الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
أما بعد:
فإن الأمانةَ العامة للقرآن الكريم وعلومه التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي بدولة الكويت؛ جعلتْ ضِمن أهدافها العنايةَ بالقرآن وبالمقرئين المسندين على وجْه التميّز والاحتراف في فنّ الإقراء والإجازات.
لذلك حرصتْ أن تكون سبّاقةً لاحتضان القراء المتقِنِين الذين يجمعون بين علوّ السند والإتقان والرسوخ في علم القراءات.
وتعتبر استضافة الشيخ المقرئ أبي الله المظفر بُرهاناً على ذلك التميّز في انتقاء الأعلام ذوي الخبرة العتيقة، والحنكة الدقيقة، في التجويد والقراءات.
ثم إنَّ الشيخ أبا عبد الله منير بن محمد المظفر الصفاقسي التونسي، المولود: 7/7/1953م، لا تخفى مكانَتُه لدى المشتغلين بالقرآن وعلومه، لا سيما وأنه عُرف بطلب العلم في تونس، والشام، والسعودية، وهو خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
وله سمعة جليلة عند المتخصصين في التجويد والقراءات لكونه جامعاً بين علوّ السند، وإتقان التلاوة، وجمال الصوت، ونشره لفنّ الأداء في بلاد المغرب.
ولقد كان من أشهر مشايخه: الشيخ عيون السود، والشيخ عبدالفتاح القاضي، والشيخ الألباني، والشيخ ابن باز.
كما درَّس القراءات في تونس، والمغرب، والجزائر، وغيرها.
واشتهر بإتقانه الشديد للأداء القرآني (والمخارج والصفات)، وكان الشيخ عبدالفتاح القاضي يحب الاستماع لتلاوته لما امتازت به من جمع بين الصوت النديّ الجميل وبين دقّةٍ في أداء الحروف.
وهو أول من أدخل رواية ورش من طريق الأصبهاني إلى المغرب والجزائر حتى أصبح كثير من حملة القرآن من الأئمة وغيرهم لا يقرؤون إلا بها خاصة في التراويح.
وقام بنفسه تسجيل مصاحف صوتية (قالون)، (الأصبهاني (مرتين))، (ابن كثير)، (يعقوب). وغيرها.
وله صبغة مميزة في تدريس فن التجويد والقراءات، ومنّ الله عليه بأنْ رزقه ذرية طيبة، جميعهم يحفظ القرآن بالقراءات العشر.
وامتاز عن كثير من القراء باطلاعه على شتى العلوم الشرعية، وإلمامه بالتاريخ، وحبّه الشديد لطلب العلم، ونبْذِه للتقليد.
إلى جانب هذا فإن كلَّ من عاشر الشيخَ –حفظه الله- يلامس تواضعَـه الجمّ، وزهدَه الصادق، وتطبيقَه للسنّة، ومحافظته على قيام الليل سفراً وحضراً...
ولا يسعنا إلا أن نذكّر أنفسنا بما رواه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَلاَ الْجَافِي عَنْهُ، وَذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ)).