الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 510 • الافتتاحية صناعة الطاغوت أو الإرهاب! لعل أكثركم ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 510
• الافتتاحية

صناعة الطاغوت أو الإرهاب!

لعل أكثركم تابع رزمة التصريحات الأخيرة الصادرة عن جوقة الطواغيت السياسيين والأمنيين في النظام السوري الجديد، التي عكست بجلاء الصورة الحقيقية لهذا النظام بغير حُجب وغرابيل، وأنه ليس سوى خصم وند وضد وعدو للإسلام يحاربه قلبا وقالبا، ويتحرى سبيل الطاغوت قصدا لا تبعا.

ومن تابع سلسلة المقالات التي خطّها كُتاب النبأ -رحم الله من قُتل وحفظ من بقي- قبل لعبة استبدال الأسد وبعدها؛ يدرك أن الصحيفة وُفِّقت -بفضل الله تعالى- في توصيف المشهد السوري بدقة، انطلاقا من قاعدة الولاء والبراء، بعيدا عن الخوض في جدلية التخرصات والتحليلات لأنها لا تصمد أمام الحقيقة التي يراها المؤمن بعين بصيرته وتتظافر الأدلة والوقائع على تأكيدها وترسيخها.

واليوم نقتطع عينة صغيرة من المشهد السوري، برزت مؤخرا في سياسات النظام الجديد، كلها اجتمعت وتزاحمت لترسم شكل الطاغوت الذي أرسل الله الرسل جميعا بالدعوة لاجتنابه فقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، قال ابن كثير: "أي أرسل في كل قرن من الناس وطائفة، رسولا، وكلهم يدعو إلى عبادة الله، وينهى عن عبادة ما سواه، فلم يزل تعالى يرسل إلى الناس الرسل بذلك، منذ حدث الشرك في بني آدم في قوم نوح إلى أن ختمهم بمحمد -صلى الله عليه وسلم-".

نبدأ من "أطمة" حيث جاء الصليبيون بطائراتهم مجددا، لأسر رجل من المسلمين بدلالة جنود الجولاني المرتدين، فاستأسد ولم يستأسر وقُتل صابرا محتسبا نحسبه كذلك، بينما انشغل عُبّاد الجولاني وخصومهم معا في التهافت على نيل الإنجاز! إنجاز دلالة العلج الصليبي على عورة المسلم!

وللمفارقة، جاء ذلك بالتزامن مع إحياء النظام الجديد "ذكرى مجزرة الكيماوي" التي ارتكبها النظام السابق، متغافلين أن حادثة "أطمة" -وقبلها الباب- بصورتها السافرة المخزية التي لم تلق نكيرا في الشارع السوري؛ تفوق مجزرة الكيماوي بشاعة وخطورة! فلئن قتلت مجزرة الكيماوي الأنفس وأزهقت الأرواح؛ فقد قتلت "مجزرة الجولاني" الغيرة في النفوس وأشاعت الكفر وشرعنت الردة والخيانة!، فهل حرّم الحقُّ تعالى قتل المسلم بالكيماوي وأباحه بالصواريخ الأمريكية؟!

وبينما كان الإعلام المنافق يستعرض ببعض سجاني "صيدنايا" تغطية على الإفراج عن كبار جلاوزة النظام السابق؛ كان جلاوزة النظام الجديد يتفقدون "صيدنايا" خاصتهم، ويُحكمون وثاقه ويعززون حمايته، وينظرون بعين الغدر من نافذته الصغيرة إلى أقبيته المكتظة بالمجاهدين وصفوة المهاجرين.

من ينظر في هذه السلوكيات للنظام السوري الجديد، يدرك أنه ولج الطاغوتية من أوسع أبوابها قصدا لا تبعا، فكيف وصل الحال بهؤلاء الجهاديين والثوار إلى هذا الحد المخزي والسقوط المدوي؟!، الذي لم تستوعبه بعض عقول الجهاديين أنفسهم بعد أن بطل سحر الترقيع والتبرير الذي تستروا خلفه لسنوات، حتى اتسع الخرق على الراقع، الجواب على ذلك يتلخص في كلمتين: "صناعة الطاغوت".

لقد أتقن الغزاة الصليبيون صناعة الطاغوت طوال حربهم على الإسلام، واقتصرت هذه الصناعة قديما على الطواغيت التقليديين ممثلين في الحكام المرتدين، الذين رفعوا لواء الطاغوت ابتداء، ولم ينتسبوا لغير مدرسته، ولم يسلكوا غير سبيله فلا غرابة في حالهم ومآلهم.

لكن في العقد الأخير بلغت صناعة الطاغوت ذروتها عندما تجاوز الصليبيون الصناعات التقليدية، ونجحوا في صناعة طواغيت من أصول جهادية فاقوا طواغيت الجامعات الأجنبية والمعاهد البريطانية! ولم يكتفوا باتباع سننهم وسلوك مسالكهم فحسب، بل تفوّقوا عليهم وصاروا أكثر جرأة منهم على حرب الإسلام.

يقودنا هذا للحديث عن "صناعة الإرهاب" وهو مصطلح عكف الصليبيون على استخدامه طوال فصول الحرب الفكرية التي شنوها على المجاهدين، وصرفوا لها الميزانيات وعقدوا لها مئات البرامج والحلقات، بغية تشويه الجهاد وتحطيم صورته في قلوب وعقول أبناء المسلمين.

وفي المقابل، تصدى المجاهدون لهذا المشروع بـ "الإرهاب العادل" الذي صنعوه على منهاج النبوة، وروجوا له بالخطاب الجهادي الشرعي، وصدّروه الساحات وأوصلوه مختلف الجبهات، حتى حصدوا ثمرته في أقاصي الأرض حين عبرت دعوة الإرهاب العادل القارات، وتخطت رسالته كل العوائق والمؤامرات، فعاد مخطط الصليبيين إلى نحورهم وارتد عليهم في عقر دورهم، وصارت كل بقاع الأرض منبعا للإرهاب من شوارع أوروبا إلى مجاهل إفريقية.
...المزيد

مِن أقوال علماء الملّة قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "فلو عرف أهل طاعة الله أنهم هم ...

مِن أقوال علماء الملّة

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-:

"فلو عرف أهل طاعة الله أنهم هم المُنْعَم عليهم في الحقيقة، وأنّ لله عليهم من الشّكر أضعاف ما على غيرهم، وإن توسّدوا التّراب ومضغوا الحصى، فهم أهل النعمة المطلقة، وأنّ من خلّى الله بينه وبين معاصيه فقد سقط من عينه وهان عليه، وأنّ ذلك ليس من كرامته على ربّه، وإن وسّع الله عليه في الدّنيا ومدّ له من أسبابها، فإنهم أهل الابتلاء على الحقيقة".

[مفتاح دار السعادة]
...المزيد

أحاديث مَدَار الإسلام 1 • قال الإمام النووي في بستان العارفين: "ومما ينبغي الاعتناء به، بيان ...

أحاديث مَدَار الإسلام 1

• قال الإمام النووي في بستان العارفين:

"ومما ينبغي الاعتناء به، بيان الأحاديث التي قيل إنها أصول الإسلام، وأصول الدين، أو عليها مدار الإسلام أو مدار الفقه والعلم".


1- (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى). [متفق عليه].

2- (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). [متفق عليه].

3- (إن الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما مشتبهات...). [متفق عليه].

4- (إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوما نطفة، ثمّ يكون علقة...). [متفق عليه].

5- (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك). [الترمذي].

6- (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه). [الترمذي وابن ماجه].

7- (لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه). [متفق عليه].

8- (أيّها النّاس إنّ الله طيّب لا يقبل إلا طيّبا..). [مسلم].

9- (لا ضرر ولا ضرار). [رواه مالك مرسلا ورواه الدارقطني وجماعة من وجوه متصلا].

10- (الدين النصيحة، لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). [مسلم].

11- (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم...). [متفق عليه].

12- (ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس). [ابن ماجه].

13- (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث..). [متفق عليه].

14- (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله...). [متفق عليه].

15- (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله...) [متفق عليه].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 510
السنة السابعة عشرة - الخميس 05 ربيع الأول 1447 هـ
...المزيد

عراق المراغمة ومع كل ما يحيط بهم، لم يحد أجناد العراق عن دربهم، صُبُر أباة يكابدون من المحن ...

عراق المراغمة

ومع كل ما يحيط بهم، لم يحد أجناد العراق عن دربهم، صُبُر أباة يكابدون من المحن أشدّها ومن الظروف أمرّها، وثمرات جهادهم ما تزال تتصدر ميدان الصراع العالمي بين الإسلام والكفر، واذكروا إنْ شئتم يوما واحدا خلا من تقارير العدو، تحذّر وتنذر من أجناد العراق.

إنْ حضروا ارتعدت فرائص الأعداء وعاد الرافضة والصليبيون شركاء حلفاء، وإن غابوا لم تغب آثارهم ولم ينس الرافضة فعالهم فعكفوا يتذاكرونها في لطميات لا تنتهي، تحسب لهم أمريكا ألف حساب ووفقا لمقياس خطرهم تؤقّت جداول الانسحاب، ويشارك اليهود الملاعين في حربهم مكرا وتجسُّسا من وراء حجاب، لقد نُصروا بالرعب حقا ولا عجب بعد أنِ اقتفوا هدي نبيهم وساروا عليه، ووالوا وعادوا فيه، وعاشوا وقتلوا تحت لوائه، ولم يبالوا بكل من ناوأهم.


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [508]
"عراق المراغمة"
...المزيد

محرقة المعسكرات لقد شعشع نور الجهاد في موزمبيق ووسط إفريقية بعد عقود من ظلمات الجاهلية ...

محرقة المعسكرات


لقد شعشع نور الجهاد في موزمبيق ووسط إفريقية بعد عقود من ظلمات الجاهلية والمذابح الصليبية التي ارتكبها النصارى بعد أن غزوا إفريقية محملين بالحقد على المسلمين لما لاقوه على أيديهم في حقب سابقة، مثل الأندلس التي ضاعت بتضييع الولاء والبراء وإذالة الخيول والانغماس في الترف، ولن تعود إلينا إلا بالجهاد النقي والمراغمة والمفاصلة والمطاولة والصبر على غصص المحن التي تصقل المعادن وتلفظ الخبث، ليعود الصف كما كان الصف، وينصلح الآخِر بما انصلح به الأول، وهل أفلح الأولون وصلح حالهم وسما مقامهم إلا بالكتاب والسنة حَكمين على الأرض، لا حبيسين في الصدور والسطور؟!


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [507]
"نور الجهاد"
...المزيد

لن تجدوا الأمان عقدان أو يزيد لم توقف فيهما الحكومات الرافضية المتعاقبة على العراق حملاتها ...

لن تجدوا الأمان


عقدان أو يزيد لم توقف فيهما الحكومات الرافضية المتعاقبة على العراق حملاتها بحثا عن الأمن المفقود، بينما يعيش مبدِّدو أمنها فصولا متتابعة من الجهاد والعطاء، لم يكلّوا ولم يملّوا رغم طول الطريق وشدة الخذلان وكثرة المناوئين وثقل المحنة التي ناءت بحملها الجبال، وحملها أولئك الأبطال الذين هضمت الأمة حقهم وتواصى الجميع بحربهم.

ونحسب أنهم كانوا قطب الرحى في إشعال جذوة الجهاد الأصيل الذي غيّر وجه المنطقة وغزا العالم، ودشّن عصرا جديدا من المراغمة والمفاصلة، بعد أن كاد الجهاد يضيع بين مشاريع الضرار الإخوانية والمتأخونة التي أرادوها بديلا لمشروع الدولة الإسلامية والخلافة على منهاج النبوة.


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [508]
"عراق المراغمة"
...المزيد

لن تجدوا الأمان عقدان أو يزيد لم توقف فيهما الحكومات الرافضية المتعاقبة على العراق حملاتها ...

لن تجدوا الأمان


عقدان أو يزيد لم توقف فيهما الحكومات الرافضية المتعاقبة على العراق حملاتها بحثا عن الأمن المفقود، بينما يعيش مبدِّدو أمنها فصولا متتابعة من الجهاد والعطاء، لم يكلّوا ولم يملّوا رغم طول الطريق وشدة الخذلان وكثرة المناوئين وثقل المحنة التي ناءت بحملها الجبال، وحملها أولئك الأبطال الذين هضمت الأمة حقهم وتواصى الجميع بحربهم.

ونحسب أنهم كانوا قطب الرحى في إشعال جذوة الجهاد الأصيل الذي غيّر وجه المنطقة وغزا العالم، ودشّن عصرا جديدا من المراغمة والمفاصلة، بعد أن كاد الجهاد يضيع بين مشاريع الضرار الإخوانية والمتأخونة التي أرادوها بديلا لمشروع الدولة الإسلامية والخلافة على منهاج النبوة.


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [508]
"عراق المراغمة"
...المزيد

راية أهل التُّقى فلييأس المشركون من حروبهم وحملاتهم، ولتيأس الشيع والأحزاب والفرق من مكرهم ...

راية أهل التُّقى


فلييأس المشركون من حروبهم وحملاتهم، ولتيأس الشيع والأحزاب والفرق من مكرهم وغدراتهم، ولا يرقبوا صباحا لا تشرق فيه شمس الخلافة على أرض المسلمين، ولا يرقبوا مساء تغيب فيه راية العقاب عن سماء المجاهدين، فهيهات هيهات لما يوعدون.

وليستبشر المؤمنون بنصر الله لهم ما دام كل منهم يرى نفسه خالدا يحمل الراية من بعد زيد وجعفر وابن رواحة رضي الله عنهم أجمعين، كلما سقط منهم سيد تحت الراية حملها عنه أخوه حتي ينفذوا أمر الله تعالى أو يهلكوا دون ذلك، وما بعد مؤتة إلا فتح مكة والقادسية واليرموك {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [167]
"يا حملة الراية هبوا"
...المزيد

الحلم حلة أهل الإيمان والعقل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبد القيس: إن فيك ...

الحلم حلة أهل الإيمان والعقل


قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبد القيس: إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "قيل للأحنف بن قيس: ما الحلم؟ قال: أن تصبر على ما تكره قليلا" [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين].

ورُوي أن رجلاً سبَّ ابن عباس، رضي الله عنهما، فلما فرغ الرجل قال ابن عباس: "يا عكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها؟" فنكَّس الرجل رأسه واستحى.

ومثلها أن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- قال لعرابة بن أوس: "بم سُدْت قومك يا عرابة؟" قال: "يا أمير المؤمنين، كنت أحلم عن جاهلهم وأعطي سائلهم وأسعى في حوائجهم، فمن فعل فعلي فهو مثلي، ومن جاوزني فهو أفضل مني".

إنه الحِلم -أخي المجاهد- الذي يعتبر من أهم الصفات التي يجب على المسلم التحلي بها إذا ما أراد أن يكون من أصحاب الخلق الحسن، فهو يعني الطمأنينة عند الغضب، والتفكر قبل الحكم على الشيء، والتعقل والروية.

وقال الإمام ابن القيم: "أوثق غضبك بسلسلة الحلم، فإنه كلب إن أفلت أتلف" [الفوائد].

أخي المجاهد، لقد وصف الله -تعالى- نفسه بهذه الصفة فقال عزَّ من قائل: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235]، وفي آية أخرى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]، وقال أيضا: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17]. ووصف -تعالى- خليله إبراهيم -عليه السلام- بها فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114].

وما نال أحد من النبي -صلى الله عليه وسلم- فينتقم منه إلا إذا انتَهَك محارم الله فينتقم لله، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: خَدَمْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع سنين، أو تسع سنين، ما علمتُ قال لشيء صنعتُ: لم فعلت كذا وكذا؟ ولا لشيء تركت: هلا فعلت كذا وكذا [رواه مسلم].

أخي المجاهد، إن الحلم مطلوب في كل الأوقات وفي جميع الظروف وهو كنز ثمين، وهو في زمن الشدائد والفتن أثمن وأحوج، حيث تحار العقول، وتختلج القلوب، وتضطرب المواقف، ولا يسع المرء عند ذلك سوى تقوى الله والحلم.

واعلم أن ذلك ليس دعوة للبلادة في الطباع، تجعل المرء محط تلقي الإهانات والإساءات دون رد، ولكنه تريُّث وتعقُّل، ونظر في العواقب وتدبُّر، وتقدير للمصالح والمفاسد، وما لم يكن هناك تدبر للإساءة وأسبابها، فلن يكون هناك قدرة على تجاوزها أو ردها.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

معركة الجسر (13 هـ) لم تكن معارك المسلمين مع الفرس في فتوح العراق بلا ثمن من دمائهم، فقدموا ...

معركة الجسر (13 هـ)

لم تكن معارك المسلمين مع الفرس في فتوح العراق بلا ثمن من دمائهم، فقدموا دماءهم وأشلاءهم لتكون كلمة الله هي العليا، تشهد على ذلك الملاحم التي خاضها الصحابة والمسلمون، ومنها موقعة الجسر الشهيرة التي ارتسمت فيها ملامح الثبات والتضحيات.

وقصة المعركة تبدأ بتولية عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأبي عبيد الثقفي -رحمه الله- قائدا لجيش المسلمين المتوجه إلى فارس، لأنه أول من تطوع للقتال بعد تثاقل الناس عنه، كرها لقتال أعظم دولة في ذلك الزمان، المعروفة ببطشها وقوتها.

وسار جيش المسلمين والتقى مع الفرس في عدة معارك كان النصر حليفه فيها، عندها أرسل ملك الفرس القائد (بهمن جاذويه) لقتال المسلمين، قال ابن كثير: "فأرسلوا: إما أن تعبروا إلينا وإما إن نعبر إليكم. فقال المسلمون لأميرهم أبي عبيد: مُرهم فليعبروا هم إلينا" [البداية والنهاية].

وبعد عبور المسلمين للنهر، لم تستطع خيل المسلمين مواجهة فيلة الأعداء وارتعبت منها، وكانت الفيلة هي سلاح الفُرس النوعي في ذلك الوقت، إلا أن أبا عبيد واجه هذه المعضلة حين أمر بقتل الفيلة.

قال ابن كثير: "وأمر أبو عبيد المسلمين أن يقتلوا الفيلة أولا، فاحتوشوها فقتلوها عن آخرها، وقد قدمت الفرس بين أيديهم فيلا عظيما أبيض، فتقدم إليه أبو عبيد فضربه بالسيف فقطع ذلومه فحمى الفيل، وصاح صيحة هائلة وحمل فتخبطه برجليه فقتله ووقف فوقه فحمل على الفيل خليفة أبي عبيد الذي كان أوصى أن يكون أميرا بعده فقتل، ثم آخر ثم آخر حتى قتل سبعة من ثقيف كان قد نص أبو عبيد عليهم واحدا بعد واحد، ثم صارت إلى المثنى بن حارثة بمقتضى الوصية أيضا".

ومما زاد الطين بلة أن أحد المسلمين قطع الجسر لئلا يفر المجاهدون، إلا أن النتيجة جاءت على الضد فقتل وغرق في النهر على إثر ذلك عدد كبير وصمد المثنى وجماعة من فرسان المسلمين حتى إصلاح الجسر.

ويكمل ابن كثير وصف المشهد فيقول: "وسار المثنى بن حارثة فوقف عند الجسر الذي جاءوا منه... فنادى المثنى، أيها الناس على هينتكم فإني واقف على فم الجسر لا أجوزه حتى لا يبقى منكم أحد ههنا... وقام يحرسهم هو وشجعان المسلمين، وقد جرح أكثرهم وأثخنوا".

وقضى من المسلمين في هذه المعركة أربعة آلاف بين قتيل وغريق، وهرب ألفان، وبقي ثلاثة آلاف، وقُتل من الفرس ستة آلاف، وأُخبر عمر -رضي الله عنه- عمَّن سار في البلاد من الهزيمة استحياء، فاشتد عليه وقال: "اللهم إن كل مسلم في حل مني، أنا فئة كل مسلم، يرحم الله أبا عبيد، لو كان انحاز إلي لكنت له فئة".


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من ...

ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله


الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من أشكال السياسة، لا يلجأ إليها الخصمان أو أحدهما ما دام هناك وسيلة أخرى لتحقيق الأهداف، وتأمين المصالح، بسبب تكلفتها العالية بشريا واقتصاديا وعسكريا، وخاصة إذا كان الخصوم من القوة بمكان بحيث يتمكن كل منها من إحداث ضرر كبير بعدوه، فلا يخرج المنتصر من الحرب إلا وقد مُنِي بخسائر فادحة، لا تعوضها الفوائد المرجوة من هذه الحرب أحيانا.

فما دام هناك وسائل يأمل الخصوم من خلالها تحصيلَ المطامع أو تأمينَ المصالح، فإن فرص الحرب تتراجع، حتى إذا أحكم كل من الخصمين المنافذ في وجه خصمه، ولم يبق هناك ما يمكن التفاوض عليه، أو التنازل عنه طلبا لبديل، ازدادت احتمالات الحرب بين الطرفين.

وهذا ما نراه اليوم في لعبة السياسة الدولية القائمة بين كل من روسيا وأمريكا، التي ساحتها ليست أرض أي من البلدين ولكن مناطق النفوذ المفترض لكل منهما، حيث يناور الطرفان بما لديه من عوامل قوة لانتزاع النقاط من خصمه، وحرمانه من تحصيلها.

وإذا أخذنا بالاعتبار أن مساحة اللعب بين الطرفين ذات امتداد كبير جدا، يشمل قارتين من قارات العالم، هما آسيا وأوروبا، وهي مرشحة بقوة للتمدد في إفريقيا، علمنا حينها أن خسارة أي من الطرفين لجولة هنا، أو منفعة هناك لا تعني لأي منهما خسارة اللعبة ككل، بل لا ضير عندهما من الاستمرار فيها بأن يتنازل أحدهما للآخر عن قضية يتبناها، لقاء أن يتنازل له خصمه في قضية أخرى لا تزال أوراقها القوية في يده.

وعلى أطراف هذه الحلبة الكبرى للصراع تتموضع حلبات جانبية بين الدول المرتبطة بكل من الخصمين المتصارعين، تخضع صراعاتهم لقواعد الصراع المركزي، وتتأثر بنتائجه.

وبناء على هذا كله، فإن من التهور أن يحسب المتابع للأحداث أن كل تهديد أو تصريح معاد أو استعراض للقوة يبذله المسؤولون الروس أو الأمريكان هو تمهيد لإعلان حرب أو ما شابه ذلك، فالتهديد في العلن قد يكون دعوة إلى المفاوضات في السر، والتصريح المعادي قد يكون إثارة لانتباه الخصم إلى تجاوزه عدد النقاط المقبول تحصيله في إحدى المباريات، واستعراض القوة قد يكون تعريفا بالحدود التي يجب أن يلتزمها كل من الطرفين، والتأكيد على أهمية موقع قد يكون إعلانا لقيمته المرتفعة في أي عملية مقايضة يمكن إجراؤها بينهما، وكل ذلك على اعتبار أن تحقيق التهديدات، أو إيقاع القوة محلَّها، أو الإصرار العنيد على الفوز في كل المباريات، هو الخط الأحمر الوحيد الذي يحرص الطرفان على عدم تجاوزه، دون بقية الخطوط الحمراء الوهمية الكثيرة التي يرسمها كل منهما على خريطة السياسة الدولية.
إن ضغط روسيا الأكبر ليس واقعا على أمريكا، ولكن على الدول الأوروبية التي باتت تشعر أنها مهددة فعلا بالمطامع الروسية التي ليس لها حد، في الوقت الذي تنزوي فيه أمريكا إلى داخل قارتها تلعق جراحها الكثيرة التي أنهكتها على مدى العقدين الماضيَين من الحرب الشرسة ضد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، تاركة دول أوروبا لذاتها، معلنة العجز عن الاستمرار في حمايتها إلى الأبد، حتى لو قررت دفع ثمن هذه الحماية، وهذا ما جرأ روسيا على الحط أكثر من هيبة تلك الدول، والاستفزاز المستمر لها، وتذكيرها بكهولتها وعجزها منفردة أو حتى مجتمعة عن الوقوف في وجه التمدد الروسي الذي بات يهدد دول أوروبا الشرقية كلها، في حين تتجنب دول أوروبا أي مواجهة، بل تسعى جهدها للتخفيف من غضب حكام روسيا، ومنعهم من التهور بالإقدام على أي عمل يفوق طاقة حكام تلك الدول عن التغافل والسكوت عنه، معترفين ضمنيا بكهولة دولهم وأمراضها، التي لن ينفعها على المدى القريب الحجم الكبير من الأجانب الذين قُبلوا لاجئين في تلك الدول.

وإن على المجاهدين في سبيل الله أن يتحسبوا لفترة صراع طويلة مع روسيا وحلفائها في مختلف المناطق، حتى قبل الانتهاء من صراعهم الحالي مع أمريكا، خاصة وأنها تحاول أن تنازع أمريكا والدول الأوروبية الصليبية على زعامة الحرب على المسلمين، وأن يعدّوا العدّة ليحسموا هذا الصراع لصالحهم مهما طال أمده، وقد جربنا روسيا وحلفاءها في الشام، وما تكرار تجربة الأمريكيين في العراق بحقهم بالأمر العسير، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

(إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر) عن زيد بن سعنة أنه دفع مالا للرسول -صلى الله عليه ...

(إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر)


عن زيد بن سعنة أنه دفع مالا للرسول -صلى الله عليه وسلم- لقاء تمر يأخذه منه في أجل معلوم، قال: "فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، ونفر من أصحابه، فلما صلَّى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه، فأخذت بمجامع قميصه، ونظرت إليه بوجهٍ غليظٍ، ثم قلت: ألا تقضيني يا محمد حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب بمَطْلٍ، ولقد كان لي بمخالطتكم علم!

قال: ونظرتُ إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره وقال: أيْ عدو الله! أتقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أسمع، وتفعل به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر قوته لضربت بسيفي هذا عنقك. ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، ثم قال: (إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التِّباعة، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا من غيره مكان ما رعته).

قال زيد: فذهب بي عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعاً من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة؟ قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أزيدك مكان ما رُعْتُكَ، فقلت: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة، قال: الحَبْر؟ قلت: نعم، الحبر، قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قلت، وتفعل به ما فعلت؟

فقلت: يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتُها في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أختبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً، فقد اختبرتهما، فأُشهدك -يا عمر- أني قد رضيت بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيّاً، وأشهدك أن شطر مالي -فإني أكثرها مالاً- صدقة على أمة محمد، صلى الله عليه وسلم"
[رواه ابن حبان والطبراني وغيرهما].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً