من صفات علماء السوء [2/3] ثالثاً: الصّدّ عن سبيل الله إن عالم السوء بسلوكه طريق الضلال ...

من صفات علماء السوء

[2/3]
ثالثاً: الصّدّ عن سبيل الله

إن عالم السوء بسلوكه طريق الضلال والفساد يحرص أشد الحرص على أطر الناس على طريقه وصدهم عن طريق الحق، إذ يخشى أن يُكذِّب فعلُه قولَه إن أظهر للناس الآيات الشرعية دون تلبيس وتدليس، فيعمد إلى التحريف وليّ النصوص ليكون الأمر موافقاً لحاله وهواه، فلذلك تجده يصدّ الشباب عن الجهاد لأنه راكنٌ إلى الدنيا مفتونٌ بالقعود، ولأنه يخشى من الصدع بالحق تراه يلبّس الحق بالباطل ويجعل ذلك أصل دعوته؛ ويظهره على أنه عين الحكمة والكياسة، فلا هو أظهر الحق، ولا هو كتمه واكتفى، بل لبّس وألْبَس، وراغ ودلّس، فقال على الله بغير علم ليصد عن سبيل الله كما فعلت من قبل الأحبار والرهبان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤].

رابعاً: الحِرْصُ الشديد على الدنيا

ما ألجأ علماء السوء إلى إخفائهم الحق وتلبيسهم إلا حب الدنيا والحرص عليها، ولم يُلزمهم أحد أو يكرههم على النفاق والكذب على الله والكفر، بل حرصهم على وظائف الطواغيت ورواتبها أكثر ما تسبب لهم بذلك، فدافِعُ بعضهم هو الحرص على الجاه والقرب من السلاطين، وبعضهم غرّهم خروجهم في الشاشات وما يُعْطَونه مِن أعطيات! فثقُل عليهم الاحتجاب القسري عن الشهرة والأضواء بسبب كلمة حق! فآثَرَ أن يكتم مَا أَنزَلَ اللّهُ -مما لا يريد الطواغيت إظهاره للناس- واشترى به ثمناً قليلاً، وقد قال الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: ١٧٤]، وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: ١٨٧]، وقال ابن القيم: «كل من آثر الدُّنْيَا من أهل الْعلم واستحبها فَلَا بُد أَن يَقُول على الله غير الحق» [الفوائد].

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

من صفات علماء السوء [1/3] كنا قد بيّنّا في مقالة سابقة المفهوم الصحيح لمسمى أولي العلم وذكرنا ...

من صفات علماء السوء

[1/3]
كنا قد بيّنّا في مقالة سابقة المفهوم الصحيح لمسمى أولي العلم وذكرنا أهم الخصائص التي صاروا بها أئمة في الدين، وبان من خلال الشرع أن علماء السوء والضلالة لا يدخلون أبداً في زمرة العلماء مهما حفظوا وصنّفوا، ومهما ذاع صيتهم، بل هم أشبه باليهود الذين علموا ثم كتموا وما عملوا بل ودعوا إلى الضلال، ولكثرة علماء السوء في زماننا الذين دأبوا على تضليل عباد الله فلا بد من ذكر صفاتهم ليكون الناس على بينة من الأمر.

• أولاً: كتمان الحق

إنّ منْ غايات العلم بثّه وبيانه للناس لتعلّق هدايتهم ومصالحهم به، فكان كتمانه وعدم إظهاره من أعظم المحرمات، وأشد الموبقات، ولذلك أخذ الله الميثاق على كل من أعطاه الكتب وعلمه العلم، أن يبين للناس ولا يكتم ما يحتاجون إليه، قال الله تعالى: {وإذْ أخذ اللّه ميثاق الّذين أوتوا الْكتاب لتبيّننّه للنّاس ولا تكْتمونه فنبذوه وراء ظهورهمْ واشْتروْا به ثمنًا قليلًا فبئْس ما يشْترون} [آل عمران: ١٨٧].

فكان عالم السوء خائناً لدين الله كافراً بنعمة العلم متسببّاً في ضلال الناس، ولذلك قضى الله بلعنه، وجعل لعنة الناس عليه؛ لسعيه في غشّ الخلْق بكتْمان الحق عنهم، قال الله تعالى: {إنّ الّذين يكْتمون ما أنزلْنا من الْبيّنات والْهدىٰ من بعْد ما بيّنّاه للنّاس في الْكتاب أولٰئك يلْعنهم اللّه ويلْعنهم اللّاعنون} [آل عمران: 159].

وإنّ أعظم ما كتمه علماء السوء عن الناس، بيان حال الطواغيت وحكم الله فيهم، إذ قد أمرنا الله باجتناب الطواغيت والكفر بهم، وجعل هذا من أصل التوحيد والإيمان، فلما رأى الناس علماءهم المبرّزين يداهنون الحكام الطواغيت ويصمتون عن شركهم وفسادهم، بل يفتون بجواز الشرك للمصلحة، صار كثير منهم يؤمنون بالطواغيت، ويوالونهم، ويدخلون في دينهم، بل صاروا جنداً لهم، وسبب هذه الردّة كلها كتمان علماء السوء الحقّ ولبْسهم إياه بالباطل.

فالناظر إلى جزيرة العرب مثلاً يجد أن آل سلول ما تجرّؤوا على إظهار كثيرٍ من الكفر والفساد، وما اتّبعهم فئام من الناس على الردة إلا بسبب هيئة كبار العملاء وابن باز وابن عثيمين والفوزان وآل الشيخ المعاصرين وأمثالهم... وذلك بسبب كتْم هؤلاء الحق وعدم تبيينهم حال آل سلول للناس، بل زيادةً في التلبيس: وصفوهم بـ «ولاة الأمر»، وزعموا أنّهم أئمة شرعيّون!

وكتموا عن الخلق حكم المراسيم التشريعية الطاغوتية وحكم إقامة القواعد الصليبية في البلاد وحكم استحلال الربا... فانخدع كثير من الناس بهم، وضلّوا، وارتدوا، فكان لهم نصيب من وزر من تبعهم من الناس، دون أن ينقص من أوزار الأتباع شيئا.

وعين الحال في مصر فسبب ضلال الناس واتباعهم لحسني مبارك ثم السيسي هو شيوخ الأزهر ومدّعو «السلفية»، وكذا سبب ولوج الناس في شرك البرلمانات والانتخابات هم طواغيت الإخوان المرتدين وحزب الظلام، وهذه الصورة نجدها في سائر البلاد.

• ثانياً: التبديل والتحريف في الشرع

ومن سمات علماء السوء أنهم يبدّلون الشرع ويحرّفونه -إن لم يستطيعوا كتمانه- بتأويلات فاسدة للنصوص الشرعية، وصرْفها عن معناها الحق إلى معنى باطل، كما قال تعالى عن اليهود: {يحرّفون الْكلم عنْ مواضعه} [النساء: ٤٦].
ثم ينسبون هذا التحريف والتأويل الباطل إلى الله سبحانه، فهم يحرّفون المعاني المرادة من النصوص إلى معانٍ باطلة ويوهمون الناس أن هذا هو المراد من كتاب الله، فيكون لهم بذلك نفي المعنى الحق، وإثبات المعنى الباطل، وسلفهم في ذلك اليهود الذين دأبوا على نسبة تحريفهم النصوص لله تعالى، كما قال سبحانه: {وإنّ منْهمْ لفريقًا يلْوون ألْسنتهمْ بالْكتاب لتحْسبوه من الْكتاب وما هو من الْكتاب ويقولون هو منْ عنْد اللّه وما هو منْ عنْد اللّه ويقولون على اللّه الْكذب وهمْ يعْلمون} [آل عمران: 78].

فالنصوص الشرعية الآمرة بالجهاد دأب علماء السوء إلى تحريف معناها القتالي إلى معان أخرى، ليصرفوا الناس عن قتال الكفرة والمرتدين، وفوق ذلك ابتدعوا للجهاد معاني ما أنزل الله بها من سلطان، بل هي تناقض حقيقة الجهاد، كزعمهم أن الجهاد هو الانتساب إلى جيوش الطواغيت، أو الدخول في العملية الديموقراطية الشركية لمنافسة العلمانيين على منازعة الله في حكمه وتشريعه للأحكام، وغير ذلك من الأفعال المخرجة من الملة التي يحاول أولئك الملاعين إلصاقها بذروة سنام الإسلام.

وكذا النصوص الشرعية الآمرة بالصدع بالحق عمد علماء السوء إلى تعطيلها وعدم العمل بها زاعمين أن الله أمر بذلك! مستدلين بقوله سبحانه: {ولا تلْقوا بأيْديكمْ إلى التّهْلكة} [البقرة: 195].
مع أن المقصود بالتهلكة ترك الجهاد، كما بيّن ذلك الصحابي أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- إذ قال: «فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة: أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد» [رواه أبو داود]، فما أقْبح علماء السوء وما أقبح تلبيسهم!


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين [2/2] وأما في العصر العباسي وفي ظل سعي عماد الدين زنكي ...

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين

[2/2]
وأما في العصر العباسي وفي ظل سعي عماد الدين زنكي لتوحيد بلاد المسلمين لمجابهة الصليبيين وطردهم من بيت المقدس، وبينما كان يحاصر دمشق ليتم بها ما عزم عليه، عمد أميرها «معين الدين» أنر لمراسلة الصليبيين مخوفاً إياهم من دخول زنكي دمشق، قال ابن الأثير: «فلما رأى أنر أن زنكي لا يفارقهم، ولا يزول عن حصرهم، راسل الفرنج، واستدعاهم إلى نصرته، وأن يتفقوا على منع زنكي عن دمشق، وبذل لهم بذولاً من جملتها أن يحصر بانياس ويأخذها ويسلمها إليهم، وخوفهم من زنكي إن ملك دمشق»، وقد فزع الفرنجة من ذلك لأن معناه إخراجهم من الشام بالكلية إن اجتمعت ممالك الإسلام تحت ظل الزنكيين، وهو ما حذرهم منه «معين الدين» أنر، ولذا سارعوا إلى نجدته، ففك زنكي الحصار عن دمشق، وبعد أن قدم الفرنجة وفّى لهم «معين الدين» أنر، وسار إلى بانياس مع النصارى ليحاصر قلعتها ومن بها من المسلمين، قال ابن الأثير: «فنازلها معين الدين، فقاتلهم، وضيق عليهم، ومعه طائفة من الفرنج، فأخذها وسلَّمها إلى الفرنج».
وهكذا تحققت مصلحتان للفرنج، أولاهما إبعاد خطر زنكي عن الصليبيين، والثانية أخذهم بلدا من بلاد المسلمين، ومع ذلك وبالرغم من قرب «معين الدين» أنر من الفرنج وما صنعه لأجلهم، إلا أنهم جمعوا حشودهم مع ملك الألمان وحاصروا دمشق سنة ثلاث وأربعين وخمسمئة، مما اضطر «معين الدين» أنر إلى الاستنجاد والاستغاثة بسيف الدين غازي بن زنكي، وهو ابن من استعان أنر بالنصارى عليه قبل سنين، ولكن هذا الأمير لبّى نداءه (رغم خيانة أنر السابقة)، وقدم لنجدة المستضعفين من عوام المسلمين، في دمشق مما دعا الفرنجة للانسحاب وعودة ملك الألمان إلى بلاده.

واستطاع نور الدين زنكي أن يأخذ دمشق بعد ذلك سنة تسع وأربعين وخمسمئة وأن يقضي على حكامها رغم محاولتهم من جديد الاستعانة بالصليبيين [انظر: الكامل في التاريخ].
وأما في عصر المماليك، فقد عمد ملك الكرك الملقب بـ «المغيث» عمر لمراسلة التتار ليعينهم على بلاد المسلمين، فيضمنوا له البقاء في كرسيه، إلا أنه فُضح وكُشفت مساعيه، قال ابن كثير: «ركب الظاهر [يقصد: بيبرس] من مصر في العساكر المنصورة قاصداً ناحية بلاد الكرك، واستدعى صاحبها الملك المغيث عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل، فلما قدم عليه بعد جهد أرسله إلى مصر معتقلا فكان آخر العهد به، وذلك أنه كاتب هولاكو وحثه على القدوم إلى الشام مرة أخرى، وجاءته كتب التتار بالثبات ونيابة البلاد، وأنهم قادمون عليه عشرون ألفا لفتح الديار المصرية، وأخرج السلطان فتاوى الفقهاء بقتله»، فكانت عاقبته العزل ثم القتل.

ولو نظرنا إلى زماننا هذا لوجدنا من أمثال هذه القصص الكثير الكثير، من أناس باعوا أنفسهم للصليبيين علانية، وآخرين ظنوا أن بإمكانهم الاستفادة منهم دون أن يخسروا دينهم فكان عاقبتهم أن مضوا في دركات التنازلات عن دينهم فلحقوا بالصنف الأول، وآخرين وقعوا فيما دون ذلك من الإقامة في ديارهم مذلّين مهانين.
وعلى المرء أن يجتهد في عداوة المشركين حتى يعصمه الله من هذه الفتن ويثبّته على الحق.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين [1/2] فرض الله على عباده موالاة المسلمين ومناصرتهم ...

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين

[1/2]
فرض الله على عباده موالاة المسلمين ومناصرتهم وأمرهم بمعاداة المشركين وقتالهم ولكن نجد في كثير من الأحيان من تختلط عندهم الموازين فيصبح الكافر قريبا محبّبا إليهم إذا حقق لهم المصالح بل يصبح أقرب إليهم من المسلمين فيستعينون بأهل الشرك على أهل التوحيد ويوالونهم عليهم في سبيل أن ينالوا لديهم الحظوة والمكانة، وفي التاريخ كثير من القصص التي فيها العبر لأناس وقعوا في مثل هذه الأمور وما دونها.

ففي عصر دولة بني أمية وبعد أن فشل عبد الرحمن بن الأشعث في خروجه على الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مستخدما جيشه الذي كان قد رجع عن غزو بلاد الترك بعد صلح عَقَده مع ملكها وكان من قبل منّاه بأنه سيوقف قتاله ويرفع عنه الخراج أبدا قرر ابن الأشعث اللجوء لملك الترك نفسه خوفا من القتل على يد الحجاج قال ابن كثير: «ثم إن ابن الأشعث دخل هو ومن معه إلى بلاد رتبيل ملك الترك، فأكرمه رتبيل وأنزله عنده وأمّنه وعظّمه».

وإنك لتعجب من إكرام رتبيل لرجل كان بالأمس يحاربه وكاد أن يأخذ دياره ولكنه الكيد للإسلام والمسلمين، وهكذا استفاد رتبيل من لجوء ابن الأشعث إليه عبر اشتراطه شروطا تحفظ مصالح دولته مقابل تسليم ابن الأشعث للحجاج قال ابن كثير: «فأرسل إلى الحجاج يشترط عليه أن لا يقاتل عشر سنين، وأن لا يؤدِّي في كل سنة منها إلا مائة ألف من الخراج فأجابه الحجاج إلى ذلك»، وبعد تحقق هذه المصالح ما كان من ملك الترك إلا الغدر بمن لجأ إليه وأحسن فيه الظن، قال ابن كثير: «فعند ذلك غدر رتبيل بابن الأشعث فقيل إنه أمر بضرب عنقه صبرا بين يديه وبعث برأسه إلى الحجاج.. والمشهور أنه قبض عليه وعلى ثلاثين من أقربائه فقيّدهم في الأصفاد وبعث بهم فلما كانوا ببعض الطريق بمكان يقال له الرجح صعد ابن الأشعث وهو مقيد بالحديد إلى سطح قصر ومعه رجل موكل به لئلا يفر، وألقى نفسه من ذلك القصر وسقط معه الموكل به فماتا جميعا فعمد الرسول إلى رأس ابن الأشعث فاحتزه» وهذه نهاية من أحسن الظن بأهل الكفر وهرب ملتجئا إليهم، بعد أن كان وعدهم ومنّاهم ليسهل عليه خروجه على الخليفة، فكيف بمن تولى المشركين من الصليبيين وظاهرهم على المسلمين؟!

ومن أولئك الذين استعانوا بكفار الترك الحارث بن سريج الذي كان من أمره أنه زعم الدعوة إلى الكتاب والسنة بعد خروجه على الأمويين سنة ستة عشر ومائة، قال الطبري: «لما أقبل الحارث إلى بلخ وكان عليها التجيبي بن ضبيعة المري ونصر بن سيار... فدعاهم الحارث إلى الكتاب والسنة والبيعة للرضا»، ويقصد بذلك البيعة لرجل من آل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم.
واستمر الحارث في ثورته حتى احتاز بلاداً كثيرة رافعاً شعاره ودعوته، قال الطبري: «فأقبل الحارث إلى مرو، وقد غلب على بلخ، والجوزجان، والفارياب، والطالقان، ومرو الروذ»، ولكنه هزم بعد ذلك عدة هزائم منكرة، فلجأ إلى بلاد الترك مستعينا بملكهم على المسلمين، قال الطبري: «وكان الحارث بن سريج بناحية طخارستان فانضم إلى خاقان... فأصبح أسد [قائد جيش المسلمين] فصلى وخطب الناس وقال: إن عدو الله الحارث بن سريج استجلب طاغيته ليطفئ نور الله ويبدل دينه والله مذله إن شاء الله»، وجرت معركة حامية الوطيس كان الظفر فيها لأهل الإسلام وأذل الله فيها أهل الكفر ومن تولاهم من المرتدين، قال الطبري: «وعبى خاقان الحارث بن سريج وأصحابه وملك السغد وصاحب الشاش وخرابغره أبا خاناخره جد كاوس وصاحب الختل جبغويه والترك كلهم ميمنة... حتى انهزم الحارث والأتراك وحمل الناس جميعا، فقال أسد اللهم إنهم عصوني فانصرهم وذهب الترك في الأرض عباديد لا يلوون على أحد فتبعهم الناس مقدار ثلاثة فراسخ يقتلون من يقدرون عليه».
وبعد الهزيمة استقر المقام بالحارث بن سريج بدار الكفر مدة إحدى عشرة سنة تقريبا، إلى أن جاءه كتاب أمان من الخليفة يحثه على الرجوع إلى الإسلام وأهله، قال ابن كثير في البداية والنهاية: «وفي هذه السنة [127 هـ] خرج الحارث بن سريج الذي كان لحق ببلاد الترك ومالأهم على المسلمين فمنّ الله عليه بالهداية ووفقه حتى خرج إلى بلاد الشام، وكان ذلك عن دعاء يزيد بن الوليد إلى الرجوع إلى الإسلام وأهله فأجابه إلى ذلك».

ولكن كان القتل نهاية ابن سريج بعدما خرج مرة أخرى ثائرا، ومفرّقا جماعة المسلمين، ليزعم من جديد الدعوة إلى الكتاب والسنة، وهو الذي كان مناصراً للكفار على المسلمين قبل ذلك، قال ابن كثير: «وجاءه مسلمة بن أحوز أمير الشرطة وجماعة من رؤوس الأجناد والأمراء، وطلبوا منه أن يكف لسانه ويده، وأن لا يفرّق جماعة المسلمين، فأبى، وبرز ناحية عن الناس، ودعا نصر بن سيار إلى ما هو عليه من الدعوة إلى الكتاب والسنة فامتنع نصر من موافقته»، وبعد عدة مؤامرات من الغدر والبغي والخروج، قُتل الحارث بن سريج سنة ثمان وعشرين ومائة على أيدي أصحابه من البغاة [انظر: البداية والنهاية].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

وللصراع بين الحق والباطل ثمن يدفعه المؤمنون، فقد قال الله تعالى: {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} ...

وللصراع بين الحق والباطل ثمن يدفعه المؤمنون، فقد قال الله تعالى: {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111]، وما أعظم تلك الدروس المنتقاة، والعبر المستقاة من غزوة أُحُد، تلك الغزوة التي لم يُقتل فيها وزير، أو أمير، أو قائد، واحد أو اثنان أو ثلاثة أو عشرة، بل قُتل فيها سيد الشهداء حمزة عم النبي -صلى الله عليه وسلم- في سبعين من خيرة الصحابة، رضي الله عنهم جميعا، يوم واحد يُقتل فيه هذا العدد من الرجال ويُمثّل بهم، وأي رجال؟ إنهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويوم أُحُد علا صوت الكفر، وانتفش ريش الكفرة وظنوا أن صولتهم تلك دائمة؛ «وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟ فقال: (لا تجيبوه)، فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: (لا تجيبوه)، فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال: إن هؤلاء قُتلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا؛ فلم يملك عمر نفسه، فقال: كذبت يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يخزيك؛ قال أبو سفيان: اعلُ هبل، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (أجيبوه)، قالوا: ما نقول؟ قال: (قولوا: الله أعلى وأجل)؛ قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (أجيبوه)، قالوا: ما نقول؟ قال: (قولوا الله مولانا، ولا مولى لكم)» [رواه البخاري].

إذا سيد منّا خلا قام سيد
قؤول لما قال الكرام فعولُ
وأيامنا مشهورة في عدوّنا
لها غُرر معلومة وحُجولُ

وهل المؤمنون اليوم أكرم على الله من ذاك الرعيل الأول الذين ابتلوا وزلزلوا زلزالا شديدا حتى بلغت القلوب الحناجر؟! ومن يظن أن فتح رومية والقسطنطينية يُدرَك بالكلام لا الكلوم، فهو مختلط موهوم!

ومن هنا يتبين أنه وأمام الابتلاء والتمحيص يصمد المؤمن الموحد، بإذن ربه، وينهار المنافق ومن في إيمانه وهن، فلا تبقى بعدها إلا الصفوة، أولئك الذين صُهر معدنهم ونُقّي من شوائب الدنيا وأدرانها، وحينها... حينها فقط يعلو في نفوسهم صوت الحق، وتأتيهم الإجابة فتنزل بردا وسلاما على قلوبهم: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، فواهاً ثم واهاً لذاك النصر وتلك الفتوح، وإنا لنجد ريح خلافتنا المباركة، وهي تعصف من مشارق الأرض إلى مغاربها، لولا أن يفندونا، فصبر جميل، والله المستعان.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

بشّر الصابرين بأن نصر الله قريب لقد خلق الله تعالى العباد، وجعل سنة الابتلاء ماضية فيهم، حتى ...

بشّر الصابرين بأن نصر الله قريب

لقد خلق الله تعالى العباد، وجعل سنة الابتلاء ماضية فيهم، حتى يميز الخبيث من الطيّب، وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة، فلا تمكين إلا بعد تمحيص، ولا نصر إلا بعد شدة، ولا سرّاء إلا بعد ضرّاء.

والطريق إلى الله -عز وجل- وما أعد للمؤمنين فيه من جزيل عطاء، طريق باهض التكاليف، وهذه التكاليف لا يستطيع دفعها إلا المؤمنون حقا، المعلقة قلوبهم بالله وحده، الثابتون على نهج النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام، وهم الذين لم يفتنهم الرجال ولا الأسماء، طلبوا الحق فعرفوا أهله، وأهل الحق ليسوا من الذين ذاع صيتهم في الجهاد لعقود، ثم بعدت عليهم الشقة فانتكسوا وارتكسوا وباتوا اليوم من أهل الخذلان والجحود، وليسوا من الذين أفنوا أعمارهم بين المحابر والطروس، ولما صاح البشير أن دولة الإسلام قد قامت فهلّموا أتبعوا العلم بالعمل، ولوا مستكبرين، كأن في آذانهم وقرا.

يقول ابن قيم الجوزية -رحمه الله- واصفا الطريق إلى جنات الخلد: «أين أنت والطريق طريقٌ تَعِب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشر بالمنشار زكريا، وذُبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد» [الفوائد].

فإن كان هذا حال الأنبياء ومنهم أولو العزم -على نبينا وعليهم خير الصلاة وأزكى التسليم- لاقوا ما لاقوا في ذات الله -عز وجل- فصبروا وثبتوا، وأوذوا بسبب دعوتهم إلى التوحيد الخالص أيما أذية، فما وهنوا وما ضعفوا، فكيف بمن هم دونهم؟ ألا يُبتلون فيطهرون، ويُمحَّصون فيُخلِصون؟ وقد سئل الشافعي، رحمه الله: «أيّهما أفضل للرجل أن يمكّن أو يبتلى؟» فقال: «لا يمكّن حتى يبتلى» [الفوائد لابن القيم].

نعم؛ من لم تكن له بداية محرقة، لم تكن له نهاية مشرقة، ولا تمكين حتى تعظم الابتلاءات، وتضيق الحلقات، وتشتد الأزمات، لأن الموعود للصادقين والصادقات الجنة، الجنة التي يُرى فيها وجه الله، جل في علاه، أعلى النعم وأغلى الأمنيات، وهل يُدرك ذلك برغد الدنيا، ولذيذ العيش؟ بل قعصا بالرماح تحت ظلال السيوف؛ {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: 214]؛ يقول الطبري، رحمه الله: «فمعنى الكلام: أم حسبتم أنكم أيها المؤمنون بالله ورسله تدخلون الجنة، ولم يصبكم مثل ما أصاب من قبلكم من أتباع الأنبياء والرسل من الشدائد والمحن والاختبار، فتبتَلَوا بما ابتُلُوا واختُبِروا به من البأساء وهو شدة الحاجة، والفاقة، والضراء، وهي العلل، والأوصاب؛ ولم تزلزلوا زلزالهم، يعني: ولم يصبهم من أعدائهم من الخوف، والرعب شدة وجهد حتى يستبطئ القوم نصر الله إياهم، فيقولون: متى الله ناصرنا».

ولم يَخفَ ذلك عن هرقل ملك الروم إذ قال لأبي سفيان: «سألتك كيف كان قتالكم إياه فزعمت أن الحرب سجال ودول، فكذلك الرسل تُبتلى ثم تكون لهم العاقبة... الحديث» [متفق عليه]، فكيف يخفى عن الموحدين الظانين بالله ظن الخير؟!

وإن هذا الدين غال، والدعوة إلى التوحيد الخالص وإعلاء كلمة الله في الأرض تحتاج إلى تضحيات جسام، كتلك التي قدمها أصحاب الأخدود، الذين استأصل الطاغوت حينها شأفتهم، وأبادهم عن بكرة أبيهم، ولم يبق منهم أحد، وكانوا -من بَعد إيمانهم برب الغلام- يرون الكفار وهم يخدون الأخاديد ويضرمون فيها النيران ليقحموا فيها من يثبت ولا يرتد، غير أن ذلك لم يخدش إيمانهم، ولم يزحزحهم عن دينهم، حتى جاءت امرأة كانت تحمل صبيا وتتقاعس عن إلقاء نفسها في النار، فيقول لها صبيها مثبتا: «يا أمه اصبري فإنك على الحق» [متفق عليه].

وروى ابن أبي شيبة في مصنّفه: عن الحسن قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر أصحاب الأخدود تعوذ بالله من جهد البلاء».

وقد بوّب البخاري في صحيحه: «باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر»، وأخرج فيه عن خباب بن الأرت -رضي الله عنه- قال: «شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض، فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار فيُوضع على رأسه فيُشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)».
...المزيد

قصة انغماسي قتل وأصاب 20 مرتداً في ريف حلب الشمالي • النبأ - ولاية حلب - خاص تجهز الأبطال ...

قصة انغماسي قتل وأصاب 20 مرتداً في ريف حلب الشمالي

• النبأ - ولاية حلب - خاص

تجهز الأبطال وارتفعت هممهم، ولسان حالهم: «والله لنرين الله منا ما يحب، بإذن الله، فهو يرانا في هذه الساعة وينظر إلى أعمالنا، وما هي إلا إحدى الحسنيين إما نصر وإثخان بأذناب الصليب وعبيده وإما شهادة نُعذر بها أمام الله».

فانطلقت المجموعة نحو قرية قنطرة غرب بلدة الراعي في ريف حلب الشمالي بعد أن تمكنت فصائل صحوات الردة وبدعم بري ومدفعي تركي وإسناد جوي من طائرات التحالف الصليبي من السيطرة عليها في وقت سابق، وبعد اشتباكات مع الصحوات منّ الله على المجاهدين باستعادة السيطرة على القرية بعد فرار المرتدين منها. لتبدأ الطائرات والمدفعية بقصف مكثف على القرية بعد دخول المجاهدين إليها.

وهنا بدأت قصة الأخ الانغماسي الذي بقي في القرية وحيدا وأثخن في أعداء الله موقعا 20 مرتدا منهم بين قتيل وجريح.

(النبأ) التقت الأخ الانغماسي فحدّثها عن تفاصيل عمليته المباركة قائلا: «بعد أن انحازت المجموعة التي كانت معي قررت البقاء وحدي في القرية، ومضت عدة ساعات قبل أن يقترب المرتدون منها، فاخترت أحد المنازل وفخخت أبوابه الثلاثة واختبأت في حفرة فردية بجانب المنزل أرصد تحركات أعداء الله مستعدا ومنتظرا وصولهم».

دخلت فصائل صحوات الردة إلى القرية بأعداد كبيرة من العناصر والآليات والأسلحة الثقيلة، وبدؤوا تمشيط القرية منزلا منزلا، وبقي الأخ الانغماسي في حفرته الفردية من الساعة 11 ظهراً إلى الساعة 6 مساءً، دون أن يعلم المرتدون به، بفضل الله.

فظن عناصر الصحوات أن القرية خالية تماما من المجاهدين فباتوا يتحركون بأمان بعد أن كانت تحركاتهم بحيطة وحذر، يصيبهم الرعب والهلع بمجرد سماع صوت أي تحرك.

يضيف الأخ الانغماسي أنه وبعد أن حل الظلام سمع صوت إحدى آلياتهم تتحرك في مكان قريب منه، فخرج من مكانه لكنه تركها تمر دون أن يعترضها، لتعود بعد قليل إلى المكان نفسه محملة بالعديد من العناصر وتقف خلف مسجد القرية، فتسلل الانغماسي إلى داخل المسجد وراقب المرتدين ورصد تحركاتهم وهم يتلقون أوامر من شخص يبدو أنه المسؤول عنهم، إذ أرسل الآلية المزودة بالمدفع الرشاش إلى مكان آخر وبدأ يوزع مهام الرباط على العناصر الموجودين.

ويتابع الانغماسي: «وقبل أن يتفرقوا اقتربت منهم شيئا فشيئا حتى أصبحت على بعد 10 أمتار، وكان عددهم قرابة 15 مرتدا فنزعت -مستعينا بالله- صاعق القنبلة اليدوية التي كانت معي ورميتها عليهم فقُتل وأُصيب عدد منهم، فألحقتها بالقنبلة الثانية وسط حالة من الفوضى والصراخ في صفوفهم، ثم خرجت وأجهزت بسلاحي الرشاش على من بقي منهم».

وبعد أن أجهز الأخ الانغماسي على تلك المجموعة استقدم المرتدون مدفع 23 ملم وعددا من العناصر إلى الموقع، فاختار الأخ لحظة معينة وباغتهم بالهجوم بالقنابل اليدوية والسلاح الرشاش، فيسر الله له إعطاب المدفع وإصابة عدد من المرتدين.

استغل الانغماسي حالة الفوضى والارتباك التي عصفت بالمرتدين وقرر الانحياز من القرية بعد أن قتل وأصاب قرابة 20 مرتدا، فتسلل من منزل إلى آخر من بين نقاط العدو، حتى وصل إلى مناطق سيطرة جنود الدولة الإسلامية، ولله الحمد.

لتنتهي بذلك قصة من مئات القصص لعمليات انغماسية نفذها رجال صادقون، نحسبهم والله حسيبهم، مخلفين العشرات من القتلى والجرحى في صفوف العدو، تاركين وراءهم فرحة في قلوب الموحدين، وغصة ولوعة في قلوب المشركين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

ولتستبين سبيل المجرمين • مع اشتداد الابتلاء يزداد التمحيص، ويزداد فسطاطا الإيمان والنفاق ...

ولتستبين سبيل المجرمين


• مع اشتداد الابتلاء يزداد التمحيص، ويزداد فسطاطا الإيمان والنفاق تمايزا، حتى يصبح افتراقهما واضحا لكل ذي عينين، وما ذلك إلا لأن أهل الإيمان والتوحيد يزدادون إيمانا وإظهارا لإيمانهم، وأهل النفاق والشرك يزدادون كفرا وإظهارا لكفرهم.

فبعد سنوات من تلبيسهم على الناس في قضية علاقتهم بالصليبيين والطواغيت، فضح الله مرتدي الصحوات بقتالهم إلى جانب الجيش التركي المرتد، وتحت غطاء من طائرات التحالف الصليبي وبتنسيق معهما، بل واتضح الأمر أكثر بدخول القوات الصليبية الأمريكية إلى المناطق التي يسيطرون عليها، وإقامتهم قواعدهم العسكرية داخلها، الأمر الذي لم يعد ممكنا تمويهه، ولا إخفاؤه عن أعين الناس، ولا تفيد لتبريره فتاوى علماء السوء، بمجالسهم وتجمعات الضرار التي أنشؤوها.

وقد أنعم الله على الدولة الإسلامية بمنهج قويم مبني على الصدق والعمل به، فعندما حكمت على بعض الفصائل في الشام بأنها من جنس صحوات العراق بناء على أفعال قادتها وتصريحاتهم ومناداتهم بالديموقراطية وعلاقاتهم مع الصليبيين والطواغيت في المنطقة، كانت صادقة في الوصف والحكم، ولم يكن ذلك مجرد ذريعة لقتالهم كما اتهمها المضلّون، الذين زادوا على ذلك بإلصاق تهمة «الخارجية» الباطلة بمجاهديها والدعوة إلى سفك دماء المهاجرين والأنصار تقربا إلى الله بزعمهم، رغم أن مجاهدي الدولة الإسلامية كانوا حينها في موقف دفاع عن أنفسهم وأعراضهم، بعد غدر الفصائل بهم تلبية لأوامر الصليبيين والطواغيت.

ولم تكن موجة الهجوم والاتهامات هذه بجديدة على الدولة الإسلامية، بل لم تزد عن كونها تكرارا لما قيل بحقها سابقا إبان فتنة الصحوات في العراق، التي انتهت بزوال فصائل الصحوات تماما بعد أن أظهر مقاتلوها ردّتهم الصريحة بقتالهم جنود الدولة الإسلامية برفقة المدرعات الأمريكية التي كانت تقتلهم بالأمس، وتحت غطاء من المروحيات التي كانت تدك مدنهم وقراهم قبل أيام، ولم تنفعهم كل الفتاوى والتبريرات التي أصدرها علماء الطواغيت الذين حركتهم أجهزة المخابرات لمناصرة مشروع الصحوات الذي خدم الصليبيين أيما خدمة.

واليوم يسير مرتدو الصحوات في الشام على سنّة أسلافهم في العراق، إذ لم يكتفوا بالعمالة للصليبيين من خلال التجسس على المسلمين وقتالهم خدمة لهم، والتنسيق مع طيرانهم لضرب الموحّدين، بل لم يزل بهم الأمر حتى صاروا يقاتلون تحت العلم الأمريكي وتحت القيادة الأمريكية كما رأينا في حالة صحوات «جيش سوريا الجديد» في الجنوب، وصارت المدرعات الأمريكية تجوب مناطق سيطرتهم في الشمال، وصار الجنود الأمريكيون يظهرون معهم في العلن وبلا استحياء.

إن الدولة الإسلامية عندما قاتلت مرتدي الصحوات قبل ثلاث سنين لم تكن تقاتل مجاهدين موحّدين كما كان يزعم السفهاء ومنظرو الصحوات وعلماء الطواغيت، ولكنها قاتلت في ذلك الوقت مشركين موالين للصليبيين والطواغيت، مع من والاهم فصار منهم، وإن حكمها فيهم لم يتغير منذ ظهرت منهم تلك الموالاة المكفّرة، ولكن الذي تغير هو تصريحات بعض من كان يجادل عنهم، بعد أن اتسع الخرق عليهم ولم يعد بإمكانهم ترقيعه، فصاروا يهاجمون عمالة الصحوات الواضحة للصليبيين على استحياء، وقد فضح الله أمرهم أمام جنودهم وأنصارهم المرتدين المدّعين للجهاد، والذين لا يمكنهم قبول التناقض بين ما كان يلقى على أسماعهم من وجوب العداء لأمريكا، وحصر القتال بها على أنها رأس الكفر في العالم، وبين أن يروا جنود أمريكا يتجولون في أرضهم وبحماية حلفاء مدّعي الجهاد.

وإننا نقول لمن استبان له الأمر اليوم بعد أن أعماه عن رؤيته عصبية جاهلية، وحزبية تنظيمية، وتقديس لـ»الرموز»، كيف تبرّر لنفسك بعد اليوم بقاءك على الردّة في صف المرتدين؟ وكيف تبرّر لنفسك قتالك الموحدين من جنود الدولة الإسلامية بالتحالف مع الصليبيين؟ وكيف تبرّر لنفسك طاعة شيوخك وعلمائك الضالين المضلّين بعد أن استبان لك كذبهم على الدولة الإسلامية ومجادلتهم عن المرتدين؟

لقد آن لك أن تتوب إلى الله مما أوقعت نفسك فيه من الردّة، وأن تفارق صفوف المرتدين مهاجرا إلى دار الإسلام، لتقول حينها للموحد الذي عاديته قبل توبتك: {تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: 91] بأن أظهر لك ردّة الصحوات، وهداك إلى تكفيرهم والبراءة منهم وقتالهم، وأن تتبع ما أسلفت من السيئات بحسنات الجهاد في سبيل الله والدخول في جماعة المسلمين، وإن أرض الدولة الإسلامية مفتوحة لكل المسلمين، ولا تثريب منها على التائبين من الردّة، ولو كانوا قتلوا من جنودها ألف ألف من المجاهدين، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1437 ه‍ـ
...المزيد

الفِتن والشُّبه الحي لا تؤمن عليه الفتنة، والرجل مهما بلغ من الصلاح، فإنه ينبغي عليه البُعد عن ...

الفِتن والشُّبه

الحي لا تؤمن عليه الفتنة، والرجل مهما بلغ من الصلاح، فإنه ينبغي عليه البُعد عن مواطن الفتن والشبه، ولا يجرب نفسه؛ فإن القلوب ضعيفة.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه كان رسول الله صلى عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقلت يا نبي الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال: نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء.

الترمذي (٢١٤٠) وأحمد (١٣٦٩٦) وابن ماجه (٣٨٣٤)
...المزيد

أجيبوا بالله عليكم هل المجاهدون الصادقون المخلصون من تتنقل قادتهم وممثلوهم بين العواصم، ويحضرون ...

أجيبوا بالله عليكم

هل المجاهدون الصادقون المخلصون من تتنقل قادتهم وممثلوهم بين العواصم، ويحضرون المؤتمرات على أعين الطواغيت، وتفتح لهم الفنادق، ويتصدرون في الفضائيات، وتصلهم عبر المخابرات المساعدات؟

أهذا هو منهج الأنبياء؟
أهؤلاء هم المجاهدون؟!

* مقتبس من كلمة (لن يضروكم إلا أذى) للشيخ أبو محمد العدناني تقبله الله
...المزيد

. حقيقة الثورة السورية إنها ثورة جاهلية تسعى إلى "ترسيخ مفهوم الدولة"، وقطعا يقصدون بها "الدولة ...

.
حقيقة الثورة السورية

إنها ثورة جاهلية تسعى إلى "ترسيخ مفهوم الدولة"، وقطعا يقصدون بها "الدولة المدنية" التي حاربوا لأجلها الدولة الإسلامية، إنها ثورة وليست جهادا في سبيل الله، ثورة تحررية من "نظام قمعي" يستأثر بالسلطة، بغية الوصول إلى نظام آخر "ديمقراطي" يتقاسم السلطة، هذه هي مفاهيم وأبجديات الثورات، وهذه هي شكل "سوريا الحرة!" بعد حقبة "سوريا الأسد!" تتلخص في إسقاط تمثال قبيح وبناء آخر على أنقاضه بوجه حسن!

افتتاحية النبأ ٤٧٢ "سوريا الحرة وسوريا الأسد"
...المزيد

حربنا مع المشركين... باقية لقد جعل الله الصراع بين أهل التوحيد وأهل الشرك سنّة من السنن التي ...

حربنا مع المشركين... باقية


لقد جعل الله الصراع بين أهل التوحيد وأهل الشرك سنّة من السنن التي يسير عليها هذا الكون، إذ لابدّ من التدافع بين الإسلام والكفر في أي زمان ومكان وُجدا، وإلا لاستولى أهل الباطل على الأرض فأفسدوها بشركهم واتّباعهم لشهواتهم وأهوائهم، كما هو حاصل اليوم في ظل استيلاء الصليبيين على العالم، وهيمنتهم عليه.

لذلك كان الأمر الإلهي الدائم لأهل الإسلام أن يكونوا حربا على الشرك وأهله، وأن يجاهدوهم بأيديهم وألسنتهم وقلوبهم، وأوجب عليهم قتالهم حتى يُخضعوهم لحكم الإسلام، فيتبعوه أو يطيعوا أحكامه فيهم، كما في قوله جل وعلا: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [سورة الأنفال: 39]، فلا يوقِفُ أهلُ التوحيد حربهم على المشركين حتى ينهوا وجود الشرك في الأرض كلها، وحتى لا يكون فيها حكم إلا لله عز وجل.

كما بيّن العليم الحكيم سبحانه لعباده الموحّدين أن أهل الشرك يقاتلونهم أبدا، وأن هدف قتالهم هو إخراجهم من الإسلام، ليكونوا في الشرك سواء، كما في قوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة: 217]، وفي الوقت الذي كشف فيه حقيقة حربهم وغايتها، حذّر المسلمين وأوجب عليهم منع المشركين من تحقيق غايتهم من هذه الحرب، وبيّن لهم أن من ارتد عن دينه ولم يصبر على حرب المشركين له ومات على الكفر، حبط كل ما عمله، وإن كان من قبل ردته موحّدا مهاجرا مجاهدا، ولم يعذره الله بقتال المشركين له، فالقتال ليس من صور الإكراه التي يعذر فيها المسلم إن وقع في الشرك.

وإن من العجب الذي نراه اليوم أن تتفاخر الكثير من الفصائل والأحزاب التي تزعم الانتساب إلى الإسلام بعدم إقامتها للدين، وتحكيمها للشريعة، وتسوّق لجنودها وأنصارها أن هذا عين الحكمة، وأحسن السياسة، لأنها بذلك تتجنب قتال المشركين لها، ونقمة المنافقين عليها، وتستجلب سكوت الطواغيت عنها، ورضا أهل الأهواء، متغافلين عن حقيقة أنهم بذلك قد حققوا مراد المشركين منهم بارتدادهم عن دين الله، فأزالوا بذلك داعي قتالهم لهم، الذي بيّن -جل شأنه- أن المشركين لا يزالون يقاتلون المسلمين عليه.
إن من يدرك هذه الحقائق سيفهم سبب العداوة الشرسة التي يظهرها أهل الشرك باختلاف مللهم ونحلهم للدولة الإسلامية وجنودها، وسيعرف سبب إجماع أعداء الدين على قتالها رغم اختلافهم وتنازعهم فيما بينهم، وسيعلم أن الحرب بينها وبينهم لا يمكن أن تنتهي في جولة أو جولتين، بل هي حرب مستمرة لا هوادة فيها، يسعى كل طرف أن يحقق غايته منها.

فالدولة الإسلامية تجعل غاية جهادها تحقيق العبودية لله بإقامة الدين في الأرض، وذلك بجهاد المشركين حفظا لما مكّنها الله فيه، وطلبا لإخضاعهم وبلادهم لحكم الله أو إبادتهم جميعا إن أبوا، وأما المشركون فيعلمون أنهم لن يتمكنوا من إبادة المسلمين من الأرض، ولكن يسعون إلى إجبار أهل الإسلام على ترك أصله، أو دفعهم إلى التنازل عن بعض أركانه أو شعبه.

واليوم وبعد سنوات من الحرب بين الدولة الإسلامية والمشركين وعلى رأسهم أمريكا الصليبية، لا زالت الدولة الإسلامية -بفضل الله وحده- ثابتة على عقيدتها ومنهجها، وقدمت تكاليف باهظة من دماء أمرائها وجنودها، في سبيل أن لا تقدم أي تنازل في دينها، في حين تنازل الكثيرون عن دينهم كله في سبيل حفظ الأنفس والأموال، والعمران والسلطان، فأبقاها الله واستبدلهم، ومكّن لها الله ومحا أثرهم.

فليقتل المشركون منّا ما قدر الله لهم أن يفعلوا، فسيخلفنا الله خيرا، وليستولوا على ما قدّر الله لهم من الأرض، فسنستردها من أيديهم وزيادة بإذن الله، وليدمّروا من المدن والقرى والآليات ما قدّر الله لهم أن يدمّروا، فسيعوّضنا الله كما عوّضنا في كل مرة، فما دام الدين ثابتا والمنهج راسخا، وما دامت راية العقاب طاهرة من دنس الشرك وأهله، فستبقى الدولة الإسلامية، وستستمر حربها عليهم بإذن الله، والعاقبة للمتقين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
حربنا مع المشركين... باقية
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً