عبد الرحمن الفريان

عبد الرحمن الفريان 

المشاهدات: 2,373
  • الإسم والنسب:
    هو القدوة الصالح، الورع الزاهد التقي، بقية السلف، العلامة الداعية الناصح لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأئمة المسلمين وعامتهم:
    الشيخ - أبو عبد الله - عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح بن حمد بن عبد الله بن فريان الهاجري القحطاني من قحطان الأولى.

    نشأته ومسيرته العلمية:
    ولد هذا العالم رحمه الله بمدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية عام ألف وثلاثمائة وأربعة وأربعين من الهجرة النبوية ونشأ في كنف والده - عبد الله – نشأة دينية علمية وهيأه لطلب العلم في سن مبكرة حيث التحق بالكتاتيب بجانب مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى عند المعلم فيها, الذي يديرها ويسمى ( المطوع ) وهو الشيخ صالح بن مصيبيح - رحمه الله – وكان في السادسة من عمره فتعلم فيها الهجاء، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو في سن الخامسة عشرة.

    وقد قرأ القرآن على الشيخ صالح بن مصيبيح، والشيخ على اليماني، رحمهما الله، وعلى الشيخ محمد بن أحمد بن سنان رحمه الله تعالى في مسجد الجفرة سابقاً الواقع في دخنة.

    طلب العلم وتلقاه على عدد من العلماء الأفذاذ مثل سماحة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية سابقاً، في سن السابعة عشر عام 1361هـ، وقرأ عليه الأصول الثلاثة، ثم كتاب التوحيد، ثم الأربعين النووية، ثم آداب المشي إلى الصلاة، وبلوغ المرام لابن حجر العسقلاني، وعمدة الأحكام لعبد الغني المقدسي وزاد المستقنع في الفقه الحنبلي، والآجرومية في النحو، ثم قطر الندى، ثم الألفية غيباً. ثم بدأ في المطولات كالبخاري، ومسلم، وشرح التوحيد، وفضل الإسلام، والكبائر للشيخ محمد بن عبد الوهاب، واقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية. وقرأ الرحبية في الفرائض على الشيخ محمد بن عبد اللطيف - رحمه الله - في بعض الأوقات، كما قرأ على الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري ( أبي حبيب ) - رحمه الله – وكذلك على الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - وقد أتم عليه النونية لابن القيم وعلق عليها بعض التعليقات.

    وحين شغل فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم بالقضاء أمر طلابه بالالتحاق بكلية الشريعة فوافقوا واشترطوا التعلم في مسجده، فكان أساتذة الكلية يأتون للتعليم في المسجد، أما الاختبار فيتم في الكلية. وقد تخرج من كلية الشريعة عام 1380هـ  وهو في سن السادسة والثلاثين.

    من علمائه ومشائخه:
    1- الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية – رحمه الله -.
    2- الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسين آل الشيخ – رحمه الله -.
    3- سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله – وقد أتم عليه نونية ابن القيم.
    4- الشيخ عبد العزيز الشثري أبو حبيب – رحمه الله -.
    5- الشيخ صالح بن محمد بن مصيبيح – رحمه الله – تعلم عليه القرآن في صغره.
    6- والده الشيخ عبد الله الفريان – رحمه الله – قرأ عليه القرآن كاملاً حفظاً.
    7- الشيخ علي اليماني – رحمه الله – درس عليه القرآن.
    8- الشيخ محمد بن أحمد بن سنان – رحمه الله – قرأ عليه القرآن.
    9- الشيخ عبد الرحمن بن محمد المقوشي – رحمه الله –.
    10- الشيخ محمد الشنقيطي – رحمه الله -.
    11- الشيخ إسماعيل الأنصاري – رحمه الله - .

    زملاؤه في مسيرة التعلم:
    من زملاء الشيخ الذين درسوا معه على يد الشيخ محمد بن إبراهيم:
    1- الشيخ محمد بن عثيمين– رحمه الله -.
    2- الشيخ عبد الله بن جبرين.
    3- الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم.
    4- الشيخ عبد الرحمن بن مقرن.
    وغيرهم كثير.

    تلامذته:
    لم يكن للشيخ تلاميذ، لأن دروسه غير متواصلة، بسبب انشغاله بالدعوة والوعظ في جميع أنحاء المملكة، ولذا لم يكن هناك أحد يذكر، وإنما قرأ عليه بعض طلبة العلم في تفسير القرآن الكريم، وفي صحيح البخاري ومسلم، والهدي النبوي لابن القيم، والعقيدة الواسطية، وشرح التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب، وغير ذلك من الدروس العلمية.

    مؤلفاته:
    وعن مؤلفاته فإنه لم تتوفر لدى الشيخ عبد الرحمن الفريان كغيره من العلماء فرصة التأليف، وإنما انصب جهده واجتهاده في الدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لعامة الناس، وقضاء حوائجهم، والتفرغ لخدمة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم.
    ولذلك لم يترك الشيخ – رحمه الله – من المؤلفات إلا القليل.
    وهي مايلي:
    1- تحريم التصوير – طبع على نفقة الأمير بندر بن عبد العزيز آل سعود جزاه الله خيرا.
    2- مجموعة فوائد مهمة – طبع على نفقة بعض المحسنين - أثابهم الله -
    3- تحف البيان من خطب جامع آل فريان – طبع على نفقة المؤلف رحمه الله -.
    4- معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم (لم يطبع).
    5- الأوامر والنواهي في القرآن الكريم (لم يطبع).
    6- في ظل آية (برنامج إذاعي).
    7- آداب المشي إلى الصلاة (لم يطبع).

    الشيخ والدعوة:
    الشيخ - رحمه الله - منذ صغره حين كان طالبا كان يعنى بنشر الدعوة، ويحمل هموم الدعوة، في مسجده كثيرا، وفي غير مسجده؛ فقد عُرف الشيخ وهو يذهب إلى مقر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أسواق الديرة القديمة، عندما كانت في مبانيها القديمة، وشوارعها الصغيرة ويُمد له بمكبرات الصوت في الشوارع والأسواق التجارية، يتحدث إلى الناس كل أسبوع، وهذه عادة كان المشايخ السابقون يحبونها ويواصلونها.

    ومما تميز به الشيخ – رحمه الله – عدم استكثار الجهد في سبيل الدين ونشر العلم الصحيح داعية يمارس الدعوة في بيته وشارعه ومسجده ومكتبه وسفره وإقامته اقتداءً بنبي الأمـة صلى الله عليه وسلم، صحبه الكثير من الدعاة فأتعبهم بصبره وجلده.

    ولعله من القلائل الذين ذرعوا الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، يعظ ويذكر، ويدعو إلى التقوى والمحبة، لم يترك دائرة أو مكانا يعنى بالعلم والدعوة إلا وخطب فيه وأرشد وناصح وذكر، بقلب مخلص، فتقع كلماته في القلوب.
     
    تولى إمامة جامع آل فريان بمعكال 1375هـ والخطابة فيه، قبل تخرجه من كلية الشريعة، واستمر حتى وفاته - رحمه الله -.
     
    وبعد تخرجه رحمه الله من كلية الشريعة أمره الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله بتوجيه من الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله بالتجول للدعوة فتوجه إلى الحدود الشمالية.
     
    البدء في الدعوة بالهمة والعزيمة حدد تاريخه فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله - فقال: ( من حدود سنة 76هـ وما بعدها التزم بتغيير المنكرات التي كانت تتمكن من البلاد فالتزم بأن يغيّر، وإذا لم يستطع التغيير بيده فإنه يتصل بالمسؤولين، يتصل بالملك سعود في ذلك الوقت، وكذلك بالأمراء الذين إليهم الأمر زيادة على اتصاله مع الإخوة المشايخ، والشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – وتذكيره بما حصل وأنه يوجد في المكان الفلاني سينما، وأن هناك من يدعو إليها، وأنه يوجد في المقاهي في مكان كذا وكذا منكرات وشباب كثير، يعكفون على النظر في تلك الأفلام وتلك الصور، ونحو ذلك، وهكذا كلما ذكر له منكر لامسه بعض المواطنين، أو بعض المتعاقدين، لم يسعه السكوت حتى يتصل بأولئك المسؤولين ومقابلتهم.
     
    ولما اشتغل الهاتف وكان ذلك في حدود 86هـ وما بعدها كان منه الهاتف دائما مشغولا، يتصل بالمسؤولين ويذكرهم وينصحهم، وبالعلماء ويحثهم على القيام، وبالأخص المشايخ الكبار: كالشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ عبد العزيز بن باز، ونحوهم ويحثهم على أن يقوموا بالدعوة إلى الله تعالى.
     
    وهو من المؤسسين لندوة الجامع الكبير – في الرياض - والتي تقام كل يوم خميس، وكانت ندوة مباركة، يقدم فيها مواضيع متنوعة تهتم بموضوعات العصر، وما يستجد فيه من انتشار لبعض المخالفات الشرعية، وطرح المواضيع المؤصلة، ويشارك فيها نخبة من علماء وطلبة العلم الراسخين، ثم يعلق عليها المفتي ويجيب على أسئلة الحضور، وهذه الندوة لا زالت مستمرة إلى يومنا هذا ولله الحمد منذ عهد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى.
     
    كما أسس الشيخ مكتبة شيخ الإسلام ابن تيمية التابعة للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في منطقة الرياض، حيث أدرك – رحمه الله – أهمية البحث العلمي، وضرورة توفير الكتب والشريط الإسلامي، فأسس هذه المكتبة عام 1389هـ، وجعلها في المقر الرئيسي السابق للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، مع معهد القرآن الكريم وعلومه، وذلك ليتمكن الباحثون من الاطلاع على المصادر والمراجع الأصلية، وأيضا تمكين الناشئة الطلاب من التعرف على أمهات الكتب، بالإضافة إلى تمكين القراء من الاستعارة وفق نظام المكتبة الداخلي، كما أن قسم الشريط في المكتبة يوفر لمرتاديه تسجيلات القرآن الكريم، بأصوات بعض مشاهير القراء، وبعض طلبة الجمعية البارزين، وكذلك تسجيل بعض الدروس، والمحاضرات العلمية، والخطب، وبعض المتون والمنظومات المتعلقة بعلوم القرآن الكريم، وغيرها من المنظومات المفيدة لطالب العلم.
     
    وكان لفضيلة الشيخ إسهام في الإعلام وبالذات الصحافة ودائما ما كان يحضر إلى الصحف ويحمل ( كلمة ) فيها تنبيه على خطأ معين أو تحذير من شيء معين أو تذكير بمناسبة معينة ( صوم، حج، عشر ذي الحجة، عاشوراء ) أ و تحذير من مسائل أو أمور خطيرة.
     
    كما كان له إسهام مبارك في إذاعة القرآن الكريم وتقديم عدد من البرامج النافعة: في العقيدة والآداب ،والسيرة النبوية، علما بأن الشيخ عند ركوبه السيارة - سواء في سفر أو حِل، كان حريصا جدا على سماع إذاعة القرآن الكريم؛ فيطلب من السائق مباشرة تشغيل الإذاعة، وكان يتأمل أن يكون القراء في الإذاعة من الشباب خريجي الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم.
     
    كان الشيخ مرجعا لكثير من الناس وطلاب العلم في الاحتساب على إنكار المنكرات وذلك بالنظر لأمرين:
    الأول: أن الشيخ رحمه الله قد فتح صدره قبل أبواب بيته ومكتبه لكل من يتوجه إليه طالبا توجيها أو نصيحة أو استشارة أو عونا على فعل الخير أو إنكار منكر.
    الثاني: أن الشيخ رحمه الله لم يكن يقصد تشهيرا بأحد ولا تنقصا له بل كان قصده إثبات الخير وإسداءه وإزالة المنكر قدر الاستطاعة فقبلت منه النفوس وأجلت شخصه الكريم.

    الشيخ وإنكار المنكر:
    كان رحمه الله حريصا على إنكار المنكر أيا كان فاعله لا تأخذه في الحق لومة لائم: فكان ينصح ويعظ أولا أبناءه وزوجاته، ثم الأقرب، ثم بقية الناس من ولاة أمر، ومسؤولين وأغنياء وفقراء، لا يرى منكرا إلا غيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فأينما يرى مكروها رحمه الله إما أن يتكلم عنه، أو يرسل خطابا للمسؤول عنه ويسأل تغييره.

    كما أنه لا ينسى زملاءه أصحاب الفضيلة والمعالي من المشايخ؛ فكان يزورهم، وينصحهم، ويطلب منهم النصيحة. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

    وحين يحضر إليه الفقراء في مكتبه بجانب المسجد ويرى من بعضهم أحيانا منكرات: إما إسبال ثوب، أو حلق لحية، أو ريح دخان، فيتكلم معهم، ويقف مدة من الزمن، ويعمم الخطاب لا يخص أحدا بعينه، وأحيانا أخرى يطلب الانفراد بمن يريد أن ينصحه: سواء كان مسؤولا، أو كان غنيا، أو فقيرا، إن وجد فرصة فينفرد به عن الناس وينصحه فيما بينه وبينه.

    والشيخ - رحمه الله - كان دائم العون لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فكان يسعى لتعزيز جهودهم، وتوسيع نشاطهم، وكان رحمه الله يبذل جاهه فيما يقوي شوكتهم، وكانوا بدورهم لا يغيبون عنه يوما من محبتهم له، كانوا يزورونه في اليوم الواحد مرة أو مرتين، في مكتبه، وفي منزله، أو مسجده.

    ومما كان عليه - رحمه الله - في هذا الباب: حرصه على مناصحة ولاة الأمر، وقبولهم ذلك منه لما عرفوه عنه من صدق وإخلاص، ونصح لهم.

    قصة ميلاد الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم:
    يقول الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله -: قبل خمسين عاماً ظهرت قلاقل وفتن يتبع أولها آخرها، وكاد القرآن أن ينسى، وقام الشيخ ابن إبراهيم وابن باز رحمهما الله واجتمعا بالشيخ الفريان وقرروا قراراً كالجمان وقالوا للفريان: ما تقول؟.
    قال: ما تقولون.
    قالوا: كلفناك.
    قال: أنا لها، وأسأل الله أن يعينني إلى يوم التناد.
    ومن هنا ولدت رسالته في الحياة لتكون خدمة القرآن وأهله.

    وحين شعر بقدر الرسالة وأثرها في قلبه قرر في نفسه قراراً عمل به كان ذلك القرار كما تحدث عنه - رحمه الله - فقال: لم استلم أي عمل حكومي لأجل التفرغ للدعوة إلى الله وكنت قد توليت رئاسة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بأمر من الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – سنة 1378هـ.

    الإحسان والبر:
    - بناء المساجد:
    من أعمال الشيخ المشهودة سعيه الدءوب في بناء المساجد وتهيئتها للصلاة, وقد ذكر أحد مقاولي البناء - وقد طال تعامله مع الشيخ - أنه بنى بأمره أكثر من ستين مسجداً في الرياض وحدها خلال ثلاثين عاماً تقريباً.
     
    - وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم:
    كان رحمه الله لا يرد سائلاً ولا سائلة مهما كانت الظروف، كان يزداد حرصه على الصدقة في رمضان خاصة؛ فكان لا يرد المحتاجين مهما كانوا, وكان قد خصص جهاز حاسب آلي في مقر عمله في مكتب الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن، لتسجيل دفع الصدقات؛ فيعطى السائل ويسجل رقم سجله المدني ويقول له: ( إن رغبت أن تعود إلينا فليكن بعد سنة من اليوم حتى نعطيك مرة أخرى )، وكان لا يغفل الحاجة القلبية؛ فكما أن أجساد هؤلاء الفقراء تحتاج إلى الطعام للنجاة من الهلكة، فإن قلوبهم بحاجة إلى النصح والوعظ للصلاح والنجاة من النار؛ فكان رحمه الله ينصحهم في أي منكر يراه منهم، سواء من رائحة دخان خبيثة، أو من حلق للحى، أو إسبال للثياب، وكان يأمرهم بإزالة هذا المنكر ويعطيهم ما قدر الله لهم.

    - عنايته بالضعفة والغرباء:
    كان رحمه الله يقوم على شؤون الضعفاء والغرباء من المسلمين, يجود عليهم بماله, ويجمع لهم من المحسنين, ويصلح بينهم, ويعلمهم, ويشفع لهم, عند الولاة والوجهاء, ويبني لهم المدارس, ويؤجر لهم المساكن, وغير ذلك، كما كان يعول مئات الأسر، يساعدهم على قضاء حوائجهم، وسداد ديونهم، وإطعام جائعهم.

    وفاته:
    في أواخر عمره – رحمه الله - كان يشتكي من فشل كلوي، وانسداد في الشرايين ومشاكل في القلب، ويروي ابنه الأكبر عبد الله الذي كان يقوم على رعايته وخدمته في المستشفى مع إخوانه تفاصيل الليلة التي فارق فيها الحياة:
    في تمام الساعة الحادية عشرة من يوم الأربعاء ليلة الخميس الموافق 7/7/1424هـ، طلب الذهاب إلى الخلاء لقضاء الحاجة فقمت بإسناده، ثم غسلناه وأبدلنا ملابسه، ثم عدنا به إلى الغرفة، فرقد الشيخ على السرير، وبعد قليل طلب مني أن أقعده، ثم رقد، ثم طلب في الثانية أن أقعده ثم رقد، ثم الثالثة وهكذا، وكان مستلقياً على السرير ووجهه إلى القبلة فأخذ رحمه الله يشهق وأنا ألقنه الشهادة، وكان ينطقها بصعوبة من شدة الألم، وهكذا حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، ثم شهق شهقة توفي بعدها – رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته –.

    وهو على فراش الموت، يسطر الشيخ آخر مواقف الإحسان حيث أنه قبل وفاته رحمه الله بساعات علم بأن زوجة أحد العاملين عنده, على وشك وضع وليدها, وقد طلب منه المستشفى لإجراء العملية مبلغاً وقدره ثمانية آلاف ريال, فأمر أبناءه بدفعها عنه, وبعد صلاة المغرب بشروا الشيخ بأن هذه المرأة أنجبت إبناً, فحمد الله, وما إن مرت ساعات على ولادة هذا الطفل وخروجه إلى الدنيا, حتى لفظ الشيخ أنفاسه الأخيرة في هذه الحياة, فكم كان لهذا الموقف من أثر على والد الطفل وزوجته, وما أجملها من خاتمة في هذه الحياة, أن يساهم في التنفيس عن كرب هذه الضعيفة, فرحم الله شيخنا رحمة واسعة.

    توفي قبل فجر الخميس لليوم السابع من شهر رجب عام 1424هـ عن عمر يناهز الثمانين عاماً، وصلي عليه في جامع عتيقة، الذي أقفلت أبوابه على سعته قبل أن يؤذن لفريضة العصر، لكثرة المصلين، فصلى الناس في الشوارع، وترك بعض الحاضرين سياراتهم لشدة الزحام، واستقلوا سيارات الأجرة ليتبعوه إلى مقبرة العود، وما حال المقبرة؟ صُلى عليه فيها ست جماعات، بكاه الجميع، واحمرت المآقي لفراقه، وحق لها؛ لأن موته نقص في الأمة, وشارك في تشييع جنازته عدد من الوجهاء، والعلماء، والمعلمين، وطلبة الحلقات، والفقراء الذين نالهم إحسان الشيخ وعطاؤه، وكان في مقدمتهم سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وسماحة العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين، وفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك، ونائب رئيس الجمعية سابقا، فضيلة الشيخ سعد بن محمد آل فريان ( الرئيس الحالي ) وفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الهذلول ( نائب الرئيس الحالي )، وغيرهم كثير، وتنافس الحاضرون على إنزاله في قبره وازدحموا عليه، حتى نودي بالسكينة والهدوء.

    رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وجميع علماء وموتى المسلمين.

    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،

    تم اقتباس هذه السيرة من كتاب ( ابن فريان بين القرآن والدعوة ) لمعده الشيخ إبراهيم بن عبدالله العيد، مدير المراكز في الجمعية سابقا. وقد راجع هذه النبذة وأجاز نشرها : - ابن الشيخ - عبدالله بن عبدالرحمن بن فريان، جزاه الله خيرا.

  • السعودية

معلومات

الإسم والنسب:
هو القدوة الصالح، الورع الزاهد التقي، بقية السلف، العلامة الداعية الناصح لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأئمة المسلمين وعامتهم:
الشيخ - ...

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً