المصدر: الاستقامة للإنتاج و التوزيع - بالرياض

  • السعودية
  • العنوان: الرياض - الملز -شارع الأربعين . عنيزة هاتف 063645880/063653330 ناسوخ 063653332 ص.ب 1502
  • www.alestqmh.com
  • 4762945
  • 12062565

مناقشة المبتدعة حول صفات الرب عز وجل

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

زفت إليك فان يكن لك ناظر ***** أبصرت ذات الحسن والإحسان

فاعطف على الجهمية المغل الالى ***** خرقوا سياج العقل والقرآن

شرد بهم من خلفهم واكسرهم ***** بل ناد في ناديهم بإذان

أفسدتم المنقول والمعقول والمسموع ***** من لغة بكل لسان

أيصح وصف الشيء بالمشتق للمسلوب ***** معناه لذي الاذهان

أيصح صبار ولا صبر له ***** ويصح شكار بلا شكران

ويصح علام ولا علم له ***** ويصح غفار بلا غفران

ويقال هذا سامع أو مبصر ***** والسمع والابصار مفقودان

هذا محال في العقول وفي النقول ***** وفي اللغات وغير ذي إمكان

فلئن زعمتم انه متكلم ***** لكن بقول قام بالانسان

او غيره فيقال هذا باطل ***** وعليكم في ذاك محذوران

نفي اشتقاق اللفظ للموجود ***** معناه به وثبوته للثاني

أعني الذي ما قام معناه به ***** قلب الحقائق أقبح البهتان

ونظير ذا اخوان هذا مبصر ***** وأخوه معدود من العميان

سميتم الأعمى بصيرا إذ أخو ***** ه مبصر وبعكسه في الثاني

فلئن زعمتم أن ذلك ثابت ***** في فعله كالخلق للأكوان

والفعل ليس بقائم بإلهنا ***** إذ لا يكون محل ذي حدثان

ويصح أن يشتق منه خالق ***** فكذلك المتكلم الوحدان

هو فاعل لكلامه وكتابه ***** ليس الكلام له بوصف معان

ومخالف المعقول والمنقول ***** والفطرات والمسموع للانسان

من قال إن كلامه سبحانه ***** وصف قديم أحرف ومعان

والسين عند الباء ليست بعدها ***** لكن هما حرفان مقترنان

أو قال إن كلامه سبحانه ***** معنى قديم قام بالرحمن

ما إن له كل ولا بعض ولا العربي حقيقته ولا العبراني

والامر عين النهي واستفهامه ***** هو عين إخبار بلا فرقان

وكلامه كحياته ما ذاك مقدورا ***** له بل لازم الرحمن

هذا الذي قد خالف المعقول ***** والمنقول والفطرات للانسان

أما الذي قد قال إن كلامه ***** ذو أحرف قد رتبت ببيان

وكلامه بمشيئة وإدارة ***** كالفعل منه كلاهما سيان

فهو الذي قد قال قولا يعلم العقلاء ***** صحته بلا نكران

فلأي شيء كان ما قد قلتم ***** أولى وأقرب منه للبرهان

ولأي شيء دائما كفرتم ***** أصحاب هذا القول بالعدوان

فدعوا الدعاوي وابحثوا معنا ***** بتحقيق وإنصاف بلا عدوان

وارفوا مذاهبكم ومدو خرقها ***** أن كان ذاك الرفو في الامكان

فاحكم هداك الله بينهم فقد ***** أدلوا إليك بحجة وبيان

لا تنصرن سوى الحديث وأهله ***** هم عسكر القرآن والأيمان

وتحيزن اليهم لا غيرهم ***** لتكون منصورا لدى الرحمن

فنقول هذا القدر قد اعيى على ***** أهل الكلام وقاده أصلان

إحداهما هل فعله مفعوله ***** أو غيره فهما لهم قولان

والقائلون بأنه هو عينه ***** فروا من الأوصاف بالحدثان

لكن حقيقة قولهم وصريحه ***** تعطيل خالق هذه الأكوان

عن فعله إذ فعله مفعوله ***** لكنه ما قام بالرحمن

فعلى الحقيقة ما له فعل اذ المفعول ***** منفصل عن الديان

والقائلون بأنه غير له ***** متنازعون وهم فطائفتان

إحداهما قالت قديم قائم ***** بالذات وهو كقدرة المنان

سموه تكوينا قديما قاله ***** أتباع شيخ العالم النعمان

وخصومهم لم ينصفوا في رده ***** بل كابروهم ما أتوا ببيان

والآخرون رأوه أمرا حادثا ***** بالذات قام وأنهم نوعان

إحداهما جعلته مفتتحا به ***** حذر التسلسل ليس ذا إمكان

هذا الذي قالته كرامية ***** ففعإله وكلامه سيان

والآخرون أولو الحديث كأحمد ***** ذاك ابن حنبل الرضى الشيباني

قد قال إن الله حقا لم يزل ***** متكلما ان شاء ذو إحسان

جعل الكلام صفات فعل قائم ***** بالذات لم يفقد من الرحمن

وكذاك نص على دوام الفعل بال ***** إحسان أيضا في مكان ثان

وكذا ابن عباس فراجع قوله ***** لما أجاب مسائل القرآن

وكذاك جعفر الامام الصادق المقبول ***** عند الخلق ذي العرفان

قد قال لم يزل المهيمن محسنا ***** برا جوادا عند كل اوان

وكذا الامام الدارمي فانه ***** قد قال ما فيه هدى الحيران

قال الحياة مع الفعال كلاهما ***** متلازمان فليس يفترقان

صدق الامام فكل حي فهو فعا ***** ل وذا في غاية التبيان

الا إذا ما كان ثم موانع ***** من آفة أو قاسر الحيوان

والرب ليس لفعله من مانع ***** ما شاء كان بقدرة الديان

ومشيئة الرحمن لازمه له ***** وكذاك قدرة ربنا الرحمن

هذا وقد فطر الإله عباده ***** ان المهيمن دائم الإحسان

أولست تسمع قول كل موحد ***** يا دائم المعروف والسلطان

Audio player placeholder Audio player placeholder

تابع مبحث كلام الرب عز وجل

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

والوصف بالمجرور قام لانه ***** أولى به في عرف كل لسان

ونظير ذا أيضا سواء ما يضا ***** ف اليه من صفة ومن أعيان

فاضافة الأوصاف ثابتة لمن ***** قامت به كارادة الرحمن

وإضافة الأعيان ثابتة له ***** ملكا وخلقا ما هما سيان

فانظر إلى بيت الإله وعلمه ***** لما أضيف كيف يفترقان

وكلامه كحياته وكعلمه ***** في ذي الاضافة اذ هما وصفان

لكن ناقته وبيت إلهنا ***** فكعبده أيضا هما ذاتان

فانظر إلى الجهمي لما فاته الحق ***** المبين واضح البرهان

كان الجميع لديه بابا واحدا ***** والصبح لاح لمن له عينان


فصل

وأتى ابن حزم بعد ذاك فقال ما ***** للناس قرآن ولا اثنان

بل أربع كل يسمى بالقرآ ***** ن وذاك قول بين البطلان

هذا الذي يتلى وآخر ثابت ***** في الرسم يدعى المصحف العثماني

والثالث المحفوظ بين صدورنا ***** هذي الثلاث خليقة الرحمن

والرابع المعنى القديم كعلمه ***** كل يعبر عنه بالقرآن

وأظنه قد رام شيئا لم يجد ***** عنه عبارة ناطق ببيان

إن المعين ذو مراتب أربع ***** عقلت فلا تخفى على إنسان

في العين ثم الذهن ثم اللفظ ثم ***** الرسم حين تخطه ببنان

وعلى الجميع الاسم يطلق لكن ال ***** أولى به الموجود في الأعيان

بخلاف قول ابن الخطيب فانه ***** قد قال ان الوضع للاذهان

فالشيء شيء واحد لا أربع ***** فدهى ابن حزم قلة العرفان

والله أخبر أنه سبحانه ***** متكلم بالوحي والفرقان

وكذاك أخبرنا بأن كلامه ***** بصدور أهل العلم والأيمان

وكذاك أخبر أنه المكتوب في ***** صحف المطهرة من الرحمن

وكذاك أخبر أنه المتلو وال ***** مقروء عند تلاوة الانسان

والكل شيء واحد لا انه ***** هو أربع وثلاثة واثنان

وتلاوة القرآن أفعال لنا ***** وكذا الكتابة فهي خط بنان

لكنما المتلو والمكتوب وال ***** محفوظ قول الواحد المنان

والعبد يقرؤه بصوت طيب ***** وبضده فهما له صوتان

وكذاك يكتبه بخط جيد ***** وبضده فهما له خطان

أصواتنا ومدادنا وأداتنا ***** والرق ثم كتابة القرآن


فصل

في مقالات الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله

وأتى ابن سينا القرمطي مصانعا ***** للمسلمين بافك ذي بهتان

فرآه فيضا فاض من عقـ ***** ـل هو الفعال علة هذه الأكوان

حتى تلقاه زكي فاضل ***** حسن التخيل جيد التبيان

فأتى به للعالمين خطابة ***** مواعظا عريت عن البرهان

ما صرحت أخباره بالحق بل ***** رمزت إليه إشارة لمعان

وخطاب هذا الحق والجمهور بالـ ***** ـحق الصريح فغير ذي إمكان

لا يقبلون حقائق المعقول إلـ ***** ـا في مثال الحس والأعيان

ومشارب العقلاء لا يردونها ***** إلا إذا وضعت لهم بأوان

من جنس ما ألفت طباعهم من المحـ ***** سوس في ذا العالم الجثمان

فأتوا بتشبيه وتمثيل وتجـ ***** ـسيم وتخييل إلى الأذهان

ولذاك يحرم عندهم تأويله ***** لكنه حل لذي العرفان

فإذا تأولناه كان جناية ***** منا وخرق سياج ذا البستان

لكن حقيقة قولهم أن قد أتوا ***** بالكذب عند مصالح الإنسان

والفيلسوف وذا الرسول لديهم ***** متفاوتان وما هما عدلان

أما الرسول ففيلسوف عوامهم ***** والفيلسوف نبي ذي البرهان

والحق عندهم ففيما قاله ***** وأتباع صاحب منطق اليونان

ومضى على هدي المقالة أمة ***** خلف ابن سينا فاغتذروا بلبان

منهم نصير الكفر في أصحابه ***** الناصرين لملة الشيطان

فاسأل بهم ذا خبرة تلقاهم ***** أعداء كل موحد رباني

واسأل بهم ذا خبرة تلقاهم ***** أعداء رسل الله والقرآن

صوفيهم عبد الوجود المطلق الـ ***** معدوم عند العقل في الأعيان

أو ملحد بالاتحاد يدين لا التـ ***** ـوحيد منسلخ من الأديان

معبوده موطوؤه فيه يرى ***** وصف الجمال ومظهر الإحسان

الله أكبر كم على ذا المذ ***** هب الملعون بين الناس من شيخان

يبغون منهم دعوة ويقبلو ***** ن أياديا منهم رجا الغفران

لو أنهم عرفوا حقيقة أمرهم ***** رجموهم لا شك بالصوان

فابذر لهم إن كنت تبغي كشفهم ***** وافرش لهم كفا من الأتبان

وأظهر بمظهر قابل منهم ولا ***** تظهر بمظهر صاحب النكران

وانظر إلى أنهار كفر فجرت ***** وتهم لولا السيف بالجريان


فصل
في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله



وأتت طوائف الاتحاد بملة ***** طمت على ما قال كل لسان

قالوا كلام الله كل كلام هذا ***** الخلق من جن ومن إنسان

نظما ونثرا زوره وصحيحه ***** صدقا وكذبا واضح البطلان

فالسب والشتم القبيح وقذفهم ***** للمحصنات وكل نوع أغان

والنوح والتعزيم والسحر المبين ***** وسائر البهتان وإلهذيان

هو عين قول الله جل جلاله ***** وكلامه حقا بلا نكران

هذا الذي أدى إليه أصلهم ***** وعليه قام مكسح البنيان

إذ أصلهم أن الإله حقيقة ***** عين الوجود وعين ذي الأكوان

فكلامها وصفاتها هو قوله ***** وصفاته ما ها هنا قولان

وكذاك قالوا إنه الموصوف بالضدين ***** من قبح ومن إحسان

وكذاك قد وصفوه أيضا بالكما ***** ل وضده من سائر النقصان

هذي مقالات الطوائف كلها ***** حملت إليك رخيصة الاثمان

وأظن لو فتشت كتب الناس ما ***** ألفيتها أبدا بذا التبيان

Audio player placeholder Audio player placeholder

إثبات صفة الكلام لله تعالى

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

هذا هو المعقول أما الاقترا ***** ن فليس معقولا لذي الاذهان

وكذا كلام من سوى متكلم ***** أيضا محال ليس في الامكان

الا لمن قام الكلام به فذا ***** ك كلامه المعقول في الاذهان

أيكون حيا سامعا او مبصرا ***** من غير ما سمع وغير عيان

والسمع والابصار قام بغيره ***** هذا المحال وواضح البهتان

وكذا مريدوا الارادة لم تكن ***** وصفا له هذا من إلهذيان

وكذا قدير مإله من قدرة ***** قامت به من أوضح البطلان

والله جل جلاله متكلم ***** بالنقل والمعقول والبرهان

قد أجمعت رسل الإله عليه لم ***** ينكره من أتباعهم رجلان

فكلامه حقا يقوم به والا ***** لم يكن متكلما بقران

والله قال وقائل وكذا ***** يقول الحق ليس كلامه بالفاني

ويكلم الثقلين يوم معادهم ***** حقا فيسمع قوله الثقلان

وكذا يكلم حزبه في جنة الـ ***** حيوان بالتسليم والرضوان

وكذا يكلم رسله يوم اللقا ***** حقا فيسإلهم عن التبيان

ويراجع التكليم جل جلاله ***** وقت الجدال له من الانسان

ويكلم الكفار في العرصات تو ***** بيخا وتقريعا بلا غفران

ويكلم الكفار أيضا في الجحيم ***** أن اخسئوا فيها بكل هوان

والله قد نادى الكليم وقبله ***** سمع الندا في الجنة الابوان

وأتى الندا في تسع آيات له ***** وصفا فراجعها من القرآن

وكذا يكلم جبرائيل بأمره ***** حتى ينفذه بكل مكان

واذكر حديثا ( في صحيح محمد ) ***** ذاك البخاري العظيم الشان

فيه ندا الله يوم معادنا ***** بالصوت يبلغ قاصيا والداني

هب أن هذا اللفظ ليس بثابت ***** بل ذكره مع حذفه سيان

ورواه عندكم البخاري المجسم ***** بل رواه مجسم فوقان

أيصبح في عقل وفي نقل ندا ***** ء ليس مسموعا لنا بإذان

أم أجمح العلماء والعقلاء من ***** أهل اللسان وأهل كل لسان

أن الندا الصوت الرفيع وضده ***** فهو النجاء كلاهما صوتان

والله موصوف بذاك حقيقة ***** هذا الحديث ومحكم القرآن

واذكر حديثا لابن مسعود صريحا ***** انه ذو أحرف ببيان

للحرف منه في الجزا عشر من ال ***** حسنات ما فيهن من نقصان

وانظر إلى السور التي افتتحت بأحرفها ***** ترى سرا عظيم الشان

لم يأت قط بسورة الا أتى ***** في إثرها خبر عن القرآن

اذ كان إخبارا به عنها وفي ***** هذا الشفاء لطالب الأيمان

ويدل أن كلامه هو نفسها ***** لا غيرها والحق ذو تبيان

فانظر إلى مبدا الكتاب وبعدها ***** ( الاعراف ) ثم كذا إلى ( لقمان )

مع تلوها ايضا ومع ( حم ) مع ***** ( يس ) وافهم مقتضى القرآن


فصل
في الزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام


والله عز وجل موص أمر ***** ناه مثيب مرسل لبيان

ومخاطب ومحاسب ومنبئ ***** ومحدث ومخبر بالشان

ومكلم متكلم بل قائل ***** ومحذر ومبشر بأمان

هاد يقول الحق يرشد خلقه ***** بكلامه للحق والأيمان

فإذا انتفت صفة الكلام فكل ه ***** ذا منتف متحقق البطلان

وإذا انتفت صفة الكلام كذلك ال ***** إرسال منفي بلا فرقان

فرسالة المبعوث تبليغ كلا ***** م المرسل الداعي بلا نقصان

وحقيقة الارسال نفس خطابه ***** للمرسلين وانه نوعان

نوع بغير وساطة ككلامه ***** موسى وجبريل القريب الداني

منه اليه من وراء حجابه ***** اذ لا تراه هاهنا العينان

والاخر التكليم منه بالوسا ***** طة وهو أيضا عنده ضربان

وحي وإرسال اليه وذاك في الشورى ***** أتى في أحسن التبيان


فصل
في إلزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص إذا انتفت صفة الكلام

فإذا انتفت صفة الكلام فضدها ***** خرس وذلك غاية النقصان

فلئن زعمتم أن ذلك في الذي ***** هو قابل من أمة الحيوان

والرب ليس بقابل صفة الكلا ***** م فنفيها ما فيه من نقصان

فيقال سلب كلامه وقبوله ***** صفة الكلام أتم للنقصان

اذ أخرس الانسان أكمل حالة ***** من ذا الجماد بأوضح البرهان

فجحدت أوصاف الكمال مخافة ***** التجسيم والتشبيه بالانسان

ووقعت في تشبيه بالجمادا ***** ت الناقصات وذا من الخذلان

الله أكبر هتكت أستاركم ***** حتى غدوتم ضحكة الصبيان


فصل
في الزامهم بالقول بأن كلام الخلق حقه وباطله عين كلام الله سبحانه

أو ليس قد قام الدليل بأن أفعال ***** العباد خليقة الرحمن

من ألف وجه أو قريب الالف يحصيها ***** الذي يعنى بهذا الشان

فيكون كل كلام هذا الخلق عين ***** كلامه سبحان ذي السلطان

اذ كان منسوبا اليه كلامه ***** خلقا كبيت الله ذي الاركان

هذا ولازم قولكم قد قاله ***** ذو الاتحاد مصرحا ببيان

حذر التناقض إذ تناقضتم ***** ولكن طرده في غاية الكفران

فلئن زعمتم أن تخصيص القرا ***** ن كبيته وكلاهما خلقان

فيقال ذا التخصيص لا ينفي العمو ***** م ( ولا الخصوص ) كرب ذي الأكوان

ويقال رب العرش أيضا هكذا ***** تخصيصه لاضافة القرآن

لا يمنع التعميم في الباقي وذا ***** في غاية الأيضاح والتبيان


فصل
في التفريق بين الخلق والامر

ولقد أتى الفرقان بين الخلق وال ***** أمر الصريح وذاك في الفرقان

وكلاهما عند المنازع واحد ***** والكل خلق ما هنا شيئان

والعطف عندهم كعطف الفرد من ***** نوع عليه وذاك في القرآن

فيقال هذا ذو امتناع ظاهر ***** في آية التفريق ذو تبيان

فالله بعد الخلق أخبر أنها ***** قد سخرت والأمر للجريان

وأبان عن تسخيرها سبحانه ***** بالامر بعد الخلق والتبيان

والامر إما مصدر او كان مفعولا ***** هما في ذاك مستويان

مأموره هو قابل للامر ***** كالمصنوع قابل صنعة الرحمن

فإذا انتفى الأمر انتفى المأمور ***** كالمخلوق ينفى لانتفاء الحدثان

وانظر إلى نظم السياق تجد به ***** سرا عجيبا واضح البرهان

ذكر الخصوص وبعده متقدما ***** والوصف والتعميم في ذا الثاني

فأتى بنوعي خلقه وبأمره ***** فعلا ووصفا موجزا ببيان

فتدبر القرآن إن رمت الهدى ***** فالعلم تحت تدبر القرآن
فصل
في التفريق بين ما يضاف إلى الرب تعالى من الأوصاف والأعيان

