صحيفة النبأ العدد 37 دين الإسلام وجماعة المسلمين إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله ...

صحيفة النبأ العدد 37
دين الإسلام وجماعة المسلمين

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

هذه السلسلة في بيان حقيقة الإسلام وضرورة الجماعة، نسأل الله أن يفقّهنا وإيّاكم في الدين ويثبّتنا على لزوم جماعة المسلمين.

قال الله، جلّ وعلا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [سورة المائدة: 5]، وقال جلّ وعلا: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [سورة آل عمران: 19]، وقال جلّ وعلا: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سورة آل عمران: 85].

فالدين الذي رضي الله للناس والذي لا يقبل منهم سواه هو الإسلام، وحقيقته لغة وشرعا: السلامة -أي الإخلاص- والاستسلام -أي الانقياد- لله.
قال أبو العباس بن تيمية، رحمه الله: «الإسلام هو الاستسلام لله وحده، ولفظ الإسلام يتضمّن الإسلام، ويتضمّن إخلاصه لله... فمن لم يستسلم له، لم يكن مسلما، ومن استسلم لغيره كما يستسلم له، لم يكن مسلما، ومن استسلم له وحده، فهو المسلم، كما في القرآن: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سورة البقرة: 112]، وقال: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [سورة النساء: 125]» [النبوات].

وقال رحمه الله: «الإسلام الذي هو دين الله الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله... هو أن يسلم العبد لله رب العالمين فيستسلم لله وحده لا شريك له ويكون سالما له بحيث يكون متألّها له غير متألّه لما سواه، كما بيّنته أفضل الكلام ورأس الإسلام وهو شهادة أن لا إله إلا الله؛ وله ضدان: الكبر والشرك، ولهذا رُوي أن نوحا -عليه السلام- أمر بنيه بلا إله إلا الله وسبحان الله ونهاهم عن الكبر والشرك [رواه أحمد عن عبد الله بن عمرو]... فإن المستكبر عن عبادة الله لا يعبده فلا يكون مستسلما له، والذي يعبده ويعبد غيره يكون مشركا به فلا يكون سالما له بل يكون له فيه شرك؛ ولفظ الإسلام يتضمن الاستسلام والسلامة التي هي الإخلاص» [الفتاوى]، «وكل واحد من المستكبرين والمشركين ليسوا مسلمين» [النبوات].

فلا يكون المرء مسلما إلا بالتزام الإسلام بهذين المعنَيين، فمن لم يستسلم لله -كمن ترك جنس العمل أو امتنع بشوكة عن بعض الشرائع الظاهرة المتواترة- لم يكن إلا كافرا، ومن لم يكن سالما لله -كمن عبد الأنبياء والأولياء مقلّدا ومتأوّلا- لم يكن إلا مشركا ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم، وهذه الحقائق دلّت عليها شهادة أن لا إله إلا الله، قال أبو العباس بن تيمية، رحمه الله: «الإله هو المعبود المطاع» بحق [تيسير العزيز الحميد]، فلا معبود ولا مطاع بحق إلا الله، وهذه الكلمة متضمّنة لمعنَيي السلامة والاستسلام لله، وهي دعوة جميع الأنبياء والمرسلين إلى أقوامهم وأممهم.

قال أبو العباس بن تيمية، رحمه الله: «لفظ الإسلام... له معنيان، أحدهما: الدين المشترك وهو عبادة الله وحده لا شريك له الذي بعث به جميع الأنبياء، كما دل على اتحاد دينهم نصوص الكتاب والسنة، والثاني ما اختص به محمد، صلى الله عليه وسلم... وله مرتبتان: إحداهما الظاهر من القول والعمل وهي المباني الخمس، والثانية: أن يكون ذلك الظاهر مطابقا للباطن» [الفتاوى].

وهذه المباني الخمس التي هي حقيقة الإسلام قولا وعملا، ظاهرا وباطنا، بيّنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (بُني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) [رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر]، وفي رواية: (بُني الإسلام على خمسة، على أن يوحّد الله) [رواه مسلم عن ابن عمر]، وفي رواية: (بُني الإسلام على خمس، على أن يُعبد الله، ويُكفر بما دونه) [رواه مسلم عن ابن عمر]، فلم يكن الإسلام الذي اختصت به شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- إسلاما من غير سلامة واستسلام لله، بل إن المباني الخمس شُرعت ليكون المرء سالما لله مستسلما له بالتزام التوحيد واتّباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- والقيام بالمباني، وقال إسحاق بن راهويه، رحمه الله: «غلت المرجئة حتى صار من قولهم: من ترك المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود بها، إنّا لا نكفّره، ويُرجأ أمره إلى الله بعد إذ هو مقرّ [بها]؛ فهؤلاء المرجئة الذين لا شك فيهم» [مسائل حرب الكرماني].
ثم إن علاقة السلامة بالاستسلام بيّنها الله في آيات كثيرة من كتابه، منها أمره بقتال المشركين، قال جلّ وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [سورة التوبة: 11]، قال الفضيل بن عياض -رحمه الله- بعد أن تلا الآية السابقة: «فالتوبة من الشرك جعلها الله -عز وجل- قولا وعملا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وقال أصحاب الرأي: ليس الصلاة ولا الزكاة ولا شيء من الفرائض من الإيمان، افتراءً على الله -عز وجل- وخلافا لكتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ولو كان القول كما يقولون لم يقاتل أبو بكر -رضي الله عنه- أهل الردة!» [السنة لعبد الله بن أحمد].

وأجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على أنه لا إسلام بلا استسلام، فكفّروا تارك الصلاة كسلا –وهو تارك لجنس العمل- وكفّروا مانعي الزكاة -وهم ممتنعون بشوكة عن بعض الشرائع الظاهرة المتواترة- وخالفهم مرجئة الفقهاء في ذلك، فلم يعرفوا حقيقة الإسلام الذي رضيه الله للناس دينا، وكذلك أجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على أنه لا إسلام بلا سلامة، فكفّروا صنف أهل الردة الذين عادوا إلى عبادة الأوثان -وهي أصنام وُضعت تصويرا للصالحين- ولم يجعلوا حداثة عهد الناس بالجاهلية وظهور الدجالين المتنبئين وتغلب مانعي الزكاة على ديار المسلمين موانع من تكفير أعيانهم، وخالفهم في ذلك جهمية العصر، الذين عارضوا قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله، دخل الجنة) [رواه مسلم عن عثمان].

فلا يكون بنيان الإسلام من غير هذه المباني، ومن يستهين بركن منه، يوشك أن يسقط عليه البنيان، فإن سقط، هلك في الدنيا بالسيف قبل الآخرة بالنار، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من بدّل دينه فاقتلوه) [رواه البخاري عن ابن عباس]، إلا أن أعظم هذه الأركان هو الركن الأول الذي لا يصح إسلام المرء من دونه أبدا، وهو شهادة التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله، أن لا معبود ولا مطاع بحق إلا الله، وهي متضمنة لتوحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، قال أبو العباس بن تيمية، رحمه الله: «لا إله إلا الله: إثبات انفراده بالإلهية، والإلهية تتضمن كمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته، ففيها إثبات إحسانه إلى العباد، فإن الإله هو المألوه، والمألوه هو الذي يستحق أن يُعبد، وكونه يستحق أن يُعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له غاية الخضوع» [تيسير العزيز الحميد].

وشهاد أن لا إله إلا الله، هي شهادة الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، أن يُعبد الله وحده ويُكفر بما دونه، وهي ملة إبراهيم -عليه السلام- الذي أُمرنا باتباعه، والذي قال لقومه: {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [سورة الممتحنة: 4].

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله: «[الإسلام] هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله» [ثلاثة الأصول]، فهو السلامة والاستسلام لله.

ولا يكون المرء مسلما ما لم يعبد الله وحده ويكفر بما دونه، كما بيّن ذلك حديث المباني الخمس: (بُني الإسلام على خمس، على أن يُعبد الله، ويُكفر بما دونه) [رواه مسلم عن ابن عمر]، فلا إسلام من غير عبادة الله (الاستسلام)، ولا إسلام من غير الكفر بالطاغوت (السلامة)، ولا يسلم المرء من رجس الشرك ونجاسة أهله ما لم يكفر بطواغيت زمانه، وبشركهم ومشركيهم، كالديمقراطيين والوطنيين والقوميين والقانونيين المرتدين عن الإسلام، ومن هؤلاء المرشَّحين والمصوِّتين في الانتخابات والاستفتاءات من الأحزاب «الإسلامية» المزعومة، والمتحاكمين إلى المحاكم الوضعية بدعوى المصلحة والضرورة، وعساكر الطاغوت وأنصاره من المجنَّدين و»المشايخ»، وطائفة «الإخوان المرتدين» وأحزابها وفصائلها وأخواتها التي جحدت التوحيد والشريعة والولاء والبراء والجهاد وامتنعت عن التزامها وحاربتها واستهزأت بها وظاهرت الصليبيين والطواغيت في الحرب عليها، بل يجب على المسلم أن يُظهر كفره بهؤلاء ما استطاع إلى ذلك سبيلا، بالقلم واللسان، والسيف والسنان، متّبعا في ذلك خليلَي الرحمن -عليهما أفضل الصلاة والسلام- والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


المصدر: صحيفة النبأ - العدد 37
الثلاثاء 23 رمضان 1437 ه‍ـ

مقال - دين الإسلام وجماعة المسلمين
...المزيد

الاستهزاء بالدين.. حكمه وبعض صوره [2/2] وقد يكون القول أو الفعل صريحا في الاستهزاء، وقد يكون ...

الاستهزاء بالدين.. حكمه وبعض صوره

[2/2]

وقد يكون القول أو الفعل صريحا في الاستهزاء، وقد يكون غير ذلك، فالاستهزاء الصريح الواضح البيِّن كُفْر، يحكم فيه بكفر من قاله أو فعله، أما القول أو الفعل غير الصريح الذي يحتمل أكثر من معنى، فيستوقف صاحبه على قصده ومراده، فإن كان قصده من قوله أو فعله -المحتمل- المعنى الكفري فهو كافر، وإن كان قصده غير ذلك، فلا.

وعندما عدّ الإمام محمد بن عبد الوهاب الاستهزاء ناقضا صريحا من نواقض الإسلام العشرة، فقال: «الناقض السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو ثوابه أو عقابه كفر»، قال في آخر رسالة النواقض: «ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره».

كما لا فرق في الحكم بكفر الساب والمستهزئ بين قاصد الكفر وعدم قاصده، فقد يتذرع بعض من يسب أو يستهزئ بأنه لم يقصد السب والاستهزاء.

والدليل أن الله تعالى كفّر من استهزأ بالصحابة -رضوان الله عليهم- في غزوة تبوك ولم يقبل منهم ادعاءهم أنهم لم يقصدوا الكفر بما قالوا.

قال شيخ الإسلام: «وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كُفْر، كَفَر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا، إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله» [الصارم المسلول].

وقال الشيخ سليمان آل الشيخ: «الذين قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء، يعنون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه القراء، لم يقولوها من حيث لم يقصدوا الكفر، ولم يختاروه، وإنما قالوه على وجه المزح واللعب، فرفع ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد ارتحل وركب ناقته، فقالوا: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق، فقال: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون» [الدرر السنية].

وقال في شرحه لكتاب التوحيد -مبينا مراد المؤلف بباب (من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول): «أجمع العلماء على كفر من فعل شيئا من ذلك، فمن استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفر ولو هازلا لم يقصد حقيقة الاستهزاء، إجماعا» [تيسير العزيز الحميد].

إذاً ما دام أمر السب والاستهزاء خطيرٌ خطير! فماالذي يجب على المسلم حيال السابين المستهزئين في دار الكفر؟

يجب عليه أولا أن يغضب لمحارم الله وينكر فعلهم ويمنعهم منه ويكفّرهم ويتبرّأ منهم، وقال صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [رواه مسلم].
ومن الإنكار الواجب قتل المستهزئ أو الساب إن لم يتب من ردته، بالأخص إن كان كفره مما لا تقبل توبته في أحكام الدنيا، كساب الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) [رواه البخاري]، وقتل هؤلاء من الجهاد في سبيل الله.

فإن لم يستطع ذلك، وجب عليه المفارقة فورا، امتثالا لقول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [سورة الأنعام: 68].

فإن لم ينكر، ولم يغير، ولم يفارق، فحكمه حكم المستهزئين السابين سواء بسواء، بنص قول الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [سورة النساء: 140].

قال ابن كثير في تفسيره: «أي إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله وينتقص بها، وأقررتموهم على ذلك، فقد شاركتموهم في الذي هم فيه»، إلى أن قال: «وقوله {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} أي: كما اشتركوا في الكفر، كذلك شارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم».

هذا، وإن كان ثمة كلمة أخيرة، فنوجهها لمن وقعوا في شيء من هذا السب والاستهزاء، فنقول لهم:
توبوا إلى الله من ردتكم، وجددوا إسلامكم، وعظموا شعائر الله، ولا تستهينوا بحرماته، ذلكم خير لكم في الدنيا والآخرة.

واعلموا أن الضحك والمزاح والهزل والمرح -الذي هو أكبر سبب يدفعكم للاستهزاء- لن ينفعكم في شيء سوى إرضاء الشيطان والهوى وجلساء السوء، فإذا كان النبي، صلى الله عليه وسلم قال: (ويل للذي يحدث القوم ثم يكذب ليضحكهم، ويل له، ويل له) [حديث حسن، رواه أحمد وغيره]، وهذا في الكذب الذي هو معصية، فكيف بالاستهزاء الذي هو كفر؟!

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


◾ المصدر: صحيفة النبأ العدد 36
...المزيد

الاستهزاء بالدين.. حكمه وبعض صوره [1/2] نعود لظاهرة الاستهزاء والسبّ المتفشية في دور الكفر ...

الاستهزاء بالدين.. حكمه وبعض صوره
[1/2]

نعود لظاهرة الاستهزاء والسبّ المتفشية في دور الكفر المعاصرة، ونعرّج على بعض صور وأساليب وأشكال السبّ والاستهزاء المنتشرة فيها، لكثرتها وتعددها وتنوع أساليبها، أخرس الله ألسنة السابين والمستهزئين وشل أركانهم.

فمن هذه الصور وأشهرها: سب الله وسب الدين باللسان بألفاظ معروفة نتعفف عن نقلها، ولا نخال أحدا لم يسمعها والله المستعان!

ومنها: سب الملائكة، كما زعمت الباطنية أن جبريل -عليه السلام- خان الأمانة وكان يُفترض به أن ينزل بالوحي لعلي، رضي الله عنه، لذا فإن من طقوس الباطنية أنهم يسبون جبريل عقب كل صلاة ثلاث مرات.

ومنها: الاستهزاء برسل الله وأنبيائه، كما هي عادة اليهود معهم، بل وصل بهم الحال بأن حرفوا التوراة وتنقصوا فيها من قدرهم، عليهم الصلاة والسلام.

ومنها: النظريات الإلحادية المنتشرة في الكتب والتي تُدرَّس في الكليات، كنظرية أن أصل الإنسان قرد! أو نظرية تناسخ الأرواح وأن الله يحل في أجساد حيوانية! أو نظرية أن الدين أفيون الشعوب... وغيرها كثير من زبالة الأفكار وما تقيأه الفلاسفة الملاحدة على مر العصور.

ومنها: ما يلقيه الكثير من الشعراء ويكتبونه وينشرونه من الاستهزاء بالله ورسله بدعوى «الأدب»، أخزاهم الله.

ومن السب والاستهزاء المعاصر: الرسوم الساخرة (الكاريكاتيرية) الطاعنة في الشريعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- والمنتشرة في الصحف والمجلات، العربية والأجنبية، والأمثلة عليها كثيرة.

ومنها: ما يفعله الممثلون والفنانون من حركات فيها استهزاء بالدين وأهله في مسرحياتهم ومسلسلاتهم وأفلامهم «الكوميدية»، وهي معروفة ولا تحتاج إلى مثال.

ومنها: ما في الكثير من الأغاني من سب واستهزاء، كاستهزاء أحد المغنين الهالكين بالقدر بقوله: «قَدَرٌ أحمق الخطا».

ومنها ما هو موجود في الرسوم المتحركة (أفلام الكارتون) من استهزاء، كتصوير الشاب الملتحي بالشرير، ونحو ذلك...

ومنها ما يقوله الزنادقة في محاضراتهم وخطبهم ومؤتمراتهم ومجالسهم وكتبهم وبحوثهم، كوصفهم لتحكيم شرع الله بالرجعية، وتطبيق الحدود بالوحشية، والحجاب بالظلم، واللحية بالوساخة، وتعدد الزوجات بالزنى، والجهاد بالتطرف، ووصفهم للموحدين المجاهدين بالمتشددين التكفريين أصحاب القرون الظلامية...

وهذا غيض من فيض من أمثلة السب والاستهزاء الـمقنَّن، الـمحمي من قبل الطواغيت، ولو كان المقام يسمح لذكرنا لك -أخي القارئ- ما تقشعر له الأبدان وتمتلئ منه غيضا القلوب.

وما يهمنا هو أن تعلم -رحمك الله- أن كل من كتب أو تكلم بكلمة من هذه الكلمات أو ما في معناها أو أتى فعلا فيه استهزاء، فهو كافر كفرا أكبر.

وهذا الحكم من الأحكام الراسخة في الشريعة الإسلامية، بل من الـمجمع عليه بين أهل العلم.

قال شيخ الإسلام: «الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، يكفر به صاحبه بعد إيمانه»، وقال أيضا: «الاستهزاء بالقلب والانتقاص ينافي الإيمان الذي في القلب منافاة الضد ضده، والاستهزاء باللسان ينافي الإيمان الظاهر باللسان كذلك» [مجموع الفتاوى]، وقال إسحاق بن راهويه: «أجمع المسلمون على أن من سب الله، أو سب رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل، أو قتل نبيا من أنبياء الله، أنه كافر بذلك وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله»، وقال الخطابي: «لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف في وجوب قتله» [الصارم المسلول].

وقال القاضي عياض: «قال محمد بن سحنون: أجمع العلماء أن شاتم النبي -صلى الله عليه وسلم- المتنقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر» [الشفا].

وقال ابن حجر الهيتمي: «ومنها -أي الـمكفرات- لو حضر جماعة وجلس أحدهم على مكان رفيع، تشبيها بالمذكرين، فسألوا المسائل، وهم يضحكون، ثم يضربونه بالمجراف، أو تشبه بالمعلمين، فأخذ خشبة، وجلس القوم حوله كالصبيان، فضحكوا واستهزؤوا، أو قال: قطعة من ثريد خير من العلم، كفر» [الإعلام بقواطع الإسلام].

وعقد الإمام محمد بن عبد الوهاب باباً في «كتاب التوحيد» عَنْوَنَهُ بقوله: «باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول»، ثم قال عقب سرد الأدلة: «فيه مسائل: الأولى: وهي العظيمة، أن من هزل بهذا إنه كافر».

وعلق الشيخ عبد الرحمن بن حسن على ذلك بقوله: «ومن هذا الباب: الاستهزاء بالعلم وأهله، وعدم احترامهم، أو الوقيعة فيهم لأجله» [قرة عيون الموحدين].

وقال الشيخ حمد بن عتيق: «اعلم أن العلماء قد أجمعوا على أن من استهزأ بالله، أو رسوله، أو كتابه، أو دينه، فهو كافر، وكذا إذا أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء» [الدرر السنية].


◾ المصدر: صحيفة النبأ العدد 36
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 36 - مقال أكفّاركم خير من أولئكم (2) [2/2] فعلى أي أساس يُشرع الجهاد إذا ...

صحيفة النبأ العدد 36 - مقال
أكفّاركم خير من أولئكم (2)

[2/2]

فعلى أي أساس يُشرع الجهاد إذا طعن في الدين نصراني مشرك، يعيش في دولة صليبية كافرة، ويُمنع الجهاد إذا طعن في الدين مرتد يزعم الإسلام، يعيش في بلدان المسلمين المسلوبة؟ مع أن الأصل أن المرتد أولى بالقتل من النصراني المحارب، والطاغوت الحامي لمن يطعن في الدين أولى بالقتال من الدولة الصليبية التي تفعل ذلك.

ومن القصص الكثيرة المثيرة للسخرية، التي تدل على سفاهة كثير من هؤلاء الناس، أن تراهم يلعنون الطاعنين في الدين، ويترحمون على أوليائهم ويحبونهم حبا جما، ومن ذلك الفرح الظاهر بعملية الانتقام من صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية التي استهزأت بالنبي عليه الصلاة والسلام، فلما كان الغد تسابق أولياء الصليبيين من الطواغيت والعلمانيين إلى إدانة الحادث والتضامن مع الصحيفة الطاعنة في الدين تحت شعار (كلنا شارلي)، مع ما يعنيه هذا الشعار من تبني لأفعالها الكفرية وموالاتها على هذا الأساس، بل وسافر بعض الطواغيت من أمثال أردوغان وعبد الله طاغوت الأردن آلاف الأميال ليحشروا أنفسهم في مسيرة تأييد للصحافة التي تطعن في دين الإسلام بمشاركة قادة الصليبيين المحاربين للإسلام.

ولم نسمع لأحد غضبة ضد الطاغوت أردوغان على فعلته الشنيعة تلك، بل على العكس لم تتوقف قصائد المديح التي يدبجّها الإخوان المرتدون، ومنظّرو الصحوات في هذا الحاكم بغير ما أنزل الله، الموالي للصليبيين.

إن دين الإسلام واضح بيّن كما قال عليه الصلاة والسلام: (لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مثْلِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارهَا، لَا يَزيغُ عَنْهَا إِلا هَالِكٌ)، وإن دين الله لا تناقض فيه، ولا محاباة في أحكامه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)، فكيف بنا اليوم ونحن نشاهد هذا التناقض العجيب في حياة المنتسبين إلى الإسلام، وهذا التلاعب الكبير في أحكامه من قبل أدعياء العلم، ودعاة الضلالة؟

إن قتال من يطعن في دين الإسلام وقتلهم أمر مقرّر في الشريعة، لا يمكن لأحد أن يعارضه، كما في قوله تعالى (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) [سورة التوبة: 12]، وهذه الآية عامة في كل من يطعن في الدين، بل فيها نص أن الكافر المعاهد إذا طعن في الدين ينتقض عهده وأمانه ويجب قتاله، وإن المسلم الذي يطعن في الدين، أو يسبّ الله أو رسله عليهم الصلاة والسلام، أو يستهزئ بشيء من ذلك، ولو مازحا إنما يرتدّ عن دين الإسلام، ويباح دمه.

وإن الطاعنين في الدين المستهزئين بأحكامه وشعائره من العلمانيين والليبراليين وأنصار الطواغيت، وأتباع طوائف الشرك، وفرق الضلالة، هم من أولى الناس بالقتل والقتال، فهم من أئمة الكفر الذين أمر الله بقتالهم، وإن تسهيل الطواغيت لهم الطرق للطعن بالدين من خلال إعطائهم الحرية لفعل ذلك، وفتح المجال أمامهم لنشر كفرهم وضلالهم في الصحف والمجلات والكتب والمنشورات إنما هو زيادة في كفر الطواغيت، وموجب إضافي للخروج عليهم، وقتالهم، ونزع الحكم والسلطة من أيديهم.

وعلى المسلمين في كل مكان أن يشمّروا لقطف رؤوس كل من يطعن في الدين، أو يسب الله ورسوله، أو يستهزئ بالإسلام وشعائره وأحكامه والقائمين به، وعلى رأسهم الكُتَّاب والصحفيون والممثلون والسياسيون ودعاة الضلالة، سواء كانوا من الكفار الأصليين أو المرتدين.

وبهذه الطريقة يرتدع هؤلاء وأمثالهم عن النيل من الإسلام وأهله تحت مسمّى حريّة التعبير، أو حريّة الصحافة أو ما شابه من سخافات الأحكام، فإنهم لا ينتهون إلا بالقتل والقتال، ولو أن كل من تطاول على الإسلام فُلقت رأسه برصاصة، أو حزّت عنقه بسكين، لما تجرأ من بعده على التطاول.

وأكبر الأمثلة على ذلك ما جرى ويجري في دار الإسلام اليوم، فالدولة الإسلامية بتحكيمها للشريعة وإقامتها للدين حرصت كل الحرص على حماية حمى الدين من طعن المنافقين، واستهزاء العابثين، فضربت عنق كل من سب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، فارتدع الناس بذلك، وصاروا يراقبون ألسنتهم مخافة أن تنطلق منها كلمة كفر فتؤدي بهم إلى الموت.

وفي الوقت نفسه هي حريصة كل الحرص على أن تقطف رأس كل من يحاول النيل من الإسلام ولو في أقصى الأرض، وتحرض جنودها على ذلك، وتحث المسلمين أن يقاتلوا المشركين والمرتدين كافة مهما تغيرت ألوانهم وأجناسهم وأماكن إقامتهم.

فأين أحفاد محمد بن مسلمة -رضي الله عنه- يحملون سيوفهم على أكتافهم ويتعقبون الطاعنين في الدين، والمستهزئين بأحكامه، والسابّين لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، فيقتلونهم حيث ثقفوهم، وينالون رضوان الله -تبارك وتعالى- عنهم.
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 36 - مقال أكفّاركم خير من أولئكم (2) [1/2] لا يزال المسلمون يعيبون على ...

صحيفة النبأ العدد 36 - مقال
أكفّاركم خير من أولئكم (2)

[1/2]

لا يزال المسلمون يعيبون على علماء الطواغيت أنهم لا ينكرون من المنكر إلا ما يأذن به أسيادهم، ولا يجاهرون بالعداء إلا لمن تحرّشهم أجهزة المخابرات عليه، ولكننا بتنا في أيامنا هذه نجد أن هذا الأمر توسع ليشمل كثيرا من المنتسبين للإسلام والذين يعيشون تحت حكم الطواغيت من أفراد وجماعات.

فتراهم يبدون الحماسة للإسلام، ويزعمون عداءهم لأعداء الدين مهما كانت ألوانهم وأعراقهم وجنسياتهم، ويظهرون أنهم لا يخافون في الله لومة لائم، حتى إذا وُضِعوا على المحك، ومُحِّصت ادعاءاتهم، تجدهم لا يتحركون إلا في حدود رسمها لهم الطواغيت ومخابراتهم، ولا يخرجون من المجال الذي يأذنون لهم به، بل ستكتشف أن كثيرا من أفعالهم وتحركاتهم إنما كانت بتوجيه ورضا من أجهزة المخابرات لقادتهم وشيوخهم، وتكون نتيجتها في المحصلة في حرب المسلمين.

وإن من أشهر الأمثلة على ذلك قضية تعامل الناس مع الملحدين والمستهزئين بالله عز وجل، ورسله عليهم السلام، ودين الإسلام، والمسلمين.

وهناك من القصص المعروفة الكثير، أبرزها قصة الملحد المرتد سلمان رشدي، وقصص الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية والفرنسية، وقصص إهانة المصحف من قبل الجنود الصليبيين.

وقد خصصنا بالذكر هذه القصص بسبب الغضبات الكبيرة التي أظهرها الناس ردا عليها، حيث خرجت المظاهرات في أكثر البلدان استنكارا لها، وأُحرقت أعلام الصليبيين، وأُطلقت الدعوات لجهاد الصليبيين، لاستهزاء رعاياهم بالدين، هذا عدا عن الدعوات الكثيرة لقتل الأفراد المستهزئين، والمكافآت الكبيرة التي وضعت لمن يغتالهم.

ولو دققنا في بعض ردود الأفعال تلك لوجدنا أنها لم تقم على أساس شرعي صحيح، بل كانت ردود الناس أكثرها استجابات حماسية لتحريض من حرضهم، ما لبثت أن خبت، وتناسى أصحابها الموضوع، وكأنه لم يكن، وعادوا إلى حياتهم الاعتيادية، بعد أن نفّسوا عن شيء من الغضب في داخلهم بالتظاهرات والصراخ.

وإلا لماذا يتظاهر الناس ضد سلمان رشدي المقيم في بريطانيا الصليبية لنشره كتابا يطعن في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويسعون لقتله، ومن أمثاله المئات بل الألوف من الكُتّاب العلمانيين والليبراليين يعيشون بين ظهورهم، ممن يقولون بكلام سلمان رشدي بل وبأشنع منه، ويصرحون بهذا الكلام على شاشات التلفاز، ويطبعون كتبهم ومقالاتهم ويوزعونها في بلدان المسلمين المسلوبة، دون أن تخرج ضدهم المظاهرات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، أو توضع لمن يقتلهم المكافآت، بل وتجد الكثير من أولئك الغاضبين من يجالس صديقه أو قريبه الملحد، ويتعايش معه، بل ويسمع منه الطعن في الدين دون أن ينكر عليه.

وكيف يقصرون الدعوة لـ»الجهاد» على دولة الدنمارك الصليبية لأن أحد مواطنيها استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم، مطالبين رئيس حكومتها بتقديم الاعتذار عن هذا الفعل! وفي الوقت نفسه يسكت هؤلاء أنفسهم عن الطواغيت الحاكمين لبلدان المسلمين المسلوبة، الحامين للملحدين والعلمانيين والضالين، المرسخين للشرك وللاستهزاء بالدين، فلا يخرجون لجهاد هؤلاء الطواغيت، ولا يدعون لذلك، بل ولم نسمع يوما أن أحدا من علماء السوء كرر تلك المطالبات الباهتة، بأن يدعو طاغوتا لـ»الاعتذار» لأن أحد «مواطنيه» المرتدين من كاتب أو صحفي أو ممثل أو عالم ضلالة طعن في دين الإسلام، بل نجد أن أقصى ما يفعله هؤلاء الضالون أن يستجدوا الطاغوت لكي يكف أذى هذا الطاعن بالدين، من خلال منعه من هذا الفعل، رغم علمهم اليقيني أن هذا الطاغوت هو الذي يفسح المجال لأعداء الدين للطعن فيه، بل ويؤمن له الحماية إن تعرّض للخطر، ويعاقب بأشد العقوبات من يتجرأ على المس بهم أو إيذائهم.

فعلى أي أساس يُشرع الجهاد إذا طعن في الدين نصراني مشرك، يعيش في دولة صليبية كافرة، ويُمنع الجهاد إذا طعن في الدين مرتد يزعم الإسلام، يعيش في بلدان المسلمين المسلوبة؟ مع أن الأصل أن المرتد أولى بالقتل من النصراني المحارب، والطاغوت الحامي لمن يطعن في الدين أولى بالقتال من الدولة الصليبية التي تفعل ذلك.
ومن القصص الكثيرة المثيرة للسخرية، التي تدل على سفاهة كثير من هؤلاء الناس، أن تراهم يلعنون الطاعنين في الدين، ويترحمون على أوليائهم ويحبونهم حبا جما، ومن ذلك الفرح الظاهر بعملية الانتقام من صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية التي استهزأت بالنبي عليه الصلاة والسلام، فلما كان الغد تسابق أولياء الصليبيين من الطواغيت والعلمانيين إلى إدانة الحادث والتضامن مع الصحيفة الطاعنة في الدين تحت شعار (كلنا شارلي)، مع ما يعنيه هذا الشعار من تبني لأفعالها الكفرية وموالاتها على هذا الأساس، بل وسافر بعض الطواغيت من أمثال أردوغان وعبد الله طاغوت الأردن آلاف الأميال ليحشروا أنفسهم في مسيرة تأييد للصحافة التي تطعن في دين الإسلام بمشاركة قادة الصليبيين المحاربين للإسلام.
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 36 - قصة شهيد أبو فاروق الحسيني «فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر» لم يكن ...

صحيفة النبأ العدد 36 - قصة شهيد

أبو فاروق الحسيني
«فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر»

لم يكن فقد عينه وإحدى يديه في مسيرة جهاده في سبيل الله وما لاقاه من مصاعب وعوائق إلا من أسباب ثباته على هذا الطريق الصعب، رجل نذر نفسه وكل ما يملك رخيصا في سبيل الله
فكان من أوائل من قارع الصليبيين منذ وطئت أقدامهم النجسة أرض الرافدين. أبو فاروق الحسيني من الثلة القليلة الصادقة -كما نحسبهم- التي قاتلت برفقة الشيخ عمر حديد -تقبله الله- في الفلوجة.

شهد أبو الفاروق أحداث معركة الفلوجة الأولى، وقُدّر له أن يتعرض لغارة جوية صليبية، نجا فيها من القتل ولكنه فقد يده اليمنى، لتبدأ مسيرة الابتلاءات، فقد ابتلاه الله تعالى بفتنة الأسر لدى أعداء الله في سجن بادوش، وحُكم عليه بالسجن ست سنوات، ولكن الله فرّج عنه حينما حرّر المجاهدون السجن، فعاد إلى صفوف إخوانه في ولاية الفلوجة من جديد، يناجز أعداء الله ويثخن فيهم، حتى ابتلاه الله من جديد بقصف من طائرة رافضية، تستهدف نقطة رباطه ببرميل متفجر، سقط على مقربة منه، وكما نجّاه الله في تلك الغارة نجّاه في هذه أيضا، لكنه سبحانه كتب له أن يفقد عينه اليسرى على إثر الانفجار الشديد.

حبه لابنتيه الصغيرتين لم يمنع قلبه من التعلق بالعمليات الاستشهادية بعد أن سبقه إليها أخوه الشقيق، فهو يقول: «بعد أن منّ الله على أخي أبي هيثم بالوصول إلى تجمع للجيش والصحوات في منطقة العامرية، وتفجير عجلته المفخخة في أوساطهم ليمزق أشلاءهم ويحيلهم أثرا بعد عين مبتغيا مرضاة الله، زادت عزيمتي على أن أكون ضمن قوافل الاستشهاديين وقوائمهم»، وبالتزامن مع المعارك التي خاضها أبو فاروق مع أعداء الله كان يخوض معركة ثانية لكنها من نوع مختلف يتحدث أبو فاروق عن معركته الجديدة: «ومنذ أن فكرت بتسجيل اسمي في عملية استشهادية ووساوس الشيطان تلاحقني، كيف تترك أهلك وكيف تترك ابنتيك الحبيبتين وكيف ستواجه هذا الموقف العظيم؟»، وما إن حان موعد تنفيذ العملية الاستشهادية حتى ثبّت الله قلبه في موقف كان يرقبه، حيث يقول أبو فاروق واصفا اللحظات الأخيرة في داخل منزله: «ودّعت أهلي جميعهم وجعلت ابنتي أمينة التي أحبها حبا جمّا آخر من أودّعه، فاحتضنتْني وبكت وأطلقت سهما من الألم في داخلي حين قالت ودموعها تتساقط: أبي لا تتركني. لكنني عزمت على لقاء ربي ومواصلة المسير، فقد حان وقت الإثخان بأعداء الله، واللحاق بركب الشهداء.
وعند خروجي من البيت بادرتني زوجتي بالقول: لمن تتركنا؟ قلت: لله الواحد الأحد، فقالت: ونعم بالله، اذهب على بركة الله».

يقول صاحبنا الذي آمن يقينا أن الله جعل لكل نفس أجلاً، لا يُقدَّم ولا يُؤخَّر: «حينما وصلتُ لعجلتي المفخخة التي عزمت أن أنفّذ فيها، دعوت الله -عز وجل- وبكيت، وقلت: يا رب، إني عبدك الضعيف الفقير، هائنذا أتبرأ من حولي ومن قوتي إلى حولك وقوتك» ويضيف واصفا لحظة الانطلاق: «عندما حان المسير سمعت صهيل خيل في أذني، وأشهد الله على ذلك، ولم يكن ثمة خيل، فانطلقت حتى وصلتُ رتلا للمرتدين، فاصطدمتْ عجلتي المفخخة بعجلة للمرتدين، فانفجر «كيس الهواء» الذي في مقود العجلة (الإيرباك)، فضغطت على زر التنفيذ ثم فقدت الوعي، لأستيقظ بعد أن قذفتني قوة الانفجار عند جهاز النداء وأنادي على الإخوة، لأجد نفسي بعد ذلك في المستشفى، ليس بي إلا رضوض في اليد وجروح بسيطة في كفي».

لكن أخانا أبا فاروق المقبل على الآخرة أيما إقبال، دفعه شوقه إلى ربه إلى أن يعزم من جديد على إعادة الكرّة، ولكن هذه المرة بعملية انغماسية استشهادية مع حبيبه ورفيقه أبي بلال الأنصاري، فبعد التوكل على الله والأخذ بالأسباب انطلق أبو فاروق يقود العجلة المفخخة وعلى ظهرها سلاح رشاش ثقيل استلمه أخوه أبو بلال، حتى اقتربا من الهدف، وفتحا الطريق وتوغلا في عمق تجمعات وآليات مشركي الحشد الرافضي، وفجرا السيارة بعد أن نكلوا فيهم وشردوا بهم من خلفهم، ليلحقا بمن سبقهم من الصادقين، أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، كما نحسبهم والله حسيبهم.
صحيفة النبأ العدد 36 - قصة شهيد

أبو فاروق الحسيني
«فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر»

لم يكن فقد عينه وإحدى يديه في مسيرة جهاده في سبيل الله وما لاقاه من مصاعب وعوائق إلا من أسباب ثباته على هذا الطريق الصعب، رجل نذر نفسه وكل ما يملك رخيصا في سبيل الله
فكان من أوائل من قارع الصليبيين منذ وطئت أقدامهم النجسة أرض الرافدين. أبو فاروق الحسيني من الثلة القليلة الصادقة -كما نحسبهم- التي قاتلت برفقة الشيخ عمر حديد -تقبله الله- في الفلوجة.

شهد أبو الفاروق أحداث معركة الفلوجة الأولى، وقُدّر له أن يتعرض لغارة جوية صليبية، نجا فيها من القتل ولكنه فقد يده اليمنى، لتبدأ مسيرة الابتلاءات، فقد ابتلاه الله تعالى بفتنة الأسر لدى أعداء الله في سجن بادوش، وحُكم عليه بالسجن ست سنوات، ولكن الله فرّج عنه حينما حرّر المجاهدون السجن، فعاد إلى صفوف إخوانه في ولاية الفلوجة من جديد، يناجز أعداء الله ويثخن فيهم، حتى ابتلاه الله من جديد بقصف من طائرة رافضية، تستهدف نقطة رباطه ببرميل متفجر، سقط على مقربة منه، وكما نجّاه الله في تلك الغارة نجّاه في هذه أيضا، لكنه سبحانه كتب له أن يفقد عينه اليسرى على إثر الانفجار الشديد.

حبه لابنتيه الصغيرتين لم يمنع قلبه من التعلق بالعمليات الاستشهادية بعد أن سبقه إليها أخوه الشقيق، فهو يقول: «بعد أن منّ الله على أخي أبي هيثم بالوصول إلى تجمع للجيش والصحوات في منطقة العامرية، وتفجير عجلته المفخخة في أوساطهم ليمزق أشلاءهم ويحيلهم أثرا بعد عين مبتغيا مرضاة الله، زادت عزيمتي على أن أكون ضمن قوافل الاستشهاديين وقوائمهم»، وبالتزامن مع المعارك التي خاضها أبو فاروق مع أعداء الله كان يخوض معركة ثانية لكنها من نوع مختلف يتحدث أبو فاروق عن معركته الجديدة: «ومنذ أن فكرت بتسجيل اسمي في عملية استشهادية ووساوس الشيطان تلاحقني، كيف تترك أهلك وكيف تترك ابنتيك الحبيبتين وكيف ستواجه هذا الموقف العظيم؟»، وما إن حان موعد تنفيذ العملية الاستشهادية حتى ثبّت الله قلبه في موقف كان يرقبه، حيث يقول أبو فاروق واصفا اللحظات الأخيرة في داخل منزله: «ودّعت أهلي جميعهم وجعلت ابنتي أمينة التي أحبها حبا جمّا آخر من أودّعه، فاحتضنتْني وبكت وأطلقت سهما من الألم في داخلي حين قالت ودموعها تتساقط: أبي لا تتركني. لكنني عزمت على لقاء ربي ومواصلة المسير، فقد حان وقت الإثخان بأعداء الله، واللحاق بركب الشهداء.
وعند خروجي من البيت بادرتني زوجتي بالقول: لمن تتركنا؟ قلت: لله الواحد الأحد، فقالت: ونعم بالله، اذهب على بركة الله».

يقول صاحبنا الذي آمن يقينا أن الله جعل لكل نفس أجلاً، لا يُقدَّم ولا يُؤخَّر: «حينما وصلتُ لعجلتي المفخخة التي عزمت أن أنفّذ فيها، دعوت الله -عز وجل- وبكيت، وقلت: يا رب، إني عبدك الضعيف الفقير، هائنذا أتبرأ من حولي ومن قوتي إلى حولك وقوتك» ويضيف واصفا لحظة الانطلاق: «عندما حان المسير سمعت صهيل خيل في أذني، وأشهد الله على ذلك، ولم يكن ثمة خيل، فانطلقت حتى وصلتُ رتلا للمرتدين، فاصطدمتْ عجلتي المفخخة بعجلة للمرتدين، فانفجر «كيس الهواء» الذي في مقود العجلة (الإيرباك)، فضغطت على زر التنفيذ ثم فقدت الوعي، لأستيقظ بعد أن قذفتني قوة الانفجار عند جهاز النداء وأنادي على الإخوة، لأجد نفسي بعد ذلك في المستشفى، ليس بي إلا رضوض في اليد وجروح بسيطة في كفي».

لكن أخانا أبا فاروق المقبل على الآخرة أيما إقبال، دفعه شوقه إلى ربه إلى أن يعزم من جديد على إعادة الكرّة، ولكن هذه المرة بعملية انغماسية استشهادية مع حبيبه ورفيقه أبي بلال الأنصاري، فبعد التوكل على الله والأخذ بالأسباب انطلق أبو فاروق يقود العجلة المفخخة وعلى ظهرها سلاح رشاش ثقيل استلمه أخوه أبو بلال، حتى اقتربا من الهدف، وفتحا الطريق وتوغلا في عمق تجمعات وآليات مشركي الحشد الرافضي، وفجرا السيارة بعد أن نكلوا فيهم وشردوا بهم من خلفهم، ليلحقا بمن سبقهم من الصادقين، أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، كما نحسبهم والله حسيبهم.
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 36 - والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض لم تثرْ العمليات النوعية لجنود ...

صحيفة النبأ العدد 36 - والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض

لم تثرْ العمليات النوعية لجنود الخلافة في أمريكا وفرنسا غضب وذعر الصليبيين، بقدر ما أغضبهم وأفزعهم إعلان منفذيها انتماءهم للدولة الإسلامية، الأمر الذي زاد من ألمهم، وعزّز مخاوفهم من تمدّد نفوذها إلى داخل أراضيهم، في الوقت الذي يحاولون هم أن يهاجموها في أرضها.

الصليبيون باتوا يدركون هذه الحقيقة تماما، ولم يعد قادتهم يخجلون من الحديث عنها في تصريحاتهم التي باتت أقل تفاؤلا في تحديد مواعيد انتهاء الحملة الصليبية، وإعلان النصر الذي يأملون تحقيقه على الدولة الإسلامية، وذلك من خلال التصريح أن الحرب معها ستكون طويلة الأمد لأنها في الأساس حرب عقدية، تحتاج أضعاف ما تحتاجه الحرب العسكرية التي يخوضونها الآن ضد جيش الخلافة في ولايات الدولة الإسلامية كافة.

والحرب العقدية التي يقصدونها هي ما مكّن الله الدولة الإسلامية فيه من نشر التوحيد، وتوضيح أحكام العلاقة بين المسلمين وأعدائهم من الكفار الأصليين والمرتدين، وتبيين هذه الأحكام من خلال أفعالها أكثر من أقوالها، وتعليم المسلمين كيف تكون المعاملة الشرعية لكل من ينتمي إلى تلك الأصناف، فعرف الناس حقيقة الكفر بالطاغوت والولاء والبراء، ومعنى الانتماء إلى جماعة المسلمين، وباتت المعركة كلها قائمة على هذا الأساس.

فبوجود جماعة للمسلمين تجتمع على إمام واحد، بات المسلمون في كل أنحاء الأرض ملزمين بالانتماء إليها، والهجرة إلى دار الإسلام التي تحكمها بالشريعة، ونصرتها، والذب عنها، والسمع والطاعة لإمامها ولو لم يكونوا تحت سلطانه المباشر، والقتال في سبيل الله تحت رايته.

وإن من جملة ما جدّدته الدولة الإسلامية في دين الإسلام، أن وجد الإمام الذي يقاتل من ورائه المسلمون، بعد قرون من تغييب لهذه الشعيرة العظيمة وتضييع المسلمين لهذا الواجب وغفلتهم عنه، ألا وهو منصب الإمامة، فأمضوا دهوراً مشتتين لا يجمعهم جامع، ونشأ عن قتال من نفر منهم متفرقين تكوّن الفصائل والأحزاب التي زادت من فرقتهم، وسلطت سيوفهم على رقاب بعضهم بعضا، وصار كلّ حزبٍ بما لديهم فرحين.

لقد ولّى هذا الزمان إلى غير رجعة بإذن الله، وبات المجاهدون يقاتلون من وراء إمام مسلم، همّه إقامة الدين، ونصرة الإسلام، وبات لكل قطرة دم يبذلونها ثمنها الكبير الذي هو تحكيم شريعة الله في أرض جديدة يفتحها الله عليهم، أو الحفاظ على جزء من دار الإسلام استرعاهم حمايته ومنع الكفار من الاستيلاء عليه، وهذا من أكبر دوافع المسلمين ليبذلوا المزيد من الجهد والجهاد، لعلمهم أن تضحياتهم لن تذهب هدرا كما ذهبت تضحيات من سبقهم في تجارب سابقة، وأن ثمرة جهادهم لن يقطفها أعداؤهم من المرتدين، فينطلقون في جهادهم صادقين فيما عاهدوا الله عليه، حتى يقضوا نحبهم على ذلك، وهم واثقون أن من ينتظر أجله من إخوانهم لن يضيعوا جهاد من سبقهم، ولن يبدّلوا تبديلا.

إن السنّة الحسنة التي سنّها فرسان الإسلام في مختلف البلدان، بإعلانهم أنهم جزء من جماعة المسلمين من خلال التصريح ببيعتهم لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين الشيخ أبي بكر البغدادي تقبله الله، وأن قتالهم هو استجابة لاستنفاره لهم، إنما هي صورة حية وتطبيق واقعي للمفهوم الشرعي للقتال، بإظهار السمع والطاعة للإمام في ذلك، وبأن هذا القتال الذي قام به بمفرده إنما هو جزء من المعركة الشاملة التي تخوضها جماعة المسلمين وإمامها ضد أمم الشرك والإلحاد.

فكل مسلم في هذه الأرض عليه أن يعدّ نفسه جنديا من جنود جيش الخلافة، ويعمل على هذا الأساس، فإن عجز عن الهجرة إلى الدولة الإسلامية، فلن يعجزه القيام بقتال أعدائها، بمن معه من إخوانه وإن قلّ عددهم، وبما معهم من السلاح مهما كان بسيطا، واثقا أن كل أذى يلحقه بالكفار إنما هو انتصار يحققه للدولة الإسلامية عليهم، بل إن عمله ضدهم في عقر دارهم هو أنكى وأكثر تأثيرا، فقتل صليبي في أوروبا أو أمريكا ولو لم يكن جنديا أكثر ضررا عليهم من قتل عشرة من جنودهم في ساحة المعركة.

فلا يحقرنّ أحد من المعروف شيئا، ولا يزهدنّ أحد بدم صليبي أو مشرك أو مرتد مهما قلّت قيمته، ولا يوفّرن أحد شيئا من أموالهم يستطيع إتلافه أو سلبه، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
...المزيد

ومما نتهم به ويفترى علينا أن الدولة لا تعرف سوى لغة القوة والسلاح، وأن الدعوة ليست من سياستها؛ ...

ومما نتهم به ويفترى علينا

أن الدولة لا تعرف سوى لغة القوة والسلاح، وأن الدعوة ليست من سياستها؛ فلا تعرف سوى الشدة والغلظة والقتل والقتال، وإنا برآء من هذا، وإن الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة مقدمة عندنا على القتال، وإنا لنحرص على إقامة المعاهد الشرعية بقدر حرصنا على فتح المعسكرات القتالية، ولقد أعلنا مرارا أننا نقبل التوبة قبل القدرة مهما بلغ الشخص من الكفر والحرابة لنا والتنكيل بنا.

مقتبس من كلمة (لن يضروكم إلا اذى) للشيخ أبي محمد العدناني تقبله الله
...المزيد

القيادة العامة في سوريا: الشرع أكد في رسالة تهنئة إلى ترامب تطلعه لتحسين العلاقات مع الولايات ...

القيادة العامة في سوريا: الشرع أكد في رسالة تهنئة إلى ترامب تطلعه لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة
_

ماذا بقي لصحوات الشام ليرقعوه؟
لا شيء
الحمد لله الذي فضح صحوات الشام وأذلهم

صحيفة النبأ العدد 479 - إنفوغرافيك العدد عبوديّات اللِّسان الخمس • واجبه النُّطق ...

صحيفة النبأ العدد 479 - إنفوغرافيك العدد

عبوديّات اللِّسان الخمس

• واجبه
النُّطق بالشّهادتين، وتلاوة ما يلزمه تلاوته من القرآن، وهو ما تتوقَّفُ صحّةُ صلاته عليه وتلفُّظه بالأذكار الواجبة في الصّلاة التي أمَر الله بها ورسولُه، وردُّ السّلام، والأمرُ بالمعروف والنّهي عن المنكر، وتعليمُ الجاهل، وإرشادُ الضّالِّ، وأداءُ الشّهادة المتعيِّنة، وصدقُ الحديث..

• مستحَبُّه
تلاوة القرآن، ودوام ذكر الله، والمذاكرة في العلم النّافع، وتوابع ذلك..

• محرمَّه
النُّطقُ بكلِّ ما يبغضه الله ورسوله، كالنُّطق بالبدع المخالفة لما بعث الله به رسولَه، والدُّعاءِ إليها، وتحسينِها وتقويتِها؛ وكالقذفِ وسبِّ المسلم وأذاه بكلِّ قولٍ، والكذب، وشهادة الزُّور، والقول على الله بلا علمٍ وهو أشدُّها تحريمًا..

• مكروهه
التّكلُّمُ بما تركُه خيرٌ من الكلام به، مع عدم العقوبة عليه..


◾️ وكلُّ ما يتلفّظ به اللِّسان فإمّا أن يكون ممّا يرضي الله ورسوله أم لا، فإن كان كذلك فهو الرّاجح، وإن لم يكن كذلك فهو المرجوح، وهذا بخلاف حركات سائر الجوارح، فإنّ صاحبها قد ينتفع بتحريكها في المباح المستوي الطّرفين، لما له في ذلك من الرّاحة والمنفعة، فأبيح له استعمالُها فيما فيه منفعةٌ له، ولا مضرّةَ عليه فيه في الآخرة. وأمّا حركة اللِّسان بما لا ينتفع به فلا تكون إلّا مضرّةً، فتأمّله.

- [مدارج السالكين] لابن القيم -رحمه الله-
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 479 المقال الافتتاحي: السودان المنسي! ولئن تورطت ميليشيا الطاغوت "حميدتي" ...

صحيفة النبأ العدد 479
المقال الافتتاحي: السودان المنسي!

ولئن تورطت ميليشيا الطاغوت "حميدتي" بدعم من الإمارات وغيرها، باقتراف أبشع المجازر بحق المسلمين؛ فإن قوات الطاغوت "البرهان" تورطت بذلك أيضا، وهي جزء من النظام العالمي الكافر، تسعى لترسيخ الحدود الجاهلية التي تقيّد المسلمين وتسجنهم خلف شِبَاكِها وتجلدهم بقوانينها، وطاغوتها يوالي الكافرين ويحادّ حكم الشريعة ويتواصى بتنحيتها ويضاد أحكامها، ومن تابع سلسلة خطواتهم التي أجروها بإشراف أمريكا ومباركة آل سلول؛ علِم أنهم يجتهدون في إرساء دولة علمانية محاربة للشريعة موالية لليهود والنصارى، وبالتالي، فالفرق بين الطرفين كالفرق بين الباطل والباطل.

وفي المقابل، فإن موقف أكثر الناس اليوم مما يتعرض له إخوانهم في السودان، هو موقف سلبي لا مبالي، يتراوح بين قعود عن النصرة، أو نصرة خجولة لا تزيد في أحسن أحوالها عن المظاهرات السلمية والحملات الإعلامية التي سرعان ما تخبو وتتلاشى مع مرور الأيام، ولو وضع المرء نفسه في محل صاحب المأساة، لساءه موقف إخوانه تجاهه.

ومما لا شك فيه أن امتناع المسلم القادر أو تقصيره في نصرة أخيه المسلم، خلل يقدح في كمال الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير) [متفق عليه]، ومنه يفهم أنه لن يكتمل إيمانك ما لم تحقق هذه الخصلة العظيمة، فما تحب أن يصيبك من الخير فلتحبه لإخوانك، وما تكره أن يصيبك من الأذى والشرور فلتكرهه لإخوانك وتسعى لرفعه عنهم، ولا يجوز لك أن تتخلف عن نصرتهم أو تتركهم لعدوهم يفتنهم في دينهم، كما في الحديث الصحيح: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه)، ومعلوم في ديننا أن الجزاء من جنس العمل ولذا قال في نفس الحديث: (ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة)، ومن أحب أن ينصره الله وقت محنته فلينصر أخاه في محنته، وليحذر وعيد الله له بالخذلان إن هو ترك نصرة أخيه مع القدرة عليها، كما في الحديث: (ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته). [أحمد]

وإن نصرة المسلمين في السودان واجب كل مسلم قادر تماما كما هو الحال في العراق والشام واليمن وفلسطين وغيرها، ولا يكون ذلك إلا بالجهاد والقتال أو ما يعين عليه من الإنفاق والتحريض، قال الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}، فمن عجز عن الجهاد بكل صوره والإنفاق بكل سبله، فلا أقل من الدعاء لهم.

ولئن كان الطواغيت يتحالفون فيما بينهم من أجل مصالحهم ومخططاتهم؛ فمن باب أولى أن يتحالف المسلمون فيما بينهم نصرة لإخوانهم في هذه القضية المنسية، فالأصل أنها قضية تعني المسلمين جميعا، فالمسلمون في السودان جزء من أمة الإسلام وأحد أعضاء الجسد الواحد، والأصل ألا تفرقهم حدود قومية ولا قوانين كفرية، وإن هذه الأحداث تؤكد مجددا أن هذه الحدود ومفرزاتها هي أكبر عائق لنصرة المسلمين بعضهم بعضا، وهو ما أدركه المجاهدون مبكرا، ولذلك سعوا منذ اليوم الأول لهدمها وكسرها لتعود بلاد المسلمين واحدة كما كانت.

في الجانب العملي، فهذه رسالة إلى شباب المسلمين وأنصار المجاهدين في السودان، بوجوب العمل والسعي الحثيث لاستغلال الأحداث لمصلحة الجهاد، عبر الاستقطاب والتجنيد والإعداد والاستعداد بغية إنشاء نواة للجهاد تتصدى للأخطار المحدقة وتؤسس لجهاد طويل المدى، وهذا لا يتأتى إلا بالإخلاص والجهد وضبط العقائد {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}.

أيها المسلمون في السودان وكل مكان، إن الحل في العودة إلى الله سبحانه، واتباع أمره جل وعلا وتحقيق الولاء للمؤمنين جميعا والبراء من الكافرين جميعا، وإعلان الجهاد على منهاج النبوة لإقامة حكم الشريعة، ودحر جنود الطاغوت كما قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.


➖ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 479
السنة السادسة عشرة - الخميس 23 رجب 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
السودان المنسي!
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 479 المقال الافتتاحي: السودان المنسي! بينما تنحصر أضواء القنوات وعدسات ...

صحيفة النبأ العدد 479
المقال الافتتاحي: السودان المنسي!

بينما تنحصر أضواء القنوات وعدسات "الكاميرات" في مشهد وتترك آخر ارتهانا للمصالح والقوميات؛ يسلّط إعلامُ المجاهدين الضوء على جميع قضايا المسلمين بغض النظر عن أعراقهم وبلدانهم، لأن المسلمين أمة واحدة، جراحهم واحدة ونصرتهم جميعا واجبة.

ومن هذه الجراح النازفة بصمت وبلا توقف، جراح إخواننا المستضعفين في السودان المنسي!، حيث يتعرض المسلمون هناك لأبشع جرائم القتل والأسر والتعذيب وانتهاك الأعراض والحرمات وسلب الأموال والممتلكات على أيدي جنود الطاغوت، في مآس يندى لها الجبين وتدمى لها القلوب، ومع ذلك تمر على أكثر الناس كأنها لم تكن!

لقد ابتُلي المسلمون في السودان خلال العامين المنصرمين، بصراع جاهلي مرير بين طرفين داخليين كافرين، يتنازعان على السلطة ويتنافسان على سرقة الثروات في أرض تفيض بالخيرات، وقد اتخذوا البلاد ساحة واسعة لصراعهم، ورهنوا العباد مادة دسمة لمعاركهم، فأقحموهم في دوامة قتل وتشريد لا تتوقف وسط خذلان كبير من القريب والبعيد.

على الإعلام تنفي القوى الدولية والإقليمية تدخلها في الشأن السوداني وتزعم الحياد!، لكن على الأرض فإن الحقيقة خلاف ذلك تماما، فلكل طرف من طرفي الصراع حلف خارجي يمده ويؤازره، وكل هذه الأحلاف في نهاية المطاف تتآمر على حرب المسلمين ونهب ثرواتهم وتمزيق بلدانهم.

وها هنا لفتة مهمة لأهلنا في السودان أن كلا الطرفين المتحاربين عدو مبين للإسلام والمسلمين، فلكل منهما مشروع جاهلي مدعوم من قوى خارجية كافرة، تتصارع هذه القوى على أرضكم عبر بيادقها، مقابل حصولها على حصتها من التركة السودانية! وبالتالي لا ينبغي لعامة المسلمين الانخداع بأي طرف منهما، فـ "البرهان وحميدتي" كلاهما عدو للإسلام فيجب معاداتهما والكفر بهما، وعدم التعويل على أي منهما مهما كانت نتيجة المعركة بينهما، فإن المنتصر منهما عدو للإسلام ومشاريعه على الأرض مهما زيّنها وغلّفها؛ لن تكون سوى نسخة مكررة من مشاريع نظرائهم طواغيت العرب المحاربة للإسلام والمسلمين.

ولئن تورطت ميليشيا الطاغوت "حميدتي" بدعم من الإمارات وغيرها، باقتراف أبشع المجازر بحق المسلمين؛ فإن قوات الطاغوت "البرهان" تورطت بذلك أيضا، وهي جزء من النظام العالمي الكافر، تسعى لترسيخ الحدود الجاهلية التي تقيّد المسلمين وتسجنهم خلف شِبَاكِها وتجلدهم بقوانينها، وطاغوتها يوالي الكافرين ويحادّ حكم الشريعة ويتواصى بتنحيتها ويضاد أحكامها، ومن تابع سلسلة خطواتهم التي أجروها بإشراف أمريكا ومباركة آل سلول؛ علِم أنهم يجتهدون في إرساء دولة علمانية محاربة للشريعة موالية لليهود والنصارى، وبالتالي، فالفرق بين الطرفين كالفرق بين الباطل والباطل.

وفي المقابل، فإن موقف أكثر الناس اليوم مما يتعرض له إخوانهم في السودان، هو موقف سلبي لا مبالي، يتراوح بين قعود عن النصرة، أو نصرة خجولة لا تزيد في أحسن أحوالها عن المظاهرات السلمية والحملات الإعلامية التي سرعان ما تخبو وتتلاشى مع مرور الأيام، ولو وضع المرء نفسه في محل صاحب المأساة، لساءه موقف إخوانه تجاهه.

ومما لا شك فيه أن امتناع المسلم القادر أو تقصيره في نصرة أخيه المسلم، خلل يقدح في كمال الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير) [متفق عليه]، ومنه يفهم أنه لن يكتمل إيمانك ما لم تحقق هذه الخصلة العظيمة، فما تحب أن يصيبك من الخير فلتحبه لإخوانك، وما تكره أن يصيبك من الأذى والشرور فلتكرهه لإخوانك وتسعى لرفعه عنهم، ولا يجوز لك أن تتخلف عن نصرتهم أو تتركهم لعدوهم يفتنهم في دينهم، كما في الحديث الصحيح: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه)، ومعلوم في ديننا أن الجزاء من جنس العمل ولذا قال في نفس الحديث: (ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة)، ومن أحب أن ينصره الله وقت محنته فلينصر أخاه في محنته، وليحذر وعيد الله له بالخذلان إن هو ترك نصرة أخيه مع القدرة عليها، كما في الحديث: (ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته). [أحمد]


➖ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 479
السنة السادسة عشرة - الخميس 23 رجب 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
السودان المنسي!
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً