المصدر: فريق عمل طريق الإسلام
- مصر
- ar.islamway.net
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (22)- مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ
ويعطي قوله {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} [الفاتحة:4]؛ عبوديته من الذلِّ والانقياد، وقصد العدل والقيام بالقسط، وكفَّ العبد نفسه عن الظلم والمعاصي، وليتأمل ما تضمنته من إثبات المعاد وتفرَّد الربِّ في ذلك بالحكم بين خلقه، وأنه يومٌ يدين الله فيه الخلق بأعمالهم من الخير والشر، وذلك من تفاصيل حمده، وموجبه كما قال تعالى: {وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} [الزمر من الآية:75]، ويروى أن جميع الخلائق يحمدونه يومئذ أهل الجنة وأهل النار، عدلاً وفضلاً، ولما كان قوله {ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ}.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (21)- ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
{ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ} [الفاتحة:3]؛ عبودية تخصه سبحانه، وهي شهود العبد عموم رحمته. وشمولها لكلّ شيء، وسعتها لكلِّ مخلوق وأخذ كلّ موجود بنصيبه منها، ولاسيما الرحمة الخاصَّة بالعبد وهي التي أقامته بين يدي ربه: أقم فلاناً، ففي بعض الآثار أن جبرائيل يقول كل ليلة أقم فلاناً، وأنم فلاناً فبرحمته للعبد أقامه في خدمته يناجيه بكلامه، ويتملقه ويسترحمه ويدعوه ويستعطفه ويسأله هدايته ورحمته، وتمام نعمته عليه دنياه وأخراه فهذا من رحمته بعبده، فرحمته وسعت كل شيء، كما أن حمده وسع كل شيء، وعلمه وسع كل شيء، {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَىْءٍۢ رَّحْمَةًۭ وَعِلْمًۭا} [غافر من الآية:7]، وغيره مطرود محروم قد فاتته هذه الرحمة الخاصَّة فهو منفي عنها.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (20)- فلا ربَّ غيره
{رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} [الفاتحة من الآية:2]؛ من العبودية شهود تفرّده سبحانه بالربوبية وحده، وأنَّه كما أنه رب العالمين، وخالقهم، ورازقهم، ومدبِّر أمورهم، وموجدهم، ومغنيهم، فهو أيضاً وحده إلههم، ومعبودهم، وملجأهم ومفزعهم عند النوائب، فلا ربَّ غيره، ولا إله سواه.
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (20)- جماهير الرعايا
وضاق الأمر، وكاد اليأس أن يخامر قلب المسيحية، لا تدري ماذا تفعل في تساقط رعاياها في الإسلام، أو في ثقافته وحضارته، طوعًا بلا إكراه. ما معني هذا؟ أيكون معناه أن المسيحية على ما هي عليه غير مقنعة لجماهير الرعايا؟ ولم يحيروا جوابًا، ولا وجدوا لأنفسهم مخرجًا.
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (19)- جهاد الدولة البيزنطية
جاهدت الدولة البيزنطية في الشمال أن تسترد ما ضاع، وظلت 4 قرون تحاول أن تعود فتخترق هذا العالم الإسلامي من طرفه الشمالي عند الشام، وذهب جهدها هدرًا، ولم يغن عنهم السلاح شيئًا، وكل يوم يمر، يزداد رعايا الرهبان والمملوك انبهاًرا بالإسلام وخلقه وثقافته وحضارته، ولم ينج من هذا الانبهار لا الملوك ولا الرهبان أنفسهم.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (19)- وإن لم يوحِّده العباد
كما أنه هو الواحد الأحد، وإن لم يوحِّده العباد، وهوالإله الحقُّ وإن لم يؤلِّهه، سبحانه هوالذي حمِد نفسه على لسان الحامد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «
» (صحيح مسلم [404]).فهو الحامدُ لنفسه في الحقيقة على لسان عبده، فإنه هو الذي أجري الحمدَ على لسانه وقلبه، وأجراؤه بحمده فله الحمد كله، وله الملك كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، علانيته وسره.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (18)- فالكون كلّه ناطق بحمده
وحمده تعالى قد ملأ الدنيا والآخرة، والسموات والأرض، وما بينهما وما فيهما، فالكون كلّه ناطق بحمده، والخلق والأمر كلّه صادر عن حمده، وقائم بحمده، ووجوده وعدمه بحمده، فحمدُه هوسبب وجود كل شيء موجود، وهوغاية كل موجود، وكلّ موجود شاهد بحمده، فإرساله رسله بحمده، وإنزاله كتبه بحمده، والجنة عُمِّرت بأهلها بحمده، والنَّار عُمِّرت بأهلها بحمده، كما أنَّها إنَّما وجدتا بحمده.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (17)- ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ
{ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} [الفاتحة:2]؛ تجد تحت هذه الكلمة إثبات الكمال للرب ووصفاً واسماً، وتنزيهه سُبحَانه وبحمده عن كلِّ سوء، فعلاً ووصفاً واسماً، وإنما هومحمود في أفعاله وأوصافه وأسمائه، مُنزَّه عن العيوب والنقائص في أفعاله وأوصافه وأسمائه. فأفعاله كلّها حكمة ورحمة ومصلحة وعدل ولا تخرج عن ذلك، وأوصافه كلها أوصاف كمال، ونعوت جلال، وأسماؤه كلّها حُسنى.
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (18)- سلطان الكنائس المسيحية
كان سلطان الكنائس المسيحية مبسوطًا عل الشام ومصر وشمال إفريقية وأرض الأندلس منذ قرون طويلة سبقت. وفي طرفة عين، في أقل من 80 سنة، تقوض فجأة سلطان المسيحية على هذه الرقعة الواسعة المتراحبة وزال زولًا سهلًا، وتقوض أيضًا سلطانها عى نفوس الجماهير الغفيرة من رعاياها، ودخلوا دخولًا سهلًا يسيرًا في الإسلام طوعًا بلا إكراه، بل أعجب من ذلك صاروا هم جند الإسلام وحماة ثغوره وعواصمه، وقارعوا النصرانية وحصروها في الشمال الأوربي، بل أوعجب من ذلك أيضًا أن دخلوا في العربية دخولًا غريبًا وصار لسانهم لسانها. وصارت دار الإسلام كلها ديار ثقافة وعلم وخلق وحضارة تبهر الأنظار والعقول، في المشرق حيث مقر الخلافة في دمشق وبغداد وفي المغرب حيث ديار الأندلس. كيف حدث هذا؟ كان سؤالًا يتردد في ضمير المسيحية كلها!
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (17)- المأزق الضنك!
قارن بين إصرار مستميت على دفع هذا الخزي، وإماطة هذا الخوف والرعب، وإشعال نيران الغضب والحقد، بحمية تأنف من الاستكانة لذل وقهر أحدثه محمد الفاتح ورجاله من المسلمين الظافرين. ومن يومئذ بدأت أوربة تتغير، لتخرج من هذا المأزق الضنك، وبهمة لا تفتر ولا تعرف الكلل، بدأ الرهبان وتلاميذهم معركة آخرى أقسى معارك الحرب، معركة العلم والمعرفة الذي هيأ للمسلمين ما هيأ من أسباب الظفر والغلبة. لقد علموا الآن أن معركة السلاح لن تغني عنهم شيئًا، وهذه أمواج المسلمين تتدفق في قلب أوربة غربًا، ويدخل الإسلام سلمًا بلا إكراه جماهير غفيرة، كانوا بالأمس نصارى متحمسين في قتال المسلمين، الوثنين، كما أوهمهم الرهبان، فلم يغن هذا الإيمان عنهم شيًا.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (16)- طعم الصلاة
ومَن ذاق طعم الصلاة عَلِمَ أنه لا يقوم مقام التكبير والفاتحة غيرهما مقامها، كما لا يقوم غير القيام والركوع والسجود مقامها، فلكلٍّ عبوديته من عبودية الصلاة سرٌّ وتأثيرٌ وعبودية لا تحصل في غيرها، ثمَّ لكل آية من آيات الفاتحة عبودية وذوق ووجد يخُصُّها لا يوجد في غيرها.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (15)- الفاتحة
فينبغي بالمصلي أن يقف عند كل آية من الفاتحة وقفة يسيرة، ينتظر جواب ربِّه له، وكأنه يسمعه وهو يقول: "حمدني عبدي" إذا قال: {ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ}.
فإذا قال: {ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ} وقفَ لحظة ينتظر قوله: "أثنى عليَّ عبدي".
فإذا قال: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ} انتظر قوله: "مجَّدني عبدي".
فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} انتظر قوله تعالى: "هذا بيني وبين عبدي".
فإذا قال: {ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ} إلى آخرها انتظر قوله: "هذا لعبدي ولعبدي ما قال".