الفوائد (3)- {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} (1)

إذا كان التأثير إنما يتم بمجموع هذه، فما وجه دخول أداة (أو) في قوله {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} والموضع موضع واو الجمع لا موضع (أو) التي هي لأحد الشيئين. خرج الكلام بـ (أو) باعتبار حال المخاطب المدعو فإن من الناس من يكون حي القلب واعيه، تام الفطرة، فإذا فكّر بقلبه، وجال بفكره، دلّه قلبه وعقله على صحة القرآن، وأنه الحق، وشهد قلبه بما أخبر به القرآن، فكان ورود القرآن على قلبه نورًا على نور الفطرة، وهذا وصف الذين قيل فيهم {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور من الآية:35]، فهذا نور الفطرة على نور الوحي، وهذا حال صاحب القلب الحيّ الواعي، فصاحب القلب يجمع بين قلبه وبين معاني القرآن، فيجدها كأنها قد كتبت فيه، فهو يقرأها عن ظهر قلب. 

الذي يعرف الحق

الذي يعرف الحق ولا يتبعه غاوٍ يشبه اليهود؛ والذي يعبد الله من غير علم وشرع هو ضال يشبه النصارى (مجموع الفتاوى [7/633]).

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (38)- الاستعمار والتبشير

وبفضل هؤلاء المتبتلين المنقطعين عن زخرف الحياة الجديدة، وبفضلهم وحدهم، وبفضل ملاحظاتهم التي جمعوها من السياحة في دار الإسلام ومن الكتب، وبذلوها لملوك المسيحية الشمالية، نشأت طبقة الساسة الذين يعدون ما استطاعوا من عدة لرد غائلة الإسلام ثم قهره في عقر دياره، ولتحقيق الأحلام والأشواق التي كانت تخامر قلب كل أوربي، أن يظفر بكنوز الدنيا المدفونة في دار الإسلام وما وراء دار الإسلام، وهم الذي عرفوا فيما بعد باسم رجال (الاستعمار)، وبفضلهم وحدهم، وبفضل ملاحظاتهم التي زودوا بها رهبان الكنيسة، ثارت حمية الرهبان، ونشات الطائفة التي نذرت نفسها للجهاد في سبيل المسيحية، وللدخول في قلب العالم الإسلامي لكي تحول من تستطيع تحويله عن دينه إلى المللة المسيحية، وأن ينتهي الأمر إلى قهر الإسلام في عقر داره، هكذا ظنوا يومئذ وهذه الطائفة هي التي عرفت فيما بعد باسم رجال (التبشير). 

أسرار الصلاة (34)- رب اغفر لي

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر الاستغفار في هذه الجلسة فيقول: "رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي"، ويكثر من الرغبة فيها إلى ربه. فشرع للعبد إذا رفع رأسه من السجود أن يجثو بين يدي الله تعالى مستعدياً على نفسه، معتذراً من ذنبه إلى ربه ومما كان منها، راغباً إليه أن يرحمه ويغفر له ويرحمه ويهديه ويرزقه ويعافيه.

وشرع له أن يعودَ ساجداً كما كان، ولا يكتفي منه بسجدة واحدة في الركعة كما اكتفى منه بركوع واحد؛ وذلك لفضل السجود وشرفه وقرب العبد من ربِّه وموقعه من الله عز وجل، حتى إنَّه أقرب ما يكون إلى ربه وهو ساجد، وهوأشهر في العبودية وأعرق فيها من غيره من أركان الصلاة؛ ولهذا جُعل خاتمة الركعة، وما قبله كالمقدمة بين يديه، فمحلّه من الصلاة محل طواف الزيارة.

أسرار الصلاة (30)- أسرار السجود

ثم شرع له أن يكبر ويدنو ويخرَّ ساجداً، ويُعطي في سجوده كل عضو من أعضائه حظَّه من العبودية، فيضع ناصيته بالأرض بين يدي ربه، مسندة راغماً له أنفه، خاضعاً له قلبه، ويضع أشرف ما فيه ـ وهووجهه ـ بالأرض ولاسيما وجه قلبه مع وجهه الظاهر ساجداً على الأرض معفِّراً له وجهه وأشرف ما فيه بين يدي سيِّده، راغماً أنفه، خاضعاً له قلبه وجوارحه، متذلِّلاً لعظمة ربه، خاضعاً لعزَّته، منيباً إليه، مستكيناً ذلاً وخضوعاً وانكساراً، قد صارت أعاليه ملويةً لأسافله.

أسرار الصلاة (23)- إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] انتظر جواب ربه له: "هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل"، وتأمل عبودية هاتين الكلمتين وحقوقهما، وميِّز الكلمة التي لله سبحانه وتعالى، والكلمة التي للعبد، وفِقهِ سرَّ كون إحداهما لله، والأخرى للعبد، وميِّز بين التوحيد الذي تقتضيه كلمة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ والتوحيد الذي تقتضيه كلمة {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وفِقهَ سرَّ كون هاتين الكلمتين في وسط السورة بين نوعي الثناء قبلهما، والدعاء بعدهما، وفِقه تقديم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} على {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

أسرار الصلاة (25)- أقسام الخلق إلى الهداية

فانقسم الخلق إذن إلى ثلاثة أقسام بالنسبة إلى هذه الهداية:

مُنعم عليه: بحصولها له واستمرارها وحظه من المنعم عليهم، بحسب حظه من تفاصيلها وأقسامها، وضالٌ: لم يُعطَ هذه الهداية ولم يُوفق لها، ومغضوب عليه: عَرفها ولم يوفق للعمل بموجبها، فالضال: حائد عنها، حائر لا يهتدي إليها سبيلاً، والمغضوب عليه: متحيّر منحرف عنها ؛ لانحرافه عن الحق بعد معرفته به مع علمه بها.

فالأول المنعم عليه قائم بالهدى، ودين الحق علماً وعملاً واعتقاداً والضال عكسه، منسلخ منه علماً وعملاً، والمغضوب عليه لا يرفع فيها رأساً، عارف به علماً منسلخ عملاً، والله الموفق للصواب.

أسرار الصلاة (22)- مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ

ويعطي قوله {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ[الفاتحة:4]؛ عبوديته من الذلِّ والانقياد، وقصد العدل والقيام بالقسط، وكفَّ العبد نفسه عن الظلم والمعاصي، وليتأمل ما تضمنته من إثبات المعاد وتفرَّد الربِّ في ذلك بالحكم بين خلقه، وأنه يومٌ يدين الله فيه الخلق بأعمالهم من الخير والشر، وذلك من تفاصيل حمده، وموجبه كما قال تعالى: {وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ[الزمر من الآية:75]، ويروى أن جميع الخلائق يحمدونه يومئذ أهل الجنة وأهل النار، عدلاً وفضلاً، ولما كان قوله {ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ}.

كناشة الفوائد (14): {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}

قال العلامة العثيمين رحمه الله في تفسير سورة ق، ص: [103]:

"{وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [ق من الآية:29] يعني لست أظلم أحدًا، وكلمة (ظلاَّم) لا تظن أنها صيغة مبالغة، وأن المعنى أني لست كثير الظلم، بل هي من باب النسبة، أي: لست بذي ظلم، والدليل على أن هذا هو المعنى، وأنه يتعين أن يكون هذا المعنى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء من الآية:40]، ويقول عز وجل: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه:112]، ويقول عز وجل: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف من الآية:49]، والآيات في هذا كثيرة، أن الله لا يظلم".

انتهى كلامه رحمه الله.

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (13)- الحروب الصليبية

الحروب الصليبية التي بدأت سنة 1096م ، إي بعد 6 قرون من سقوط الإمبراطورية الرومانية، في خلالها كان الإسلام قد ظهر بدينه وثقافته وغلب على رقعة ممتدة من حدود الصين إلى الهند، ومن أقصى الأندلس إلى قلب أفريقية، وأنشأ حضارة نبيلة متماسكة كاملة، بعد أن رد النصرانية وأخرجها من الأرض، وحصرها في الرقعة الشمالية التي فيها هذا الهمج الهامج الذي كان يعيش فيما يعرف اليوم باسم أوربة. وظل الصراع مشتعلًا مدة 5 قرون، بين النصرانية المحصورة في الشمال وبين الإسلام الذي يتاخمها جنوبًا. ولكن جيوش النصرانية لم تستطع أن تفعل شيء يذكر، مع تطاول الأمر. فرأوا أن يتجهوا إلى الشمال، ليدخلوا في النصرانية هذا الهمج الهامج الذي لا دين له يجمعه، ليكون بعد قليل مددًا لجيوش جرارة تطبق على ثغور الإسلام وعواصمه في الشام ومصر. 

أسرار الصلاة (1)- قرة عُيون المحبين

فاعلم أنه لا ريب أن الصلاة قرة عُيون المحبين، ولذة أرواح الموحدين، وبستان العابدين ولذة نفوس الخاشعين، ومحك أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين، وهي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين.

كلما زادت حربه اشتد

الإسلام لا ينقص كلما زادت حربه اشتد، كالنار يُذْكيها من ينفخها ليُطفيها {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَ‌ ٰهِهِمْ وَيَأْبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ} [التوبة:32].​

يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
11 صفر 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً