فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب • الابتلاء سنة ربانية ماضية إلى قيام الساعة، يبتلي الله عباده ...

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب

• الابتلاء سنة ربانية ماضية إلى قيام الساعة، يبتلي الله عباده ليختبرهم وهو العليم بحالهم، يبتليهم ليميز الخبيث من الطيب، فإنه -سبحانه- جعل البلاء سبيلا يتميز به الصادق من الكاذب، قال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [سورة العنكبوت: 1- 2]، وهي سنة جارية في المؤمنين، لا تتخلف ولا تتبدل، ولما كانت الدولة الإسلامية دولة توحيد وجهاد، جرت على من جاهد تحت رايتها تلكم السنة الربانية.

فما إن وطئت أرضَ الرافدين حوافرُ خيل الصليبيين، حتى قامت ثلة مؤمنة وحملت الراية وذادت عنها بالنفس والنفيس وسقتها بزكي الدماء وطاهر الأشلاء، وقد علمت يقينا أن الله -سبحانه- ضمن نصر دينه وحزبه وأوليائه القائمين بدينه علما وعملا، ولم يضمن نصر الباطل، فقال: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [سورة المجادلة: 21]، وقال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [سورة غافر: 51]، وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [سورة الحج: 38]، وقال: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة آل عمران: 68].

وقد لمست تلكم الثلة المؤمنة الصادقة المجاهدة هذه الحقيقة واقعا بين الحين والآخر، فنصر وعز وتمكين تارة وهزيمة وقتل وتشريد وأسر تارة أخرى، يتقلبون بين نعماء وضراء، شاكرين صابرين، وهذا حال المؤمن.

فبعد أن منّ الله على المجاهدين بإعلان دولة العراق الإسلامية، وفُتحت المناطق، وحُكِّم الشرع، وأقيمت الحدود، وكثر سواد المجاهدين، وصاروا ذوي شوكة ومنعة، جرت عليهم سنة الله في أمثالهم، فعظم البلاء، واشتدت الفتنة، فانحاز المجاهدون من مواقعهم في المدن، والسعيد إذ ذاك من ثبته الله ولم يغير أو يبدل، ولم ينته الابتلاء بالتشريد وفقدان المناطق وقتل وأسر الأفذاذ من الرجال، بل استمر مع المجاهدين ممحصا لصفوفهم ومنقيا لذنوبهم، فصاروا بعد ذاك قوة باطشة تضرب متى شاءت وكيفما شاءت بالوقت الذي تريد، بإذن الله تعالى، وهم ثلة قليلة بعدة بسيطة تفترش الأرض وتلتحف السماء بصحاري الأنبار وجبال الشمال وبساتين ديالى، فشنوا الغارة تلو الغارة وصدى زئيرهم سمعه العالم أجمع.

وهنا نسرد جانبا مما عانته فئة من تلك الثلة المؤمنة من محن وابتلاءات تكلّلت بفتح وعز وتمكين، تلك الفئة كانت قد اتخذت من صحراء الأنبار مأوى لها بعد الله عز وجل، بسبب خيانة بعض العشائر المرتدة.

- معسكر الشيخين:

كانت الصحراء اختيارا صائبا من قادة الدولة الإسلامية كمكان لترتيب الصفوف واستقطاب المجاهدين والنأي بعيدا عن أعين الصليبيين وأذنابهم لوعورة الصحراء، وقد تكفل الشيخ المهندس أبو إبراهيم الزيدي -تقبله الله- بإعداد أول معسكر لمجاهدي دولة العراق الإسلامية في صحراء الأنبار وقد كان تعداده لا يتجاوز العشرة مجاهدين بإمكانيات وعدة بسيطة، غير أن الإيمان الذي وقر في صدورهم كان أكبر من أي سلاح مادي، فكثرهم الله حتى بلغوا المئات وأثخنوا بالمرتدين وأسيادهم وأذاقوهم الويلات رغم حر وقر الصحراء الموحشة، وكانت غزوة جراح الشامي المباركة التي أقضت مضاجع المرتدين في حديثة وكتمت أنفاسهم، وأرجعت -بفضل الله- الكثيرين إلى صوابهم لما علموا أن المجاهدين لا زالت لهم كلمة عالية مدوية، ويوما بعد يوم صارت المضافات تغص بالمهاجرين والأنصار، حتى أينع العمل وبدأ الإعداد للمرحلة التالية، وهي الرجوع إلى المناطق التي انحازوا منها وصاروا يتحينون الفرص لذلك بعد سنوات من إنهاك العدو وقطف رؤوس قياداته في حرب استنزاف قلّ مثيلها، وبالوقت نفسه كان المرتدون يعدون العدة للهجوم على المعسكرات في صحراء الأنبار.

وفي ليلة شاتية باغتت طائرة مسيرة خيمة للمجاهدين بمعسكر الشيخين وأمطرتها بعدة صواريخ ارتقى على إثرها أبو سليمان وأبو دجانة وأبو قسورة وأبو الفاروق وأصيب آخرون، وكان هذا إنذارا عجّل باندفاع مجاهدي الصحراء إلى فتح المدن والحواضر والعودة إليها، فقد دفع الصليبيون هذا النوع من الطائرات القاصفة للحكومة الرافضية لاستخدامها في ضرب المجاهدين في أراضي الصحراء المكشوفة للطيران، وهنا كانت الخطوة الجريئة التي يسّر الله مقدماتها...


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال من التاريخ:
فتح الرمادي
ألا إن نصر الله قريب
...المزيد

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب - محن في الرمادي ومنح في الموصل: بلغت قلوب المجاهدين ...

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب

- محن في الرمادي ومنح في الموصل:

بلغت قلوب المجاهدين الحناجر، فخيرة الرجال قد ارتقوا، إلا أن الله ثبّت الثلة القليلة الباقية التي انحسرت بشارع واحد، بعد ملاحم عظيمة وتضحيات جسيمة فمقتل أبي بلال وأبي تراب قد أخذ منهم كل مأخذ، فلقد كانا أسدين من آساد الإسلام، تقبلهما الله، وابتلي المؤمنون هناك وزلزلوا زلزالا عظيما، وبقوا ليلتهم يجأرون إلى الله ويتضرعون بين يديه، فقادتهم وخيرة رجالاتهم قُتلوا، وذخيرتهم أوشكت على النفاد وجرحاهم لا يجدون العلاج، فجاءت توجيهات القائد البيلاوي بفتح جبهات أخرى لتخفيف الضغط عن المجاهدين في الرمادي، فجلس الشيخ أبو مغيرة القحطاني -رحمه الله- وكان حينها واليا على صلاح الدين وجمع جنده وسلاحه وقسمها نصفين بينه وبين كواسر الأنبار وجلس يبكي مقسما: والله لن نخذل إخواننا في الأنبار، وهذا النصف من السلاح سنرسله لهم، والنصف الثاني سنغزو به سامراء فإما فاتحين أو نقتل هنالك.

وجاءت غزوة سامراء ثم فتح الموصل، إلا أن المجاهدين في الرمادي من ضيق إلى ضيق والتعب بلغ بهم مبلغه، فلم يكن لهم بد من عمل يحسم الأمر بعد التوكل على الله والتبرؤ من حولهم وقوتهم، فجهزوا استشهاديين اثنين لضرب القوات المحاصرة لهم، بعد أن صرح أحد كبرائهم أن الساعات القليلة القادمة ستكون نهاية وجود المجاهدين في الرمادي، وما أن بدت شمس اليوم التالي حتى كرّ المجاهدون على أعداء الله في المدرسة الحمراء في حي الضباط وانغمس الاستشهاديان فيهم وفجرا عجلتيهما فيهم، لتنكسر تلك القوة الهائلة، وتنكفئ تلعق جراحها، وفرّج الله عن المجاهدين بعد معاناة كبيرة، وبدأت بوادر النصر تظهر شيئا فشيئا، فصارت الفتوحات شارعا فشارعا ثم حيا فحيا، حتى وصلوا لمشارف «مجلس محافظة الأنبار» الشركي، حيث توقفت عجلة الانتصارات عند ذاك الحد، فقتل القائد أبو أحمد العيساوي تلاه الماجد أبو مهند السويداوي ثم أمير كتيبة الاقتحاميين أبو إسماعيل البغدادي، ثم غزوات لم يكتب الله لها التوفيق، فعاد البلاء بأعتى صوره على المجاهدين، فثبت الله من شاء في هذه المحنة ليزداد الصف المسلم المجاهد تماسكا وقوة.

معركة فتح الرمادي، ثلاثة أيام لا غير

فما كان من قادة الدولة الإسلامية إلا أن قاموا بترتيب صفوف المجاهدين في الداخل وتكليف البطل أبي عبد الجبار بإمارة الرمادي عسكريا، بعد أن دفعها عن نفسه مرارا وتكرارا، إلا أن القادة كانوا يتوسمون خيرا في هذا الرجل الورع التقي النقي، نحسبه والله حسيبه، فاستنّ بسنة أبي تراب -تقبله الله- في زيارة جميع الإخوة وحل مشاكلهم ونصح مخطئهم فزاد الصف المسلم تماسكا، وسمت روحهم المعنوية، وعلا دافعهم الإيماني لبذل المزيد من الجهد لنيل إحدى الحسنيين، فجاءت جمادى الآخرة من عام 1436 هـ حيث غزوة أبي تراب الأنصاري، التي فتح الله بها على المجاهدين منطقتي الصوفية والبوفراج، لتكون المنطلق للغزوة الكبرى (غزوة الشيخ أبي مهند السويداوي) التي وضع خططها مسبقا، تقبله الله، ففي صبيحة اليوم السادس والعشرين من رجب ابتدأت الغزوة وما أن أفل هلال رجب حتى أفَلت به جموع المرتدين من الرمادي وصارت تحت سلطان الخلافة، إلا أن سنة الابتلاء لم تفارق خندق الحق حتى بأيام الغزوة الثلاث، وفي مساء اليوم الثاني صاح الأمير النحرير أبو عبد الجبار بجنوده على مسمع المرتدين: غدا -بإذن الله- سندخل المجمع الحكومي الرافضي، وأقسم على الله بذلك، فأبر الله بقسمه صبيحة اليوم الثالث فدُكَّت صروح المرتدين في الرمادي وحُرِّر الأسارى وكان -رحمه الله- بنفسه يقود مفارز الاقتحام، إلى أن تجندل وهو يصلي صلاة عصر يوم الفتح بصاروخ غادر، بعدما أقر الله عينه بالنصر والفتح المبين مع ثلة من خيرة المجاهدين الذين عركتهم المحن والشدائد، فتقبلهم الله وأعلى نزلهم.

قصة الرمادي أم قصة الإيمان

إن قصة الجهاد في الرمادي تكاد تكون مشهدا مصغرا لحال مجاهدي الدولة الإسلامية في كل ساحات قتالهم مع المشركين والمرتدين، فهم يتقلبون بين فتح وتمكين وإقامة للدين، وبين محن وابتلاءات وصبر ومصابرة، وكلما ضاقت عليهم الأرض وظن أعداؤهم أنهم أوشكوا على القضاء عليهم تماما ومن إنهاء وجود دولتهم، منّ الله عليهم بفتح أكبر من الفتح الذي قبله، فيخرجون أقوى مما كانوا قبل الابتلاءات، وتعود دولتهم أشد تمكينا في الأرض مما كانت.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال من التاريخ:
فتح الرمادي
ألا إن نصر الله قريب
...المزيد

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب العودة إلى الرمادي جلس أمراء المعسكرات الصحراوية يتشاورون ...

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب

العودة إلى الرمادي

جلس أمراء المعسكرات الصحراوية يتشاورون لإيجاد حل ناجع وسريع قبل أن يستفحل خطر الطيران، فكان الرأي أن ينشِئوا معسكرات مخفية تحت رمال الصحراء كحلّ مؤقت إلى أن يأتي التوجيه من القيادة العسكرية للدولة الإسلامية، الذين كان منهم الشيخان البيلاوي والسويداوي، حيث كانا منهمكين بوضع الخطط للنزول للمدن مستغلين اضطراب الوضع الأمني الناجم عن المظاهرات، بعمليات أمنية وعسكرية كبرى، إلى أن صارت الرمادي مهيأة لنزول المجاهدين من الصحراء، وهذا فضل من الله، منّ به على عباده بعدما تقطعت بهم السبل، وفرج بعد ضيق ألمّ بهم.

أمر المشايخ بالنزول السريع وفق خطط معدة سلفا، بالاتفاق مع عشائر أهل السنة بحماية المجاهدين لهم من بطش الحكومة الرافضية ونقل المعركة نحو مناطق الرافضة، وقد جرت الأمور كما رُسم لها في أول الأيام، إلا أن الخيانة تجري في عروق كثير من شيوخ تلك العشائر، فطعنوا المجاهدين من ظهورهم وفتحوا الطرق للرافضة نحو أماكن سيطرة المجاهدين في شارع الـ 60 والملعب والبكر والبوفراج ودلّوهم على عوراتهم، فابتدأت الملاحم العظام وحمي الوطيس.

حصار داخل الرمادي

ثلة قليلة مؤمنة مجاهدة تواجه آلاف المرتدين بدروعهم وطائراتهم، فاستعر القتل وكثرت الجراح في صفوف المجاهدين وأوشك السلاح على النفاد، مما جعل بعضهم يهمّ بالرجوع إلى الصحراء والحفاظ على الباقين، لينادي فيهم أبو أحمد قائلا لأن نقتل كلنا هاهنا خير لنا من أن تقتلنا الطائرات في صحراء قاحلة، فارتفعت الروح المعنوية لدى الجند، وتبايعوا على الموت.

لم تكن المعركة متكافئة، ما زاد الحال سوءا، ورافق ذلك مزيد من القتل والجراح، فقلّ الرجال وانعدمت المؤونة وانحسر تواجدهم في حي البكر، وطلبوا من أميرهم الشيخ السويداوي أن يرسل لهم ما يقوي شوكتهم من المؤازرة، فاكتفى -رحمه الله- بإرسال الأخ أبي تراب، فاستغرب المجاهدون من صنيعه، لكن ما أن وصل القائد أبو تراب الأنصاري أرض الرمادي حتى علموا صواب هذا القرار، إذ بدأ بزيارة الإخوة وتثبيتهم وحل مشكلاتهم ونزع خلافاتهم، فرصّ الصفوف ورتّبها، وكأن ما آزرهم به الشيخ السويداوي، جيش بأكمله وليس رجلا واحدا.

أعد أبو تراب غزوة لاسترجاع حي الملعب بقيادته، فلما جاء الصباح وقد كان مقررا أن تبدأ الغزوة في الساعة العاشرة منه، فوجئ المجاهدون بهجوم للمرتدين من ستة محاور، فتقدمت عليهم من كل محور دبابتا أبرامز وفوجان من ميليشيا «سوات» والشرطة الاتحادية الرافضية، لتبدأ ملحمة قلت مثيلاتها، واشتعلت المحاور كلها واشتد لهيب المعارك وانغمست الثلة القليلة في صفوف المرتدين حتى وصل الحال للاشتباك بالأيادي بين المرتدين والمجاهدين بعد نفاد ذخيرة بعض الإخوة، وثار غبار المعركة وعلا لهيبها فصار المجاهدون لا يفرقون بين الدبابة والجدار مستترين بها وينكلون بأعداء الله، ومما يُذكر أن المرتدين حاصروا أحد المجاهدين بمنزل من كل جانب، وطالبوه أن يسلم نفسه لكنه أبى وبقي يقاتلهم موقنا بصدق طريقه وحفظ الله له، فضربت الدبابة المنزل بعدما عجزوا من الدخول له لتفتح فتحة بالجدار ليخرج منها الأخ سالما ويلتحق بإخوته، وإبّان الملاحم أصيب القائد أبو تراب بفخذه إصابة بسيطة واستمر نزيفه، فلم يستطع الإخوة إيصاله لمكان آمن لعلاجه بسبب حصار المرتدين للمجاهدين فقتل، تقبله الله.

- محن في الرمادي ومنح في الموصل:

بلغت قلوب المجاهدين الحناجر، فخيرة الرجال قد ارتقوا، إلا أن الله ثبّت الثلة القليلة الباقية التي انحسرت بشارع واحد، بعد ملاحم عظيمة وتضحيات جسيمة فمقتل أبي بلال وأبي تراب قد أخذ منهم كل مأخذ، فلقد كانا أسدين من آساد الإسلام، تقبلهما الله، وابتلي المؤمنون هناك وزلزلوا زلزالا عظيما، وبقوا ليلتهم يجأرون إلى الله ويتضرعون بين يديه، فقادتهم وخيرة رجالاتهم قُتلوا، وذخيرتهم أوشكت على النفاد وجرحاهم لا يجدون العلاج، فجاءت توجيهات القائد البيلاوي بفتح جبهات أخرى لتخفيف الضغط عن المجاهدين في الرمادي، فجلس الشيخ أبو مغيرة القحطاني -رحمه الله- وكان حينها واليا على صلاح الدين وجمع جنده وسلاحه وقسمها نصفين بينه وبين كواسر الأنبار وجلس يبكي مقسما: والله لن نخذل إخواننا في الأنبار، وهذا النصف من السلاح سنرسله لهم، والنصف الثاني سنغزو به سامراء فإما فاتحين أو نقتل هنالك.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال من التاريخ:
فتح الرمادي
ألا إن نصر الله قريب
...المزيد

من عوامل النصر في القرآن الكريم • الثبات... ذكر الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ...

من عوامل النصر في القرآن الكريم

• الثبات... ذكر الله
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝٤٥ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:٤٥-٤٦]

• طاعة الله
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ} [النور:٥٥]

• اجتناب التنازع
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ۚ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران:١٥٢]

• الصبر
{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران:١٢٠]

إنفوغرافيك النبأ محرم 1439 هـ
...المزيد

خابوا وخسروا.. العبادي آخر آمالهم • تتواتر الأنباء اليوم عن عزم زعيم المشركين في هذا العصر باراك ...

خابوا وخسروا.. العبادي آخر آمالهم

• تتواتر الأنباء اليوم عن عزم زعيم المشركين في هذا العصر باراك أوباما الدفع بالآلاف من الجنود الأمريكيين إلى ساحة المعركة ضد الدولة الإسلامية، ليختم فترته الرئاسية الثانية بنقض المشروع الأساسي الذي دخل به إلى البيت الأبيض وهو إنهاء الحرب في العراق، وإجلاء الجنود الأمريكيين منه بعد أن ورطهم سلفه بوش في الحرب التي أهلكت عشرات الآلاف منهم ووضعت الاقتصاد الأمريكي على حافة الهاوية.

ويأتي هذا القرار بعد أن أعلن أوباما وأركان إدارته أنهم تفاجؤوا بقوة الدولة الإسلامية وتمكنها من هزيمة كل أعدائها المرتدين في العراق والشام خلال فترة وجيزة، محمّلين المخابرات الأمريكية مسؤولية هذا الفشل في توقع مآلات الأحداث بتقديمها توقعات مضللة حولها إلى البيت الأبيض.

كما يأتي بعدما يقارب السنتين من انطلاق الحملة الصليبية الجديدة على الدولة الإسلامية، التي وعد أوباما في بدايتها أنه لن يرافقها إعادة نشر لقوات أمريكية على أرض المنطقة، وأنه سيعتمد بشكل كامل في إدارة المعركة على المرتدين من العلمانيين الكرد، والميليشيات الرافضية، ومقاتلي الصحوات، الذين آزرتهم طائرات التحالف الدولي بـ 11500 غارة جوية عدا عن مليارات الدولارات التي أنفقت على دعمهم وتسليحهم خلال 22 شهرا من القتال المتواصل على كل الجبهات، لتكون نهاية جهدهم الجهيد أن يعلقوا كل آمالهم في القزم الفاشل حيدر العبادي، ليحفظ لهم ما تبقى من ماء وجوههم الذي أراقه المجاهدون في شرق الأرض وغربها.

إن هذه الأمور تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأحمق المطاع أوباما لا يقل فشلا عن أخيه بوش، وأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تكذب في كل مرة تزعم أن لديها خطة ما لهزيمة الدولة الإسلامية، ويبرهن المسلمون اليوم أنهم أصحاب مشروع حقيقي في إقامة الدين، وإزالة الشرك من الأرض، وأنهم وإن تأخروا في المضي في خطوات مشروعهم لبعض الوقت بسبب شدة ممانعة المشركين ودفاعهم المستميت عن جاهليتهم، فإنهم لا زالوا -بفضل الله- ثابتين على طريقهم الذي حُدِّدت معالمه بحدود الكتاب والسنة، ينتهزون كل فرصة تلوح لهم للدفع بمشروعهم خطوات إلى الأمام حتى تحقيق هدفه النهائي بإزالة الشرك من الأرض، وكلما فني جيل من المجاهدين، حمل الراية من بعدهم جيل تربى على أيدي سابقيه، فمضى على الطريق ذاته في سبيل الوصول إلى الغاية ذاتها.

إن التصريحات الأخيرة لكل من الأحمقين باراك أوباما ودونالد ترامب، تعكس الاستجابة لحاجة أمريكا اليوم إلى الانكفاء على ذاتها، وتخفيف الحمل عن نفسها بتحميل الحلفاء والعملاء جزءا كبيرا من تكاليف الحرب، رغم محاولات المتمسكين بفكرة الهيمنة الأمريكية مقاومة هذه الأفكار الانعزالية، خوفا على مكانة أمريكا في العالم، إلا أنهم يعرفون واقعهم جيدا، ويعلمون أن أمريكا اليوم ليست أمريكا ذاتها التي قادت عاصفة الصحراء، ولا حتى أمريكا التي تمكنت من الدخول في حربين كبريين في العراق وأفغانستان، وسيرضخون في النهاية للأفكار الانعزالية وإلا كان مصيرهم كمصير الاتحاد السوفيتي.

في هذا الوقت تمضي الدولة الإسلامية في مشروعها العالمي المبارك، بعد أن وضعت له الأساس السليم شرعيا وواقعيا، بإقامة الدولة الإسلامية التي تحكمها شريعة الله تعالى، وإعادة العمل بنظام الخلافة الذي تم تعطيله حتى أُزيل نهائيا من حيز الوجود لقرون.

هذا المشروع العالمي بانت ثمراته -بفضل الله- في فترة قصيرة نسبيا، بتوحيد جماعات المجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها بطريقة شرعية، وهي البيعة لأمير المؤمنين والسمع والطاعة له في المعروف، وإعادة توجيه حربهم الوجهة الصحيحة ليكون قتالهم في سبيل الله، ولتكون كلمة الله هي العليا، لا في سبيل الأرض والمال والسلطة، وإلغاء نظام (سايكس - بيكو) الطاغوتي بإعلان الولايات الإسلامية العابرة للحدود المصطنعة، ومن ثم نقل المعركة إلى عقر دار الصليبيين بتنفيذ عدة غزوات ناجحة في قلب أوروبا، ولله الحمد.

إن الدولة الإسلامية تمتلك بفضل الله أهم المقومات للنجاح في مشروعها العالمي، وهما صحة المنهج القائم على توحيد الله وجهاد أعدائه، وثبات جنودها وقادتها على هذا المنهج غير عابئين بتكاليفه الباهظة، بخلاف أعدائها من المشركين والمرتدين، الذين جمعوا إلى جانب ضلال مناهجهم، وسوء تخطيطهم، تخبطا كبيرا في إدارة المعركة ضد الدولة الإسلامية، ما يعني أن نتيجة المعركة -مهما طالت وكثرت تكاليفها- محسومة لصالح المسلمين، ونهايتها -بإذن الله- النصر والتمكين لعباده الموحدين، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، والعاقبة للمتقين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 26
السنة السابعة - الثلاثاء 4 رجب 1437 هـ

المقال الافتتاحي:
خابوا وخسروا.. العبادي آخر آمالهم
...المزيد

قالوا... فقل (٢) ويا جنود الدولة الإسلامية؛ بقي أمر أنبّهكم إليه؛ فسيبحثون لكم عن مطاعن وسيقولون ...

قالوا... فقل (٢)

ويا جنود الدولة الإسلامية؛ بقي أمر أنبّهكم إليه؛ فسيبحثون لكم عن مطاعن وسيقولون لكم شبهًا:

• فإن قالوا لكم: كيف تعلنون خلافة ولم تجمع عليكم الأمة؟، فلم تقبل بكم الفصائل والجماعات، والكتائب والألوية والسرايا والأحزاب، والفرق والفيالق والتجمّعات، والمجالس والهيئات والتنسيقيات والرابطات والائتلافات، والجيوش والجبهات والحركات والتنظيمات؟

فقولوا لهم: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ۝١١٨ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ}، لم يُجمعوا على أمر يومًا، ولن يجمعوا على أمر أبدًا إلا من رحم الله، ثم إن الدولة تجمع من أراد الاجتماع.

• وإن قالوا لكم: لقد افتأتّم عليهم! فهلّا كنتم استشرتموهم فأعذرتموهم واستملتموهم؟

فقولوا لهم: إن الأمر أعجل من ذلك؛ {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}، وقولوا لهم: من نشاور؟! ولم يقرّوا أنها دولة، وقد أقرّت أمريكا وبريطانيا وفرنسا أنها دولة، من نشاور؟! أنشاور من خذلنا؟ أم نشاور مَن خاننا؟ أم نشاور من تبرأ منا وحرّض علينا؟ أم نشاور من يعادينا؟ أم نشاور من يحاربنا؟ من نشاور؟ وعلى من افتأتنا؟!

• وإن قالوا لكم: "لا نقبل بكم"

فقولوا لهم لقد قدرنا بفضل الله على إقامتها، فوجب علينا ذلك، فسارعنا امتثالاً لأمر الله تبارك وتَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}. وقولوا لهم: لقد سكبنا لأجلها أنهارًا من دمائنا، نسقي غرسها، وأسسنا قواعدها من جماجمنا وبنينا صرحها على أشلائنا، وصبرنا سنين على القتل والأسر والكسر والبتر، وتجرعنا المرار نحلم بهذا اليوم، أفنتأخر لحظة وقد بلغناها؟

وعد الله - للشيخ أبي محمد العدناني تقبله الله

إنفوغرافيك النبأ المحرم 1446 هـ
...المزيد

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب - معركة فتح الرمادي، ثلاثة أيام لا غير: فما كان من قادة ...

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب

- معركة فتح الرمادي، ثلاثة أيام لا غير:

فما كان من قادة الدولة الإسلامية إلا أن قاموا بترتيب صفوف المجاهدين في الداخل وتكليف البطل أبي عبد الجبار بإمارة الرمادي عسكريا، بعد أن دفعها عن نفسه مرارا وتكرارا، إلا أن القادة كانوا يتوسمون خيرا في هذا الرجل الورع التقي النقي، نحسبه والله حسيبه، فاستنّ بسنة أبي تراب -تقبله الله- في زيارة جميع الإخوة وحل مشاكلهم ونصح مخطئهم فزاد الصف المسلم تماسكا، وسمت روحهم المعنوية، وعلا دافعهم الإيماني لبذل المزيد من الجهد لنيل إحدى الحسنيين، فجاءت جمادى الآخرة من عام 1436 هـ حيث غزوة أبي تراب الأنصاري، التي فتح الله بها على المجاهدين منطقتي الصوفية والبوفراج، لتكون المنطلق للغزوة الكبرى (غزوة الشيخ أبي مهند السويداوي) التي وضع خططها مسبقا، تقبله الله، ففي صبيحة اليوم السادس والعشرين من رجب ابتدأت الغزوة وما أن أفل هلال رجب حتى أفَلت به جموع المرتدين من الرمادي وصارت تحت سلطان الخلافة، إلا أن سنة الابتلاء لم تفارق خندق الحق حتى بأيام الغزوة الثلاث، وفي مساء اليوم الثاني صاح الأمير النحرير أبو عبد الجبار بجنوده على مسمع المرتدين: غدا -بإذن الله- سندخل المجمع الحكومي الرافضي، وأقسم على الله بذلك، فأبر الله بقسمه صبيحة اليوم الثالث فدُكَّت صروح المرتدين في الرمادي وحُرِّر الأسارى وكان -رحمه الله- بنفسه يقود مفارز الاقتحام، إلى أن تجندل وهو يصلي صلاة عصر يوم الفتح بصاروخ غادر، بعدما أقر الله عينه بالنصر والفتح المبين مع ثلة من خيرة المجاهدين الذين عركتهم المحن والشدائد، فتقبلهم الله وأعلى نزلهم.

- قصة الرمادي أم قصة الإيمان:

إن قصة الجهاد في الرمادي تكاد تكون مشهدا مصغرا لحال مجاهدي الدولة الإسلامية في كل ساحات قتالهم مع المشركين والمرتدين، فهم يتقلبون بين فتح وتمكين وإقامة للدين، وبين محن وابتلاءات وصبر ومصابرة، وكلما ضاقت عليهم الأرض وظن أعداؤهم أنهم أوشكوا على القضاء عليهم تماما ومن إنهاء وجود دولتهم، منّ الله عليهم بفتح أكبر من الفتح الذي قبله، فيخرجون أقوى مما كانوا قبل الابتلاءات، وتعود دولتهم أشد تمكينا في الأرض مما كانت.

ومن يعرف هذه الحقائق يدرك السبب وراء صبر قادة وجنود الدولة الإسلامية على المحن، وعدم تمكن أعدائهم من توهين عزائمهم، أو زرع القنوط والإحباط في نفوسهم، فهم موقنون بوعد الله لهم بإحدى الحسنيين، وبأن الأرض يمكن أن تسلب منهم، لكنهم على يقين بأنهم سيستردونها وأضعافها من المرتدين، وأن الرجال سيقتلون، وهذا من غايات جهادهم؛ أن يتخذ الله منهم شهداء، ولكن سيعوض الله عنهم بأضعافهم عددا، وبمن هم أشد منهم خبرة وقوة، ولكن الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يتنازلوا عنه هو منهجهم القائم على توحيد الله وجهاد أعداء الله، الذي ثبتوا عليه طوال السنين الماضية، لأن أي انحراف عن هذا المنهج سيعني هدم البنيان من أساسه، وتضييع ثمرة جهاد ودماء عشرات الآلاف من المجاهدين الذين بتضحياتهم قام الدين وعادت الخلافة.

لقد ابتلى الله جنود الخلافة في ولاية الأنبار بالخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات فصبروا، وابتلاهم بالفتح فشكروا؛ بأن عملوا فيما مكنّهم الله كما أراد الله، من تطبيق لشرعه، وإقامة لحدوده، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهم بين عبادتي الصبر والشكر، وهذا هو حال المؤمن في كل زمان ومكان.

إن العبرة الأكبر في قصة فتح الرمادي قبل عام، أن نصر الله قريب من عباده المؤمنين، مهما قل عددهم وعتادهم، ومهما كانت قوة أعدائهم، ومهما كان حالهم من الشدة والبلاء، بل إن ذلك كله من مقدمات النصر التي ذكرها الله تعالى بقوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [سورة البقرة: 214].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال من التاريخ:
فتح الرمادي
ألا إن نصر الله قريب
...المزيد

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب - محن في الرمادي ومنح في الموصل: بلغت قلوب المجاهدين ...

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب

- محن في الرمادي ومنح في الموصل:

بلغت قلوب المجاهدين الحناجر، فخيرة الرجال قد ارتقوا، إلا أن الله ثبّت الثلة القليلة الباقية التي انحسرت بشارع واحد، بعد ملاحم عظيمة وتضحيات جسيمة فمقتل أبي بلال وأبي تراب قد أخذ منهم كل مأخذ، فلقد كانا أسدين من آساد الإسلام، تقبلهما الله، وابتلي المؤمنون هناك وزلزلوا زلزالا عظيما، وبقوا ليلتهم يجأرون إلى الله ويتضرعون بين يديه، فقادتهم وخيرة رجالاتهم قُتلوا، وذخيرتهم أوشكت على النفاد وجرحاهم لا يجدون العلاج، فجاءت توجيهات القائد البيلاوي بفتح جبهات أخرى لتخفيف الضغط عن المجاهدين في الرمادي، فجلس الشيخ أبو مغيرة القحطاني -رحمه الله- وكان حينها واليا على صلاح الدين وجمع جنده وسلاحه وقسمها نصفين بينه وبين كواسر الأنبار وجلس يبكي مقسما: والله لن نخذل إخواننا في الأنبار، وهذا النصف من السلاح سنرسله لهم، والنصف الثاني سنغزو به سامراء فإما فاتحين أو نقتل هنالك.

وجاءت غزوة سامراء ثم فتح الموصل، إلا أن المجاهدين في الرمادي من ضيق إلى ضيق والتعب بلغ بهم مبلغه، فلم يكن لهم بد من عمل يحسم الأمر بعد التوكل على الله والتبرؤ من حولهم وقوتهم، فجهزوا استشهاديين اثنين لضرب القوات المحاصرة لهم، بعد أن صرح أحد كبرائهم أن الساعات القليلة القادمة ستكون نهاية وجود المجاهدين في الرمادي، وما أن بدت شمس اليوم التالي حتى كرّ المجاهدون على أعداء الله في المدرسة الحمراء في حي الضباط وانغمس الاستشهاديان فيهم وفجرا عجلتيهما فيهم، لتنكسر تلك القوة الهائلة، وتنكفئ تلعق جراحها، وفرّج الله عن المجاهدين بعد معاناة كبيرة، وبدأت بوادر النصر تظهر شيئا فشيئا، فصارت الفتوحات شارعا فشارعا ثم حيا فحيا، حتى وصلوا لمشارف «مجلس محافظة الأنبار» الشركي، حيث توقفت عجلة الانتصارات عند ذاك الحد، فقتل القائد أبو أحمد العيساوي تلاه الماجد أبو مهند السويداوي ثم أمير كتيبة الاقتحاميين أبو إسماعيل البغدادي، ثم غزوات لم يكتب الله لها التوفيق، فعاد البلاء بأعتى صوره على المجاهدين، فثبت الله من شاء في هذه المحنة ليزداد الصف المسلم المجاهد تماسكا وقوة.

معركة فتح الرمادي، ثلاثة أيام لا غير

فما كان من قادة الدولة الإسلامية إلا أن قاموا بترتيب صفوف المجاهدين في الداخل وتكليف البطل أبي عبد الجبار بإمارة الرمادي عسكريا، بعد أن دفعها عن نفسه مرارا وتكرارا، إلا أن القادة كانوا يتوسمون خيرا في هذا الرجل الورع التقي النقي، نحسبه والله حسيبه، فاستنّ بسنة أبي تراب -تقبله الله- في زيارة جميع الإخوة وحل مشاكلهم ونصح مخطئهم فزاد الصف المسلم تماسكا، وسمت روحهم المعنوية، وعلا دافعهم الإيماني لبذل المزيد من الجهد لنيل إحدى الحسنيين، فجاءت جمادى الآخرة من عام 1436 هـ حيث غزوة أبي تراب الأنصاري، التي فتح الله بها على المجاهدين منطقتي الصوفية والبوفراج، لتكون المنطلق للغزوة الكبرى (غزوة الشيخ أبي مهند السويداوي) التي وضع خططها مسبقا، تقبله الله، ففي صبيحة اليوم السادس والعشرين من رجب ابتدأت الغزوة وما أن أفل هلال رجب حتى أفَلت به جموع المرتدين من الرمادي وصارت تحت سلطان الخلافة، إلا أن سنة الابتلاء لم تفارق خندق الحق حتى بأيام الغزوة الثلاث، وفي مساء اليوم الثاني صاح الأمير النحرير أبو عبد الجبار بجنوده على مسمع المرتدين: غدا -بإذن الله- سندخل المجمع الحكومي الرافضي، وأقسم على الله بذلك، فأبر الله بقسمه صبيحة اليوم الثالث فدُكَّت صروح المرتدين في الرمادي وحُرِّر الأسارى وكان -رحمه الله- بنفسه يقود مفارز الاقتحام، إلى أن تجندل وهو يصلي صلاة عصر يوم الفتح بصاروخ غادر، بعدما أقر الله عينه بالنصر والفتح المبين مع ثلة من خيرة المجاهدين الذين عركتهم المحن والشدائد، فتقبلهم الله وأعلى نزلهم.

قصة الرمادي أم قصة الإيمان

إن قصة الجهاد في الرمادي تكاد تكون مشهدا مصغرا لحال مجاهدي الدولة الإسلامية في كل ساحات قتالهم مع المشركين والمرتدين، فهم يتقلبون بين فتح وتمكين وإقامة للدين، وبين محن وابتلاءات وصبر ومصابرة، وكلما ضاقت عليهم الأرض وظن أعداؤهم أنهم أوشكوا على القضاء عليهم تماما ومن إنهاء وجود دولتهم، منّ الله عليهم بفتح أكبر من الفتح الذي قبله، فيخرجون أقوى مما كانوا قبل الابتلاءات، وتعود دولتهم أشد تمكينا في الأرض مما كانت.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال من التاريخ:
فتح الرمادي
ألا إن نصر الله قريب
...المزيد

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب العودة إلى الرمادي جلس أمراء المعسكرات الصحراوية يتشاورون ...

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب

العودة إلى الرمادي

جلس أمراء المعسكرات الصحراوية يتشاورون لإيجاد حل ناجع وسريع قبل أن يستفحل خطر الطيران، فكان الرأي أن ينشِئوا معسكرات مخفية تحت رمال الصحراء كحلّ مؤقت إلى أن يأتي التوجيه من القيادة العسكرية للدولة الإسلامية، الذين كان منهم الشيخان البيلاوي والسويداوي، حيث كانا منهمكين بوضع الخطط للنزول للمدن مستغلين اضطراب الوضع الأمني الناجم عن المظاهرات، بعمليات أمنية وعسكرية كبرى، إلى أن صارت الرمادي مهيأة لنزول المجاهدين من الصحراء، وهذا فضل من الله، منّ به على عباده بعدما تقطعت بهم السبل، وفرج بعد ضيق ألمّ بهم.

أمر المشايخ بالنزول السريع وفق خطط معدة سلفا، بالاتفاق مع عشائر أهل السنة بحماية المجاهدين لهم من بطش الحكومة الرافضية ونقل المعركة نحو مناطق الرافضة، وقد جرت الأمور كما رُسم لها في أول الأيام، إلا أن الخيانة تجري في عروق كثير من شيوخ تلك العشائر، فطعنوا المجاهدين من ظهورهم وفتحوا الطرق للرافضة نحو أماكن سيطرة المجاهدين في شارع الـ 60 والملعب والبكر والبوفراج ودلّوهم على عوراتهم، فابتدأت الملاحم العظام وحمي الوطيس.

حصار داخل الرمادي

ثلة قليلة مؤمنة مجاهدة تواجه آلاف المرتدين بدروعهم وطائراتهم، فاستعر القتل وكثرت الجراح في صفوف المجاهدين وأوشك السلاح على النفاد، مما جعل بعضهم يهمّ بالرجوع إلى الصحراء والحفاظ على الباقين، لينادي فيهم أبو أحمد قائلا لأن نقتل كلنا هاهنا خير لنا من أن تقتلنا الطائرات في صحراء قاحلة، فارتفعت الروح المعنوية لدى الجند، وتبايعوا على الموت.

لم تكن المعركة متكافئة، ما زاد الحال سوءا، ورافق ذلك مزيد من القتل والجراح، فقلّ الرجال وانعدمت المؤونة وانحسر تواجدهم في حي البكر، وطلبوا من أميرهم الشيخ السويداوي أن يرسل لهم ما يقوي شوكتهم من المؤازرة، فاكتفى -رحمه الله- بإرسال الأخ أبي تراب، فاستغرب المجاهدون من صنيعه، لكن ما أن وصل القائد أبو تراب الأنصاري أرض الرمادي حتى علموا صواب هذا القرار، إذ بدأ بزيارة الإخوة وتثبيتهم وحل مشكلاتهم ونزع خلافاتهم، فرصّ الصفوف ورتّبها، وكأن ما آزرهم به الشيخ السويداوي، جيش بأكمله وليس رجلا واحدا.

أعد أبو تراب غزوة لاسترجاع حي الملعب بقيادته، فلما جاء الصباح وقد كان مقررا أن تبدأ الغزوة في الساعة العاشرة منه، فوجئ المجاهدون بهجوم للمرتدين من ستة محاور، فتقدمت عليهم من كل محور دبابتا أبرامز وفوجان من ميليشيا «سوات» والشرطة الاتحادية الرافضية، لتبدأ ملحمة قلت مثيلاتها، واشتعلت المحاور كلها واشتد لهيب المعارك وانغمست الثلة القليلة في صفوف المرتدين حتى وصل الحال للاشتباك بالأيادي بين المرتدين والمجاهدين بعد نفاد ذخيرة بعض الإخوة، وثار غبار المعركة وعلا لهيبها فصار المجاهدون لا يفرقون بين الدبابة والجدار مستترين بها وينكلون بأعداء الله، ومما يُذكر أن المرتدين حاصروا أحد المجاهدين بمنزل من كل جانب، وطالبوه أن يسلم نفسه لكنه أبى وبقي يقاتلهم موقنا بصدق طريقه وحفظ الله له، فضربت الدبابة المنزل بعدما عجزوا من الدخول له لتفتح فتحة بالجدار ليخرج منها الأخ سالما ويلتحق بإخوته، وإبّان الملاحم أصيب القائد أبو تراب بفخذه إصابة بسيطة واستمر نزيفه، فلم يستطع الإخوة إيصاله لمكان آمن لعلاجه بسبب حصار المرتدين للمجاهدين فقتل، تقبله الله.

- محن في الرمادي ومنح في الموصل:

بلغت قلوب المجاهدين الحناجر، فخيرة الرجال قد ارتقوا، إلا أن الله ثبّت الثلة القليلة الباقية التي انحسرت بشارع واحد، بعد ملاحم عظيمة وتضحيات جسيمة فمقتل أبي بلال وأبي تراب قد أخذ منهم كل مأخذ، فلقد كانا أسدين من آساد الإسلام، تقبلهما الله، وابتلي المؤمنون هناك وزلزلوا زلزالا عظيما، وبقوا ليلتهم يجأرون إلى الله ويتضرعون بين يديه، فقادتهم وخيرة رجالاتهم قُتلوا، وذخيرتهم أوشكت على النفاد وجرحاهم لا يجدون العلاج، فجاءت توجيهات القائد البيلاوي بفتح جبهات أخرى لتخفيف الضغط عن المجاهدين في الرمادي، فجلس الشيخ أبو مغيرة القحطاني -رحمه الله- وكان حينها واليا على صلاح الدين وجمع جنده وسلاحه وقسمها نصفين بينه وبين كواسر الأنبار وجلس يبكي مقسما: والله لن نخذل إخواننا في الأنبار، وهذا النصف من السلاح سنرسله لهم، والنصف الثاني سنغزو به سامراء فإما فاتحين أو نقتل هنالك.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال من التاريخ:
فتح الرمادي
ألا إن نصر الله قريب
...المزيد

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب • الابتلاء سنة ربانية ماضية إلى قيام الساعة، يبتلي الله عباده ...

فتح الرمادي ألا إن نصر الله قريب

• الابتلاء سنة ربانية ماضية إلى قيام الساعة، يبتلي الله عباده ليختبرهم وهو العليم بحالهم، يبتليهم ليميز الخبيث من الطيب، فإنه -سبحانه- جعل البلاء سبيلا يتميز به الصادق من الكاذب، قال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [سورة العنكبوت: 1- 2]، وهي سنة جارية في المؤمنين، لا تتخلف ولا تتبدل، ولما كانت الدولة الإسلامية دولة توحيد وجهاد، جرت على من جاهد تحت رايتها تلكم السنة الربانية.

فما إن وطئت أرضَ الرافدين حوافرُ خيل الصليبيين، حتى قامت ثلة مؤمنة وحملت الراية وذادت عنها بالنفس والنفيس وسقتها بزكي الدماء وطاهر الأشلاء، وقد علمت يقينا أن الله -سبحانه- ضمن نصر دينه وحزبه وأوليائه القائمين بدينه علما وعملا، ولم يضمن نصر الباطل، فقال: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [سورة المجادلة: 21]، وقال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [سورة غافر: 51]، وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [سورة الحج: 38]، وقال: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة آل عمران: 68].

وقد لمست تلكم الثلة المؤمنة الصادقة المجاهدة هذه الحقيقة واقعا بين الحين والآخر، فنصر وعز وتمكين تارة وهزيمة وقتل وتشريد وأسر تارة أخرى، يتقلبون بين نعماء وضراء، شاكرين صابرين، وهذا حال المؤمن.

فبعد أن منّ الله على المجاهدين بإعلان دولة العراق الإسلامية، وفُتحت المناطق، وحُكِّم الشرع، وأقيمت الحدود، وكثر سواد المجاهدين، وصاروا ذوي شوكة ومنعة، جرت عليهم سنة الله في أمثالهم، فعظم البلاء، واشتدت الفتنة، فانحاز المجاهدون من مواقعهم في المدن، والسعيد إذ ذاك من ثبته الله ولم يغير أو يبدل، ولم ينته الابتلاء بالتشريد وفقدان المناطق وقتل وأسر الأفذاذ من الرجال، بل استمر مع المجاهدين ممحصا لصفوفهم ومنقيا لذنوبهم، فصاروا بعد ذاك قوة باطشة تضرب متى شاءت وكيفما شاءت بالوقت الذي تريد، بإذن الله تعالى، وهم ثلة قليلة بعدة بسيطة تفترش الأرض وتلتحف السماء بصحاري الأنبار وجبال الشمال وبساتين ديالى، فشنوا الغارة تلو الغارة وصدى زئيرهم سمعه العالم أجمع.

وهنا نسرد جانبا مما عانته فئة من تلك الثلة المؤمنة من محن وابتلاءات تكلّلت بفتح وعز وتمكين، تلك الفئة كانت قد اتخذت من صحراء الأنبار مأوى لها بعد الله عز وجل، بسبب خيانة بعض العشائر المرتدة.

- معسكر الشيخين:

كانت الصحراء اختيارا صائبا من قادة الدولة الإسلامية كمكان لترتيب الصفوف واستقطاب المجاهدين والنأي بعيدا عن أعين الصليبيين وأذنابهم لوعورة الصحراء، وقد تكفل الشيخ المهندس أبو إبراهيم الزيدي -تقبله الله- بإعداد أول معسكر لمجاهدي دولة العراق الإسلامية في صحراء الأنبار وقد كان تعداده لا يتجاوز العشرة مجاهدين بإمكانيات وعدة بسيطة، غير أن الإيمان الذي وقر في صدورهم كان أكبر من أي سلاح مادي، فكثرهم الله حتى بلغوا المئات وأثخنوا بالمرتدين وأسيادهم وأذاقوهم الويلات رغم حر وقر الصحراء الموحشة، وكانت غزوة جراح الشامي المباركة التي أقضت مضاجع المرتدين في حديثة وكتمت أنفاسهم، وأرجعت -بفضل الله- الكثيرين إلى صوابهم لما علموا أن المجاهدين لا زالت لهم كلمة عالية مدوية، ويوما بعد يوم صارت المضافات تغص بالمهاجرين والأنصار، حتى أينع العمل وبدأ الإعداد للمرحلة التالية، وهي الرجوع إلى المناطق التي انحازوا منها وصاروا يتحينون الفرص لذلك بعد سنوات من إنهاك العدو وقطف رؤوس قياداته في حرب استنزاف قلّ مثيلها، وبالوقت نفسه كان المرتدون يعدون العدة للهجوم على المعسكرات في صحراء الأنبار.

وفي ليلة شاتية باغتت طائرة مسيرة خيمة للمجاهدين بمعسكر الشيخين وأمطرتها بعدة صواريخ ارتقى على إثرها أبو سليمان وأبو دجانة وأبو قسورة وأبو الفاروق وأصيب آخرون، وكان هذا إنذارا عجّل باندفاع مجاهدي الصحراء إلى فتح المدن والحواضر والعودة إليها، فقد دفع الصليبيون هذا النوع من الطائرات القاصفة للحكومة الرافضية لاستخدامها في ضرب المجاهدين في أراضي الصحراء المكشوفة للطيران، وهنا كانت الخطوة الجريئة التي يسّر الله مقدماتها...


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من مقال من التاريخ:
فتح الرمادي
ألا إن نصر الله قريب
...المزيد

معركتنا مع الرافضة حتى لا تكون فتنة • لم تنحصر استفادة الرافضة من غزو الصليبيين في العراق وحده، ...

معركتنا مع الرافضة حتى لا تكون فتنة

• لم تنحصر استفادة الرافضة من غزو الصليبيين في العراق وحده، بل جعلوا منه قاعدة لنشر دينهم ونصرة مذهبهم، فأنفقوا عشرات المليارات من موارد البلاد في تقوية ميليشياتهم وتمويل دعوتهم، ومن ذلك تمويل النظام النصيري وإمداده بآلاف الجنود، التي من دونها لم يكن له الاستمرار في حربه المنهكة كل هذا الوقت، فحشد زعماء الرافضة في طهران كل قوتهم للوقوف في صف النظام ومساندته، وبذلوا في سبيل ذلك كل ما استطاعوا.

إن الفتوح التي منّ بها الله تعالى على الدولة الإسلامية في العراق هي فرصة للقضاء على المشروع الرافضي، وذلك بفتح جبهات قتال واسعة ضدهم، قتل فيها عشرات الألوف من جنودهم، وأنفقوا فيها الكم الأكبر من سلاحهم وعتادهم، واستنزفت فيها ميزانياتهم إلى أن وصلوا إلى حد الإفلاس.

فدخول الرافضة في حربين كبريين في العراق والشام، أجبرهم على توزيع قواتهم على جبهات قتال واسعة لا قبل لهم بها، ما دفعهم أوّلا إلى توريط أحد أهم مرتكزات عملهم وهو حزب اللات اللبناني في القتال إلى جانب الجيش النصيري، رغم ما سببه ذلك من تشويه لسمعة الحزب المشرك الذي قدم نفسه لعقود بصورة المقاوم لليهود الحريص على تحرير المسجد الأقصى، ثم أردفوه بالميليشيات العراقية، ثم زادوا عليهم بمتطوعين من الرافضة من كل أنحاء العالم، بل واضطرهم الاستنزاف المستمر والحاجة إلى قوات أحسن تدريبا وأداء إلى الزج بالحرس الثوري، وفي النهاية تورط الجيش النظامي الإيراني بالدخول في الحرب بمستشاريه وجنوده.

إن الفرصة التي أتيحت اليوم للقضاء على الرافضة ودولهم وميليشياتهم يجب أن لا تضيع من أيدي الموحّدين، وإن استمرار التورط الرافضي في الحرب المنهكة في العراق والشام، بالإضافة إلى ما فتحوه من حرب في اليمن، سيؤدي خلال سنوات قليلة -بإذن الله- إلى تشتيت قوتهم، وإفراغ خزائنهم، وإنهاك جيوشهم، ما سيؤدي بالمحصلة إلى إضعاف قوتهم، وتفكيك منظومتهم، وإفشال مخططاتهم بالسيطرة على بلدان المسلمين وقلوبهم وعقولهم، ثم اجتثاث ذلك الدين من الأرض كما جرى عدة مرات على مدى التاريخ.

لقد بنى الشيخ أبو مصعب الزرقاوي وإخوانه -تقبلهم الله- جهادهم في العراق على قاعدة الصدام بالرافضة، وجعلهم على رأس قائمة الاستهداف ليرفعوا أقنعتهم ويظهروا وجههم الكالح وحقيقتهم القبيحة، فتحصل المفاصلة بين خندق التوحيد وخنادق الشرك، فيهبّ المسلمون لقتالهم، وهو ما تحقق اليوم بأبهى صوره، والمشروع الذي بدأه الموحدون بقتلهم للطاغوت باقر الحكيم بدأ يؤتي اليوم ثماره، بفضل الله، فقد اختفت اليوم كل دعوات التقارب مع الرافضة، وزال من الوجود كل مُدافع عنهم ممن يزعم الانتساب إلى أهل السنة، وباتت الحرب بيننا وبينهم حربا عقدية بامتياز.

فالأسباب الكونية للانتصار على الرافضة متوفرة، بإذن الله، ولا يلزم منها بعد التوكل على الله سوى مواصلة الحرب في العراق والشام، بل وتوريطهم في بؤر استنزاف جديدة، عن طريق فتح جبهات جديدة عليهم، وضربهم في عقر دورهم.

والرافضة كما وصفهم الشيخ الزرقاوي قبل عقد من الزمان «العدو القريب الخطير لأهل السنة، وخطرهم أعظم، وضررهم أشد، وأفتك على الأمة من الأمريكان»، فقتالنا للصليبيين قد يستمر لعقود قبل أن يعلنوا هزيمتهم وينسحبوا إلى ديارهم كما هو حال جميع الحملات الصليبية التي غزوا بها بلاد المسلمين، أما قتال الرافضة فلم يتوقف منذ عشرة قرون أو يزيد، ولن ينتهي حتى تُطهّر الأرض منهم ويظهر دين الله في جميع أرضه على أيدي أوليائه.

ولا يمكن الحديث عن إزالة الشرك من الأرض، وإقامة الخلافة في كل بلاد المسلمين المغصوبة وهؤلاء المشركون مقيمون فيها، يطعنون في دين المسلمين، ويعبدون الأوثان بين أظهرهم، فهزيمة هؤلاء المشركين وإلحاق دويلاتهم بدويلات أسلافهم من العبيديين والقرامطة والحمدانيين من أوجب الواجبات، وبدون ذلك لا يمكن الحديث عن فتح روما ولا عن استرداد بيت المقدس.

◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من المقال الافتتاحي:
معركتنا مع الرافضة حتى لا تكون فتنة
...المزيد

معركتنا مع الرافضة حتى لا تكون فتنة • عندما نزل الصليبيون أرض العراق، أراد الضالون أن يكون ...

معركتنا مع الرافضة حتى لا تكون فتنة

• عندما نزل الصليبيون أرض العراق، أراد الضالون أن يكون قتالهم «مقاومة لاحتلال»، أو سبيلا لتحرير «وطن» واستعادة نظام طاغوتي علماني، وأراده الموحّدون جهادا في سبيل الله، تكون غايته ألَّا يبقى شرك في الأرض، وأن يكون الحكم والطاعة والعبادة لله وحده لا شريك له، لا في أرض الرافدين وحدها ولكن في كل أرض الله، عندما تعمّها راية الخلافة التي بدأ العمل لرفعها مع انطلاق الموحدين في جهادهم لكل طوائف المشركين.

أراد الضالون أن يكون القتال محصورا بأمريكا وحدها، وأن تترك طوائف الشرك وشأنها وهي التي جعلت صدورها دون صدور الصليبيين، وأعملت سيوفها في ظهور المجاهدين، وسامت المسلمين سوء العذاب أسرا وتقتيلا، بل وتعدى بعضهم الأمر بالدعوة إلى التحالف مع مشركي الرافضة في سبيل إخراج الأمريكيين من العراق، متناسيا أنهم كانوا أداتهم الطيعة في فرض سيطرتهم على البلاد، وخنجرهم المسموم في إخضاع العباد، فسلمهم الصليبيون الحكم والسلطة، والجيش والشرطة، والسلاح والسجون، والمال والنفط، وبدؤوا يتراجعون من المشهد رويدا رويدا لينحازوا إلى قواعدهم تاركين للرافضة تأمين مصالحهم، وتحمل الخسائر بالنيابة عنهم.

لم تنحصر استفادة الرافضة من غزو الصليبيين في العراق وحده، بل جعلوا منه قاعدة لنشر دينهم ونصرة مذهبهم، فأنفقوا عشرات المليارات من موارد البلاد في تقوية ميليشياتهم وتمويل دعوتهم، ومن ذلك تمويل النظام النصيري وإمداده بآلاف الجنود، التي من دونها لم يكن له الاستمرار في حربه المنهكة كل هذا الوقت، فحشد زعماء الرافضة في طهران كل قوتهم للوقوف في صف النظام ومساندته، وبذلوا في سبيل ذلك كل ما استطاعوا.

إن الفتوح التي منّ بها الله تعالى على الدولة الإسلامية في العراق هي فرصة للقضاء على المشروع الرافضي، وذلك بفتح جبهات قتال واسعة ضدهم، قتل فيها عشرات الألوف من جنودهم، وأنفقوا فيها الكم الأكبر من سلاحهم وعتادهم، واستنزفت فيها ميزانياتهم إلى أن وصلوا إلى حد الإفلاس.

فدخول الرافضة في حربين كبريين في العراق والشام، أجبرهم على توزيع قواتهم على جبهات قتال واسعة لا قبل لهم بها، ما دفعهم أوّلا إلى توريط أحد أهم مرتكزات عملهم وهو حزب اللات اللبناني في القتال إلى جانب الجيش النصيري، رغم ما سببه ذلك من تشويه لسمعة الحزب المشرك الذي قدم نفسه لعقود بصورة المقاوم لليهود الحريص على تحرير المسجد الأقصى، ثم أردفوه بالميليشيات العراقية، ثم زادوا عليهم بمتطوعين من الرافضة من كل أنحاء العالم، بل واضطرهم الاستنزاف المستمر والحاجة إلى قوات أحسن تدريبا وأداء إلى الزج بالحرس الثوري، وفي النهاية تورط الجيش النظامي الإيراني بالدخول في الحرب بمستشاريه وجنوده.

إن الفرصة التي أتيحت اليوم للقضاء على الرافضة ودولهم وميليشياتهم يجب أن لا تضيع من أيدي الموحّدين، وإن استمرار التورط الرافضي في الحرب المنهكة في العراق والشام، بالإضافة إلى ما فتحوه من حرب في اليمن، سيؤدي خلال سنوات قليلة -بإذن الله- إلى تشتيت قوتهم، وإفراغ خزائنهم، وإنهاك جيوشهم، ما سيؤدي بالمحصلة إلى إضعاف قوتهم، وتفكيك منظومتهم، وإفشال مخططاتهم بالسيطرة على بلدان المسلمين وقلوبهم وعقولهم، ثم اجتثاث ذلك الدين من الأرض كما جرى عدة مرات على مدى التاريخ.

لقد بنى الشيخ أبو مصعب الزرقاوي وإخوانه -تقبلهم الله- جهادهم في العراق على قاعدة الصدام بالرافضة، وجعلهم على رأس قائمة الاستهداف ليرفعوا أقنعتهم ويظهروا وجههم الكالح وحقيقتهم القبيحة، فتحصل المفاصلة بين خندق التوحيد وخنادق الشرك، فيهبّ المسلمون لقتالهم، وهو ما تحقق اليوم بأبهى صوره، والمشروع الذي بدأه الموحدون بقتلهم للطاغوت باقر الحكيم بدأ يؤتي اليوم ثماره، بفضل الله، فقد اختفت اليوم كل دعوات التقارب مع الرافضة، وزال من الوجود كل مُدافع عنهم ممن يزعم الانتساب إلى أهل السنة، وباتت الحرب بيننا وبينهم حربا عقدية بامتياز.

فالأسباب الكونية للانتصار على الرافضة متوفرة، بإذن الله، ولا يلزم منها بعد التوكل على الله سوى مواصلة الحرب في العراق والشام، بل وتوريطهم في بؤر استنزاف جديدة، عن طريق فتح جبهات جديدة عليهم، وضربهم في عقر دورهم.

والرافضة كما وصفهم الشيخ الزرقاوي قبل عقد من الزمان «العدو القريب الخطير لأهل السنة، وخطرهم أعظم، وضررهم أشد، وأفتك على الأمة من الأمريكان»، فقتالنا للصليبيين قد يستمر لعقود قبل أن يعلنوا هزيمتهم وينسحبوا إلى ديارهم كما هو حال جميع الحملات الصليبية التي غزوا بها بلاد المسلمين، أما قتال الرافضة فلم يتوقف منذ عشرة قرون أو يزيد، ولن ينتهي حتى تُطهّر الأرض منهم ويظهر دين الله في جميع أرضه على أيدي أوليائه.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 28
السنة السابعة - الثلاثاء 18 رجب 1437 هـ

مقتطف من المقال الافتتاحي:
معركتنا مع الرافضة حتى لا تكون فتنة
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً