رموز أم أوثان؟! 6 إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ...

رموز أم أوثان؟! 6

إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ولكنها قضية مناهج وعقائد يتم إلباسها على هؤلاء الأشخاص، ليكونوا "رموزا" لهذه المناهج والأديان، فمن تعلق بهذه "الرموز" يراد منه ضمنا أن يتعلق بالمناهج التي التصقت بهم، ومن رفض تلك المناهج، اتهم فورا من قبل أصحابها بالطعن في "الرموز" الذين يعظمهم، لأنهم يحملون المنهج الذي رفضه.
[3/3]

• لا نعلق عقائد الناس بالرجال

فهذان جانبان خطيران من جوانب قضية تعظيم "الرموز" البدعية، التي هي باب جلي إلى الضلال والانحراف، وقطع حبال المودة بين المسلمين، التي يجب أن نحذرها، ونحذر منها الناس.
فنحذر من ربط جماعة المسلمين بعقيدة شخص من الأشخاص أو سنته، مهما ظهر من صلاحه وتقواه، واتباعه للسنة، وبراءته من الشرك وأهله، ومهما كان له من فضل وجهاد وإمامة في الدين، فكيف إن كان مجهول الحال، خافية علينا عقيدته، وأفعاله، وطباعه.

ويستوي في ذلك الأحياء والأموات، فالحي لا تؤمن عليه الفتنة، وليس بمعصوم من الخطأ، والميت وإن ظهرت منه خاتمة الخير، فإنه ليس بمبرَّأ أن يظهر ما هو مؤكد من أخبار حياته بعد موته ما ينقض تزكية شخصه، فضلا عن جعله إماما للمسلمين، ولعل في قصص بعض المنافقين في المدينة، الذين خص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- بمعرفتهم، خير مثال، إذ كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يعامل جميع الناس على ما يظهر منهم، فإذا مات منهم أحد نظر إلى حذيفة، فإن صلى عليه وافقه في ذلك، وإن أبى الصلاة عليه عرف عمر أنه من المنافقين.

ومن جانب آخر، نحذر من قضية تصنيف الناس أو موالاتهم أو معاداتهم بناء على مجرد مواقفهم من شخص من الأشخاص، وليست كل المحبة أو العداوة مبدأها ديني أو عقدي، فباب الهوى والمنفعة، والتحاسد والتباغض بين الأنداد واسع عريض، دخله الكثيرون، وباب الاختلاف في المسائل العلمية بين أهل الفضل وبناء الخصومات عليها باب مثله، إن لم يكن أوسع منه، وقد يكون التنافس على الدنيا، مثلما يكون لأجل الدين، وقد يكون على حق أو على باطل، ولكل امرئ حال ينظر فيها.

ولنا في مواقف الناس من علي -رضي الله عنه- خير مثال، فليس كل من أحبّه من أهل السنة والجماعة، بل قد يكون من الشيعة الروافض، أو ممن شابههم، أو كان أكفر منهم، وليس كل من قاتله في حياته من الخوارج المارقين أو النواصب المغالين، إذ قد وقع العداء والقتال بينه وبين أقوام هم من خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يصح بحال نسبة أحد منهم إلى خروج أو نصب، فكلهم عندنا سادة عدول، نجلهم جميعا، ونكف عما شجر بينهم.

• اعرفوا الحق تعرفوا أهله

ونسعى إلى حصر تمسك الناس بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعريفهم بالحق لا بالرجال، فمن عرف الحق عرف أهله، ومن عرف الباطل عرف أهله، والرجال يستدل لهم، ولا يستدل بهم.

وإن على كل من يريد نصب "الرموز" للناس أن يتذكر مبدأ عبادة الصور والأصنام بين الناس، وهو اتخاذ بعض الصالحين "رموزا" يتذكر قومهم العبادة برؤية صورهم، فلم يطل عليهم الزمن حتى جعلوهم وسائط بينهم وبين الله تعالى، وأشركوا بعبادتهم مع الله تعالى، وكذلك فإن من يدعو إلى تعظيم "الرموز" ليستدل الناس بهم على الخير، عليه أن يتذكر أنه لن يطول الزمن ببعض هؤلاء الناس، أو من بعدهم، حتى يأخذوا دين هؤلاء "الرموز" كله، بصوابه وخطئه، ويجعلوه دينا لهم، فيكون ضلالهم من ذات الباب الذي دخلوه، والله لا يهدي القوم الظالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

رموز أم أوثان؟! 6 إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ...

رموز أم أوثان؟! 6

إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ولكنها قضية مناهج وعقائد يتم إلباسها على هؤلاء الأشخاص، ليكونوا "رموزا" لهذه المناهج والأديان، فمن تعلق بهذه "الرموز" يراد منه ضمنا أن يتعلق بالمناهج التي التصقت بهم، ومن رفض تلك المناهج، اتهم فورا من قبل أصحابها بالطعن في "الرموز" الذين يعظمهم، لأنهم يحملون المنهج الذي رفضه.

[2/3]

• امتحان عقائد الناس بمواقفهم من "الرموز"

وعلى الجانب الآخر، تجد عُبَّاد "الرموز" يمتحنون عقائد الناس، لا بأقوالهم وأفعالهم، ولكن بمدى تعظيمهم لهؤلاء "الرموز"، وذلك بعد سلسلة طويلة من الخطوات، كأن يسعوا أولا إلى صناعة "الرمز"، وتعليق قلوب الناس به، ثم يخرجوا على الناس بعقيدتهم التي يلصقونها بهذا "الرمز"، أو التي يحملها حقيقة، وما عظموه إلا لأنها وافقت أهواءهم، ويطلبون من كل من يعظمه أن يعتقدها، ويتبعها، ليعدوه من الفرقة الناجية، ويبشروه بالحور والقصور.

أو أن يعلنوا أن هذا "الرمز" كان عدوا لإحدى طوائف الضلال، كالمرجئة أو الخوارج أو الروافض أو القدرية أو ما شابههم، ويؤصّلوا لقضية أنه لا يعادي هذا "الرمز" أو حتى يرفض غلوهم فيه، إلا من كان منتميا لتلك الطائفة الضالة التي أعلنوا سلفا أن "رمزهم" عدو لها.

وهكذا تكون نتيجة امتحان الناس بهذه الطريقة البدعية، أن يصبح الولاء والمودة والتزكية لمن يعظم "الرمز"، ولو كان من أضل الضالين، وتكون العداوة والبراء والنبز بالألقاب من نصيب كل من يشير إلى أي خطأ وقع فيه "الرمز"، أو يعاديه لخصومة من خصومات الدنيا، والمنازعات على حظوظها، أو حتى لمن يرى نفسه ندا له، لا يرى له عليه فضلا.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "لا يجوز لأحد أن يجعل الأصل في الدين لشخص إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا لقول إلا لكتاب الله عز وجل، ومن نصب شخصا كائنا من كان، فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} الآية، وإذا تفقه الرجل وتأدب بطريقة قوم من المؤمنين، مثل اتباع الأئمة والمشايخ، فليس له أن يجعل قدوته وأصحابه هم العيار، فيوالي من وافقهم، ويعادي من خالفهم، وليس لأحد أن يدعو إلى مقالة أو يعتقدها لكونها قول أصحابه، ولا يناجز عليها بل لأجل أنها مما أمر الله به ورسوله، أو أخبر الله به ورسوله، لكون ذلك طاعة لله ورسوله" [مجموع الفتاوى].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

رموز أم أوثان؟! 6 [1/3] إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من ...

رموز أم أوثان؟! 6


[1/3]

إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ولكنها قضية مناهج وعقائد يتم إلباسها على هؤلاء الأشخاص، ليكونوا "رموزا" لهذه المناهج والأديان، فمن تعلق بهذه "الرموز" يراد منه ضمنا أن يتعلق بالمناهج التي التصقت بهم، ومن رفض تلك المناهج، اتهم فورا من قبل أصحابها بالطعن في "الرموز" الذين يعظمهم، لأنهم يحملون المنهج الذي رفضه.

وقد وقع في هذا بعض من أهل الصلاح وطالبي الخير، بأن يعلن مدح شخص ما، على ما ظهر منه من صلاح وإحسان، وهو لا يعلم ما خفي من حال هذا الممدوح، الذي قد يكون "رمزا" لبعض الضالين، يستدلون بأقواله وأفعاله على صحة منهجهم، وسلامة عقيدتهم، حتى إذا ما طعن المادح أو من يتبعه بعقيدة هؤلاء الضالين، جادلوه بأنهم على عقيدة ومنهج "الرمز" الذي سبق له أن مدحه وأثنى عليه، ويسعون لإلزامه بقبول ضلالهم، لكي لا ينسحب طعنه في عقيدتهم إلى الطعن في "الرمز" الذي مدحه، أو يتهموه بالتناقض، بين مدحه لذلك "الرمز" وطعنه في العقيدة التي يحملها.

ولا يمكن حصر الأمثلة على "الرموز" التي امتدحها البعض، على ما علموا عنهم من خير، وجهلوا عنهم من باطل وضلال، كحال "رموز" الإخوان المرتدين كحسن البنا، و"رموز" القاعدة كعطية الله الليبي وأبي مصعب السوري، وغيرهم كثير من أئمة الضلال، ورؤوس الفتنة.

• ادعوهم إلى كتاب الله.. لا إلى "الرموز"

والمصيبة كل المصيبة أنك لا تزال تجد بعض المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة، يحرصون على منهج تعظيم "الرموز"، ويرون فيه منفعة يزعمونها، هي دفع الناس إلى تقليدهم واتباعهم في ما يعرفون عنهم من خير، وطاعتهم في ما يأمرون به من معروف.

ولا ينتبه هؤلاء إلى أن هذا "الرمز" الذي يعلمون الناس تعظيمه واتباعه مطلقا، قد يكون وقع في أخطاء كثيرة في ما قاله أو فعله أو قرره أو سكت عنه، أو زكّاه أو ذمّه، وأن أكثر الناس لا يفقهون قاعدة أهل السنة، بالأخذ من الرجال، والردّ عليهم، التي قررها أئمتهم وهي: "كلٌّ يؤخذ منه ويردّ عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وأن كثيرا من الناس يتخذون الرجال الذين يعظمونهم أربابا من دون الله، بطاعتهم مطلقا، واتباعهم مطلقا، وبالتالي يجعلون كل ما صدر منهم، أو روي عنهم، دينا يتعبدون الله به، فيكونون من الأخسرين أعمالا، الذين وصفهم الله -تعالى- بالضلال فقال: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104].

فما بالك إن كانت أخطاء هؤلاء "الرموز" تصل بهم إلى الكفر بالله والإشراك به، وأتباعهم يروجون لهذا الكفر والشرك على أنه التوحيد الخالص، والعقيدة الصحيحة، ويستدلون على ذلك، بأنها عقيدة "الرمز" التي لا يسع من يعظمه الخروج عليها، أو الطعن فيها، وإلا لزمه أن يطعن في "الرمز" أيضا، فيكون عندهم من المقبوحين، أخزاهم الله، وجمعهم بمن يتبعون على شركهم في نار جهنم، فيكون حالهم كمن وصفهم ربنا العظيم جل وعلا: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 166].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم 2/2 اعلم أيها الموحد أنك إن ضاقت بك فتن الكفار وضاق عليك الحصار، ...

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم

2/2
اعلم أيها الموحد أنك إن ضاقت بك فتن الكفار وضاق عليك الحصار، وأنت لم تعرف حالك عند أعداء الملة والدين ولم تكن على قدر المسؤولية فإنك على وشك السقوط وتحقيق هدفهم الأول في النيل من دينك وتوحيدك لله رب العالمين، فاستعن بالله ولا تعجز، وتزود من التقوى فهي سلاحك الذي لا ينفد، وسيفك الذي لا ينبو.

فحافظ على أذكار الصباح والمساء والحروز التي تتقي بها الأعداء فمن لاذ بحمى الله وقوته فلا غالب له، واستثمر وقتك في كل ما يغيظ الكفار، وينال منهم، ويضعفهم، ويوهن عزيمتهم، ويوقع بهم أعظم النكايات، ولا تغفل عن تجديد إيمانك وتوحيدك وقتال الطواغيت وجنودهم دائما، واجعل هذا ديدنك في نفسك وأهلك، تذاكر مع إخوانك وتعلم، وتواص معهم بالحق والصبر على لأواء الطريق حتى بلوغ الراحة في اجتماعٍ خالدٍ ونعمة لا تزول، فموضع سوط المجاهد في الجنة خير من الدنيا وما عليها فما بالك بجنة عرضها السماوات والأرض، واعلم أنك مقبل على فتن وابتلاءات لا يثبت فيها إلا من رسخ إيمانه وثبت يقينه وصبره وحسن توكله، قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- عن الجهاد: "فيه سنام التوكل وسنام الصبر، فإن المجاهد أحوج الناس إلى الصبر والتوكل، ولهذا قال تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 41 - 42] وَقَالَ: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]" [مجموع الفتاوى].

وتذكر يا معادي الأمم الأمر العظيم الذي خرجت من أجله، فما خرجت إلا لتحقيق العبودية لله -سبحانه- واستنقاذ الناس من عبودية الطواغيت، وإخراجهم من الظلمات إلى النور بإذن الله سبحانه، فإن قتلت فميتة كريمة ومنزلة رفيعة، ومنزلتك في الجنة التي أعدها الله لك ما هي إلا لأنك عاديت أمم الكفر وكفرت بطواغيتهم وآمنت بالله ربا وإلها وأقمت شرعه رغم أنوفهم، فأتيت بالجهاد وطلب الاستشهاد بينةً واضحةً على صدق دعواك بتوحيد الله -تعالى- والكفر بالأنداد الباطلة، فأغلى ما يقدم العبد لربه -سبحانه- هو نفسه وماله.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "وأعظم مراتب الإخلاص: تسليم النفس والمال للمعبود كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111]، والجنة اسم للدار التي حوت كل نعيم، أعلاه النظر إلى الله إلى ما دون ذلك مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مما قد نعرفه وقد لا نعرفه كما قال الله -تعالى- فيما رواه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)" [مجموع الفتاوى].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم 1/2 أيها المجاهد الصابر المحتسب، كُتبت لك هذه الكلمات لتعرف قدرك ...

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم

1/2
أيها المجاهد الصابر المحتسب، كُتبت لك هذه الكلمات لتعرف قدرك وقيمتك عند عدو الله وعدوك، فقد اجتمعت عليك الأمم من كل الأجناس والأعراق من العرب والعجم.

فمن أنت أيها الجبل الأشم، من أنت لترسو لأجلك بارجات الصليبيين في البحار، وتجوب سماءك طائرات الكفار، وتصول على أرضك حشود الفجار.

من أنت أيها المعتز بدينه وتوحيده لتجتمع عليك كل هذه الحشود وتحاصرك في عزيز ملكته، أرض تحكم بشرع الله تذود عن حماها. لقد سموت بعزة الله وقوته وشرعه العظيم، وساء ذلك الكفار حسدا من عند أنفسهم لما أنت عليه من التوحيد.

فلو ملكت الأرض ولم يكن لدولتك حكم بشرع الله لما ألقوا لك بالا ولكنَّ توحيدك هو ما يغيظهم، قال الله سبحانه: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109]، فسعوا بدافع هذا الحسد المقيت لقتالك، فكان قتالهم لأجل دينك الذي حملته في قلبك وجوارحك، قال الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].

لو ملكت أسلحة الدمار الشامل ولم تملك هذا الدين العظيم لتركوك كما تركوا دولا امتلكته أو تسعى لامتلاكه، ولكنهم علموا أن دينك الذي ينتشر تحت شديد قتالك لطواغيتهم وأجنادهم هو أعظم من كل سلاح عندهم، فلم ولن يمهلوك لحظة واحدة ولن ينفك عنك قتالهم وعداوتهم، فإما سلطانهم في الأرض وفتنة الشرك التي يسعون لنشرها، وإما سلطان الله وهيمنة دينه على الأرض.
فاصدق مع الله في جهادك يا معادي الأمم، واخشه ولا تخش أحدا غيره، فيأس الكفار من دينك متحقق لا محالة، قال الله سبحانه: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 3].

أيها الموحد الغريب، إنك هدف مهما كانت منزلتك، سواء كنت جنديا أو أميرا، فقيرا أو غنيا، لأن علة استهدافك هو دينك الذي علم الكفار أنك أخذته كله، ولم تؤمن ببعض وتكفر ببعض، لتلتقي معهم في منتصف الطريق.

وكذلك هو حالك أيتها الموحدة الصابرة، لأنك عفيفة تكثِّرين نسل المجاهدين وتربِّين أبناءك على التوحيد وجهاد الكفار، فيزيد غيظهم دينك وطهارتك، فلا عجب أن تكوني بذاتك هدفا للكفار.
فنحن في صراع طويل مع الكفار، والفوز والنصر للمتقين لا محالة فقد قال الله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، وقال سبحانه: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 173]، فأنت غالب في الدنيا بالظهور والغلبة على الكفار، أو منصور بقتلة في سبيل الله تنال بها النعيم المقيم عند الرب الكريم، وأعداؤك في حسرة دائمة، ودافع الغيظ يجعلهم يستنفدون طاقاتهم ليصدوا عن سبيل الله بإنفاق الأموال وبالقتال أو بغيره من عروض الدنيا الفانية وزخرفها الزائل.

فيا أيها العزيز الأبي في زمن الملاحم، امض ولا تلتفت وراءك فأنت ما خُلقت من أجل عرض فانٍ، بل خُلقت لتعبد الله وحده وتفوز بالجنان والروض الحسان، فحقق معنى العبودية لله بتحيكم شرعه والكفر بأنظمة طواغيت العالم وأديانهم وحشودهم، واصدع بكل عزة وافتخار بدين الله الذي كتب الله له الهيمنة على كل الأديان، فأنت من أجل ذلك هدفهم الوحيد وغايتهم الأولى.
فهل عرفت قدرك عند أعدائك؟ هل علمت مقدار تقصيرك في أداء واجبك حين تضيع وقتك والكفار يستثمرون أوقاتهم لحربك؟

هل علمت مقدار تقصيرك في حق نفسك حين تهمل سلاح التزود بالتقوى وأمم الكفر تطور أسلحتها كل يوم لتنال منك؟

هل علمت مقدار تقصيرك عندما تركت الأذكار والأدعية التي تتقي بها كيد شياطين الإنس والجن وهم قد سخروا لك الجواسيس والمنافقين، والسحرة والشياطين؟

هل علمت مقدار تقصيرك إن صرفت أكثر وقتك للدنيا التي يفترض أنك تركتها لأهلها ومضيت إلى ربك تبتغي إحدى الحسنيين؟

هل علمت مقدار تقصيرك وذنبك إن فرَّقت صف المجاهدين وقلوبهم ولم تسمع وتطع لأميرك بالمعروف ولم تطع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ فإنَّ من أطاع الأمير فقد أطاع الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم. فانظر إلى أمم الكفر قد أطاعوا معبودهم أمريكا ورموك عن قوس واحدة، واجتمعوا على ذلك.

هل علمت مقدار تقصيرك إن لم تسع للاستزادة بالعلم الذي يوصلك إلى الله -تعالى- وتنقذ به نفسك وأهلك من النار؟

واعلم حقيقة الخسارة، فإنها ليست فوات دار واسعة أو مركبة فارهة أو مال وحليلة، أو زواج حسناء جميلة، بل هي ما قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [الزمر: 15].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

6/6

وإلى إخوة العقيدة والإيمان، في أوروبا وأمريكا وروسيا وأستراليا وغيرها
وإلى الأشاوس مجندلة العدا، أبناء أهل السنة من جنود الخلافة في أرض فارس، بارك الله صنيعكم بأعداء الملة والدين، لقد شفيتم الصدور وأدخلتم على المسلمين السرور، وأوقعتم بالمشركين ما كانوا يحذرون، فواصلوا الضربات فإن بيت دولة المجوس أوهن من بيت العنكبوت.

وإلى إخوة العقيدة والإيمان، في أوروبا وأمريكا وروسيا وأستراليا وغيرها، لقد أعذر إخوانكم في أرضكم، فثبوا على إثرهم واقتدوا بصنيعهم واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف.

ويا إخواننا الأسرى في كل مكان، والله ما نسيناكم يوما ولن ننساكم ولكم حق علينا، فاصبروا واثبتوا ولا تقولوا إلا خيرا، فـ (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله -تعالى- إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط) [رواه الترمذي]، وأكثروا من الدعاء في هذا الشهر المبارك بأن يجعل لكم اللطيف الخبير فرجا ومخرجا، واسألوه أن يمن على إخوانكم المجاهدين بالنصر والثبات والتمكين، ولن ندخر -بإذن الله- جهدا لاستنقاذكم.

ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

5/6

عسى أن تلقى مولاك وهو راض عنك
يا جندي الخلافة، تأمل واعتبر بما يجري حولك من أحداث وتفكر، ثم انظر، فما هي -والله- إلا ميتة واحدة وقتلة واحدة، فكن عزيزا بدينك مستمسكا بإيمانك، عسى أن تلقى مولاك وهو راض عنك وأنت مقبل غير مدبر، واحذر يا جندي الخلافة، احذر مجالس الفتن واجتنبها، والزم وصية نبيك -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني) [متفق عليه].

اغتنموا ما بقي من هذا الشهر الفضيل
ولا يفوتنا في هذا المقام، أن نذكِّر إخواننا المجاهدين وأهل الإسلام عامة، باغتنام ما تبقى من هذا الشهر الفضيل، الذي قال الله فيه، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، فإن من نعم الله -تبارك وتعالى- على عباده المؤمنين أن بلغهم موسم الخير هذا، لتزكو نفوسهم وتطهر مما علق بها من الأدران، فتكون خالصة نقية، فيبادروا بالأعمال الصالحات، ويغتنموا أيامه المعدودات.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين) [متفق عليه]، فهنيئا لمن حل عليه وقد أسلم وجهه لله وهو محسن، متبع ملة إبراهيم حنيفا، هنيئا لمن عمل بشرائع الإسلام كلها، هنيئا لمن ثبت على الحق وأخذ الكتاب بقوة، هنيئا لمن أجاب داعي الله وآمن برسله وجاهد أعداءه وصدق بموعوده.

يا ليوث الموصل والرقة وتلعفر
فيا جنود الخلافة القابضين على الجمر الصابرين الثابتين على العهد، الذين علموا أن هذه الدار ما هي إلا دار ابتلاء وامتحان، كما قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31].

اعلموا -يرحمكم الله- أنكم اليوم كتيبة الإسلام وطليعته في وجه أحلاف الكفر، فبثباتكم وتجلدكم وتصبركم، عز للإسلام ونصر للمسلمين ودولتهم، فأروا الله من أنفسكم خيرا.

ويا ليوث الموصل والرقة وتلعفر، يا شامة العز والفخار وغيظ الفجار، بارك الله تلك السواعد المتوضئة والوجوه النيرة، فاحملوا على الروافض والمرتدين وشدوا عليهم شدة رجل واحد، فما ذل من التجأ إلى خالقه ومولاه، وما عز من استجار بسواه، فأنتم تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، وتبذلون الأنفس قربة لله، نحسبكم والله حسيبكم، فجددوا النوايا وأصلحوا الطوايا، واصبروا على ألم الجراح والطعان، وصابروا وراغموا أولياء الشيطان، واتقوا الله فإنها خير العدة في الحرب وأفضل المكيدة لعلكم تفلحون، وإنما النصر صبر ساعة، ثم تكون لكم العاقبة، بإذن الله.

ويا جنود الخلافة في ولايات دجلة والبادية وصلاح الدين وديالى وكركوك، وبغداد شمالها والجنوب، ويا جنود الإسلام في الفلوجة والأنبار والفرات، إياكم أن تمضينَّ عليكم ليالي هذا الشهر الفضيل، إلا وقد أذقتم قطعان الرفض والمرتدين صنوف القتل والدمار، وها هم اليوم قد حلوا بساحتكم، فلا خير في عيش يجوس فيه أحفاد المجوس خلال ديار حكمتموها بشرع الله، فأحكموا الكمائن والعبوات، وافلقوا الهام ضربا بالقناصات، وأبيدوا جموعهم عصفا بالمفخخات.
ويا جنود الخلافة في ولايات حلب والخير والبركة وحمص وحماة ودمشق، يا أحفاد خالد وأبي عبيدة، يا أبطال الإسلام وليوث الإقدام، دونكم النصيرية وملاحدة الأكراد وصحوات الردة في الشام، ثبوا عليهم وثبة الأسد الغضاب، وادخلوا عليهم من كل باب، ولا يفوتنكم حظكم من هذا الشهر فأقبلوا على ربكم مخبتين له طائعين منيبين، وتعرضوا للشهادة واطلبوها، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].

ويا جنود الإسلام في ولايات سيناء ومصر وخراسان واليمن وغرب إفريقية والصومال وليبيا وتونس والجزائر وكل مكان، واصلوا جهادكم والزموا ثغوركم ورباطكم، ولا تمهلوا أعداء الله ساعة من نهار، واسعوا جاهدين لإقامة شرع الله وحكمه في الأرض، فغاية جهادنا أن يكون الدين كله لله وأن تحكم الأرض كل الأرض بشرع الله.

ويا أبناء الخلافة في شرق آسيا، نبارك لكم فتح مدينة ماراوي، فالله الله بالثبات وشكر النعمة التي امتن الله بها عليكم، فاستعينوا بالله على عدوكم، فهو كافيكم، وهو حسبكم نعم المولى ونعم النصير.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

4/6

إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ..

ثم ذكر -تعالى- قول طائفة ممن كانوا في عسكر المسلمين من المنافقين في معركة الأحزاب: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} [الأحزاب: 13]، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد عسكر بالمسلمين عند جبل سَلْعٍ وجعل الخندق بينه وبين العدو، فقالت طائفة منهم، لا مقام لكم هنا لكثرة العدو فارجعوا إلى المدينة، وقيل لا مقام لكم على دين محمد فارجعوا إلى دين الشرك، وقيل لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى الاستئمان والاستجارة بهم.

ثم ذكر -سبحانه- حال المنافقين في تلك الغزاة ومقالهم في أكثر من موطن، فتارة يقولون :أنتم الذين أشرتم علينا بالمقام هنا والثبات بهذا الثغر إلى هذا الوقت، وإلا فلو كنا سافرنا قبل هذا لما أصابنا هذا. وتارة يقولون: أنتم مع قلتكم وضعفكم، تريدون أن تكسروا العدو وقد غركم دينكم، كما قال الله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 49]، وتارة يقولون: أنتم مجانين لا عقل لكم، تريدون أن تهلكوا أنفسكم والناس معكم. وتارة يقولون أنواعا من الكلام المؤذي الشديد، وبعد أن ذكر –سبحانه- حال المنافقين والثابتين من المؤمنين في سورة الأحزاب، حَثَّ عباده المؤمنين على التأسي والاقتداء برسوله -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الأحداث، فقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، فأخبر -سبحانه- أن الذين يبتلون بالعدو كما ابتلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهم فيه أسوة حسنة حيث أصابهم مثل ما أصابه، فليتأسوا به في التوكل والصبر، ولا يظنوا أن هذه نقم لصاحبها وإهانة له، فإنه لو كان كذلك ما ابتلي بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير الخلائق، بل بها تنال الدرجات العالية، وبها يكفِّر الله الخطايا لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا، قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تأويل هذه الآية: "هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين، ولهذا قال –تعالى- للذين تضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، أي: هلَّا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله؟ ولهذا قال: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}"، انتهى كلامه رحمه الله.

ولقد صرف الله الأحزاب عام الخندق بما أرسل عليهم من ريح الصبا، وبما فرَّق به بين قلوبهم حتى شتت شملهم ولم ينالوا خيرا، كما في قوله سبحانه: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25].

فنسأله -سبحانه- أن يصرف الأحزاب عن دولة الخلافة، كما صرفها عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، رضوان الله عليهم.

أربَّ البيت عفوك والمتابا
وألهمنا بعزتك الصوابا
وألبسنا بفضلك تاج نصر
وألبس جمع كفرهم العذابا
فقد خشعت جوانح كل فرد
وأحنينا لعزتك الرقابا


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

3/6

أحزاب كأحزاب يثرب
وفي هذه الأحداث اليوم، تحزب هذا العدو من صليبيين وملاحدة ورافضة وغيرهم من المرتدين، وأقبلوا بطائراتهم وبارجاتهم وما يملكون من قوة، يقصدون ديار المسلمين والاستيلاء عليها، وقد أحاطوا بها من كل جانب كما قال ربنا في شأن الأحزاب: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: 10 - 11]، قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تأويل هذه الآية: "يقول -تعالى- مخبرا عن ذلك الحال، حين نزلت الأحزاب حول المدينة، والمسلمون محصورون في غاية الجهد والضيق، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم، أنهم ابتلوا واختبروا وزلزلوا زلزالا شديدا، فحينئذ ظهر النفاق، وتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم، أما المنافق فنجم نفاقه، والذي في قلبه شبهة ضَعُفَ حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه، لضعف إيمانه وشدة ما هو فيه من ضيق الحال". انتهى كلامه رحمه الله.

ولقد ذهب الناس اليوم كل مذهب، وظن الخوَّارون المتحيِّرون ظنَّ السوء، فهذا يظن أنه لا يقف أمام الأحزاب أحد من المجاهدين ويباد أهل الإسلام، وهذا يظن أنهم لو وقفوا لكسروهم كسرةً وأحاطوا بهم إحاطة السوار بالمعصم، وهذا يظن أن أرض العراق والشام وغيرها من ديار الإسلام، لم تعد مأوى للمسلمين ولم تبق تحت دولة الإسلام، فيحدِّث نفسه بالفرار إلى ديار الكفر، وهذا يظن أن ما أخبره به أهل الآثار النبوية وأهل التحديث من المبشرات، ما هي إلا أماني كاذبة وخرافات لاغية.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

2/6

قد كان لكم آية
ففي معركة بدر، قصَّ علينا ربنا حال نبينا -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام مع عدوهم فقال: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِہِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران: 13]، وقص علينا حصارهم لبني النضير فقال: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]، فأمرنا -سبحانه- أن نعتبر بأحوال من سبقنا في هذه الأمة وما قبلها من الأمم، ثم ذكر -جل وعلا- في غير موضع من كتابه، أن سنته في الأمم سنة مطردة وعادته مستمرة، قال تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح: 22 - 23]، فينبغي على كل مجاهد في دولة الإسلام، أن يعتبر بسنة الله وأيامه في عباده، لا سيما في مثل هذه الحملة الغاشمة على دار الإسلام وأرض الخلافة، فقد أطل النفاق برأسه وكشَّر الكفر عن أنيابه، وظنَّ المنافقون والذين في قلوبهم مرض، أنَّ ما وعدهم الله ورسوله إلا غرورا، وأنْ لن ينقلب حزب الله ورسوله إلى أهليهم أبدا، وزين ذلك في قلوبهم وظنوا ظن السوء وكانوا قوما بورا، وإن وجه الاعتبار من هذه الحوادث العظيمة، أنه كما ابتلي المسلمون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الأحزاب، وقد أنزل الله فيها سورة تضمنت ذكر هذه الغزاة، التي نصر الله فيها حزبه الأمين، وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده بغير قتال، بل بثبات المؤمنين بإزاء عدوهم، كذلك الحال اليوم في الرقة والموصل وتلعفر، شبيه بتلك الحال سواء بسواء، ولقد انقسم الناس اليوم كانقسامهم عام الخندق، إذ إن المسلمين في غزوة الأحزاب تحزب عليهم عامة المشركين الذين حولهم، وجاءوهم بجموعهم إلى المدينة ليستأصلوهم، فاجتمعت قريش وحلفاؤها من بني أسد وأشجع وفزارة وغيرهم من قبائل نجد، واجتمعت أيضا اليهود من قريظة والنضير، فإن بني النضير كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أجلاهم قبل ذلك، كما ذكره الله -تعالى- في سورة الحشر، فجاؤوا في الأحزاب إلى قريظة وهم معاهدون للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومجاورون له قريبا من المدينة، فلم يزالوا بهم حتى نقضت قريظة العهد ودخلوا في الأحزاب، فاجتمعت هذه الأحزاب العظيمة وقد فاقوا المسلمين أضعافا كثيرة في العدد والعدة، فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- الذرية من النساء والصبيان في آطام المدينة، وجعل ظهرهم إلى جبل سَلْعٍ وجعل بينه وبين العدو خندقا، والعدو قد أحاط بهم من العالية والسافلة وكان عدوا شديد العداوة، لو تمكن من المؤمنين لكانت نكايته فيهم أعظم النكايات.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

1/6

الحمد لله القائل في كتابه العزيز: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله بالسيف بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فأقام به الحجة وأوضح به المحجة ونصر به الملة الحنيفية، وجاهد في سبيل الله حتى استقام به الدين، فصلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

فإن من سنة الله -تعالى- التي لا تتبدل ولا تتغير، ابتلاؤه لعباده المؤمنين كما أخبر -سبحانه- بقوله: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2 - 3].

وقال تعالى: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 4].

فكان لا بد للمؤمن أن يوطن نفسه للابتلاء، وقد جاء في الحديث القدسي الذي يرويه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ربه تعالى: (ألا إن ربي أمرني أن أعلِّمكم ما جهلتم، مما علَّمني يومي هذا، كلُّ مالٍ نحلتُه عبداً حلالٌ، وإني خلقتُ عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحَرَّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرَتْهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلتُ عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان، وإن الله أمرني أن أُحرِّق قريشا، فقلت: رب إذاً يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة، قال: استخرجهم كما استخرجوك، واغزُهم نُغزِك، وأنفق فسننفق عليك، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك) [رواه مسلم].

ولن تجد لسنّة الله تبديلاً
وما هذه الابتلاءات التي تمر بها الدولة الإسلامية اليوم، من اجتماع ملل الكفر عليها وتحزب الأحزاب إلا مصداق لذلك الوعد، فلا نقول إلا كما قال سلفنا الصالح من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رأوا الأحزاب: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].

وقد أنزل الله في سورة البقرة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، فبين الله -سبحانه- منكِرا على من ظن خلاف ذلك، أنهم لا يدخلون الجنة إلا بعد أن يبتلوا مثل هذه الأمم قبلهم، بالبأساء: وهي الحاجة والفاقة، و بالضراء: وهي الوجع والمرض، وبالزلزال: وهي زلزلة العدو، فلما جاء الأحزاب عام الخندق فرأوهم، قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وعلموا أن الله قد ابتلاهم بالزلزال، وأتاهم مَثَل الذين خلوا من قبلهم، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما لحكم الله وأمره. وهذه حال المسلمين الصادقين اليوم، كما كانت هي حال المسلمين الصادقين في كل زمان، وإن هذه الفتنة التي ابتلي بها المسلمون في دولة الخلافة، مع هؤلاء الكفرة المفسدين الصائلين على شريعة الإسلام، قد جرى مثيل لها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتلى الله بها نبيه والمؤمنين، وأنزل -سبحانه وتعالى- في تلك الأحداث سورا واضحات وآيات بينات، وزخرت كتب السنة بذكر كثير منها، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "إن نصوص الكتاب والسنة اللَّذين هما دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، يتناولان عمومَ الخلق، وعهودُ الله في كتابه وسنة رسوله تنال آخر هذه الأمة كما نالت أولها، وإنما قصَّ الله علينا قصص من قبلنا من الأمم لتكون عبرة لنا، فنشبِّه حالنا بحالهم ونقيس أواخر الأمم بأوائلها، فيكون للمؤمن من المتأخرين شَبَهٌ بما كان للمؤمن من المتقدمين"، انتهى كلامه رحمه الله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

استعينوا بالله واصبروا • أصبحت الحرب على الدولة الإسلامية واحدة من أهم ثوابت الدول الصليبية في ...

استعينوا بالله واصبروا


• أصبحت الحرب على الدولة الإسلامية واحدة من أهم ثوابت الدول الصليبية في إدارتهم للملفات السياسية بين الدول الكافرة، فكل أمر قد يؤثر على هذه الحرب أو يشغل عنها فهو مرفوض مهما كانت أهميته بالنسبة لهذه الدولة الكافرة أو تلك.
فأمريكا الصليبية تمنع حلفاءها من أي صدام أو تنازع، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى انشغال هؤلاء الحلفاء بالحرب فيما بينهم، عن مهمتهم الأكبر ووظيفتهم الأهم وهي قتال الدولة الإسلامية، وقد بات هذا الأمر عامل إرباك لهذه الدول، وهي ترى مصالحها تتأثر، وأعداءها يحققون المكاسب على حسابها، وهي عاجزة عن الرد عليهم، أو لجم تحركاتهم، بانتظار أن تضع الحرب أوزارها بين الدولة الإسلامية وأعدائها.

فيما باتت بعض الأطراف التي فهمت هذه اللعبة جيدا تسعى لاستثمار الوقت فيها بأقصى ما تستطيع، فتسعى لوضع يدها على أكبر قدر ممكن من المكاسب، مستغلة عجز أعدائها عن الإتيان بأي حركة، خوفا من المعارضة الأمريكية.

وهذا ما نجده اليوم مثالا واضحا خلال الصراع المتصاعد بين طواغيت دول الخليج، الذين يريد كل منهم فرض إرادته على الآخرين، وينافسهم على الحظوة لدى الصليبيين، ويسعى جهده ليثبت أنه الأكثر نفعا للصليبيين في حربهم على الدولة الإسلامية.

فمنذ الأيام الأولى لخروج هذا الصراع للعلن هرع كلا الطرفين المتصارعين إلى الولايات المتحدة يطلب منها العون على خصمه، فكان الجواب الأمريكي الجازم، أنها تتقبل أي درجة من درجات الصراع بينهم، ما لم تؤثر على خطة حربها ضد الدولة الإسلامية، خاصة وأن أغلب الطائرات التي تقصف المسلمين في العراق والشام، تنطلق من الأراضي التي يسيطر عليها أولئك الطواغيت.

وكذلك رأينا أحد وزراء الدول الأوروبية الذي حضر إلى الخليج للوساطة بين أولئك الطواغيت، يذكرهم بوظيفتهم الحقيقية، وواجبهم الأول، ويقولها صريحة أن عليهم أن لا يقدموا أي شيء على قتال الدولة الإسلامية، فهو الهدف الأول لأسيادهم الصليبيين اليوم.

ومثل هذا نراه جليا في منع أمريكا للصراعات بين كل من طواغيت تركيا، والـ PKK المرتدين، وكذلك بين الحكومة الرافضية في بغداد ومرتدي إقليم كردستان، وذلك تحت شرط معلن، بأنها لن تقبل أي صراع قد يؤثر على سير الحرب ضد الدولة الإسلامية، وأن عليهم انتظار أن تضع هذه الحرب أوزارها، ليتمكنوا من فتح ملفات خلافاتهم، وإدارة صراعاتهم بالطريقة المناسبة.

وها قد مرت -بفضل الله- ثلاثة أعوام على هذه الحرب، التي يعترف قادة الصليبيين بعجزهم عن تحديد أمد زمني لانتهائها، وهو الأمر الذي يضغط كثيرا على أعصاب بعض حلفاء أمريكا، وهم يعلمون أنه كلما طال أمد هذه الحرب، فإن أعداءهم سيصبحون أقوى، وسيكون من الصعب استعادة ما حققوه من مكاسب من أيديهم، ويوما بعد يوم يفرغ صبر هؤلاء الأعداء، ويصبحون أكثر قابلية لتجاوز الممانعة الأمريكية، خاصة إذا تجاوزت مكاسب خصومهم، وتصرفاتهم المعادية لهم، خطوطا حمراء، يصعب عليهم تحمل نتائج تجاوزها، ويعرفون صعوبة إعادتهم عنها فيما بعد.
ولذلك فإن كل يوم آخر يثبت فيه المجاهدون في حربهم ضد التحالف الصليبي، من شأنه أن يزيد -بإذن الله- من حدة الصراع بين حلفاء أمريكا، ويقرب من حالة الاحتراب بينهم، فيكف الله بذلك أذاهم عن المؤمنين، ويشغل الدول الصليبية بحل هذه النزاعات، ويفتح أمام الموحدين أبوابا جديدة للعمل في مناطق أخرى من العالم، تزيد من تشتت الصليبيين، وتنهك حلفاءهم الطواغيت.

إن أي تحالف في العالم لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، وإن الزمن هو أحد أهم العوامل في تفكيك التحالفات، وإن زيادة التكاليف على بعض أطراف أي حلف من شأنها أن تدفعه إلى الانسحاب منه، وكذلك فإن الصراع بين أعضاء الحلف، وشعور كل منهم أن الآخر يستغل هذا التحالف لصالحه، من شأنه أن يذهب بقيمته في أعينهم، ويدفع كلا منهم على تفضيل العمل لمصالحه الخاصة، خارج هذا التحالف.

وإن إطالة أمد هذه الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي وأتباعه، بالإضافة إلى الاستمرار في توجيه الضربات الموجعة لأعضاء هذا التحالف، من شأنها أن تؤدي -بإذن الله- إلى خلخلة صفوفه، وسعي بعض أطرافه إلى الخروج منه، تخلصا من تكاليفه الباهظة، وطلبا للسلم والعافية.

ولا يكون ذلك بعد الاستعانة بالله، إلا بمزيد من الصبر والمصابرة، والجهاد والمثابرة، حتى يفصل الله بيننا وبين القوم الكافرين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. للمزيد من المواد
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً