ليلة القدر أعظم عطاء من الكريم
روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها، قال: «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
ليلة القدر ليلة عظيمة شرفها الله وانزل فيها القرآن وخصها بسورة تتلى إلى قيام الساعة وأكرم عباده فيها وجعل العمل الصالح فيها خير عبادة ألف شهر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التمسوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» خرّجه (البخاري ومسلم).
والراجح كما بيَّن ابنُ حجر (في الفتح 4/ 260) أنَّ ليلة القدر تنتقل كلَّ سنة في ليلةٍ من الوِتر في العشر الأواخر؛ وذلك لحديث النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «التَمِسوها في العشر الأواخر من رمضان؛ ليلة القدر في تاسعةٍ تَبْقَى، في سابعةٍ تبقى، في خامسةٍ تبقى» (أخرجه البخاري).
السر فى إخفاء ليلة القدر:
الله سبحانه لم يخبر عباده رحمةً بهم حتى يجتهد العباد فى الطاعة وينالوا الثواب فى تلك الأيام المباركة فيزدادوا طاعة و قُربةً من الله وثوابًا، ومن حكمة إخفاء ليلة القدر اختبار للعباد ليتبيَّن بذلك من كان حريصا في طلبها ممن هو كسلان متهاونًا، ويتضح لنا ذلك فى زماننا أنه لو علم الناس ليلة القدر لاجتمعوا فيها فقط وتركوا بقية الليالى المباركة فى الشهر المبارك كما يحدث فى ليلة السابع والعشرين.
كيف نعرف ليلة القدر:
قال ابن تيمية: "وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة، فيرى أنوارها، أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر"ا.هـ
ومن العلامات التي تُعرف بها ليلة القدر، ما جاء في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها» (خرجه مسلم).
والمقصود أنه لكثرة اختلاف الملائكة في ليلتها ونزولها إلى الأرض وصعودها بما تنزل به، سترت بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس وشعاعها.
وقفة هامة ثوابها ليس للقائمين فقط:
يقع بعض الناس فى خلط فى فهم العمل المطلوب فى تلك الليلة:
- فالبعض يظن أنه كى يحصل على ثواب وفضل ليلة القدر يجب عليه فقط صلاة القيام للحديث قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه» ( رواه البخارى ومسلم)، نعم هذا مطلوب للثواب الموجود فى الحديث لكن عندما نتوقف مع الآية الكريمة {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر]، نجد انها لم تحدد الخيرية لعمل محدد لذلك تكلم العلماء عن مطلق العبادة والعمل الصالح فى تلك الليلة المباركة
قال ابن جرير: قال بعضُهم: معنى ذلك: العمل في ليلة القدر بما يُرضي الله، خيرٌ من العمل في غيرها ألف شهر.
فمن تُقبِّل منه فيها صارت عبادته تلك تفضل عبادة ألف شهر، وذلك ثلاثة وثمانون عاماً وأربعة أشهر، فهذا ثواب كبير وأجر عظيم، على عمل يسير قليل.
عن أنس قال: " العمل في ليلة القدر والصدقة والصلاة والزكاة أفضل من ألف شهر" (الدر المنثور: 6: 370).
- وأفضل عمل صلاة القيام والدعاء لكن ان كانت توجد عبادة واجبة الوقت فى تلك الأيام يتم عملها والجمع بينهما مثل الصدقات والزكاة وبر الوالدين أوصلة الأرحام وزيارة المرضى ولو تعين انكار المنكر من الفواحش والبدع والظلم ولو بالكتابة على وسائل التواصل والجهاد فى سبيل الله وكل عمل صالح خالص لله فى تلك الليلة وشرط ذلك كله الإخلاص التام لله عز وجل.
وكان الصحابة يستحبون كثرة الدعاء فيها فالدعاء هو العبادة كما جاء فى الحديث وقد ورد عن السيدة عائشة فى النسائى قالت لو علمتُ أي ليلةٍ ليلة القدر، لكان أكثر دعائي فيها أن أسأل الله العفو والعافية".
والسنة الدعاء فيها بما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها، قال: «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» (رواه الترمذي). فيجوز لك تجمع وقتك بين القيام والصدقة والبر وكل عمل صالح تستطيعه فى تلك الليلة.
- وأتوقف مع مقاله الإمام النووي: ويُستحب أن يُكثر فيها من الدعوات بمهمات المسلمين فهذا شعار الصالحين، وعباد الله العارفين".
وفى وقتنا المعاصر مصائب المسلمين كثيرة لذلك من أفضل الأعمال فى تلك الليلة الدعاء وبعد طلب العفو من الله الدعاء للمسلمين بكل مصلحة للمسلمين، وليس ذلك كما يقول البعض السياسة نجاسة وتركها كياسة بل السياسة بمعنى الإهتمام بشوؤن المسلمين عبادة وتركها بلادة وخيانة، وأهم دعاء أن يفرج الله كربات المسلمين وان يفك أسر المظلومين والدعاء بولاية حكام للمسلمين يحكمون بشرع الله والعدل لأنه إن تخلص المسلمون من الطغاة سعدت حياتهم وتيسرت عبادتهم لله، والدعاء بنصرة المجاهدين فى سبيل الله لتحرير فلسطين و بلاد المسلمين من المحتلين وان يرد الله المضطهدين إلى ديارهم، وكل دعاء فيه طلب خير للمسلمين فى دينهم ودنياهم.
- أسأل الله أن يوفقنى وإياكم لليلة القدر ويتقبل منا سبحانه هو الكريم العاطي الوهاب الحنان المنان.
- التصنيف:
- المصدر: