مقال: التحريض ضرورةٌ وطاعة إن التحريض على الجهاد أمرٌ إلهيٌ أمر الله تعالى به نبيّه محمدا صلى ...

مقال: التحريض ضرورةٌ وطاعة


إن التحريض على الجهاد أمرٌ إلهيٌ أمر الله تعالى به نبيّه محمدا صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وقَالَ أيضًا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}، ومعلوم أن الجهاد فرض عين على المسلمين وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فليس التحريض نافلة من الأعمال والأقوال، ولا هو اختيار مِن بين الاختيارات والأبدال، بل هو واجب شرعي وضرورة من ضرورات جماعة المسلمين، وطاعة وعبادة وقربة لله رب العالمين.

ولقد جاءت الآيات واضحة صريحة بالأمر من الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم، بأن يحثّ ويحضّ المؤمنين على القتال، ويرغّبهم فيه، ويشجّعهم عليه، لأن بذلك -التحريض- تنبعث هممهم على مناجزة الأعداء، ومدافعتهم عن حوزة الإسلام وأهله، فتكون النتيجة أن يكفّ الله بأس الذين كفروا فيهزمهم، وما ذلك إلا بالجهاد والتحريض عليه.

فالجهاد والتحريض متلازمان لا ينفكّان عن بعضهما، فإن التحريض على الجهاد يُذكيه ويؤجّج أواره ويُبقيه مُشتعلا في نفوس المؤمنين، مِشعلا منيرا لهم في طريقهم نحو ربهم، فيظلُّ الجهاد بذلك التحريض مستمرا متواصلا يلتحق بصفوفه المسلمين من كل مكان كل يوم، يتواثبون إلى حياضه وموارده موارد الإيمان.

ولذا على جنود الإعلام الجهادي أن لا يغيب عن أذهانهم أهمية الثغر الذي كلّفهم الله تعالى به، فالتكليف إلهي سماوي مذ قال لنبيه: {وحرِّض}، ويجب ألا يغيب عن عقولهم وقلوبهم دور التحريض في إبقاء صوت الجهاد مسموعا مدويا في أرجاء المعمورة، وصورته مشرقة ناصعة في كل الميادين، فهذا واجبهم وهو شرفهم وشرف كل مسلم.

إن أهمية التحريض في استمرارية الجهاد وإمداده بالكوادر وجذب المهاجرين والمقاتلين أولا بأول إلى ساحاته، لا يخفى على عاقل، فالمجاهدون في الميادين ثمار هذا الثغر المبارك والذي لا يقل أهمية عن ثغور القتال والالتحام المباشر، والمرابط عليه مرابط على ثغر عظيم يذود عن حياض التوحيد والشريعة، ويذبّ عن المجاهدين، ويرسل رسالتهم وينقل صورتهم وينصر دعوتهم دعوة التوحيد.

والمحرّض على الجهاد مجاهدٌ في سبيل الله تعالى بتحريضه على الجهاد وحثّه عليه، وهو داع إلى دين الله تعالى وتوحيده، آمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر؛ وفي ذلك يقول الإمام العز بن عبد السلام:
"مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَحَثَّ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ بَاشَرَ الْجِهَادَ بِنَفْسِهِ وَتَسَبَّبَ إِلَى تَحْصِيلِهِ بِحَثِّهِ، فَحَازَ أَشْرَفَ التَّسَبُّبِ وَالْمُبَاشَرَةِ، وَكَانَ حَثُّهُ عَلَى ذَلِكَ أَمْرًا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي هُوَ تِلْوَ الْإِيمَانِ".

كل ما سبق يحتّم على العاملين في ميدان الإعلام الجهادي أن يعلموا عِظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا الميدان، فهُم بريدُ الجهاد وصوته وصورته، فإذا علموا ذلك كان لزاما عليهم أن يبذلوا غاية جهدهم وصفوة أوقاتهم وأحبّ أموالهم لمواصلة عبادة التحريض على الجهاد، ولو كلّفهم ذلك الأسر والقتل والمطاردة، فكل ما التصق بالجهاد وتفرّع عنه لا بد أن يأخذ نصيبه من الجهد والمشقة والمكابدة، فكما أن المحنة والابتلاء قدر المجاهد فكذا المُحرّض عليه، ولا بد لسالك هذا الطريق المبارك أن يناله ما نال السالكون له من قبل، ولا يملك المجاهد أمام ذلك إلا الاحتساب والرضا بقضاء الله وقدره، فهو الخالق سبحانه وهو المالك المتصرف في شؤون عباده، وهم ما عليهم إلا التسليم والاستسلام لله تعالى، وذلك هو الإسلام.

يا جنود الإعلام الجهادي؛ أيها المجاهدون وأيها المناصرون، إنكم تؤدون فريضة عظيمة مرتبطة بأمّ الفرائض في هذا العصر -الجهاد-، لأنّ بها حماية الملة وصون جناب التوحيد وإقامة الشريعة الإسلامية التي قلّ طلابها وكثر المعطّلون لها المبدّلون إيّاها الراغبون عنها إلى سواها من شرائع الأمم وقوانينهم الكفرية البائسة.

يا جنود الإعلام وطلاب الشريعة؛ إن سنة الله تعالى ماضية في التحريض على الجهاد، والقرآن الكريم والسنة النبوية ومراجع السير والمغازي تضج بنماذج ومآثر التحريض على الجهاد، بل قد شارك في ذلك التحريض حتى نساء المسلمين وما قصة الخنساء بنت عمرو، والعابدة أم إبراهيم الهاشمية عنكم ببعيد، وقد حرضن أبناءهن وفلذات أكبادهن على القتال والقتل في سبيل الله تعالى في أرقى صورة من صور البذل والفداء لهذا الدين، حتى قالت أم إبراهيم لولدها: "يا بُنَي! لا جمعَ اللّهُ بيني وبينك إلا بين يديه في عرَصات القيامة"! يعني موطن الحشر.
وعلى العاملين في ثغر الإعلام الجهادي أن يجتهدوا في إتقان أساليب التحريض وطرْق قلوب المسلمين وإحيائها وإنقاذهم من براثن الوهن، ونقلهم من شفير الموت على حطام الدنيا إلى الحياة في حياض القتل في سبيل الله تعالى، فتلكم الحياة وما سواها فناء، كما عليهم أن يسعوا في امتلاك كل الوسائل والأدوات التي تعين على استمرار عبادة التحريض؛ فكما أن المجاهد لا يترك سلاحه وعدته في معاركه، فكذلك المحرّض على الجهاد يلزمه أن يمتلك من الأسباب ما يعينه على ذلك، فيطوّر نفسه ويعد عدته، ويتعلم ويتفقه في هذا الثغر المبارك، لأنه مستمر باستمرار الجهاد الذي هو قدر الله تعالى الممتد إلى يوم القيامة.

وهنا نؤكد وننبه على ضرورة اتباع الهدي النبوي في التحريض على الجهاد، بوضع جناب التوحيد والاعتقاد فوق كل جناب، وجعل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية هي المحرّك الأساس لعجلة التحريض على الجهاد ودفع المسلمين إليه، ثم لا بأس بعدها باستخدام ما يتصل بذلك من الطرائق المفيدة في هذا الباب، على أن يفقه المجاهدون الإعلاميون أنّ الكتاب والسنة خير وسيلة للتحريض، فمن جاءت به نصوص الكتابُ والسنةُ كان ذلك أدعى لثباته على هذا الطريق، ومن جاءت به عاطفة مؤقتة قد تذهب به عاطفة أخرى، فاجتهدوا على تصحيح عقائد الناس، أما عواطفهم فما أكثر ما تتغير وتتبدل فيتغيرون ويتبدلون معها.

ولتتيقنْ أيها الإعلامي المجاهد بأن أثر التحريض على الجهاد لا يقل عن أثر الجهاد نفسه، وقد رأينا كيف كان التحريض سببا في العديد من العمليات النوعية التي ضربت عقر ديار الصليبيين في السنوات الأخيرة، فواصل أيها المجاهد الإعلامي تحريضك على منهاج النبوة، واجعله من أولوياتك، فأنت لا تدري مَن على وقْعِ كلماتك اهتدى واستقام، وأي هجوم كان بطله أنت من حيث لا تعلم!، فجدّ واجتهد وأدِم تحريضك واحتسب واصبر وصابر حتى يُيسر الله لك طريقا إلى الميدان فتباشر الجهاد بسنانك بعد أن كنت تباشره بلسانك وبنانك، فيجمع الله لك بين خيرين كبيرين التحريض والجهاد، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 305
الخميس 16 صفر 1443 هـ
...المزيد

مقال: إلا بما صلح أولها إن سبيل الله تعالى هو الحقُّ الذي لا يتعدد، وأوضح صفات هذا السبيل ...

مقال: إلا بما صلح أولها



إن سبيل الله تعالى هو الحقُّ الذي لا يتعدد، وأوضح صفات هذا السبيل أنه لا يقبل الانحراف والزيغ، فمن زاغ عنه أزاغ اللهُ قلبه، قال تعالى: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}، فمن لزمه واستقام عليه أصاب النجاة والفوز بإذن الله تعالى، ومن أبى ولم يصبر عليه، أو استحبّ غيره واتبع هواه فهو في دركات الخسران يتردى، والحق طريق يُغني عن كل طريق، ولا يُغني سواه عنه، إذْ ليس بعد الحق إلا الضلال.

ولأنه يُغني بنفسه فهو كامل ضمّن الله فيه كلَّ ما يحتاجه العباد، وأمر سبحانه بالدخول فيه كافة دون انتقاء، فالانتقاء منفيٌ عنه حتى لا يُظنّ الباطلُ فيما لم يُنتقَ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}، ولأن الانحراف عنه لا يكون فجأة قال: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}، ولأنه العدو المحتجِب خلف مجنّديه، ولربما جاء بثوب الناصح، قال محذرا منه: {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، ثم هدد سبحانه من عدل عنه إلى غيره بالانتقام فقال: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِّنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:208-209]، فاشتملت الآيتان على اسم الطريق ورسمه وكيفية سلوكه، واشتملت أيضا على لافتات تنبيه لسالكه، وتحذيرات وتهديدات لتاركه، فما أرشدها من آيات!.

فكثيرا ما نسمع: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" وهي كلمة حق، ولكن من أحق بها؟

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (… وإن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين ملة، كلها في النار إلا ملة واحدة قيل: من هي يا رسول الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، فمقياس الصلاح هو (ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، فما الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ وما الذي تميّز به ذلك الجيل حتى صار مقياس الرشاد والسداد للأجيال مِن بعده؟

لقد اختص ذلك الجيل بخصائص، وهي محل استطاعة العباد، فمنها: ارتباطهم الوثيق بالقرآن وانقيادهم له والعمل به مباشرة، فهم الذين "كانوا لا يتجاوزون العشر آيات، حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل"، فأخْذهم للقرآن أخْذ عمل، تنزل الآية فيعملون بها، مع استشعار أحدهم أنه المُخَاطب بها أولا، فحينها يتغيّرون ويرتقون؛ {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}، ولمّا نزل قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، قال أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه: "يا رسول الله، إن الله يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإنّ أحبّ أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله تعالى، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله تعالى..." الحديث، قرعت الآية قلبه فقام فتصدق بأنفس أمواله، فلم يكن القرآن بالنسبة إليهم مجرد آيات وتراتيل تفتتح بها المجالس والاحتفالات، ولكنه كان هاديا يهديهم، وقائدا تنقاد له نفوسهم وجوارحهم.

ومن خصائصهم: شدة ولائهم وبرائهم، فما إن يدخل الواحد منهم هذا الدين ويستقر في قلبه، إلا تحوّل مواليا للمؤمنين محبا لهم، متبرئا من الكافرين -كلّ الكافرين- مبغضا لهم، يُبدي لهم أن سبيله غير سبيلهم، بل البغضاء شعاره لهم حتى يُؤمنوا بالله وحده، والنماذج في هذا كثيرة؛ كقصة عمر وسعد بن أبي وقاص وأبي ذر وحمزة وسعد بن معاذ وغيرهم رضي الله عنهم، وهذا برهان تحقيق التوحيد وفقهه، وبه كتب الله لهم الإيمان.

ومنها: التزامهم الشرع في سائر أمورهم، وعدم تحكيمهم الأهواء، ونبذ صنيع أهل الجاهلية وعاداتها، سواء في أحكامهم وسياساتهم، أو أموالهم وعقودهم وفسوخهم، أو أخلاقهم، فلا يأخذون شيئا من الدين وشيئا من الجاهلية!، بل كلٌ من عند الله.

ومنها: الصدق فيما عاهدوا الله عليه، فإنّ مجتمعا غلب عليه الصدق لهو أشد صلابة من الجبال، وإن مجتمعا غلب عليه الكذب لهو أهون من بيت العنكبوت، فشيمتهم الصدق والبر في العهد، والصدق في القول، والصدق في الراية، فهذا ربعي بن عامر رضي الله عنه يقول لرستم الفارسي حين سأله: ما جاء بكم؟ قال: "الله جاء بنا لنخرج من شاء، من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فمن قبل ذلك قبلنا منه، ومن أبى قاتلناه حتى نفضي إلى موعود الله". فتلك الغاية وهذا الهدف يُقال لقائد جيش الفرس، ببيان واضح وحجة جليّة.

ومنها: الثبات في الملمات وعدم الانتكاسة والضعف، كحالهم في غزوة الخندق وشدتها، وحنيْن وضيقتها، ويوم الردة ودهشتها، فما فُجعت الجزيرة بالردة، حتى رُدت دار إسلام في أدنى مُدة، بسيوف مصلتة وهِمم مُجِدّة.
ومنها: الجماعة ونبذ الفرقة، فلم يطيقوا تأخير الجماعة والعيش ولو يوما واحدا بلا إمام وخليفة، فما إنْ تأكدوا من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى اجتمعوا وأعطوا البيعة في السقيفة؛ لأن في انفراط الجماعة انفراط لعقد الإسلام وضياع الدماء والأعراض والأموال.

فهذه بعض خصائص جيل الصحابة، فمن عمل بها في كل زمان، خرج بهذه الأمة من وحل الظلمات إلى شاطئ النور، فذاك قطز وهناك ابن تاشفين وهذا محمد بن عبد الوهاب؛ وقد سار المجاهدون اليوم على دربهم حتى أقاموا دولة الإسلام وأرسوا دعائم الخلافة من جديد في عهد الشيخ أبي بكر البغدادي تقبله الله في الصالحين.

فطريق السِّلم واحدة، أول داخليها الأنبياء من لدن آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام ثم من بعدهم، وآيات القرآن هي هي منذ نزولها في عهد النبوة، فمن رسا على الطريق بلغ الغاية الأسمى.

وكل ما سبق من خصائص جيل الصحابة هي من الواجبات المتحتمات على أمّة ترجو فتوحات الصحابة وأمجادهم وانتصاراتهم، وإنّ أمة لا تؤدي فرائض ربها، لن تستطيع مجابهة عدوها.

وفي المقابل، فإن الضعف والتردي يكون بهجر سبيل القرآن علما وعملا وحُكما، وتمييع الولاء والبراء، وعدم التزام شرع الله كليا أو جزئيا، والكذب في الراية والبيان، بالتلبيس على الناس وادّعاء شعارات لا عمل بها، والنكوص والتخاذل حين الابتلاء والتمحيص، وتأخير الجماعة ومحاربة مشروع الخلافة.

وإنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم، ولن يأتي النصر بالتمني، ولا السيادة بالرقاد، وقد وعد الله ووعده الصدق، فقال: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.

ولن يعجز الله أن يهلك كل الكافرين، ولكنه كتب الابتلاء على عباده؛ ليبلوهم، ولم يكلفهم ما لا طاقة لهم به، ولكن كلفهم ما تكرهه نفوسهم؛ ليختبرهم، وقد أبلى أوائل هذه الأمة خيرا، وسيُبلي آخرها بلاء حسنا إن شاء الله، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 304
الخميس 9 صفر 1443 هـ
...المزيد

إنهم يكرّرون "أخطاء العراق" في خراسان منذ بدايات الجهاد في الشام بدأ بعضُ قادة الفصائل يرددون ...

إنهم يكرّرون "أخطاء العراق" في خراسان


منذ بدايات الجهاد في الشام بدأ بعضُ قادة الفصائل يرددون في كل محفل أنهم لا يريدون أن تتكرر "أخطاء العراق"، في إشارة إلى ما جرى في جهاد العراق ضد الصليبيين من أحداث، ويوحون لأتباعهم وأنصارهم أنهم درسوا تلك المرحلة السابقة جيدا، ووعوا كل تجارب الفصائل والجماعات، وعرفوا نقاط الضعف والقوة فيها، وحددوا عن معرفة وحكمة ما هو صواب في أفعال المجاهدين ليبنوا عليه، وما هو خطأ ينبغي عدم الوقوع فيه مجددا، ثم فسّرت الأحداث على مدى عقد من الزمان تقريبا كلامهم بأنهم لا يعنون به إلا رفضهم إقامة دولة إسلامية في الشام، والدعوة لإحياء مناهج فصائل الصحوات البائدة في العراق، ويخفون أن "أخطاء العراق" الحقيقية هي ما ارتكبه مرتدو الصحوات من جرائم، أضفعت المجاهدين، وأدت إلى زوال فصائل المرتدين وذهاب ريحهم.

وكانت خطة إنشاء الصحوات في العراق والتي عليها ركّبت أهم "أخطاء العراق" تقوم على محاور عديدة، أهمها إيهام الفصائل بتحقق النصر وحسم الحرب ضد الأمريكيين الذين بات هدفهم حفظ بعض مصالحهم في فترة ما بعد الانسحاب القريب، ومنها ألا يتحول العراق إلى أفغانستان ثانية يتجمع فيها المجاهدون ليخططوا لضرب أمريكا من جديد.

وعليه بدأت المفاوضات الوهمية داخل السجون مع قادة الفصائل، ووعدهم فيها الأمريكيون أن يتقبلوا مشاركتهم في حكم البلاد بعد انسحابهم منها، ويقدموا لهم الدعم لتحجيم النفوذ الإيراني المهيمن، ويحموهم وأتباعَهم من أي ملاحقة مستقبلية بإصدار "عفو عام" عنهم وإدماجهم في الوظائف الحكومية والجيش والأجهزة الأمنية، وذلك كله متعلق أولا بالقضاء على المجاهدين الذين بدأوا آنذاك الاستعداد لمرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي بالائتلاف في "مجلس شورى المجاهدين" والتحضير لإقامة "دولة العراق الإسلامية"، وهو ما صادف هوى في نفوس قادة الفصائل، اعتمد عليه الصليبيون في مفاوضاتهم معهم.

ولم يدرِ أولئك التعساء الأشقياء الذين صدّعوا رؤوس الناس بادعائهم الخبرة والوعي والحكمة والعلم ونبزهم المجاهدين بحداثة الأسنان وسفاهة الأحلام وكانوا هم أهل تلك الأوصاف، أن الصليبيين كانوا يستهدفون تدميرهم مع استهداف تدمير الدولة الإسلامية، التي سترهقهم في حربها وستستنزف كل طاقتهم في محاولتهم القضاء عليها، ومن ثم تنكسر قوتهم وينعدم تأثيرهم في الساحة، بعد أن يمهّدوا الطريق للرافضة وغيرهم من حلفاء الصليبيين وعملائهم لحكم العراق بعد انسحاب الجيش الأمريكي منه، وهو ما كان، فهذه أهم "أخطاء العراق" التي يخفيها مرتدو الصحوات في كل مكان عن أتباعهم.

وهكذا ظهر مقاتلو الفصائل المرتدة فجأة إلى جانب الدبابات الأمريكية في أطراف بغداد يدلونهم على عورات المجاهدين ويقومون بمداهمة بيوتهم واعتقالهم وقتلهم بالنيابة عنهم، وبدأوا يرتدون الأحزمة الصفراء لتميزهم الطائرات التي تغطي تحركاتهم المنسقة مع الصليبيين، وهكذا أيضا بدأ مجاهدو الدولة الإسلامية يقطفون رؤوس قادة الصحوات، وينكلون بأتباعهم المرتدين، حتى أبادوا خضراءهم ولم يبقَ منهم إلا شراذم قليلون صاروا أهدافا لإخوانهم الرافضة يقتلونهم ويأسرونهم بناء على أفعالهم السابقة ضدهم، حتى محى الله تعالى -بفضله- كل أثر لتلك الفصائل من العراق، ولم يبقَ منها إلا قادتها المرتدون الذين لجؤوا لأسيادهم الداعمين لهم من الطواغيت في دول الجوار ليصرفوا لهم رواتب تقاعدية بعد تأدية مهامهم في تدمير جهاد أهل العراق، أو السعي لذلك على أقل تقدير.
وبعد أن وجدنا "أخطاء العراق" يرتكبها مجددا مرتدو الصحوات في الشام، فأضعفوا بذلك قوتهم، وسمحوا للنظام النصيري أن يستعيد قوته، نجد أن "أخطاء العراق" تتكرر اليوم في خراسان على أيدي مرتدي "طالبان" وكأن ما في القوم رجل رشيد ينبههم إلى المصير المشؤوم الذي ينتظرهم باتباعهم سنن من قبلهم من المرتدين الذين ركنوا إلى الصليبيين وظاهروهم في قتال المسلمين.
فالمفاوضات الأمريكية التي تجري اليوم في الدوحة وموسكو وغيرها من البلاد، سرا وعلنا، تعلن فيها أمريكا أنها تريد ضمان مصالحها في أفغانستان بعد انسحابها، وعلى رأسها أن لا تتحول إلى مكان آمن للمجاهدين يستفيدون منه في التخطيط والإعداد لشن هجمات على الصليبيين والمرتدين، وتعلن مخاوفها من سيطرة الدولة الإسلامية على كامل البلاد في حال خلوها من القوة الأمريكية مثل ما حدث في العراق، وكل ذلك في إطار خطة هدفها إيقاف "طالبان" القتال ضدهم وحلفاءهم في الحكومة المرتدة، وتوجيه مقاتليهم من كل الجبهات إلى مناطق سيطرة الدولة الإسلامية لقتالها رفقة الجيش الأفغاني المرتد وبغطاء جوي من طيران التحالف الصليبي.

وإن استمرار مرتدي "طالبان" في تكرار "أخطاء العراق" سيؤدي بهم -بإذن الله- إلى مصير مشابه لمصير إخوانهم من صحوات العراق، حيث ستستنزفهم الحرب مع الدولة الإسلامية دون أن يتمكنوا -بإذن الله- من القضاء عليها، وما سيتبقى من قوتهم الهزيلة يمكن لحلفاء أمريكا تصفيته أو احتواؤه، لتتحقق بذلك معالم الخطة الأمريكية بإضعاف "طالبان" إلى درجة لا تمكنهم من الهيمنة على الحكومة الأفغانية التي يفاوضون الأحزاب اليوم على المشاركة فيها، في الوقت الذي تحافظ فيه تلك الأحزاب على قوتها ولا تستنزفها في القتال المدمّر مع الدولة الإسلامية، وهذا المخطط واضح لمن كان له قلب، ومرتدو "طالبان" يسيرون فيه على غير هدى ولا بصيرة، ولن يصحو من سكرتهم إلا بعد أن يلاقوا مصيرهم المحتوم، حين يجد بعض قادتهم مكانا لهم إلى جانب إخوانهم من قادة صحوات العراق في فنادق الدوحة وعمّان وإسطنبول، ويدخل كثير منهم في الصراعات الحكومية على نهب الأموال وتوظيف الأتباع، ومن يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 193
الخميس 29 ذي القعدة 1440 هـ
...المزيد

فتوكل على الله إنك على الحق المبين بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ...

فتوكل على الله إنك على الحق المبين


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال تعالى في محكم التنزيل: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ * إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} [النمل: 80،79].

نزلت هذه الآيات مواساة للنبي الكريم وتسلية له عن جموح الكافرين وجحودهم وإصرارهم على الكفر، وتثبيتاً له على طريق الحق، وتأكيداً له أن الله متم وعده، وناصر جنده، فهذه سنته في خلقه، وإن تأخرت فلحكمة يعلمها سبحانه، ولا يتم الإيمان إلا باعتقاد صِدق ذلك الموعود المُدَّخر وانتظار تحققه، لذلك أمره بالتوكل عليه وصفاء النية إليه، فالتوكل على الله واليقين بصدق موعوده متلازمان في كل قلب مؤمن، ولأجل ذلك التلازم كانت مقولة أهل الإيمان عند الزلزلة بعد زيادة الإيمان واليقين في قلوبهم: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، فقلوبهم معلقة بالله متوكلة عليه موصولة به كقلوب الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير) [رواه مسلم]، فبالتوكل على الله وحده والإيواء إلى ركنه الشديد يغدو المجاهدون بقليل العدد والعدة ويروحون بعظيم النصر والغلبة، بما حققوا من مقام التوكل عليه والالتجاء إليه، لأنهم على الحق المبين.


- التوكل وحقيقته

قال الإمام أحمد: "التوكل عمل القلب"، وقال ابن عطاء: "التوكل أن لا يظهر فيك انزعاج إلى الأسباب، مع شدة فاقتك إليها".[مدارج السالكين]، فالتوكل من علامات أهل الثبات كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولا يستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات".[مدارج السالكين].

والتوكل عبادة لا تستقيم للعبد إلا باستقامة التوحيد فيفرد الله بالتوكل، قال ابن القيم رحمه الله: "فإنه لا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده، بل حقيقة التوكل توحيد القلب، فما دامت فيه علائق الشرك، فتوكله معلول مدخول، وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل، فإن العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شعب قلبه فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة، ومن هاهنا ظن من ظن أن التوكل لا يصح إلا برفض الأسباب وهذا حقٌ لكن رفضها عن القلب لا عن الجوارح، فالتوكل لا يتم إلا برفض الأسباب عن القلب، وتعلق الجوارح بها فيكون منقطعا منها متصلا بها". [مدارج السالكين].


- تعلقٌ بالمُسبّب لا بالسبب

فلابد للعبد الفقير الضعيف أن لا يتعلق قلبه بغير مولاه وأن لا يعتمد على من سواه، وأن لا يتحقق له سكون ولا تغشاه طمأنينة إلا إذا استشعر معيّة الله له بنصره وتأييده وإن انعدمت في حقه كل الأسباب، فلا يبالي بإقبال الأسباب وإدبارها فلا يضطرب قلبه عند إدبار ما يحب منها أو إقبال ما يكره لأن اعتماده على الله وسكونه إليه، وكذلك المجاهد يواجه الباطل والطغيان لا يبالي بنقص عدد ولا عدة، بل يمضي في طريقه واثق الخطى ثابت الجنان يستجلب في طريقه ما تيسر له من الأسباب غير مفرط في استجلابها وفي ذاته غير متعلق بها، بل مخلصاً تعلقه وتوكله لمُسببها، فلا يخاف الأسباب ولا يرجاها، بل خوفه ورجاءه مصروف لمولاه، موقناً أن الحق ظاهر وأن الباطل مغلوب بوجود الأسباب أو بانعدامها، موقناً أن الله يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.


- ما يؤدي إلى تمام التوكل

وحتى يصل العبدُ إلى تمام التوكل وكماله، يجب عليه أن يعلم سبعة أمور أوردها الإمام ابن القيم -رحمه الله- وعلّق بأنه لا تتم حقيقة التوكل إلا بها، وهي:

1- معرفة بالرب وصفاته: من قدرته وكفايته وقيوميته، وانتهاء الأمور إلى علمه، وصدورها عن مشيئته وقدرته، وهذه المعرفة أول درجة يضع بها العبد قدمه في مقام التوكل.

2- إثبات في الأسباب والمسببات: فإن من نفاها فتوكله مدخول، وهذا عكس ما يظهر في بدوات الرأي؛ أن إثبات الأسباب يقدح في التوكل، وأن نفيها تمام التوكل.

3- رسوخ القلب في مقام توحيد التوكل: فإنه لا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده، بل حقيقة التوكل توحيد القلب فما دامت فيه علائق الشرك، فتوكله معلول مدخول.

4- اعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه: بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الأسباب، ولا سكون إليها، بل يخلع السكون إليها من قلبه ويلبسه السكون إلى مسببها.

5- حسن الظن بالله عز وجل: فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه، ولذلك فسّر بعضهم التوكل بحسن الظن بالله.

6- استسلام القلب له وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعاته: وبهذا فسره من قال: أن يكون العبد بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل، يقلبه كيف أراد، لا يكون له حركة ولا تدبير.
7- التفويض: وهو روح التوكل ولبّه وحقيقته، وهو إلقاء أموره كلها إلى الله، وإنزالها به طلبا واختيارا، لا كرها واضطرارا، بل كتفويض الابن العاجز الضعيف المغلوب على أمره كل أموره إلى أبيه، العالم بشفقته عليه ورحمته، وتمام كفايته، وحسن ولايته له، وتدبيره له".[مدارج السالكين].


- ثمرة التوكل

قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق:3].

وجّه سبحانه وتعالى عباده إلى ثمرة توكلهم بأن كفاهم ما أهمهم إذ فوضوا أمرهم إليه وتوكلوا عليه، فقد جعل سبحانه لكل شيء قدراً أي لكل شيء من الشدة والرخاء أجلاً ينتهي إليه، فكل ما يُنزله على عباده من شدة وبلاء ما هو إلا داع منه لهم حتى يتوكلوا عليه وحده، وحتى يتجردوا لله وحده ويغفلوا كل من سواه ويلقوا بأمرهم كله إلى الله، يصرفه كما يشاء وبما يشاء بعلمه وتدبيره، وحينها يمنُّ عليهم بعظيم الثمرة، يمنُّ عليهم بمحبته سبحانه وتعالى، إن الله يحب المتوكلين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 193
الخميس 29 ذي القعدة 1440 هـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - قصة شهيد أبو مثنى الحسيني (تقبله الله) (أذاق الله على يديه وإخوانه مرتدي ...

الدولة الإسلامية - قصة شهيد

أبو مثنى الحسيني (تقبله الله)

(أذاق الله على يديه وإخوانه مرتدي الـPKK الويلات)

في أسرة عرفت التوحيدَ مبكراً وسط منطقة فشا فيها الجهل بالدين، وسيطر الصوفيةُ المشركون على منابر الدعوة فيها، ولد (راغب محمد المغير) سنة 1412 هـ في قرية (السعدة الشرقية) القريبة من بلدة (ميسرة) جنوبي ولاية البركة، حيث كان والده تقبله الله من الداعين إلى نبذ البدع والخرافات، محاربا للمشركين من أتباع الطرق الصوفية الرفاعية والخزنوية، كما كان له ولمن معه من الإخوة في المنطقة مشاركة في جهاد العراق، يعينون المجاهدين هناك بإدخال المهاجرين عبر الحدود، وتسهيل دخولهم إلى الشام عند الحاجة.

ومن أجل ذلك كله نال الأسرة كلها الملاحقة من مخابرات الطاغوت، فسُجن أبو راغب تقبله الله وابن أخته عبد الرحمن الحجاب سنين لدعوتهم إلى التوحيد وإعانتهم لمجاهدي العراق، وقتل عبد الرحمن تقبله الله في أحداث سجن "صيدنايا" إثر مشاركته في العصيان الذي قاده المجاهدون، حيث تمكنوا -بفضل الله- من السيطرة على السجن لقرابة 9 أشهر.

ولمّا شبّ أبو المثنى تقبله الله تعالى، وفي مرحلة دراسته الجامعية على وجه الخصوص، حيث درس الرياضيات في جامعة الفرات بمدينة الخير، بدأ يبحث عن الشباب الداعين إلى التوحيد والسنة في الوسط الجامعي وخارجه ويتعرف عليهم، فارتبط بمجموعة تعمل في تهريب المجاهدين إلى العراق، كانت هي إحدى المجموعات التي ابتدأت لاحقا نشاط الدولة الإسلامية في "المنطقة الشرقية" من الشام.


- من نصرة المجاهدين إلى صفوفهم

حين بدأت المظاهرات ضد طاغوت الشام بدأ الإخوة بتجميع صفوفهم كلٌ في منطقته، وهم يعلمون أن لا فائدة من هذه المظاهرات سوى إشغال أجهزة المخابرات، وخلق الفوضى في البلاد، وأن عليهم الاستفادة من هذه المرحلة في بناء أنفسهم وإطلاق عمل جهادي يمكنه -بإذن الله تعالى- إزالة حكم الطاغوت وإقامة حكم الله تعالى في هذه الأرض، وبدأت الدولة الإسلامية بإدخال المجاهدين ليبدأوا بتأسيس العمل، وإعلان الجهاد في الشام، بالاستعانة بالإخوة الموجودين سابقا فيها، وتحويل مجموعات التنسيق والتهريب إلى خلايا مقاتلة.

وتأسست أولى المجموعات الجهادية المرتبطة بالدولة الإسلامية في قريتي (السعدة الشرقية) و(غريبة الشرقية) بالإضافة إلى مجموعة أخرى في قرية (الظاهرية) شرق القامشلي، ومفارز أمنية صغيرة بدأت بالتشكل في مدينتي القامشلي والحسكة، ولم يتأخر النظام النصيري كثيرا في العمل على القضاء عليها، فوجّه قوات كبيرة إلى قرية الظاهرية لاعتقال المجاهدين فيها، حيث قتل أكثرهم -تقبلهم الله تعالى- في الاشتباك مع الجيش النصيري الذي استعمل الأسلحة الثقيلة في هجومه بعد أن رفضوا تسليم أنفسهم، وأما المجاهدون في (السعدة) فقد وجّه النظام إليهم قوتين في آن واحد، الأولى انطلقت من الحسكة والقامشلي شمالا، والثانية من مدينة الخير جنوبا، حيث قامتا بتطويق القرية والبدء بتمشيطها بحثا عن المطلوبين من شبابها وهم بالعشرات، وتحصّن بعض الإخوة في تل بقريتهم واشتبكوا مع جنود الجيش النصيري وعناصر الأمن العسكري عدة ساعات حتى قتلوا تقبلهم الله تعالى بعد نفاد ذخيرتهم، واعتقل المرتدون أبا المثنى تقبله الله مع عشرات من الشباب في القرية بشكل جماعي، ولبث في سجون "الأمن العسكري" في مدينة الخير بضعة شهور.

وعند خروجه من السجن كان عودُ المجاهدين في المنطقة قد اشتدّ أكثر، وقد جاءت حملة الجيش النصيري بنتيجة عكسية، فالقاعدون في المنطقة تأثروا كثيرا بثبات المجاهدين وقتالهم حتى الموت بعد أن نكلوا في النصيرية، والمعتقلون الذين كان أكثرهم لا نشاط لهم يذكر خرجوا من السجون وهم يتشوقون لقتال النصيرية، وهكذا صار عديدُ المجاهدين في قرية (السعدة) وما جاورها في منطقة (ميسرة) يبلغ العشرات، بعد أن كانوا لا يتجاوزون أصابع اليدين تقريبا، وأصبحت المنطقة هي مركز قيادة جنود الدولة الإسلامية في المنطقة الشرقية، بعد أن استقر فيها (الشيخ غانم الشمري) تقبله الله تعالى، وكان حينها أميرا للمنطقة ومسؤولا إداريا لجبهة النصرة آنذاك، يرتبط بها مجموعات أخرى في كل من (الشحيل) و(جديد العكيدات)، وزاد في هذه المرحلة ارتباط أبي مثنى بالجماعة، خاصة وأن الشيخ غانم كان يقيم في مضافة عمّه أبي حامد تقبله الله تعالى.
- الثبات مع الجماعة

وصل الخبيثُ "أبو مارية الهراري" مبعوثا من "الجولاني" ليبدأ مشروعه التخريبي في المنطقة، والذي سعى لتكراره في كل المناطق التي حلّ فيها، بالطعن في الأمراء الموجودين، وتأليب المجاهدين عليهم، ثم العمل على شق صف المجاهدين أنفسهم على أسس عشائرية ومناطقية، ليربطهم به دون غيره، فبدأ أولا يطعن بالشيخ غانم ويراسل الجولاني طالباً منه أن يولّيه المنطقة الشرقية، الأمر الذي لاقى هوى عند الجولاني الذي بدأ يخطط لإبعاد الأوفياء للدولة الإسلامية عن المناصب في جبهة النصرة تمهيدا لنقض البيعة والاستقلال بقيادة من تحت يده من العناصر، خاصة وأن الجولاني كان جنديا تحت إمرة الشيخ غانم في العمل الإداري بولاية نينوى التي عمل فيها الجولاني بعد خروجه من السجن، ثم بدأ الجولاني بتقسيم المجاهدين على أسس عشائرية بعد أن كانوا إخوة في الإسلام، وصار يقرب منهم ويبعد بمقدار الولاء له، وفي الوقت نفسه يتخلص من كل مجاهدي العراق الموجودين في المنطقة أو الذين يرسلهم أمير المؤمنين لتقوية الجهاد في الشام، بإدخالهم إلى المناطق المحاصرة في مدينة الخير، كما فعل مع الشيخ أبي ياسر، أو إرسالهم إلى عمليات ذات خطورة عالية على أمل التخلص منهم فيها، وكادت المشكلات -التي سببها الأساسي الفتنة العشائرية التي أحدثها عدو الله- أن تشق صف المجاهدين في الشرقية، حيث لم يبقَ حلٌ آنذاك إلا بعزله عن إمارتها رغم رفض الجولاني، وتولية (الشيخ أبي أسامة العراقي) تقبله الله ليصلح ما أفسده، ويطور العمل العسكري في المنطقة.

وشارك أبو المثنى رحمه الله في أكثر الغزوات التي حدثت في المنطقة الشرقية، وكان أهمها غزوة فتح الشدادي التي قادها الشيخ أبو أسامة العراقي، وما تلاها من فتوح في شرق وشمال ولاية البركة، التي فُصلت آنذاك هي وولاية الرقة عن ولاية "دير الزور"، والتي غير اسمها فيما بعد إلى ولاية الخير.

حين نقَضَ الغادرُ الجولاني عهده، مستعينا بالظواهري، كان يتوقع أن تكون المنطقة الشرقية كلها معه في قراره الآثم، فحضر إليها ليلتقي مع الأمراء ويقنعهم بالبقاء معه، وعقد اجتماعا في بلدة (الشحيل) التي كانت مركز أتباع "الهراري" والموالين له في المنطقة، وكانت المفاجأة أن يسمع بصراحة من أحد الأمراء من يعلن رفضه نقض البيعة، ويصر على البقاء في صفوف الدولة الإسلامية، حين جامل الكثيرون وداهنوا عاجزين عن مصارحة الغادر بموقفهم منه، وكان ذاك الصادع بالحق هو أبو المثنى تقبله الله الذي كان حينها أميرا لمفصل الأمن في ولاية البركة.

وثبت تقبله الله على موقفه هو وبعض الإخوة معه منهم ابن عمه أبو عزام الحسيني (صالح المغير)، وأبو أسامة الأنصاري (أبو حمزة الرفدان)، وأبو المثنى المشهداني، تقبلهم الله جميعا، وكان في ذلك سبب لتثبيت المجاهدين في ولاية البركة على بيعة أمير المؤمنين، والتي تولى أمرها الشيخ أبو أسامة العراقي بعد ذلك، وثبت أبا مثنى في إمارته للمفصل الأمني الذي بقي فيه حتى نهاية حياته.


- مع الجهاز الأمني للدولة الإسلامية

مع وصول بعض الكوادر الأمنية من العراق، نشطَ العملُ الأمني في المنطقة الشرقية عموما، فبدأ أبو أنس وأبو أحمد العراقيان -تقبلهما الله- بسلسلة من العمليات الأمنية في الرقة -قبل فتحها- ضد النظام النصيري وعملائه، ثم أكملوا تحت إمرة الشيخ (أبي لقمان الرقي) العمل على رؤوس الردة من علمانيين وقادة الصحوات، في الوقت الذي نشط (أبو عمر قرداش) تقبله الله في ولاية الخير ضد عملاء النظام ورؤوس الجيش الحر المرتدين، فتمكن مع مجموعة من المجاهدين من قطف رؤوس بعضهم، ودفع آخرين إلى الفرار من المنطقة خوفا من القتل، وكانت تلك العمليات تتم بسرية ودون إعلان وهذا كله قبل حادثة غدر الجولاني ومن معه، كما نفذ أبو المثنى تقبله الله تعالى والإخوة معه عدة عمليات استهدفت عملاء للصليبيين وللنظام في منطقة الشدادي ومحيطها.

وفي ذلك الوقت بدأ المفصل الأمني في الدولة الإسلامية عموما يتحضّر لخروج الصحوات التي أيقن أمراءُ الدولة الإسلامية بخروجها بعد حين، وذلك بجمع المعلومات عن قادة الفصائل وتحركاتهم ومخططاتهم وما يجرونه من لقاءات في رحلاتهم إلى تركيا على وجه الخصوص، وقد تمكن الإخوة بفضل الله من اصطياد الكثير منهم أثناء عودتهم من تلك الرحلات محمّلين بالأوامر والأموال والأسلحة.
ومع خروج الصحوات بدأت المفارز الأمنية بالعمل ضد الصحوات في ولايتي الخير والبركة بعد تطهير ولاية الرقة من المرتدين، حيث كان المجاهدون يتسللون إلى عمق مناطق الصحوات وينفذون الكمائن والإغارات ويفجرون المفخخات والعبوات على الحواجز والمقرات ويغتالون رؤوس الردة من قادة الصحوات، وكان أبو مثنى ومن معه من مجاهدي المفصل الأمني في الولاية يدخلون إلى قرية (غريبة الشرقية) التي جعلها مرتدو "جبهة الجولاني" آنذاك مركزا لقيادة عملياتهم في جبهة (ميسرة) فيرصدون التحركات ويجمعون المعلومات التي يستفيد منها الأمراء العسكريون في تخطيط معاركهم، وكاد أن يعتقل في إحدى المرات بعد أن دخل -تقبله الله- مقرا للمرتدين وهو مقنع لا يعرفونه! ليستطلعه من الداخل ويحاول الحصول على معلومات من المتواجدين فيه، فسلّمه الله منهم بأن أسرع بالخروج وأفلت منهم حين شكوا بأمره وهمّوا بأسره.


- العمل الأمني ضد مرتدي الـ PKK

وبعد أن فتح الله على المجاهدين في العراق فأخذوا المناطق وكسروا الحدود، وعلى المجاهدين في الشام فدحروا الصحوات وأخرجوهم من كل المنطقة الشرقية، وبدأت دواوين الدولة ومفاصلها بالتشكل من جديد، انتقل أبو مثنى رحمه الله للعمل في الأمن الخارجي، تحت إمرة الشيخ (أبي اليمان الأردني) تقبله الله والي دمشق الأسبق، الذي أمّره الشيخُ (أبو أسامة العراقي) على مدينة البركة، حيث بدأ الإخوة يعدون العدة للهجوم عليها، وكان المخطط بأن ينشط العمل الأمني داخلها أولا من أجل زعزعة قوة المرتدين فيها، وجمع المعلومات الوافية عنها، وتقوية وجود المفارز الأمنية داخلها لتكون سندا وعونا للمجاهدين المقتحمين لها من خارجها.

وهكذا بدأ عمل أبي مثنى مع مجموعة من المجاهدين في التخطيط وتنفيذ عمليات كثيرة في مختلف مناطق ولاية البركة الواقعة تحت حكم المرتدين، وتمكن المجاهدونمن توجيه ضربات كثيرة للنصيرية ومرتدي الـ PKK، والتي مهّدت للهجوم الكبير لفتح مدينة البركة في رمضان 1436، حيث فتح اللهُ على المجاهدين مناطق كبيرة من المدينة، وكادت تسقط كلها بأيديهم، لولا تدخل طائرات التحالف الصليبي الذي شنّ مئات الغارات الجوية على مواقع المجاهدين وخطوط الاشتباك بينهم وبين المرتدين، وانتقل أبو مثنى تقبله الله تعالى إثر هذا إلى العمل في مجموعة أمنية لاستهداف مرتدي الـ PKK وقوات التحالف الصليبي في مختلف المناطق، وهيأ الله تعالى لها النجاح في تنفيذ العديد من الهجمات ضدهم والتي حصدت المئات من المرتدين بين قتيل وجريح.


- شهادة في سبيل الله نحسبه

في السنة الأخيرة من حياته طلب أبو مثنى تقبله الله تفريغه لطلب العلم، والتحق بدورة شرعية في معهد (الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله) في مدينة الميادين، درس فيها علوم الآلة وفقه الإمام أحمد من كتاب (شرح عمدة الفقه) وحفظ الحديث من كتابة (عمدة الأحكام) وأجزاء من القرآن الكريم، قبل أن يعود مجددا للعمل في المفصل الأمني في الفترة التي بدأ العمل فيها على إخراج عدد من الإخوة العاملين في هذا المفصل لإنشاء مفارز أمنية فاعلة في دار الكفر يقع على عاتقها تنشيط العمل الجهادي ضد المرتدين في المراحل اللاحقة.

فعاد رحمه الله تعالى للعمل الأمني في ولاية البركة، ونشط في مناطق الشدادي وميسرة والصور التي يعرفها جيدا مع بعض الإخوة، وتمكن معهم بفضل الله تعالى من إيقاع الكثير من الخسائر في صفوف مرتدي الـ PKK الذين باتوا يشعرون بوجوده في المنطقة، وهم يعرفونه سابقا من أثر العمليات الكثيرة التي أشرف عليها طوال سنتين من الصراع معهم، وبات البحث عنه مستمراً في المنطقة، وطلب اعتقاله ملحّاً لديهم ولدى أسيادهم الصليبيين، وكان هو حذرا حريصا على أن لا يمكّنهم من نفسه وإخوانه، فيكثر التنقل بين المناطق للعمل أو الإقامة، ويأخذ بأسباب الأمن في اتصالاته ولقاءاته بالإخوة، ولكن قدر الله تعالى أسرع ولا يجدي معه الحذر.

وهكذا تفاجأ تقبله الله تعالى بحاجز "طيار" للمرتدين جنوبي الشدادي أثناء انتقاله بين القرى بدراجة نارية، فاستلّ سلاحه واشتبك معهم فورا موقعا فيهم قتلى وجرحى، وتمكنوا هم من إصابته بجروح قاتلة، مات على إثرها تقبله الله تعالى.

ولا زال إخوان أبي مثنى الحسيني -تقبله الله تعالى- في البركة والخير والرقة وحلب ينكلون بمرتدي الـ PKK وأسيادهم الصليبيين، وتزداد وطأة ضرباتهم عليهم، وتنالهم وهم في عقر دارهم، ولن يوقف الجهاد في سبيل الله تعالى مقتل جندي ولا أمير، ولا انحياز من قرية أو مدينة، فهو قائم بحمد الله حتى قيام الساعة، يرفع الراية فيه أقوام من بعد أقوام حتى يرث اللهُ الأرض ومن عليها.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 193
الخميس 29 ذي القعدة 1440 هـ
...المزيد

تجارة حركات الردة بالدين •أما الهيئات والحركات والأحزاب المرتدة التي تتاجر بالدين بل وبذروة ...

تجارة حركات الردة بالدين


•أما الهيئات والحركات والأحزاب المرتدة التي تتاجر بالدين بل وبذروة سنامه، فقد طفح شرهم وملأ الأجواء نتنهم، وتكررت قصصهم وافتضحت سيرهم، فهم يتسترون بالجهاد واسمه ورسمه وليس لهم من حقيقته نصيب، فشابهوا الطواغيت وأتباعهم نهجا وطريقة وغاية، فانتهجوا المتاجرة بالدين طريقة للوصول إلى غاياتهم الفاسدة في الوصول إلى السلطة، فيجمعون الأتباع ويحشدون الجماهير بالشعارات الدينية والخطابات الحماسية، وما إن يصلوا إلى سدة الحكم حتى يتنكروا لتلك الشعارات ويحكموا الناس بنفس حكم الطواغيت السابقين، فلم يكن التدين وشعاراته بالنسبة إليهم سوى وسيلة لنيل الدنيا ومناصبها، فكانوا بذلك أسوأ المتاجرين بالدين إذ ضافوا إليه الدماء!

افتتاحية النبأ "وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا" ٤٤٧
...المزيد

نواقض الإسلام • قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله): إعلم أن من أعظم نواقض الإسلام ...

نواقض الإسلام

• قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله):
إعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة:

1- الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له، والدليل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، ومنه الذبح لغير الله، كمن يذبح للجن أو القباب.

2- من جعل بينه وبين الله وسائط، يدعوهم ويسألهم الشفاعة، كفر إجماعاً.

3- من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، كفر إجماعاً.

4- من اعتقد أن غير هدي النبي ﷺ أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، فهو كافر.

5- من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول ﷺ، ولو عمل به، كفر إجماعاً، والدليل قوله تعالى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٩].

6- من استهزأ بشيء من دين الله، أو ثوابه أو عقابه كفر والدليل قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۝٦٥ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: ٦٥- ٦٦].

7- السحر ومنه الصَّرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: ١٠٢].

8- مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: ٥١].

9- من اعتقد أن بعض الناس لا يجب عليه اتباعه ﷺ،وأنه يسعه الخروج من شريعته،كما وسع الخضر الخروج من شريعة موسى عليهما السلام، فهو كافر.

10- الإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولايعمل به، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} [السجدة: ٢٢]
...المزيد

مقام اجتناب الطاغوت في الإسلام • اجتمعت دعوة الأنبياء على كلمة سواء { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ...

مقام اجتناب الطاغوت في الإسلام

• اجتمعت دعوة الأنبياء على كلمة سواء { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ }، ولذا احتلت قضية اجتناب الطاغوت مساحة كبيرة في الإسلام جعلتها حدّ الإيمان والكفر، فصار الإيمان بالله تعالى والاستمساك بعروته الوثقى لا يتم إلا بالكفر بالطاغوت لقوله تعالى: { فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ }، قال ابن كثير: "قال مجاهد: يعني: الإيمان، وقال السدي: الإسلام، وقال سعيد بن جبير والضحاك: يعني: لا إله إلا الله، وعن أنس بن مالك: القرآن، وعن سالم بن أبي الجعد: هو الحب في الله والبغض في الله"، قال ابن كثير: "وكل هذه الأقوال صحيحة ولا تنافي بينها"، فتأمل مقام اجتناب الطاغوت في الإسلام أين بلغ وماذا جمع.


• افتتاحية النبأ العدد ٤٥٧
...المزيد

إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ • فامضوا بارك الله فيكم، وإيَّاكم أن ترضوا بحكم أو دستور غير حكم ...

إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ

• فامضوا بارك الله فيكم، وإيَّاكم أن ترضوا بحكم أو دستور غير حكم الله وشريعته المطهَّرة، فتضيَّعوا ثورتكم المباركة؛ التي لن تُؤتِيَ أكُلها إلا إذا تُوَّجت بتحكيم الشريعة، وتوحيد الأمَّة بهدم حدود سايكس بيكو، ووأد القومية النتنة والوطنية المقيتة، وإعادة الدولة الإسلامية التي لا تعترف بالحدود المصطنعة ولا بجنسيةٍ غير الإسلام، ولا تظنُّوا أبدًا أنَّ الحقَّ والعدل والخير في دستور أو قانون أو نظام غير شريعتنا المطهَّرة.

• من كلمة: ( وَیَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّاۤ أَن یُتِمَّ نُورَهُۥ)
للشيخ أبي بكر البغدادي (تقبله الله)


‍● تعد اتفاقية سايكس بيكو تفاهما سريا أبرم في عام ١٣٤٢ هـ، أثناء الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا وبموافقة روسيا على تفكيك الدولة العثمانية وتقسيمها إلى مناطق تخضع للسيطرة الفرنسية، وأخرى تخضع للسيطرة البريطانية، وقد سميت الاتفاقية باسمي المفاوضين اللذين أبرماها وهما: مارك سايكس البريطاني و جورج بيكو الفرنسي.

• دولة الخلافة تهدم حدود سايكس بيكو بين العراق والشام في عام ١٤٣٥ هـ
...المزيد

وصف الجنة: "وكيفَ يُقَدِّرُ قَدْرَ دار غَرَسَها الله بيده وجعلَها مَقَرًّا لأحبابه ومَلأها من ...

وصف الجنة:

"وكيفَ يُقَدِّرُ قَدْرَ دار غَرَسَها الله بيده وجعلَها مَقَرًّا لأحبابه ومَلأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووَصَفَ نعيمها بالفوز العظيم، ومُلْكَها بالمُلْك الكبير، وأودعها جميع الخير بحذافيره، وطَهَّرَها مِن كُلِّ عَيبِ وَآفةٍ ونقص"

✵ فإنْ سألتَ عن أرضِها وتِربتِها:
فهي المِسكُ والزعفران

✵ وإنْ سألتَ عن سَقْفِها:
فهو عَرش الرحمن

✵ وإن سألتَ عن مِلاطِها:
فهو المِسكُ الإذفر

✵ وإن سألتَ عن حَصبائِها:
فهو اللؤلؤ والجوهَر

✵ وإن سألتَ عن بِنائِها:
فلَبِنةٌ من فضة ولَبِنةٌ من ذهب

✵ وإن سألتَ عن أشجارِها:
فما فيها شجرةٌ إلَّا وساقها من
ذهب وفضة لا مِن الحطَب والخشَب

✵ وإن سألتَ عن ثَمَرها:
فأمثالُ القِلال أليَنُ مِن الزَّبد، وأحلى من العسل

✵ وإن سألتَ عن ورَقِها:
فأحسَنُ ما يكون مِن رقائِق الحُلل

✵ وإن سألتَ عن أنهارِها:
فأنهارُها مِن لبَن لَم يَتَغَيَّر طَعمُه
وأنهارٌ من خمر لَذةٌ للشاربين
وأنهارٌ من عسل مصَفى

✵ وإن سألتَ عن طعامِهم:
ففاكهةٌ مما يَتخيَّرون
ولحمِ طيرٍ ممَّا يشتهون

✵ وإن سألتَ عن شرابهم:
فالتسنيم والزنجبيل والكافور

✵ وإن سألتَ عن آنيتهم:
فآنيةٌ من الذهب والفضة
في صَفاءِ القوارير

✵ وإن سألتَ عن سَعَة أبوابِها:
فبَينَ المِصراعَين مسيرة أربعين
من الأعوام ولَيأتيَنَّ عليه يومٌ
وهو كغيظ من الزَّحام

✵ وإن سألتَ عن تصفيق الرياح لأشجارها:
فإنها تَستَفِز بالطَّرَب لَمِن يَسمعها

✵ وإن سألتَ عن ظِلِّها:
ففيها شجرة واحدة يَسير الراكب
المُجِد السريع في ظِلِّها مائة عام لا يَقطعُها


- [حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - لابن القيم رحمه الله]

إنفوغرافيك صحيفة النبأ العدد 457
صفر 1446 هـ
...المزيد

وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ • ومن الطواغيت المعاصرة: طاغوت الوطن والوطنية، فغدا الوطن هو الغاية ...

وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ

• ومن الطواغيت المعاصرة: طاغوت الوطن والوطنية، فغدا الوطن هو الغاية العظمى، يقاتلون في سبيله ويتسابقون لتحريره من حكم طاغوت إلى حكم آخر.

وصارت الوطنية تجبُّ عن صاحبها كل كفر! فمن قاتل للوطن عدّوه شهيدا مجيدا حتى لو كان شيوعيا أو رافضيا شيعيا بل ولو كان نصرانيا يعتقد التثليث لا التوحيد! والله تعالى يقول: { الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ }.

ومن الطواغيت المعاصرة: طاغوت "الحرية الشخصية" التي يتشدق بها كفار الغرب والشرق، وحقيقتها الحرية المطلقة، المنافية للعبودية المطلقة لله تعالى، أي: أن يقول أو يفعل المرء ما شاء ومتى شاء، وكيفما شاء، دون ضابط من دين أو شرع، طالما أنه يوافق رغبته وهواه، فيصبح الهوى بذلك الأساس المتبع والسيد المطاع، وبعبارة أوضح وأكثر صراحة: الإله المعبود كما قال الله تعالى: { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ }.

ومن الطواغيت المعاصرة الأحزاب والحركات المرتدة التي يتبعها أتباعها في كل حين، ويؤيدونها على الحق والباطل، ويضمرون لها من صفات العصمة والتقديس ما يضاهي عصمة الأنبياء وقداسة الشريعة، ولذلك تجاوزوا بها حد الطاعة والاتباع فغدت طاغوتا معبودا من دون الله، حجبهم عن اتباع الحق والفيء إليه حتى انتهى بهم المطاف جنودا وبيادق في محاور وأحلاف الرافضة والنصارى الكافرين.

وجريا على القواعد التي قعّدها علماء الملة استقاء من نصوص الكتاب والسنة، فإن صور الطواغيت أكثر من أن تُحصى أو تحصر في مقال، فقد يكون الطاغوت حاكما أو عالما أو رويبضة مشهورا أو ساحرا مغمورا... أو كما قال الطبري في عبارته الجامعة: "إنسانا كان ذلك المعبود، أو شيطانا، أو وثنا، أو صنما، أو كائنا ما كان من شيء". ولئن كان رأس الطواغيت بالأمس الشيطان وأبرز صوره الأوثان، فإن رأس الطاغوت في عصرنا هو هو، غير أن أبرز صوره الإنسان وما انبثق عنه من أفكار ومذاهب تنافي وتناقض الإيمان.

وأيًّا كانت صورة الطاغوت اليوم، فإن الواجب على المسلم الكفر بها، وذلك لا يكون إلا بالبراءة منها وبغضها وعداوتها ومحاربتها ومدافعتها ومفارقة جيوشها وصفوفها، مهما نزل بالمسلم من بلية ومهما خُذل من البرية، فحسبه سلامة الدين إن أصيب في دنياه، والبشرى من مولاه كما قال سبحانه: { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ }.

• مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد "457"
الخميس 18 صفر 1446 هـ
وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
...المزيد

لكل جاسوس نهاية لم تكن صولات صنّاع الملاحم في العراق على أوكار الجواسيس هي الأولى مِن نوعها، ...

لكل جاسوس نهاية


لم تكن صولات صنّاع الملاحم في العراق على أوكار الجواسيس هي الأولى مِن نوعها، وإن كانت أخذت صدى أوسع مِن مثيلاتها هذه المرة، لأسباب عديدة تخصّ الواقع المأزوم للرافضة المشركين على اختلاف مكوناتهم المتناحرة، والتي أخذت تتبادل الاتهامات فيما بينها بالتقصير والإخفاق، بل وحتى الخيانة! وهو ما يجري عقب كل صفعة يتلقونها من جنود الدولة الإسلامية.

فبعضهم اتّهم الجيش الرافضي والقوات الحكومية بالفشل في توفير الأمن في المناطق التي زعموا "تأمينها" سابقاً! وآخرون منهم اتّهموا الميليشيات الرافضية بذلك وطالبوا بإخراجها من المناطق وإبدالها، والأخيرة اتّهمت الجواسيس أنفسهم بالخيانة والتواطؤ! بينما كان المجاهدون وحدهم هم الكاسبون في هذه المعركة بفضل الله تعالى.
التنازع الداخلي في الموقف الرافضي من الهجمات الأخيرة لم يقتصر على الحكومة والميليشيات والأحزاب، بل تعدّى حتى إلى أتباع الرافضة وأفرادهم الذين أصبحوا يصرّحون علناً بفقدانهم الثقة في الحكومة والجيش والميليشيات جميعاً.

ضربُ الثقة بين المكونات الرافضية وحلفائهم، هي إحدى ثمرات هذه الصولات الأمنية الناجحة التي تنفّذها مفارز المجاهدين في عقر دور الجواسيس الذين باعوا دينهم بثمن بخس، وعاشوا حياتهم يترقّبون الموت كلما حلّ الظلام بهم حتى داهمهم وهم في سكراتهم داخل بيوتهم وعلى أسرّتهم، كما توعّدهم بذلك المجاهدون من قبل.

لقد كان الجواسيس خنجراً في ظهر المسلمين على مر العصور، ولئن كانت الجيوش هي أيدي الطواغيت الباطشة، فإن الجواسيس هم أعينهم الراصدة، وكما لا بدّ مِن قطع تلك الأيدي المعتدية على المسلمين، فلا بدّ كذلك مِن فقأ الأعين الخائنة التي تتجسس عليهم.

وقد حاربت الدولة الإسلامية منذ نشأتها الجواسيس بكل طريقة هداها الشرعُ الحكيمُ إليها بالبيان والسنان، ومكتبتها الإعلامية حافلة بالمواد المرئية والمسموعة والمقروءة، والتي تحذّر وتنذر، وتوضح وتشرح خطر الجواسيس وعظم جريمتهم، وفداحة جريرتهم، وسوء عاقبتهم، ولقد أولى قادة ومشايخ الدولة الإسلامية هذا الجانب اهتماما كبيرا، وأعطوه مساحة واسعة في كلماتهم وخطاباتهم طوال السنوات الماضية، وحذّروا من الوقوع في وحل التجسس لصالح المرتدين، وتوعّدوهم بالقتل أينما كانوا، وأنذروهم أنّ عاقبة أمرهم الخاسرة لن تختلف عمّن سبقهم إن لم يتوبوا.

وقد عرضت المكاتب الإعلامية للولايات عشرات الإصدارات المرئية التي وثّقت جرائم الجواسيس بحقّ المسلمين؛ وكيف كانوا سببا في دمار البيوت فوق رؤوس ساكنيها وإزهاق المئات مِن الأنفس والأرواح، وانتهاك كثير مِن الأعراض والحُرم. وبيّن إعلام المجاهدين عاقبة مَن يتورط بذلك على دينه وآخرته، كما أكّدت رسائلهم على قَبول توبة مَن تاب منهم قبل القدرة عليهم.

ومع ذلك يأبى الجواسيس إلا أن يكونوا أحذية ومطيّة لجيوش الردة وخدما وعونا لهم، يتخذونهم أولياء من دون المؤمنين، ويشاركونهم في حربهم على الإسلام وأهله، قال الله تعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [المائدة: 80]، وقال سبحانه: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: 139].

إنّ جرائم جواسيس الردة ومحاربتهم للموحّدين، لم تقتصر على أرض العراق فحسب، بل يسعون للإفساد والتخريب أينما حلّوا، وإنّ أجناد الخلافة لا يألون جهدا في محاربتهم والقصاص منهم، حتى أصبحت أخبار أسْرهم ونحرهم في ولايات العراق، والشام، وخراسان، وباكستان، وسيناء، وغيرها، خبرا دوريا بفضل الله تعالى.

ومهما حاول هؤلاء المرتدون ومَن يقف خلفهم التخفّي عن أعين المجاهدين، إلا أنّ مصيرهم بإذن الله تعالى لن يختلف عن مصير أقرانهم الذين كُتمت أنفاسهم، وضُربت أعناقهم، وقُطّعت أوصالهم، فهم ينتظرون دورهم على قوائم الانتظار التي أعدها صيادو الجواسيس!
ويحسن بنا أنْ نسوق في هذا الباب كلام الشيخ المهاجر أبي حمزة القرشي المتحدث الرسمي للدولة الإسلامية حيث قال منذراً: "وأما رسالتنا إلى بعض العشائر والأفراد الذين ثبت تورطهم وردتهم في معاونة جيش وشرط الحكومات والأحزاب المرتدة، بمحاربة وتقديم المعلومات عن الموحدين وأعراضهم، فنقول لهم: أوَ تظنون بأن خستكم وعمالتكم ستمضي من غير حساب؟! أم أمنتم بعد سكركم وغيكم العقاب؟! فأمامكم فاتورة طويلة، وتعلمون جيدًا بأن جند الخلافة لا ينامون على ضيم، بإذن الله تعالى، طال الزمان أم قصر، وأنتم أشد الحرص على الحياة من غيركم، فمالكم ولحربنا، ولمَ الوقوف بدربنا؟! فانجوا بأنفسكم قبل فوات الأوان، فالخاسر من جرّب المجرَّب، وباع آخرته بدنيا غيره، والسعيد من اتعظ بغيره لا بنفسه".

وتابع: "فإياكم ونصرة الطواغيت وأحزاب وفصائل الردة، فلا يظن أحدكم أو يوهم نفسه بأننا بعيدون عنه، أو لا يبلغنا سوء فعله إن أقدم على إيذائنا أو الوقوف في وجهنا، فما تدرون في أية ساعةٍ تتخطفكم كواتم الموحدين، فاصحوا من سكركم وأحلامكم، وأبعدوا أولادكم عن مسالك الردة وتوبوا لربكم" انتهى كلامه.

فإلى الجواسيس في كل مكان نقول: توبوا قبل القدرة عليكم، واعلموا أنّ حكومات وجيوش الردة التي أغرتكم وجنّدتكم، عجزت بفضل الله تعالى عن حماية نفسها وجنودها فكيف لها بحمايتكم؟! وإنّ المجاهدين الذين صالوا على أمثالكم في عقر دورهم، لن يُعجزهم الوصول إلى رقابكم بإذن الله تعالى، فاعتبروا وتذكروا أنّ لكلّ جاسوس نهاية طال الزمان أم قصُر، والله غالب على أمره ولكن أكثر النّاس لا يعلمون، والحمد لله ربّ العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 280
الخميس 18 شعبان 1442 هـ
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً