إضاءات على عملية إسطنبول المباركة (٤/٥) مع كل نكاية في المشركين يحدثها المجاهدون ينطلق أهل ...

إضاءات على عملية إسطنبول المباركة
(٤/٥)

مع كل نكاية في المشركين يحدثها المجاهدون ينطلق أهل الكفر والضلال بألسنتهم وأقلامهم لتغيير الأحداث وقلب الوقائع، وغايتهم في ذلك التشهير بالموحدين والطعن فيهم، وإظهارهم بمظهر الفجرة الفاسقين الذين لا يقيمون وزنا لحرمة أو دين، ليذرفوا دموع الكذب على دين يكفرون به، وعلى دماء سفكوا أضعاف أضعافها، كما حدث إثر هجوم إسطنبول الأخير الذي استهدف فيه جنودُ الدولة الإسلامية المشركين في احتفال لهم، هو يوم رأس السنة الإفرنجية التي يسمّونها بالميلادية، إذ ملؤوا الدنيا ضجيجا زاعمين أن الموحدين سفكوا دما حراما، وأباحوا قتل المعصومين.

وسنحاول في هذا المقام أن نقدم إضاءات على بعض جوانب القضية، لتتضح الرؤية للمسلمين، وتستبين سبيل المجرمين.

مع عدم تسليمنا لإعلام الطواغيت بما نشروه من أسماء للقتلى والمصابين، إذ إن شواهد الماضي وأدلة الحاضر كفيلة بإثبات كذبهم وتدليسهم في هذا الباب، كما فعل طواغيت الأردن من قبل في عملية «فنادق عمان» المباركة التي استهدفت اجتماعات للصليبيين من عملاء الـ CIA والمرتدين من قادة صحوات العراق، فأخفى طواغيت الأردن هذه الحقيقة وزعموا أن الإصابات اقتصرت على مجموعة ممن كان يحضر حفل زفاف في الفندق نفسه، من الذين قد يكونون أصابهم تبعا لا قصدا عصف انفجارات أحزمة الاستشهاديين الذين استهدفوا الصليبيين والمرتدين.


مطعم أم ملهى؟!

شعر الطواغيت وعبيدهم بالحرج من انتشار وشيوع قصة مقتل رعاياهم في مكان الاحتفال الشركي لكونه (ملهىً ليلياً) يعرف حتى عوام الناس من مسمّاه أنه مكان للفسق والفجور، وأن رواده هم من الكافرين والكافرات والفاسقين والفاسقات، وبالتالي صار من الصعب عليهم أن يجعلوا الهلكى فيه من جملة أولياء الله الصالحين، وشهدائه المقربين كما اعتادوا أن يصوّروا كل قتيل على يد المجاهدين، فخرجوا إلى لعبة تغيير الأسماء التي يستخدمونها دائما للعبث بالأحكام الشرعية، فأطلقوا على مكان الفسق والفجور ذاك مسمّى (مطعم)؛ ليوهموا الناس أن المجاهدين هاجموا من كان فيه وهم يفعلون ما أباح الله لهم من الطعام والشراب، في مكان أباح الله المكوث فيه وهو المطعم.

والحقيقة أن تسمية المكان الذي وقع فيه هجوم إسطنبول المبارك مطعما أو ملهى أو ناديا لا يغير شيئا من حكمه، لكونه مكانا لاحتفال من احتفالات المشركين بالله تعالى، يباح فيه استهدافهم وتقصدهم بالقتل والأذى، فضلا عن كونه مكانا للفسق والفجور لا يباح للمسلمين دخوله.

ولا يتحرج جنود الدولة الإسلامية اليوم في مشارق الأرض ومغاربها من استهداف المشركين من الرافضة والإسماعيلية وغيرهم في معابدهم مع كونهم يسمونها مساجد، وذلك لحقيقة كونها أماكن لعبادة غير الله، يجب على المسلمين اجتنابها، واجتناب المكوث أو حتى المرور فيها، فضلا عن أداء العبادات ولو كانت لله وحده، مع وجود صريح النهي للمسلمين عن التعبد لله بما فيه شبهة عبادة لغيره، كالتوجه للنار في الصلاة، لتجنب مشابهة المجوس في كيفية صلاتهم إليها، والصلاة في وقتي الفجر والغروب، لتجنب مشابهة الصابئة المشركين في أوقات صلاتهم، وتجنب الذبح لله في الأماكن التي يذبح فيها المشركون لأوثانهم.

ولو سقط في الهجوم على تلك المعابد تبعا لا قصدا من يُحكم بإسلامهم لتواجدهم بالقرب منها فإن ذلك لا يمنع من استهداف تلك المعابد الشركية، مع وجوب اجتناب المسلمين لها، خاصة مع تحذير المجاهدين لهم.

فكيف بمن تواجد في مكان فسق وفجور، وسط جمع من المشركين، في يوم عيد كفري لهم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 63
الخميس 13 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً ولتوضيح الحقائق، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111art
...المزيد

إضاءات على عملية إسطنبول المباركة (٣/٥) مع كل نكاية في المشركين يحدثها المجاهدون ينطلق أهل ...

إضاءات على عملية إسطنبول المباركة
(٣/٥)

مع كل نكاية في المشركين يحدثها المجاهدون ينطلق أهل الكفر والضلال بألسنتهم وأقلامهم لتغيير الأحداث وقلب الوقائع، وغايتهم في ذلك التشهير بالموحدين والطعن فيهم، وإظهارهم بمظهر الفجرة الفاسقين الذين لا يقيمون وزنا لحرمة أو دين، ليذرفوا دموع الكذب على دين يكفرون به، وعلى دماء سفكوا أضعاف أضعافها، كما حدث إثر هجوم إسطنبول الأخير الذي استهدف فيه جنودُ الدولة الإسلامية المشركين في احتفال لهم، هو يوم رأس السنة الإفرنجية التي يسمّونها بالميلادية، إذ ملؤوا الدنيا ضجيجا زاعمين أن الموحدين سفكوا دما حراما، وأباحوا قتل المعصومين.

وسنحاول في هذا المقام أن نقدم إضاءات على بعض جوانب القضية، لتتضح الرؤية للمسلمين، وتستبين سبيل المجرمين.

مع عدم تسليمنا لإعلام الطواغيت بما نشروه من أسماء للقتلى والمصابين، إذ إن شواهد الماضي وأدلة الحاضر كفيلة بإثبات كذبهم وتدليسهم في هذا الباب، كما فعل طواغيت الأردن من قبل في عملية «فنادق عمان» المباركة التي استهدفت اجتماعات للصليبيين من عملاء الـ CIA والمرتدين من قادة صحوات العراق، فأخفى طواغيت الأردن هذه الحقيقة وزعموا أن الإصابات اقتصرت على مجموعة ممن كان يحضر حفل زفاف في الفندق نفسه، من الذين قد يكونون أصابهم تبعا لا قصدا عصف انفجارات أحزمة الاستشهاديين الذين استهدفوا الصليبيين والمرتدين.


- قتل بعض المسلمين تبعاً لا يقتضي استحلال دمائهم

إن كذبة استهداف المجاهدين للمسلمين واستحلال دمائهم لهي من أقدم الكذبات التي ردّ عليها أهل التوحيد مرارا، مبينين تعظيمهم للدماء المعصومة، ومحذرين المسلمين في الوقت نفسه من الاختلاط بالمشركين، وخاصة في الأماكن التي فيها مظنة استهداف للمشركين، كمواقعهم العسكرية والأمنية، ومقراتهم الحكومية، وأماكن عبادتهم وأعيادهم، فمن خالف أمر الله له بمفارقة المشركين، والهجرة من ديارهم، وتعمَّد الاختلاط بهم بحيث لا يمكن للمجاهد أن يتبيّن له المسلم من المشرك، فذاك قد جلب الأذية لنفسه، فبرأت منه ذمة المجاهدين، ويبعثه الله على نيَّته.

وإن كان مباحا للمجاهدين استهداف المشركين ولو أدى ذلك إلى إهلاك الأنفس المعصومة التي اتخذها المحاربون ترسا يقيهم من ضربات المجاهدين، فكيف الحال مع من ذهب باختياره ليخالط المشركين في أماكن فجورهم، في يوم من أيام عيدهم، ليشاركهم مهرجانهم، ويشابههم في أحوالهم وأفعالهم، ثم يستنكر إن مسّه الأذى من وراء فعل أباحه الله للمسلمين، بل وحضّهم عليه، وهو تعمّد المشركين المحاربين بالقتل والأذى؟!

وهكذا استهدف المجاهدون ملهى إسطنبول، قاصدين في هجومهم المشركين، بعدما بذلوا الوسع في الرصد والتحرّي والتخطيط والتنفيذ، ولا يضرّهم إن قُتل أو أُوذي في الهجوم من قد يحكم بإسلامه رغم القطع بفسقه وفجوره.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 63
الخميس 13 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً ولتوضيح الحقائق، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111art
...المزيد

إضاءات على عملية إسطنبول المباركة (٢/٥) مع كل نكاية في المشركين يحدثها المجاهدون ينطلق أهل ...

إضاءات على عملية إسطنبول المباركة
(٢/٥)

مع كل نكاية في المشركين يحدثها المجاهدون ينطلق أهل الكفر والضلال بألسنتهم وأقلامهم لتغيير الأحداث وقلب الوقائع، وغايتهم في ذلك التشهير بالموحدين والطعن فيهم، وإظهارهم بمظهر الفجرة الفاسقين الذين لا يقيمون وزنا لحرمة أو دين، ليذرفوا دموع الكذب على دين يكفرون به، وعلى دماء سفكوا أضعاف أضعافها، كما حدث إثر هجوم إسطنبول الأخير الذي استهدف فيه جنودُ الدولة الإسلامية المشركين في احتفال لهم، هو يوم رأس السنة الإفرنجية التي يسمّونها بالميلادية، إذ ملؤوا الدنيا ضجيجا زاعمين أن الموحدين سفكوا دما حراما، وأباحوا قتل المعصومين.

وسنحاول في هذا المقام أن نقدم إضاءات على بعض جوانب القضية، لتتضح الرؤية للمسلمين، وتستبين سبيل المجرمين.

مع عدم تسليمنا لإعلام الطواغيت بما نشروه من أسماء للقتلى والمصابين، إذ إن شواهد الماضي وأدلة الحاضر كفيلة بإثبات كذبهم وتدليسهم في هذا الباب، كما فعل طواغيت الأردن من قبل في عملية «فنادق عمان» المباركة التي استهدفت اجتماعات للصليبيين من عملاء الـ CIA والمرتدين من قادة صحوات العراق، فأخفى طواغيت الأردن هذه الحقيقة وزعموا أن الإصابات اقتصرت على مجموعة ممن كان يحضر حفل زفاف في الفندق نفسه، من الذين قد يكونون أصابهم تبعا لا قصدا عصف انفجارات أحزمة الاستشهاديين الذين استهدفوا الصليبيين والمرتدين.


• حقيقة تعظيم الطواغيت وأوليائهم للدماء والحرمات

ولعلّ من يسمع طعن المشركين في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته بسبب قتالهم في الأشهر الحرم يحسب أن المشركين كانوا صادقين في تعظيمهم لهذه الأشهر التي كان الله قد حرّم فيها القتال، ولكن الحقيقة بخلاف ذلك، إذ كان موقفهم من هذه الشعيرة أشبه بالاستهزاء منه بالتعظيم، وذلك أنهم كلما استصعبوا التوقف عن القتال لثلاثة أشهر متواصلة لجؤوا إلى ما هو أعظم من معصية القتال وهو تغيير أحكام الله، والتشريع في دينه، عن طريق ما يعرف بالنسيء، وهو استحلال القتال في أحد الأشهر التي حرّم الله القتال فيها، وتحريم القتال في شهر من الأشهر التي أبيح فيها القتال بدلا عنه، فاستباحوا بذلك ما حرّم الله، وحرّموا ما أحلّ الله، بل وكانوا يتفاخرون بهذا الفعل الخبيث، كما قال شاعرهم:
ألسْنا الناسئين على مَعدٍّ
شهور الحِل نجعلها حراما

قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 37]، قال ابن كثير، رحمه الله: «وقال ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، كان رجل من بني كنانة يأتي كل عام إلى الموسم على حمار له، فيقول: يا أيها الناس، إني لا أعاب ولا أجاب، ولا مَرَدّ لما أقول، إنا قد حَرَّمنا المحرم، وأخّرنا صفر. ثم يجيء العام المقبل بعده فيقول مثل مقالته، ويقول: إنا قد حرّمنا صفر، وأخّرنا المحرم. فهو قوله: {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} قال: يعني الأربعة {فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ} لتأخير هذا الشهر الحرام. وروي عن أبي وائل، والضحاك، وقتادة نحو هذا».

فالمشركون لا يعظمون شعائر الله، ولا أيّامه، ولا حرماته، وإنما يتلاعبون بدين الله ويستهزئون به، ويشرّعون من الدين ما لم يأذن به الله، ويكفرون بالدين كلّه، ثم ينقّبون عن المطاعن في المسلمين ودينهم، ويعيّرونهم بأدنى شبهة، زاعمين أنهم هم أهل الصراط المستقيم والطريق السوي رغم كفرهم بالله تعالى، وإشراكهم به.

وهكذا نرى فعل الطواغيت اليوم وعبيدهم من علماء السوء المبدّلين لشرع الله، يعيبون على المجاهدين قتالهم المرتدين، واستهدافهم معابد المشركين، وأماكن احتفالاتهم بأعيادهم الشركية، ويلبّسون على الناس بأن المجاهدين يقتلون المسلمين والمستأمنين من الناس، ويستهدفون المساجد، ويكفّرون العصاة من المسلمين كما كان يفعل الخوارج من قبل.

وينسى الطواغيت أن جرائمهم بكفرهم بالله عز وجل، ومنازعتهم له في التشريع والحكم والألوهية هي أكبر من كل جريمة على الإطلاق، بما فيها تعمّد قتل المسلمين والمستأمنين التي يعلمون يقينا براءة المجاهدين منها.

وينسى عبيدهم من علماء السوء وأُجَراء الإعلام أن مزاعم أسيادهم بتعظيم دماء المسلمين، والحرص عليها، مجرد أكاذيب تفضحها سجونهم ومعتقلاتهم التي يسومون فيها المسلمين سوء العذاب، وتفضحها المجازر التي ينفذها طيرانهم بحق المسلمين في أرض الدولة الإسلامية وغيرها، ويفضحها العون الذي يقدمونه لكل من أوغلت أياديهم بدماء المسلمين من الصليبيين واليهود والروافض والهندوس والبوذيين وغيرهم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 63
الخميس 13 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً ولتوضيح الحقائق، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111art
...المزيد

إضاءات على عملية إسطنبول المباركة (١/٥) مع كل نكاية في المشركين يحدثها المجاهدون ينطلق أهل ...

إضاءات على عملية إسطنبول المباركة
(١/٥)

مع كل نكاية في المشركين يحدثها المجاهدون ينطلق أهل الكفر والضلال بألسنتهم وأقلامهم لتغيير الأحداث وقلب الوقائع، وغايتهم في ذلك التشهير بالموحدين والطعن فيهم، وإظهارهم بمظهر الفجرة الفاسقين الذين لا يقيمون وزنا لحرمة أو دين، ليذرفوا دموع الكذب على دين يكفرون به، وعلى دماء سفكوا أضعاف أضعافها، كما حدث إثر هجوم إسطنبول الأخير الذي استهدف فيه جنودُ الدولة الإسلامية المشركين في احتفال لهم، هو يوم رأس السنة الإفرنجية التي يسمّونها بالميلادية، إذ ملؤوا الدنيا ضجيجا زاعمين أن الموحدين سفكوا دما حراما، وأباحوا قتل المعصومين.

وسنحاول في هذا المقام أن نقدم إضاءات على بعض جوانب القضية، لتتضح الرؤية للمسلمين، وتستبين سبيل المجرمين.

مع عدم تسليمنا لإعلام الطواغيت بما نشروه من أسماء للقتلى والمصابين، إذ إن شواهد الماضي وأدلة الحاضر كفيلة بإثبات كذبهم وتدليسهم في هذا الباب، كما فعل طواغيت الأردن من قبل في عملية «فنادق عمان» المباركة التي استهدفت اجتماعات للصليبيين من عملاء الـ CIA والمرتدين من قادة صحوات العراق، فأخفى طواغيت الأردن هذه الحقيقة وزعموا أن الإصابات اقتصرت على مجموعة ممن كان يحضر حفل زفاف في الفندق نفسه، من الذين قد يكونون أصابهم تبعا لا قصدا عصف انفجارات أحزمة الاستشهاديين الذين استهدفوا الصليبيين والمرتدين.

• والفتنة أكبر من القتل

قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217].

قال ابن كثير -رحمه الله- في سبب نزول هذه الآية: «قال السدي، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس وعن مُرّة، عن ابن مسعود: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث سَرِيَّة، وكانوا سَبْعَة نفر، عليهم عبد الله بن جَحْش الأسدي... وسار ابنُ جحش إلى بطن نخلة، فإذا هو بالحكم بن كيسان، والمغيرة بن عثمان، وعمرو بن الحضرمي، وعبد الله بن المغيرة. وانفلت ابن المغيرة، فأسروا الحكم بن كيسان والمغيرة وقُتِل عَمْرو، قتله واقد بن عبد الله. فكانت أوّل غنيمة غنمها أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم... ففجُر عليه المشركون وقالوا: إن محمداً يزعم أنه يتبع طاعة الله، وهو أول من استحل الشهر الحرام، وقتل صاحبنا في رجب. فقال المسلمون: إنما قتلناه في جمادى -وقيل: في أول رجب، وآخر ليلة من جمادى- وغمد المسلمون سيوفهم حين دخل شهر رجب. فأنزل الله يُعَيِّر أهل مكة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} لا يحل، وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل في الشهر الحرام، حين كفرتم بالله، وصدَدْتم عنه محمداً -صلى الله عليه وسلم- وأصحابَه، وإخراجُ أهل المسجد الحرام منه، حين أخرجوا محمداً -صلى الله عليه وسلم- أكبر من القتل عند الله».

وكتب الله -عز وجل- لعبد الله بن جحش -رضي الله عنه- وأصحابه أجر المهاجرين المجاهدين جزاء لهم على ما فعلوه، كما روى ابن إسحاق، قال: «فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن، طَمعُوا في الأجر، فقالوا: يا رسول الله، أنطمع أن تكون لنا غزوة نُعطَى فيها أجر المجاهدين المهاجرين؟ فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فوضعهم الله من ذلك على أعظم الرجاء».


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 63
الخميس 13 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً ولتوضيح الحقائق، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111art
...المزيد

ولا تهنوا في ابتغاء القوم لا يكفّ المشركون من أهل الكتاب ولا المرتدون من أذنابهم وحلفائهم عن نشر ...

ولا تهنوا في ابتغاء القوم

لا يكفّ المشركون من أهل الكتاب ولا المرتدون من أذنابهم وحلفائهم عن نشر الأكاذيب عن الأعداد المهولة من جنود الدولة الإسلامية الذين يزعمون قتلهم في المعارك أو عبر القصف الجوي، وغايتهم من ذلك أن يبثوا اليأس في نفوس المجاهدين من خلال ترهيبهم بالخسائر الكبيرة في صفوفهم إن هم استمروا في قتالهم وجهادهم للمشركين، وإصرارهم على إزالة الشرك وإقامة الدين.

وهذا دأب الكافرين في كل حين، ذلك لأنهم يقيسون الأمور من منطلق النتائج المادية الدنيوية التي لا يعرفون سواها، كما فعل أحد قادتهم من قبلُ، بعد معركة أحد لما فاخر بقتل صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ساعيا من وراء ذلك إلى بث الحزن في نفوس من بقي من المسلمين، فأجابوه أن لا سواء، لأن قتلى المسلمين في الجنة وقتلى المشركين في النار.

وقد جاء أمر -الله تعالى- لعباده الموحدين في كل زمان ألا تُقعدهم الجراحات عن مزيد من الطلب للمشركين والسعي في قتلهم وقتالهم، وانتزاع الأرض والأموال من أيديهم، كما في قوله تعالى {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104]، فالحرب ليست كلها فتوحا ومغانم، ولكنها أيضا جراح وآلام، وتعب ورهق، وإنهاك للدرع والذراع، وإفناء للمال والكراع.

و يرجو الموحّدون بكل ما يبذلونه في سبيل الله القرب منه، سبحانه وتعالى، والمزيد من استجلاب نصره لعباده عندما يرى صدق جهادهم، بل ومع طلبهم للنصر على أعدائهم فهم يعلمون يقينا أن في انكسارهم في الحرب مع إخلاصهم النية وبذلهم الوسع زيادة في الأجر، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجَّلوا ثلثي أجورهم، وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تمّ أجورهم) [رواه مسلم]، فينقلبون بعد كل انكسار باذلين المزيد من التضحيات في سبيل إرضاء رب الأرض والسموات، حتى يكون الدين كله لله أو يهلكوا دون ذلك، كما وصفهم ربهم -سبحانه- بقوله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172].

بينما نجد أن أولياء الطاغوت لا يرجون من ذلك شيئا، فلا يكون ما بذلوه في معاركهم إلا حسرة عليهم، ومع كل هزيمة يتلقونها على أيدي الموحدين، تزداد أنفسهم انكسارا، ومع كل خسارة في المال والرجال تضعف همتهم عن إكمال القتال والمضي فيه، حتى ينقطعوا فتكون الدائرة عليهم، ولذلك أمر الله -سبحانه- عباده بعدم الكف عنهم، وذكَّرهم بأثر النكاية فيهم، وأن عاقبتهم لن تكون غير أن يدمّرهم الله.

وقد رأينا مصداق هذا الأمر مرات عديدة في تاريخ هذا الجهاد المبارك الذي لم يتوقف مذ بدأه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، فدانت للمسلمين مكة وجزيرة العرب في بضع سنين، وأزالوا إمبراطورية كسرى بعد مصاولة الفرس المشركين في معارك طويلة نال المسلمين فيها من الجراح ما نالهم، حتى أسقط الله بأيديهم عرش كسرى، ثم ثنّوا بدولة الروم التي استمر المسلمون بمصاولتها عدة قرون حتى أذن الله بزوالها، ومحو آثارها، ثم ما كان من فعل المسلمين مع الكثير من الطواغيت وأمم الكفر، التي لم يكلّ المسلمون عن قتالها حتى أذن الله بهزيمتها، وبقي للمسلمين دينهم وديارهم.

وكذلك ما نراه اليوم في هذه الجولات من حرب المجاهدين مع أمم الشرك والكفر كافة، وعلى رأسها دول الغرب الصليبية، خلال العقدين الماضيين على وجه الخصوص، إذ اتضحت الراية، وصدقت الغاية، فما زال أمر الموحدين -بفضل الله- في صعود وازدهار، فزيّد الله أعدادهم، وكثّر الله سلاحهم ومالهم، ومكّنهم في أرضه، وأعانهم على إقامة دينه، وإحياء جماعة المسلمين التي يقودها اليوم أمير المؤمنين الشيخ أبو بكر البغدادي، حفظه الله، ولا يزال أمر المشركين في هبوط وانحدار، وذلك بتثبيت الله تعالى للمجاهدين على جهادهم، ونكايته في الكفار والمرتدين، حتى يقصمهم الله كما قصم الذين من قبلهم، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 63
الخميس 13 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - أسماء بنت أبي بكر تدفع ابنها للموت صابرا: ومن الأمثلة أيضا ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- أسماء بنت أبي بكر تدفع ابنها للموت صابرا:

ومن الأمثلة أيضا أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها، يوم حوصر ابنها خليفة المسلمين عبد الله بن الزبير في مكة من جيش البغاة الذي يقوده الحجاج الثقفي، فجاء يستشيرها للخروج لقتاله بعدما اشتد عليه أذاهم، وقال لها: «خذلني الناس حتى ولدي وأهلي، فلم يبق معي إلا اليسير ممن ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت والله يابني أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على الحق وإليه تدعو فامش له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يتلعّب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنبا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك،، وإن قلت: كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفا، فهذا ليس من فعل الأحرار، ولا أهل الدين، فكم خلودك في الدنيا، القتل أحسن»، فدنا منها أمير المؤمنين وقبل رأسها، وقال: «هذا والله رأيي، (....)، ولكني أحببت أن أعلم رأيك، فزدتني بصيرة مع بصيرتي، فانظري يا أمه، فإنّي مقتول من يومي هذا، فلا يشتد حزنك، وسلمي الأمر لله».

ثم انصرف ابن الزبير عنها وهو يقول:
«إني إذا أعرف يومي أصبر وإنما يعرف يومه الحرُّ»

فسمعت والدته رضي الله عنها قوله فقالت: «تصبر والله، إن شاء الله، أبوك أبو بكر والزبير، وأمك صفية بنت عبد المطلب».
فهكذا يكون حال الزوجة المؤمنة مع زوجها، وهكذا يكون حال الأم المؤمنة مع ابنها، فيمضي في طريقه يجاهد أعداء الله، ويقوم بما أمره ربه، ولها من عمله نصيب بإذن الله.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

اليهود داخل معركة الأحزاب لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا ...

اليهود داخل معركة الأحزاب


لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا من عجز قبائل العرب عن هزيمته، وتأكّدهم من أن النظام الذي ارتضوا هم وأعداؤهم الفرس بقاءه سائدا في جزيرة العرب لقرون آيل للسقوط، وسيقوم مكانه نظام جديد لا يعرض هيمنتهم على تلك الصحاري للخطر فحسب، بل سيهددهم في عقر دورهم أيضا، فكانت تحركاتهم الأولى للقضاء على هذا الخطر في مؤتة وتبوك، وكان تهديدهم الآخر في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي تراجعوا عن إنفاذه بعد أن ظنوا أن ردّة الأعراب ستكفيهم مؤونته، فخاب سعيهم وكان ما كان للإسلام من عز وتمكين بفضل الله وحده.

واليوم لم تحزم أمريكا الصليبية أمرها بالعودة لقتال الدولة الإسلامية بعد أن فرت من نزالها قبل سنوات خشية الهلاك إلا بعد أن تيقنت من عجز المرتدين عن هزيمتها ودرء خطرها الذي بات لا يهدد فحسب نظام سايكس – بيكو الذي صاغوه منذ قرن من الزمن لإدارة بلدان المسلمين، بل بات يهددهم في عقر دورهم بإعلان الدولة الإسلامية الصريح أن جهادها لن يتوقف - بإذن الله – حتى يخضع العالم كله لشرع الله.

ولذات السبب خرج اليهود اليوم لقتال الدولة الإسلامية، وما أخرجهم إلا يقينهم بخطر داهم بات يتهدّدهم، وهم الذين وصفهم الله عز وجل أنهم لا يقاتلون المسلمين (إلا في بروج مشيّدة أو من وراء جدر)، فانهيار دويلات سايكس – بيكو التي كان من وظائفها حماية دولة اليهود، والاقتراب الكبير لمجاهدي الدولة الإسلامية من حدودها، وخشيتها من انتشار منهجها بين المسلمين المستضعفين داخل تلك الحدود، والعجز الظاهر للدول الصليبية الحامية لليهود عن حسم المعركة معها، كلها أسباب تبرر للدولة اليهودية أن لا تقعد ساكنة إزاء هذا الخطر.

ولم يعد كافيا للحكومة اليهودية وجيشها وأجهزة مخابراتها الاقتصار على تقديم الدعم لأنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية المحيطة بها، لعجز هذه الأنظمة عن استثمار هذا الدعم في تحقيق انتصار على الدولة الإسلامية، فانطلق اليهود ليخوضوا حربهم الخاصة ضدّها، قصفا بالطائرات، واستطلاعا بالمسيّرات، وبثا للجواسيس والعيون، وخاصة في سيناء التي يخوض مجاهدوها حربا ضد جيش الطاغوت السيسي تحت قصف الطيران اليهودي لم تغن عنهم شيئا، وفي ولايات الشام التي تخوض أجهزتها الأمنية حربا مع جواسيس اليهود وعيونهم، لنا فيها الغلبة بحمد الله.

هذه الحرب وإن كانت في بداياتها فإنها – بحمد الله – مؤشر جيد على إمكانية حدوث المزيد من التورط لجيش اليهود فيها، وذلك بتسارع وتيرة الانهيار في أنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية، وفشل الحملة الصليبية على الدولة الإسلامية، والقضاء التام على مرتدي الصحوات، وفصائل الفرقة والشتات.
إن هذه المعركة بالنسبة لليهود لن تكون – بإذن الله – كباقي معاركهم التي خاضوها ضد الأنظمة الطاغوتية، والحركات العلمانية القومية والشيوعية، ولا كمعاركهم مع الفصائل الديموقراطية المنتسبة للإسلام زروا، إذ كل تلك المعارك كانت تجري في إطار قواعد «النظام الدولي» الطاغوتي، فكانت حدود الصراع واضحة المعالم لكل الأطراف، ومن يتجاوزها يعرض نفسه للعقاب، في حين أن الدولة الإسلامية بفضل الله كافرة بهذا «النظام الدولي»، محاربة لكل الطواغيت القائمين عليه، وعلى رأسهم الدول الصليبية الحامية لدولة اليهود، وليس لصراعها مع أعدائها حدود إلا التي فرضها الله عز وجل على المسلمين في جهادهم بأن يخضع المشركون لحكم الإسلام فيهم، وكل الأرض ساحة لجهادها، وكل المسلمين جنود محتملون في جيشها، وكل المشركين المحاربين في الأرض ومنهم اليهود أهداف مشروعة لها.

إن الدولة الإسلامية – بفضل الله – ليست دولة شعارات، ولكنها دولة عزيمة وتوكل على الله، وكل تهديد ووعيد من قادتها لليهود إنما هو من حسن الظن بالله عز وجل أن يمكّنهم منه، فكما قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله من قبل، أنه ومن معه يقاتلون في العراق وعيونهم على بيت المقدس، وكما قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي تقبله الله لليهود من قبل، فإن المسلمين قادمون لقتالهم من العراق والشام واليمن وخراسان ومغرب الإسلام وإفريقية والقوقاز، ومن كل مكان، وإننا لن نزيد على ما قال مشايخنا من قبل شيئا، ولكننا – بحمد الله- على تحقيق ما وعدوا أقدر، ومن أرض الصراع مع اليهود أقرب.

فليقصف اليهود بطائراتهم، فليست علينا بأشد من طائرات الصليبيين وقد صبّرنا الله عليها، وليبعثوا بجواسيسهم وعيونهم فسيفضحهم الله ويمكننا من رقابهم، وليدعموا دويلات سايكس - بيكو الطاغوتية، فستكون أموالهم التي أنفقوا حسرة عليهم، وبإذن الله سيغلبون، ثم إلى جهنم يحشرون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
اليهود داخل معركة الأحزاب
...المزيد

حربنا مع المشركين... باقية لقد جعل الله الصراع بين أهل التوحيد وأهل الشرك سنّة من السنن التي ...

حربنا مع المشركين... باقية


لقد جعل الله الصراع بين أهل التوحيد وأهل الشرك سنّة من السنن التي يسير عليها هذا الكون، إذ لابدّ من التدافع بين الإسلام والكفر في أي زمان ومكان وُجدا، وإلا لاستولى أهل الباطل على الأرض فأفسدوها بشركهم واتّباعهم لشهواتهم وأهوائهم، كما هو حاصل اليوم في ظل استيلاء الصليبيين على العالم، وهيمنتهم عليه.

لذلك كان الأمر الإلهي الدائم لأهل الإسلام أن يكونوا حربا على الشرك وأهله، وأن يجاهدوهم بأيديهم وألسنتهم وقلوبهم، وأوجب عليهم قتالهم حتى يُخضعوهم لحكم الإسلام، فيتبعوه أو يطيعوا أحكامه فيهم، كما في قوله جل وعلا: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [سورة الأنفال: 39]، فلا يوقِفُ أهلُ التوحيد حربهم على المشركين حتى ينهوا وجود الشرك في الأرض كلها، وحتى لا يكون فيها حكم إلا لله عز وجل.

كما بيّن العليم الحكيم سبحانه لعباده الموحّدين أن أهل الشرك يقاتلونهم أبدا، وأن هدف قتالهم هو إخراجهم من الإسلام، ليكونوا في الشرك سواء، كما في قوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة: 217]، وفي الوقت الذي كشف فيه حقيقة حربهم وغايتها، حذّر المسلمين وأوجب عليهم منع المشركين من تحقيق غايتهم من هذه الحرب، وبيّن لهم أن من ارتد عن دينه ولم يصبر على حرب المشركين له ومات على الكفر، حبط كل ما عمله، وإن كان من قبل ردته موحّدا مهاجرا مجاهدا، ولم يعذره الله بقتال المشركين له، فالقتال ليس من صور الإكراه التي يعذر فيها المسلم إن وقع في الشرك.

وإن من العجب الذي نراه اليوم أن تتفاخر الكثير من الفصائل والأحزاب التي تزعم الانتساب إلى الإسلام بعدم إقامتها للدين، وتحكيمها للشريعة، وتسوّق لجنودها وأنصارها أن هذا عين الحكمة، وأحسن السياسة، لأنها بذلك تتجنب قتال المشركين لها، ونقمة المنافقين عليها، وتستجلب سكوت الطواغيت عنها، ورضا أهل الأهواء، متغافلين عن حقيقة أنهم بذلك قد حققوا مراد المشركين منهم بارتدادهم عن دين الله، فأزالوا بذلك داعي قتالهم لهم، الذي بيّن -جل شأنه- أن المشركين لا يزالون يقاتلون المسلمين عليه.
إن من يدرك هذه الحقائق سيفهم سبب العداوة الشرسة التي يظهرها أهل الشرك باختلاف مللهم ونحلهم للدولة الإسلامية وجنودها، وسيعرف سبب إجماع أعداء الدين على قتالها رغم اختلافهم وتنازعهم فيما بينهم، وسيعلم أن الحرب بينها وبينهم لا يمكن أن تنتهي في جولة أو جولتين، بل هي حرب مستمرة لا هوادة فيها، يسعى كل طرف أن يحقق غايته منها.

فالدولة الإسلامية تجعل غاية جهادها تحقيق العبودية لله بإقامة الدين في الأرض، وذلك بجهاد المشركين حفظا لما مكّنها الله فيه، وطلبا لإخضاعهم وبلادهم لحكم الله أو إبادتهم جميعا إن أبوا، وأما المشركون فيعلمون أنهم لن يتمكنوا من إبادة المسلمين من الأرض، ولكن يسعون إلى إجبار أهل الإسلام على ترك أصله، أو دفعهم إلى التنازل عن بعض أركانه أو شعبه.

واليوم وبعد سنوات من الحرب بين الدولة الإسلامية والمشركين وعلى رأسهم أمريكا الصليبية، لا زالت الدولة الإسلامية -بفضل الله وحده- ثابتة على عقيدتها ومنهجها، وقدمت تكاليف باهظة من دماء أمرائها وجنودها، في سبيل أن لا تقدم أي تنازل في دينها، في حين تنازل الكثيرون عن دينهم كله في سبيل حفظ الأنفس والأموال، والعمران والسلطان، فأبقاها الله واستبدلهم، ومكّن لها الله ومحا أثرهم.

فليقتل المشركون منّا ما قدر الله لهم أن يفعلوا، فسيخلفنا الله خيرا، وليستولوا على ما قدّر الله لهم من الأرض، فسنستردها من أيديهم وزيادة بإذن الله، وليدمّروا من المدن والقرى والآليات ما قدّر الله لهم أن يدمّروا، فسيعوّضنا الله كما عوّضنا في كل مرة، فما دام الدين ثابتا والمنهج راسخا، وما دامت راية العقاب طاهرة من دنس الشرك وأهله، فستبقى الدولة الإسلامية، وستستمر حربها عليهم بإذن الله، والعاقبة للمتقين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
حربنا مع المشركين... باقية
...المزيد

حقيقة الثورة السورية إنها ثورة جاهلية تسعى إلى "ترسيخ مفهوم الدولة"، وقطعا يقصدون بها "الدولة ...

حقيقة الثورة السورية

إنها ثورة جاهلية تسعى إلى "ترسيخ مفهوم الدولة"، وقطعا يقصدون بها "الدولة المدنية" التي حاربوا لأجلها الدولة الإسلامية، إنها ثورة وليست جهادا في سبيل الله، ثورة تحررية من "نظام قمعي" يستأثر بالسلطة، بغية الوصول إلى نظام آخر "ديمقراطي" يتقاسم السلطة، هذه هي مفاهيم وأبجديات الثورات، وهذه هي شكل "سوريا الحرة!" بعد حقبة "سوريا الأسد!" تتلخص في إسقاط تمثال قبيح وبناء آخر على أنقاضه بوجه حسن!

افتتاحية النبأ ٤٧٢ "سوريا الحرة وسوريا الأسد"
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 37 دين الإسلام وجماعة المسلمين إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله ...

صحيفة النبأ العدد 37
دين الإسلام وجماعة المسلمين

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

هذه السلسلة في بيان حقيقة الإسلام وضرورة الجماعة، نسأل الله أن يفقّهنا وإيّاكم في الدين ويثبّتنا على لزوم جماعة المسلمين.

قال الله، جلّ وعلا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [سورة المائدة: 5]، وقال جلّ وعلا: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [سورة آل عمران: 19]، وقال جلّ وعلا: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سورة آل عمران: 85].

فالدين الذي رضي الله للناس والذي لا يقبل منهم سواه هو الإسلام، وحقيقته لغة وشرعا: السلامة -أي الإخلاص- والاستسلام -أي الانقياد- لله.
قال أبو العباس بن تيمية، رحمه الله: «الإسلام هو الاستسلام لله وحده، ولفظ الإسلام يتضمّن الإسلام، ويتضمّن إخلاصه لله... فمن لم يستسلم له، لم يكن مسلما، ومن استسلم لغيره كما يستسلم له، لم يكن مسلما، ومن استسلم له وحده، فهو المسلم، كما في القرآن: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سورة البقرة: 112]، وقال: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [سورة النساء: 125]» [النبوات].

وقال رحمه الله: «الإسلام الذي هو دين الله الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله... هو أن يسلم العبد لله رب العالمين فيستسلم لله وحده لا شريك له ويكون سالما له بحيث يكون متألّها له غير متألّه لما سواه، كما بيّنته أفضل الكلام ورأس الإسلام وهو شهادة أن لا إله إلا الله؛ وله ضدان: الكبر والشرك، ولهذا رُوي أن نوحا -عليه السلام- أمر بنيه بلا إله إلا الله وسبحان الله ونهاهم عن الكبر والشرك [رواه أحمد عن عبد الله بن عمرو]... فإن المستكبر عن عبادة الله لا يعبده فلا يكون مستسلما له، والذي يعبده ويعبد غيره يكون مشركا به فلا يكون سالما له بل يكون له فيه شرك؛ ولفظ الإسلام يتضمن الاستسلام والسلامة التي هي الإخلاص» [الفتاوى]، «وكل واحد من المستكبرين والمشركين ليسوا مسلمين» [النبوات].

فلا يكون المرء مسلما إلا بالتزام الإسلام بهذين المعنَيين، فمن لم يستسلم لله -كمن ترك جنس العمل أو امتنع بشوكة عن بعض الشرائع الظاهرة المتواترة- لم يكن إلا كافرا، ومن لم يكن سالما لله -كمن عبد الأنبياء والأولياء مقلّدا ومتأوّلا- لم يكن إلا مشركا ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم، وهذه الحقائق دلّت عليها شهادة أن لا إله إلا الله، قال أبو العباس بن تيمية، رحمه الله: «الإله هو المعبود المطاع» بحق [تيسير العزيز الحميد]، فلا معبود ولا مطاع بحق إلا الله، وهذه الكلمة متضمّنة لمعنَيي السلامة والاستسلام لله، وهي دعوة جميع الأنبياء والمرسلين إلى أقوامهم وأممهم.

قال أبو العباس بن تيمية، رحمه الله: «لفظ الإسلام... له معنيان، أحدهما: الدين المشترك وهو عبادة الله وحده لا شريك له الذي بعث به جميع الأنبياء، كما دل على اتحاد دينهم نصوص الكتاب والسنة، والثاني ما اختص به محمد، صلى الله عليه وسلم... وله مرتبتان: إحداهما الظاهر من القول والعمل وهي المباني الخمس، والثانية: أن يكون ذلك الظاهر مطابقا للباطن» [الفتاوى].

وهذه المباني الخمس التي هي حقيقة الإسلام قولا وعملا، ظاهرا وباطنا، بيّنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (بُني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) [رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر]، وفي رواية: (بُني الإسلام على خمسة، على أن يوحّد الله) [رواه مسلم عن ابن عمر]، وفي رواية: (بُني الإسلام على خمس، على أن يُعبد الله، ويُكفر بما دونه) [رواه مسلم عن ابن عمر]، فلم يكن الإسلام الذي اختصت به شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- إسلاما من غير سلامة واستسلام لله، بل إن المباني الخمس شُرعت ليكون المرء سالما لله مستسلما له بالتزام التوحيد واتّباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- والقيام بالمباني، وقال إسحاق بن راهويه، رحمه الله: «غلت المرجئة حتى صار من قولهم: من ترك المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود بها، إنّا لا نكفّره، ويُرجأ أمره إلى الله بعد إذ هو مقرّ [بها]؛ فهؤلاء المرجئة الذين لا شك فيهم» [مسائل حرب الكرماني].
...المزيد

من علامات العَارِفينَ بالله 1- أن يكون قلبه مرآةً، إذا نظر فيها رأى فيها الغيب الذي دُعي إلى ...

من علامات العَارِفينَ بالله

1- أن يكون قلبه مرآةً، إذا نظر فيها رأى فيها الغيب الذي دُعي إلى الإيمان به، فعلى قدر جلاء تلك المرآة يتراءى له فيها اللهُ سبحانه، والدار الآخرة، والجنة والنار، والملائكة، والرسل.

2- أن يقوم ويضطجع على التأهب للقاء الله، كما يجلس الذي قد شدَّ أحماله وأزمع السفر على التّأهب له، ويقوم على ذلك ويضطجع عليه، وكما ينزل المسافر في المنزل فهو جالس وقائم ومضطجع على التأهب.

3- أنَّه لا يطالب ولا يخاصم، ولا يعاتب، ولا يرى له على أحدٍ فضلًا، ولا يرى له على أحدٍ حقًّا.

4- أنَّه لا يأسف على فائتٍ، ولا يفرح بآتٍ؛ لأنَّه ينظر إلى الأشياء بعين الفناء والزوال، لأنَّها في الحقيقة كالظِّلال والخيال.

5- أن يعتزل الخلق بينه وبين الله، حتَّى كأنَّهم أمواتٌ لا يملكون له ضَرًّا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا؛ ويعتزلَ نفسه بينه وبين الخلق، حتى يكون بينهم بلا نفسٍ.

6- أنَّه مستأنسٌ بربِّه، مستوحشٌ ممَّن يقطعه عنه، ولهذا قيل: العارف من أنس بالله فأوحشه من الخلق، وافتقر إلى الله فأغناه عنهم، وذلَّ لله فأعزَّه فيهم، وتواضع لله فرفعه بينهم، واستغنى بالله فأحوجهم إليه.

[مدارج السالكين] لابن القيم -رحمه الله-


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 486
السنة السادسة عشرة - الخميس 13 رمضان 1446 هـ

إنفوغرافيك العدد
...المزيد

مِن أقوال علماء الملّة قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "العمل لأجل الناس وابتغاء الجاه ...

مِن أقوال علماء الملّة

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
"العمل لأجل الناس وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم ورجاؤهم للضر والنفع منهم لا يكون من عارف بهم البتة بل من جاهل بشأنهم وجاهل بربه فمن عرف الناس أنزلهم منازلهم ومن عرف الله أخلص له أعماله وأقواله، وعطاءه ومنعه وحبه وبغضه، ولا يعامل أحد الخلق دون الله إلا لجهله بالله وجهله بالخلق وإلا فإذا عرف الله وعرف الناس آثر معاملة الله على معاملتهم" [مدارج السالكين] ...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً