هجرة عمر بن الخطاب: أسلم عمر ولم يهاجر إلي الحبشة في الهجرة الثانية، بل بقي بمكة كالجبل ...

هجرة عمر بن الخطاب:
أسلم عمر ولم يهاجر إلي الحبشة في الهجرة الثانية، بل بقي بمكة كالجبل الأشم ليعلن كلمة الإسلام، ويكون عضداً للنبي صلي الله عليه وسلم في دعوته وبلاغه ودرعاً حصيناً يحتمي به المستضعفون من المسلمين ويحقق رغائب نفسه الطموحة للمعالي، ويقر عين النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه بمواقفه الفريدة، ولما عقد الرسول صلي الله عليه وسلم البيعة الكبرى مع الأنصار، وأصبحت مدينتهم هي المأوى وفيها النصرة أذن صلي الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إليها، فكان ذلك مدعاة لعمر كي يلبي التوجيه النبوي، ليكون له هناك الدور البارز في بناء دولة الإسلام.
ومشى عمر في هذا الحدث الضخم مع طبيعته وخصائصه وإعتزازه بدينه، فأعلن هجرته بصوت مجلجل علي الملأ من قريش، لتكون بذلك معلماً جديداً في حياته في تاريخ الدعوة، وقدوة للصناديد من أمثاله، وحمى للضعفاء الذين يلوزون بحماه.
فعن عبد الله بن عباس قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما علمت أحداً من المهاجرين هاجر إلا متخفياً، إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهماً واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً ثم أتى المقام فصلى ركعتين متمكناً ثم وقف علي الحلق واحدة واحدة وقال لهم : (شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس من أراد أن تثكله أمه ويؤتم ولده ويرمل زوجته، فليلحقني وراء هذا الوادي. قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم، ومضى لوجهته . وهنالك رواية أخرى في هجرته رواها عبد الله بن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب، قال: لما اجتمعنا للهجرة اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاص بن وائل ، قلنا: الميعاد بيننا التناضب من أضاءة بني غفار ، فمن أصبح منكم لم يأتها فليمض صاحباه، فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس عنا هشام، وفتن فافتتن ، فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء . وعن البراء بن عازب ، قال: (أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ثم قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى ، أخو بني فهر، ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكبا، فقلنا: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هو على أثري، ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه) فكانت هجرة عمر زلزالاً هز كيان قريش ، مثلما كان إسلامه صاعقة نزلت بساحتها فهاجر طائفاً مختاراً جهاراً نهاراً هجرة الشجاع القوي لأنه علي الحق وهو يردد (ألسنا علي الحق إن متنا وإن حيينا) وخرج الفاروق وفي ركبه عشرون من المهاجرين الأقوياء والضعفاء، ويؤيد خبر هجرته جهاراً قول بن مسعود: كان إسلام عمر فتحاً وكانت هجرته نصراً .
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً