الإخلاص تنقض شرك النصارى • {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أي أنه الواحد الأحد المتفرد بالألوهية ...

الإخلاص تنقض شرك النصارى

• {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
أي أنه الواحد الأحد المتفرد بالألوهية والربوبية، لا شريك له من خلقه كما أشركت النصارى معه عيسى وأمه مريم عليهما السلام، قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة]، وقال سبحانه:{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} [النساء]

• {اللَّهُ الصَّمَدُ}
أي أن الله هو المقصود بالحوائج، فقد انتهى سؤدده، وكل الخلق محتاج إليه وهو غير محتاج لهم، وقد قال الله عن عيسى وأمه عليهما السلام: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ..} [المائدة]، قال ابن كثير: "كانا أهل حاجةٍ إلى ما يَغْذُوهما وتقوم به أبدانهما من المطاعم والمشارب كسائر البشر من بني آدم، فإنّ من كان كذلك، فغيرُ كائنٍ إلهًا، لأن المحتاج إلى الغذاء قِوامه بغيره، وفي قوامه بغيره وحاجته إلى ما يقيمه، دليلٌ واضحٌ على عجزه. والعاجز لا يكون إلا مربوباً لا ربّاً"

• {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}
أي: ليس له والد ولا ولد، وفيه ردّ على النصارى الذين زعموا أن عيسى ابن الله، قال سبحانه: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ۝٨٨ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ۝٨٩ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ۝٩٠ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا} [مريم]

• {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}
أي ليس له كفؤ في ذاته، ولا أسمائه ولا صفاته ولا أفعاله، ومن جعل لله كفؤا من خلقه، كالنصارى الذين اتخذوا عيسى وأمه مريم عليهما السلام إلهين من دونه، فقد كفروا أعظم الكفر، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ..} [المائدة}


◽ المصدر: إنفوغرافيك صحيفة النبأ العدد 475
الخميس 25 جمادى الآخرة 1446هـ
...المزيد

أبواق الطواغيت • من الناحية الشرعية، فإن العاملين في وسائل الإعلام النصيرية كفار مرتدون محاربون ...

أبواق الطواغيت

• من الناحية الشرعية، فإن العاملين في وسائل الإعلام النصيرية كفار مرتدون محاربون يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم من المراسلين والمحررين والمصورين و "الممثلين" وكل من له صلة بالمنظومة الإعلامية النصيرية التي عكفت سنوات تناصر الطاغوت وتنافح عنه وتؤيد جرائمه، وإن تبديل هؤلاء جلودهم بين ليلة وضحاها من "التشبيح إلى الثورة" يُعد استخفافا بالدماء وإمعانا في الإجرام، وإن حكم الإسلام فيهم هو القتل ردةً جزاء وفاقا لأنهم أولياء وأعوان الطاغوت حكمهم حكمه لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 472
...المزيد

{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} • جميع الخلق مفتقرون قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ...

{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}

• جميع الخلق مفتقرون

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح الحديث القدسي: (يا عبادي؛ كلُّكُم ضالٌّ إلا من هديتُه، فاستهدوني أهدِكم، عبادِي؛ كلُّكُم جائعٌ إلا من أطعمتُه فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي؛ كلُّكُم عارٍ إلا من كسوتُهُ، فاستكسوني أكسكُم..): "هذا يقتضي أنَّ جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم ودفع مضارِّهم في أمور دينهم ودنياهم، وإنَّ العباد لا يملكون لأنفسهم شيئاً مِنْ ذلك كلِّه، وفي الحديث دليلٌ على أنَّ الله يحبُّ أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم، مِنَ الطَّعام والشراب والكسوة وغير ذلك، كما يسألونه الهداية والمغفرة.. وكان بعضُ السَّلف يسأل الله في صلاته كلَّ حوائجه حتّى ملحَ عجينه وعلفَ شاته" [جامع العلوم والحكم].

• افتقار الأنبياء لربهم

والدعاء من مظاهر الافتقار، وقد تجلى في دعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فكان من دعاء النبي ﷺ: اللّهمّ رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت [أبو داود]، ودعا موسى عليه السلام في قوله تعالى: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص]، وقال تعالى عن أيوب عليه السلام: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الانبياء]، فحري بالعبد أن يقتدي بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويظهر افتقاره إلى مولاه ويرفع حاجته إليه في سرائه وضرائه.

• الافتقار والسعادة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن سعادة العبد: "سعادة العبد في كمال افتقاره إلى ربه واحتياجه إليه أي في أن يشهد ذلك، ويعرفه، ويتصف معه بموجب ذلك من الذل، والخضوع والخشوع، وإلا فالخلق كلهم محتاجون، لكن يظن أحدهم نوع استغناء فيطغى كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ ۝٦ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ} [مجموع الفتاوى]. وقد أحسن العبارة إذ قال رحمه الله: "والعبد كلما كان أذل لله وأعظم افتقارًا إليه وخضوعا له، كان أقرب إليه، وأعز له، وأعظم لقدره، فأسعد الخلق أعظمهم عبودية لله".
وقد بين في موضع آخر مبينا كرامة الله لمن يفتقر إليه على خلاف ما سيلاقيه من الخلق لو احتاج إليهم قائلا: "فالرب سبحانه أكرم ما تكون عليه أحوج ما تكون إليه، وأفقر ما تكون إليه، والخلق أهون ما يكون عليهم أحوج ما يكون إليهم".

• من ثمار الافتقار

إن في افتقار العبد إلى خالقه ومولاه آثارا حسنة ليست على مستوى الذات فحسب بل على المجتمع المسلم أجمعه، وفي اعتقاده أن كل ما حباه الله تعالى من علم أو جاه أو قوة أو مال أو ولد فهو محض توفيق الله وأن الله هو المتفضل عليه وهو القادر أن يسلبه ما آتاه من العطايا والنعم؛ مدعاة لخفض جناحه للمؤمنين فهو عندئذ لا يرى أن ما حصله هو من ذات نفسه، فيكون بافتقاره متساويا مع إخوانه ولا يرى نفسه أنه خير منهم ولا يفضلهم بشيء وهذا مما يعزز الإخوة الإيمانية ويصونها من البغي والفخر كما قال رسول الله ﷺ: (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد)[مسلم].

وختاما نوصي أنفسنا والمسلمين، بدوام الافتقار إليه سبحانه لاسيما ونحن نعيش زمن الغربة واشتداد الفتن فما أحوج العبد أن يتعاهد قلبه ويحرزه إلى ملجأ الافتقار ويجعل ذلك دأبه فيبقى خائفا وجلا ذليلا منكسرا خاضعا خاشعا لمولاه الحق سبحانه، فكل النعم الدينية والدنيوية منه سبحانه فهو المنعم المتفضل كما قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل]، والحمد لله رب العالمين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ العدد 475
الخميس 25 جمادى الآخرة 1446هـ

مقتطف من مقال:
{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}
...المزيد

{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} الافتقار والتذلل إلى الله صفة جميلة وحقيقة جليلة، قد ...

{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}

الافتقار والتذلل إلى الله صفة جميلة وحقيقة جليلة، قد استوطنت قلوب المتجردين لله تعالى، أنبيائه وأصفيائه والصالحين، فكم لاذ بها إلى الله الطالبون ولجأ إلى حصنها الخائفون وكم عزت بها النفوس المؤمنة المفتقرة، فالسعادة والحياة الطيبة تكمن في تذلل وافتقار العبد إلى مولاه وخالقه والشقاء كل الشقاء في الاستغناء عن من بيده خزائن الأرض والسماء، وإن الحديث عن هذه العبادة الجليلة تتقاصر الأسطر عن أداء حقها في مقال، لكننا سنقف وإياكم بعض الوقفات لعل الله أن ينفعنا وإياكم ويجعلنا من الخاضعين المتذللين المفتقرين له سبحانه وتعالى.

• نداء وإعلام

ينادي المولى سبحانه الناس كل الناس، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، أقوياء أو ضعفاء، سادة كرماء في أقوامهم أو عبيدا أذلاء، نداء شاملا لا يستثني عزيزا فيهم أو مرؤوسا، عالما كان أو جاهلا حيث يقول عز وجل في محكم تنزيله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر]، قال الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: يا أيها الناس أنتم أولوا الحاجة والفقر إلى ربكم فإياه فاعبدوا، وفي رضاه فاسارعوا، يغنكم من فقركم، وتُنْجح لديه حوائجكم (وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ) عن عبادتكم إياه وعن خدمتكم، وعن غير ذلك من الأشياء؛ منكم ومن غيركم، (الْحَمِيدُ) يعني: المحمود على نعمه؛ فإن كل نعمة بكم وبغيركم فمنه، فله الحمد والشكر بكل حال" [التفسير].

• دوام الفقر إلى الله

قال ابن قيم الجوزية - رحمه الله - مبينا حقيقة فقر العبد إلى الله تعالى: "فحقيقة الفقر أن لا تكون لنفسك، ولا يكون لها منك شيء، بحيث تكون كلك لله، وإذا كنت لنفسك فثم ملك واستغناء مناف للفقر.
وهذا الفقر الذي يشيرون إليه: لا تنافيه الجدة ولا الأملاك. فقد كان رسل الله وأنبياؤه في ذروته مع جدتهم، وملكهم، كإبراهيم الخليل ﷺ كان أبا الضيفان، وكانت له الأموال والمواشي، وكذلك كان سليمان وداود عليهما السلام. وكذلك كان نبينا ﷺ كان كما قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ} [الضحى]، فكانوا أغنياء في فقرهم. فقراء في غناهم" [مدارج السالكين].

• الفقر الحقيقي

وتابع ابن القيم واصفا الفقر الحقيقي: "فالفقر الحقيقي: دوام الافتقار إلى الله في كلّ حال، وأن يشهد العبد في كلّ ذرّة من ذرّاته الظاهرة والباطنة فاقة تامة إلى الله تعالى من كل وجه، فالفقر ذاتيّ للعبد، وإنّما يتجدّد له لشهوده ووجوده حالا، وإلّا فهو حقيقة" [المدارج].

• والقلب فقير

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبينا افتقار القلب: "والقلب فقير بالذات إلى الله من وجهين: من جهة العبادة الغائية، ومن جهة الاستعانة والتوكل، فالقلب لا يصلح ولا يفلح، ولا ينعم ولا يسر ولا يلتذ، ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه، والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات: لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده، ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة، وهذا لا يحصل له إلا باعانة الله له؛ فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك له إلا الله، فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}" [العبودية].

• باب الافتقار الأعظم

إن في إيجاب الله تعالى على العبد وقوفه بين يدي ربه متذللا خاشعا ومنقطعا عن كل العلائق الدنيوية في اليوم والليلة خمس مرات، لدلالة على شدة فاقته وافتقاره إلى خالقه، فالصلاة هي باب الافتقار الأعظم لو أقامها العبد ظاهرا وباطنا، فقد اشتملت على هيئات وأقوال وأدعية تظهر مدى حاجة العبد وفقره، فالعبد يسأل الله تعالى هدايته وجوبا خلا السنن سبع عشرة مرة في اليوم والليلة، في إشارة إلى مدى افتقاره للهداية جميع أحواله، وأما عن الهيئات مثل الركوع والسجود ففيها من الانكسار والافتقار والتذلل ما فيهما؛ ولهذا كانتا من أركان الصلاة ولا تتم الصلاة إلا بهما، فحري بالعبد أن يعظم هذه الشعيرة ويقيمها ظاهرا وباطنا ويستشعر مدى فاقته وحاجته وهو واقف بين يدي مولاه جل وعلا، مقبلا عليها بقلبه وجوارحه، فإذا ما أقامها على هذا الوجه فقد أفلح وكانت له نورا وبرهانا.


◽ المصدر: صحيفة النبأ العدد 475
الخميس 25 جمادى الآخرة 1446هـ

مقتطف من مقال:
{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}
...المزيد

عالم هش.. وفرص كثيرة يستغرب كثير من الناس الطريقة التي تمكنت من خلالها الدولة الإسلامية من تحقيق ...

عالم هش.. وفرص كثيرة

يستغرب كثير من الناس الطريقة التي تمكنت من خلالها الدولة الإسلامية من تحقيق الفتوحات الكبيرة، وتحكيم شرع الله، وإعادة الخلافة، وكان الأولى بهم أن يستغربوا كيف عجزت الحركات والتنظيمات والفصائل والجماعات طوال القرن الماضي عن تحقيق ما حققته الدولة الإسلامية في سنوات معدودة، فمن يرجع إلى التاريخ يجد الكثير من الفرص التي تعاقبت دون أن تُستثمر بالشكل المناسب وتحقق التمكين في الأرض ومن ثم قيام الدول الإسلامية التي كانت تزعم هذه الجماعات والأحزاب أنها تعمل لإقامتها.

فالحربان العالميتان وما تخللهما من دمار عمّ كل دول الكفر، والحروب التي خاضها المسلمون ضد الاحتلال الصليبي في مختلف البلدان، والحروب المحلية كالتي حصلت في اليمن ولبنان والسودان وخراسان وشبه القارة الهندية، وحروب ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي كحروب القوقاز والبلقان وآسيا الوسطى، والكثير من فترات الاضطرابات والضعف التي أصابت الأنظمة الطاغوتية، كلها كانت فرصا مناسبة لبناء مشروع إسلامي ينتهي بإقامة دول إسلامية، ولكن الفصائل والحركات ضيعتها بسبب انحراف مناهجها أو غياب القيادة الرشيدة التي تسير بالركب لتحقيق الهدف، فكانت النتيجة أن يدفع المسلمون التضحيات الكثيرة في كل تلك المراحل وتؤول ثمرتها إلى أعداء الدين، ويكونوا أشد عداءً للإسلام ممن سبقهم.

وفي الاضطرابات الأخيرة التي حصلت خلال السنوات الماضية فيما يسمى «ثورات الربيع العربي» وحدها الدولة الإسلامية من مكّنها الله من استثمارها، وذلك لأسباب عديدة أهمها صفاء عقيدتها، واستقامة منهجها، وكفرها بالطواغيت بكافة صورهم، وعدم ركونها للمشركين، فسعت إلى تحقيق التمكين في الأرض، وجمع المسلمين تحت راية واحدة، وما إن تحقق لها ذلك حتى أُعلنت عودة الخلافة، في حين ضاعت المناطق التي تحركت فيها الحركات والتنظيمات والأحزاب والتجمعات والتنسيقيات وغيرها، وعادت إلى أيدي الطواغيت بطريقة أو بأخرى، ولو قدر الله أن استمعت الدولة الإسلامية لنصائح ونداءات قادة الفصائل الضالين لكان حال الرقة كحال مناطق الصحوات، تتنازع أرضها عشرات بل مئات الأحزاب، ولكان حال الموصل كحال البصرة وديالى تحت حكم الميليشيات الرافضية، وللحقت سرت بأختها بنغازي لتكون تحت حكم الطاغوت حفتر، أو لدخلتها حكومة أنشأتها الدول الصليبية كما في طرابلس، ولكن الله سلم، وهدى قادة الدولة الإسلامية إلى الأخذ بكل أسباب التمكين المتاحة، ورفعت الحرج عن الأمة بإعلان الخلافة، فكان ما كان من خير وتمكين، وعز وظفر، ونصر لأولياء الله، وقهر لأعدائه.

وإن من ينظر في تاريخ العالم، ويبصر واقعه المعاصر يدرك أنه عالم هش معرض للهزّات في كثير من أجزائه وخاصة في بلدان المسلمين التي يحكمها الطواغيت ويحتلها الصليبيون، وإن تحقيق النتائج التي جناها المجاهدون في العراق والشام أمر ممكن جدا -بإذن الله- إذا ما توفرت الإرادة وعُرف الطريق، وهو ما صار متاحا بعدما رآه المسلمون من سيرة قيام الدولة الإسلامية.

فتجربة العراق أخذ منها المجاهدون عبرا كبيرة، أهمها إعطاء الأولوية للتوحيد والحرص على سلامة المنهج، والثبات على المبادئ رغم المحن والابتلاءات، واليقين بنصر الله والإصرار على هزيمة جيوش المشركين مهما بلغت قوتها وكثرتها، والتوكل على الله وحده، والاعتماد في تمويل الجهاد على ما يرزقهم الله من غنيمة وفيء، وعدم الاستعانة بالمرتدين في القتال، والحذر منهم، وإعلان الحرب عليهم، وعدم إمهالهم ليتقووا على قتال المجاهدين مهما كانت المبررات، والحرص على الجماعة، والسمع والطاعة لإمام المسلمين، والبحث عن أي فرصة لتحقيق التمكين وإقامة الدين وتحكيم شرع الله، فكان لهذه العبر دور كبير في نجاة مشروع الدولة الإسلامية في الشام من تكرار الوقوع في فخ الصحوات، وإعادة الكرة على الروافض في العراق، ومن ثم تحقيق التمكين وإعادة الخلافة.

وقد مكن الله تعالى الدولة الإسلامية بذلك من أن تبرهن على صحة الطريق الذي سلكته ودعت الأمة إليه، لا بالعودة إلى الكتاب والسنة فحسب، وهما كافيان لأهل الإيمان، ولكن أيضا ببلوغ الهدف وتحقيق الغاية العظمى التي يسعى إليها كل مجاهد في سبيل الله، وهي إقامة دار الإسلام التي يُحكم فيها بشرعه وينعم فيها المسلمون بالعز والتمكين والتصدي لملل الكفر كلها بفضل الله.

وإن هذا المنهج النبوي في الدعوة والجهاد صار -بفضل الله- منتشرا بين المسلمين، ولا يوجد فيه أسرار تخفى على أحد من المجاهدين، لذلك صرنا نرى أتباعا لهذا المنهج، والتزاما بالجماعة، وبيعات لأمير المؤمنين نصره الله، في مشارق الأرض ومغاربها، وإن الفرصة التي أحسن مجاهدو الدولة الإسلامية وقادتها استثمارها بتوفيق من الله، ستتكرر مرات ومرات، في مناطق كثيرة من هذا العالم، وسيحسن المجاهدون استثمارها أيضا، وسيقيمون الولايات التي تتبع الدولة الإسلامية في كل مكان، فإن تمكن الصليبيون والطواغيت وعملاؤهم من استعادة إحداها بعد أن يحشدوا كل قوتهم،
...المزيد

رمضان شهر الاجتهاد والطاعات والجهــــاد والفتـوحـــات فقد اخترنا لك -أيها المجاهد- كلمة ...

رمضان شهر الاجتهاد والطاعات
والجهــــاد والفتـوحـــات


فقد اخترنا لك -أيها المجاهد- كلمة للشيخ الوزير أبي حمزة المهاجر عبد المنعم البدوي المصري، تقبله اللَّه، نصحَ بها إخوانه المجاهدين قبل سنوات، وكلمته كانت بعنوان (رمضان شهر الجهاد والغفران)، وقد أوردناها لك باختصار وتصرّف يسير، فاسمع لما يقول المهاجر، رحمه اللَّه:

الحمد للَّه مالك الملك، المتنزه عن الجور، والمتكبر عن الظلم، المتفرد بالبقاء، السامع لكل شكوى، والكاشف لكل بلوى، والصلاة والسلام على من بُعث بالسيف بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى اللَّه بإذنه وسراجا منيرا، أما بعد:
فنحمد اللَّه الكريم المنّان أن بلّغنا هذا الشهر، ونُهنئ أمة الإسلام والمجاهدين في سبيل اللَّه المرابطين في ثغور العز ومواطن الفخر في مشارق الأرض ومغاربها، الأبرار المخلصين، الصادقين الصابرين، ليوث الحرب وفرسان النصر، رجال الدولة الإسلامية، فعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين) [رواه مسلم].

قال القرطبي: «ويصحّ حمله على الحقيقة، ويكون معناه أن الجنة فُتحت وزُخرفت لمن مات في شهر رمضان، لفضيلة هذه العبادة الواقعة فيه، وغُلقت عنهم أبواب النار فلا يدخلها منهم أحد مات فيه» [المُفهم].

وشهرنا الكريم ركن من أركان الإسلام عظيم، ولا قِوَامَ للدين إلا بأركانه، قال صلى اللَّه عليه وسلم: (بُني الإسلام على خمس؛ شهادة أنّ لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان) [متفق عليه].
قال القرطبي: «وإنما خصّ هذه بالذكر ولم يذكر معها الجهاد مع أنه به ظَهَرَ الدين وانقمع به عتاة الكافرين، لأن هذه الخمس فرضٌ دائم على الأعيان ولا تسقط عمّن اتصف بشروط ذلك، والجهاد من فروض الكفايات وقد يسقط في بعض الأوقات» [المُفهم].

فصرّح أنّ الجهاد إذا تعيّن صار من مباني الإسلام التي لا قوام ولا عزّ له إلا به، ولِمَ لا ونفع الجهاد عام، وضرر تركه عظيم على الدين والعرض والنفس والمال! فالمجاهدون في سبيل اللَّه هم من حققوا معنى الإيمان، الصادقون بنص الكتاب بادعائهم له، قال اللَّه تعالى في سورة الحجرات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه اللَّه: «بيّن أن الجهاد واجب وتركُ الارتياب واجب، والجهاد وإن كان فرضا على الكفاية -أي في حال كونه فرض كفاية- فجميع المؤمنين يُخاطَبون به ابتداءً، فعليهم كلهم اعتقاد وجوبه والعزم على فعله إذا تعيّن» [مجموع الفتاوى].

فالجهادُ من الإيمان بل هو ذروة الإيمان وأعلاه، فلا يَفُتْكَ -يا رعاك اللَّه- حظُّك منه في هذا الشهر الكريم، ففي الصحيح عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: (انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يُخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي، أن أرجعه، بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أُقتل في سبيل الله، ثم أُحيا ثم أُقتل، ثم أُحيا ثم أُقتل).
قال ابن بطال: «انتدب اللَّه: يريد أوجب اللَّه وتفضّل لمن أخلص النية في جهاده أن ينجزه ما وعده» [شرح البخاري].

أنْعِمْ حياةً في الجهاد وفي الهدى
إنَّ الجهادَ مجامعُ الإيمانِ
فاحملْ سلاحكَ لا يغيبُ بريقهُ
إنَّ السلاحَ وسامة الفرسانِ
وارمِ بنفسك في النزال فإنما
لا تقصر الأعمار بالشجعانِ
شهرٌ كريمٌ قد أطلَّ صباحهُ
قد يرفسُ الخيرَ العظيمَ جبانِ


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
رمضان شهر الاجتهاد والطاعات
والجهــــاد والفتـوحـــات
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - الإيمان بالقدر والثقة بوعد الله درع المرأة المؤمنة: وأحكام ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- الإيمان بالقدر والثقة بوعد الله درع المرأة المؤمنة:

وأحكام النساء في هذا الباب كأحكام الرجال سواء بسواء، فمن وقعت من المسلمات في شيء من ذلك بتخويف أهل بيتها أو غيرها من المسلمين، وإشاعة الإشاعات التي تضعف القلوب بينهم فعليها أن تستغفر الله من هذا الذنب، وأن تصحح إيمانها بقضاء الله وقدره، وأن تعيَ جيّدًا قولَ اللهِ تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة 51)، وحديثَ النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ لعبدِ الله بن عبّاس وهو رديفٌ خلفه: (يَا غُلامُ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ) [رواه أحمد والترمذي].

وإن المرأة المسلمة عليها دائما إذا ما سمعت شيئا من إرجاف المرجفين، عن قوة أعدائنا، وتحضيراتهم لغزونا، وتحشيدهم علينا بالعدة والعتاد، أن تضع نصب عينها قوله تعالى حكاية عن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، لما حشد لهم الروم الذين كانوا يمتلكون أقوى جيوش العالم آنذاك {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

فهكذا يكون جواب المرأة المسلمة للمرجفين والمنافقين، أن ترد عليهم بقولها «حسبنا الله ونعم الوكيل»، ليقينها أن مدد الله يكفي عباده مهما كانت قوة أعدائهم، ولإيمانها أنه لن يصيبها وأهلها وسائر الناس، إلا ما كتب الله لهم، ولمعرفتها أن تخويف الشيطان إنما ينطلي على أوليائه لا على المؤمنين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - الإيمان بالقدر والثقة بوعد الله درع المرأة المؤمنة: وأحكام ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- الإيمان بالقدر والثقة بوعد الله درع المرأة المؤمنة:

وأحكام النساء في هذا الباب كأحكام الرجال سواء بسواء، فمن وقعت من المسلمات في شيء من ذلك بتخويف أهل بيتها أو غيرها من المسلمين، وإشاعة الإشاعات التي تضعف القلوب بينهم فعليها أن تستغفر الله من هذا الذنب، وأن تصحح إيمانها بقضاء الله وقدره، وأن تعيَ جيّدًا قولَ اللهِ تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة 51)، وحديثَ النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ لعبدِ الله بن عبّاس وهو رديفٌ خلفه: (يَا غُلامُ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ) [رواه أحمد والترمذي].

وإن المرأة المسلمة عليها دائما إذا ما سمعت شيئا من إرجاف المرجفين، عن قوة أعدائنا، وتحضيراتهم لغزونا، وتحشيدهم علينا بالعدة والعتاد، أن تضع نصب عينها قوله تعالى حكاية عن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، لما حشد لهم الروم الذين كانوا يمتلكون أقوى جيوش العالم آنذاك {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

فهكذا يكون جواب المرأة المسلمة للمرجفين والمنافقين، أن ترد عليهم بقولها «حسبنا الله ونعم الوكيل»، ليقينها أن مدد الله يكفي عباده مهما كانت قوة أعدائهم، ولإيمانها أنه لن يصيبها وأهلها وسائر الناس، إلا ما كتب الله لهم، ولمعرفتها أن تخويف الشيطان إنما ينطلي على أوليائه لا على المؤمنين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

اليهود داخل معركة الأحزاب لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا ...

اليهود داخل معركة الأحزاب


لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا من عجز قبائل العرب عن هزيمته، وتأكّدهم من أن النظام الذي ارتضوا هم وأعداؤهم الفرس بقاءه سائدا في جزيرة العرب لقرون آيل للسقوط، وسيقوم مكانه نظام جديد لا يعرض هيمنتهم على تلك الصحاري للخطر فحسب، بل سيهددهم في عقر دورهم أيضا، فكانت تحركاتهم الأولى للقضاء على هذا الخطر في مؤتة وتبوك، وكان تهديدهم الآخر في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي تراجعوا عن إنفاذه بعد أن ظنوا أن ردّة الأعراب ستكفيهم مؤونته، فخاب سعيهم وكان ما كان للإسلام من عز وتمكين بفضل الله وحده.

واليوم لم تحزم أمريكا الصليبية أمرها بالعودة لقتال الدولة الإسلامية بعد أن فرت من نزالها قبل سنوات خشية الهلاك إلا بعد أن تيقنت من عجز المرتدين عن هزيمتها ودرء خطرها الذي بات لا يهدد فحسب نظام سايكس – بيكو الذي صاغوه منذ قرن من الزمن لإدارة بلدان المسلمين، بل بات يهددهم في عقر دورهم بإعلان الدولة الإسلامية الصريح أن جهادها لن يتوقف - بإذن الله – حتى يخضع العالم كله لشرع الله.

ولذات السبب خرج اليهود اليوم لقتال الدولة الإسلامية، وما أخرجهم إلا يقينهم بخطر داهم بات يتهدّدهم، وهم الذين وصفهم الله عز وجل أنهم لا يقاتلون المسلمين (إلا في بروج مشيّدة أو من وراء جدر)، فانهيار دويلات سايكس – بيكو التي كان من وظائفها حماية دولة اليهود، والاقتراب الكبير لمجاهدي الدولة الإسلامية من حدودها، وخشيتها من انتشار منهجها بين المسلمين المستضعفين داخل تلك الحدود، والعجز الظاهر للدول الصليبية الحامية لليهود عن حسم المعركة معها، كلها أسباب تبرر للدولة اليهودية أن لا تقعد ساكنة إزاء هذا الخطر.

ولم يعد كافيا للحكومة اليهودية وجيشها وأجهزة مخابراتها الاقتصار على تقديم الدعم لأنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية المحيطة بها، لعجز هذه الأنظمة عن استثمار هذا الدعم في تحقيق انتصار على الدولة الإسلامية، فانطلق اليهود ليخوضوا حربهم الخاصة ضدّها، قصفا بالطائرات، واستطلاعا بالمسيّرات، وبثا للجواسيس والعيون، وخاصة في سيناء التي يخوض مجاهدوها حربا ضد جيش الطاغوت السيسي تحت قصف الطيران اليهودي لم تغن عنهم شيئا، وفي ولايات الشام التي تخوض أجهزتها الأمنية حربا مع جواسيس اليهود وعيونهم، لنا فيها الغلبة بحمد الله.

هذه الحرب وإن كانت في بداياتها فإنها – بحمد الله – مؤشر جيد على إمكانية حدوث المزيد من التورط لجيش اليهود فيها، وذلك بتسارع وتيرة الانهيار في أنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية، وفشل الحملة الصليبية على الدولة الإسلامية، والقضاء التام على مرتدي الصحوات، وفصائل الفرقة والشتات.
إن هذه المعركة بالنسبة لليهود لن تكون – بإذن الله – كباقي معاركهم التي خاضوها ضد الأنظمة الطاغوتية، والحركات العلمانية القومية والشيوعية، ولا كمعاركهم مع الفصائل الديموقراطية المنتسبة للإسلام زروا، إذ كل تلك المعارك كانت تجري في إطار قواعد «النظام الدولي» الطاغوتي، فكانت حدود الصراع واضحة المعالم لكل الأطراف، ومن يتجاوزها يعرض نفسه للعقاب، في حين أن الدولة الإسلامية بفضل الله كافرة بهذا «النظام الدولي»، محاربة لكل الطواغيت القائمين عليه، وعلى رأسهم الدول الصليبية الحامية لدولة اليهود، وليس لصراعها مع أعدائها حدود إلا التي فرضها الله عز وجل على المسلمين في جهادهم بأن يخضع المشركون لحكم الإسلام فيهم، وكل الأرض ساحة لجهادها، وكل المسلمين جنود محتملون في جيشها، وكل المشركين المحاربين في الأرض ومنهم اليهود أهداف مشروعة لها.

إن الدولة الإسلامية – بفضل الله – ليست دولة شعارات، ولكنها دولة عزيمة وتوكل على الله، وكل تهديد ووعيد من قادتها لليهود إنما هو من حسن الظن بالله عز وجل أن يمكّنهم منه، فكما قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله من قبل، أنه ومن معه يقاتلون في العراق وعيونهم على بيت المقدس، وكما قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي تقبله الله لليهود من قبل، فإن المسلمين قادمون لقتالهم من العراق والشام واليمن وخراسان ومغرب الإسلام وإفريقية والقوقاز، ومن كل مكان، وإننا لن نزيد على ما قال مشايخنا من قبل شيئا، ولكننا – بحمد الله- على تحقيق ما وعدوا أقدر، ومن أرض الصراع مع اليهود أقرب.

فليقصف اليهود بطائراتهم، فليست علينا بأشد من طائرات الصليبيين وقد صبّرنا الله عليها، وليبعثوا بجواسيسهم وعيونهم فسيفضحهم الله ويمكننا من رقابهم، وليدعموا دويلات سايكس - بيكو الطاغوتية، فستكون أموالهم التي أنفقوا حسرة عليهم، وبإذن الله سيغلبون، ثم إلى جهنم يحشرون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
اليهود داخل معركة الأحزاب
...المزيد

*عبوديّات اللِّسان الخمس* • *واجبه* النُّطق بالشّهادتين، وتلاوة ما يلزمه تلاوته من القرآن، وهو ...

*عبوديّات اللِّسان الخمس*

• *واجبه*
النُّطق بالشّهادتين، وتلاوة ما يلزمه تلاوته من القرآن، وهو ما تتوقَّفُ صحّةُ صلاته عليه وتلفُّظه بالأذكار الواجبة في الصّلاة التي أمَر الله بها ورسولُه، وردُّ السّلام، والأمرُ بالمعروف والنّهي عن المنكر، وتعليمُ الجاهل، وإرشادُ الضّالِّ، وأداءُ الشّهادة المتعيِّنة، وصدقُ الحديث..

• *مستحَبُّه*
تلاوة القرآن، ودوام ذكر الله، والمذاكرة في العلم النّافع، وتوابع ذلك..

• *محرمَّه*
النُّطقُ بكلِّ ما يبغضه الله ورسوله، كالنُّطق بالبدع المخالفة لما بعث الله به رسولَه، والدُّعاءِ إليها، وتحسينِها وتقويتِها؛ وكالقذفِ وسبِّ المسلم وأذاه بكلِّ قولٍ، والكذب، وشهادة الزُّور، والقول على الله بلا علمٍ وهو أشدُّها تحريمًا..

• *مكروهه*
التّكلُّمُ بما تركُه خيرٌ من الكلام به، مع عدم العقوبة عليه..


◾️ وكلُّ ما يتلفّظ به اللِّسان فإمّا أن يكون ممّا يرضي الله ورسوله أم لا، فإن كان كذلك فهو الرّاجح، وإن لم يكن كذلك فهو المرجوح، وهذا بخلاف حركات سائر الجوارح، فإنّ صاحبها قد ينتفع بتحريكها في المباح المستوي الطّرفين، لما له في ذلك من الرّاحة والمنفعة، فأبيح له استعمالُها فيما فيه منفعةٌ له، ولا مضرّةَ عليه فيه في الآخرة. وأمّا حركة اللِّسان بما لا ينتفع به فلا تكون إلّا مضرّةً، فتأمّله.

*- [مدارج السالكين] لابن القيم -رحمه الله-*
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 39 ولا تتبعوا السُبُل فتفرّق بكم عن سبيله يزعم مشركو الديموقراطية من الذين ...

صحيفة النبأ العدد 39
ولا تتبعوا السُبُل فتفرّق بكم عن سبيله


يزعم مشركو الديموقراطية من الذين يدّعون الانتساب إلى الإسلام أنهم لم يسلكوا هذا الطريق إلا لتجنيب الناس الصدام المكلف مع الطواغيت في طريقهم لإقامة دين الله، ويكذّبهم في زعمهم هذا الحجمُ الكبيرُ للقتلى والجرحى والأسرى والمفقودين الذين يذهبون ضحية لكل تجربة من تجاربهم الديموقراطية الفاشلة.

ويزعمون أن طريق الديموقراطية الكفري هو الطريق الصحيح لإقامة الدين في هذا الزمان، رغم أن تجارب قرن من الزمن تثبت أن مشركي الديموقراطية لم يتمكنوا من إقامة الدين في أي بقعة من الأرض، ولن يتمكنوا من ذلك أبدا، لأن الإسلام دين التوحيد، والديموقراطية دين شركي، ولا يمكن للشرك أن يكون طريقا إلى التوحيد، كما أنه لا يمكن تحصيل الطهارة بالانغماس في النجاسة.

ويزعمون أنهم الوحيدون القادرون على قيادة الأمة، وأنهم الوحيدون الذي يجيدون السياسة، ويحسنون التعامل مع أعداء الإسلام، مع أن أحداث التاريخ المتعددة تفضح سفاهتهم وقلة حيلتهم، ويكفي للكشف عن ذلك أن نستذكر عدد المرات التي أوقعوا فيها أنصارهم ومريديهم فرائس سهلة بيد جيوش الطواغيت، بعد أن أقنعوهم بالخروج عليهم بصدور عارية وأيدٍ خاوية، بدعوى السلمية.

ويزعمون أنهم يريدون الحكم ليقيموا الدين، والتاريخ يثبت أن مشركي الديموقراطية وعبيد الحاضنة الشعبية يزدادون تنازلا عن شعائر الإسلام كلما زاد تمكينهم في الأرض، فيبذلون وسعهم في إرضاء أعداء الله من الصليبيين والطواغيت والمنافقين، ويسعون جهدهم لإقناعهم أنهم لن يأخذوا من الإسلام إلا بمقدار ما يأذنون لهم به، وبمقدار ما هو مباح في دين الديموقراطية الكفري، ورغم كفرهم لا يرضى عنهم أعداء الإسلام، فيزيلون حكمهم، ويزجون بهم وبأنصارهم إلى السجون، ويسوقونهم إلى ساحات الإعدام.

ويفرح السذج اليوم بانتصار الطاغوت أردوغان على بعض خصومه كما فرحوا من قبل بفوز الطاغوت مرسي في الانتخابات، ويمنّي كثير منهم أنفسهم أن الخطوة القادمة ستكون إعلانا لإقامة الدين، وتطبيقا لشريعة الله، متناسين أن تلك الأماني قد وضعوها من قبل في مرسي قبل أن تخيب آمالهم وهم يرونه خلف القضبان مع عشرات الآلاف من الحمقى والمغفلين الذي صدّقوا أكاذيب الأحبار والمرشدين أنه يمكن إقامة الدين باتباع طريقة المشركين، وبمداهنة اليهود والصليبيين.

والواجب على المسلمين أن لا يقعوا في أفخاخ شياطين الإنس فيحصروا أنفسهم في سجن الخيارات الضيقة التي يحاول الكفار إلجاءهم إلى أحدها، من قبيل الاختيار بين أحد طاغوتين، أحدهما يرفع الشعارات العلمانية البحتة، والآخر يحمل شعارات علمانية مع إشارات إسلامية زائفة، بل الواجب عليهم أن يكفروا بكل حكم طاغوتي، ولا يقبلوا بغير أن يكون الدين كله لله، كاملا، غير منقوص ولا مجزوء.

وعليهم أن يكونوا على حذر من الطواغيت، فليأخذوا حذرهم وليأخذوا أسلحتهم، ولا يتركوا لأعدائهم فرصة للنيل منهم، بقتلهم أو اعتقالهم، فإن كان لا بد، فشرف القتل في سبيل الله، والنكاية في أعداء الله، مقدّم على ذل الأسر، وفتنة السجن، فمن عادة الطواغيت المنتسبين للإسلام زورا، أن يقدموا لأسيادهم الصليبيين قرابين من دماء الموحّدين يتقربون بها إليهم زلفى، ويتّقون بها غضبهم تقوى، ويثبتون لهم من خلالها براءتهم من التوحيد وأهله، وولاءهم للشرك وأهله.

وعليهم أن يُعدّوا، ويَستعدّوا، لينتهزوا كل فرصة يمنحهم الله إياها ليظهروا توحيدهم، ويمكّنوا لدينهم في الأرض، ولا تأخذهم رأفة في دين الله بالطواغيت وجنودهم وأنصارهم، ولا يهنوا في ابتغاء القوم المجرمين، ولا يهولنهم جمعهم وعددهم وسلاحهم، فإنهم منصورون عليهم بإذن الله تعالى.

منصورون بتوحيدهم على شرك المشركين، وباتباعهم لمنهاج النبي -صلى الله عليه وسلم- على المبدّلين والمفسدين، وبجماعتهم على جاهلية المتفرّقين، وبجهادهم في سبيل الله على المقاتلين في سبيل الطاغوت أجمعين.

والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.


المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
الثلاثاء 14 شوال 1437 ه‍ـ

* تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

جبل من جبال القوقاز... شمخ في أرض الخلافة الشيخ عمر الشيشاني [4/4] وكما أن عمر الشيشاني لم ...

جبل من جبال القوقاز... شمخ في أرض الخلافة
الشيخ عمر الشيشاني
[4/4]

وكما أن عمر الشيشاني لم يبال باسم كتيبته المشهور وتخلى عنه في سبيل توحيد جماعة المسلمين، فإنه لم يبال باسمه وشهرته، وطعن الحاقدين في عرضه، وهم من كانوا بالأمس يمتدحونه ويثنون عليه، ويسبغون عليه الألقاب الرنانة، بل زاد تعلقه بالجماعة وحرصه على الدولة الإسلامية، وصار يدعو الكتائب والفصائل إلى اللحاق بها، فكانت بيعته هو وأبو أثير -تقبلهما الله- محرضا لمجاهدي (كتيبة البتار) على البيعة، ليلحق بهم أبو مهند حسان عبود ومجاهدو (لواء داود) وغيرهم من المجاهدين والكتائب.

وكما فتح الله على الشيخ عمر في غزواته مع (كتيبة المهاجرين)، فتح الله على يديه بعد البيعة فتوحات أكبر على رأسها تحرير (مطار منّغ) شمال حلب مع أبي أسامة المغربي، تقبله الله، (ومستودعات الحمراء) في ريف حماة الشرقي مع عابد الليبي، تقبله الله، ومنّ الله على جيش الدولة الإسلامية فيهما بغنائم كبيرة، ليبدأ بعدها للإعداد لغزوات كبرى في الشام، وبعد دراسة واستطلاع طويلين ومفاضلة بين مدينتي البركة والخير، استقر الأمر على مدينة الخير، وكان الشيخ عمر هو قائد الغزوة، وفي الوقت نفسه كانت صحوات الشام تخطط للغدر بالدولة الإسلامية مستغلة انشغال جيشها بهذه الغزوة الكبرى، بالإضافة لجبهات القتال الطويلة في حلب وإدلب والساحل، حيث لم يبق في مقراتها غير عدد قليل من المجاهدين.

خرجت الصحوات وأعلنت غدرها، وقطعت الطرق، واعتُقل مجاهدو الدولة الإسلامية على الحواجز، وحوصر كثير منهم في ريف حلب، وهنا لم يعد بُدٌّ من إيقاف غزوة الخير رغم أهميتها وضرورة التوجه لاستنقاذ الإخوة المحاصرين، فحشد الشيخ عمر المقاتلين وسحبهم من ولاية الخير مرورا بولاية الرقة حيث كان مقاتلو فصائل الصحوات من أمثال جبهة الجولاني و»أحرار الشام» يظهرون أن لا علاقة لهم بغدر إخوانهم في حلب وإدلب والساحل، فوثق فيهم الشيخ عمر وأفرغ الرقة من المجاهدين ليأخذهم معه لفك الحصار عن الإخوة في مدن ولاية حلب، فما كان من مرتدي الصحوات إلا أن غدروا بمن بقي في مدينة الرقة من المجاهدين فور خروج الرتل الذي قاده الشيخ عمر، ليخزي الله المرتدين ويفشل عملهم ويهربوا من الرقة باتجاه ولاية الخير.

وفي الطريق تعرض الشيخ عمر ومن معه من المجاهدين لحادثة غدر من «أحرار الشام» قرب بلدة مَسْلَمَة، حيث طلبه المرتدون للتفاوض بعد أن حاولوا قطع طريق وصوله إلى حلب، وفي طريقه إليهم نصبوا له كمينا، وبعد أن نجاه الله منهم جاءه الخبيث الهالك أبو خالد السوري ليعقد معه اتفاقا لعبور قواته إلى حلب وذلك خوفا من عبورهم بالقوة، واستيلائهم على مطار الجراح الذي كان بيد المرتدين، وهكذا عبر الشيخ عمر وإخوانه إلى ريف حلب الشرقي ليفكوا الحصار عن الإخوة في مدن منبج والباب وجرابلس، ويعينوا المحاصرين في حريتان على فك الحصار عن أنفسهم والوصول إلى اعزاز ومنها إلى مناطق تمكين الدولة الإسلامية في حلب والرقة والبركة.

ولم تكن حرب الصحوات لتنتهي حتى فتح الله على عباده الموحدين مدن العراق التي تساقطت واحدة تلو الأخرى بعد فتح الموصل، وعادت الخلافة في الوقت الذي كان فيه الشيخ عمر مشغولا بالإعداد لواحدة من أكبر الغزوات في الشام كاد هدفها أن يكون إزالة كافة نقاط النظام النصيري القريبة من مناطق الدولة الإسلامية، التي حاصرتها الفصائل لسنين، وانطلقت الغزوة التي شملت (الفرقة 17) و(اللواء 93) و(مطار الطبقة) في ولاية الرقة، و(الفوج 121) في ولاية البركة، و(مطار كويرس) في ولاية حلب، وكانت نتيجتها فتح كل تلك القواعد العسكرية وقتل وأسر الآلاف من جنود النصيرية، واغتنام كميات كبيرة من السلاح ومستودعات ممتلئة بالذخيرة، في حين لم يتم العمل على مطار كويرس بسبب غدر صحوات الريف الشمالي وسحب القوة المخصصة للهجوم عليه لصد هجومهم.

وبعد هذا الفتح العظيم الذي أعقب فتوح العراق، وإعادة الخلافة، بدأت ملامح مرحلة جديدة من الصراع مع المشركين وعملائهم المرتدين تلوح في الأفق، عنوان هذه المرحلة الحملة الصليبية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة، ويعينها فيها طوائف الشرك والردة من كل جنس ولون.

فجاء أمر أمير المؤمنين -تقبله الله- بنقل الشيخ عمر الشيشاني إلى ولايات العراق، التي كانت قد فقدت واحدا من أعظم رجالها، وأشد محاربيها، وهو الشيخ أبو عبد الرحمن البيلاوي، تقبله الله.

فكان خير خلف لخير سلف، فصال في ولايات العراق وجال، محاربا لمرتدي الرافضة والصحوات والبيشمركة، أميرا لديوان الجند، وقائدا لجيش الخلافة في ولايات العراق، وبقي على هذه الحال حتى أتاه اليقين في ساحات النزال التي عشقها وتعلق قلبه بها، كما نحسبه والله حسيبه، فتقبله الله في الخالدين.


* المصدر: صحيفة النبأ - العدد 39
لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً