رمضان شهر الاجتهاد والطاعات والجهــــاد والفتـوحـــات فالجهادُ من الإيمان بل هو ذروة الإيمان ...

رمضان شهر الاجتهاد والطاعات
والجهــــاد والفتـوحـــات

فالجهادُ من الإيمان بل هو ذروة الإيمان وأعلاه، فلا يَفُتْكَ -يا رعاك اللَّه- حظُّك منه في هذا الشهر الكريم، ففي الصحيح عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: (انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يُخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي، أن أرجعه، بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أُقتل في سبيل الله، ثم أُحيا ثم أُقتل، ثم أُحيا ثم أُقتل).
قال ابن بطال: «انتدب اللَّه: يريد أوجب اللَّه وتفضّل لمن أخلص النية في جهاده أن ينجزه ما وعده» [شرح البخاري].

أنْعِمْ حياةً في الجهاد وفي الهدى
إنَّ الجهادَ مجامعُ الإيمانِ
فاحملْ سلاحكَ لا يغيبُ بريقهُ
إنَّ السلاحَ وسامة الفرسانِ
وارمِ بنفسك في النزال فإنما
لا تقصر الأعمار بالشجعانِ
شهرٌ كريمٌ قد أطلَّ صباحهُ
قد يرفسُ الخيرَ العظيمَ جبانِ

قال، صلى اللَّه عليه وسلم: (من خير معاش الناس لهم رجلٌ ممسكٌ عِنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل أو الموت مظانَّه) [رواه مسلم].
قال النووي: «أي مِنْ خير أحوال عيشهم رجلٌ ممسكٌ...» [شرح مسلم]، وقال القرطبي في «المفهم»: «أي مِنْ أشرف طرق المعاش: الجهاد».
فتأمل -رحمك اللَّه- قوله صلى اللَّه عليه وسلم: (يبتغي القتل)، بعد قوله: (من خير معاش الناس)، فإنّ ذلك يدل على أن الموت في سبيل اللَّه حياة -وإنْ كذبتْ نفسُك الأمّارة بالسوء وأثقلتْ عليك بالشهوات والشبهات- فقد قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [سورة آل عمران: 169].
فاحرص -أيها المجاهد- على الشهادة في هذا الشهر الكريم، وإيّاك إيّاك أن تَحسَب أن الشهادة لُقَطَة لا قيمة لها، بل هي كنز عظيم لا يناله إلا ذو حظ عظيم، ووسام شرف لا يناله إلا من ارتفع إلى درجة عالية.

ثم اعلم أن الطريق إلى الجنة لا مكان فيه للعاجزين الخائفين الجبناء، وإنما يسلكه الشجعان الشرفاء، شرفاء النفس والدين، الذين باعوا أنفسهم للَّه وفي سبيل اللَّه، فهو طريقُ جدٍّ واجتهاد وتعب ونَصَب، تُزهق فيه الأنفس ويَتلف فيه المال، كما أن الجهاد عزة ورفعة.

وإليك منقبة من مناقب أجدادك الكثيرة:

فقد طمع يوماً ملك الروم الصليبيين (أرمانوس) في هزيمة المسلمين على قلة رآها في العدد والعدّة، فجاء في مئتي ألف من الكفار لقتال السلطان (ألب أرسلان) فوصلوا إلى (ملاذ كرد) فبلغ السلطانَ كثرتُهم، وما عنده من الجنود سوى خمسة عشر ألف فارس، فصبَّحهم على الملتقى، فلما التقى الجمعان أرسل السلطان يطلب الهدنة، فقال له طاغيةُ الروم المغرور: لا هدنة إلا بالري (أي في عقر دار المسلمين)، فغضب السلطان ألب أرسلان، وجرى المصاف بين الجيشينِ يوم الجمعة والخطباء على المنابر، ونزل السلطان وعفَّر وجهه بالتراب وبكى وتضرَّع لمولاه ومَنْ بيده النصر، القادر على كل شيء، ثم ركب وحمل، وصدقوا اللَّه، فنزل النصر وقتلوا الروم كيف شاؤوا، وانهزم الصليبيون، وامتلأت الأرضُ بقتلاهم، وأُسر الطاغية (أرمانوس)، وأُحضر إلى السلطان فضربه ثلاث مقارع بيده، ثم فدى نفسه بألف وخمسمائة دينار وبكل أسير في مملكته.

أيها الأبطال، أيها الموحدون المجاهدون:

أنتم في شهر مبارك كريم، لكم من اللَّه فيه المعونة على أنفسكم وعدوكم، شرّفكم اللَّه بجهاد المرتدين والصليبيين، وقد تحمّلتم همّ إقامة الدين واستنقاذ المستضعفين المقهورين، فشدُّوا رحمكم اللَّه، فلقد قال أميرُ المؤمنين أبو عمر البغدادي كلمة عظيمة حين قال: «فيجب على كل مسلم قَدَرَ اللَّهَ حقَّ قدره وعظّم دينَ اللَّه وشرعَه أنْ يبذلَ نفسَه رخيصةً في سبيل اللَّه»، وقال عن السجون والأسرى مخاطباً الأمّهات: «ولكم علينا أن تَرَيْنَ دماءنا تسيل تحت أسوارها حتى تَرَيْنَ أهليكم أحراراً».

فالإخلاص الإخلاص، والجماعة الجماعة، والثبات الثبات، والحذر الحذر، والدعاء الدعاء، والتوكل التوكل يا جنود اللَّه، ودونكم أعداء اللَّه {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [سورة التوبة: 5]، فإنهم ظَلَمةٌ كفرةٌ معتدون، لا يرقبون في مؤمن إلَّاً ولا ذمة، ويسعون في الأرض فسادا، ويحبون أن تشيع الفاحشةُ في الذين آمنوا، وودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء، فلا حَلّ لهم إلا أن يُقتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف.


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
رمضان شهر الاجتهاد والطاعات
والجهــــاد والفتـوحـــات
...المزيد

أجيبوا بالله عليكم هل المجاهدون الصادقون المخلصون من تتنقل قادتهم وممثلوهم بين العواصم، ويحضرون ...

أجيبوا بالله عليكم

هل المجاهدون الصادقون المخلصون من تتنقل قادتهم وممثلوهم بين العواصم، ويحضرون المؤتمرات على أعين الطواغيت، وتفتح لهم الفنادق، ويتصدرون في الفضائيات، وتصلهم عبر المخابرات المساعدات؟

أهذا هو منهج الأنبياء؟
أهؤلاء هم المجاهدون؟!

* مقتبس من كلمة (لن يضروكم إلا أذى) للشيخ أبو محمد العدناني تقبله الله
...المزيد

إذعان الفصائل الوطنية للصليبيين أما عن أسباب إذعان الحركات الجهادية إلى هذا المسار الجاهلي، ...

إذعان الفصائل الوطنية للصليبيين


أما عن أسباب إذعان الحركات الجهادية إلى هذا المسار الجاهلي، ولماذا تنكث غزلها وتنقلب على أعقابها؟! فالأسباب والتفسيرات كثيرة طويلة طول مسارات الحرب على الجهاد التي ترعاها قوى الكفر، لكن لعل أبرزها: وصول هؤلاء "الجهاديين المدجنين" إلى نتيجة حاسمة أنه لا جدوى من سلوك سبيل الجهاد في إحداث التغيير المنشود، لأنهم سيصطدمون بكل قوى الكفر العالمي وسيدفعون أثمانا كبيرة لم تطقها قلوبهم المريضة ولا نفوسهم المروّضة فيجنحون إلى مداهنة ومسايرة الجاهلية الدولية بدلا من مصادمتها ومفاصلتها، وصارت تلك عندهم حنكة ونضجا بعد أن كانت ردة وخيانة ونكوصا.

ولذلك بعد 13 عاما من "الجهاد الثوري" في الشام، أصبح الولاء والبراء "طائفية" وفُسّرت الثورة بأنها "قتال اضطراري" ضد "أسرة حاكمة" متسلطة رفضت الحوار وتقاسم السلطة! وليست حربا دينية ضد نظام نصيري كافر حتى بدون "صيدانيا" ومشتقاته، ولذلك خلت خطابات "مهووس السُّلطة واللَّقطة" من وصف النظام بــ"النصيري" خشية أن تُحسب عليه! وهو ما لا يقبله رعاة النظام الجديد ولا دستورهم الجاهلي المزمع تفصيله قريبا ليناسب مقاس "سوريا المستقبل" مع قرب أفول حدود "سايكس - بيكو" وبروز حدود "نتنياهو - ترامب".

افتتاحية النبأ "تدجين وتجنيد" 473
...المزيد

الشَجَاعَة وَالشّجعَان ◾️ مراتب الشجاعة والشجعان • الأول: الْهمام وسمي بذلك لهمته وعزمه ...

الشَجَاعَة وَالشّجعَان

◾️ مراتب الشجاعة والشجعان

• الأول: الْهمام وسمي بذلك لهمته وعزمه وجاء على بناء فعال كشجاع
• الثاني: المقدام وسمي بذلك من الإقدام وهو ضد الإحجام وجاء على أوزان المبالغة كمعطاء ومنحار لكثير العطاء والنحر
• الثالث: الباسل وهو اسم فاعل من بسل يبسل والبسالة الشجاعة والشدة وضدها فشل يفشل فشالة وهي على وزنها فعلا ومصدرا وهي الرذالة
• الرابع: البطل وَجمعه أبطال وفي تسميته قولان: أحدهما لأنه يبطل فعل الأقران فتبطل عند شجاعة الشجعان فيكون بطل بمعنى مفعول في المعنى. الثاني أنه بمعنى فاعل لفظا ومعنى لأنه الذي يبطل شجاعة غيره فيجعلها بمنزلة العدم فهو بطل بمعنى مبطل
• الخامس: الصنديد بكسر الصاد والصنديد الذي لا يقوم له شيء

◾️ ثمرات الشجاعة
ولما كانت الشجاعة خلقا كريما من أخلاق النفس ترتب عليها أربعة أمور وهي مظهرها وثمرتها:

• الإقدام في موضع الإقدام
• والإحجام في موضع الإحجام
• والثبات في موضع الثبات
• والزوال في موضع الزوال

◾️ وضد ذلك مخل بالشجاعة وهو:

• إما جبن
• وإما تهور
• وإما خفة وطيش

◾️ الناس ثلاثة
رجل ونصف رجل ولا شيء

• فالرجل: من اجتمع له أصالة الرأي والشجاعة فهذا الرجل الكامل
• ونصف الرجل: هو من انفرد بأحد الوصفين دون الآخر
• والذي هو لا شيء: من عري من الوصفين جميعا

وإذا اجتمع في الرجل الرأي والشجاعة فهو الذي يصلح لتدبير الجيوش وسياسة أمر الحرب

- [الفروسية] لابن القيم


• المصدر: إنفوغرافيك صحيفة النبأ – العدد 478
السنة السادسة عشرة - الخميس 16 رجب 1446 هـ
...المزيد

تَعَدُّدٌ بِلَا تَعَدٍّ [2/2] وإن للتعدد فقهاً، كما إن للطهارة فقهاً، وللصلاة فقهاً، وللصوم ...

تَعَدُّدٌ بِلَا تَعَدٍّ

[2/2]

وإن للتعدد فقهاً، كما إن للطهارة فقهاً، وللصلاة فقهاً، وللصوم فقهاً، وللزكاة فقهاً، وللحج فقهاً... إلخ، فكما لا يمكن للمرء أن يزكي قبل أن يلم بشروط الزكاة وأركانها، لا يمكن لمن أراد أن يعدد أن يلج هذا الباب خالي الوفاض صفر اليدين من فقه التعدد، جاهلا بأبسط أحكامه!

وإن كثيرا من هؤلاء الرجال هم من أعانوا الشيطان على النساء، فأصبحن يجدن منافذ وأسبابا ليقفن في وجوه أزواجهن إن أرادوا التعدد، وساهم في التنفير بأفعاله من سنة هُجرت وكادت تموت، فغرتهم الدنيا وحسبوا أنهم لا يُسألون، وكما صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إن منكم لمنفرين) [رواه أحمد].

ولمثل هؤلاء نقول: على رسلكم فالأمر ليس كما تحسبون أو تظنون، فهلّا تريثتم وفكرتم وقدّرتم وزنتم ما أنتم عليه مقدمون بميزان الشرع؟ هلّا تفقّهتم وتعلّمتم كيف تعددون كما عدد النبي، صلى الله عليه وسلم؟

فمن هديه -صلى الله عليه وسلم- أن يسبّع للبكر ويثلّث للثيب؛ عن أم سلمة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما تزوج أم سلمة، أقام عندها ثلاثا، وقال: (إنه ليس بك على أهلك هوان، إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك، سبعت لنسائي) [رواه مسلم]، بل إن من رحمته بنسائه ورفقه بهن، أنه ليلة بنى بأم المؤمنين زينب بنت جحش، رضي الله عنها، كما أخرج البخاري عن أنس، قال: «فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- فانطلق إلى حجرة عائشة فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله، فقالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدتَ أهلك بارك الله لك. فتقرّى حُجَر نسائه كلهن، يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة». والبعض اليوم يتزوج الثانية أو الثالثة أو الرابعة، فيغيب عمَّن قبلها ما شاء الله دون إشارة أو أمارة، بل إن من الرجال من إذا عدد وجاء بالجديدة نسي القديمة والولد، إنها غيبوبة التجديد التي يدخلها أحيانا بعض الأزواج، ومن كان هذا حاله فلا يستفيق من غيبوبته غالبا إلا على أبواب المحكمة والدعوى خلع أو طلاق والله المستعان.

وما أكثر المستهينين بمسألة القسم بين الزوجات، فتجد أحدهم يطيل مع زوجة على حساب أخرى، أو قد يأخذ ليلة هذه ليهبها لتلك دون قضاء، متعللا بأمور كثيرة إن هي وزنت بميزان الشرع بان عوارها وزيفها، وقد أجمع أهل العلم على وجوب التسوية في القسم بين الزوجات؛ «قال أبو القاسم: وعلى الرجل أن يساوي بين زوجاته في القسم؛ لا نعلم بين أهل العلم في وجوب التسوية بين الزوجات في القسم خلافا، وقد قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [سورة النساء: 19]، وليس مع الميل معروف» [المغني].

كذلك بعض المعددين يأبى إلا أن يكون أذنا لإحدى زوجاته، ولكن أذن شر لا خير، فيظلم هذه على حساب تلك، وعندما تغيب تقوى الله ويحضر كيد النساء، وتصبح الزوجة لا همّ لها سوى افتعال المشاكل والتحريض على ضرتها وإيغار قلب الزوج عليها، بل أحيانا تطلب هذه الزوجة رقيقة الدين من زوجها أن يطلق ضرتها! نعم هكذا وبمنتهى الصراحة والبساطة، خاصة إذا كانت صاحبة أطفال منه فتجدها تزبد وترعد: «إما أنا وأطفالك أو هي»! وكم من زوج مسكين رضخ لمثل هذه وضحى بزوجته الثانية حتى لا يخسر عائلته الأولى، هكذا يزعم وهكذا يظن، ولو أنه اتقى ربه ورد ما تُنُوزِع فيه إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- لا إلى هوى زوجة متجبرة لجعل الله له مخرجا لا إثم فيه ولا عدوان.

وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من مثيلات هذه الزوجة فقال: (لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها فإنما لها ما قدر لها) [أخرجه الشيخان].

قال ابن عبد البر: «وذكر الصحفة في هذا الحديث كناية عن خير الزوج»، أي أن هذه الزوجة تسعى لطلاق ضرتها ليصبح الزوج وما يملك ملكا لها وحدها، ويكأن العقد الذي ربط بينهما كان عقد تمليك لا عقد زواج.

وأيضا من فقه التعدد أن لا يُسكن الرجل زوجاته في حجرة واحدة، قال الحجاوي: «ويحرم جمع زوجتيه في مسكن واحد بغير رضاهما»، وقال البهوتي: «لأن عليهما ضررا في ذلك، لما بينهما من الغيرة، واجتماعهما يثير الخصومة» [الروض المربع].

وقال ابن قدامة في المغني: (فصل: ليس للرجل أن يجمع بين امرأتيه في مسكن واحد بغير رضاهما): «وليس للرجل أن يجمع بين امرأتيه في مسكن واحد بغير رضاهما، صغيرا كان أو كبيرا؛ لأن عليهما ضررا؛ لما بينهما من العداوة والغيرة، واجتماعهما يثير المخاصمة والمقاتلة، وتسمع كل واحدة منهما حسه إذا أتى إلى الأخرى، أو ترى ذلك، فإن رضيتا بذلك جاز؛ لأن الحق لهما، فلهما المسامحة بتركه... وإن أسكنهما في دار واحدة، كل واحدة في بيت، جاز، إذا كان ذلك مسكن مثلها».
وعليه فلا يجمع الزوج نساءه في حجرة واحدة لتندلع الحروب بينهن ثم نقول التعدد أمر صعب والعدل مستحيل، لأن ما سلف ليس من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في شيء، وليس من فقه التعدد في شيء.
...المزيد

هذا غيض من فيض من بحر من الأخطاء التي يقع فيها بعض الأزواج المعددين، بعضهم عن جهل، وبعضهم عن لا ...

هذا غيض من فيض من بحر من الأخطاء التي يقع فيها بعض الأزواج المعددين، بعضهم عن جهل، وبعضهم عن لا مبالاة واستهانة بحقوق الزوجة، وبعضهم عن جبروت وغطرسة، فليتق الله كل زوج عدد أو يريد أن يعدد، وليذكر وقوفه بين يدي الله عز وجل، وليحاسِب نفسه قبل أن يحاسَب، فإما مثنى وثلاث ورباع تسعد القلب وترضي الرب، وإما {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}.



◾ المصدر: صحيفة النبأ العدد 36
مقتطف من مقال: تَعَدُّدٌ بِلَا تَعَدٍّ
...المزيد

صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان لله في أيامه مواسم أنعم بها على عباده المؤمنين، ليتقرّب ...

صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان


لله في أيامه مواسم أنعم بها على عباده المؤمنين، ليتقرّب إليه محسنهم، ويتوب إليه مسيئهم، ويعود إليه مدبرهم، فهي سوق الرحمن، تُعرض فيه الجنة على المشمرين لها، ومن تلك المواسم الفضیلة التي منّ الله بها على المؤمنين في هذه الأمة شهر رمضان، حيث تُفتح فيه أبواب الجنة وتُغلق فيه أبواب النار، وتُصفّد فيه الشياطين، وينادي فيه منادٍ كل ليلة: يا باغي الخيرِ أقبلْ، ويا باغي الشرّ أقْصر، حتى ينقضي رمضان.

وإن من أهم الأعمال في هذا الشهر العظيم قيام لياليه، ومن أفضل ما تقام به ليالي رمضان المباركة الصلاة، التي تعرف عند المسلمين بصلاة التراويح، أو صلاة التهجد.

فالتهجد وقيام الليل وقيام رمضان والتراويح هي عدة أسماء لمسمى واحد، قال النووي: «والمرادُ بقيام رمضان صلاةُ التراويح» [شرح صحيح مسلم]، وقال الكرماني: «اتَّفَقوا على أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح» [فتح الباري].

1. تسميتها:

قال ابن حجر: «والتّراويح جمع تَرْويحة، وهي المرة الواحدة من الراحة، كتسليمة من السلام، سُمِّيَت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح؛ لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين» [فتح الباري].

2. حكمها:

قال ابن قدامة: «ولا شك أن صلاة التراويح سنة مؤكدة، أول من سنها بقوله وفعله رسول الله، صلى الله عليه وسلم» [المغني]، وقال النووي: «اتفق العلماء على استحبابها» [شرح صحيح مسلم].

3. عدد ركعاتها:

أما عدد ركعاتها فإن السنة الفعلية الواردة بأسانيد صحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثمان ركعات، والوتر بعدها بثلاث أو خمس، وهو ما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه سأل عائشة، كيف كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضان؟ قالت: «ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة» [متفق عليه]. وعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة» [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح]. ولم يرد عنه -صلى الله عليه وسلم- بسند صحيح أكثر من هذا ولم يَجمع صحابتَه في المسجد للتراويح إلا ليلتين أو ثلاث، عن عائشة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في المسجد ذات ليلة، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما أصبح قال: قد رأيتُ الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفرض عليكم، قال: وذلك في رمضان) [أخرجه البخاري ومسلم].

وأما الزيادة على هذا المسنون فجائزة عند الأئمة، إن كان المصلي يصليها محققا للطمأنينة ولا يعتقد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى هذه الزيادة، والزيادة واردة عن الصحابة والسلف بأعداد مختلفة، فروي عن بعض الصحابة عشرين ركعة وعن بعض السلف ست وثلاثين وست وأربعين وغيرها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: «وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك، ولا يُكره شيء من ذلك»، ثم يقول: «ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ» [مجموع الفتاوی].

وال‍ذی یتتبع السنة وأحوال السلف یتبین له أن عدد الركعات يختلف باختلاف تحمّل القيام، فمن يتحمّل طول القراءة فليصلِّ بإحدى عشر ركعة، وهو الأولى لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن يريد أن يستوعب الليل كله لكن شق عليه طول القيام فليصلِّ حسب حالته، كما روى السائب بن يزيد: «أمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أُبيَّ بن كعب -رضي الله عنه- وتميما الداري -رضي الله عنه- أن يقوما للناس في رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر» [رواه أبو داود والنسائي وغيرهما] وعن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت أبي يقول: «كنا ننصرف في رمضان من القيام فنستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر» [رواه مالك]، أما التراويح المعتادة عند كثير من الناس اليوم أنهم يصلون 23 ركعة في 23 دقيقة، بعجلة ودون طمأنينة، فهي بدعة محضة ولم تثبت عن أحد من السلف، بل من فعل ذلك لم يفهم فقه السلف ولم يصب السنة.


◾ المصدر: صحيفة النبأ العدد 36
مقتطف من مقال: صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان
...المزيد

صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان [2/2] 4 . مقدار ما يُقرأ في كل ركعة: لم يرد في السنة عدد ...

صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان
[2/2]

4 . مقدار ما يُقرأ في كل ركعة:

لم يرد في السنة عدد معين من آيات القرآن يُقرأ بها في قيام الليل، إلا أن هناك آثار يَستأنس بها المسلم في عبادته، فقد مر أن الصحابة كانوا يقرؤون فيها بالسور المئين التي تقارب المائة آية، وروي عن أبي عثمان: أن عمر -رضي الله عنه- جمع القرّاء في رمضان فأمر أخفهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية، وأوسطهم خمسا وعشرين، وأثقلهم قراءة عشرين، وأمر عمر بن عبد العزيز القرّاء في رمضان أن يقوموا بست وثلاثين ركعة، ويوتروا بثلاث ويقرؤوا في كل ركعة عشر آيات» [مختصر قیام اللیل للمروزي].

5. الختم في التراويح والقراءة من المصحف فيه:

قال شيخ الاسلام ابن تيمية، رحمه الله: «وأما قراءة القرآن في التراويح فمستحب باتفاق أئمة المسلمين، بل من أجلّ مقصود التراويح قراءة القرآن فيها ليسمع المسلمون كلام الله، فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن وفيه كان جبريل يدارس النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن، (وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن)» [الفتاوى الكبرى]، ويجوز أن يُقرأ من المصحف في التراويح كما روي ذلك عن عائشة -رضي الله عنها- وغيرها من السلف، وسُئِل ابن شهاب -رحمه الله- عن الرجل يَؤُمُّ الناس في رمضان في المصحف، فقال: «ما زالوا يفعلون ذلك منذ كان الإسلام، كان خيارنا يقرؤون في المصاحف» [مختصر قیام اللیل للمروزي]، ويجوز أن يجتمع الناس عند ختم القرآن، قال النووي في آداب حملة القرآن: «يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحبابا متأكدا»، وقال: «وروى الدارمي وابن أبي داود بإسنادهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن، فاذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس فيشهد ذلك»، ولكن لم يثبت عن السلف الصالح حفلات الأناشيد والحلويات وغيرها من الأمور المستحدثة، التي يجب تجنبها، حتى لا يقع المرء في البدع.

6. بعض ما لا ينبغي في التراويح:

• تسريع الإمام في القراءة والصلاة بحيث لا يتمكن كثير من الناس -لا سيما المرضى وكبار السن- أن يفهموا ما يُتلى من القرآن أو أن يدركوا أركان الصلاة.

• خروج بعض الناس قبل إتمام التراويح، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له قيام ليلة) [أخرجه الترمذي والنسائي وغيرهما].

• من المنكرات أن يتخذها الناس محلا للمناظرات في ركعاتها، فترى من اتبع حديث عائشة -رضي الله عنها- يتهم من يصلي عشرين ركعة بالبدعة، ويتعصّب صاحب العشرين لعمله وكأنه محل إجماع، فيفوتهم خير كثير، ولو ردوا الأمر إلى السنة وفهم السلف لرضوا وعبدوا الله بما يحب.
خامسا: صور من قيام السلف الصالح، رحمهم الله
1 - عن عبد الله بن قيس قال: «دخلتُ على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فقالت: يا عبد الله لا تَدَع قيام الليل، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى وهو قاعد» [رواه أبو داود].

2 - وعن أبي عثمان النهدي قال: «تضيفت أبا هريرة سبعة أيام -أي نزلت ضيفا عليه- فكان هو وزوجته وخادمه يقتسمون الليل ثلاثا؛ الزوجة ثلثا، وخادمه ثلثا، وأبو هريرة ثلثا» [رواه أحمد].

3 - وكان ابن مسعود -رضي اللهُ عنه- إذا هدأتِ العيونُ قام فيُسمعُ له دويٌّ كدويِّ النحلِ حتى يصبح.

4 - وعن نافعٍ أنّ ابن عمر -رضي الله عنهما- كلما استيقظ من الليل صلّى.

وذكر آثار السلف لا ينحصر في مثل هذا المقام.
إن ‏ رمضان شهر عظيم مبارك تُضاعف فيه الأجور، فعلى المسلمين عموما وعلى جنود الدولة خصوصا أن يتجهوا فيه إلى الله -عز وجل- بكل ما يستطيعون فعله من جهاد، وقيام، وتلاوة قرآن، ونفقة مال، فأبواب الخير كثيرة وغير محصورة.
نسأل الله تعالى أن يجعل شهر رمضان علينا باباً للمغفرة والعتق من النار، وأن يفتح لعباده المؤمنين البلاد وقلوب العباد، وأن يمكن لهم في الأرض، اللهم آمين.


◾ المصدر: صحيفة النبأ العدد 36
مقتطف من مقال: صلاة التراويح .. وقيام ليالي رمضان
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 37 نعمة التمكين.. عضّوا عليها بالنواجذ بعد قرن من الزمن مَلأت فيه الأحزاب ...

صحيفة النبأ العدد 37
نعمة التمكين.. عضّوا عليها بالنواجذ


بعد قرن من الزمن مَلأت فيه الأحزاب والتنظيمات والفصائل المنتسبة للشريعة الدنيا ضجيجا بالحديث عن الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة والحكم بما أنزل الله، صرنا نراها اليوم تتهرب من هذه الغاية، بل وتعاديها، وتحارب من يقيمها ويدعو الناس إليها، بل وصار قادتهم لا يستحون من الجهر بأنهم لن يقيموا الشريعة حتى لو وصلوا إلى الحكم، أو مكّن الله لهم في الأرض، وصار بعضهم يجهر بأنهم سيقيمون أنظمة ديموقراطية شركية، ودولا مدنية علمانية.

وبعد سنوات طويلة من القتال بذلت فيها التنظيمات أثمانا كبيرة من دماء أنصارها وأعمارهم في سبيل إسقاط الأنظمة الطاغوتية، والوصول إلى الحكم محلها، وتحقيق التمكين في الأرض، باعتبار ذلك من المقدمات الضرورية لإقامة الدين، صار قادة الفصائل والأحزاب يعلنون على الملأ لأنصارهم وأعدائهم على حد سواء أنه لا ينبغي لهم أن يستولوا على حكم أي بلد من البلدان، ولا أن يظهروا تمكينهم في أي قطعة من الأرض يستولون عليها، ما يعني بالضرورة أن يلغوا النتيجة المرجوة وهي إقامة الدين، وذلك بزوال مقدماته التي سعوا لتحقيقها كما كانوا يزعمون، خوفا من إغضاب المشركين أو استفزاز المنافقين.

فوجدنا في التجارب من يقاتل لسنوات، وعند انتهاء المعارك يرضى بتسليم الحكم للعلمانيين، ويكون أقصى رجائه منهم أن يسمحوا له بالعيش في ظلّ قانونهم الجاهلي، فلا يؤذوه أو يقتلوه أو يسلموه لغيرهم من الطواغيت، فتنتهي حياته مشنوقا أو سجينا مؤبدا أو ذليلاً مدجّناً.

ووجدنا من يقاتل لسنوات، حتى إذا تمكّن في الأرض وأزال عنها طاغوتا، صار هو طاغوتا بوجهٍ جديد وذلك بامتناعه عن تحكيم الشريعة، وإبقائه على القوانين الوضعية، وحمايتها، وقتال من يجاهد لإزالتها، كحال مرتدّي الفصائل الممتنعة عن تحكيم الشريعة في بعض مناطق الشام، وحركة طالبان الوطنيّة في خراسان وحركة حماس الإخوانيّة المرتدّة في غزة.

ووجدنا من يقاتل لسنوات، فإذا زال حكم الشرك عن جزء من الأرض، ومكّنه الله منها، صار أقصى همّه ألّا يظهر عليه شيء من مظاهر التمكين، كي لا يُطالَب بإقامة الشريعة فيما تحت يده من بلادٍ أو عباد، فيدفعها للأيادي الخبيثة يحكمونها بقوانينهم المدنيّة «الديمقراطية» وأعرافهم القبلية الجاهلية وغيرها من شرائع الشرك، كما حدث مع قاعدة الظواهري في اليمن.

ومنهم من لم يتوقف عند هذا الحد بل تجاوزه بالسعي إلى إزالة حكم الله بقتاله الدولة الإسلامية، ومحاربتها لاستلاب الأرض منها، وإلحاقها بجملة ما يحكم بالقوانين الجاهلية، بل والاستعانة بالصليبيين وطواغيت العرب وإعانتهم لتحقيق هذا الغرض، كحال مرتدي الصحوات في الشام اليوم.

وقد منّ الله على الدولة الإسلامية أن أعرضت عن هذا كلّه، فهي تعلن في كل مناسبة أن الغاية من قتالها هو لتكون كلمة الله هي العليا، وأن جهادها للكفار والمنافقين لن يتوقف حتى يكون الدين كله لله، وتسعى جهدها لأن تكون ثمرة هذا القتال هو تحقيق التمكين في الأرض، لا طلبا لعلو فيه، أو سعيا لسلطان وجبروت، ولكن لأن إقامة الدين كاملا لا يكون إلا من خلاله.

وتبذل كل ما تملك للحفاظ على هذا التمكين لأن فيه حفظا للدين، ولسيادة حكم الله في الأرض، فإن اضطرت إلى المفاضلة بين خسارة الأرض أو التبديل وتغيير الدّين، فضّلت الثبات على الدين ولو انحازت من كل أرض، ولا يكلّف الله نفسا إلا وسعها.

إن الواجب المتحتم على كل المسلمين أن يجاهدوا لإزالة حكم الطواغيت من الأرض، وأن يسعوا إلى تحقيق التمكين ما وسعهم ذلك، وأن يحرصوا على أن لا يعود حكمها للطاغوت أياً كان شكله ووصفه، فلا يوقفوا قتالهم حتى يكون الدين كله لله، كاملا غير مجزوء ولا منقوص، وأن يكون عملهم هذا جزءا من جهاد المسلمين كلهم تحت راية الخلافة المباركة، فتصبح كل أرض يُمكَّن فيها للموحدين وتقام فيها أحكام الدين جزءا من دار الإسلام مهما تباعدت المسافات بينها، وتتبع لأمير واحد هو إمام المسلمين، وأن يدافعوا عن ذلك لأنه من نعم الله التي لا تعادلها نعمة في الدنيا، فإن زالت أرضٌ مِن يَدِهم أعادوا كَرَّة جهادهم حتى يستعيدوها ويقيموا الدين من جديد، ويستمروا على ذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وتلك هي صفة الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خالفها ولا من خذلها، والعاقبة للمتقين.


المصدر: صحيفة النبأ - العدد 37
الثلاثاء 23 رمضان 1437 ه‍ـ
...المزيد

تُهمٌ ما أنزل الله بها من سلطان فما زالت تتساقط علينا التهم كل يوم، ونُرمى بالفرى من كل صوب، ولن ...

تُهمٌ ما أنزل الله بها من سلطان

فما زالت تتساقط علينا التهم كل يوم، ونُرمى بالفرى من كل صوب، ولن تنتهي هذه الحرب ضد المجاهدين، ولن يتغير هذا الأسلوب أبدا مع الموحدين، قال الله تعالى: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾

مقتبس من كلمة (لن يضروكم إلا أذى) للشيخ أبو محمد العدناني تقبله الله
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 37 - قصة شهيد أبو سهل الأردني من التبعية لشيوخ الطاغوت.. إلى قيادة كتائب ...

صحيفة النبأ العدد 37 - قصة شهيد

أبو سهل الأردني
من التبعية لشيوخ الطاغوت.. إلى قيادة كتائب الموحّدين

[2/2]


- مع الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا:

وعندما يسّر الله لأبي سهل الهجرة، ودخل أول بيت أقلَّه في الشام، خرّ لله ساجدا شاكرا، ثم شرع في نصرة دين الله، وبدأ بأحب عمل إلى قلبه، ألا وهو الدعوة إلى التوحيد والجهاد، فبعد أيام قلائل من هجرته، خطب خطبة الجمعة على أحد منابر ريف حلب الشمالي، فما أنهى خطبته حتى أبكى الحاضرين، وحرضهم على اللحاق بالمجاهدين، فنفع الله به من أول مسيره في الجهاد، وأقبل عليه كثير من الناس، ثم نشط بعدها في ريف حلب وأقام عدة دروس ودورات وندوات.

ثم يسر الله له أن يعمل في مجال تخصصه (التمريض)، أميراً على مجموعة طبية في أشد جبهات ولاية حلب في ذلك الحين حربا وقتالا، المعروفة باسم (دويرينة والسكك)، فكان مطبباً للقلوب والأبدان، يدعو المجاهدين ويعلمهم ويحرضهم ويفتيهم، ويطبب أبدانهم ويسعف مصابهم، ويرابط معهم في الثغور... كل ذلك في همة ونشاط وعزيمة وحركة دائمة، وبشاشة لائحة على وجهه لا تفارقه حتى في أشد الاوقات، مع مزاح قليل، لتطبيب قلب العليل.

برزت شخصية الشيخ أبي سهل الأردني بين إخوانه المجاهدين، بما حباه الله من ذكاء وفطنة وحسن تدبير وتواضع، فتدرج في التكاليف الملقاة على عاتقه، فعمل شوطاً في ولاية حلب كداعية وواعظ وخطيب، ثم مسؤول نقطة طبية في الثغر، ثم مسؤولاً عن مضافة كبيرة للجرحى، ثم عمل أميراً لمنطقة الراعي في ولاية حلب، بعد تطهيرها من الصحوات، جاء هذا بعد قطع شوط كبير من الجهاد والقتال في ولاية دمشق، ثم كُلِّف أميراً على منطقة أكبر في ولاية حلب، فطلب الإعفاء، خوفاً من ثقل المسؤولية، لكنّ أمراءه رفضوا ذلك، لحسن سيرته ومحبة المجاهدين له، وكُلِّف بعد ذلك، نائباً لوالي البركة، فكان نعم الأمير، ونعم الناصح المشير.

- ومن يتّق الله يجعل له مخرجا:

لم تكن الإمارة كبيرة على أبي سهل رغم صغر سنه، ولم يكن كبيرا عليها لتواضعه، وحسن خلقه، وكان أكثر ما تولّاه من جوانب الإمارة في الولاية متابعة المظالم، والحرص على إزالة الظلم عن كل مسلم، ورغم انشغاله بأعباء العمل الثقيلة لم يترك وظيفته الأساسية في الدعوة إلى الله، فلا يترك اجتماعا مع الأمراء أو الجنود إلا ويذكرهم بالله، ويلقي فيهم كلمة يحضهم فيها على التقوى والثبات على التوحيد، واستمر في الخطبة في المساجد والصلاة بالناس لينفعهم بما لديه من علم، ويؤنسهم بصوته الجميل العذب.

وكان آخر ما تحمّله من مسؤوليات تكليفه إدارة القاطع الشرقي لولاية البركة الممتد بين بلدتي الهول وتل حميس، الذي كان فيه في ذلك الوقت أهم جبهات القتال ضد التحالف الصليبي وملاحدة الأكراد، فعمل على إعادة تنظيم الصفوف بعد انحياز المجاهدين من منطقة تل حميس، والإشراف على التجهيز للعمليات العسكرية ضد المرتدين.

وفي الوقت الذي نشطت فيها سرايا الانغماسيين في تبييت ثكنات المرتدين بالإغارات الليلية وإثارة الرعب في صفوفهم، لم يكن لأبي سهل أن يتخلف عن إخوانه في ذلك، فأصرّ على المشاركة في الانغماس خلف خطوط العدو، والانغماس في ثكناتهم فكان له ما أراد.

وبعد أن تقدمت السرية التي كان ضمنها خلف خطوط دفاع المرتدين لمسافة طويلة سيرا على الأقدام، بدأت عملية التسلل إلى إحدى ثكناتهم، حيث اشتبك المجاهدون مع أحد كمائن الملاحدة التي نشروها خلف خطوطهم لتصيد الانغماسيين، فقتل المجاهدون الكثير من عناصر الكمين، وانسحبوا من المكان قبل أن تصل المؤازرات، فلمّا تفقد العائدون بعضهم بعضا افتقدوا أميرهم أبا سهل، ليتبين لهم بشهادة أحد الجرحى أنه قتل أثناء الالتحام مع الملاحدة باشتباك قريب، فتقبله الله مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.

وبعد مقتله -تقبله الله- وصلت رسالة قديمة بخط يده إلى أحد إخوانه ممن رافقه في طريق الدعوة في الأردن، وفي طريق الهجرة إلى الدولة الإسلامية، يشكو إليه فيها ما حُمِّل من تكاليف الإمارة، وكان مما جاء فيها: «وإنّي ابتليت بأمر جلل، وأسأل الله أن يعينني، وأن يجعل لي مخرجا، وبإذن الله سأزورك في أقرب فرصة، وإن لم يقدّر الله اللقاء في الدنيا، فأسأل الله أن نلتقي في مقعد صدق عند مليك مقتدر».

- غزوة أبي سهل الأردني:

وتقديرا من إخوانه له، وإكراما لسيرته، فقد أطلقوا اسمه على واحدة من أكبر غزوات جيش الخلافة، وهي عملية اقتحام مدينة البركة العام الفائت، التي سُمِّيَت (غزوة الشيخ أبي سهل الأردني تقبله الله)، وقدّر الله أن يلحق فيها الكثير من إخوان أبي سهل به في تلك الغزوة المباركة.

نسأل الله أن يتقبل أخانا، وأن يلحقنا به، وأن يهيأ لنا من شباب الأردن الموحّدين من يتابعون السير على خطاه في الدعوة إلى التوحيد وجهاد الطواغيت وأذنابهم، إنه على ذلك قدير.

المصدر: صحيفة النبأ - العدد 37
الثلاثاء 23 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من قصة شهيد - أبو سهل الأردني
...المزيد

*أهم أحكام زكاة الفطر [2/1] من رحمة الله تعالى أن جعل للعبادات ما يجبر نقصها ويطهّر فاعلها من ...

*أهم أحكام زكاة الفطر

[2/1]
من رحمة الله تعالى أن جعل للعبادات ما يجبر نقصها ويطهّر فاعلها من التقصير في أدائها، ومن ذلك ما شرعه الله سبحانه لعباده الصائمين من زكاة الفطر، التي بها تطهيرٌ لنفس من صام رمضان، وكفارة لما ارتكبه من فحش الكلام، وجبرٌ لخاطر الفقير وإغناؤه عن السؤال يوم عيد الفطر... فما هي زكاة الفطر؟ وما حكمها؟ وما حكمة مشروعيتها؟ وما مقدارها؟ ومتى تُخرج؟ وعَمّن تُخرج؟ ومِمّن تُخرج؟ ولمن تُعطى؟

- تعريفها:

زكاة الفطر (أو ما يسمى الفطرة): هي صدقة تجب بالفطر من رمضان عند إتمام صيامه، وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنه سبب وجوبها.

- حكمها:

زكاة الفطر واجبة (فرض)، فعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: «فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين» [رواه البخاري]، قال النووي: «أجمع العلماء على وجوب صدقة الفطر» [المجموع].
الحكمة من مشروعيتها

عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: «فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين» [حسن، رواه أبو داود وغيره] و»قوله: (طهرة): أي تطهيرا لنفس من صام رمضان، وقوله (والرفث) قال ابن الأثير: الرفث هنا هو الفحش من كلام، قوله (وطعمة): بضم الطاء، وهو الطعام الذي يؤكل» [عون المعبود]، وعن وكيع قال: «زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدتي السهو للصلاة، تجبر نقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة» [المجموع للنووي]، وقال ابن قدامة: «والحكمة من مشروعية زكاة الفطر الرفق بالفقراء بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدوم العيد عليهم، وتطهير من وجبت عليه بعد شهر الصوم من اللغو والرفث» [المغني].

- وقت إخراجها:

تجب زكاة الفطر بغروب الشمس من آخر شهر رمضان، ووقت دفعها له وقت استحباب ووقت جواز، فأما وقت الاستحباب فهو صباح يوم العيد لأن النبي، صلى الله عليه وسلم «أمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة» [رواه البخاري ومسلم]، أما وقت الجواز فهو قبل العيد بيوم أو يومين، ففي صحيح البخاري عن نافع قال: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يعطيها قبل الفطر بيوم أو بيومين؛ ويحرّم تأخيرها لبعد صلاة العيد، قال ابن رسلان في تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد: «إنه حرام بالاتفاق لأنها زكاة، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم كما في إخراج الصلاة عن وقتها» [عون المعبود]، ولا تبرأ ذمة مؤخرها، لقوله، صلى الله عليه وسلم: «من أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» [حسن، رواه أبو داود وغيره].

- على من تجب:

تجب زكاة الفطر على المسلم القادر، فلا تجب على الكافر، لأن زكاة الفطر قربة من القُرَب وطهرة للصائم من الرفث، وليس الكافر من أهلها، وإنما يعاقب على تركها في الآخرة، قال الشافعي: «وفي حديث نافع دلالة على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفرضها إلا على المسلمين، وذلك موافقة لكتاب الله -عز وجل- فإنه جعل الزكاة للمسلمين طهورا والطهور لا يكون إلا للمسلمين» [الأم]، وتجب على القادر (المستطيع)، وبيّن النووي حد هذه القدرة بقوله: «المعسر لا فطرة عليه بلا خلاف... والاعتبار باليسار والإعسار بحال الوجوب، فمن فضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته لليلة العيد ويومه صاع، فهو موسر، وإن لم يفضل شيء فهو معسر ولا يلزمه شيء في الحال» [المجموع].

- عمّن يخرجها المسلم:

يخرجها الإنسان المسلم عن نفسه وعمن يعولهم (ينفق عليهم)، فيخرجها عن نفسه وزوجته وأولاده وما ملكت يمينه ووالديه الفقيرين، والبنت التي لم يدخل بها زوجها، والأقارب إذا لم يستطيعوا إخراجها عن أنفسهم، فإن استطاعوا فالأولى أن يخرجوها هم، لأنهم المخاطبون بها أصلا، ويبدأ بالأقرب فالأقرب، بنفسه فزوجته فأولاده ثم بقية القرابة أقربهم فأقربهم على حسب قواعد الميراث، ولا تجب عن الحمل الذي في البطن إلا إن يُتطوع بها، وإن مات مَن وجبت عليه الفطرة قبل أدائها، أخرجت من تركته، والخادم إذا كان له أجرة مقدرة كل يوم أو كل شهر لا يخرج عنه.


المصدر: صحيفة النبأ - العدد 37
الثلاثاء 23 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال - أهم أحكام زكاة الفطر
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً