التفكر في خلق الإنسان
إن مما يرفع الإيمان ويُزكّي النفس، ويقوّي العقيدة، ويغرس حب الله في النفوس: التفكر في خلق الله وفي الكون. يتأمل الإنسان في السماء بغير عمدٍ من رفعها وأغطش ليلها، وأخرج ضحاها وبالكواكب والنجوم من زينها إنه الله جل وعلا
عباد الله: إن مما يرفع الإيمان ويُزكّي النفس، ويقوّي العقيدة، ويغرس حب الله في النفوس: التفكر في خلق الله وفي الكون. يتأمل الإنسان في السماء بغير عمدٍ من رفعها وأغطش ليلها، وأخرج ضحاها وبالكواكب والنجوم من زينها إنه الله جل وعلا.
الأرض من سطحها وأخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال ثبتها وقال فامشوا في مناكبها، إنه الله جل وعلا. أنت يا عبد الله من خلقك من صورك من نفخ فيك من روحه؟ إنه الله. من هداك من علّمك من أمّنك وأطعمك وكساك؟ إنه الله أفلا يستحق أن يُعبد ويُشكر؟
وسنعيش وإياكم عباد الله نتأمل ونتفكر في خلق الإنسان والله قد دعانا إلى ذلك في آيات كثيرة قال تعالى:
أيها المسلمون: تأمّلوا في هذه الآيات، قال الله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} [الطارق: 5]، وقال جل وعلا: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، وقال سبحانه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [الحج: 5]، وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 36 - 40]، وقال جل ذكره: وقال: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس: 77].
تأمل يا عبد الله كيف خلق الله أبوك آدم من تراب ولذلك سُمي آدم أي من أديم الأرض من ترابها، فإذا ما نادى الله علينا: يا بني آدم فيه إشارة أن تواضعوا فأصلكم من تراب.
قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59]، ثم بل هذا التراب بالماء فأصبح طينًا قال تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} [ص: 71].
ثم أصبح بعد ذلك طينًا لازب متماسك فشكّله الله وتُرك في الشمس حتى صار كالصلصال من حمأٍ مسنون قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26].
ثم يصبح الإنسان صلصالٍ كالفخّار كما قال تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرحمن: 14]، ثم ينفخ الله من روحه في هذا الإنسان الضعيف، وفي كل هذا رسالة إليك يا ابن آدم أن تعلم أنك ضعيف، أنت بغير الله لا شيء، ورسالةً أُخرى أن الناس كلهم لأدم وآدم من تراب، فلماذا العصبية ولماذا التكبر ولماذا الفخر بالأحساب والأنساب وكلنا أصلنا تراب؟
وبعد أن وقفنا مع خلق أبينا آدم دعونا نعيش مع خلقنا نحن، فالله خلقنا من سلالة من ماء مهين.
فتأملوا عباد الله.
وانظروا إلى النطفة بعين البصيرة، وهي قطرة من ماءٍ مهين ضعيف مستقذر، لو مرّت بها ساعة من الزمان فسدت وأنتنت، كيف استخرجها ربّ الأرباب العليم القدير من بين الصلب والترائب منقادة لقدرته مطيعة لمشيئته مذلّلة الانقياد على ضيق طرقها واختلاف مجاريها إلى أن ساقها إلى مستقرها ومجمعها، وكيف جمع سبحانه بين الذكر والأنثى، وألقى المحبة بينهما، وكيف قادهما بسلسلة الشهوة والمحبة إلى الاجتماع الذي هو سبب تخليق الولد وتكوينه، وكيف قدّر اجتماع ذينك الماءين مع بُعدِ كلٍّ منهما عن صاحبه، وساقهما من أعماق العروق والأعضاء.
وعلماء الطب يقولون أن القذفة الواحدة من المني تحتوي على (500) مليون حيوان منوي هذا الجيش الهائل ينطلق ويتحرك باتجاه الرحم، من دله من هداه من علمه؟ إنه الله القائل: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50].
هذا الجيش الهائل من الحيوانات المنوي يموت أكثرها ولا يقوى على الوصول إلا (500)، ومنها حيوان منوي واحد هو الذي يلتقي مع بويضة المرأة فأنت يا عبد الله خُلقت من حيوان منوي واحد قال -صلى الله عليه وسلم- كما روى مسلم: «ما من كل الماء يُخلق الولد» سبحان الله من علّم النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك وهو لم يدرس في كليات الطب ولا غيرها سبحان الله القائل {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
وقال تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} [النجم: 45، 46]، وقال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} [القيامة: 36، 37].
تستقر هذه النطفة في موضع واحد جعله الله قرارًا مكينا، لا يناله هواءٌ يُفسده، ولا برد يجمده، ولا عارض يصل إليه، ولا آفة تتسلط عليه.
إنه الرحم وهو محاط بعظام الحوض من كل ناحية وعضلات من كل جهة لحمايته من أي أذى سبحان الله القائل:
{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 20 - 23].
هذا القرار المكين مُحاط بثلاثة أغطية في ظُلمات ثلاث، في ظُلمة الرحم وظُلمة المشيمة التي هي كالغشاوة والوقاية على الولد وظلمة البطن وكل هذا رعاية لهذا الإنسان قال تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزمر: 6].
ثم قلَب الله تلك النطفة البيضاء إلى علقة حمراء، وسُمّيت علقة لأنها متعلقة بالرحم طول الإنسان في هذه المرحلة من 2-5 ملم والله يُذكّرنا بهذه المرحلة نتفكر فيها ونتأمل. قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 1، 2].
ثم تتحول إلى مضغة وسميت كذلك لأن الناظر لها يراها كأنها لحمة ممضوغة طولها من 8-16 ملم، ومن هنا يبدأ الخلق والكرم من الله تعالى لهذا الإنسان فيجعلها عظاما ثم يكسوها لحما ثم يصورها في أحسن صورة وشق سمعها وبصرها قال تعالى:
وقال جل وتعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12 - 14].
وفي مرحلة خلق الإنسان في بطن أمه تراه مقوسًا ثم يعدله الله ليخالف كل المخلوقات المنكسة الرؤوس، ويخلقه الله في أحسن تقويم، ويذكر الله الإنسان بهذه المرحلة وهذه النعمة فيقول -عز وجل-:
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 6 - 8]. وقال تعالى: ﴿ لَ {قَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4].
وقبل الولادة بشهرين رأى الأطباء الجنين وهو يضع إصبع في فمه يمصها- الله أكبر -فإذا ما خرج والتقم ثدي أمه مصه مصًا من ألهمه.. من علمه؟ إنه الله الذي أعطى كل شيء خلْقه ثم هدى.
وقبل الولادة بوقتٍ يسير نرى الجنين يضم رجليه ويديه إلى بطنه لماذا؟ استعدادًا للخروج فسبحان الله.
عباد الله: إن حجم جمجمة الطفل يكون أكبر من فتحة عظم حوض الأم التي يخرج منها الطفل بعد الولادة. فمن آثار رحمة الله ولطفه أن تكون جمجمة الطفل لينة، وعظامها غير ملتحمة لكي يحصل تغيير في حجم الرأس وشكله، فيساعد ذلك على خروج الطفل، كما أن جزءًا من مفاصل حوض الأم تتحرك إلى الخلف بفعل أنزيم خاص يفرز، فتتم عملية الولادة بسهولة ويسر، وإلا لامتنع خروج الطفل أثناء الولادة، فانظر إلى ألطاف الحكيم الخبير القائل: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: 20]. ولولا ذلك اللطف الإلهي والإحكام البديع لما تمكنت امرأة أن تضع مولودها إلا بعملية جراحية.
وشق للإنسان السمع، وخلق الأذن أحسن خِلقه وأبلغها في حصول المقصود منها، وفيها (10.000) خلية سمعية وجعلها مجوفة كالصدفة لتجمَع الصوتَ فتؤديه إلى الصماخ ـ ما يسمى الآن الطبلة ـ، وليحسّ بدبيب الحيوان ـ يعني الحشرة ـ فيها، فيبادر إلى إخراجه.
ثم اقتضت حكمة الرب الخالق سبحانه أن جعل ماء الأذن مرّا في غاية المرارة فلا يجاوزه الحيوان ولا يقطعه داخلا إلى باطن الأذن، وجعل ماء العينين مِلحًا ليحفظها فإنها شحمة قابلة للفساد، فكانت ملوحة مائها صيانةً لها وحفظا، وجعل ماء الفم عذبا حلوا ليدرك به طعوم الأشياء على ما هي عليه.
عباد الله:
في اللسان (9000) نتوء ذوقي لمعرفة طعوم الأشياء، هذه النتوءات والخلايا تتغير كل أسبوع فسبحان الواهب.
ونصب سبحانه قصبة الأنف في الوجه فأحسن شكله وهيأته ووضعه، وفتح فيه المنخرين، وحجز بينهما بحاجز، وأودع فيهما حاسة الشم التي تدرك بها أنواع الروائح الطيبة والخبيثة والنافعة والضارة، وليستنشق به الهواء فيوصله إلى القلب، فيتراوح به ويتغذى به، واقتضت حكمته أن جعل أعلاه أدقّ من أسفله لأن أسفله إذا كان واسعا اجتمعت فيه تلك الفضلات فخرجت بسهولة.
وشق سبحانه للعبد الفم في أحسن موضع وأليقه به، وأودع فيه من المنافع وآلات الذوق والكلام، وآلات الطحن والقطع ما يبهر العقول عجائبه، وقطعة اللحم الصغيرة بدون آلات القطع والطحن والإنزيمات في المعدة التي خلقها تحتاج إلى (50) سنة لهضمها.
وأودع الله الفم اللسان الذي هو أحد آياته الدالة عليه، وجعله ترجمانًا لملك الأعضاء مبيّنا مؤديا عنه، وفي كل ثانية (140) هزة للحبال الصوتية من أجل الكلام ومن أجل الكلام أيضًا تتحرك في اللسان (17) عضلة والشفاه (24) عضلة فسبحان الله القائل:
{الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1 - 4]. وقال تعالى {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23].
عبد الله:
عباد الله: في كل يوم يتنفس الإنسان (25) ألف مرة ويسحب فيها (180) متر مكعب من الهواء في المعدة (35) مليون غدة للإفراز وطولها (8) أمتار.
في الدماغ (13) مليار خلية عصبية و (100) مليار خلية دبقية استنادية تحرس الخلايا العصبية وتساعد في الإرسال والاستقبال.
في العين الواحدة (140) مليون مستقبل للضوء. قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} [البلد: 8، 9].
تحت سطح الجلد حوالي من (5-15) مليون مكيف للحرارة في البدن.
من أجل أن تمشي يا عبد الله مطلوب أن تتناسق (200) عضلة ولرفع يد وإنزالها مطلوب تناسق (50) عضلة مع التنسيق مع الدماغ. قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]. والقلب عباد الله لو وقفنا معه فهو يزن (312) جراما وحجمه كقبضة اليد.
القلب حوالي من (60-80) ضربة في الدقيقة وينبض في العام (40) مليون مرة وفي كل نبضة يدخل القلب حوالي ربع رطل من الدم ويضخ في اليوم الواحد (2200) جالون من الدم وحوالي (56) مليون جالون على مدى الحياة هل يستطيع أي محرك آخر القيام بهذا العلم دون إصلاح.
من منا يصدق أن في جسم كلٍ منا، ما يزيد عن (25) مليون مليون كرية دم حمراء وأن تعداد الكريات في الميليمتر واحد مكعب، لا يقلُّ عن خمسة ملايين.
يقول الحسن البصري: مسكين ابن ادم محتوم الأجل مكتوم الأمل تؤذيه البقة وتقتله الشرغة»، ألا ما اضعف ابن ادم بدون الله الخالق لا يساوي شيء وصدق الله القائل: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28].
وسيُسأل الإنسان عن ما وهبه الله من حواس وغيرها فهي لم تخلق سدى قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].
وهذه الأعضاء إن لم تعمل بطاعة الله ستشهد على صاحبها يوم القيامة وينطقها الله جل وعلا الذي انطق كل شيء.
قال تعالى: {ويَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وأَبْصَارُهُمْ وجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا} [فصلت: 19، 21]يخاطبون جلودهم: لم تشهدون علينا؟ أولستم جزءًا منا؟! {قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت: 21].
وفي الأخير أذكرك أخي الحبيب بقول الله تعالى في شأن إبراهيم عليه السلام: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة: 131].
هل عرفت عظمة ربك القائل: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67].
اُذكر ربك كثيرًا لتكون من الفائزين. اشكر ربك كثيرًا ليبارك لك في النعم.
هذا وصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين...
___________________________________________________________
الكاتب: د. أمير بن محمد المدري
- التصنيف: