المرأة في بلاد الغرب
ظلت المرأة في بلاد الغرب طبقاً للقانون الإنجليزي العام - حتى منتصف القرن الماضي تقريباً - لم يكن لهن حقوق شخصية، ولا حق في الأموال التي يكسبنها، ولا حق ملكية شيء، حتى الملابس التي كن يكسبنها...
"ظلت المرأة في بلاد الغرب طبقاً للقانون الإنجليزي العام - حتى منتصف القرن الماضي تقريباً - غير معدودة من الأشخاص أو المواطنين الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم؛ لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية، ولا حق في الأموال التي يكسبنها، ولا حق ملكية شيء، حتى الملابس التي كن يكسبنها"[1].
ثم حاولت المرأة أن تتحرر وتجاهد لتحصل على حقوقها "فدفع بها الوضع الاجتماعي الذي لا يرحم إلى أن أصبحت تطرد من المنزل بعد سن الثامنة عشر لكي تبدأ في الكدح في لقمة العيش، وإذا ما رغبت أو أجبرتها الظروف في البقاء في المنزل مع أسرتها بعد هذه السن فإنها تدفع لوالديها إيجار غرفتها، وثمن طعامها، وغسيل ملابسها؛ بل تدفع رسماً معيناً مقابل اتصالاتها الهاتفية"[2].
ويؤكد الدكتور "نور الدين عتر" هذه المأساة حين قال[3]: "حدثني صديق أنهى تخصصه العالي في أمريكا أن في الأمريكيين أقواماً يتبادلون زوجاتهم لمدة معلومة ثم يسترجع كل واحد زوجته المعارة، تماماً كما يعير القروي دابته، أو الحضري في بلادنا شيئاً من متاع بيته".
وهذه الحرية المفرطة ولدت مآسي جمة لهؤلاء القوم: كنتُ في إحدى الدول الغربية فسألني رجل مسلم سؤالاً غريباً وهو: هل يجوز لي قتل ابنتي؟ فسألته: ماذا تقصد؟ فقال: أنا رجل حصلت على الجنسية البريطانية، وبالمقابل حصلت ابنتي على نفس الجنسية، ودخلت كلية الشرطة، وهي الآن تنام مع من تشاء، وتضاجع من تشاء، أكاد أُجَنْ؟!
تقول "مارلين مونرو" - أشهر ممثلة إغراء - في رسالتها التي أودعتها صندوق الأمانات في أحد بنوك "نيويورك" رداً على رسالة جاءتها قبل انتحارها من إحدى الفتيات تسألها عن العمل في السينما فقالت: "احذري المجد، احذري من يخدعك بالأضواء، إني أتعس امرأة على هذه الأرض! لم أستطع أن أكون أماً، إني امرأة أفضل البيت، أفضل الحياة العائلية، لهي رمز سعادة المرأة؛ بل الإنسانية، لقد ظلمني الناس، وإن العمل في السينما يجعل المرأة سلعة رخيصة تافهة، مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة" التوقيع: "مارلين مونرو".
وعلقت "النيويورك تايمز" على انتحارها فقالت: "إن هوليود كانت تبيح روحها دون جسدها".
وقالت "الأزفستيا" السوفياتية: "إنها ضحية هوليود أوجدتها ثم قتلتها".
أما "الهيرالد تربيون" فقالت: "إن الاستغلال البشع الذي لجأت إليه شركات السينما، وتميز به: الإغراق في إبراز مفاتنها بشكل لا ذوق فيه... من أجل الأغراض التجارية".
وقالت "بيلدازايتوتع" الألمانية: "إنها كانت ضحية طرق الدعاية التي تمارسها هوليود".
وصرح بعض النقاد: بأن الجاني هو كل فرد في المجتمع الغربي.
وقال أحدهم في إيطاليا: إنها لم تنتحر... نحن الذين قتلناها، نحن الذين نشاهد الأفلام ونقرأ المجلات.
بينما اعتبرها أديب آخر: "إنسانة لم تطق استمرار العيش في قاذورات تلك الحضارة، فلم تجد مفراً من موتها اليومي إلا بالموت النهائي".
نعم.. لقد رأت هذه الممثلة في الانتحار خلاصاً من شقائها، وتحرراً من واقعها، ونجاة من مستغليها والمثرين على حساب أنوثتها!! [4].
وهكذا تبتذل المرأة وتهان كرامتها؛ لأن المجتمع الغربي الحديث قائماً على ثلاث قواعد:
1- المساواة بين الرجال والنساء.
2- استقلال النساء بشئون معاشهن.
3- الاختلاط المطلق بين الرجال والنساء.
وذلك يعني أن تؤدي المرأة نفس ما يؤديه الرجل من الأعمال.
ومن هنا كان على المرأة أن تفتش عن عمل أياً كان: في دوائر حكومية، في الشركات، وفي المكاتب التجارية، أو في المخازن الكبرى... عليها أن تعمل بائعة أو محاسبة، تبيع الجرائد.. تنظف الشوارع.. تمسح الأحذية وتجمع القمامة.. تقطع تذاكر الركاب في السكك الحديدية.. تنظف المراحيض.. تحرس الأبنية الكبيرة في أخريات الليل.. تحمل الأثقال وتشقى في مصانع الصلب والحديد.
لقد ابتذلت المرأة وأهينت كرامتها، وابتعدت عما يليق بها في حضارة التيه والضياع، ناهيك عن تحملها مصاريف الحياة اليومية، أو مشاركتها في ذلك لزوجها إن كانت ذات زوج.
إن متاعب الحياة ومشاقها في ديار الغرب كثيرة؛ إذْ ما تزال المرأة هناك تتقاضى نصف أجر الرجل في أغلب مجالات العمل.
كما أن المرأة إذا أرادت الزواج أن تتنازل عن اسمها واسم أبيها لتصبح تابعة لزوجها حتى في الاسم... هذا ومن المعلوم أن المرأة في أوروبا هي التي تدفع المهر للرجل وليس العكس.
ونتيجة لتردي وضع المرأة الاجتماعي والاقتصادي؛ فإنها تصبح فريسة سهلة لسماسرة البغاء الدولية؛ كما أنها تستخدم لترويج البضائع؛ إذ دائماً ترى صورة امرأة فاتنة للإعلان عن أي شيء، حتى ولو لم يكن له علاقة بالمرأة.
وقد نشرت "جريدة الشرق الأوسط" أن جمعيات حقوق المرأة في بريطانيا نظَّمن مظاهرات صاخبة احتجاجاً على استعمال المرأة في ترويج البضائع، ومن ذلك إعلان يقول: "السيارة السوبر مثل العشيقة، أما السيارة الصالون فهي مثل الزوجة".
ولا تكاد تجد إعلاناً عن أية مادة من المواد إلا وتطالعك صورة حسناء شبه عارية تدعوك لشراء تلك السلعة.
وتهان المرأة على مسمع من الجميع؛ فيعتبر التحرش - مثلاً - بالمرأة العاملة من أسباب النكد في الحياة الغربية، إذ تشير رئيسة معهد النساء العاملات في نيويورك إلى أن المضايقات الجنسية لا تقتصر على الاعتداء الجسدي؛ بل إن الكلام البذيء، والنكات الفاضحة تشكل نوعاً من الاعتداء على المرأة الحساسة.
فكم من واحدة أصيبت بالأمراض الجسدية: كالصداع، والقيء، وعدم النوم؛ نتيجة لهذا الوضع السيء الذي تعيش فيه المرأة، وكم من واحدة اضطرت إلى أخذ الحبوب المهدئة لتستطيع الذهاب إلى العمل كل صباح، ثم سماع تلك الاسطوانة الممجوجة من الغزل البذيء[5].
ويطول بنا الحديث عن وضع المرأة في المجتمعات الغربية، فهناك:
1- فتاة الغلاف.
2- ومضيفات الطيران.
3- والإعلانات التجارية.
4- والجاسوسة الحسناء.
5- وسوق الجنس.
6- وملكات جمال العالم.
7- وسماسرة الدعارة[6] وهلم جراً... فهل من منصف لهذه المرأة التي تعيش اليوم في ماخور كبير، ونظرة إلى صحافة المرأة، وأفلامها، ومعارض أزيائها، ومسابقات جمالها، ومراقصها، وحاناتها، وإذاعاتها؛ نظرة لترى الأوضاع المثيرة، والإيحاءات المريضة؛ في الأدب والفن وأجهزة الإعلام كلها؟ وكل هذه الأشياء تتخذُ المرأة وسيلة لجمع المال وتثميره، فهي عمليات نصب واحتيال وابتزاز تلبس ثوب الحرية والديمقراطية... هذا إلى جانب التدهور الخلقي، والانحلال الاجتماعي، الذي أصبح يهدد كل بيت وكل نظام، وكل تجمع إنساني... نظرة إلى هذا كله تكفي للحكم على المصير البائس الذي تدلف إليه المرأة في ظل هذه الجاهلية[7].
[1] ماذا عن المرأة؟ د. نور الدين عتر (ص:8).
[2] عودة الحجاب: محمد المقدم (ص:56).
[3] ماذا عن المرأة؟ (ص:19).
[4] انظر: رسالة إلى حواء: محمد رشيد العويد (ص:72)، والمرأة في سوق النخاسة العالمي، محمد القحطاني (ص:21).
[5] انظر: المرأة بين الجاهلية والإسلام: محمد الناصر، وخولة درويش (ص:340) وما بعدها.
[6] انظر تفصيل ذلك في كتاب: المرأة في سوق النخاسة العالمي: محمد القحطاني.
[7] راجع: دستور الأسرة في ظلال القرآن: أحمد فائز (ص:8).
- التصنيف: