الرِّفقُ خُلُق الأنبياء (2/1) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن ...

الرِّفقُ خُلُق الأنبياء
(2/1)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن الله تعالى رفيق يحب الرفق في الأمر كله [حديث متفق عليه]، وقد حثّ سبحانه صفوة خلقه نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- على الترفق بالمسلمين فقال له: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [سورة آل عمران: 159] وقال له جل جلاله: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الشعراء: 215].

فكان -صلوات الله وسلامه عليه- أرفق الناس بالناس، بل كان الرفق علامة من علامات نبوته -صلى الله عليه وسلم- ومن صور رفقه ما رواه مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن).
وما رواه البخاري عن أبي هريرة –رضي الله عنه- في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه، رضي الله عنهم: (دعوه وهريقوا على بوله سَجلا من ماء، أو ذَنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين).

وروى الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت للنبي، صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أُحُد؟ قال: (لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ، ثم قال: يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا).

وهذا مع قوم آذوه وسبوه وسفهوه وطاردوه، صلى الله عليه وسلم.

ولما كانت هذه منزلة الرفق بالناس من الدين، حث عليها أرفق الناس بالناس، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة صحيحة، كقوله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه) وقوله: (يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا)، وقوله: (ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هيِّن ليِّن سهل).

كما تبرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- من فعل كل عنيف غليظ بغير حق، فقال: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق به) [رواه مسلم]، وقال: (ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر) [متفق عليه].

ويروى أن رجلا قبطيا من أهل مصر أتى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين! سابقت ابن عمرو بن العاص (وكان والي مصر آنذاك) فسبقته، فجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين! فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم ويجلب ابنه معه، فلما قدم، قال عمر للمصري: خذ السوط فاضربه، فجعل يضرب، وعمر يردد: «اضرب ابن الأكرمين»، ثم التفت عمر لعمرو وقال له: «مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!» فقال عمرو: يا أمير المؤمنين! لم أعلم ولم يأتني [جامع الأحاديث للسيوطي].

فانظر -أخي- كيف يقتص لـمعاهد من ابن صحابي! كيف لا وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من إيذاء الكافر الذمي، إن كان من رعية الدولة الإسلامية، فقال: (ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) [صحيح، رواه أبو داود].
ومن هنا ندعوك -أخانا المسلم- إلى التحلي بهذا الخلق العظيم، فكن محظوظا برفقك ولا تكن محروما بفضاضتك، (فمن أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير ومن حُرِم حظه من الرفق فقد حُرِم حظه من الخير) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح]، وليكن أمرك بالمعروف معروفا، ولا يكن نهيك عن المنكر منكرا، واختر أحسن كلماتك وعباراتك.

واعلم أن الكلمة الطيبة صدقة، وتبسَّم في وجوه المسلمين ليطمئنوا إليك، واعلم أن تبسمك في وجه أخيك المسلم صدقة.

وإياك إياك أن تحكم على الناس بالهلاك، وترى نفسك أنت وحدك الناجي! وإلا كنت أنت أهلك الناس أو أنك أنت الذي أهلكتهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلَكُهم) [رواه مسلم]، وفي رواية (فهو أهلَكَهم)، وكلا المعنيين صحيح.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
شعبان 1437 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية وعالم ما بعد «سايكس – بيكو» العشرات من الاتفاقات عُقدت بين الدول الصليبية ...

الدولة الإسلامية
وعالم ما بعد «سايكس – بيكو»

العشرات من الاتفاقات عُقدت بين الدول الصليبية الاستعمارية لتقاسم بلدان المسلمين خلال القرنين الماضيين، ولكن أشهرها على الإطلاق اتفاقية «سايكس - بيكو» التي أطلق فيها الصليبيون الرصاصة الأخيرة على الدولة العثمانية الحاكمة بالقوانين الوضعية الحامية للقباب الصوفية (وهو ما ظهر جليا في آخر قرونها)، ليرث الصليبيون عنها الأرض والنفوذ في العراق والشام وجزيرة العرب.

وصارت هذه الاتفاقية رمزا للتجزئة المفروضة على المسلمين، التي ورثها الطواغيت عن أسيادهم الصليبيين وسعوا إلى تكريسها، ليقوم كل منهم بإدارة مصالح أسياده في جزء من الأرض، حتى إذا تراجعت كفاءته تم استبداله بطاغوت آخر يقدم مصلحة أكبر للصليبيين، وله القدرة الأكبر على حرب الإسلام والمسلمين.

كان هذا التقسيم أساسا لقيام الحركات القومية العلمانية التي حاولت تغيير الخارطة لتجمع شتات أقوامها التي وزعتها الاتفاقيات على دول متعددة، فتقيم بذلك دولا قومية موحَّدة، كحركات القوميين العرب والأكراد والبلوش والبشتون والترك والبربر والمالاويين وغيرهم، كما انتصب بهذه الدعاوى كثير من الأنظمة الطاغوتية القومية الجاهلية، التي جعلت من الولاء العرقي واللغوي والقُطري أساسا لها.

وبعد قرن من الزمان تفككت أغلب تلك الحركات، وتراجع الطواغيت عن طروحاتهم القومية التي خدعوا بها أتباعهم وأنصارهم لعقود، كاشفين عن حقيقة أنهم أدوات لترسيخ تلك التجزئة، ولا يمكن أن يعملوا ضدها بشكل جاد.

كما خرج للتصدي لتلك الاتفاقيات المئات من الأحزاب والتنظيمات والفصائل التي تزعم الانتساب للإسلام، التي أعلنت كلها عند قيامها العمل على توحيد المسلمين وإزالة الحدود المصطنعة بين بلدانهم، ولكنها بمرور الوقت صارت أداة لترسيخ تلك الحدود، وتعزيز ذلك التفرق، حيث انقسمت بنفسها على أساس قطري ووطني وقومي ولغوي، وصار لكل قسم منها عقيدته الخاصة ومنهجه الخاص، ويعمل بشكل منعزل تماما عن بقية فروع التنظيم أو الفصيل، فضلا عن باقي الأمة.

وحق لمن شاء بذلك أن يضيف على قائمة منتجات اتفاقية «سايكس - بيكو»، كلا من «قوميات سايكس - بيكو» و«أنظمة سايكس - بيكو»، و«أديان سايكس - بيكو»، والقائمة تطول...

لقد حفظ الله الدولة الإسلامية من الوقوع في هذا الشرك، بثباتها على المنهج النبوي ويقينها أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين، وأن الأصل فيها أن تكون كلها موحدة تحت حكم الله تعالى، يدير شؤونها الإمام المسلم الواحد المطاع في المعروف، وأن ما خرج عن هذه الأرض التي هي دار الإسلام، يكون دار كفر وحرب، ينبغي على المسلمين هجرها إلى دار الإسلام، ويجب عليهم قتال أهلها من الكفار، وتباح لهم دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، ولم تنحرف -بفضل الله- تحت ضغط الواقع الذي فرضه الصليبيون وعملاؤهم الطواغيت، لتحجر نفسها في بقعة ضيقة من الأرض.

فكان من تيسير الله لها أن تجاوزت حدود «سايكس - بيكو» بجهادها، بإرسالها المجاهدين إلى الشام لقتال النصيرية، ومدهم بما توفر من سلاح ومال، ثم رفض محاولات الضالين ترسيخ تلك الحدود بفصلهم فرعها في الشام عنها، فأعلن أميرها أنها دولة واحدة في العراق والشام، ومع انشغالها بقتال النصيريين فلم تترك قتال الروافض في العراق بل زادت من وطأتها عليهم حتى أذن الله بالفتح، وكسر مجاهدوها الحدود على الأرض بعد أن كسروها في النفوس، وكان التمكين بفضل الله.

ثم كان الإعلان الحاسم بإنهاء كل أشكال التفرق والانقسامات بين المسلمين، سواء منها التي أوجدتها الحدود المصطنعة، أم التي خلقها الطواغيت، أم التي ابتدعتها الفصائل والتنظيمات، وذلك بإعادة الخلافة، ومبايعة خليفة للمسلمين هو الشيخ أبو بكر البغدادي، حفظه الله، وجاءت البيعات من مشارق الأرض ومغاربها، مؤكدة وحدة المسلمين في كل مكان تحت ظل دولة الخلافة، وإنهاء حالة التفرق التي أوجدها الصليبيون، ورسخها الطواغيت، وقامت على أساسها الفصائل والتنظيمات الضالة.

وكما وحدت الدولة الإسلامية -بفضل الله- فسطاط الإيمان باحتوائها المسلمين تحت راية واحدة، فقد وحدت فسطاط الكفر الذي نهضت دوله المتفرقة لتجتمع اليوم على قتالها، والسعي لإعادة الحال لما كان عليه قبل عودة الخلافة، والأيام القادمة ستشهد -بإذن الله- المزيد من الأحداث التي تكون نتيجتها إزالة حدود «سايكس - بيكو» وأخواتها، وإعادة تقسيم العالم على أساس الكفر والإيمان لا على أساس العرق والوطن والقبيلة، وعند ذلك يختار كلٌّ لنفسه ما شاء، فسطاط الإيمان الذي لا نفاق فيه، أم فسطاط الكفر الذي لا إيمان فيه.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
الدولة الإسلامية
وعالم ما بعد «سايكس – بيكو»
...المزيد

أوهام الصليبيين في عصر الخلافة لم يكذب المجاهدون على الله، ولا على المسلمين عندما أعلنوا قيام ...

أوهام الصليبيين في عصر الخلافة


لم يكذب المجاهدون على الله، ولا على المسلمين عندما أعلنوا قيام الدولة الإسلامية، كما أنهم لم يكذبوا عندما قالوا أنها باقية بإذن الله، ولم يكذبوا على الله ولا على المسلمين عندما أعلنوا عودة الخلافة، واختاروا إماما للمسلمين، كما أنهم لم يكذبوا عندما يقولون أنها باقية، بإذن الله.

ويتوهم الصليبيون وعملاؤهم المرتدون، أنهم بتوسيع نطاق حملتهم العسكرية، لتشمل بالإضافة لولايات العراق وولايات الشام، ولايات خراسان وسيناء وغرب إفريقية، والولايات الليبية، سيتمكنون من القضاء على كل ولايات الدولة الإسلامية في آن واحد، بحيث تندثر تماما، ولا يبقى لها أثر، متغافلين عن حقيقة هامة، هي أن العالم كله بعد إعلان عودة الخلافة قد اختلف عن حاله قبل عودتها، وأنهم ببنائهم الخطط ووضعهم الاستراتيجيات بناء على الواقع السابق إنما يخططون لعالم آخر بات غير موجود حاليا، ولن يكون موجودا مستقبلا، بإذن الله.

فكما أن حرب العراق سابقا قد فضحت حقيقة قوة الصليبيين المهيمنين على العالم، وبيّنت إمكانية هزيمتهم، وأظهرت للمسلمين أن الجهاد هو السبيل الوحيد لإقامة الدين وتحكيم الشريعة، فإن إقامة الدولة الإسلامية كشفت لهم أن إعادة الخلافة مسألة ممكنة دون الاضطرار للمرور بالفرضيات التعجيزية التي وضعتها الفصائل والأحزاب التي تدّعي الإسلام، والتي زرعت من خلالها اليأس في نفوس المسلمين من إمكانية إقامة الدين قبل ظهور المهدي ونزول المسيح عليه السلام.

وبناء عليه، يجب على المشركين عموما أن يكونوا على يقين أن الخلافة باقية بإذن الله، ولن يتمكّنوا من إزالتها بتدمير مدينة من مدنها أو حصار أخرى، ولا بقتل جندي أو أمير أو إمام، نسأل الله أن يحفظهم جميعا ويبقيهم شوكة في عيون المشركين والمرتدين، فالمسلمون لن يقبلوا بعد اليوم أن يعيشوا بلا إمام يسوسهم على منهاج النبوة، فيجتمعون عليه، ويجاهدون من ورائه، ويؤدون إليه خمس الغنيمة، وزكاة المال، فيكونوا بذلك على سنة الصحابة -رضوان الله عليهم- الذين ما منعتهم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يختاروا لأنفسهم من يخلفه في إقامة الدين وتحكيم الشريعة.

وعليهم أن يعلموا أنهم لن يستطيعوا خداع المسلمين بعد اليوم بأنظمة طاغوتية تسبغ على نفسها الأوصاف الشرعية، ولا بأحزاب وتنظيمات ضالة تزعم رفع راية الإسلام، وتتبنى العقائد الجاهلية من ديموقراطية ووطنية وغيرها، وتحارب من يدعو إلى التوحيد الخالص، ويحرص على وحدة جماعة المسلمين.

فقد أظهرت دولة الخلافة لكل الناس كيف تكون الدولة الإسلامية الحقيقية، وكيف تقام الشريعة كاملة غير منقوصة، وكيف يزال الشرك من الأرض التي يمكّن الله فيها للموحّدين، وكيف يكون الدين كله لله، فنسفت بذلك كل أساطير الحاضنة الشعبية، وكل أكاذيب التدرّج، وكل المخاوف من انتقام الصليبيين.

وعليهم أن يتيقنوا أن إرهابهم للمسلمين لم يعد يجدي، وتخويفهم لهم من إقامة الدين لم يعد يجدي أيضا، وأن حجة الكفار حين قالوا {إن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} قد كفر بها المجاهدون، كما كفروا بخوفهم من غير الله، وخشيتهم منهم، وبات لسان حالهم يقول: سنتّبع الهدى ونقيم الدين ونلزم الجماعة ونقاتل دون ذلك حتى تتفلّق رؤوسنا، وتتمزّق أشلاؤنا، فنلقى الله وقد أعذرنا، ولا أدلّ على ذلك من البيعات التي تتوالى لأمير المؤمنين رغم الحملة الصليبية الشرسة على دولة الإسلام وجنودها، حيث يندفع الآلاف من المجاهدين من مشارق الأرض ومغاربها ليلقوا بأنفسهم في أتون هذه الحرب، راغبين بالموت تحت راية الجماعة، عن الحياة في ظل جاهلية الفصائل والأحزاب.

عليهم أن يراجعوا أنفسهم، ويعيدوا صياغة خططهم على هذا الأساس، وإن أرادوا الانتصار حقا -ولن يكون لهم ذلك بإذن الله- فعليهم الانتظار طويلا حتى يباد جيل كامل من المسلمين كان شاهدا على قيام الدولة الإسلامية، وإعادة الخلافة، ومتابعا لقصة صمودها ضد أمم الكفر كلها، جيل عرف التوحيدَ، ورأى أصحابَه، وتعلم كيف يجعل من عقيدة الولاء والبراء واقعا معاشا، وكيف يجعل من الكتاب والسنة واتباع السلف منهج حياة.

عليهم الانتظار حتى ينتهي كل هذا الجيل، ليعيدوا إنتاج الجيل الذي تربّى على أيدي الطواغيت، ونشأ في رعاية الأحزاب الضالة، وعلى أيدي مشايخ السوء وعلماء السلاطين، لأن الجيل الذي عاش في ظل الخلافة، أو عايش ملاحمها قادر -بإذن الله- على إبقاء رايتها مرفوعة، كما كان الجيل الذي نشأ في ظل دولة العراق الإسلامية، قادرا على إعادتها بشكل أقوى مما سبق بعدما ظن الصليبيون وعملاؤهم أنها اندثرت وزال ذكرها من الأرض.

إن دولة الإسلام باقية بإذن الله، وإن الخلافة باقية بإذن الله، على منهاج النبوة، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ
...المزيد

أبو جليبيب الإعلامي كتاباتي ستشرب من دمائي لتعلن أنّ في موتي حياتي كثيرون هم الذين يناصرون ...

أبو جليبيب الإعلامي
كتاباتي ستشرب من دمائي
لتعلن أنّ في موتي حياتي


كثيرون هم الذين يناصرون المجاهدين بأقلامهم وألسنتهم، وكثيرون هم الذين يتمنّون أن ينتقلوا من الجهاد باللسان إلى الجهاد بالسيف والسنان، ولكن قليل منهم من يجتهد في طلب ذلك والحرص عليه، حتى يصل إلى الثغور، ويسقي كلماته من دمائه كؤوسا ترتوي منها، فتزهر ورودا يفوح عبقها، فتملأ الأرجاء بريح طيبة، تستهوي أفئدة غيرهم من المناصرين، الذين يتعلمون ممن سبقهم حقيقة الطريق، ويرون بأعينهم جمال النهاية، ونتيجة صدق النية وصحة الغاية.

لم يكن يخطر ببال خالد إسماعيل وهو يتابع أخبار انتصارات المجاهدين في المنتديات الجهادية، أن يكون يوما ما مشاركا في صناعة تلك الانتصارات، أو مبشِّرا بتلك الأخبار، كما لم يتخيل وهو ينشر صور الشهداء في شبكات التواصل أن تتناقل الصفحات صورته، ويترحم عليه إخوانه شهيدا تحت راية الخلافة، نحسبه كذلك.

لم يكن قد بلغ من العمر عشرين ربيعا عندما تعلّق قلبه بالجهاد وأهله، فصار لا يصبر على متابعة أخبارهم، وقراءة قصصهم، والتعرف على أحوالهم، بل ومحاولة التواصل معهم عن طريق المنتديات رغم معرفته بخطورة ذلك الأمر عليه، ولم يكن هذا التعلق تعصبا فارغا كالذي يعتري البعض حبا في البطولة، وتحيزا للشجعان، وإنما كان التزاما بالإسلام، وحبّا فيمن يعمل به، ويدافع عنه، فصار يلتزم الصلاة في المساجد، ولا يصاحب من الأقران إلا من شابهه في حبّه للمجاهدين، ونصرته لهم.

لم يطل عليه الزمن حتى وجد ساحة الجهاد قد اقتربت من دياره، وحتى صارت جبهات القتال على بعد أميال قليلة من مسكنه في مدينة القامشلي، فما طاب له القعود، ولا عاد يحتمل البعد عن إخوان كان يرجو الله أن يلقاهم وهو لا يعرف عنهم إلا صورا في الإصدارات، أو أسماء وهمية في المنتديات والشبكات، فخرج من دياره مهاجرا إلى الله، ليلتحق بالمجاهدين الذي كانوا في منطقة اليعربية بعد أن فتحها الله عليهم، حيث كان جنود الدولة الإسلامية حينها يعملون تحت مسمى «جبهة النصرة» وذلك قبل غدر أميرها، وشقه للصف، ونقضه للبيعة بمن معه من الخائنين المطاعين، أو السفهاء التابعين.

بقي أبو جليبيب معهم أكثر من شهر، تلقى فيها ضغوطا كبيرة من أهله للعودة، فعاد إلى دياره، بعدما أوهموه أن مرتدي الـ PKK قاموا باعتقال والدته لما بلغهم نبأ نفيره إلى الجهاد، فبقي مدة قصيرة متواريا عن الأنظار في مدينته، خوفا من الاعتقال، خضع بعدها لضغوط أهله بالسفر لإكمال دراسته الجامعية في الخارج، ليبعدوه عن ساحة الجهاد.

سافر كارها إلى قرغيزستان، حيث كان يعمل أبوه، لتلحقهم العائلة كلها إلى هناك، ليبدأ فصل جديد من الفتنة والمحنة، فتنة الدنيا، حيث الجامعة، والمجتمع الجاهلي المنحل، وأبواب المعاصي المشرعة، ومحنة إرهاق أبويه له بالملام لصدّه عن طريق الجهاد وتخويفه من نتائجه عليه وعليهم، حيث لم يكن له من نصير في بلاد الغربة تلك سوى أشقائه الصغار الذين اهتمّ بتربيتهم على الالتزام بالدين، وحبّ الجهاد.

لم يغب الجهاد عن بال أبي جليبيب، ولم تحرفه فتن دار الكفر عن دينه، كما لم تنجح ضغوط أهله في إخراج فكرة النفير من رأسه، فأشغل نفسه بدراسة اللغة الصينية راجيا أن ينفع المسلمين بتعلمها، أو الدعوة إلى الله باستخدامها ريثما يهيأ الله له سبيل الهجرة والنفير.

وفي ذلك الوقت لم يتوقف عن نشاطه في نصرة الدولة الإسلامية، فكان من أهم المناصرين في شبكات التواصل والمنتديات، يكتب بكنى عديدة، فينشر أخبار المجاهدين، ويساهم في دعمهم إعلاميا بإنشاء الحسابات، ورفع الإصدارات، والرد على إعلام الصحوات والمرجفين والطواغيت، دفاعا عن الدولة الإسلامية، ويتواصل مع جنود الدولة الإسلامية ممن كان يعرفهم في نفيره الأول، فيستزيد من كلامهم رغبة في النفير، ويرفع ببشائرهم همّته، ويقوّي بتذكيرهم له من عزيمته على الهجرة والنفير.


كم من محنة أخفت في طياتها منحة! فمع ازدياد ضغط أهله عليه لينزع فكرة النفير من ذهنه، ويترك متابعة أخبار المجاهدين، ويتوقف عن إطلاع إخوانه على إصداراتهم، وصل الأمر به إلى درجة لم يعد يطيق فيها الصبر على أذاهم، فعزم على فراقهم، والهجرة إلى دار الإسلام، والنفير إلى ساحات الجهاد من جديد، وأعانه على ذلك تعلق أخيه الأصغر به، ورغبته في أن يكون صاحبه في طريق الهجرة، ونصيره في أرض الجهاد.

خرجا من بيتهما لا يعرفان أين يتوجهان، فأمضيا يومهما تائهين في المدينة، لا يدريان كيف يبدآن رحلة الهجرة إلى الشام التي تفصلهم عنها آلاف الأميال، ولا يملكان من تكاليف الرحلة ما يعينهما عليها، بل إنهما اضطرا إلى بيع هواتفهما ليشتريا بأثمانها الطعام والشراب.

◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من قصة شهيد:
أبو جليبيب الإعلامي
...المزيد

الاستهزاء بالدين صفة الكفار والمنافقين إنّ للكلمة في دين الله تعالى شأنا عظيما، فبكلمةٍ يدخل ...

الاستهزاء بالدين صفة الكفار والمنافقين


إنّ للكلمة في دين الله تعالى شأنا عظيما، فبكلمةٍ يدخل المرءُ للإسلام، وبكلمةٍ يخرج منه.

فبتلفظ كلمة التوحيد (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ينتقل الكافرُ الأصلي من الكفر إلى التوحيد، وكذا بتلفَّظه بكلمة كفرٍ؛ يخرجُ المسلم من ملة الإسلام، فيرتدُّ عن دين الله.

وهذا الحكم الذي يفجع بعض الأسماع ويُبلغ بعض القلوب الحناجر ليس بدعا من القول، وما هو باجتهاد عالم، ولا بقانون حاكم، لا، بل هو نصّ كلام رب العالمين جلّ جلاله، كلامه في كتابه العظيم ووحيه سبحانه لرسوله الأمين، صلوات الله وسلامه عليه، قال الحقُّ تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [سورة المائدة: 17]، وقال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [سورة المائدة: 73]، وقال سبحانه: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} [سورة التوبة: 74]، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا، يهوي بها سبعين خريفا في النار) [صحيح، رواه الترمذي وغيره]، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: (وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوهم إلا حصائدُ ألسنتهم؟!) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح].

وغير ذلك من الآيات والأحاديث الصريحة التي تقرر كفر العبد بكلام يقوله، وأكثر الكلام الذي يُخرج العبدَ من الإسلام هو السبُّ والاستهزاء، ونقصد بالسبِّ والاستهزاء: أيَّ مقولة أو كتابة أو فعل - كإشارة بيد أو إخراج لسان أو غمز بعين وغير ذلك - فيه سخرية أو هزل أو تنقّص أو شتم أو طعن أو لَــمْز بالدِّين وشعائره!

- الاستهزاء بالدين من خصائص الكفار:

والاستهزاء بالدِّين وأهله من أخص صفات الكفار في الأمم الغابرة مع أنبيائهم -عليهم الصلاة والسلام- قال تعالى: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (*) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [سورة الزخرف: 6-7]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (*) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [سورة الحجر: 10-11]، وقال تعالى عن قوم نوح، عليه السلام: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [سورة هود: 38]، وقال تعالى عن استهزاء فرعون بموسى، عليه السلام: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [سورة الزخرف: 52]، وكذلك فعل كفار قريش مع نبينا -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله تعالى: {وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا} [سورة الأنبياء: 36].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: «فاستهزؤوا بالرسول صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن الشرك، وما زال المشركون يسُبُّون الأنبياء ويصفونهم بالسفاهة والضلال والجنون إذا دعوهم إلى التوحيد، لِـما في أنفسهم من عظيم الشرك، وهكذا تجد مَنْ فيه شَبَهٌ منهم إذا رأى من يدعو إلى التوحيد استهزأ بذلك، لِـما عنده من الشرك» [مجموع الفتاوى].

وكما استهزأ الكفار بالأنبياء استهزؤوا بآيات الله، كما قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا} [سورة الكهف: 56]، وقال سبحانه: {وَإِذَا رَأَوْا آَيَةً يَسْتَسْخِرُونَ} [سورة الصافات: 14].

واستهزؤوا بالموحدين المؤمنين أيضاً، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [سورة البقرة: 212]، وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (*) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (*) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} [سورة المطففين: 29-31]، ويقولُ الله -جلّ جلاله- يوم القيامة تبكيتاً للكافرين إذا توسلوا الخروج من النار والرجوع للدنيا بقولهم: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (*) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (*) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (*) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [سورة المؤمنون: 107-110].



◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
الاستهزاء بالدين صفة الكفار والمنافقين
...المزيد

أمير ديوان الحسبة: قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه - صدر قرار بمنع استخدام أجهزة استقبال ...

أمير ديوان الحسبة:
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه


- صدر قرار بمنع استخدام أجهزة استقبال القنوات الفضائية في أراضي الدولة الإسلامية وأمر بإزالتها، فهل يمكن أن تبيّن لنا أهمية هذا القرار؟
الحمد لله العظيم الحليم، الذي أحلّ لعباده الطيّبات وحرّم عليهم الخبائث، والصلاة والسلام على من أنزل الله عليه القرآن، فرقانا بين الخير والشر، وبعد.

فإن الله عز وجل أوجب على المسلمين اتخاذ الإمام، وأوجب عليهم طاعته، وأوجب على الإمام أن يسوس رعيته بالشريعة، فيقيم فيهم الدين، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فما من طاعة واجبة إلا ووجب على الإمام أن يدعو المسلمين إليها، ويأمرهم بها، ويعاقب من يتخلّف عن القيام بها، وما من معصية لله إلا ووجب عليه أن ينهى الناس عنها، ويعاقب من يصرّ على اقترافها.

ومن هذا الباب كان واجبا على الإمام أو من ينوب عنه أن ينهى المسلمين عن مشاهدة القنوات الفضائية لما فيها من ضرر كبير على دين المسلمين ودنياهم، وبما أنه لا يمكن –في العادة– مشاهدة هذه القنوات في أراضي الدولة الإسلامية إلا عن طريق جهاز الاستقبال المسمى بـ «الستلايت» أو «الدش» أو ما شابه، فإن النهي يتسع هنا ليشمل حيازة هذا الجهاز الذي تتم المعصية من خلاله، بناء على القاعدة الشرعية أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.


- حبذا لو تشرح لنا الضرر على دين المسلمين ودنياهم في متابعة القنوات الفضائية؟

ضرر القنوات على الدين لم يعد يخفى على أحد من المسلمين، فمنظومة القنوات الفضائية بكاملها واقعة تحت سيطرة أعداء الإسلام من الصليبيين وسائر الطواغيت، وهؤلاء لا يقرّ لهم قرار حتى يردّوا المسلمين عن دينهم، والقنوات الفضائية هي أهم وسائل إفسادهم للدين، من خلال تشويه عقيدة التوحيد والطعن في أهلها والاستهزاء بالدين وشعائره، ونشر عقائد أهل الباطل كالعلمانية والديموقراطية والإلحاد والنصرانية والرفض والصوفية وغيرها، وكسر عقيدة الولاء والبراء، من خلال الدعوة للولاء الوطني والقومي وما شابه، وإنك لا تجد برنامجا إلا وفيه شيء من ذلك، قلّ أو كثر، بشكل ظاهر أو خفي.

بالإضافة إلى برامج المجون والموسيقى، والدعاية للفسق والمعاصي بمختلف أنواعها، وتعويد المشاهدين على رؤية المشاهد الخليعة، والعلاقات المحرّمة.

كذلك تحطيم مفهوم القدوة الصالحة، من خلال دفع الناس إلى الاقتداء بالكفار والمشركين، والفاسقين، وتصوير حياتهم على أنها الحياة المثالية التي يجب أن يسعى إليها كل إنسان.
هذا عدا عن إلهاء الناس عمّا ينفعهم في دينهم أو دنياهم، وإنك لتجد البعض يضيع جزءا كبيرا من يومه وليلته في متابعة تلك القنوات، فلا هو في عمل ينفعه في آخرته ولا هو في عمل ينفعه في دنياه، وهذا مما يكرهه الله لعباده.


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
أمير ديوان الحسبة
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه
...المزيد

أمير ديوان الحسبة: قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه - بعد قرار ديوان الحسبة في الدولة ...

أمير ديوان الحسبة:
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه

- بعد قرار ديوان الحسبة في الدولة الإسلامية بإزالة أجهزة استقبال القنوات الفضائية اشتعلت القنوات استنكارا للأمر، وانبرى الكثير من دعاة الضلالة ليثيروا الشبهات حول الموضوع، فما ردّكم على هذه الحملة؟

بالنسبة للقنوات الفضائية لا نستغرب هجومهم على القرار ومحاولتهم إقناع الناس بالاحتفاظ بأجهزة «الستلايت»، والاستمرار في متابعتها، فالأصل فيها أنها تأمر بالمنكر، وتستنكر المعروف، وهي ما أنشئت إلا لذلك، ولذلك فإن منع المسلمين من مشاهدة هذه القنوات سيلغي الحاجة إليها، وسيحرم مدراءها والعاملين فيها من ملايين الدولارات من أموال السحت التي تغدق عليهم من أموال الطواغيت، وأجهزة المخابرات الصليبيّة، حيث سيوجّه المشركون تلك الأموال إلى مجالات أخرى يستطيعون من خلالها بث سمومهم في عقول المسلمين.

أما بالنسبة للشبهات التي يلقيها دعاة الضلالة سواء منهم من تزيّا بزي الدين، أو من لبس لباس المحلّل السياسي، أو الخبير النفسي، فقد بينّا في جوابنا على سؤال سابق الحكم الشرعي للقضية، والمصالح المتحققة من وراء القرار، ولا داعي لتكرار الأمر.

وما يطرحونه من شبهات هم يردّون عليها بأنفسهم عندما يحاربون بكل ما استطاعوا لمنع الدولة الإسلامية من إيصال دعوتها للمسلمين، وتراهم يحذرون الطواغيت والصليبيين من إعلامها، مخافة أن يطلع المسلمون على الحقيقة، ويسيروا على طريق الهدى الذي أمرهم الله باتّباعه، فإن كانوا هم يعلمون خطورة وصولنا إلى الناس عليهم وعلى عملهم التخريبي، فكيف نسمح للمشركين والمفسدين في الأرض أن يصلوا إلى المسلمين الذين استرعانا الله دينهم ودنياهم فنسمح لهم بإضلالهم، وإفساد عقيدتهم وأخلاقهم.
وما يروجونه عن منافع للقنوات الفضائية يكفي للرد عليها أن نذكر إحصائية نشرها أحد الباحثين عن القنوات الفضائية العربية، حيث تبين له أن نصف هذه القنوات تقريبا، هي قنوات للموسيقا والرقص، والأفلام والمسلسلات، والرياضة، فأي نفع يتأتى للمسلم من متابعة هذه القنوات، بل إنها ضرر محض، وتضييع للدين والأوقات.

ولو نظرنا إلى النصف الثاني لوجدناه أشد ضررا على المسلمين، فإذا كان القسم الأول يركز على إثارة الشهوات وتضييع الأوقات، فإن القسم الثاني يستهدف العقائد والعقول، وخاصة ما تسمى بالقنوات الدينية التي تشرف عليها كلها أجهزة مخابرات الطواغيت، فتقدم من ترضى عنه من علماء السوء، ودعاة الضلال، فيخربون عقائد الناس بما يقدّمونه لهم على أنه الدين الصحيح، ولا يمكن لأحد أن يتكلم على تلك القنوات بما يخالف رغبة أجهزة المخابرات التي تشرف عليها، وأي قناة تحاول تجاوز هذا الخط قليلا يكون مصيرها الحذف فورا.

ولدينا أيضا القنوات الإخبارية التي يزعم كل منها الحياديّة، في حين أنها جميعا موجهة لنشر الأفكار المحاربة للإسلام، بهذا الاتجاه أو ذاك، وتشويه الحقائق، وتسويق الأحداث بما يخدم أهداف المشرفين عليها، سواء من الصليبيين أو سائر الطواغيت، وكذلك فهي تساهم بشكل كبير في الحرب الصليبية ضد الدولة الإسلامية عن طريق نشر الأخبار الكاذبة، وتسويق الأفكار الخاطئة على أنها تحليلات سياسية أو ما شابه.

ولعلك تذكر في مواقف عديدة كيف شاركت القنوات الإخبارية في الحرب الصليبية على الدولة الإسلامية، حيث أثارت الخوف والهلع لدى مرضى القلوب من المسلمين، ودفعت الكثير منهم إلى ترك مدنهم وقراهم دون سبب إلا ما سمعوه من تلك القنوات عن انتصارات وهمية للمرتدين، أو سقوط للمدن والقرى قبل أن تصلها المعارك أصلا.


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
أمير ديوان الحسبة
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه
...المزيد

أمير ديوان الحسبة: قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه - كيف بدأت قضية منع أجهزة استقبال ...

أمير ديوان الحسبة:
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه


- كيف بدأت قضية منع أجهزة استقبال القنوات الفضائية في الدولة الإسلامية؟ وكيف تم تطبيق هذا المنع؟

أكثر الناس يظنون أن هذا الأمر وليد اليوم والليلة، وهذا ليس صحيحا، بل هو يعود إلى سنوات، فالدولة الإسلامية منذ قيامها تبنّت مسألة إزالة هذا المنكر، ولعلك تذكر أن الشيخ أبا عمر البغدادي تقبله الله خصص للموضوع جانبا من إحدى كلماته التي بين فيها عقيدة الدولة الإسلامية ومنهجها فقال فيها: «نرى تحريم كل ما يدعو إلى الفاحشة ويدعو عليها كجهاز الستالايت»، ولم تتوقف دعوة المجاهدين للمسلمين لإزالة هذا المنكر، ولكن لم تتوفر حينها الإمكانية لإلزام من امتنع من إزالته بسبب الهجمة الصليبية الرافضية وانحياز المسلمين من المدن تحت ضغط هذه الهجمة.

وبقي الأمر على هذه الحال من الاكتفاء بالدعوة حتى عودة الخلافة وتنصيب الشيخ أبي بكر البغدادي حفظه الله إماما للمسلمين، مع ما تضمّنه الأمر من التمكين والاستطاعة فبدأ العمل على إزالة هذ المنكر على مراحل متتابعة بدأت بتكثيف الجانب الدعوي لتنبيه المسلمين إلى هذا المنكر، وتوعيتهم بحرمته ثم تم البدء بخطة الإلزام.

فبدأنا أولا بإلزام جنود الدولة الإسلامية بإخراجه من بيوتهم، وذلك بأمر صادر من اللجنة المفوضة التي تنوب عن أمير المؤمنين ثم بدأ تطبيق الأمر على سائر الرعية بإزالته من الأسواق والأماكن العامة، ثم بإبلاغ التجار ومحلات الإلكترونيات بالامتناع عن بيع هذه الأجهزة أو شرائها أو إصلاحها، وذلك لإفراغ الأسواق من هذا الجهاز الخبيث، ومنع تعويض الأجهزة التالفة أو المصادرة فيما بعد.

ثم جاءت المرحلة الأخيرة وذلك بأمر المسلمين بتسليم ما يملكون من هذه الأجهزة إلى ديوان الحسبة ليتم التخلص منها وذلك بالترافق مع حملة إعلامية ودعوية مكثّفة آتت أكلها بفضل الله، وقد وُضعت هذه المراحل حسب استطاعة الإخوة العاملين على هذا الأمر في الديوان.
- لماذا بدأتم بتطبيق المرحلة الأخيرة مع حلول شهر رمضان الكريم؟

إنكار المنكرات لا يختص بشهر دون شهر بل متى ما وجد المسلمون منكرا وجب عليهم إزالته، حسب حاله وحال القدرة على إزالته.

أما بالنسبة لتخصيصنا شهر رمضان بأمر المسلمين في الدولة الإسلامية بالتخلص من أجهزة الاستقبال الفضائي، فهذا عائد أولا للمراحل التي تم وضعها في خطة إزالة هذه المنكر والتي كان كل منها يقتضي فترة من العمل حتى وصلنا إلى هذا الشهر.

وبالإضافة لذلك فإن استجابة المسلمين للأمر بالمعروف تكون أكبر وانتهاءهم عن المنكرات يكون أولى بسبب زيادة الطاعات والعبادات من صيام وقيام وذكر لله وصدقة وغيرها.

ولا ننسى أيضا أن أهل الباطل يجعلون من هذا الشهر هدفا لهم ليفسدوا على الناس عباداتهم ويصدوهم عن سبيل الله فيه فترى أن المنكرات على القنوات الفضائية من مسلسلات مفسدة ومهرجانات الفاحشة ومحاضرات علماء السوء ودعاة الضلالة تكون أضعاف ما تكون في بقية شهور السنة، لذلك كان الواجب أن نتقصّد نحن هذا الشهر بمنعهم من نشر منكراتهم ومنع المسلمين من إتيان المعاصي في شهر الصوم الذي تضاعف فيه أوزار المعاصي كما تضاعف فيه أجور الطاعات.

- وكيف وجدتم استجابة المسلمين للأمر بتسليم ما يمتلكون من أجهزة الستلايت؟ وما الإجراءات التي ستتخذ بحق من امتنع عن تسليمها وأصرّ على حيازتها؟

الحمد لله وحده، كانت استجابة المسلمين للأمر فوق ما نتوقع، فقد استلمنا في مراكز الحسبة في مختلف الولايات وخلال الأيام الأولى من القرار، عشرات الآلاف من الأجهزة وملحقاتها وبات أمرا مألوفا أن تجد الناس في الشوارع وهم يحملون أجهزتهم ليسلموها إلى مراكز الحسبة.

بل ومما يزيد المؤمن فرحا أن تجد المسلم يتخلص من هذا الجهاز مطمئنا لصحة ما يفعل حيث يقومون بأنفسهم بتحطيم تلك الأجهزة داخل مراكز الحسبة، وينصرفون إلى بيوتهم، مأجورين بإذن الله تعالى.

أما من امتنع عن تسليمه بنفسه طائعا وبلغنا أمره، فإننا سنلزمه بتسليمه مرغما وستكون لنا معهم إجراءات ستتخذ بحقهم لاحقا، والمسلمون مقبلون بأنفسهم بفضل الله على الأمر، ولن نبدأ باتخاذ الإجراءات بحق من يمتنع إلا بعد أن نتأكد من أنه لم يبق أحد ممن يريد تسليم جهازه طوعا، وتأخر لعذر أو مانع، أو لجهل بالقرار، وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث.

وأريد هنا أن أنوّه إلى الثمرة المباركة للدورات الشرعية لعامة المسلمين التي قام بها الإخوة في ديوان الدعوة والمساجد، فقد كان لها أثر كبير في تعليم المسلمين أمر دينهم وبذلك سَهُلت على من هداه الله الاستجابة لأي أمر شرعي يأتيهم، فقد بتنا نرى المسارعة في استجابة الناس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك بترغيبهم بطاعة الله، وهذا ما لمسناه جليا في حملتنا على أجهزة الستلايت حيث تخلى عنها الكثير من المسلمين رغم اعتيادهم عليها وتعلقهم بها، ولله الحمد من قبل ومن بعد.


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
أمير ديوان الحسبة
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه
...المزيد

أمير ديوان الحسبة: قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه - زعم بعض الناس أنه يمكن معالجة الشبهات ...

أمير ديوان الحسبة:
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه


- زعم بعض الناس أنه يمكن معالجة الشبهات والشهوات من خلال دعوة الناس إلى التوحيد وفعل الطاعات وترك المنكرات، فكيف تردون على ذلك؟

الأصل في الدين إزالة المنكرات وأسبابها الحقيقية، مع الدعوة إلى المعروف، لكن أن تدعو إلى المعروف وتترك من يدعو إلى المنكر بأضعاف ما تستطيع أن تقوم به فهذا إفساد لما تدعو إليه، وإننا نعرف هذا من فعل النبي، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، وسائر السلف الصالح.
فقد قام صلى الله عليه وسلم بهدم مسجد بناه المنافقون ليصدوا المسلمين عن مسجد رسول الله، وليتخذوه منطلقا لمؤامراتهم على الإسلام وأهله، فإذا كان مسجد الضرار وهو مسجد يُصلى ويُذكر الله فيه، يُهدم إن أقيم للإضرار والتفريق بين المؤمنين وإيواء المنافقين، فكيف بك مع القنوات الفضائية التي ما أنشأت إلا للصد عن سبيل الله!

وقد كان الصحابة والتابعون يمنعون أهل البدع في الدين من الجلوس إلى الناس والتحديث ببدعهم، ويأمرون الناس بهجرهم، فكيف بك اليوم وقد صار كلام أهل البدع والضلال داخل بيوت المسلمين، يسمعه الجاهل، والمفتون، ومن في قلبه مرض! فمنع هذا من باب أولى.

وإننا نرى من خلال عملنا ومعايشتنا للناس حجم الضرر، فالناس في المساجد تسمع الدعوة إلى التوحيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا عادت إلى بيوتها سمعت الدعوة إلى الشرك، والأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، مع تزيين، وشبهات، وفتنة الأسماء والألقاب.

كل هذا يصدّ الناس عن قبول الحق والعمل به، ويجعلهم دائما في حال من الشك والريب، مهما سمعوا من أدلة صحيحة من كلام الله وسنّة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وبالتالي لا يمكنك أن تبني، وتترك غيرك يهدم ما تبنيه، ولا أن تزرع، وتترك غيرك يفسد ما زرعت، ومن هذا الباب كان منع المسلمين من مشاهدة القنوات الفضائية وسيلة لإزالة بعض ما يصدّهم عن الهدى، ويجنّبهم طرق الضلال.

وكما قال عليه الصلاة والسلام في وصف أقوام من المسلمين: (عَجِبَ الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل) [رواه البخاري]، فنحن سنقوم بذلك بإذن الله، سندفع أنفسنا والمسلمين إلى الجنة دفعا، ونذودهم عن الوقوع في النار ذودا، وهذا هو الأساس في إقامة الدولة الإسلامية أن تسوس الناس في كل شؤون دينهم دنياهم بما ينفعهم، فهي كالأب والأم للمسلمين، ولا يعقل من أب صالح أن يرى أولاده يلقون بأنفسهم في النار فيتركهم وشأنهم.


- كيف بدأت قضية منع أجهزة استقبال القنوات الفضائية في الدولة الإسلامية؟ وكيف تم تطبيق هذا المنع؟

أكثر الناس يظنون أن هذا الأمر وليد اليوم والليلة، وهذا ليس صحيحا، بل هو يعود إلى سنوات، فالدولة الإسلامية منذ قيامها تبنّت مسألة إزالة هذا المنكر، ولعلك تذكر أن الشيخ أبا عمر البغدادي تقبله الله خصص للموضوع جانبا من إحدى كلماته التي بين فيها عقيدة الدولة الإسلامية ومنهجها، فقال فيها: «نرى تحريم كل ما يدعو إلى الفاحشة ويدعو عليها كجهاز الستالايت»، ولم تتوقف دعوة المجاهدين للمسلمين لإزالة هذا المنكر، ولكن لم تتوفر حينها الإمكانية لإلزام من امتنع من إزالته، بسبب الهجمة الصليبية الرافضية، وانحياز المسلمين من المدن تحت ضغط هذه الهجمة.
وبقي الأمر على هذه الحال من الاكتفاء بالدعوة حتى عودة الخلافة، وتنصيب الشيخ أبي بكر البغدادي حفظه الله إماما للمسلمين، مع ما تضمّنه الأمر من التمكين والاستطاعة، فبدأ العمل على إزالة هذ المنكر على مراحل متتابعة، بدأت بتكثيف الجانب الدعوي لتنبيه المسلمين إلى هذا المنكر، وتوعيتهم بحرمته، ثم تم البدء بخطة الإلزام.

فبدأنا أولا بإلزام جنود الدولة الإسلامية بإخراجه من بيوتهم، وذلك بأمر صادر من اللجنة المفوضة التي تنوب عن أمير المؤمنين، ثم بدأ تطبيق الأمر على سائر الرعية بإزالته من الأسواق والأماكن العامة، ثم بإبلاغ التجار ومحلات الإلكترونيات بالامتناع عن بيع هذه الأجهزة أو شرائها أو إصلاحها، وذلك لإفراغ الأسواق من هذا الجهاز الخبيث، ومنع تعويض الأجهزة التالفة أو المصادرة فيما بعد.

ثم جاءت المرحلة الأخيرة وذلك بأمر المسلمين بتسليم ما يملكون من هذه الأجهزة إلى ديوان الحسبة ليتم التخلص منها، وذلك بالترافق مع حملة إعلامية ودعوية مكثّفة آتت أكلها بفضل الله، وقد وُضعت هذه المراحل حسب استطاعة الإخوة العاملين على هذا الأمر في الديوان.


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
أمير ديوان الحسبة
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه
...المزيد

أمير ديوان الحسبة - هل من كلمة أخيرة، أو رسائل توجهها للمسلمين في هذا الشهر الكريم؟ رسالتنا ...

أمير ديوان الحسبة

- هل من كلمة أخيرة، أو رسائل توجهها للمسلمين في هذا الشهر الكريم؟

رسالتنا الأولى هي للمجاهدين في الثغور، فنقول لهم: جزاكم الله خيرا، وتقبّل منكم أعمالكم، فما من حدّ يقام في هذه الأرض، ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، إلا ولهم فيه نصيب من الأجر بإذن الله، كيف لا ولولا فضل الله ثم رباطهم وجهادهم لاستولى عليها الكفار وأحالوها دار كفر وطبّقوا فيها أحكامهم الجاهلية، وأمروا فيها بالمنكر ونهوا عن المعروف!

فالله الله في رباطهم، وليلزم كل منهم ثغره، ولا يؤتينّ المسلمون من قبله، وليتذكر دائما أنه لا يحمي قطعة من الأرض، وبيوتا من إسمنت وطين وحسب، ولكنه في المقام الأول يحمي دين المسلمين ودماءهم وأعراضهم.

وإننا نرى أن المشركين إذا سيطروا على قطعة من الأرض، فأول ما يقومون به هو الإعلان عن نزع الحجاب، وإباحة ارتكاب المعاصي من دخان وموسيقى واختلاط وما شابه، ويجهرون بالكفر والعداء لشريعة ربّ العالمين، وما ذلك إلا دليل على أن حربهم علينا إنما هي من أجل ديننا، وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، الذي لا يمكن أن يتم إلا تحت حكم الإسلام.

وليعلم كل منهم أن رباطه ليوم أو ليلة، هو خير من صيام القاعد وقيامه، فكيف بالمرابط اليوم، وقد جمع بين ثوابي الصيام والقيام، والرباط والجهاد!

ورسالتنا الثانية هي للمسلمين عموما، أحذرهم من معصية القعود عن الجهاد بالنفس والمال والركون إلى الدنيا الفانية، ثم أذكرهم ونفسي بفضل هذا الشهر العظيم، فلا يفوتنهم إلا وقد حصّلوا فيه من الطاعات الخير الكثير، وخاصة في العشر الأواخر منه، والتي فيها ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر كما أخبر ربنا سبحانه وتعالى.


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
أمير ديوان الحسبة
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه
...المزيد

الاستهزاء بالدين صفة الكفار والمنافقين - الاستهزاء بالدين من خصائص المنافقين: والسبّ ...

الاستهزاء بالدين صفة الكفار والمنافقين

- الاستهزاء بالدين من خصائص المنافقين:

والسبّ والاستهزاء من صفات المنافقين، الذين فضحهم الله تعالى بقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (*) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [سورة البقرة: 13-14]، وبقوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} [سورة التوبة: 64]، وبقوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة التوبة: 79].

قال ابن كثير: «وهذه -أيضا- من صفات المنافقين: ألّا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم، إنْ جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا: هذا مُرَاءٍ، وإن جاء بشيء يسير قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا» [تفسير القرآن العظيم].

هكذا حال الكافرين والمنافقين كما قصّه القرآن الكريم، أما في عصرنا هذا، فقد صار الاستهزاء والسبّ ظاهرة مشهورة! تفشَّتْ واستُسيغتْ بين كثير من المنتسبين إلى الإسلام، وانتشرتْ وراجتْ في بلاد الكافرين، حتى تنافس عباد الصليب وأحفاد القردة وبني علمان والروافض والملحدون... تنافسوا على الجهر بسبّ الربّ والدِّين والرَّسول صلى الله عليه وسلم والقرآن، وسبِّ أهل العلم والدِّين وأهل الصلاح والمجاهدين وأهل الأثر والموحدين ...

ولا غرابة أن يتجرّأ هؤلاء الحثالة على حرمات الله، يوم وجدوا لسخريتهم صدى في البلدان المسماة زورا إسلامية، فترى السبّ والاستهزاء في هذه البلاد يجري على ألسنة من ينتسب للإسلام، على ألسنة الشعراء والكتّاب والصحفيين والممثلين والمغنين ومقدمي البرامج والسياسيين، بل حتى على ألسنة كثير من عوام الناس في الشوارع والأسواق إذا تشاجروا وتعاركوا، وأحيانا يجعلون الاستهزاء فاكهة مجالسهم، فيتنادمون ويتبارون بإلقاء (النكات) التي فيها استهزاء صريح، ولا ثمة حسيب ولا رقيب، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

فإذا أراد من حرّكته الحمية أن ينتصر لدين الله هنالك في تلك البلاد؛ فغاية ما بيده أن ينصح السابّ والمستهزئ، ليَلقى -الناصحُ لا المنصوح!- وبالَ أمره على يد جنود الطاغوت، ولينتهي به الأمر في غياهب السجون! وربما عوقب المستهزئ والسابّ بغرامة مالية زهيدة يسدّدها على التراخي حسب استطاعته، أو بسجن في فندق «خمس نجوم»، يخرج منه في أول يوم بكفالة كفيل، كل هذا الكفر البواح يحصل يوميا في تلك البلدان التي تضحك على الناس بأنها دول «إسلامية» بل ودولة «توحيد» كدُويلة آل سلول، أزال الله ملكها وأنجى المسلمين من طغيانهم.

هذه هي ظاهرة السبّ والاستهزاء بالدّين اليوم في الأرض، كلّ الأرض، عدا دار الإسلام، أرض الخلافة المحروسة، فإنَّ تلك الظاهرة الخبيثة مقموعة ولله الحمد، ففي بقاع الدولة الإسلامية -أعزَّها الله- حيث سلطان الشريعة هو السائد وشرع الله هو الحاكم، فإن السبّ والاستهزاء بالدّين وشعائره ردة وكفر يستتاب من يتلبّس به -إن كان السبّ والاستهزاء من النوع الذي تُقبل التوبة فيه- فإن تاب عُزّر أشد التعزير، وإن لم يتب ويرجع ويرضخ، قُتل كفراً كما تُقتل الكلاب السائبة، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، ولا يرثُه أقاربُه...
فليحذر المسلمون من أي كلام فيه استهزاء بالله تعالى أو بصفة من صفاته أو اسم من أسمائه، أو رسله وأنبيائه، أو ملائكته، أو كتبه، أو بالقدر، أو دين الإسلام، أو شعيرة من شعائره، وليحرص كل مسلم على كلام أهله فلا يرضى لهم إلا ما صلح منه، وليحذّر كل امرئ جليسه إذا ما زلّ لسانه بشيء من المحظور، أو ليبلغ عنه الإمام أو من ينوب عنه ليعاقبوه بما يستحق.

أما في دار الكفر التي يسرح فيها المستهزئون بدين الله، ويزدادون تطاولا على حرمات الله، فما للمسلمين هناك إلا أن يثأروا لدينهم وأن يقيموا حكم الله في هؤلاء الكفار، بأن يقتلوا كلّ من ثبت عليه استهزاء بالدين وطعن فيه وانتقاص منه، كما قال تعالى: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) [سورة التوبة : 12]، ففي ذلك تخويف لأمثالهم أن يعودوا لمثل ذلك أبدا، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
الاستهزاء بالدين صفة الكفار والمنافقين
...المزيد

تعدّدُ الزّوجاتِ من منهاجِ النبوّةِ فأما الغيرة فهي شعور جِبِلِّي فطرت عليه جميع النساء، ولو ...

تعدّدُ الزّوجاتِ من منهاجِ النبوّةِ

فأما الغيرة فهي شعور جِبِلِّي فطرت عليه جميع النساء، ولو كانت المرأة لا تستطيع العيش مع وجود هذا الشعور الغريزي، لما حمّلها الله فوق ما تطيق، ولكنه سبحانه يعلم وهو العليم الخبير أن المرأة تستطيع تحمّل هذا الشعور، وها هي أم المؤمنين الصدّيقة بنت الصدّيق عائشة -رضي الله عنها وعن أبيها- يروى عن غيرتها الشيء الكثير، غير أن غيرتها غيرة طبيعية محمودة يضبطها الشرع وتقوى الله والخشية من عقابه، وإن كانت الأخت المسلمة مقتدية ولا بد، فلتكن عائشة قدوتها، عائشة التي صبرت واحتسبت وهي ترى النبي -صلى الله عليه وسلم- يتزوج عليها سبعا من النساء، ولم تعارض شرع ربها ولم تعاند زوجها وتطلب منه الطلاق كما تفعل بعض المسلمات بحجة الغيرة، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحذّر النساء من أمر خطير، حيث قال: (أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة) [رواه أحمد وأبو داود والترمذي]، فلتحذر المسلمة من مغبة طلب الطلاق أو السعي إلى الخلع لمجرد أن زوجها يريد حقه الشرعي وهو الزواج بثانية أو ثالثة أو رابعة.

وتأملي يا رعاك الله هذا القول العظيم: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [سورة التحريم: 5]، هل تعلمين لمن وُجِّه هذا الخطاب الرباني؟ لأمهات المؤمنين سيدات بيت النبوة أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا وفي الجنة! فهلا عَرَفتْ من هي دونهن من النساء قدرها، واتقت ربها، وأطاعت زوجها في غير معصية ربّها!

وأما الخوف من ظلم الزوج والخشية من عدم عدله بين الزوجات وسوء الظن به، فلا يبيح للمسلمة معارضة زوجها فيما أباحه له الله ربه وربها، الذي يحذّر الرجال بقول واضح صريح: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [سورة النساء: 3]، وعن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل) [أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه].

وجلّ النساء -إلا من رحم الله- دليلهن أنّ الرجل المُعدد سيظلم ويجور الآية الكريمة: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [سورة النساء: 129]، وهذا فهم خاطئ لأن العدل المذكور هنا إنما هو العدل فيما يخص المشاعر والميول القلبية، التي لا يملك منها العبد شيئا وهي بيد الله تعالى، وقد نزلت هذه الآية بعد آية: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}، فرفعت الحرج عن المؤمنين الذين ظنوا أن العدل المقصود إنما هو العدل بإطلاقه، فجاءت رحمة الله تعالى لتبين المقصود وترفع الحرج.

علما بأن المسلمة متى ما انقادت لأمر الله تعالى وأذعنت لشرعه، فلن يترها الله عملها ولن يخيبها ولن يظلمها زوجها بإذن الله تعالى، إلا أن يشاء الله ابتلاءها ليعلم مدى صبرها وإيمانها.

وأما تحجج بعض المسلمات بحدوث مشاكل وخصومات إثر زواج الزوج فليس أهون من الرد عليهن بسؤالهن، هل خَلَت بيوتكن قبل أن يفكر الزوج في الزواج من المشاكل؟! ثم هل إذا تحلّت كل زوجة بتقوى الله ستزيد المشاكل والمشاحنات أم ستقل؟ بل ستقل حتما ولربما غابت واضمحلت.
أختي المسلمة أحذرك من مغبة الانسياق وراء ما يوسوس به شيطانك لك وبعض الصويحبات من القول بأن زوجك إنما يريد الزواج لنقص في محبته لك، أو لتقصير بحقه منك، فهل يقال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد تزوج على عائشة وبقية أمهات المؤمنين زهدا فيهن أو لتقصيرهن؟ حتما لا، بل إن عائشة -رضي الله عنها- كانت أحب النساء إليه ولم يمنعه ذلك من الزواج عليها، واعلمي أن محبة زوجك لك قد تزيد بعد زواجه لما قد يراه منك من طاعة ورضا وصبر.

أختي المسلمة، إن الله تعالى يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [سورة الأحزاب: 36]، فاحذري أن تكوني بما تفعلين ممن يعصي الله ورسوله فيضل ضلالا مبينا، بل كوني من أهل هذه الآية: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (*) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [سورة النور: 51 – 52].


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
تعدّدُ الزّوجاتِ من منهاجِ النبوّةِ
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً