَا عِوَجَ لَهُۥ ۖ وَخَشَعَتِ ٱلْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًۭا} [طه:108].

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

مما يصنعه استحضار لقاء الله في النفوس إقبال المرء على نفع إخوانه من المسلمين في دينهم ودنياهم. وأي تهييج لهذه المنزلة الإيمانية العظيمة وهي نفع المسلمين أشرف من قول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم:
«من نفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَبِ الدنيا، نفَّسَ اللهُ عنه كُربةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ . ومن يسّرَ على معسرٍ، يسّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرةِ. ومن سترَ مسلمًا، ستره اللهُ في الدنيا والآخرةِ. واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه».

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

نعرف جيدًا من خلال تجاربنا اليومية أن إيماننا في قلوبنا يمر بحالات متفاوتة، بل شديدة التفاوت. تارة نشعر بدفء الإيمان في قلوبنا يتصاعد، فيرق القلب ويلين ويخف ويرفرف، فتنيب النفوس وتذعن، حتى نجد في نفوسنا اندفاعًا لافتًا للعمل لصالح، ونفورًا من المعصية. وتارة آخرى نشعر بالإيمان في قلوبنا يتبلد، ويفتر، حتى نجد من استثقال الطاعات والتكاسل عنها ما يشعرك أنك مكبل، كأنك تمشي في قيود، تستوعر الخطى!
 

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

قد يتصور كثير من الناس أن قسوة القلب مجرد سبب للمعصية، ويغفل الكثيرن عن أن قسوة القلب قد تكون نتيجة وعقوبة من الله على المعصية ذاتها، فيعاقب الله العبد إذا عصاه بأن يسلط عليه قسوة القلب، كما قال الله تعالى {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَـٰقَهُمْ لَعَنَّـٰهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَـٰسِيَةًۭ} [المائدة من الآية:13].

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

ثم مشهد "المقارنة بين الساعة 5 والساعة 7صباحًا" أقارن تفاوت الحالة الشعبية بين هاتين اللحظتين اللتين لا يفصل بينهما إلا زهاء مئة دقيقة فقط. في الساعة 5 صباحًا، نجد طائفة موفقة من الناس توضأت، تتهادى بسكينة لأداء صلاة الفجر، بينما أمم من المسلمين أضعاف هؤلاء ما يزالون في فرشهم. ما إن تأتي الساعة 7 وبدأ وقت الدراسة والدوام، وكأنما أطلقت في البيوت صافرات الإنذار! حركة موّارة، وطرقات تتدافع. لكن هل يمكن أن يكون الدوام والشهادات أعظم في قلب الإنسان من الصلاة؟!

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

تأمل كيف أمر الله المجاهدين بصلاة الجماعة، وهم على خط النار، وتحت مخاطر القصف، وشرح القرآن لهم كيف يصلونها، فكيف يبيح الله تعالى لرجل ينام فوق فراش وثير، تحت أجهزة التكييف الحديثة أن يدع الصلاة؟ بأي منطق يجوز هذا؟! وجاء الأمر الصلاة في آية مركبة صياغتها بطريقة شديدة الترهيب {وَأَقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُوا۟ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ} [الروم من الآية:31]. فإذا كان الله يجعل ترك الصلاة من أفعال المشركين، فكيف يرضى المسلم لنفسه أن يكون بهذه المنزلة؟!

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

أنظر كيف يصور القرآن مشاعر المقصرين {وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍۢ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلْأَبْصَـٰرُ . مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْـِٔدَتُهُمْ هَوَآءٌۭ} [إبراهيم:42-43]، انظر كيف سنقوم من قبورنا شاخصة أبصارنا، مهطعين أي مسرعين، من شدة الفزع والرعب وصف الله القلوب بإنها فارغة. ولا يقطع نياط القلب مثل علمنا بأن هذه الأحوال لا يفصل بيننا وبيننها إلا مجئ ملك الموت في الساعة المقدرة اليوم أو غدًا، ومع ذلك لا زالت الغفلة تكبلنا!!

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

ما وظيفة هذا السهر الإيماني؟ الحقيقة أن وظائفه كثيرة جدًا، ولكن معظم وظائفه أن تلك اللحظات هل لحظات (الاستمداد)، فإذا تجافى جنب المؤمن عن المضجع، وتوضأ، ثم وقف بين يدي ربه، ثم سجد، بدأت دقائق الاستمداد. فيستمد من خزائن رحمات الله، من أرزاقه، من العلم، من التوفيق، من الهداية، إنها لحظات الدعم المفتوح، ورحمات الله إذا فتحت فلا تسل عن أمدائها {مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍۢ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر من الآية:2].

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً