اليهود داخل معركة الأحزاب لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا ...

اليهود داخل معركة الأحزاب


لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا من عجز قبائل العرب عن هزيمته، وتأكّدهم من أن النظام الذي ارتضوا هم وأعداؤهم الفرس بقاءه سائدا في جزيرة العرب لقرون آيل للسقوط، وسيقوم مكانه نظام جديد لا يعرض هيمنتهم على تلك الصحاري للخطر فحسب، بل سيهددهم في عقر دورهم أيضا، فكانت تحركاتهم الأولى للقضاء على هذا الخطر في مؤتة وتبوك، وكان تهديدهم الآخر في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي تراجعوا عن إنفاذه بعد أن ظنوا أن ردّة الأعراب ستكفيهم مؤونته، فخاب سعيهم وكان ما كان للإسلام من عز وتمكين بفضل الله وحده.

واليوم لم تحزم أمريكا الصليبية أمرها بالعودة لقتال الدولة الإسلامية بعد أن فرت من نزالها قبل سنوات خشية الهلاك إلا بعد أن تيقنت من عجز المرتدين عن هزيمتها ودرء خطرها الذي بات لا يهدد فحسب نظام سايكس – بيكو الذي صاغوه منذ قرن من الزمن لإدارة بلدان المسلمين، بل بات يهددهم في عقر دورهم بإعلان الدولة الإسلامية الصريح أن جهادها لن يتوقف - بإذن الله – حتى يخضع العالم كله لشرع الله.

ولذات السبب خرج اليهود اليوم لقتال الدولة الإسلامية، وما أخرجهم إلا يقينهم بخطر داهم بات يتهدّدهم، وهم الذين وصفهم الله عز وجل أنهم لا يقاتلون المسلمين (إلا في بروج مشيّدة أو من وراء جدر)، فانهيار دويلات سايكس – بيكو التي كان من وظائفها حماية دولة اليهود، والاقتراب الكبير لمجاهدي الدولة الإسلامية من حدودها، وخشيتها من انتشار منهجها بين المسلمين المستضعفين داخل تلك الحدود، والعجز الظاهر للدول الصليبية الحامية لليهود عن حسم المعركة معها، كلها أسباب تبرر للدولة اليهودية أن لا تقعد ساكنة إزاء هذا الخطر.

ولم يعد كافيا للحكومة اليهودية وجيشها وأجهزة مخابراتها الاقتصار على تقديم الدعم لأنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية المحيطة بها، لعجز هذه الأنظمة عن استثمار هذا الدعم في تحقيق انتصار على الدولة الإسلامية، فانطلق اليهود ليخوضوا حربهم الخاصة ضدّها، قصفا بالطائرات، واستطلاعا بالمسيّرات، وبثا للجواسيس والعيون، وخاصة في سيناء التي يخوض مجاهدوها حربا ضد جيش الطاغوت السيسي تحت قصف الطيران اليهودي لم تغن عنهم شيئا، وفي ولايات الشام التي تخوض أجهزتها الأمنية حربا مع جواسيس اليهود وعيونهم، لنا فيها الغلبة بحمد الله.

هذه الحرب وإن كانت في بداياتها فإنها – بحمد الله – مؤشر جيد على إمكانية حدوث المزيد من التورط لجيش اليهود فيها، وذلك بتسارع وتيرة الانهيار في أنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية، وفشل الحملة الصليبية على الدولة الإسلامية، والقضاء التام على مرتدي الصحوات، وفصائل الفرقة والشتات.
إن هذه المعركة بالنسبة لليهود لن تكون – بإذن الله – كباقي معاركهم التي خاضوها ضد الأنظمة الطاغوتية، والحركات العلمانية القومية والشيوعية، ولا كمعاركهم مع الفصائل الديموقراطية المنتسبة للإسلام زروا، إذ كل تلك المعارك كانت تجري في إطار قواعد «النظام الدولي» الطاغوتي، فكانت حدود الصراع واضحة المعالم لكل الأطراف، ومن يتجاوزها يعرض نفسه للعقاب، في حين أن الدولة الإسلامية بفضل الله كافرة بهذا «النظام الدولي»، محاربة لكل الطواغيت القائمين عليه، وعلى رأسهم الدول الصليبية الحامية لدولة اليهود، وليس لصراعها مع أعدائها حدود إلا التي فرضها الله عز وجل على المسلمين في جهادهم بأن يخضع المشركون لحكم الإسلام فيهم، وكل الأرض ساحة لجهادها، وكل المسلمين جنود محتملون في جيشها، وكل المشركين المحاربين في الأرض ومنهم اليهود أهداف مشروعة لها.

إن الدولة الإسلامية – بفضل الله – ليست دولة شعارات، ولكنها دولة عزيمة وتوكل على الله، وكل تهديد ووعيد من قادتها لليهود إنما هو من حسن الظن بالله عز وجل أن يمكّنهم منه، فكما قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله من قبل، أنه ومن معه يقاتلون في العراق وعيونهم على بيت المقدس، وكما قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي تقبله الله لليهود من قبل، فإن المسلمين قادمون لقتالهم من العراق والشام واليمن وخراسان ومغرب الإسلام وإفريقية والقوقاز، ومن كل مكان، وإننا لن نزيد على ما قال مشايخنا من قبل شيئا، ولكننا – بحمد الله- على تحقيق ما وعدوا أقدر، ومن أرض الصراع مع اليهود أقرب.

فليقصف اليهود بطائراتهم، فليست علينا بأشد من طائرات الصليبيين وقد صبّرنا الله عليها، وليبعثوا بجواسيسهم وعيونهم فسيفضحهم الله ويمكننا من رقابهم، وليدعموا دويلات سايكس - بيكو الطاغوتية، فستكون أموالهم التي أنفقوا حسرة عليهم، وبإذن الله سيغلبون، ثم إلى جهنم يحشرون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
اليهود داخل معركة الأحزاب
...المزيد

الغلظة على الكفار والمرتدين في سيرة الخلفاء الراشدين [1/2] كان الصحابة -رضوان الله عليهم- أرقّ ...

الغلظة على الكفار والمرتدين في سيرة الخلفاء الراشدين

[1/2]
كان الصحابة -رضوان الله عليهم- أرقّ الناس أفئدة، وألينهم قلوبا وجانبا، وأحسنهم معشرا وأخلاقا، وأخلصهم في الدعوة والحرص على نشر الدين ورفع راية الإسلام، وكانوا أشد الناس حرصا على التمسك بالهدي النبوي واتّباع سنّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأمور كلّها، ومن ذلك قضية التعامل مع الكفار في أوقات السلم وأوقات الحروب على حد سواء، فقد كانوا أشداء على الكفار، يغلظون عليهم بالسيف واللسان، حتى ثبّتوا للدين أصوله، وأقاموا للإسلام قواعده، ورفعوا للتوحيد رايته.

وأولهم الصديق -رضي الله عنه- الذي ثبّت الله الإسلام بثباته حين عزم على قتال المرتدين الذين امتنعوا عن شريعة واحدة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة، وهي فريضة الزكاة، فلم يفرق بينهم وبين من عاد إلى عبادة الأوثان أو من اتبع الدجّالين، لذا عقد الألوية وبث السرايا، ومنها اللواء الذي عقده لسيف الله المسلول خالد بن الوليد، رضي الله عنه.

وفي أولى صولاته مع المرتدين تمكن خالد -رضي الله عنه- من كسر جيش طليحة بن خويلد الأسدي، ومن انضم إليه من قبائل العرب، ففلَّ جمعهم وكسر شوكتهم، فأرسل الصديق إليه يوصيه بالتنكيل والإثخان فيهم، قال ابن كثير: «وقد كتب أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد حين جاءه أنه كسر طليحة ومن كان في صفه وقام بنصره، فكتب إليه: ليزدك ما أنعم الله به خيرا، واتق الله في أمرك، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، جُدَّ في أمرك ولا تلن، ولا تظفر بأحد من المشركين قتل من المسلمين إلَّا نكلت به، ومن أخذت ممن حاد الله أو ضاده ممن يرى أن في ذلك صلاحا فاقتله» [البداية والنهاية].

وقد أنفذ سيف الله المسلول الوصية، فانطلق يطلب مَن بقي مِن المرتدين مِن فلول الجيش المنهزم وينكل بهم ويقتص منهم، قال ابن كثير: «فجعل يتردَّد في طلب هؤلاء شهرا يأخذ بثأر من قتلوا من المسلمين الذين كانوا بين أظهرهم حين ارتدوا، فمنهم من حرَّقه بالنار ومنهم من رضخه بالحجارة، ومنهم من رمى به من شواهق الجبال، كل هذا ليعتبر بهم من يسمع بخبرهم من مرتدة العرب»، وفي هذا إرهاب لمن بقي من المرتدين الذين بدءوا يتسامعون هذه الأخبار فبادر بعضهم إلى التوبة والانقياد وعاند آخرون وأصروا على القتال والجلاد.

ولما قدم وفد بزاخة يسألون أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- الصلح متعهدين بالرجوع إلى أحكام الإسلام كافة، خيّرهم بين الحرب المجلية أو السلم المخزية، قال ابن كثير: «فقالوا يا خليفة رسول الله أما الحرب المجلية فقد عرفناها، فما السلم المخزية؟ قال: تؤخذ منكم الحلقة والكراع وتتركون أقواما يتبعون أذناب الإبل، حتى يري الله خليفة نبيه والمؤمنين أمرا يعذرونكم به، وتؤدون ما أصبتم منا ولا نؤدي ما أصبنا منكم، وتشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار»، والحديث عند البخاري مختصرا.

وهذا الفعل من الصديق -رضي الله عنه- إذلال لمن حارب الله ورسوله ليتبين لهم سوء ما فعلوه وعظم ما اقترفوه، وفيه تأمين لدولة الإسلام من خطرهم بنزع سلاحهم بعد توبتهم، وهو منبئ عن عزة الإسلام والمسلمين، فمع أنَّ الحرب لم تنته بعد مع المرتدين، إلا أنه فرض الشروط التي تدل على عزة المسلمين وعزة دولتهم وذلة من يعاديها أو يحاربها.

وللصديق رضي الله عنه موقف آخر مع مرتد خادع المسلمين وحاربهم وهو الفجاءة السلمي، فكان جزاؤه أن يحرقه بالنار، قال ابن كثير: «وقد كان الصديق حرَّق الفجاءة بالبقيع في المدينة، وكان سببه أنه قدم عليه فزعم أنه أسلم وسأله أن يجهز معه جيشا يقاتل به أهل الردة، فجهز معه جيشا فلما سار جعل لا يمر بمسلم ولا مرتد إلا قتله وأخذ ماله، فلما سمع الصديق بعث وراءه جيشا فردّه، فلما أمكنه بعث به إلى البقيع فجُمعت يداه إلى قفاه، وألقي في النار فحرقه وهو مقموط».

وأما في اليمامة فقد جرت أشد المعارك وأحماها وطيسا مع المرتدين من أتباع مسيلمة الكذاب، وبذل فيها الصحابة -رضوان الله عليهم- أقصى ما يستطيعون حتى مكّنهم الله من رقاب أعدائهم فأبادوا خضراءهم، قال ابن كثير: «فكان جملة من قتلوا في الحديقة وفي المعركة قريبا من عشرة آلاف مقاتل، وقيل واحد وعشرون ألفا، وقتل من المسلمين ستمائة وقيل خمسمائة»، وقال ابن الأثير في «الكامل»: «ووصل كتاب أبي بكر إلى خالد أنْ يقتل كل محتلم، وكان قد صالحهم فوفى لهم ولم يغدر»، ولولا الصلح الذي عقده خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مع مجاعة عن قومه بني حنيفة قبل وصول كتاب الصديق -رضي الله عنه- لاستأصل ما بقي منهم، والله أعلم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 47
الثلاثاء 18 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الغلظة على الكفار والمرتدين في سيرة الخلفاء الراشدين [2/2] وأما في اليمامة فقد جرت أشد المعارك ...

الغلظة على الكفار والمرتدين في سيرة الخلفاء الراشدين

[2/2]
وأما في اليمامة فقد جرت أشد المعارك وأحماها وطيسا مع المرتدين من أتباع مسيلمة الكذاب، وبذل فيها الصحابة -رضوان الله عليهم- أقصى ما يستطيعون حتى مكّنهم الله من رقاب أعدائهم فأبادوا خضراءهم، قال ابن كثير: «فكان جملة من قتلوا في الحديقة وفي المعركة قريبا من عشرة آلاف مقاتل، وقيل واحد وعشرون ألفا، وقتل من المسلمين ستمائة وقيل خمسمائة»، وقال ابن الأثير في «الكامل»: «ووصل كتاب أبي بكر إلى خالد أنْ يقتل كل محتلم، وكان قد صالحهم فوفى لهم ولم يغدر»، ولولا الصلح الذي عقده خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مع مجاعة عن قومه بني حنيفة قبل وصول كتاب الصديق -رضي الله عنه- لاستأصل ما بقي منهم، والله أعلم.

وفي البحرين بعد أن أثخن العلاء بن الحضرمي -رضي الله عنه- بمرتديها ففروا أمامه وتبعهم المسلمون ينكلون بهم، ركب المرتدون السفن وعبروا الخليج، قال ابن كثير: «ثم ركب المسلمون في آثار المنهزمين يقتلونهم بكل مرصد وطريق، وذهب من فر منهم أو أكثرهم في البحر إلى دارين»، وهنا لم يترك لهم المسلمون فرصة التقاط الأنفاس أو الهرب بأنفسهم، فقرروا عبور الخليج بالسفن إليهم، ولما وجدوا أنَّ ذلك سيؤخرهم عن مبتغاهم قرر العلاء الحضرمي -رضي الله عنه- أن يخوض هو وجيشه الخليج متوكلاً على ربه مستعينا به، قال ابن كثير: «فأجاز بهم الخليج -بإذن الله- يمشون على مثل رملة دمثة فوقها ماء، لا يغمر أخفاف الإبل، ولا يصل إلى ركب الخيل ومسيرته للسفن يوم وليلة، فقطعه إلى الساحل الآخر فقاتل عدوه وقهرهم واحتاز غنائمهم ثم رجع فقطعه إلى الجانب الآخر، فعاد إلى موضعه الأول وذلك كله في يوم، ولم يترك من العدو مخبرا واستاق الذراري والأنعام والأموال»، وعلى هذه الوتيرة كانت كل حروب الردة، تنكيل وإثخان بالمرتدين حتى يرجعوا لأمر الله أو يقتلوا على ردتهم.

وبفراغ الصديق -رضي الله عنه- من حروبهم، عمد إلى البدء في فتوح العراق والشام، فالمرتدون عقبة كؤود في طريق الجهاد في سبيل الله ونشر الإسلام في الأرض لا بد من اقتلاعها، حتى يتيسر لأمة الإسلام دعوة من خالفها من الأمم وقتالهم على أمر الله.

وفي إحدى معاركه مع الفرس المجوس أقسم سيف الله المسلول -رضي الله عنه- أن يجري النهر بدمائهم، قال ابن كثير: «وقال خالد اللهم لك علي إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحدا أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم، ثم إن الله -عز وجل- منح المسلمين أكتافهم، فنادى منادي خالد الأسر الأسر لا تقتلوا إلا من امتنع من الأسر، فأقبلت الخيول بهم أفواجا يساقون سوقا وقد وكَّل بهم رجالا يضربون أعناقهم في النهر، ففعل ذلك بهم يوما وليلة، ويطلبهم في الغد ومن بعد الغد، وكلما حضر منهم أحد ضربت عنقه في النهر، وقد صرف ماء النهر إلى موضع آخر، فقال له بعض الأمراء إن النهر لا يجري بدمائهم حتى ترسل الماء على الدم فيجري معه فتبرَّ بيمينك، فأرسله فسال النهر دما عبيطا، فلذلك سمى نهر الدم إلى اليوم... وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا».

وفي إحدى حروب خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مع الروم سأله أحد قادتهم -وهو ماهان- اللقاء والمحاورة ليرده عن قصده فكان الجواب المرعب من خالد مُوقفاً له عند حده. قال ابن كثير: «فقال ماهان: إنا قد علمنا أنّ ما أخرجكم من بلادكم الجهد والجوع، فهلموا إلى أن أعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاما وترجعون إلى بلادكم، فإذا كان من العام المقبل بعثنا لكم بمثلها؛ فقال خالد: إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت، غير أنَّا قوم نشرب الدماء، وأنه بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم، فجئنا لذلك؛ فقال أصحاب ماهان: هذا والله ما كنا نحدَّث به عن العرب».

وفي خلافة علي -رضي الله عنه- ظهر قوم غلوا فيه وادعوا ربوبيته فأمر بإحراقهم جميعا، ذكر الذهبي في «تاريخ الإسلام»: «جاء أُناس إلى علي فقالوا: أنت هو! قال: من أنا؟ قالوا: أنت هو! قال: ويلكم من أنا؟ قالوا: أنت ربنا! قال: ارجعوا! فأبوا، فضرب أعناقهم، ثم خدّ لهم في الأرض، ثم قال: يا قنبر ائتني بحزم الحطب، فحرقهم بالنار، وقال: لما رأيت الأمر أمراً منكراً أوقدت ناري ودعوت قنبرا».


إن ما ذكرناه من قصص هنا لا يعدو كونه نماذج قليلة من نمط تعامل الصحابة مع الكفرة والمرتدين في حروبهم معهم، فمن شاء أن يسير على هداهم فقد اهتدى ونجا، ومن أراد أن يتبع غير سبيلهم، فسيوليه الله ما تولّى من المناهج والملل الضالة المضلة، ومن زعم أنه أهدى منهم فقد كذب على الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- والله يهدي إلى سواء السبيل.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 47
الثلاثاء 18 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الجهادُ بالـدُّعاء (2) [1/2] الدعاء سلاح المؤمن، وهو نوعٌ من أنواع الجهاد في سبيل الله ...

الجهادُ بالـدُّعاء (2)

[1/2]

الدعاء سلاح المؤمن، وهو نوعٌ من أنواع الجهاد في سبيل الله باللسان، ويتأكد بحق المستضعفين من المسلمين ومن لم ييسر الله لهم مباشرة القتال بالنفس والمال، وقد كان الدعاء سبب انتصار طالوت وجنوده الموحدين على جالوت وجنوده الكافرين كما في سورة البقرة، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أول ما يفزع إليه إذا داهم المسلمين عدو أو حاصرهم أو التحمت صفوفهم بالمشركين.

وكذا كان الصحابة -رضي الله عنهم- وتابعوهم، لا يلجؤون في معاركهم إلّا إلى ربِّهم، يتوكلون عليه، وينكسرون بين يديه، ويتضرعون إليه، ويتبرؤون من حولهم وقوتهم إلى حوله وقوته سبحانه، فما يلبثون إلا أن يثبِّتهم جلَّ جلاله، وينزّل عليهم السكينة، ويخذل عدوهم ويقذف في قلوبهم الرعب ويردَّهم مهزومين.

فهذا الصحابي الجليل النعمان بن مقرن، أرسله الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- على رأس جيشٍ لقتال الفرس الذين خرجوا بمائة وخمسين ألف مقاتل لغزو بلاد المسلمين عام 21 هـ، فالتقى الجمعان في منطقة نهاوند في بلاد فارس، وانتظر النعمان ليبدأ القتال في في أحبِّ الساعات التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتحين لقاء العدو فيها، وذلك عند الزوال، فلما كان قريباً من تلك الساعة ركب فرسه وسار في الناس ووقف على كل راية يذكّرهم ويحرّضهم ويعدهم الظفر، وقال لهم: «إني مكبّر ثلاثاً، فإذا كبَّرت الثالثة فإني حامل فاحملوا»، ثم دعا قائلاً: «اللهم أعزز دينك، وانصر عبادك، واجعل النعمان أول شهيدٍ اليوم، اللهم إني أسألك أن تقرَّ عيني بفتح يكون فيه عز الإسلام، واقبضني شهيداً»، فبكى الناس وأمَّنوا على دعائه.

فماذا كانت العاقبة؟! فبعد أن اقتتلوا قتالاً شديداً، انهزم الفرس وقُتل منهم ما بين الزوال والإعتام ما ملأ أرض المعركة دماً يزلق به الناس والدواب، فلما أقرَّ الله عين النعمان بالفتح ورأى هزيمة المشركين؛ اصطفاه شهيداً في آخر المعركة استجابةً لدعوته [الكامل في التاريخ لابن الأثير].
ولو أتينا نتتبع آثار السلف الصالح في استخدامهم لسلاح الدعاء في معاركهم، وكيف أن الدعاء كان له الأثر البالغ في انتصاراتهم؛ لطال بنا المقام، فمن ذلك أن الفاتح الكبير القائد قتيبة بن مسلم الباهلي -رحمه الله- كان يصطحب معه في فتوحاته العلماء والفقهاء والعُبَّاد، يستنصر بدعائهم، ففي أواخر القرن الأول الهجري وفي إحدى غزواته، صافَّ قتيبة الترك، فهاله أمرهم وجموعهم وعدتهم؛ فبعث يسأل عن الإمام التابعي محمد بن واسع -رحمه الله- فقيل له: «هو ذاك في ميمنة الجيش متكئاً على قوسه رافعاً إصبعه يناجي ربه النصر على العدو»، فقال قتيبة قولته المشهورة: «تلك الإصبع أحبُّ إليَّ من مائة ألف سيف شهير وشاب طرير» [سير أعلام النبلاء]، وما قال ذلك واستبشر بالنصر إلا لعلمه بفضل سلاح الدعاء وأهميته، وبالفعل فإنه لما التقى جيش الترك المشركين وقاتلهم؛ فتح الله له وكسرهم، وأخذ البلاد منهم، وقتل منهم خلقا وأسر آخرين، وغنم أموالا كثيرة [البداية والنهاية].

وتعالوا بنا نقف مع فاتحٍ ثانٍ، إنه القائد البطل والي خراسان أسد بن عبد الله القسري -رحمه الله- ففي إحدى معاركه الطاحنة مع الترك عام 119 هـ صلى بعسكر المسلمين الصبح ثم خطب بهم قائلاً: «إنَّ عدو الله الحارث بن سريج -وهو ممن خرج عن طاعة بني أمية في زمن هشام بن عبد الملك- استجلب طاغيته -يقصد خاقان الترك- ليطفئ نور الله ويبدل دينه، والله مذله إن شاء الله، وإنّ عدوكم الكلب أصاب من إخوانكم ما أصاب، وإن يرد الله نصركم لم تضركم قلتكم وكثرتهم، فاستنصروا الله»، ثم قال: «إنه بلغني أن العبد أقرب ما يكون إلى الله إذا وضع جبهته لله، وإني نازلٌ وواضعٌ جبهتي، فادعوا الله واسجدوا لربكم وأخلصوا له الدعاء».

ففعلوا ثم رفعوا رؤوسهم وهم لا يشكّون في الفتح، وساروا لقتال الترك المشركين، فلما وصلوا لبَلْخ -إحدى مدن خراسان- صلى بالناس ركعتين طوَّلهما، ثم نادى في الناس أن ادعوا الله، وأطال في الدعاء ودعا بالنصر وأمَّن الناس على دعائه، فقال: «نُصرتم وربِّ الكعبة إن شاء الله» ثلاث مرات.

فلما وصلوا للمشركين والمرتدين انهزم الحارث وولى خاقان مدبراً وتلاشى الترك في الأرض لا يلوون على أحد، فتبعهم المسلمون يقتلون من يقدرون عليه حتى انتهوا إلى أغنامهم، فاستاقوا أكثر من خمس وخمسين ومائة ألف شاة [تاريخ الطبري].

تلك كانت قبسات من مآثر أسلافنا التي نستلهم منها أن الدعاء أحد أهم أسباب النصر على العدو، متى ما تحققت فيه شروط الاستجابة وانتفت موانعها.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 47
الثلاثاء 18 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الجهادُ بالـدُّعاء (2) [2/2] ومن أهم شروط استجابة الدعاء إخلاص الدعاء لله الواحد الأحد، ...

الجهادُ بالـدُّعاء (2)

[2/2]

ومن أهم شروط استجابة الدعاء إخلاص الدعاء لله الواحد الأحد، ومنها: متابعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في طريقة دعائه وكيفيته وتجنب البدع والمحدثات في الدعاء، ومنها: العزم والجزم، قال، صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء، ولا يقل: اللهم إن شئت فأعطني) [متفق عليه]، ومنها: الثقة بإجابة الله تعالى للدعاء، قال صلى الله عليه وسلم: (فإذا سألتم الله فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنَّ الله لا يستجيبُ لعبدٍ دعاءً من ظهرِ قلبٍ غافل) [رواه أحمد]، ومنها: الرغبة فيما عند الله تعالى من الثواب، والرهبة مما عنده من العقاب، وحضور القلب والخشوع، قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].

كما أنَّ للدعاء آدابا ومستحبات، تجعل الدعاء أقرب للإجابة، منها: أن يكون الداعي طاهراً ويستقبل القبلة ويرفع يديه، ومنها أن يثني الداعي على الله -عز وجل- بما هو أهله ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الدعاء، ومنها: أن يقدِّم بين يدي دعائه عملاً صالحاً، ومنها: الإلحاح على الله في الطلب وتكراره ثلاثاً أو أكثر، والبكاء، ومنها: خفض الصوت بالدعاء إذا كان الداعي منفرداً، أما الإمام فلا بد من رفع صوته حتى يؤمّن الناس على دعائه، ومنها: تحري مواطن إجابة الدعاء، كالثلث الأخير من الليل وأدبار الصلوات المفروضة، وبين الأذان والإقامة، وعند نزول الغيث، وعند زحف الصفوف في سبيل الله، وعند التقائها، والساعة الأخيرة من يوم الجمعة، وفي السجود، وعند سماع صياح الديكة، وعند الفطر من الصوم، وفي السفر...

هذا وليحذر الداعي من موانع استجابة الدعاء، التي منها: دعاء غير الله تعالى والاستشفاع بالأموات والغائبين، فهذا شرك أكبر مخرج من الملّة، ومنها: التوسل إلى الله بأدعية بِدعية، كدعاء الله سبحانه بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلا: «اللهم أسألك بجاه نبيّك»، ومنها: تحجير رحمة الله، كأن يقول الداعي: اللهم ارحم فلانا واغفر لفلان ولا ترحم وتغفر لفلان، ومنها: الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم، ومنها: ارتكاب المعاصي وخاصةً أكل الحرام كالسرقة والربا والخمر والدخان، وقد ذكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!) [رواه مسلم]، ومنها: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم) [رواه الترمذي وحسنه].

كما على الداعي أن يتجنَّب مكروهات الدعاء، كالجهر الشديد بالصوت، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «نزلت هذه الآية {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} في الدعاء» [متفق عليه]، ومنها: التكلُّف والتصنُّع باستخدام ألفاظ مسجوعة أو غير مفهومة للعامة، وإن كانت الفصاحة في الدعاء محمودة لكي لا يتأثر المعنى، لكنّ الخروج عن المألوف في ذلك مذموم، كونه يُذهب الخشوع ويلهي القلوب، ومنها: أن يطلب الداعي مسألة لا يليق طلبها، كأن يسأل الله تعالى أن يخلِّده في الدنيا، أو أن يطلب أن تكون منزلته مثل منزلة الأنبياء...

فيا جنود الدولة الإسلامية ويا أمراءها ويا رعاياها ويا مناصريها، ادعوا الله أن ينصر خلافتكم، وأن يهزم جالوت العصر أمريكا وجنودها، فالله مستجيبٌ دعاءكم ولو بعد حين .


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 47
الثلاثاء 18 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 47 الإفتتاحية: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم إن القتال في سبيل الله وفاء ...

صحيفة النبأ العدد 47
الإفتتاحية:
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم


إن القتال في سبيل الله وفاء بالعهد الذي بين الله تعالى ومن آمن به حقا، والذي وصفه سبحانه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111]، ولا يكمل إيمان مسلم حتى يوفي ما عليه من شروط هذا البيع، وينال لقاء ذلك الجنة التي وعد الله بها عباده المؤمنين حقا، وذلك الفوز العظيم.

ولعظيم درجة الشهداء بين المؤمنين فإن هممهم تتسابق لنيل هذه الدرجة، وبلوغ تلك المرتبة، وإن أنفسهم تتسابق على ورود حياض المنايا، يتنازعون كؤوسها، ويفزعون إلى سوح القتال كلما سمعوا هيعة إليها، يطلبون الموت مظانّه، قربة إلى الله ربّ العالمين، غير متناسين بالطبع الشطر الآخر من مقتضيات الطلب الربّاني منهم، المتمثّل بقتل المشركين، وضرب رقابهم، قربة أخرى إلى الله ربّ العالمين.

وتأكيدا على فضل هذا النوع من القربات، جعل الله تعالى قتل الكافرين وسفك دمائهم كفارة للذنوب والمعاصي، وعهد نجاة من النار لمن فعله من المسلمين، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا) [رواه مسلم]، بل ورتّب في الزيادة فيه والإكثار منه زيادة في الإيمان، كما قال سبحانه: {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120]، وكل ذلك الفضل ينعم به الله تعالى على المسلمين رغم أنه سبحانه يقتلهم بقضائه وقدره، كما قال جلّ جلاله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]، فهو يُنعم على من يجعل فعل القتل للكافرين على أيديهم من أهل الإيمان.

وإن التعبّد بقتل المشركين، والتقرّب بدمائهم إلى الله سبحانه، وطلب التكفير عن الذنوب والخطايا بها، مما أُمر به الموحّدون ممن سبقنا، حيث جعلها الله شرطا لقبول التوبة من بني إسرائيل بعد أن وقعوا في شرك عبادة العجل، فأمر المسلمين منهم بقتل المرتدين، كما في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 54]، رغم أنه جل جلاله قد أخذ على بني إسرائيل الميثاق بأن لا يسفكوا دماءهم، ولكن لعظم جريمة الشرك، جعلها الله أشد عنده من القتل وسفك الدماء اللذين جعلهما الله جزاء للكافرين في الدنيا، قبل أن يلاقوا العذاب الأليم في الآخرة، كما في قوله تبارك وتعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 191].

وإذا علم الموحّد أن الله سبحانه جعل جزاء الكفار في الدنيا أن يُقتلوا على أيدي المؤمنين علم أنه يجب عليه أن يتعبّد الله بقتلهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وبأي وسيلة يمكّنه الله منها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وأنه لا يحقر قتل أي فرد من المشركين الحربيين مهما صغر قدره عندهم، وإن كان يسعى لاستهداف أئمة الكفر منهم، وخاصة الطواغيت وجنودهم وعلماء السوء المجادلين عنهم وأحفاد قارون المرتبطين بهم، لما في ذلك من كسر لشوكتهم، وتنكيس لرايتهم.

فليحرص أتباع ملّة إبراهيم -عليه السلام- على قتل المشركين كحرصهم على الشهادة في سبيل الله، وليسْعَ المنغمس في أعداء الله إلى إيقاع أكبر قدر من القتل في صفوف المشركين، فإن له بكل نفس منهم يزهقها عملا صالحا، وكفارة للذنوب، وتحقيقا للنجاة من النار، وخزيا وعذابا للمشركين، وشفاء لصدور المؤمنين، وإذهابا لغيظ قلوبهم، وتوبة من الله يتوب بها على من يشاء من عباده الموحّدين، والله عليم حكيم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 47
الثلاثاء 18 ذو الحجة 1437 ه‍ـ
...المزيد

اجتماع الطواغيت لقضية فلسطين • ما المنتظر من القمة العربية الطارئة بشأن الحرب على غزة؟ لم يكن ...

اجتماع الطواغيت لقضية فلسطين

• ما المنتظر من القمة العربية الطارئة بشأن الحرب على غزة؟

لم يكن الناس ينتظرون الكثير من اجتماع طواغيت بلدان المسلمين، الذي حصل قبل أيام، فقد تعودوا على أن يروهم يعيدون أهم عناوين الأخبار التي تتناول الأحداث المشابهة التي يجتمعون لأجلها ثم يختمون اجتماعهم ببيان ختامي يحمل نفس العبارات المملّة من الشجب والاستنكار والتنديد، والتي أصبحت محط سخرية الناس لخيبتها من جهة ولاستهلاكها بكثرة من جهة أخرى.

والحقيقة هي أن اجتماع هؤلاء الطواغيت جاء لأسباب داخلية وخارجية إعلامية وسياسية تتعلق بمصلحة كل طاغوت منهم، لا علاقة لأهل فلسطين به إلا من حيث ذكرهم في الكلمات الفارغة، وإلا فإن هؤلاء الطواغيت يعلمون جيدا أنهم أضعف من أن يقدموا شيئا على أرض الواقع يخالف ما يريد اليهود والنصارى.

* افتتاحية النبأ "قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ" 417
...المزيد

أبواق الطواغيت • من الناحية الشرعية، فإن العاملين في وسائل الإعلام النصيرية كفار مرتدون محاربون ...

أبواق الطواغيت

• من الناحية الشرعية، فإن العاملين في وسائل الإعلام النصيرية كفار مرتدون محاربون يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم من المراسلين والمحررين والمصورين و "الممثلين" وكل من له صلة بالمنظومة الإعلامية النصيرية التي عكفت سنوات تناصر الطاغوت وتنافح عنه وتؤيد جرائمه، وإن تبديل هؤلاء جلودهم بين ليلة وضحاها من "التشبيح إلى الثورة" يُعد استخفافا بالدماء وإمعانا في الإجرام، وإن حكم الإسلام فيهم هو القتل ردةً جزاء وفاقا لأنهم أولياء وأعوان الطاغوت حكمهم حكمه لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 472
...المزيد

تعلموا أمر دينكم • صفة الكفر بالطاغوت تكون بـ: ➊ - اعتقاد بطلانها. ➋ - تركها والتبرؤ منها. ➌ ...

تعلموا أمر دينكم

• صفة الكفر بالطاغوت تكون بـ:
➊ - اعتقاد بطلانها.
➋ - تركها والتبرؤ منها.
➌ - بغضها وعداوتها.
➍ - تكفير أهلها.
➎ - معاداتهم في الله.

والدليل قوله تعالى: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۖ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [الممتحنة: ٤]

إذاً فمن لم يحقق هذه الصفة لم يكن مؤمناً بالله كافرا بالطاغوت، بل العكس، لأن الإيمان بالطاغوت والإيمان بالله ضدان لا يجتمعان في قلب إنسان أبدا، إذ لا يمكن أن يوصف الشخص بأنه مشرك وموحد في نفس الوقت، بل لا بد له من أحد الوصفين لا محالة، إذ لا ثالث لهما، لقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ } وقوله: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا }

فهذا الطاغوت الذي أمرنا أن نكفر به ونجتنبه، وهذه عبادته التي نهينا عنها وأمرنا بتركها وتكفير أهلها ومعاداتهم.

- كتاب تعلموا أمر دينكم صادر عن ديوان الدعوة والمساجد / سلسلة (4)
...المزيد

ألا فلتصونوا هذهِ الأمانة الثقيلة، ألا فلتحمِلوا هذهِ الراية بقوة، اسقوها بدمائكم، وارفعوها على ...

ألا فلتصونوا هذهِ الأمانة الثقيلة، ألا فلتحمِلوا هذهِ الراية بقوة، اسقوها بدمائكم، وارفعوها على أشلائِكم، وموتوا تحتها، حتى تُسلِموها إن شاء الله لعيسى ابن مريم عليه السلام

الشيخ أبي محمد العدناني تقبله الله ...المزيد

أليس هذا حال العساكر؟ • قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من ...

أليس هذا حال العساكر؟

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من والاه، ويُعادي من عاداه، كان من جنس التتر المجاهدين في سبيل الشيطان، ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل الله تعالى، ولا من جند المسلمين، بل هؤلاء من عساكر الشيطان" أنتهى.

• أليس هذا هو حالكم؟ حيث توالون وتعادون في أشخاص الطواغيت الحكام، توالون من والوهم وتعادون من عادوهم، بغض النظر عن شرعية تلك الموالاة أو المعاداة، تنتهك حرمات الأمة ويُعتدى على مقدساتها، ويُقتل الأطفال والنساء، ويشتم الله ورسوله، فكل هذا وغيره لا يستدعي موقفاً منكم ولا من حكامكم!

الشيخ فارس آل شويل/نصيحة إلى العساكر

اعرف حقيقة الجيوش
...المزيد

من قصص الثبات في حياة الصحابيات [2/2] وأما أسماء، فبنت الصديق، رضي الله عنها وعن أبيها، تلك ...

من قصص الثبات في حياة الصحابيات
[2/2]

وأما أسماء، فبنت الصديق، رضي الله عنها وعن أبيها، تلك التي ضربت في الثبات والجهاد أروع الأمثلة، أسماء التي يخرج أبوها مهاجرا مع النبي، صلى الله عليه وسلم، فيأخذ كل ماله ولا يترك لهم شيئا، فلا تتذمر ولا تتبرم، بل تحتال على جدها ولا تفضح أباها، فعن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، أن أباه، حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر، قالت: «لما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخرج معه أبو بكر، احتمل أبو بكر ماله كله معه: خمسة آلاف درهم، أو ستة آلاف درهم»، قالت: «وانطلق بها معه»، قالت: «فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه»، قالت: «قلت: كلا يا أبه، إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا»، قالت: «فأخذت أحجارا، فوضعتها في كوة البيت، كان أبي يضع فيها ماله، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده، فقلت: يا أبه، ضع يدك على هذا المال»، قالت: «فوضع يده عليه، فقال: لا بأس، إن كان قد ترك لكم هذا، فقد أحسن، وفي هذا لكم بلاغ»، قالت: «ولا والله ما ترك لنا شيئا، ولكني قد أردت أن أسكّن الشيخ بذلك» [رواه أحمد وغيره].

ولم تسلم ذات النطاقين من بطش الطاغوت أبي جهل إذ تقول: «لما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر، أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل، فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليه»، فقالوا: «أين أبوك يا بنت أبي بكر؟» قالت: «قلت: لا أدري والله أين أبي»، قالت: «فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشا خبيثا، فلطم خدي لطمة خر منها قرطي»، قالت: «ثم انصرفوا» [حلية الأولياء].

هكذا حال المسلمة المؤمنة بربها، الظانة به ظن الخير، المستعذِبة العذابَ في سبيل دينها، وإنه لما خرج قوم على خليفة المسلمين عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- وحاصره الحَجّاج الثقفي في مكة، كانت أسماء تلك الأم التي ثبتت ابنها وحرضته على الموت في سبيل الله تعالى، يقول ابن كثير: «ودخل عبد الله بن الزبير على أمه فشكا إليها خذلان الناس له، وخروجهم إلى الحَجّاج حتى أولاده وأهله، وأنه لم يبق معه إلا اليسير، ولم يبق لهم صبر ساعة، والقوم يعطونني ما شئت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: يا بني، أنت أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى حق فاصبر عليه، فقد قُتل عليه أصحابك، ولا تمكّن من رقبتك، يلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنتَ إنما أردتَ الدنيا فلبئس العبد أنت؛ أهلكتَ نفسك وأهلكتَ من قُتل معك، وإن كنتَ على حق فما وهن الدين، وإلى كم خلودكم في الدنيا؟ القتل أحسن [...] ثم جعلت تذكّره بأبيه الزبير، وجدّه أبي بكر الصديق، وجدّته صفية بنت عبد المطلب، وخالته عائشة زوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وترجيه القدوم عليهم إذا هو قتل شهيدا، ثم خرج من عندها، فكان ذلك آخر عهده بها، رضي الله عنهما وعن أبيه وأبيها» [البداية والنهاية].

وأما الخنساء بنت عمرو، فحالها ليس ببعيد عن حال أسماء، فعن أبي وجزة، عن أبيه، قال: «حضرت الخنساء بنت عمرو بن الشريد السلمية حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال، فقالت لهم من أول الليل: يا بني، إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غبرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها، عند احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة، في دار الخلد والمقامة» [الاستيعاب].

فكان للخنساء ما أرادت، وخرج أبناؤها الأربعة يبتغون الموت مظانه فقتلوا جميعهم في يوم واحد، ولما بلغها خبرهم ما زادت على أن قالت: «الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته».

فلله در نساء كهؤلاء، ما قعدن يبكين وينتحبن في ساعات الشدة والبلاء، بل حملن على أعتاقهن هم الدين والأمة، فهذه تثبت زوجا، وتلك تحرض ابنا...
وبمثل هؤلاء تقتدي المسلمة، وإذا اشتدت الأزمات وضاقت الحلقات، تسلت بذكر ثباتهن، واستعطرت بطيب سيرهن.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


• المصدر: صحيفة النبأ - العدد 46
الثلاثاء 4 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً