رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (82)- فرنسا تلعق جراحها

وأما فرنسا التى عادت من الهند تلعق جراح هزائمها، فكان وقع النذير مختلف الأثر، مختلف الأسلوب، في قصة طويلة من تنبه الاستشراق لما يجري في دار الإسلام. فإذا كانت إنجلترا قد ظفرت بنصيب الأسد في الهند، فإن لفرنسا لنصيبًا قريبًا تعد العدة للظفر به، لا يفصل بينها وبينه إلا بحر ضيق، ممكن أن يكون لها عليه السلطان الأعظم. ومن قبل ظلت تدبر الأمر زمنًا طويلًا لتظفر بهذا النصيب في مصر وفي الجزائر، ومعنى ذلك أنها عادت مرة أخرى تفكر في اختراق دار الإسلام، الأمر الذي كان مستعصيًا نحو 10 قرون أو أكثر. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (80)- إنجلترا وفرنسا وصراع مستميت على الهند!

كانت دول أوربة كلها في صراع مستميت فيما بينها على نهش أطراف دار الإسلام، واستنزاف ثرواتها وكنوزها وخيراتها بشراهة لا تشبع. وكان أكبر الصراع المتوحش على الطرف البعيد في الهند، حيث لا تستطيع طليعة الإسلام في دار الخلافة (تركية) أن تصنع لإنقاذها شيئَا ذا بال، بل هي يومئذ مشغولة أيضًا بالحفاظ على وجودها وهيبتها لا أكثر. كان أكبر دولتين يومئذ: إنجلتر وفرنسا، وكان السبق لإنجلترا، فأنشأت ما يسمونه شركة الهند الشرقية البرطانية، وهو أول جهاز استعماري قوي، وتبعتها فرنسا فأنشأت جهازها الاستعماري باسم شركة الهند الشرقية الفرنسية، ولا يغرنك لفظ شركة فإنه في الحقيقة جيش غاز مسلح، مهمته النهب والسلب وقطع الطريق، وتخويف الضعفاء الذين لا يملكون عن أنفسهم دفعًا. بدأ الصراع بين الشركتين في الهند، صراعًا مستحرًا مستميتًا، وظل محتدما حتى قضت الشركة البريطانية على الفرنسية قضاءً مبرمًا، في معركة فاصلة، وطردتها من الهند كلها، فخرجت هي والأسبان وغيرهم من حلبة الصراع في الهند دامية وجوهم وأكبادهم، وأستأثرت إنجلترا وحدها بالصيد الغزير. 

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً