خواطر مجاهد من ملحمة الموصل 1/5 إيمانٌ خالطت بشاشته القلوب: على بُعد أمتار من خط رباطنا ...

خواطر مجاهد من ملحمة الموصل

1/5

إيمانٌ خالطت بشاشته القلوب:

على بُعد أمتار من خط رباطنا كان العدو، لا يفصل بيننا وبينه إلا شارع أحدثت فيه طائرات (B52) الأمريكية المنطلقة من قواعد جزيرة العرب حفرا هائلة، كتلك التي انتشرت في مختلف أحياء الموصل القديمة، نتيجة تطبيق الصليبيين وأذنابهم استراتيجية ساذجة لمنع وصول الاستشهاديين إلى تجمعات المرتدين ومقراتهم، فانقلب تدبيرهم تدميرا لهم، فأخرجت تلك الحفر آلياتهم عن الخدمة، ومنعتها من الحركة، ولم يبق أمامهم إلا أن تقوم طائراتهم مقام آلياتهم لتقدم التغطية النارية لجنودهم، وتفتح أمامهم الطريق، فتحرق الأخضر واليابس، وتحيل المناطق الواسعة يباباً حتى يتقدم القطيع المثقل بالجراح بضعة أمتار.

عوداً إلى خط النار إذ يتوزع المجاهدون على مفارز وكمائن على طوله بين ركام المباني المهدَّمة والخنادق، يتخلل كل مفرزة قناصون ماهرون يتربصون بالروافض الأنجاس، يتناوبون على القنص الليلي والنهاري.

عمل شاق ومحفوف بالمخاطر، فهو يتطلب التركيز الدائم، والعين الساهرة والقوة البدنية.

اقتربتُ من أحدهم، وقد شدتني فيه وضاءة وجهه، وجبيرة يده المكسورة، حاولت أن أفتح حديثاً معه، لكن خشيت أن تفوته فريسته أثناء حديثي، فجلست بجانبه أرصد تحركات العدو.

سادت حالة من الصمت شقت جدارها أصوات انفجارات متعددة، كانت إحداها نتيجة قنبلة فوسفور أبيض انفجرت على مقربة منّا، فانبعث دخان كريه الرائحة، فسارعت إلى قطعة قماش كنت قد هيئتها للحوادث المماثلة كي أستنشق عبرها.

ولكن الله -تعالى- أبعد الدخان عنا، واتجه صوب المرتدين ولله الحمد، غير أن غبار المبنى المدمَّر القريب أعدم الرؤية بالمكان، فلما انقشع الغبار جاء إليّ هذا القنّاص والبسمة تعلو محيَّاه، وهو يهمّ باتخاذ موقع بديل، قائلا: بإذن الله، هذا الغبار لن يجتمع بأنفي وأنفك وأنوف من يستنشقه من المجاهدين، مع دخان نار جهنم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمعُ غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبداً) [رواه البخاري في الأدب المفرد وغيره]، ثم أردف قائلاً: تعرف أن الدخان أكثر رائحة أكرهها في حياتي، غير أني أستعذبها الآن!

ذكرني بقول بلال -رضي الله عنه- لما سُئل كيف صبرت يا بلال؟ (أي على عذاب المشركين لك برمضاء مكة) قال: مزجتُ حلاوة الإيمان بمرارة العذاب، فطغتْ حلاوة الإيمان على مرارة العذاب، فصبرت!

ذكرتني هذه الحادثة بقصة أخرى عن أثر حلاوة الإيمان على المؤمن، فيستطيب العسير الشاق في سبيل دينه.

شاب ينحدر من إحدى قرى الموصل، نحيل به عرجة نتيجة إصابة عصبية في رجله في إحدى المعارك، وصل للصف الخامس العلمي وكان من المتفوقين في دراسته، كان والده -تقبله الله- يحلم أن يكون ابنه طبيباً.

ولما فُتحت الموصل، التحق والده بالمجاهدين، ثم تبعه هو وأعمامه، حتى التحق بنو جده كلهم، وقد قُتلوا كلهم في سبيل الله، نحسبهم والله حسيبهم، آخرهم والده وعمه في يوم واحد في الزنجيلي.

سألته: هل تؤلمك إصابتك؟ قال: عندما أضغط على شيء ناتئ أتألم.

كنت أشفق عليه لحالته، غير أنه لما يحمى الوطيس تجده أول المتقدمين، مهرولاً وكأنه صحيح معافى. ما شاء الله... لا يعرف السكون، يستطلع أماكن العدو، ويبحث عن نقاط مناسبة لاصطياد فرائسه.

ففي ظل هذه المعركة القاسية، صار إيجاد المكمن المناسب للمجاهد غاية عسيرة، إذ جرت العادة أن يهاجَم أيُّ مكان يُرمى منه العدو برصاصة بصاروخ طائرة، في استنزاف مريع للترسانة العسكرية الصليبية والرافضية، فغدت أماكن الرباط في خط النار أكواما من الحجارة، أحالها المجاهدون بثباتهم وصلابة دفاعهم قلاعا حصينة، بفضل الله تعالى.

عاد أخونا من مهمة بحثه عن مكمن لنفسه، وقال: أثناء استطلاعي وجدت قطعة حلوى وبعض زجاجات المياه المعدنية. فنبهته أن مدة صلاحيتها انتهت منذ سنوات، فالمكان كان مهجورا، قال: على كل حال أكلت قطعة الحلوى وإن وجدت غيرها فسآكلها إن شاء الله، وتركني مبتسماً، وكأنه قد تناول لحم طير، وليس قطعة حلوى منتهية الصلاحية.

نعم إنها حلاوة الإيمان التي ذكرها أبو سفيان -رضي الله عنه- على لسان هرقل لما سأله عن حال أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال له: "وسألتك أيرتدُّ أحدٌ سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرتَ أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

اغتنم فراغك قبل شُغلِك 2/2 • كلما ذهب منك يوم ذهب بعضك: وهناك من كبر سنه وانحنى ظهره ...

اغتنم فراغك قبل شُغلِك

2/2

• كلما ذهب منك يوم ذهب بعضك:

وهناك من كبر سنه وانحنى ظهره ولديه من يعينه على أمر دنياه من مال أو ولد، وقد أنعم الله عليه مع تلك النعم بالفراغ، لكنه لا يعرف كيف يقضيه، فإلى من هذه حاله تفكَّر ملياً في تلك السنين التي قضيتها ولم يكن لك فيها حظ من الآخرة، تفكر كم أنت قريب من لقاء ربك، أما آن الأوان لك لتحرِّض أبناءك وأحفادك على البذل لدين الله ونصرته، أما آن الأوان لتقضي فراغك خالياً بالله بالدعاء لنفسك وللمسلمين المستضعفين ولعباد الله المجاهدين، أما آن أوان الانقطاع إلى الله والتقرب إليه بكل أنواع القُرب.

فإن كثيراً من الناس بلغوا من الكبر عتياً ثم تراهم يعيشون بعقل التائهين من الشباب الذين لا يفكرون بالموت وساعة السؤال والحساب، وهذا -والله- هو طول الأمل والهلكة بعينها، فأين أنت من قوله تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19]؟ قال الإمام البغوي: "وجاءت سكرةُ الموت: غمرتُه وشدتُه التي تغشى الإنسان وتغلب على عقله، بالحق: أي بحقيقة الموت، وقيل: بالحق من أمر الآخرة حتى يتبيَّنه الإنسان ويراه بالعيان. وقيل: بما يؤول إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاوة. ويقال: لمن جاءته سكرة الموت، ذلك ما كنت منه تحيد: تميل، قال الحسن: تهرب. قال ابن عباس: تكره" [معالم التنزيل في تفسير القرآن].

فاغتنم فراغك قبل أن تصير في قبرك، واغتنم صباحك فلربما لا تدرك مساءك، عن الحسن قال: "ابنَ آدم، إنما أنت أيام وكلما ذهب يوم ذهب بعضك" [الزهد لأحمد بن حنبل]، واقتد بأولئك الشيب الذين قدموا أشلاءهم في سبيل الله وسابقوا الشباب على الجنة لا على الدنيا.

• اغتنم ساعات فراغك:

إن هنالك صِنفاً من الأبرار كفاه الله -تعالى- مؤنة العيش فكان رزقه تحت ظل رمحه، فهو يستعمله في تنغيص عيش الكافرين ونصرة دين رب العالمين، ومن هؤلاء الموفَّقين أيضا من اكتفى في رباطه بأداء نوبة الحراسة في ساعات قليلة ثم يعود إلى فراغه الطويل، وتلك الأوقات هي نعمة للمجاهد قد لا يدركها، فلو استغلها بذكر الله وقراءة القرآن والدعاء أو المحافظة على النوافل أو ساعة تذكرة لإخوانه فيحرِّض بعضهم بعضاً، لكان في ذلك منفعة عظيمة وثبات عند لقاء الكفار ورفعة في الدرجات وزيادة في الحسنات.

فاعلم أيها المجاهد أن فراغك نعمة من الله فاغتنمها لئلا تكون من المغبونين، واجعلها ذخراً لك عند الله تعالى، فإن الله أعد للمجاهدين في الجنة مئة درجة، فدرجة المجاهد الذي يذكر الله -تعالى- ويتطوع في الصلاة ويقرأ القرآن ويجتهد في الحراسة والرباط والقتال ليست كدرجة المجاهد المرابط الذي لا يذكر الله إلا قليلاً، ويؤدي نوبة حراسته ثم يعود إلى فراغه الطويل.

فعلى المجاهدين المرابطين الصادقين أن يجتهدوا في فراغهم لنيل أعلى الدرجات ويعلموا أن ما بين الدرجة والدرجة في الجنة كما بين السماء والأرض، وأن نعيم المنازل العلى أفضل وأكمل مما دونها، فلا يزهد المرابط في التزوُّد من العمل الصالح مع عظيم عمله الذي أخبر عنه النبي، صلى الله عليه وسلم: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتَّان) [رواه مسلم]، فأي فضل عظيم للمرابط الذي يُقتل فيجرى له عمله الذي شغل فراغه به؟ فعليك بقراءة القرآن وقيام الليل وغير ذلك من العبادات، واحرص على طلب العلم والتفقه في الدين وحفظ كتاب الله جل وعلا، فالفراغ الذي تعيشه ما بين نوبات الحراسة يغبطك عليه كثير من الصالحين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

اغتنم فراغك قبل شُغلِك 1/2 الفراغ نعمة غُبن فيها كثير من أصحابها، الذين كفاهم الله مُؤنة العيش ...

اغتنم فراغك قبل شُغلِك

1/2
الفراغ نعمة غُبن فيها كثير من أصحابها، الذين كفاهم الله مُؤنة العيش والسعي وراء الرزق، فلم يستفيدوا منه ولم يغتنموه، بل أضاعوه في لهو ولعب، حتى جاءهم الموت وهم ساهون لاهون عن مُراد الله منهم، يتنعَّمون بفضله الذي سيُسألون عنه، وقال الله -تعالى- فيه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8].

نعم سيُسألون، لأن الله -تعالى- ما خلَق الخلْقَ ليتنعَّموا بالنعيم الزائل بل خلقهم ليعبدوه، وهو غني عنهم وعن عبادتهم، وهو بفضله ورحمته أعدَّ للطائعين منهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يعوِّضهم فيها بالنعيم الدائم عن إشغال أوقاتهم بطاعته، ونعم العِوض جنةُ المأوى.

وأما من مال عن الآخرة إلى دنياه الفانية وعيشِه الزائل، فحاله بعد الموت كما قال الله سبحانه: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99 - 100]، فهل يعتبر المرء فيشغل نفسه بطاعة الله ومرضاته ما دامت روحه بين جنبيه؟ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة) [رواه الشيخان]. تأمَّل قوله -صلى الله عليه وسلم- ونفيَه أن يكون نعيم الدنيا عيشاً حقيقياً يستحق عناء الطالبين له، لأن العيش الحقيقي هو عيش الآخرة في جنة الله الكريم.

• يا ليتني قدمت لحياتي:

لقد أضاع كثير من الناس الميزان بين أعمال الدنيا وأعمال الآخرة فلم يوفِّقوا بينهما، فمبلغ همِّ كثير منهم جمعُ الثروات والإسراف في المباحات، فتراه في غنىً وكفاية من العيش ولكنه فقير من الأعمال للفوز بجنة الله ورضوانه، فأنعم الله عليه بنعمة الفراغ ولكنه أشغل فراغه بدنياه، وهو ليس محتاجاً إليها فهذا هو المغبون حقاً، كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) [رواه البخاري].

فيا صاحب الغِنى والفراغ، اللاهي بدنياه إنك من المحرومين، لأنك لم تُقدِّر قيمة الأوقات الفائتة من عمرك كما عرفها أصحاب الهمم العالية الذين لا يجدون فراغاً لإتمام أعمالهم وجهادهم، وإنك يا صاحب الفراغ صائر إلى أمر عظيم قد غاب عنك وغفلت عنه، اللحظة التي تقول فيها: {يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24]، قال الإمام الطبري، رحمه الله: "يقول -تعالى ذكره- مخبراً عن تلهُّف ابن آدم يوم القيامة، وتندّمه على تفريطه في الصَّالِحات من الأعمال في الدنيا التي تورثه بقاء الأبد في نعيم لا انقطاع له، يا ليتني قدَّمت لحياتي في الدنيا من صالح الأعمال لحياتي هذه، التي لا موت بعدها، ما ينجيني من غضب الله، ويوجب لي رضوانه" [جامع البيان].

نعم هناك من الناس من أنعم الله عليه فكفاه مؤنة العيش ولكنه سادرٌ في غيِّه لاهٍ عن أوامر ربه، لم يشغل فراغه في معرفة دينه وماذا أراد الله منه، بل أشغله في المحرمات، أو كثرة المباحات، فأعدَّ أيها التائه اللاهي أجوبة كثيرة لأسئلة كثيرة، فإنك -والله- ما خُلقت عبثاً ولن تترك سدى وستسأل عن فراغك بماذا قضيته.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 88 الافتتاحية: • وليمحِّص الله الذين آمنوا إن مغفرة ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 88
الافتتاحية:

• وليمحِّص الله الذين آمنوا

إن مغفرة الله ذنوب عباده من أسباب نصرهم الإلهي في الدنيا، وفوزهم في الآخرة، ولذلك دلّ الله -سبحانه- عباده على الحرص على هذا السبب عند التقاء الصفوف مع الأعداء، كما في قوله: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 147].

ومغفرة الذنوب لها أسباب كثيرة ولله الحمد، منها التوبة والإنابة إلى الله تعالى، ومنها استغفاره سبحانه، ومنها فعل الطاعات، ومنها الصبر عند الابتلاءات، ومنها ما يمنّ الله به على من يشاء من عباده من مغفرة، دون توبة منهم أو استغفار.

وأكثرها مهيَّأة للعبد في طريق الجهاد، وعلى رأسها، قيامه بعبادة الجهاد التي هي ذروة سنام الإسلام، وصبره على الابتلاءات التي يمحو الله بها الخطايا، ويرفع بها الدرجات، فطريق الجهاد كله طريق لمحو ذنوب الموحِّدين مهما كثرت، وتكفير لخطاياهم مهما كبرت، قال تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 11 - 13].

وإذا كان ما يصيب المسلم من أنواع الابتلاءات يكفِّر الله به خطاياه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه) [متفق عليه]، فكيف بالمسلم المجاهد؟

فما تمر طائرة من فوق رأس المجاهد، وهو يخشى أن تلقي عليه قنابلها، إلا كان كفارة لذنوبه، وما تقع بجانبه قذيفة فيخيفه صوتها، ويؤذيه غبارها، ويصيبه من ريح بارودها، إلا كان كفارة لذنوبه، وما يصيبه من حزن على ما ينال إخوانه المجاهدين، أو سائر المسلمين، من الحرب وآثارها، إلا كان كفارة لذنوبه، فضلا عما يصيبه هو من الجراح والأذى في سبيل الله.

ولا يزال المجاهد في سبيل الله -تعالى- متعرضا لنفحات رحمة الله ومغفرته، بقيامه بأمر الله تعالى، وصبره على الطريق وما فيه، فينقِّيه الله بذلك من الخطايا والآثام، حتى يكون أهلا لنيل إحدى الحسنيين، شهادةٍ في سبيله سبحانه، يتوفاه بها مغفورا له ذنبه، ما عليه يوم القيامة من حساب ولا عقاب، أو نصرٍ يمنّ الله به على المؤمنين الصابرين، كما قال تعالى: {إن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 140 - 142]، وقوله: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا}، أي: ليكفِّر عنهم خطاياهم بما يصيبهم.

فتمحيص الذين آمنوا من ذنوبهم هو ثمرة من ثمرات الجهاد في سبيل الله، وثمرة من ثمرات الابتلاءات التي تصاحبه، ولذلك كان أمر المجاهد كلُّه خيرا له، فإن أصابه الفتح، وكُتب له النصر، نال ما نال من أجر وغنيمة، وإن أصابته جراحات وأذى، كان ذلك كفارة له من ذنوبه، وإعظاما له في أجره، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم، إلا كانوا قد تعجَّلوا ثلثي أجورهم، وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تم أجورهم) [رواه مسلم].

وبعد، فلا يركننَّ مجاهد إلى هذا الأمر، رغم فرحه به، وليستعن بالله، مجتهدا في الطاعات، مجتنبا للمعاصي الموبقات، وليستغفر الله -تعالى- من كل ذنب يصيبه، ومن كل خطيئة يقع فيها، وليسأله دوما أن يغفر له ذنبه، وأن يثبت أقدامه، وأن ينصره على القوم الكافرين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 88
الخميس 12 شوال 1438 ه‍ـ

للمزيد من المواد.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

أبواق الطواغيت • من الناحية الشرعية، فإن العاملين في وسائل الإعلام النصيرية كفار مرتدون محاربون ...

أبواق الطواغيت

• من الناحية الشرعية، فإن العاملين في وسائل الإعلام النصيرية كفار مرتدون محاربون يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم من المراسلين والمحررين والمصورين و "الممثلين" وكل من له صلة بالمنظومة الإعلامية النصيرية التي عكفت سنوات تناصر الطاغوت وتنافح عنه وتؤيد جرائمه، وإن تبديل هؤلاء جلودهم بين ليلة وضحاها من "التشبيح إلى الثورة" يُعد استخفافا بالدماء وإمعانا في الإجرام، وإن حكم الإسلام فيهم هو القتل ردةً جزاء وفاقا لأنهم أولياء وأعوان الطاغوت حكمهم حكمه لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 472
...المزيد

تعلموا أمر دينكم • صفة الكفر بالطاغوت تكون بـ: ➊ - اعتقاد بطلانها. ➋ - تركها والتبرؤ منها. ➌ ...

تعلموا أمر دينكم

• صفة الكفر بالطاغوت تكون بـ:
➊ - اعتقاد بطلانها.
➋ - تركها والتبرؤ منها.
➌ - بغضها وعداوتها.
➍ - تكفير أهلها.
➎ - معاداتهم في الله.

والدليل قوله تعالى: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۖ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [الممتحنة: ٤]

إذاً فمن لم يحقق هذه الصفة لم يكن مؤمناً بالله كافرا بالطاغوت، بل العكس، لأن الإيمان بالطاغوت والإيمان بالله ضدان لا يجتمعان في قلب إنسان أبدا، إذ لا يمكن أن يوصف الشخص بأنه مشرك وموحد في نفس الوقت، بل لا بد له من أحد الوصفين لا محالة، إذ لا ثالث لهما، لقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ } وقوله: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا }

فهذا الطاغوت الذي أمرنا أن نكفر به ونجتنبه، وهذه عبادته التي نهينا عنها وأمرنا بتركها وتكفير أهلها ومعاداتهم.

- كتاب تعلموا أمر دينكم صادر عن ديوان الدعوة والمساجد / سلسلة (4)
...المزيد

ألا فلتصونوا هذهِ الأمانة الثقيلة، ألا فلتحمِلوا هذهِ الراية بقوة، اسقوها بدمائكم، وارفعوها على ...

ألا فلتصونوا هذهِ الأمانة الثقيلة، ألا فلتحمِلوا هذهِ الراية بقوة، اسقوها بدمائكم، وارفعوها على أشلائِكم، وموتوا تحتها، حتى تُسلِموها إن شاء الله لعيسى ابن مريم عليه السلام

الشيخ أبي محمد العدناني تقبله الله ...المزيد

أليس هذا حال العساكر؟ • قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من ...

أليس هذا حال العساكر؟

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من والاه، ويُعادي من عاداه، كان من جنس التتر المجاهدين في سبيل الشيطان، ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل الله تعالى، ولا من جند المسلمين، بل هؤلاء من عساكر الشيطان" أنتهى.

• أليس هذا هو حالكم؟ حيث توالون وتعادون في أشخاص الطواغيت الحكام، توالون من والوهم وتعادون من عادوهم، بغض النظر عن شرعية تلك الموالاة أو المعاداة، تنتهك حرمات الأمة ويُعتدى على مقدساتها، ويُقتل الأطفال والنساء، ويشتم الله ورسوله، فكل هذا وغيره لا يستدعي موقفاً منكم ولا من حكامكم!

الشيخ فارس آل شويل/نصيحة إلى العساكر

اعرف حقيقة الجيوش
...المزيد

يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم • الحمد لله الذي أمر عباده ...

يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم


• الحمد لله الذي أمر عباده بما يزكيهم، ونهاهم عما يفسدهم ويشقيهم، والصلاة والسلام على رسوله الحريص على أمته، الذي ما ترك أمراً يقربها إلى الله إلا ودلَّها عليه، ولا أمراً يقربها من النار إلا وحذرها منه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فقد أمر الله -عز وجل- عباده الذين استجابوا له فآمنوا وصدقوا إيمانهم بالعمل الصالح بأن يطيعوه ويطيعوا رسوله صلى الله عليه وسلم، ويطيعوا من تولى أمرهم فحكمهم بالإسلام، وجعل الإسلام حاكماً بينه وبينهم، وبهذا يصلح لهم دينهم ودنياهم.

طاعة ولاة الأمر من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتابعة لها
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]، فقد جعل الله -تعالى- طاعة ولاة الأمر تابعة لطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أكد على هذا المعنى حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الذي في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف)، وفي الآية من الفوائد أن ذكر طاعة ولاة الأمور بعد طاعة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- هو من عطف الخاص على العام، فطاعة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- هي الأمر العام، وطاعة ولاة الأمر من أفراد هذا العام، فأفردت بالذكر لأهميتها في صلاح الفرد والجماعة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني) [متفق عليه]، وأما ولاة الأمر، فهم الأمراء، وقيل العلماء، وقيل العلماء والأمراء، والمتقرر شرعاً أنه يجب على العلماء أن يطيعوا للأمراء، ونحمد الله أن جمع لولاة الأمور في الدولة الإسلامية العلم مع الإمارة.

• التحاكم إلى شريعة الله ضمان تماسك المجتمع وصلاحه

لما كان التفاف الرعية حول ولي أمرها وطاعتها له أمراً يحبه الله تعالى، فقد جعل الله ضمانات لهذا البنيان المرصوص من التصدع، ومن أهمها أنه إذا حصل تنازع بين الرعية أو بين الراعي والرعية أن يردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ففيهما حل لكل إشكال أو اختلاف مهما كبر أو صغر، لأن الله -تعالى- قال: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} وكلمة {شَيْءٍ} نكرة في سياق الشرط فتعم كل تنازع، وبيَّن -تعالى- أن الرد والتحاكم إلى الكتاب والسنة في مسائل النزاع شرط لصحة الإيمان، فقال سبحانه: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ}، ومن لا يرد مسائل النزاع والخلاف إلى الله ورسوله فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر، ثم بيَّن -تعالى- أن التحاكم إليه وإلى رسوله خير للمتحاكمين في الحال، وأحسن في العاقبة والمآل، {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.

• أحاديث نبوية في طاعة ولاة الأمور

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يُؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) [متفق عليه].

وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أنه قال: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله. قال: (إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم فيه من الله برهان) [متفق عليه].

عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: "إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع، وإن كان عبدا مجدَّع الأطراف" [رواه مسلم].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون). قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: (أوفوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم) [متفق عليه].
• النصيحة خير رابط بين أئمة المسلمين وعامتهم

في صحيح مسلم عن تميم بن أوس الداري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدين النصيحة). قالوا: لمن يا رسول اللّه؟ قال: (للّه وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم).

قال أهل العلم عن هذا الحديث: إنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وفيه أن النصيحة لها معانٍ كثيرة تجمع الدين كله، وأما النصيحة لأئمة المسلمين فهي تشمل توقيرهم والدعاء لهم وصفاء القلب تجاههم وعدم غشهم بأن يكون ظاهره وباطنه لهم سواء، وطاعتهم في المعروف في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة عليه، وأن يلزم جماعتهم ويصبر عليهم، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر؛ فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية) [رواه البخاري]، ورواه مسلم بلفظ: (من كره من أميره شيئا، فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا، فمات عليه، إلا مات ميتة جاهلية).

ومن النصح لولاة الأمور الجهاد تحت رايتهم، ودفع الصدقات لعمالهم الذين يقبضونها، وإذا رأى خللاً سده ونصح لهم برفق، وأن يدعو الناس إلى طاعتهم، وعدم الخروج عليهم إذا رأى أثرة عليه أو رأى منكراً، وإنما يجتنب المنكر وينهى عنه، ولا يجوز له الخروج عليهم، إلا إذا رأى منهم كفراً بواحاً، عنده فيه من الله برهان.

ومن أئمة المسلمين أهل العلم، فينصح لهم بقبول توجيههم وإرشادهم المؤيد بالدليل الشرعي، وأن ينصحهم إن وجد منهم خللاً، وأن يضعهم في مكانهم اللائق بهم دون إفراط فيقبل كلامهم دون دليل، ولا تفريط بترك احترامهم أو ترك طاعتهم في ما يدلونه عليه من الحق.

وأما النصيحة لعامة المسلمين فتشمل ناحيتين: النصيحة بين عامة المسلمين بعضهم لبعض، والثانية: النصيحة مِن ولاة الأمر لعامة المسلمين، بأن يسعوا في صلاح دينهم ودنياهم، بتصحيح عقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم، وأن يقيموا لهم المحاكم الشرعية ويجتهدوا في إصلاح ذات بينهم، وأن يرفقوا بهم ويأخذوا الزكاة من أغنيائهم فيضعوها في مصارفها الشرعية، وأن يُعِدّوا الرعية ويقودوهم للجهاد في سبيل الله؛ جهادِ الدفع وجهاد الطلب، لحماية المسلمين وديارهم وأعراضهم وأموالهم، ولفتح بلاد الكفار لإخضاعها لشريعة الله، وكف شرهم عن الإسلام والمسلمين.
اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحبه وترضاه، وأعزهم بالإسلام وأعز الإسلام بهم، وثبتنا وإياهم على دينك وانصرنا على القوم الكافرين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 87
الخميس 5 شوال 1438 ه‍ـ

للمزيد من المواد.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 87 قصة شهيد: من أولي العزمات من الرجال... العـــدنـانـان 2/2 • شجاعة ...

صحيفة النبأ العدد 87
قصة شهيد:

من أولي العزمات من الرجال...
العـــدنـانـان
2/2

• شجاعة لا مثيل لها

أما إقدام البيلاوي فيعجز الكلام عن وصفه، وهذه صورة من تلكم الشجاعة، إذ يقول أحد الإخوة بعد إعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام، أخذَنا أميرنا إلى مقربة من الحدود المصطنعة مع العراق، وطلب منا أن ننتظر زائر يأتينا، وكانت المهمة خطرة جدا لمن أراد العبور؛ لشدة حراسة الطواغيت عليه، فرابطنا ننتظر مجيئه، وفجأة ظهرت عجلة رباعية الدفع، عليها مدفع رشاش، وفيها رجلان أحدهما سائق والآخر على المدفع الرشاش، فظن الكل أن الزائر هو السائق ففوجئوا أن الذي على المدفع هو الشيخ أبو عبد الرحمن البيلاوي، أمير جيش الدولة الإسلامية في ذلك الوقت!

فلقد كانا -رحمهما الله- من أهل العزمات الذين صدق الشيخ الزرقاوي -تقبله الله- بوصف أهلها قائلا:

"إن الدين لا يقوم إلا على أولي العزمات من الرجال، ولا يقوم أبداً على أكتاف المترخصين والمترفين، وحاشاه أن يقوم على أكتافهم.

• الدين العظيم لا يقوم إلا على أكتاف العظماء من الرجال

فالدين العظيم لا يقوم إلا على أكتاف العظماء من الرجال، والمسؤولية الجسيمة التي ناءت بحملها السماوات والأرض، لا يمكن أن يقوم بها إلا أهلها ورجالها".

فلقد كانت عزمة البيلاوي سبباً لفتح جزيرة الخالدية، لمّا نكث الأعراب عهودهم للمجاهدين، وحوصرت تلكم الثلة القليلة في منطقة صغيرة، وانحازوا للصحراء مرة أخرى، ليأتي دور أهل العزمات، ومنهم البيلاوي لما قال: فلتقتلوا جميعاً في جزيرة الخالدية ولا تفكروا بالانسحاب، وها أنا معكم، فثبت الرجال وفتح الله على أيديهم.

• لا رجعة للوراء أبداً ولو قتلنا كلنا هنا

ولمّا تمتم بعض المجاهدين في أول نزولهم للرمادي بالرجوع للمعسكرات بعدما تنكرت لهم الأرض وغدر بهم الأعراب، جاءت عزمة السويداوي لتقول لهم: لا رجعة للوراء أبداً ولو قتلنا كلنا هنا، فمكّن الله لهم وفتح على أيديهم.

ولا دليل على شجاعتهما أظهر من تنقلهما بأحزمتهم الناسفة في حواجز المرتدين وهما على قائمة المطلوبين وصورهم موزعة على الحواجز.
وكانا يوليان لجانب الإعلام اهتماماً كبيراً، وكأنهما قد قضيا شطراً من حياتهما في هذا الثغر، فميزة تعدد المواهب شابها فيها الشيخ الزرقاوي رحمه الله، فتجد أحدهما يحمل مهارات العسكري والشرعي والإداري والإعلامي في آن واحد.

وكان لعقيدتهما الصافية والمنهج السليم والشدّة على المميعين سبب في تنقية الصف من الخبث، حتى قال أحدهم: الدولة التي فيها البيلاوي والسويداوي لن أعمل فيها، فهرب إلى قاعدة الظواهري، قاتله الله.

وفي غزوة الثأر للشيخ البيلاوي كان الشيخ أبو مهند السويداوي يتقدم صفوف جنوده موجهاً لهم ومحرضاً زاجاً بأحد أشقائه بالمقدمة، فما أن انتهت الغزوة بنصر الله للمجاهدين بمنطقة الصقلاوية حتى وُجد الشيخ وأخوه في المشفى يتعالجان من إصابتيهما بالمعركة.

نهاية مخضبة بالدماء تفوح منها رائحة العزة
وجاءت نهاية كلا الفارسين مخضبة بالدماء تفوح منها رائحة العزة، فكانت دماؤهما نوراً للمجاهدين وناراً على المرتدين، فلقد فتح الله الموصل بعد مقتل البيلاوي، والرمادي بعد مقتل السويداوي، فرحمهما الله رحمة واسعة، وأسكنهما فسيح جنانه.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 87
الخميس 5 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 87 قصة شهيد: من أولي العزمات من الرجال... العـــدنـانـان 1/2 قلَّ أن ...

صحيفة النبأ العدد 87
قصة شهيد:

من أولي العزمات من الرجال...
العـــدنـانـان
1/2
قلَّ أن اتصلت الأسباب بين شخصين وتوثقت العرى بين اثنين كما اتصلت وتوثقت بين الشيخين أبي عبد الرحمن عدنان إسماعيل نجم البيلاوي، وأبي مهند عدنان لطيف حميد السويداوي.
العدنانان، البيلاوي والسويداوي، كانا يتشاركان بعدنان اسماً، والأنبار مولداً ونشأة، واشتركا أيضا بشيء كثير من الصفات والمزايا.

فلقد كانا -رحمهما الله- تطبيقاً حيّاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الناس معادن، كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) [رواه مسلم]، فقد تميزا بالكفاءة والقيادة والأمانة والشجاعة والحزم وحسن الخلق، قبل أن يمنّ الله عليهما بالهداية بعد غزو الصليبيين للعراق، فسخرا -رحمهما الله- كل تلكم المزايا والصفات في نصرة الدين والذود عن حياضه.

نازلا الصليبيين من أول احتلالهم للعراق فأذاقوهم مرّ العلقم، واشتدت وطأتهما أكثر على الصليبيين لمّا بايعا الشيخ أبا مصعب الزرقاوي رحمه الله، فلقد كانا من خواصّه وأبرز مساعديه، ناهلين من معين مدرسته صفاء العقيدة وعلو الهمة وحنكة القائد وتواضع الأمير.

• اجتمعا سوياً في المدرسة اليوسفية وحفظا القرآن فيها

فكانا كفرسي رهان في العلم والحزم والشجاعة وسرعة البديهة وحدّة الذهن وقوة العزيمة ومعرفة الرجال، حتى باتا مطلب الصليبيين وأذنابهم، وقدّر الله لهما الأسر معاً، ومن لطف الله بهما أن الصليبيين جمعوهما في زنزانة واحدة قبل عرضهما على ضابط التحقيق، فاتفقا آنذاك على إفادة واحدة لدى استجوابهما، فلما جاء الضابط ورآهما محتجزين معاً صاح بجنوده معنفاً وشاتماً.
فتنقلا معاً في المدرسة اليوسفية معلِّمَين ومتعلِّمَين، ليستقر بهما المقام في سجن بوكا، فأتمّا حفظهما للقرآن الكريم فيه، ودرسا العديد من العلوم الشرعية كالعقيدة والحديث والفقه، بالإضافة إلى إدارة شؤون الأسرى والعناية بهم، فكانا دعاة هدى رغم الأسر والقيد.

منَّ الله على السويداوي بالفرج أولاً ثم تلاه البيلاوي، في وقت كانت دولة العراق الإسلامية بأشد الحاجة لأمثالهما، فخرجا يتأججان ناراً على أعداء الله يتناوبان على أدوار قيادة جنود الدولة الإسلامية، متنقلين بين الولايات، يعدّان المعسكرات، ويضعان الخطط، ويجهزان المفارز الأمنية بلا كلل أو ملل، فتصاعدت وتيرة العمليات ضد الروافض والمرتدين، فنُسفت العروش وقُطفت الرؤوس وفُتحت المدن، بفضل الله.

• يتقدمون الصفوف رغبة بالحتوف

وهذه صور تجسد مشاهد الإقدام والشجاعة لهذين العظيمين، ففي أحد المعارك جنوب الفلوجة تقدم المرتدون نحو "مركز شرطة داود"، فلمّا علم الشيخ السويداوي بالخبر هرع إلى المكان الذي سيطر عليه المرتدون، ووقف على بعد 300 متر عنه، ونادى على أمراء القواطع فرداً فرداً أن هلمّوا إليّ فها أنا ذا أميركم أمامكم في المقدمة، فأعداؤنا مشركون يقاتلون في سبيل الطاغوت ونحن نقاتل في سبيل الله، فلا يتخلف منكم أحد، وبفضل الله هجم الإخوة على المرتدين وسيطروا على المكان إضافة إلى ثلاث ثكنات أخرى.

وفي ملاحم الرمادي، تحديداً معركة تطهير حي المعلمين، كان أصعب أمرٍ فيها هو إدامة زخم المعركة من ذخيرة ورجال وطعام، لأن عملية النقل تتم من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع وفي الغالب تكون مرصودة من قبل القناصين، وهذا سبب إحجام بعض الإخوة الناقلين لخطورة المهمة، فقال لهم الشيخ السويداوي جهزوا لي الذخيرة والطعام والماء وأنا أتولى نقلها، فأخذ معه أحد الإخوة الفضلاء وبَدَءا بعملية نقل الاقتحاميين، فكان يذخر أسلحتهم ويسقيهم الماء من يده، مما ألهب حماس جنوده وجعلهم يقتحمون غمار الموت، فأكرمهم الله بفتح حي المعلمين، فأنعم وأكرم به من قائد.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 87
الخميس 5 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

اغتنم حياتك قبل موتك 2/2 • لا يغرنَّك كثرة الهالكين ولا تستوحش لقلة السالكين فاغتنم حياتك ...

اغتنم حياتك قبل موتك

2/2
• لا يغرنَّك كثرة الهالكين ولا تستوحش لقلة السالكين

فاغتنم حياتك قبل موتك، ولا يغرنَّك كثرة الهالكين، ولا تستوحش لقلة السالكين، فكم سمعت عن إنسان حقق حلمه في متاع من الدنيا قليل، ولكن ماذا بعد ذلك النعيم الناقص والرفاه المنتهي الزائل؟ إنه الشقاء بعد السعادة، وتقلبات الدنيا الفانية بأهلها.

فمن حاد عن توحيد الله وعبادته ونصرة دينه وأراد الدنيا ورغب عن الآخرة فليقرأ قوله الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 18 - 19]

إن الله -تعالى- من رحمته أن افترض علينا رمضان لتحصل به زيادة الإيمان وتهذيب النفوس والصبر على ألم البلاء في سبيل الله، فتتسامى على لهو الدنيا وإضاعة الأوقات بظلم العبد نفسه أو ظلم العباد أو بتفاهات لا قيمة لها ولا وزن يوم ينصب الميزان وتوزن الأعمال، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "قال حذيفة وعبد الله بن مسعود وغيرهما من الصحابة: يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف؛ فمن رجحت حسناته على سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته بواحدة دخل النار، ومن استوت حسناته وسيئاته فهو من أهل الأعراف. وهذه الموازنة تكون بعد القصاص، واستيفاء المظلومين حقوقهم من حسناته، فإذا بقى شيء منها وزن هو وسيئاته" [طريق الهجرتين وباب السعادتين].

فيا طلاب الآخرة، جعل الله لكم بعد شهر رمضان ما تتزودون به لذلك اليوم العظيم، يوم يفر المرء من أغلى أرحامه، من أمه وأبيه وزوجته وبنيه، فما زلت يا مسلم في الحياة فاغتنم أيامك قبل موتك، وها نحن قد ودعنا رمضان، فأتبعه بصيام ست من شوال. فقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر) [رواه مسلم].

• اجعل أيامك زاداً لك في اكتساب الحسنات

وأخرج الإمام الترمذي -رحمه الله- بسنده عن الحسن البصري قال: كان إذا ذُكر عنده صيام ستة أيام من شوال، يقول: "والله لقد رضي الله بصيام هذا الشهر عن السنة كلها" [سنن الترمذي].

ويستحب تتابع الصيام عقب يوم الفطر لما فيه من المسارعة في البر والعمل الصالح، ونوصيك يا مسلم أن تجعل أيامك زادا لك في اكتساب الحسنات بين جهاد وصلاة وطاعات، فلا أقل أن يخلو حال المسلم من هذين الأمرين، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا جاء الرجل يعود مريضا، قال: اللهم اشف عبدك، ينكأ لك عدوا، ويمشي لك إلى الصلاة) [رواه أحمد]، فلا يخلو حال المسلم من المشي إلى الصلاة والنكاية بالكفار.

اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 87
الخميس 5 شوال 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً