وسم: المسلمون
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (48)- أنه الصورة الوثيقة المأمونة (2)
كان جوهر هذه الصورة، المبثوث تحت المباحث كلها، هو أن هؤلاء العرب المسلمين هم في الأصل قوم بداة جهال لا علم لهم كان، جياع في صحراء مجدبة، جاءهم رجل من أنفسهم فادعى أنه نبي مرسل، ولفق لهم دينًا من اليهودية والنصرانية، فصدقوه بجهلهم واتبعوه، ولم يلبث هؤلاء الجياع أن عاثوا بدينهم هذا في الأرض يفتحونها بسيوفهم، حتى كان ما كان، ودان لهم من غوغاء الأمم من دان، وقامت لهم في الأرض بعد قليل ثقافة وحضارة جلها مسلوب من ثقافات الأمم السالفة كالفرس والهند واليونان وغيرهم، حتى لغتهم كلها مسلوبة وعالة على العبرية والسريانية والآرامية والفارسية والحبشية. ثم كان من تصاريف الأقدار أن يكون علماء هذه الأمة العربية من غير أبناء العرب، الموالي، وأن هؤلاء هم الذين جعلوا لهذه الحضارة الإسلامية كلها معنى! هذا هو جوهر الصورة التي بثها المستشرقون في كل كتبهم عن دين الإسلام، وعن علوم أهل الإسلام وفنونهم وآثارهم وحضارتهم، وأن هذه الحضارة إنما هى إحدى حضارات القرون الوسطى المظلمة التى كان العالم يومئذ غارقًا فيها -يعنون عالمهم هم- يجري عليها حكم قرونهم الوسطى!