والله أخبر في الكتاب بأنه ***** منه ومجرور بمن نوعان

عين ووصف قائم بالعين فال ***** أعيان خلق الخالق الرحمن

Audio player placeholder Audio player placeholder

مذاهب الناس في كلام الله عز وجل

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

وتكايست أخرى وقالت إن ذا ***** قول محال وهو خمس معان

تلك التي ذكرت ومعنى جامع ***** لجميعها كالأس للبنيان

فيكون أنواعا وعند نظيرهم ***** أوصافه وهما فمتفقان

إن الذي جاء الرسول به لمخ ***** لوق ولم يسمع من الديان

والخلف بينهم فقيل محمد ***** أنشاه تعبيرا عن القرآن

والآخرون أبوا وقالوا إنما ***** جبريل أنشاه عن المنان

وتكايست أخرى وقالت إنه ***** نقل من اللوح الرفيع الشان

فاللوح مبدؤه ورب اللوح قد ***** أنشاه خلقا فيه ذا حدثان

هذي مقالات لهم فانظر ترى ***** في كتبهم يا من له عينان

لكن أهل الحق قالوا إنما ***** جبريل بلغه عن الرحمن

ألقاه مسموعا له من ربه ***** للصادق المصدوق بالبرهان


فصل
في مجامع طرق أهل الأرض واختلافهم في القرآن


وإذا أردت مجامع الطرق التي ***** فيها افتراق الناس في القرآن

فمدارها أصلان قام عليهما ***** هذا الخلاف هما له ركنان

هل قوله بمشيئة أم لا وهل ***** في ذاته أم خارج هذان

أصل اختلاف جميع أهل الأرض في ال ***** قرآن فاطلب مقتضى البرهان

ثم الالى قالوا بغير مشيئة ***** وإرادة منه فطائفتان

احداهما جعلته معنى قائما ***** بالنفس او قالوا بخمس معان

والله أحدث هذه الالفاظ كي ***** تبديه معقولا إلى الاذهان

وكذاك قالوا انها ليست هي القرآن ***** بل مخلوقة دلت على القرآن

ولربما سمي بها القرآن تسمية ال ***** مجاز وذاك وضع ثان

وكذلك اختلفوا فقيل حكاية ***** عنه وقيل عبارة لبيان

اذ كان ما يحكى كمحكي ***** وهذا اللفظ والمعنى فمختلفان

ولذا يقال حكى الحديث بعينه ***** اذ كان أوله نظير الثاني

فلذاك قالوا لا نقول حكاية ***** ونقول ذاك عبارة الفرقان

والاخرون يرون هذا البحث ***** لفظيا وما فيه كبير معان


فصل
في مذهب الاقترانية


والفرقة الاخرى فقالت انه ***** لفظ ومعنى ليس ينفصلان

واللفظ كالمعنى قديم قائم ***** بالنفس ليس بقابل الحدثان

فالسين عند الباء لا مسبوقة ***** لكن هما حرفان مقترنان

والقائلون بذا يقولوا انما ***** ترتيبها في السمع بالإذان

ولها اقتران ثابت لذواتها ***** فاعجب لذا التخليط وإلهذيان

لكن زاغونيهم قد قال ان ***** ذواتها ووجودها غيران

فترتبت بوجودها لا ذاتها ***** يا للعقول وزيغة الاذهان

ليس الوجود سوى حقيقتها لذي ال ***** أذهان بل في هذه الأعيان

لكن إذا أخذ الحقيقة خارجا ***** ووجودها ذهنا فمختلفان

والعكس أيضا مثل ذا فإذا هما ***** اتحدا اعتبارا لم يكن شيئان

وبذا تزول جميع اشكالاتهم ***** في ذاته ووجوده الرحمن


فصل
في مذاهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والارادة


والقائلون بأنه بمشيئة ***** واردة أيضا فهم صنفان

احدهما جعلته خارج ذاته ***** كمشيئة للخلق والأكوان

قالوا وصار كلامه باضافة التشريف ***** مثل البيت ذي الاركان

ما قال عندهم ولا هو قائل ***** والقول لم يسمع من الديان

فالقول مفعول لديهم قائم ***** بالغير كالاعراض والأكوان

هذي مقالة كل جهمي وهم ***** فيها الشيوخ معلمو الصبيان

لكن أهل الاعتزال قديمهم ***** لم يذهبوا ذا المذهب الشيطاني

وهم الالى اعتزلوا عن الحسن الرضى ***** البصري ذاك العالم الرباني

وكذاك أتباع على منهاجهم ***** من قبل جهم صاحب الحدثان

لكنما متأخروهم بعد ذا ***** لك وافقوا جهما على الكفران

فهم بذا جهمية أهل اعتزال ***** ثوبهم أضحى له علمان

ولقد تقلد كفرهم خمسون في ***** عشر من العلماء في البلدان

واللالكائي الامام حكاه عن ***** هم بل حكاه قبله الطبراني


فصل
في مذاهب الكرامية


والقائلون بأنه بمشيئة ***** في ذاته أيضا فهم نوعان

إحداهما جعلته مبدوءا به ***** نوعا حذار تسلسل الأعيان

فيسد ذاك عليهم في زعمهم ***** إثبات خالق هذه الأكوان

فلذاك قالوا إنه ذو أول ***** ما للفناء عليه من سلطان

وكلامه كفعإله وكلاهما ***** ذو مبدء بل ليس ينتهيان

قالوا ولم ينصف خصوم جعجعوا ***** وأتوا بتشنيع بلا برهان

قلنا كما قالوه في أفعإله ***** بل بيننا بون من الفرقان

بل نحن أسعد منهم بالحق إذ ***** قلنا هما بالله قائمتان

وهم فقالوا لم يقم بالله لا ***** فعل ولا قول فتعطيلان

لفعاله ومقاله شر وأبطل ***** من حلول حوادث ببيان

تعطيله عن فعله وكلامه ***** شر من التشنيع بإلهذيان

هذي مقالات ابن كرام وما ***** ردوا عليه قط بالبرهان

أنى وما قد قال أقرب منهم ***** للعقل والآثار والقرآن

لكنهم جاءوا له بجعاجع ***** وفراقع وقعاقع بشنان


فصل
في ذكر مذهب أهل الحديث

والاخرون أُولُوا الحديث كأحمد ***** ومحمد وأئمة الأيمان

قالوا بأن الله حقا لم يزل ***** متكلما بمشيئة وبيان

إن الكلام هو الكمال فكيف يخلو ***** عنه في أزل بلا امكان

ويصير فيما لم يزل متكلما ***** ماذا اقتضاه له من الامكان

وتعاقب الكلمات أمر ثابت ***** للذات مثل تعاقب الازمان

والله رب العرش قال حقيقة ***** ( حم ) مع ( طه ) بغير قِران

بل أحرف مترتبات مثلما ***** قد رتبت في مسمع الانسان

وقتان في وقت محال هكذا ***** حرفان أيضا يوجدا في آن

من واحد متكلم بل يوجدا ***** بالرسم أو بتكلم الرجلان

Audio player placeholder Audio player placeholder

إظهار أن مذهب أهل السنة هو الحق مقارنة بغيره

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

ولذا خلعنا ربقة الاديان من ***** أعناقنا في سالف الازمان

ولنا ملوك قاوموا الرسل الالى ***** جاءوا باثبات الصفات كمان

في آل فرعون وقارون وها ***** مان ونمروذ وجنكيز خان

ولنا الأئمة كالفلاسفة الألى ***** لم يعبؤوا أصلا بذي الأديان

منهم أرسطو ثم شيعته إلى ***** هذا الأوان وعند كل أوان

ما فيهم من قال إن الله فو ***** ق العرش خارج هذه الأكوان

كلا ولا قالوا بأن إلهنا ***** متكلم بالوحي والقرآن

ولأجل هذا رد فرعون على ***** موسى ولم يقدر على الأيمان

إذ قال موسى ربنا متكلم ***** فوق السماء وأنه ناداني

وكذا ابن سينا لم يكن منكم ولا ***** أتباعه بل صانعوا بدهان

وكذلك الطوسي لما أن غدا ***** ذا قدرة لم يخش من سلطان

قتل الخليفة والقضاة وحاملي ***** القرآن والفقهاء في البلدان

إذ هم مشبهة مجسمة وما ***** دانو أبدين أكابر اليونان

ولنا الملاحدة الفحول أئمة التـ ***** عطيل والتشبيه آل سنان

ولنا تصانيف بها غاليتم ***** مثل ( الشفا ) و ( رسائل الاخوان )

وكذا الاشارات التي هي عندكم ***** قد ضمنت لقواطع البرهان

قد صرحت بالضد مما جا ***** ء في التوراة والإنجيل والفرقان

هي عندكم مثل النصوص وفوقها ***** في حجة قطيعة وبيان

وإذا تحاكمنا فإن إليهم ***** يقع التحاكم لا إلى القرآن

إذ قد تساعدنا بأن نصوصه ***** لفظية عزلت عن الأيقان

فلذلك حكمنا عليه وأنتم ***** قول المعلم أولا والثاني

يا ويح جهم وابن درهم والألى ***** قالوا بقولهما من الخوران

بقيت من التشبيه فيه بقية ***** نقصت قواعده من الأركان

ينفي الصفات مخافة التجسيم لا ***** يلوي على خبر ولا قرآن

ويقول إن الله يسمع أو يرى ***** وكذاك يعلم سر كل جنان

ويقول إن الله قد شاء الذي ***** هو كائن من هذه الأكوان

ويقول إن الفعل مقدور له ***** والكون ينسبه إلى الحدثان

وبنفيه التجسيم يصرخ في الورى ***** والله ما هذان متفقان

لكننا قلنا محال كل ذا ***** حذرا من التشبيه والامكان


فصل
في قدوم ركب الأيمان وعسكر القران

وأتى فريق ثم قال ألا اسمعوا ***** قد جئتكم من مطلع الأيمان

من أرض طيبة من مهاجر أحمد ***** بالحق والبرهان والتبيان

سافرت في طلب الإله فدلني إلهادي ***** عليه ومحكم القرآن

مع فطرة الرحمن جل جلاله ***** وصريح عقلي فاعتلى ببيان

فتوافق الوحي الصريح وفطرة الرحمن ***** والمعقول في إيمان

شهدوا بأن الله جل جلاله ***** متفرد بالملك والسلطان

وهو الإله الحق لا معبود الا ***** وجهه الاعلى العظيم الشان

بل كل معبود سواه فباطل ***** من عرشه حتى الحضيض الداني

وعبادة الرحمن غاية حبه ***** مع ذل عابده هما قطبان

وعليهما فلك العبادة دائر ***** ما دار حتى قامت القطبان

ومداره بالامر أمر رسوله ***** لا بإلهوى والنفس والشيطان

فقيام دين الله بالاخلاص ***** والإحسان إنهما له أصلان

لم ينج من غضب الإله وناره ***** الا الذي قامت به الاصلان

والناس بعد فمشرك بإلهه ***** أو ذو ابتداع أوله الوصفان

والله لا يرضى بكثرة فعلنا ***** لكن بأحسنه مع الأيمان

فالعارفون مرادهم إحسانه ***** والجاهلون عموا عن الإحسان

وكذاك قد شهدوا بأن الله ذو ***** سمع وذو بصر هما صفتان

وهو العلي يرى ويسمع خلقه ***** من فوق عرش فوق ست ثمان

فيرى دبيب النمل في غسق الدجى ***** ويرى كذاك تقلب الاجفان

وضجيج أصوات العباد بسمعه ***** ولديه لا تتشابه الصوتان

وهو العليم بما يوسوس عبده ***** في نفسه من غير نطق لسان

بل يستوي في علمه الداني مع ***** القاصي وذو الاسرار والاعلان

وهو العليم بما يكون غدا وما ***** قد كان والمعلوم في ذا الآن

وبكل شيء لم يكن لو كان كيـ ***** ف يكون موجودا لذي الأعيان

وهو القدير فكل شيء فهو ***** مقدور له طوعا بلا عصيان

وعموم قدرته تدل بأنه ***** هو خالق الافعال للحيوان

هي خلقه حقا وأفعال لهم ***** حقا ولا يتناقض الامران

لكن أهل الجبر والتكذيب بال ***** أقدار ما انفتحت لهم عينان

نظروا بعيني أعور إذ فاتهم ***** نظر البصير وغارت العينان

فحقيقة القدر الذي حار الورى ***** في شأنه هو قدرة الرحمن

واستحسن ابن عقيل ذا من أحمد ***** لما حكاه عن الرضى الرباني

قال الامام شفا القلوب بلفظه ***** ذات اختصار وهي ذات بيان

وله الحياة كما لها فلأجل ذا ***** ما للممات عليه من سلطان

وكذلك القيوم من أوصافه ***** ما للمنام لديه من غشيان

وكذاك أوصاف الكمال جميعها ***** ثبتت له ومدارها الوصفان

فمصحح الأوصاف والافعال وال ***** أسماء حقا ذانك الوصفان

ولاجل ذا جاء الحديث بأنه ***** في آية الكرسي وذي عمران

اسم الإله الاعظم اشتملا على اسم ***** الحي والقيوم مقترنان

فالكل مرجعها إلى الاسمين يد ***** ري ذاك ذو بصر بهذا الشان

وله الارادة والكراهة والرضى ***** وله المحبة وهو ذو الإحسان

وله الكمال المطلق العاري عن ***** التشبيه والتمثيل بالانسان

وكمال من أعطى الكمال بنفسه ***** أولى وأقدم وهو أعظم شان

أيكون قد أعطى الكمال ومإله ***** ذاك الكمال إذاك ذو إمكان

أيكون إنسان سميعا مبصرا ***** متكلما بمشيئة وبيان

وله الحياة وقدرة وإرادة ***** والعلم بالكلي والأعيان

والله قد أعطاه ذاك وليس هذا ***** وصفه فاعجب من البهتان

بخلاف نوم العبد ثم جماعه ***** والاكل منه وحاجة الابدان

إذ تلك ملزومات كون العبد مح ***** تاجا وتلك لوازم النقصان

وكذا لوازم كونه جسدا نعم ***** ولوازم الاحداث والامكان

يتقدس الرحمن جل جلاله ***** عنها وعن أعضاء ذي جثمان

والله ربي لم يزل متكلماً ***** وكلامه المسموع بالإذان

صدقاً وعدلاً أحكمت كلماته ***** طلباً وإخباراً بلا نقصان

ورسوله قد عاذ بالكلمات من ***** لدغ ومن عين ومن شيطان

أيعاذ بالمخلوق حاشاه من ال ***** إشراك وهو معلم الأيمان

بل عاذ بالكلمات وهي صفاته ***** سبحانه ليست من الأكوان

وكذلك القرآن عين كلامه ال ***** مسموع منه حقيقة ببيان

هو قول ربي كله لا بعضه ***** لفظا ومعنى ما هما خلقان

تنزيل رب العالمين وقوله ***** اللفظ والمعنى بلا روغان

لكن أصوات العباد وفعلهم ***** كمدادهم والرق مخلوقات

فالصوت للقاري ولكن الكلا ***** م كلام رب العرش ذي الإحسان

هذا إذا ما كان ثم وساطة ***** كقراءة المخلوق للقرآن

فإذا انتفت تلك الوساطة مثلما ***** قد كلم المولود من عمران

فهنالك المخلوق نفس السمع لا ***** شيء من المسموع فافهم ذان

هذي مقالة أحمد ومحمد ***** وخصومهم من بعد طائفتان

إحداهما زعمت بأن كلامه ***** خلق له ألفاظه ومعان

والآخرون أبوا وقالوا شطره ***** خلق وشطر قام بالرحمن

زعموا القران عبارة وحكاية ***** قلنا كما زعموه قرآنان

هذا الذي نتلوه مخلوق كما ***** قال الوليد وبعده الفئتان

والآخر المعنى القديم فقائم ***** بالنفس لم يسمع من الديان

والامر عين النهي واستفهامه ***** هو عين اخبار وذو وحدان

وهو الزبور وعين توارة وان ***** جيل وعين الذكر والفرقان

الكل شيء واحد في نفسه ***** لأيقبل التبعيض في الاذهان

ما إن له كل ولا بعض ولا ***** حرف ولاعربي ولا عبراني

ودليلهم في ذاك بيت قاله ***** فيما يقال الاخطل النصراني

يا قوم قد غلط النصارى قبل في ***** معنى الكلام وما اهتدوا لبيان

ولاجل ذا جعلوا المسيح إلههم ***** اذ قيل كلمه خالق رحمان

ولأجل ذا جعلوه ناسوتا ولا ***** هوتا قديما بعد متحدان

ونظير هذا من يقول كلامه ***** معنى قديم غير ذي حدثان

والشطر مخلوق وتلك حروفه ***** ناسوته لكن هما غيران

فانظر إلى ذا الإتقان فانه ***** عجب وطالع سنة الرحمن

Audio player placeholder Audio player placeholder

إثبات العلو ، الرد على الفلاسفة

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

وزعمت أن الله يعلم كل ما ***** في الكون من سر ومن إعلان

والعلم وصف زائد عن ذاته ***** عرض يقوم بغير ذي جثمان

وزعمت أن الله كلم عبده ***** موسى فأسمعه ندا الرحمن

أفتسمع الإذان غير الحرف وال ***** صوت الذي خصت به الاذنان

وكذا النداء فانه صوت بإجـ ***** ماع النحاة واهل كل لسان

لكنه صوت رفيع وهو ضد ***** للنجاء كلاهما صوتان

فزعمت ان الله ناداه ونا ***** جاه وفي ذا الزعم محذوران

قرب المكان وبعده والصوت بل ***** نوعاه محذوران ممتنعان

وزعمت أن محمدا أسري به ***** ليلا أليه فهو منه دان

وزعمت أن محمد يوم اللقا ***** يدنيه رب العرش بالرضوان

حتى يرى المختار حقا قاعدا ***** معه على العرش الرفيع الشان

وزعمت أن لعرشه أطا به ***** كلارحل أط براكب عجلان

وزعمت أن الله أبدى بعضه ***** للطور حتى عاد كالكثبان

لما تجلى يوم تكليم الرضى ***** موسى الكليم مكلم الرحمن

وزعمت للمعبود وجها باقيا ***** وله يمين بل زعمت يدان

وزعمت ان يديه للسبع العلى ***** والارض يوم الحشر قابضتان

وزعمت ان يمينه ملأى من ***** الخيرات ما غاضت على الازمان

وزعمت ان العدل في الاخرى بها ***** رفع وخفض وهو بالميزان

وزعمت أن الخلق طرا عنده ***** يهتز فوق اصابع الرحمن

وزعمت ايضا ان قلب العبد ما ***** بين اثنتين من الاصابع عان

وزعمت ان الله يضحك عندما ***** يتقابل الصفان يقتتلان

من عبده يأتي فيبدي نحره ***** لعدوه طلبا لنيل جنان

وكذاك يضحك عندما يثب الفتى ***** من فرشه لتلاوة القرآن

وكذاك يضحك من قنوط عباده ***** إذ أجدبوا والغيث منهم دان

وزعمت ان الله يرضى عن أولي الحسنى ***** ويغضب من أولي العصياني

وزعمت ان الله يسمع صوته ***** يوم المعاد بعيدهم والداني

لما يناديهم أنا الديان لا ***** ظلم لدي فيسمع الثقلان

وزعمت ان الله يشرق نوره ***** في الأرض يوم الفصل والميزان

وزعمت ان الله يكشف ساقه ***** فيخر ذاك الجمع للاذقان

وزعمت أن الله يبسط كفه ***** لمسيئنا ليتوب من عصيان

وزعمت ان يمينه تطوى السما ***** طي السجل على كتاب بيان

وزعمت ان الله ينزل في الدجى ***** في ثلث ليل آخر أو ثان

فيقول هل من سائل فأجيبه ***** فأنا القريب أجيب من ناداني

وزعمت أن له نزولا ثاني ***** يوم القيامة للقضاء الثاني

وزعمت أن الله يبدو جهرة ***** لعباده حتى يرى بعيان

بل يسمعون كلامه ويرونه ***** فالمقلتان اليه ناظرتان

وزعمت أن لربنا قدما وأن ***** الله واضعها على النيران

فهناك يدنو بعضها من بعضها ***** وتقول قط قط حاجتي وكفاني

وزعمت أن الناس يوم مزيدهم ***** كل يحاضر ربه ويداني

بالحاء مع ضاد وجامع صادها ***** وجهان في ذا اللفظ محفوظان

في الترمذي ومسند وسواهما ***** من كتب تجسيم بلا كتمان

ووصفته بصفات حي فاعل ***** بالاختيار وذانك الاصلان

أصل التفريق بين هذا الخلق في الباري ***** فكن في النفي غير جبان

أولا فلا تلعب بدينك ناقضا ***** نفيا باثبات بلا فرقان

فالناس بين معطل أو مثبت ***** او ثالث متناقض صنعان

والله لست برابع لهم بلى ***** إما حمارا أو من الثيران

فاسمح بانكار الجميع ولا تكن ***** متناقضا رجل له وجهان

أولا ففرق بين ما أثبتَّه ***** ونفيته بالنص والبرهان

فالباب باب واحد في النفي و ال ***** إثبات في عقل وفي ميزان

فمتى أقر ببعض ذلك مثبت ***** لزم الجميع أو أئت بالفرقان

ومتى نفى شيئا وأثبت مثله ***** فمجسم متناقض ديصان

فذروا المراء وصرحوا بمذاهب ***** القدماء وانسلخوا من الأيمان

اوقاتلوا مع أمة التجسيم والتشبيه ***** تحت لواء ذي القرآن

أولا فلا تتلاعبوا بعقولكم ***** وكتابكم وبسائر الاديان

فجميعها قد صرحت بصفاته ***** وكلامه وعلوه ببيان

والناس بين مصدق أو جاحد ***** او بين ذلك أو شبيه أتان

فاصنع من التنزيه ترسا محكما ***** وانف الجميع بصنعة وبيان

وكذاك لقب مذهب الاثبات ***** بالتجسيم ثم احمل على الاقران

فمتى سمحت لهم بوصف واحد ***** حملوا عليك بحملة الفرسان

فصرعت صرعة من غدا متلبطا ***** وسط العرين ممزق اللحمان

فلذاك انكرنا الجميع مخافة ***** التجسيم ان صرنا إلى القرآن

Audio player placeholder Audio player placeholder

الرد على الحلولية وإثبات علو الله عز وجل

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

فهو السماء بعينها ونجومها ***** وكذلك الأفلاك والقمران

وهو الغمام بعينه والثلج وال ***** أمطار مع برد ومع حسبان

وهو إلهواء بعينه والماء والت ***** ترب الثقيل ونفس ذي النيران

هذي بسائطه ومنه تركبت ***** هذي المظاهر ما هنا شيئان

وهو الفقير لها لأجل ظهوره ***** فيها كفقر الروح للأبدان

وهي التي افتقرت إليه لأنه ***** هو ذاتها ووجودها الحقان

تظل تلبسه وتخلعه وذا في ال ***** إيجاد والإعدام كل أوان

ويظل يلبسها ويخلعها وذا ***** حكم المظاهر كي يرى بعيان

وتكثر الموجود كالأعضاء في ال ***** محسوس من بشر ومن حيوان

أو كالقوى في النفس ذلك واحد ***** متكثر قامت به الأمران

فيكون كلا هذه أجزاؤه ***** هذي مقالة مدعي العرفان

أو أنها تكثر الأنواع في ***** جنس كما قال الفريق الثان

فيكون كليا وجزئياته ***** هذا الوجود فهذه قولان

إحداهما نص ( الفصوص) وبعده ***** قول ابن سبعين وما القولان

عند العفيف التلمساني الذي ***** هو غاية في الكفر والبهتان

إلا من الأغلاط في حس وفي ***** وهم وتلك طبيعة الأنسان

والكل شيء واحد في نفسه ***** ما للتعدد فيه من سلطان

فالضيف والمأكول شيء واحد ***** والوهم يحسب ها هنا شيئان

وكذلك الموطوء عين الوطء وال ***** وهم البعيد يقول ذان اثنان

ولربما قال مقالته كما ***** قد قال قولهما بلا فرقان

وأبى سواهم ذا وقال مظاهر ***** تجلوه ذات توحد ومثان

فالظاهر المجلو شيء واحد ***** لكن مظاهره بلا حسبان

هذي عبارات لهم مضمونها ***** ما ثم غير قط في الأعيان

فالقوم ما صانوه عن إنس ولا ***** جن ولا شجر ولا حيوان

كلا ولا علو ولا سفل ولا ***** واد ولا جبل ولا كثبان

كلا ولا طعم ولا ريح ولا ***** صوت ولا لون من الألوان

لكنه المطعوم والملبوس وال ***** مشموم والمسموع بالإذان

وكذاك قالوا أنه المنكوح وال ***** مذبوح بل عين الغوي الزاني

والكفر عندهم هدى ولو أنه ***** دين المجوس وعابدي الأوثان

قالوا وما عبدوا سواه وإنما ***** ضلوا بما خصوا من الأعيان

ولو أنهم عموا وقالوا كلها ***** معبودة ما كان من كفران

فالكفر ستر حقيقة المعبود ***** بالتخصيص عند محقق رباني

قالوا ولم يك كافرا في قوله ***** أنا ربكم فرعون ذو الطغيان

بل كان حقا قوله إذ كان عي ***** ن الحق مضطلعا بهذا الشان

ولذا غدا تطهيره في البحر تط ***** هيرا من الأوهام والحسبان

قالوا ولم يك منكرا موسى لما ***** عبدوه من عجل لذي الخوران

الاعلى من كان ليس بعابد ***** معهم وأصبح ضيق الأعطان

ولذاك جر بلحية الأخ حيث لم ***** يك واسعا في قومه لبطان

بل فرق الانكار منه بينهم ***** لما سرى في وهمه غيران

ولقد رأى إبليس عارفهم فأه ***** وى بالسجود هو ذي خضعان

قالوا له ماذا صنعت فقال هل ***** غير الإله وأنتما عميان

ما ثم غير فاسجدوا إن شئتم ***** للشمس والأصنام والشيطان

فالكل عين الله عند محقق ***** والكل معبود لذي العرفان

هذا هو المعبود عندهم فقل ***** سبحانك اللهم ذا السبحان

يا أمة معبودها موطوؤها ***** أين الإله وثغرة الطعان

يا أمة قد صار من كفرانها ***** جزء يسير جملة الكفران


فصل
في قدوم ركب آخر




وأتى فريق ثم قال وجدته ***** بالذات موجودا بكل مكان

هو كالهواء بعينه لا عينه ***** ملأ الخلو ولا يرى بعيان

والقوم ما صانوه عن بئر ولا ***** قبر ولا حش ولا أعطان

بل منهم من قد رأى تشبيهه ***** بالروح داخل هذه الأبدان

ما فيهم من قال ليس بداخل ***** أو خارج عن جملة الأكوان

لكنهم حاموا على هذا ولم ***** يتجاسروا من عسكر الأيمان

وعليهم رد الأئمة أحمد ***** وصحابه من كل ذي عرفان

فهم الخصوم لكل صاحب سنة ***** وهم الخصوم لمنزل القرآن

ولهم مقالات ذكرت أصولها ***** لما ذكرت الجهم في الاوزان


فصل
في قدوم ركب آخر



وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا ولكن جد في الكفران

فأسر قول معطل ومكذ ب ***** في قالب التنزيه للرحمن

إذ قال ليس بداخل فينا ولا ***** هو خارج عن جملة الأكوان

بل قال ليس ببائن عنها ولا ***** فيها ولا هو عينها ببيان

كلا ولا فوق السموات العلى ***** والعرش من رب ولا رحمن

والعرش ليس عليه معبود سوى ***** العدم الذي لا شيئ في الأعيان

بل حظه من ربه حظ الثرى ***** منه وحظ قواعد البنيان

لو كان فوق العرش كان كهذه ال ***** أجسام سبحان العظيم الشان

ولقد وجدت لفاضل منهم مقا ***** ما قامه في الناس منذ زمان

قال اسمعوا يا قوم إن نبيكم ***** قد قال قولا واضح البرهان

لا تحكموا بالفضل لي اصلا على ***** ذي النون يونس ذلك الغضبان

هذا يرد على المجسم على قوله ***** الله فوق العرش والأكوان

ويدل أن إلهنا سبحانه ***** وبحمده يلقى بكل مكان

قالوا له بين لنا هذا فلم ***** يفعل فأعطوه من الأثمان

ألفا من الذهب العتيق فقال في ***** تبيانه فاسمع لذا التبيان

قد كان يونس في قرار البحر تحت ***** الماء في قبر من الحيتان

ومحمد صعد في السماء وجاوز ال ***** سبع الطباق وجاز كل عنان

وكلاهما في قربه من ربه ***** سبحانه إذ ذاك مستويان

فالعلو والسفل اللذان كلاهما ***** في بعده من ضده طرفان

إن ينسبا لله نزه عنهما ***** بالإختصاص بلى هما سيان

في قرب من أضحى مقيما فيهما ***** من ربه فكلاهما مثلان

فلأجل هذا خص يونس دونهم ***** بالذكر تحقيقا لهذا الشان

فأتى الثناء عليه من أصحابه ***** من كل ناحية بلا حسبان

فأحمد إلهك أيها السني إذ ***** عافاك من تحريف ذي بهتان

والله ما يرضى بهذا خائف ***** من ربه أمسى على الأيمان

هذا هو الإلحاد حقا بل هو الت ***** حريف محضا أبرد إلهذيان

والله ما بلي المجسم قط ذي ال ***** بلوى ولا أمسى بذي الخذلان

أمثال ذا التأويل أفسد هذه ال ***** أديان حين سرى إلى الأديان

والله لولا الله حافظ دينه ***** لتهدمت منه قوى الأركان


فصل

في قدوم ركب آخر

وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا وزاد عليه في الميزان

قال اسمعوا ياقوم لا تلهيكم ***** هذي الأماني هن شر أماني

اتعبت راحلتي وكلت مهجتي ***** وبذلت مجهودي وقد أعياني

فتشت فوق وتحت ثم أمامنا ***** ووراء ثم يسار مع إيمان

ما دلني احد عليه هناكم ***** كلا ولا بشر إليه هداني

الا طوائف بالحديث تمسكت ***** تعزى مذاهبها إلى القرآن

قالوا الذي نبغيه فوق عباده ***** فوق السماء وفوق كل مكان

وهو الذي حقا على العرش استوى ***** لكنه استولى على الأكوان

وإليه يصعد كل قول طيب ***** وإليه يرفع سعي ذي الشكران

والروح والأملاك منه تنزلت ***** وإليه تعرج عند كل أوان

وإليه أيدي السائلين توجهت ***** نحو العلو بفطرة الرحمن

وإليه قد عرج الرسول فقدرت ***** من قربه من ربه قوسان

وإليه قد رفع المسيح حقيقة ***** ولسوف ينزل كي يرى بعيان

وإليه تصعد روح كل مصدق ***** عند الممات فتنثني بأمان

وإليه آمال العباد توجهت ***** نحو العلو بلا تواص ثان

بل فطرة الله التي لم يفطروا ***** الاعليها الخلق والثقلان

ونظير هذا أنهم فطروا على ***** إقرارهم لا شك بالديان

لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا ***** مرضى بداء الجهل والخذلان

فسألت عنهم رفقتي وأحبتي ***** أصحاب جهم حزب جنكسخان

من هؤلاء ومن يقال لهم فقد ***** جاءوا بأمر ما لىء الإذان

ولهم علينا صولة ما صإلها ***** ذو باطل بل صاحب البرهان

أو ما سمعتم قولهم وكلامهم ***** مثل الصواغر ليس ذا لجبان

جاءوكم من فوقكم وأتيتم ***** من تحتهم ما أنتم نسيان

جاءوكم بالوحي لكن جئتم ***** بنحاة الافكار والاذهان

قالوا مشبهة مجسمة فلا ***** تسمع مقال مجسم حيوان

والعنهم لعنا كبيرا واغزهم ***** بعساكر التعطيل غير جبان

واحكم بسفك دمائهم وبحبسهم ***** أولا فشردهم عن الاوطان

حذر صحابك منهم فهم أضل ***** من اليهود وعابدي الصلبان

واحذر تجادلهم بقال الله أو ***** قال الرسول فتنثني بهوان

أتى وهم أولى به قد أنفذوا ***** فيه قوى الاذهان وألابدان

فإذا ابتليت بهم فغالطهم على الت ***** أويل للاخبار والقرآن

وكذاك غالطهم على التكذيب لل ***** آحاد ذا لصاحبنا أصلان

أوصى به أشياخنا أشياخهم ***** فاحفظهما بيديك والاسنان

وإذا اجتمعت وهم بمشهد مجلس ***** فابدر بايراد وشغل زمان

لا يملكوه عليك بالآثار وال ***** أخبار والتفسير للفرقان

فتصير إن وافقت مثلهم وان ***** عارضت زنديقا أخا كفران

وإذا سكت يقال هذا جاهل ***** فابدر ولو بالفشر وإلهذيان

هذا الذي والله أوصانا به أشياخنا ***** في سالف و الأزمان

فرجعت من سفري وقلت لصاحبي ***** ومطيتي قد آذنت بحران

عطل ركابك واسترح من سيرها ***** ما ثم شيء غير ذي الأكوان

لو كان للأكوان رب خالق ***** كان المجسم صاحب البرهان

أو كان رب بائن عن ذي الورى ***** كان المجسم صاحب الأيمان

ولكان عند الناس أولى الخلق بال ***** إسلام والأيمان والإحسان

ولكان هذا الحزب فوق رؤوسهم ***** لم يختلف منهم عليه اثنان

فدع التكاليف التي حملتها ***** واخلع عذارك وارم بالأرسان

ما ثم فوق العرش من رب ولم ***** يتكلم الرحمن بالقرآن

لو كان فوق العرش رب ناظر ***** لزم التحيز وافتقار مكان

لو كان ذا القرآن عين كلامه ***** حرفا وصوتا كان ذا جثمان

فإذا انتفى هذا وهذا ما الذي ***** يبقى على ذا النفي من إيمان

فدع الحلال مع الحرام لأهله ***** فهما السياج لهم على البستان

فاخرقه ثم ادخل ترى في ضمنه ***** قد هيئت لك سائر الألوان

وترى بها ما لا يراه محجب ***** من كل ما تهوى به زوجان

واقطع علائقك التي قد قيدت ***** هذا الورى من سالف الازمان

لتصير حرا لست تحت أوامر ***** كلا ولا نهي ولا فرقان

لكن جعلت حجاب نفسك اذ ترى ***** فوق السما للناس من ديان

لو قلت ما فوق السماء مدبر ***** والعرش تخليه من الرحمن

والله ليس مكلما لعباده ***** كلا ولا متكلما بقرآن

ما قال قط ولا يقول ولا له ***** قول بدا منه إلى انسان

لحللت طلسمه وفزت بكنزه ***** وعلمت أن الناس في هذيان

لكن زعمت بان ربك بائن ***** من خلقه إذ قلت موجودان

وزعمت أن الله فوق العرش وال ***** كرسي حقا فوقه القدمان

وزعمت أن الله يسمع خلقه ***** ويراهم من فوق ست ثمان

وزعمت أن كلامه منه بدا ***** وإليه يرجع آخر الازمان

ووصفته بارادة وبقدرة ***** وكراهة و محبة وحنان

ووصفته بالسمع والبصر الذي ***** لا ينبغي إلا لذي الجثمان

Audio player placeholder Audio player placeholder

عقد مجالس للتحكيم مع الجهمية

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

فصل

وقضى بأن الله ليس بفاعل ***** فعلا يقوم به بلا برهان

بل فعله المفعول خارج ذاته ***** كالوصف غير الذات في الحسبان

والجبر مذهبه الذي قرت به ***** عين العصاة وشيعة الشيطان

كانوا على وجل من العصيان إذ ***** هو فعلهم والذنب للانسان

واللوم لا يعدوه إذ هو فاعل ***** بإرادة وبقدرة الحيوان

فأراحهم جهم وشيعته من الل ***** وم العنيف وما قضوا بأمان

لكنهم حملوا ذنوبهم على ***** رب العباد بعزة وأمان

وتبرؤوا منها وقالوا إنها ***** أفعإله ما حيلة الانسان

ما كلف الجبار نفسا وسعها ***** أنى وقد جبرت على العصيان

وكذا على الطاعات أيضا قد غدت ***** مجبورة فلها إذا جبران

والعبد في التحقيق شبه نعامة ***** قد كلفت بالحمل والطيران

إذ كان صورتها تدل عليهما ***** هذا وليس لها بذاك يدان

فلذاك قال بأن طاعات الورى ***** وكذاك ما فعلوه من عصيان

هي عين فعل الرب لا أفعإلهم ***** فيصيح عنهم عند ذا نفيان

نفي لقدرتهم عليها أو لا ***** وصدورها منهم بنفي ثان

فيقال ما صاموا ولا صلوا ولا ***** زكوا ولا ذبحوا من القربان

وكذلك ما شربوا وما قتلوا وما *** سرقوا ولا فيهم غوي زان

وكذاك لم يأتوا اختيارا منهم ***** بالكفر والإسلام والأيمان

الا على وجه المجاز لأنها ***** قامت بهم كالطعم والالوان

جبروا على ما شاءه خلاقهم ***** ما ثم ذو عون وغير معان

والكل مجبور وغير ميسر ***** كالميت أدرج داخل الأكفان

وكذاك أفعال المهيمن لم تقم ***** أيضا به خوفا من الحدثان

فإذا جمعت مقالتيه أنتجا ***** كذبا وزورا واضح البهتان

إذ ليست الافعال فعل إلهنا ***** والرب ليس بفاعل العصيان

فإذا انتفت صفة الإله وفعله ***** وكلامه وفعائل الانسان

فهناك لا خلق ولا أمر ولا ***** وحي ولا تكليف عبد فان

وقضى على أسمائه بحدوثها ***** وبخلقها من جملة الأكوان

فانظر إلى تعطيله الأوصاف وال ***** أفعال والاسماء للرحمن

ماذا الذي في ضمن ذا التعطيل من ***** نفي ومن جحد ومن كفران

لكنه أبدى المقالة هكذا ***** في قالب التنزيه للرحمن

وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه ***** عجلا ليفتن أمة الثيران

وكساه أنواع الجواهر والحلي ***** من لؤلؤ صاف ومن عقيان

فرآه ثيران الورى فأصابهم ***** كمصاب إخوتهم قديم زمان

عجلان قد فتن العباد بصوته **** إحداهما وبحرفه ذا الثان

والناس أكثرهم فأهل ظواهر **** تبدو لهم ليسوا بأهل معان

فهم القشور وبالقشور قوامهم ***** واللب حظ خلاصة الانسان

ولذا تقسمت الطوائف قوله ***** وتوارثوه إرث ذي السهمان

لم ينج من أقوإله طرا سوى ***** أهل الحديث وشيعة القرآن

فتبرؤوا منها براءة حيدر ***** وبراءة المولود من عمران

من كل شيعي خبيبث وصفه ***** وصف اليهود محللي الحيتان


فصل
في مقدمة نافعة قبل التحكيم

يا أيها الرجل المريد نجاته ***** إسمع مقالة ناصح معوان

كن في أمورك كلها متمسكا ***** بالوحي لا بزخارف إلهذيان

وانصر كتاب الله والسنن التي ***** جاءت عن المبعوث بالفرقان

واضرب بسيف الوحي كل معطل ***** ضرب المجاهد فوق كل بنان

واحمل بعزم الصدق حملة مخلص ***** متجرد لله غير جبان

واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى ***** فإذا أصبت ففي رضى الرحمن

واجعل كتاب الله والسنن التي ***** ثبتت سلاحك ثم صح بجنان

من ذا يبارز فليقدم نفسه ***** أومن يسابق يبد في الميدان

واصدع بما قال الرسول ولا تخف ***** من قلة الانصار والاعوان

فالله ناصر دينه وكتابه ***** والله كاف عبده بأمان

لا تخش من كيد العدو ومكرهم ***** فقتإلهم بالكذب والبهتان

فجنود اتباع الرسول ملائك ***** وجنودهم فعساكر الشيطان

شتان بين العسكرين فمن يكن ***** متحيزا فلينظر الفئتان

واثبت وقاتل تحت رايات الهدى ***** واصبر فنصر الله ربك دان

واذكر مقاتلهم لفرسان الهدى ***** لله در مقاتل الفرسان

وادرأ بلفظ النص في نحر العدى ***** وارجمهم بثواقب الشهبان

لا تخش كثرتهم فهم همج الورى ***** وذبابه أتخاف من ذبان

واشغلهم عند الجدال ببعضهم ***** بعضا فذاك الحزم للفرسان

وإذا هم حملو عليك فلا تكن ***** فزعا لحملتهم ولا بجبان

واثبت ولا تحمل بلا جند فما ***** هذا بمحمود لدى الشجعان

فإذا رأيت عصابة الاسلام قد ***** وافت عساكرها مع السلطان

فهناك فاخترق الصفوف ولا تكن ***** بالعاجز الواني ولا الفزعان

وتعر من ثوبين من يلبسهما ***** يلقى الردى بمذمة وهوان

ثوب من الجهل المركب فوقه ***** ثوب التعصب بئست الثوبان

وتحل بالانصاف أفخر حلة ***** زينت بها الاعطاف والكتفان

واجعل شعارك خشية الرحمن مع ***** نصح الرسول فحبذ الامران

وتمسكن بحبله وبوحه ***** وتوكلن حقيقة التكلان

فالحق وصف الرب وهو صراطه ال ***** هادي اليه لصاحب الأيمان

وهو الصراط عليه رب العرش أي ***** ضا ذا وذا قد جاء في القرآن

والحق منصور وممتحن فلا ***** تعجب فهذي سنة الرحمن

وبذاك يظهر حزبه من حزبه ***** ولا جل ذاك الناس طائفتان

ولأجل ذاك الحرب بين الرسل و ال ***** كفار مذ قام الورى سجلان

لكنما العقبى لأهل الحق إن ***** فاتت هنا كانت لدى الديان

واجعل لقلبك هجرتين ولا تنم ***** فهما على كل امرئ فرضان

فإلهجرة الاولى إلى الرحمن بال ***** إخلاص في سرو وفي إعلان

فالقصد وجه الله بالاقوال وال ***** أعمال والطاعات والشكران

فبذاك ينجو العبد من إشراكه ***** ويصير حقا عابد الرحمن

وإلهجرة الاخرى إلى المبعوث بال ***** حق المبين وواضح البرهان

فيدور مع قول الرسول وفعله ***** نفيا واثباتا بلا روغان

ويحكم الوحي المبين على الذي ***** قال الشيوخ فعنده حكمان

لا يحكمان بباطل أبدا وكل ***** العدل قد جاءت به الحكمان

وهما كتاب الله أعدل حاكم ***** فيه الشفا وهداية الحيران

والحاكم الثاني كلام رسوله ***** ما ثم غيرهما لذي إيمان

فإذا دعوك لغير حكمهما فلا ***** سمعا لداعي الكفر والعصيان

قل لا كرامة لا ولا نعما ولا ***** طوعا لمن يدعو إلى طغيان

وإذا دعيت إلى الرسول فقل لهم ***** سمعا وطوعا لست ذا عصيان

وإذا تكاثرت الخصوم وصيحوا ***** فاثبت فصيحتهم كمثل دخان

يرقى إلى الاوج الرفيع وبعده ***** يهوي إلى قعر الحضيض الداني

هذا وان قتال حزب الله بال ***** أعمال لا بكتائب الشجعان

والله ما فتحوا البلاد بكثرة ***** أنى وأعداهم بلا حسبان

وكذاك ما فتحو القلوب بهذه ال ***** آراء بل بالعلم والأيمان

وشجاعة الفرسان نفس الزهد في ***** نفس وذا محذور كل جبان

وشجاعة الحكام والعلماء زه ***** د في الثنامن كل ذي بطلان

فإذا هما اجتمعا لقلب صادق ***** شدت ركائبه إلى الرحمن

واقصد إلى الأقران لا أطرافها ***** فالعز تحت مقاتل الاقران

واسمع نصيحة من له خبر بما ***** عند الورى من كثرة الجولان

ما عندهم والله خير غير ما ***** أخذوه عمن جاء بالقرآن

والكل بعد فبدعة أو فرية ***** او بحث تشكيك ورأي فلان

فاصدع بأمر الله لا تخش الورى ***** في الله اخشاه تفز بأمان

واهجر ولو كل الورى في ذاته ***** لا في هواك ونخوة الشيطان

واصبر بغير تسخط وشكاية ***** واسفح بغير عتاب من هو جان

واهجرهم إلهجر الجميل بلا أذى ***** ان لم يكن بد من إلهجران

وانظر إلى الأقدار جارية بما ***** قد شاء من غي ومن إيمان

واجعل لقلبك مقلتين كلاهما ***** بالحق في ذا الخلق ناظرتان

فانظر بعين الحكم وارحمهم بها ***** اذ لا ترد مشيئة الديان

وانظر بعين الأمر واحملهم على ***** احكامه فهما إذا نظران

واجعل لوجهك مقلتين كلاهما ***** من خشية الرحمن باكيتان

لو شاء ربك كنت أيضا مثله ***** فالقلب بين أصابع الرحمن

واحذر كمائن نفسك اللاتي متى ***** خرجت عليك كسرت كسر مهان

وإذا انتصرت لها فأنت كمن بغى ***** طفي الدخان بموقد النيران

والله أخبر وهو أصدق قائل ***** أن سوف ينصر عبده بأمان

من يعمل السوأى سيجزى مثلها ***** او يعمل الحسنى يفز بجنان

هذي وصية ناصح ولنفسه ***** وصى وبعد لسائر الاخوان

فصل
وهذا أول عقد مجلس التحكيم



فاجلس إذا في مجلس الحكمين لل ***** رحمن لا للنفس والشيطان

الأول النقل الصحيح وبعده ال ***** عقل الصريح وفطرة الرحمن

واحكم إذا في رفقة قد سافروا ***** يبغون فاطر هذه الأكوان

فترافقوا في سيرهم وتفارقوا ***** عند افتراق الطرق بالحيران

فأتى فريق ثم قال وجدته ***** هذا الوجود بعينه وعيان

ما ثم موجود سواه وإنما ***** غلط اللسان فقال موجودان

Audio player placeholder Audio player placeholder

ذكر جملة من معتقد الجهمية والرد عليها

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

حكم المحبة ثابت الأركان ***** ما للصدود بفسح ذاك يدان

إني وقاضي الحس نفذ حكمها ***** فلذا أقر بذلك الخصمان

وأتت شهود الوصل تشهد أنه ***** حقا جرى في مجلس الإحسان

فتأكد الحكم العزيز فلم تجد ***** فسخ الوشاة إليه من سلطان

ولأجل ذا حكم العذول تداعت ال ***** أركان منه فخر للأذقان

وأتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي ***** حكموا به متيقن البطلان

ما صادف الحكم المحل ولا هواس ***** توفي الشروط فصار ذا بطلان

فلذاك قاضي الحسن أثبت محضرا ***** بفساد حكم إلهجر والسلوان

وحكى لك الحكم المحال ونقضه ***** فأسمع إذا يا من له إذان

حكم الوشاة بغير ما برهان ***** إن المحبة والصدود لدان

والله ما هذا بحكم مقسط ***** أين الغرام وصد ذي هجران

شتان بين الحالتين فإن ترد ***** جمعا فما الضدان يجتمعان

يا والها هانت عليه نفسه ***** إذ باعها غبنا بكل هوان

أتبيع من تهواه نفسك طائعا ***** بالصد والتعذيب وإلهجران

أجهلت أوصاف المبيع وقدرة ***** أن كنت ذا جهل بذي الأثمان

واها لقلب لا يفارق طيره ال ***** أغصان قائمة على الكثبان

ويظل يسجع فوقها ولغيره ***** منها الثمار وكل قطف دان

ويبيت يبكي والمواصل ضاحك ***** ويظل يشكو وهو ذو هجران

هذا ولو أن الجمال معلق ***** بالنجم هم إليه بالطيران

لله زائرة بالليل لم تخف ***** عسس الأمير ومرصد السجان

قطعت بلاد الشام ثم تيممت ***** من أرض طيبة مطلع الأيمان

وأتت على وادي العقيق فجاوزت ***** ميقاته حلا بلا نكران

وأتت على وادي الأراك ولم يكن ***** قصدا لها فألا بأن ستراني

وأتت على عرفات ثم محسر ***** ومنى فكم نحرته من قربان

وأتت على الجمرات ثم تيممت ***** ذات الستور وربة الاركان

هذا وما طافت ولا استلمت ولا ***** رمت الجمار ولا سعت لقران

ورقت على أعلى الصفا فتيممت ***** دارا هنالك للمحب العاني

أترى الدليل أعارها أثوابه ***** والريح أعطتها من الخفقان

والله لو أن الدليل مكانها ***** ما كان ذلك منه في إمكان

هذا ولو سارت مسير الريح ما ***** وصلت به ليلا إلى نعمان

سارت وكان دليلها في سيرها ***** سعد السعود وليس بالدبران

وردت جفار الدمع وهي غزيرة ***** فلذاك ما احتاجت ورود الضان

وعلت على متن إلهوى وتزودت ***** ذكرى الحبيب ووصله المتدان

وعدت بزورتها فأوفت بالذي ***** وعدت وكان بملتقى الاجفان

لم يفجأ المشتاق إلا وهي دا ***** خلة الستور بغير ما استئذان

قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما ***** بالصبر لي عن ان أراك يدان

فتحدثت عندي حديثا خلته ***** صدقا وقد كذبت به العينان

فعجبت منه وقلت من فرحي به ***** طمعا ولكن المنام دهاني

ان كنت كاذبة الذي حدثتني ***** فعليك إثم الكاذب الفتان

جهم بن صفوان وشيعته الالى ***** جحد واصفات الخالق الديان

بل عطلوا منه السموات العلى ***** والعرش أخلوه من الرحمن

ونفوا كلام الرب جل جلاله ***** وقضوا له بالخلق والحدثان

قالوا وليس لربنا سمع ولا ***** بصر ولا وجه فكيف يدان

وكذاك ليس لربنا من قدرة ***** وإرادة أو رحمة وحنان

كلا ولا وصف يقوم به سوى ***** ذات مجردة بغير معان

وحياته هي نفسه وكلامه ***** هو غيره فاعجب لذا البهتان

وكذاك قالوا مإله من خلقه ***** أحد يكون خليله النفسان

وخليله المحتاج عندهم وفي ***** ذا الوصف يدخل عابدو الاوثان

فالكل مفتقر إليه لذاته ***** في أسر قبضته ذليل عان

ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري ***** يوم ذبائح القربان

إذ قال إبراهيم ليس خليله ***** كلا ولا موسى الكليم الدان

شكر الضحية كل صاحب سنة ***** لله درك من أخي قربان


فصل
والعبد عندهم فليس بفاعل ***** بل فعله كتحرك الرجفان

وهبوب ريح أو تحرك نائم ***** وتحرك الأشجار للميلان

والله يصليه على ما ليس من ***** أفعإله حر الحميم الآن

لكن يعاقبه على أفعإله ***** فيه تعالى الله ذو الإحسان

والظلم عندهم المحال لذاته ***** أنى ينزه عنه ذو السلطان

ويكون مدحا ذلك التنزيه ما ***** هذا بمعقول لذي الأذهان


فصل
وكذاك قالوا مإله من حكمة ***** هي غاية للأمر والإتقان

ما ثم غير مشيئة قد رجحت ***** مثلا على مثل بلا رجحان

هذا وما تلك المشيئة وصفه ***** بل ذاته أو فعله قولان

وكلامه مذ كان غيرا كان مخ ***** لوقا له من جملة الأكوان

قالوا وإقرار العباد بأنه ***** خلاقهم هو منتهى الأيمان

والناس في الأيمان شيء واحد ***** كالمشط عند تماثل الاسنان

فاسأل أبا جهل وشيعته ومن ***** ولاهم من عابدي الاوثان

وسل اليهود وكل أقلف مشرك ***** عبد المسيح مقبل الصلبان

واسأل ثمود وعاد بل سل قبلهم ***** أعداء نوح أمة الطوفان

واسأل أبا الجن اللعين أتعرف ال ***** خلاق أم أصبحت ذا نكران

واسأل شرار الخلق أعني أمة ***** لوطية هم ناكحو الذكران

واسأل كذاك إمام كل معطل ***** فرعون مع قارون مع هامان

هل كان فيهم منكر للخالق الرب ***** العظيم مكون الا كوان

فليبشروا ما فيهم من كافر ***** هم عند جهم كاملو الأيمان


فصل

وقضى بأن الله كان معطلا ***** والفعل ممتنع بلا إمكان

ثم استحال وصار مقدورا له ***** من غير أمر قام بالديان

بل حإله سبحانه في ذاته ***** قبل الحدوث وبعده سيان

وقضى بأن النار لم تخلق ولا ***** جنات عدن بل هما عدمان

فإذا هما خلقا ليوم معادنا ***** فهما على الاوقات فانيتان

وتلطف العلاف من أتباعه ***** فأتى بضحكة جاهل مجان

قال الفناء يكون في الحركات لا ***** في الذات واعجبا لذا إلهذيان

أيصير أهل الخلد في جناتهم ***** وجحيمهم كحجارة البنيان

ما حال من قد كان يغشى أهله ***** عند انقضاء تحرك الحيوان

وكذاك ما حال الذي رفعت يدا ***** ه أكلة من صحفة وخوان

فتناهت الحركات قبل وصولها ***** للفم عند تفتح الاسنان

وكذاك ما حال الذي امتدت يد ***** منه إلى قنو من القنوان

فتناهت الحركات قبل الأخذ هل ***** يبقى كذلك سائر الازمان

تبا لهاتيك العقول فانها ***** والله قد مسخت على الابدان

تبا لمن أضحي بقدمها على ال ***** آثار والاخبار والقرآن

فصل
وقضى بأن الله يجعل خلقه ***** عدما ويقلبه وجودا ثان

العرش والكرسي والأرواح وال ***** أملاك والقمران

والأرض والبحر المحيط وسائر ال ***** أكوان من عرض ومن جثمان

كل سيفنيه الفناء المحض لا ***** يبقى له أثر كظل فان

ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا ***** محض الوجود إعادة بزمان

هذا المعاد وذلك المبدا الذي ***** جهم وقد نسبوه للقرآن

هذا الذي قاد ابن سينا والالى ***** قالوا مقالته إلى الكفران

لم تقبل الأذهان ذا وتوهموا ***** أن الرسول عناه بالأيمان

هذا كتاب الله أنى قال ذا ***** أو عبدة المبعوث بالبرهان

او صحبه من بعده أو تابع ***** لهم على الأيمان والإحسان

بل صرح الوحي المبين بأنه ***** حقا مغير هذه الأكوان

فيبدل الله السماوات العلى ***** والارض ايضا ذات تبديلان

وهما كتبديل الجلود لساكني النيران ***** عند النضج من نيران

وكذاك يقبض أرضه وسماءه ***** بيديه ما العدمان مقبوضان

وتحدث الأرض التي كنا بها ***** أخبارها في الحشر للرحمن

وتظل تشهد وهي عدل بالذي ***** من فوقها قد أحدث الثقلان

أفيشهد العدم الذي هو كاسمه ***** لا شيء هذا ليس في الامكان

لكن تسوى ثم تبسط ثم تسهد ***** ثم تبدل وهي ذات كيان

وتمد ايضا مثل مد أديمنا ***** من غير أودية ولا كثبان

وتقيء يوم العرض من أكبادها ***** كالاسطوان نفائس الاثمان

كل يراه بعينه وعيانه ***** ما لامرىء بالأخذ منه يدان

وكذا الجبال تفت فتا محكما ***** فتعود مثل الرمل ذي الكثبان

وتكون كالعهن الذي ألوانه ***** وصباغة من سائر الالوان

وتبس بسا مثل ذاك فتنثني ***** مثل إلهباء لناظر الانسان

وكذا البحار فإنها مسجورة ***** قد فجرت تفجير ذي سلطان

وكذلك القمران يأذن ربنا ***** لهما فيجتمعان يلتقيان

هذي مكورة وهذا خاسف ***** وكلاهما في النار مطروحان

وكواكب الافلاك تنثر كلها ***** كلآلىء نثرت على ميدان

وكذا السماء تشق شقا ظاهرا ***** وتمور ايضا أيما موران

وتصير بعد الانشقاق كمثل هـ ***** ذا المهل او تك وردة كدهان



والعرش والكرسي لا يفنيهما ***** أيضا وإنهما لمخلوقان

والحور لا تفنى كذلك جنة ال ***** مأوى وما فيها من الولدان

ولاجل هذا قال جهم إنها ***** عدم ولم تخلق إلى ذا الآن

والانبياء فإنهم تحت الثرى ***** أجسامهم حفظت من الديدان

ما للبلى بلحومهم وجسومهم ***** أبدا وهم تحت التراب يدان

وكذاك عجب الظهر لا يبلى بلى ***** منه تركب خلقة الانسان

وكذلك الأرواح لا تبلى كما ***** تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان

ولاجل ذلك لم يقر الجهم بال ***** أرواح خارجة عن الابدان

لكنها من بعض أعراض بها ***** قامت وذا في غاية البطلان

فالشأن للارواح بعد فراقها ***** أبدانها والله أعظم شان

إما عذاب أو نعيم دائم ***** قد نعمت بالروح والريحان

وتصير طيرا سارحا مع شكلها ***** تجني الثمار بجنة الحيوان

وتظل واردة لأنهار بها ***** حتى تعود لذلك الجثمان

لكن أرواح الذين استشهدوا ***** في جوف طير أخضر ريان

فلهم بذاك مزية في عيشهم ***** ونعيمهم بالروح والابدان

بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم ***** أجسام تلك الطير بالإحسان

ولها قناديل إليها تنتهي ***** مأوى لها كمساكن الانسان

فالروح بعد الموت أكمل حالة ***** منها بهذي الدار في جثمان

وعذاب أشقاها اشد من الذي ***** قد عاينت أبصارها بعيان



والقائلون بأنها عرض أبوا ***** ذا كله تبا لذي نكران

وإذا أراد الله اخراج الورى ***** بعد الممات إلى المعاد الثاني

ألقى على الاض التي هم تحتها ***** والله مقتدر وذو سلطان

مطرا غليظا أبيضا متتابعا ***** عشرا وعشرا بعدها عشران

فتظل تنبت منه أجسام الورى ***** ولحومهم كمنابت الريحان

حتى إذا ما الأم حان ولادها ***** وتمخضت فنفاسها متدان

أوحى لها رب السما فتشققت ***** فبدا الجنين كأكمل الشبان

وتخلت الأم الولود فأخرجت ***** أثقالها انثى ومن ذكران

والله ينشئ خلقه في نشأة ***** اخرى كما قد قال في القرآن

هذا الذي جاء الكتاب وسنة إله ***** ادي به فاحرص على الأيمان

ما قال إن الله يعدم خلقه ***** طرا كقول الجاهل الحيران

Audio player placeholder Audio player placeholder

بعض أحكام الزكاة والصيام - نهاية الشرح المختصر

  • باب قسم الصدقات :
  • بيان قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين ...}.
  • بيان قوله صلى الله عليه وسلم (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد...)
  • بيان قوله : خذه فتموله أو تصدق به..
  • كتاب الصيام لغة وشرعا...
  • قاعدة : أن تأسي الناس بالفعل أقوى من تأسيهم بالقول...
  • بيان : حكم الفطر في الجهاد . إذا كان الفطر أقوى له لمقاومة العدو...

Audio player placeholder Audio player placeholder

بداية كتاب الزكاة

  • بيان قوله صلى الله عليه وسلم(استغفروا لأخيكم واسألوا له ...).
  • شرح قوله : وينهى عن دفن الميت ليلا...
  • بيان حكم السلام على أهل القبور...
  • كتاب الزكاة : هي ركن ...
  • بيان أحام الزكاة ، تعريفها لغة ، متى فرضت ، وأين فرضت ؟
  • قوله: ما لا يكال ولا يدخر فلا زكاة فيه...
  • قوله: باب صدقة التطوع .
  • شرح قوله : خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى..

Audio player placeholder Audio player placeholder

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً