قل للذين كفروا ستغلبون وإلى آساد الخلافة في ولاية خراسان، شدوا العزائم والهمم ونغصوا عيش ...

قل للذين كفروا ستغلبون


وإلى آساد الخلافة في ولاية خراسان، شدوا العزائم والهمم ونغصوا عيش الروافض المشركين وطالبان المرتدين، كما نوصيكم بانتقاء أهداف أشد وأنكى برأس حكومة الطاغوت ومفاصلها، فإذا مكنكم الله تعالى من رأس الأفعى سقط ذيلها وكل ما عليها.

- الشيخ أبو حمزة القرشي (تقبله الله تعالى)
{وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}
...المزيد

أبيات يثني فيها العدناني على الزرقاوي تقبلهما الله. قال أبو محمد العدناني في منظومة وقعة ...

أبيات يثني فيها العدناني على الزرقاوي تقبلهما الله.


قال أبو محمد العدناني في منظومة وقعة الفلوجة عن الزرقاوي:


وَأَتَى مِنَ الزَّرْقَاءِ لَيْثٌ غَاضِبٌ
خَلَعَ الْقُلُوبَ عَدَا يَصُولُ وَيَزْأَرُ

سَيْلٌ تَحَدَّرَ مِنْ جِبَالِ عَقِيدَةٍ
إِعْصَارُ إِيْمَانٍ وَرِيحٌ صَرْصَرُ

حَارَتْ طُغَاةُ الْعَصْرِ مِنْ ضَرَبَاتِهِ
أَصْنَامُهَا مِنْ هَوْلِهَا تَتَكَسَّرُ

هُوَ رَايَةٌ جَمَعَتْ كُمَاةَ الدِّيْنِ بَلْ
مِرْآةُ كُلِّ مُجَاهِدٍ لَا أَكْثَرُ

مُتَوَاضِعٌ سَكَنَ الْقُلُوبَ بِصِدْقِهِ
أُمٌّ بِرَأْفَتِهِ وَرَاعٍ يَسْهَرُ

وَلَمَنْ رَآهُ غَدَا أَسِيرَ وَقَارِه
مُتَعَلِّقًا وَيَهَابُهُ مَنْ يَحْضُرُ

مُتَحَدِّيًا جَازَ الصِّعَابَ مُذَلِّلًا
فَعَظَائِمٌ بِأَبِي الْمَصَاعِبِ ¹ تَصْغُرُ

خَلَطَ الْمُرُوءَةَ بِالشَّهَامَةِ صَاعِقًا
بِفَتِيلِ تَوْحِيدٍ رِجَالًا تَنْصُرُ


¹ - أبي المصاعب: هو أبو مصعب الزرقاوي
...المزيد

السبيل الوحيد لاستنقاذ المسلمين في السودان سبيل واحد تلتئم به جراح المسلمين وتندثر مآسيهم، إنه ...

السبيل الوحيد لاستنقاذ المسلمين في السودان


سبيل واحد تلتئم به جراح المسلمين وتندثر مآسيهم، إنه الجهاد في سبيل الله تحت ظلال الشريعة تحت راية العقاب، فهو والله مصدر عزتهم وريادتهم، وبدونه لن يندمل لهم جرح ولن تبقى لهم مهابة بين الأمم، فهبوا أيها المسلمون وشمروا عن ساعد الجد وانفضوا عنكم غبار الذل والراحة والكسل والعويل، والتحقوا بجحافل المجاهدين الساعين لرفع الظلم عن أهل الإسلام في كل مكان؛ الذين سامهم الكافرون سوء العذاب وأنواع النكال وأشنع المجازر، فبغية المجاهدين اليوم جهاد الصليبيين واليهود والطواغيت وجيوشهم والمرتدين ودفع صيالهم وصد عاديتهم فلا ينفع مع هؤلاء الطواغيت إلا سيف الجهاد وخوض غمار الحروب، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ...المزيد

مؤسسة آفاق الإلكترونية سلسلة نصائح أمنية - الحلقة الثالثة: الفقرة 4 لا تضع طرقًا لفتح قفل ...

مؤسسة آفاق الإلكترونية


سلسلة نصائح أمنية - الحلقة الثالثة: الفقرة 4


لا تضع طرقًا لفتح قفل جهاز المناصرة عبر بصمة عين أو إصبع أو النمط، بل اجعلها رقمًا سريا مكونا من أحرف وأرقام وعلامات مثل ( *&^@?/:": -={[]]: ) ، ويجب أن تتكون من ثمانية أو أكثر ليكون رقمًا قويا، كما لا تضع اسمًا سهلًا تعرف به، ولا تضع أرقامًا سهلة تعرف بسرعة، ولا تجعله رقمًا سريا معروفًا ومنتشرًا، والأهم لا تسجل أو تكتب الرقم السري على أي مكان بل احفظه. ...المزيد

شروط النصرة الإلهية فاجتهدوا أيها المجاهدون في استجلاب ولاية الله تعالى وكفالته وكفايته التي ...

شروط النصرة الإلهية


فاجتهدوا أيها المجاهدون في استجلاب ولاية الله تعالى وكفالته وكفايته التي لا تُجلب بغير الطاعة والتوبة والإخلاص والصدق معه سبحانه، فهو وحده مولاكم وناصركم، نعم المولى ونعم النصير.

وكونوا يا فرسان الدولة الإسلامية على قدر المرحلة التي تشتد فيها الهجمة العالمية عليكم، من دمشق إلى إفريقية، لا لشيء سوى أنكم صرتم العقبة الكؤود في وجه المؤامرات العالمية التي تستهدف عقيدة الإسلام، بعد أن فرّط فيها المفرّطون وصاروا إلى محافل الردة يتسابقون، فاحتسبوا ما أنتم فيه من الجهد والجهاد والمراغمة، واثبتوا فلن تصلوا إلى مرادكم بغير خوض غمار الصبر واليقين، وقد خاض مخاضتكم هذه السابقون قبلكم حين جمع العدو لهم، فزادهم إيمانا ويقينا وتسليما، وكان لسان حالهم ومقالهم: "حسبنا الله ونعم الوكيل".



• المصدر:
افتتاحية صحيفة النبأ – العدد 520
"فزادهم إيمانا"
...المزيد

رعاة خنازير الإفرنج! بينما تتدفق دفعات المهجّرين من "السويداء" بإرادة يهودية وخضوع سوري رسمي؛ ...

رعاة خنازير الإفرنج!


بينما تتدفق دفعات المهجّرين من "السويداء" بإرادة يهودية وخضوع سوري رسمي؛ تدفقت الأخبار عن عملية أمنية مشتركة قاد فيها التحالف الصليبي جنوده "السوريين" لغزو بيت للمسلمين بمدينة "الباب"، لتنتهي العملية بمقتل مجاهد ونجليه وأسر ذويه! ثم تتناقل المنصات الحكومية الثورية "نجاح العملية" بكل فخر واعتزاز!

تُذكّرنا "واقعة الباب" بجرائم جيش "أردوغان" العلماني الذي دكها قبل سنوات بمئات الغارات الجوية لأنها كانت تُحكم بالشريعة، وها هو الجولاني اليوم يكمل المهمة خلف القيادة الأمريكية التي تقوده وأسياده في "إسطنبول".

لقد بات ثابتا لدى الجميع أن التعاون بين الطاغوت الجولاني والصليبيين في الحرب على الإسلام ليس جديدا، غير أنه هذه المرة جاء أكثر وضوحا ورسوخا في "تحقيق مناط الردة" لأولئك الذين ما زالوا يفرون من تحقيقه ويتعامون عن تحقّقه منذ زمن، فما جرى في "واقعة الباب" مظاهرة ومعاونة وموالاة صريحة للمشركين على المسلمين، وهي مناط كفر وردة وناقض من نواقض الدين، كما قال ابن حزم في المحلى: "وصحّ أن قول الله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين". اهـ.

لقد استغرق "تحقيق" هذا المناط عشرات الجلسات والمناظرات السفسطائية بين الجهاديين منذ بداية غدر الصحوات بالدولة الإسلامية في الشام، بينما يتحقق اليوم على مرأى ومسمع العالم، وتتسابق قنوات الثورة على بثه وإثباته بعد أن مكثت سنوات تنفيه وتكذّبه! {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}.

وليست الصورة من قبيل الاستعانة بالكافر على قتال المسلم فهذا توصيف آخر، لأن ما يجري هو تجنيد وتسخير للنظام السوري الجديد في الحرب على الإسلام، بعد أن خضع قادته لأمريكا الصليبية وركعوا تحت أقدامها وتجندوا تحت رايتها، فصاروا خدما لها وجندا محضرين في تحالفها، تسيّرهم وتسوسهم وتقودهم.

دعوة إلى الله، نخاطبك أيها الجهادي المرتاب، أليس ما يجري ردة صريحة ومظاهرة للكافر "الصهيوصليبي" -كما تسمونه- على المسلم المجاهد المرابط على ثرى شام الكرامة والإباء؟ فهل أسلمتم "الصهيوصليبية" أم كفّرتم الدولة الإسلامية؟ ما الفرق بين تبعية الطاغوت الجولاني لـ "الصهيوصليبية العالمية" وتبعية بقية طواغيت الحكم لها؟! أحرام على ابن زايد والسيسي وجيوشهم؟! حلال للجولاني وجيشه؟!

أليس هذا هو الجولاني ذاته الذي حارب "القاعديون" مشروع الدولة الإسلامية؛ لأجل مشروعه الثوري ودولته المدنية؟! أليس هو الذي لأجله حكموا على الدولة الإسلامية بالخارجية، بينما نحت "مشايخهم وحكماؤهم" صورة للجولاني لم ينحتها هو لنفسه رغم ولعه وهوسه بنحت الأوثان، فهل أدركتم البون الشاسع بين بصيرة الدولة الإسلامية وعمه تنظيماتكم؟! هل عاينتم الفرق بين الهداية والضلال؟! {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.

لقد رفض "المعتمد بن عباد" الاستعانة بالصليبيين على خصومه الملثّمين في دولة المرابطين، وخلّد التاريخ موقفه يوم قال: "أهون الأمرين أمر الملثّمين، ولأن يرعى أولادنا جِمالهم، أحبّ إلينا من أن يرعوا خنازير الإفرنج!". بينما لسان حال الجولاني وجنوده اليوم: "لأن نرعى خنازير الإفرنج أحب إلينا من بقاء الدولة الإسلامية".

بل لم يكتف الطاغوت الجولاني برعي خنازير الصليبيين، فبات يسعى إلى رعي خنازير اليهود وربما سقْي "غردقهم" عما قريب بدماء جنوده الكفرة الفجرة، وهو ما بدت تتضح ملامحه في "ملف السويداء" الذي جرجر قاد ةَ النظام السوري أذلةً حقراء إلى المحافل اليهودية الفرنسية لتقديم الولاءات وتجديد التعهدات بالالتزام بالخطوط اليهودية الحمراء، وهو ما تم ترجمته عمليا على أرض السويداء عبر "حافلات الفاتح" في خطوة مشبوهة تهدف لإحداث تغيير "ديموغرافي" في الجنوب السوري، وما السويداء إلا البداية.

ولعل من معالم خذلان هذا النظام أنه ما خطا خطوة إلا انتكس بدلا منها عشرة، فلم تمض سوى أيام على إطلاق هويته البصرية الجاهلية التي أرادها رمزا لـ "سوريا موَّحدة" وإذْ بشبح "التقسيم" يطل برأسه من السويداء التي لعب فيها الجولاني -فجأة- دور المخلّص للدروز من "فزعة" سكان الأرض الأصليين، بعد أن ورطهم في معركته السياسية ثم تركهم وحدهم تحت شعار: "إن غابت عصائبنا حضرت عشائرنا"، فماذا كان مصير "العشائر" غير الحصار والخذلان والتهجير؟! خدمة للمشروع اليهودي الذي يزدهر كثيرا في حقبة الجولاني المتشبّث بالحكم ولو تحت حِراب الدجال!

"ممر داود" الذي حلمت به دويلة يهود منذ نشأتها، بدا أكثر نضجا في عهد الجولاني الذي يعاني من "متلازمة الخيانة" حتى بات كثير من أصدقائه الثوار يتهامسون في خلواتهم ويتخافتون فيما بينهم: "هل يكون نظام الجولاني أكثر خدمة لليهود من نظام الأسد؟"، لقد جاءت مخاوف هؤلاء بعد إدراكهم أنّ ما يمليه اليهود والصليبيون على النظام السوري في المحافل الدولية في باريس وأذربيجان وغيرها، يقابله الجولاني بـ: "نعم سيدي!".

في الجانب الشرعي، فإن الدروز طائفة باطنية كافرة تتقاسم مع اليهود العداء والحقد على المسلمين وليس لها من الإسلام اسم ولا رسم، وهي طائفة معادية محاربة قبل خلافها المناطقي مع نظام الجولاني وأنصاره، وقد عالجت الدولة الإسلامية مبكرا ملف الدروز بحكم الله تعالى، فأعملت سيوفها فيهم قتلا وتشريدا، فكان أنصار الجولاني وأشباههم أول من أنكر واستنكر، وعدّوا ذلك "اعتداء على حرمة الدم السوري!"، بينما صاروا اليوم ينعتون الدروز بالعمالة والخيانة لليهود في خصومة سياسية بحتة ليس للدين فيها نصيب!

أما الدولة الإسلامية فقد بقيت رايتها خفاقة براقة بين ظلمة الرايات الجاهلية، وبقي مشروعها طاهرا ناصعا نقيا لم يتلوث أو يتدنس، وبقي جنودها -على محنتهم- جنودا للشريعة كماة حماة لها، بينما صار الثوار جنودا في جيش التحالف الصليبي؛ هذا برتبة "رئيس دولة" لا يملك من أمرها شيئا، وذلك "وزير عدل" أبدل الشريعة بالديمقراطية فتلبس بالظلم العظيم، وتلك "وزارة دفاع" عن المصالح الأمريكية واليهودية، قوامها جيش من الشبيحة الجدد لا يعرفون سوى: "نعم سيدي" ولو رعوا خنازير الفرنجة واليهود، {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ}.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 506
السنة السابعة عشرة - الخميس 6 صفر 1447 هـ
...المزيد

حصحص الحق! تنص الخارجية الأمريكية على إمكانية إلغاء التصنيف بالإرهاب في حال "أنّ الظروف ...

حصحص الحق!


تنص الخارجية الأمريكية على إمكانية إلغاء التصنيف بالإرهاب في حال "أنّ الظروف الأصلية التي أدت إلى التصنيف؛ قد تغيّرت بما يكفي لتبرير إلغائه، أو أنّ مصالح الأمن القومي الأمريكي تُبرّر إلغاءه". وهذا ما حدث مع هيئة الجولاني المرتدة، حيث أزالوها من "قائمة الإرهاب" بعد انتفاء أسباب التصنيف وتحقُّق الشروط الأمريكية.

بعيدا عن التفسيرات الكثيرة لهذا القرار المتوقع، فإنّ حجر الزاوية في اعتماده هو الالتزام التام بحماية المصالح "الأمريكية-اليهودية" إذْ لا يمكن الفصل بينها، وليس من قبيل المصادفة أن يصدر إعلان براءة الجولاني من الطُهر بينما هو في أحضان "ابن زايد".

سلفًا، قدّم الطاغوت الجولاني ثمن هذا "الاستحقاق الجاهلي"، وفي أول لقاء له مع "ترامب" منحه حق الوصول لخيرات الشام فوق الأرض وتحتها، وأعاد له رعاياه جثثا وأسرى، وطمأن دويلة يهود وسهّل العثور على رفات جنودها، وسلّم إحداثيات "الأسلحة الكيماوية" خشية وصولها لمن يأخذها بحقها! وقبل هذا وذاك سخّر كل طاقاته وتفانى في حرب الدولة الإسلامية في سوريا وخارجها، لقد فعل كل ما تطلّبه القرار حتى الآن.

دوليًّا، تزامن القرار الأمريكي مع قرار روسيا الاعتراف بإمارة طالبان، كخطوة موازية للخطوة الأمريكية، كي لا يعيّر أحدهما الآخر بدعم "الإرهابيين" الذين طلّقوا "الإرهاب" ثلاثا، وتولوا محاربته من دمشق إلى كابل!

في زمن التراجعات أو "التحوّلات الفكرية" كما يسميها المتحوّلون، صار الثوار ينظرون لأمريكا كشريك في إعمار وتنمية سوريا! وصارت طالبان تنظر نفس النظرة إلى روسيا! فمع من كانت حروب هؤلاء على مرّ السنين؟! إنْ كانت أمريكا تبني وروسيا تعمّر فمن الذي دمر حواضر المسلمين؟ إن أصبح الثوار والجهاديون حلفاء أمريكا وروسيا فمن أعداؤهم إذن؟! وما المانع أن ينظروا لليهود نفس النظرة غدا؟!

في أبعاده السياسية، يمثّل القرار الأمريكي احتواء لنظام الجولاني في المعسكر الغربي، تماما كما يمثل القرار الروسي احتواء لنظام طالبان في المعسكر الشرقي.

لقد بات الثوار والجهاديون بيادق في صراعات المعسكرات الجاهلية، بينما أنت يا جندي الخلافة تقف وحدك في معسكر التوحيد ثابتا شامخا كالطود تنافح عن دينك وأمتك، وتلاقي ما تلاقي في سبيل ذلك، فاصبر واحتسب واحمد الله على هذا الموقف حق حمده، واشكره سبحانه حق شكره.

وانظر حولك وتأمل كيف تتسع "سوريا الجديدة" لكل الطوائف الكافرة إلا الطائفة المؤمنة المنصورة بإذن الله تعالى، التي ترتبط بالشام وملاحمها أشد من ارتباط الجولاني بالخيانة! انظر حولك يا جندي الخلافة وتأمل، وأنت في خراسان وما جاورها، تقاتل الروس والأمريكيين معا، بينما بات الناكثون اليوم يكفِّرون عن حروبهم السابقة معهما، كما لو أنها "خطيئة" أقلعوا عنها وأتبعوها بـ "محاربة الإرهاب" لمحوها!

فاحمد الله يا جندي الخلافة وأنت تحافظ على هويتك الدينية -منهاج النبوة-، بينما يدشّن "المتحوّل" هوية قومية وطنية تمثّل قطيعة مع كل رمز أو شعار إسلامي كان قد اتخذه في مراهقته الجهادية أو ثورته الجاهلية.

وعلى الهامش، لا شيء أنسب للهوية البصرية لنظام الجولاني، من صورة "الضبع" فهو لا يعيش إلا على الجيف ولا يقتل إلا غدرا، وتلك دورة حياة الجولاني من الخيانة إلى الرئاسة.

المسؤولون الأمريكيون كانوا منذ البداية صريحين في أنهم لن يقيّموا الجولاني وإدارته وفقا للأقوال بل للأفعال، وبالفعل فلم يخيّب "عدو الشرع" آمال الصليبيين، وكانت أفعاله في حرب الجهاد عند حسن ظنهم ومحط إعجابهم!، حتى تردّى في ردته وخيانته منتقلا من دائرة السر إلى العلن، ومن التبرير إلى المفاخرة! ولا عجب فالرجل "براغماتي" صرف كما مدحوه! لا يعرف معروفا ولا يُنكر منكرا ولا يؤمن إلا بالمصلحة، والغاية عنده أسوأ من الوسيلة.

في سوريا الجديدة يتفاخر الثوار بـ "تطبيع العلاقات" مع أمريكا بينما يتهربون من الحديث عن "التطبيع" مع اليهود، مع أنهما فعلان متصلان مترابطان متساويان، والسبب في هذا التناقض أنّ الإسلام خارج معادلتهم الثورية.

شرعيا، يتناسى هؤلاء المرتدون قوله تعالى: {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، قال الإمام البغوي: "(ولن ترضى عنك اليهود) إلا باليهودية، (ولا النصارى) إلا بالنصرانية". اه. فهذه لفتة مهمة من وحي الكتاب إلى هؤلاء أنه مهما تزلفتم وتقربتم لليهود والنصارى، فبغير اليهودية والنصرانية لن تنالوا رضاهم، وعاجلا أم آجلا يستبدلونكم بغيركم، فأنتم مجرد بيادق بأيديهم جئتم خلفا لسلفكم، وستذهبون أذلّ وأخزى من ذهابهم، فهل أنتم إلا بدائل "الأسد" و "كرزاي" ومن لفّ لفهم؟!

في الأوساط الجهادية، يقف خصوم الدولة الإسلامية اليوم أمام خيارات صعبة؛ فهم إما أنْ يعترفوا بصحة موقف الدولة الإسلامية يوم كشفت حقيقة هؤلاء مبكرا؛ بينما كان قادة "القاعدة" يشيدون بهم ويحيكون المؤامرات لترجيح كفتهم على الدولة الإسلامية حسدا من عند أنفسهم، وانحرافا عن منهاج النبوة الذي لم يعد يناسب "تراجعاتهم وتحديثاتهم" في عصر "الربيع الجاهلي" الذي انقلب خريفا عليهم؛ أو أنّ عليهم الإقرار بردة هذه الهيئات عملا بقواعد الإيمان والكفر المعتبرة، وعندها سيدرك أتباعهم أنهم ظلموا الدولة الإسلامية يوم حكموا بخارجيتها، وهو ما يخشاه عبدة الألقاب العلمية والرتب الجهادية لأنه يحطم رموزهم وينهي تاريخهم.

إن مسلسل التبديل والانحراف في الأوساط الجهادية، يقيم الحجة على هؤلاء الخصوم، ويضع كل فرد منهم أمام مفترق طرق؛ هل يتبع هواه وينكر البيّنات والحقائق والواضحات؟ أم يتبع الحق الذي حصحص وبان، فيكثّر سواده ويعذر إلى ربه قبل فوات الأوان.

ولئن كنتم تعجبون مما ترونه في الشام أو خراسان فإن الأعجب لم يأت بعد، فجدّدوا إيمانكم -معاشر المؤمنين- وعضوا على توحيدكم بالنواجذ، فإن الفتن ما زالت تتوالد، ولم يكتمل بعد الزمان الذي يمسي فيه الحليم حيرانا، وهل الحليم يحتار في أمر الجولاني وأمثاله؟!

بل إن ما يجري يحتاج منا وقفة تدبر وتأمل في ما آلت إليه أحوال هؤلاء، وهي لفتة تربوية مهمة للذين يلتحقون بالجهاد دون بصيرة من أمرهم، ويريدون أن يضبطوا فوهات البنادق ويحفروا الخنادق قبل أن يضبطوا بوصلة المناهج ويحفروا في صخر المفاصلة العقدية، فمن كان هذا حاله فالتبديل والتفريط مآله، فاسمعوا وعوا: المناهج المناهج! العقائد العقائد! فبها وإلا فإنّ العواقب "جولانية!".

الآن حصحص الحق لمن لا يؤمن بغير الأدلة المحسوسة صوتا وصورة، أما لأولي الأحلام والنهى فقد حصحص الحق قديما منذ صرخ الشيخ العدناني في الجموع: "ما كان هذا منهجنا ولن يكون".


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 503
السنة السابعة عشرة - الخميس 15 المحرم 1447 هـ
...المزيد

على عتبة ترامب! "الفكرة هي أن الوصول المباشر إلى ترامب هو السبيل الوحيد، لأن هناك العديد من ...

على عتبة ترامب!


"الفكرة هي أن الوصول المباشر إلى ترامب هو السبيل الوحيد، لأن هناك العديد من الأيديولوجيين داخل الإدارة الأمريكية يصعب تجاوزهم". هكذا عبّر أحد الصليبيين عن الموانع التي قد تحجب الجولاني عن نيل الرضا الأمريكي والظفر بالحظوة الترامبية، لذلك كان الحل هو لقاء ترامب ومخاطبته بغير ترجمان أو حجاب للانطراح على عتبته والتذلل على بابه! في وثنية معاصرة بنكهة ثورية تولى كبرها هذا المخذول في بلاد الوحي في الأشهر الحرم!

الرماديون لطالما روّجوا أن خلاف الدولة الإسلامية مع الجولاني وأشباهه؛ كان خلافا سياسيا حزبيا لا منهجيا عقديا، واليوم يتضح بالصوت والصورة حقيقة الخلاف وأنه بين التوحيد والشرك! بين الإسلام والديمقراطية! بين من سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم وسيدهم ترامب الذي صار لقاؤه وإرضاؤه "إنجازا تاريخيا" يحتفل به "الثوريون" ويتراقصون في ساحة الأمويين بحجة رفع العقوبات الأمريكية فمن يرفع العقوبات الإلهية؟!

في الصورة الواسعة للقاء ترامب بالجولاني، لا شيء في غير محله، فقطع الأحجية ما زالت تنتظم وفقا لنفس التسلسل الذي بدأ بإخراج إيران من المشهد السوري ثم تنصيب الضبع خلفا للأسد! بإشراف تركي أمريكي، إنها رزمة واحدة على طاولة الصفقات الدولية مربطها الحرب على الإسلام وحماية المصالح الدولية.

سياسيا، لا شك أن المليارات السعودية القطرية والتعهدات التركية أقنعت ترامب بأن يقتطع وقتا قصيرا من جدوله المزدحم، لقضائه مع الجولاني لمنحه "فرصة عظيمة"، حيث قدم طواغيت الخليج إلى سيدهم الأمريكي الكثير من الصفقات التجارية المغرية، لكن ما الذي يمكن أن يقدمه له الجولاني "اليافع" الذي لا يملك سوى هوسه بالسلطة وإرثٍ كبيرٍ من الغدر والخيانة.

يبرّر الثوريون ومعهم الجهاديون تنازلات الجولاني السابقة واللاحقة بأنها صفقات سياسية من أجل مستقبل بلاده، الذي يبدو أنه لا يقوم إلا باستجلاب الرضا الأمريكي واليهودي، فهل سيرضون عنه؟ إنها صفقات خاسرة بدأها الجولاني مبكرا قبل وصوله للحكم بسنوات طويلة، صحيح أنها منحته الرئاسة، لكنها سلبته دينه وشرفه حتى صار اسمه علَما على عداء الشرع والشرف.

منهجيا، نقض الجولاني "ملة ابراهيم" وحاربها بكل قوته، فلا غرو أن يستبدلها بـ "اتفاقيات أبراهام" التي تهدف إلى تعزيز جدر الحماية لدويلة اليهود وشد حبال الولاء لهم، وهو ما كان واضحا صريحا في المطالب الأمريكية التي أملاها ترامب على الجولاني، وتتلخص في موالاة اليهود تحت مسمى "التطبيع" ومحاربة الدولة الإسلامية وشد وثاق أسراها في سجون شرق الفرات، وهي القاعدة الأساسية التي بموجبها سمحت أمريكا لتركيا بإحلال الجولاني خلفا للأسد، فهل يوغل الجولاني في تولي اليهود أم يكتفي باتفاقيات حماية الحدود؟!

نعود إلى الوراء قليلا لنستذكر كيف كان الجولاني يلمز التجربة العراقية لدولة الإسلام، ويقول إنه لا يريد تكرارها، فهل عرفتم الآن ماذا كان يقصد بذلك؟ إنه يقصد أنصع ما فيها ولاءها وبراءها ومفاصلتها، إنه لم يعب عليها غير التوحيد الخالص والولاء للمؤمنين والبراء والمفاصلة التامة للكافرين، هذه هي التجربة التي فرّ منها الجولاني إلى أحضان ترامب وماكرون وابن سلمان وأردوغان! {وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.

وكان من الإملاءات الأمريكية على الجولاني، التخلص من "المقاتلين غير السوريين" الذين قاتلوا إلى جانبه طويلا ولم يسلموا من غدره واستطاع في النهاية أن يفكك جماعاتهم -مستقلين وغير مستقلين-، وينهي مشروعهم الذي طوّعه لخدمة مصالحه دهرا، فنستغل الفرصة لنخاطب هؤلاء دعوة ونصحا وإعذارا إلى الله تعالى فنقول: لقد نصحكم قادة الدولة الإسلامية مرارا وصدقوكم النصح لكنكم تخلفتم وأعرضتم وها أنتم تدفعون الثمن تماما كما حذروكم! وما زالت الدعوة مفتوحة لكم، لا تجعلوا أنفسكم ورقة يحرقها الجولاني كسبا للرضا الدولي، فيا لها من خسارة أن تنتهي رحلتكم إلى الشام على هذا النحو، فتوبوا وعودوا والتحقوا بسرايا الدولة الإسلامية التي تنتشر بين ظهرانيكم في الأرياف والأطراف، ومن يطرق الباب يجد الجواب.

من زاوية أخرى يعكس الحدث وهم السيادة التي تتحدث عنها الحكومات المرتدة، فهي بدون الدعم والرضا الدولي لا شيء! فها هي دولة الجولاني المدنية تنتظر نظرة رأفة من ترامب وفرصة منه، إنها عبودية تامة بكل المقاييس.

لقاء ترامب بالجولاني قد يمنح الأخير فرصة للتكفير عن سوابقه الجهادية واستجلاب بعض المكافآت السياسية، لكن ذلك لن يكون كافيا، وسيبقى الجولاني وزمرته تحت رحمة الابتزاز الأمريكي لإثبات تفانيهم في حرب الجهاد، فتصبح كل منحة سياسية ينتظرونها، تقابلها حرب على المجاهدين يشنونها أو مصلحة للكافرين يحققونها، فتنشأ حالة من الاقتران الشرطي بين "الخيانة" و "المكافأة" على طريقة "بافلوف" مع "الكلب!" الذي أخضعه لتجارب عديدة في مختبراته حتى نجح في التحكم بسلوكه، هكذا تقول دراسات "علم النفس" الذي صممت بناء عليه أجهزة المخابرات كثيرا من أساليبها.

وبينما القرابين الشركية تتزاحم عند العتبة الترامبية، تزاحم الصليبيون فوق تلة "دابق" للبحث عن رفات قتلاهم الذين فشل الجولاني في خدمتهم أحياء، فعاد يخدمهم أمواتا ورفاتا، لتبقى دابق حاضرة في مشهد الصراع بين الإسلام والكفر رغم أنوف الكافرين والمنافقين، وما زال المجاهدون يسيرون إليها بخطى واثقة مؤمنة موقنة بوعد الله تعالى ووعد رسوله.

ومجددا تثبت الأحداث عمق بصيرة الدولة الإسلامية في الحكم على مناهج الجماعات بعيدا عن العواطف والغلو والإرجاء، فاحمدوا الله يا جنود الخلافة حمدا كثيرا على ما آتاكم من فضله، وما أنعم عليكم من الهداية، وما وفقكم إليه من الاعتصام بالكتاب والسنة، فهذا هو الفوز والإنجاز الذي يُحتفى به وتسيل لأجله الدماء، ولتذهب الدنيا وزخرفها وليسلم لكم إسلامكم وثباتكم على صراط الله الذي حاد عنه الكثيرون في زمان يصبح فيه الرجل مؤمنا ويمسي كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا!

ختاما، صرح الطاغوت الجولاني عقب لقائه بترامب أن "سوريا بلد السلام" بينما يقول النبي صلى الله عليه وسلم إنها أرض الملاحم، فأي الوعدين تصدقون؟



• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 495
السنة السادسة عشرة - الخميس 17 ذو القعدة 1446 هـ
...المزيد

الجولاني بين جدارين! جاءت الرياح الدولية بما تشتهي سفن النظام السوري الجديد الذي استقرت به في ...

الجولاني بين جدارين!


جاءت الرياح الدولية بما تشتهي سفن النظام السوري الجديد الذي استقرت به في العاصمة دمشق، وسمحت له بمسك دفة الحكم مؤقتا بوصاية تركية مباشرة، والقصة باتت معروفة للجميع.

لكن سرعان ما اصطدمت الإدارة الجديدة بأزمة الجوار اليهودي الذي لا يمكنه النظر للجهاديين الناكصين من نفس زاوية الأمريكيين والأوروبيين الذين يتوسعون في هذا الباب احتواءً وتدجينًا وتجنيدًا، خلافا لليهود الذين تحكمهم عقدة أمنية خاصة لا يقبلون معها أي مجازفات من هذا النوع مهما كان هذا الطرف محاربا للتوحيد والجهاد وقصة الطاغوت "مرسي" لا تخفى.

في الوقت الراهن تتجاذب دوائر صنع القرار اليهودي طريقتين للتعامل مع المشهد السوري الجديد، الطريقة الأولى تتمثل في حسم الملف أمنيا وعسكريا، وعدم الوثوق بالنظام الجديد مهما قدّم من قرابين وعرابين، ومهما التزم بآداب حسن الجوار أسوة بنظيره الأردني والمصري وهلم جرا.

بينما الطريقة الثانية وتؤيدها مراكز أبحاث "الأمن القومي اليهودي" تتمثل في التعامل مع النظام السوري الجديد كحليف محتمل مستقبلا، أسوة بسلفه "الأسد" الذي كان يرفع شعار "المقاومة" في الهواء وعلى الأرض يلتزم التزاما حديديا بحماية الحدود اليهودية! مع فارق أن الطاغوت الجديد لا يرفع أي شعارات سوى "السلام".

لكن تبقى النزعة الأمنية اليهودية حتى الآن متغلبة على غيرها في التعامل مع المشهد السوري، وهو ما يصطدم بالأحلام الجولانية الواعدة لمد جسور السلام والوئام مع العدو التقليدي للمسلمين تشبُّثا بالحكم وليس ثمة شيء آخر.

فالسلوك الرسمي للنظام السوري الجديد بدا واضحا منذ الأيام الأولى لتسلُّمه الحكم، وكان حاسما لا يقبل المواربة بأن "سوريا الجديدة" لن تشكل خطرا على اليهود! ولن تسمح لأحد بذلك! وهذا شيء متوقع ليس في الفترة الانتقالية فحسب، بل حتى لو حكم الجولاني مئة عام فلن يسعى لإغضاب الجار اليهودي!، فالرجل المفتون بالحكم طلّق دينه ثلاثا من أجل هذه "اللحظة التاريخية!" أتراه يغامر باللعب في الملف الأخطر على الإطلاق وهو الأمن اليهودي؟!

الشيء الوحيد الذي يأمله الطاغوت الخداج أن تسمح له دويلة يهود بأن يشكل جدارا جديدا من جدر الحماية لليهود كبقية دول الطوق الشقيقة، لكن المشكلة في أن الطرف اليهودي ما يزال رافضا لكل هذه الحلول تماشيا مع العقدة اليهودية التي لا تثق بالعرب فضلا عن الجهاديين الناكصين حتى لو كانوا على منهاج إبليس!

ولعل البعض قد يشكل عليه فهم هذه القضية الشائكة، فالعلاقة بين اليهود والمرتدين ليست بنفس المسافة، فاليهود يطوّعون طواغيت العرب وجيوشهم لحمايتهم ويتحالفون معهم في الحرب على الإسلام، لكنهم لا يثقون بهم ثقة مطلقة، وهذا ما يفسر قيام الطيران اليهودي بتدمير بقايا الأسطول البحري والجوي للنظام السابق، استجابة للعقلية اليهودية الأمنية الصارمة في التعامل مع المحيط العربي المعادي، وهو نفس ما يجري على الحدود المصرية والأردنية من المراقبة الدقيقة للوجود العسكري لهذه الجيوش المرتدة رغم مرابطتها بالأساس لحراسة حدود اليهود!، وهو ما ينتظر ترسانة هذه الجيوش لو أصابتها "الفوضى السورية"، وهذه مسألة يجب فهمها جيدا وعدم الخلط فيها بين ردة وعمالة هذه الأنظمة لليهود وبين الثقة النسبية التي قد تتبدل في أي لحظة تصطدم فيها بالمصالح الأمنية اليهودية.

وتبعا لهذه العقلية الأمنية، عمد اليهود مؤخرا إلى اللعب بالورقة الدرزية التي يعدونها الأقرب إليهم من أي حليف آخر، سعيًا في إقامة جدار جديد يبعد الأخطار عن حدودهم في الجنوب السوري، على غرار "جيش لحد" في لبنان، مصداقا لقوله تعالى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ}، وهو ما يضع النظام السوري الجديد أمام معضلة حقيقية بين الاصطدام بجدار الطائفة الدرزية التي تستقوي بالتدخل اليهودي، وبين منافسة الدروز على لعب دور الجدار!

في هذا الصدد، نستذكر التصريحات والشعارات الخلبية التي كان يطلقها قادة النظام السوري الجديد في مرحلة "اللاوعي الثوري"، والتهديدات الجوفاء بقتال اليهود ونصرة فلسطين وغيرها من الشعارات التي يتقاسمها كل الطواغيت العرب، في حين لما وصل هؤلاء إلى سدة الحكم تنكّروا لشعاراتهم وأصبحوا يبررون ذلك بعقد مقارنات بين "عقلية الثورة" و "عقلية الدولة" وكأنهما خصمان! فإن كان هؤلاء قد خلعوا لباس الثورة عند أول عتبة قصر رئاسي ولجوه تحت أجنحة الطائرات الصليبية، أتراهم يتمسكون بالشريعة وهم يرونها عائقا ومانعا دون هذه القصور؟!

وفورا يتبادر إلى ذهن القارئ موقف هؤلاء وغيرهم المزاود على الدولة الإسلامية فيما يتعلق بقتال اليهود، مع أنها لم تكن على تماس مع الحدود اليهودية إلا في ساحة واحدة وعن بعد، بذلت فيها وسعها، فتحالفت ضدها كل الأطراف بمن فيهم "المقاومة" التي تعاونت لحماية "الأمن القومي المصري!" الذي يخنقها اليوم حماية لـ "الأمن القومي اليهودي!".

بينما يقف اليوم جيش النظام السوري الجديد موقف سلفه النصيري على طول الحد الجنوبي مع يهود وهو لا يفكر مجرد تفكير أن يمارس "حقه" في رد أي اعتداء عسكري على أراضيه التي باتت مستقرا للقوات اليهودية الغازية تدخل وتخرج على مرأى جنود الجولاني، بينما يكتفي النظام الثوري ببيانات "الإدانة" تماما كما كان يفعل نظام "ما قبل الثورة".

وإنّ عدم استطاعة القيام بالشيء مع استفراغ الوسع في ذلك، والسعي في دفع التقصير، يعفي المرء، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، لكن التفريط وعدم العزم على القيام به، بل وشرعنة تركه، لا يعفي صاحبه، وهذا هو الفرق بين من يتلمظ لقتال اليهود ويحرض ويحرص بكل وسيلة على الوصول إليهم لجهادهم، وبين من صار يشرعن وينظّر للحكمة في عدم مواجهتهم حفاظا على "البيت السوري" فهلَّا تعذّروا وتوسّعوا في ذلك للدولة الإسلامية التي حرصت كل الأطراف طوال الثورة على إبعادها عن الحدود الجنوبية حفاظا على "البيت اليهودي؟!".

ختاما، إن مستقبل العلاقة مع اليهود في الشام لن يبقى خاضعًا لسياسات الثورات الجاهلية ولا أنظمتها الدستورية، بل إن كل الأحداث تدفع باتجاه المواجهة الحتمية مع دويلة اليهود التي بدأت تتوغل أكثر وأكثر في عقر دار المؤمنين، وهو ما يحتّم على المسلمين الاستعداد لهذه المواجهة التي طال انتظارها ولكن هذه المرة ستكون في ظلال الإسلام وشريعته لا ظلال الطاغوت ودساتيره، وإن غدا لناظره لقريب.



• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 488
السنة السادسة عشرة - الخميس 27 رمضان 1446 هـ
...المزيد

نسف الأقلية والطائفية! بددت المعارك الدامية في الساحل السوري بين شبيحة النظام السابق والحالي ...

نسف الأقلية والطائفية!


بددت المعارك الدامية في الساحل السوري بين شبيحة النظام السابق والحالي شعارات: "العيش المشترك" و "السلم الأهلي" و "الوحدة الوطنية" التي صدّعوا رؤوسنا بها وأرادوها دستورا لتنظيم العلاقات بعيدا عن الإسلام، وفشلت في أول اختبار لها، وبدا أنّ سردية الطاغوت السوري حول "نصر بلا دماء"، قد غرقت في بركة من الدماء!

وأثبتت الأحداث مجددا صوابية الدولة الإسلامية في تعاملها مع طوائف الكفر والردة التي يسمونها اليوم بالأقليات، التي كانت وما زالت ورقة بيد الغزاة اليهود والصليبيين، يقسّمون بها بلاد الإسلام ويحاربون بها المسلمين.

فالنصيريون العلويون أقامت لهم فرنسا الصليبية "دولة" إبّان غزوها للشام، خدمة لمصالحها وسياساتها التفريقية، وروجت لمسمى "العلوية" احتيالا على العامة النافرين من "النصيرية" بغية دمجهم وتصديرهم في المنطقة، ونجحت في ذلك بعد فتوى مشبوهة من المفتي القومي العربي "أمين الحسيني" نُشرت في "جريدة الشعب الدمشقية" بتاريخ 22 المحرم 1355هـ، وجاء فيها: "هؤلاء العلويون مسلمون.. لأنهم إخوان في الملة.. وإن أصولهم في الدين واحدة!" ومن يوم فتوى "مفتي القدس" وإلى عهد "محور القدس" والمسلمون يذبحون على المائدة الرافضية العلوية النصيرية.

ورغم التملق والتزلف الذي بذله النظام الجديد، للنصيرية الكفرة الفجرة ومحاولة نزع صفة "التشبيح" عنهم وصبغهم بصبغة "الشركاء والإخوة والطلقاء"، إلا أنهم انطلقوا في أول فرصة سنحت لهم وانقضوا عليه وقتلوا جنوده بلا شفقة ولا رحمة ولا تسامح.

ميدانيا، شكلت الأحداث فشلا أمنيا وعسكريا للجيش المرتد الهجين الذي خرج عن "تعاليمه وشعاراته الوطنية" في التعامل مع الأقليات من "العفو" إلى "المجزرة!" ما دفع بقادته إلى تحميل مسؤولية ما جرى للشعب بوصفه "حشودا شعبية غير منظمة!" بعد أن مدحوا "فزعته" ابتداء، ثم نصبوا المحاكم لمعاقبته لاحقا، وأعلنوا تشكيل "لجنة تحقيق" تهدف إلى التنصل من المسؤولية أمام "من يهمه الأمر" من المجتمع الدولي، وتحميل المسؤولية للمقاتلين الأجانب الذين يحلمون بالتجنيس خلافا لقانون "المواطنة السورية" التي يقدسها النظام الجديد والقديم.

أما الإعلام الثوري فقد انشغل بالحديث عن أسباب الأحداث من زاوية أمنية والدور الخارجي لإيران الرافضية وأذنابها، لكن أحدا لم يطرق الأسباب الشرعية لما جرى، فما هي هذه الأسباب؟

تتلخص الأسباب باختصار في تعطيل وتغييب حكم الشريعة وإقصاء منهج الإسلام من الحكم في الشام، وإبداله بالدساتير الكفرية ومفرزاتها الجاهلية في "العلاقات والحكم على الأفراد والجماعات"، فالإسلام لم يقسّم الناس إلى "أقليات" و "أكثريات" فهذه تقسيمة جاهلية عصرانية مظانها "مواثيق الأمم المتحدة" ومباحث "القانون الدولي" وغيرها من المراجع والدساتير الجاهلية، وإنما يقسّم الناس إلى مسلم وكافر، والكافر إلى "محارب وذمي ومعاهد ومستأمن"، والعلويون النصيريون طائفة كفر وردة باطنية خبيثة، محاربة باقية على حربها، وحتى الطاغوت الحدث الذي منحهم "العفو والأمان" انقلبوا عليه وقتلوا جنوده في الطرقات ليؤكدوا على حرابتهم حتى آخر رمق.

وإن حكم العلوية النصيرية في الإسلام -ومثلهم الدروز- مبسوط في الفقه الإسلامي، وفتوى شيخ الإسلام ابن تيمية فيهم -وغيره من أئمة الإسلام- تضج بها صفحات "الثوار والجهاديين" قبل أن يبدلوا دينهم وينقلبوا على أعقابهم ويسعوا للتماهي مع العلويين والاندماج معهم رغبا ورهبا.

وعليه، فالإسلام ينسف مفهوم الأقليات من جذوره، ويحاكم الناس لدينهم، لا لعددهم ولا لعرقهم ولا لقوميتهم، كما حسم الإسلام أحكام الكافرين على اختلاف طوائفهم، حربيين كانوا أو ذميين، وجعل ضابط العلاقة معهم أحكام الشريعة، بينما جاء المرتدون اليوم لينسخوا أحكام الإسلام بأحكام "القانون الدولي"، ويستبدلوا أحكام الولاء والبراء بقوانين "المواطنة والتعايش والوحدة الوطنية" فصار الوطن هو الضابط الناظم للعلاقات وليس الدين! وبناء عليه أصبحت "سوريا للسوريين" بمن فيهم الكافرين المحاربين وليست لغير السوريين ولو كانوا مسلمين على أرضها، تلك قسمة ضيزى.

إن ما يحاول "عدو الشرع" فعله هو الالتقاء مع "محمد بن نصير" في منتصف الطريق!، لكن أتباع الأخير أبوا ذلك بشدة، لتتحطم أوهام "التعايش والوحدة الوطنية" بين الجانبين في أول اختبار حقيقي لها، وتتحطم معها نظريات الطاغوت الحدَث، الذي بدّل دينه واتبع هواه وصار دمية النظام الدولي الذي منحه صفة "رئيس مؤقت" ريثما يكتمل ترتيب المنطقة وتقسيمها.

لقد روج الطاغوت السوري مبكرا لقسمته الجاهلية "سوريا للسوريين" مفرّطا بذلك في أتباعه المقاتلين غير السوريين، متمسكا بحقوق "الأقليات" الكافرة، واستمر يروج لهذه النظرية القومية الوطنية الجاهلية مساويا بين كل الطوائف والنحل والملل السورية، حتى اكتوى بنارها اليوم في الساحل السوري! إنها منهجية جاهلية فاشلة في التعامل مع هؤلاء بعيدا عن منهج الإسلام العدل الذي لا يفاضل بين السوريين إلا بالإسلام، ولا يساوي بين ظفر مسلم، وسوري علوي نصيري أو درزي... فهم كلهم سواء، لكن ليس مع المسلم.

وفي لوثة خطيرة أفرزتها الأحداث، يتم تحجيم وتقزيم وتشويه مفهوم "السُّنة" وإفراغه من مضمونه العقدي الشرعي، والتعامل معه كأنه مجرد "قومية" تقابل القوميات والأقليات السورية الأخرى!، فيطالب البعض بتسليحها لصد خطر القوميات الأخرى! هكذا بدا الطرح الجديد، إن السُّنة شرعا هم أهل السُّنة والجماعة الذين يدينون بعقيدة الإسلام ويخضعون وينصاعون لأحكامه، فمن لم يلتزم بذلك لا يصح نسبته للسُّنة حكما ومنهجا، وتسليحه بالعقيدة مقدم على تسليحه بالعتاد لكي لا ينتهي به المطاف مقاتلا وطنيا صرفا من جنس "الجولاني" يرى في "الإعلان الدستوري" الكفري "يوما تاريخيا" يحميه ويقاتل من ورائه!!

ومن مفرزات المشهد السوري وصف الصراع الحاصل بـ "الطائفية!" وهو مصطلح جاهلي تسلل إلى المحيط السني من "المواثيق الدولية" وكتب السير الإخوانية المحرّفة، وهو يخالف "ملة إبراهيم" التي تقوم على البراءة من كل طوائف الكفر ومفاصلتها ومحاكمتها لأحكام الإسلام حربية كانت أو ذمية، إن قتال طوائف الكفر ليست طائفية، بل عقيدة إسلامية أصيلة مصدرها الكتاب والسُّنة فعلتها القرون المرضية.

ويلحق بما سبق، الموقف المتناقض لشبيحة النظام السوري الجديد تجاه "الميليشيات الكردية" التي كانت في الليل صنيعة يهودية أمريكية، وفي الصباح غدت حليفا وشريكا سياسيا وطنيا، تبعا لإملاءات الخارج تماما كشبيحة النظام النصيري، فلكل نظام أطراف خارجية تسيره وتمده بالغي.

أما موقف المسلم في الشام من هذه الرايات والأنظمة الجاهلية المتحالفة والمتصارعة على أرضه، هو أن يعتزلها ويفارقها جميعا بكل صورها وأصنامها العصرية، ويولي وجهه شطر التوحيد، فيحققه قولا وعملا ولا يرضى بغير موالاة المؤمنين -قلوا أو كثروا- ومناصرتهم ومؤازرتهم، ومعاداة الكافرين والمرتدين -قلوا أو كثروا- ومجاهدتهم بكل وسيلة، {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 486
السنة السادسة عشرة - الخميس 13 رمضان 1446 هـ
...المزيد

فكيف بهم غدا؟! يوما بعد يوم يعاين الثابتون على الحق قلة النصير، ويدركون أن ضريبة ثباتهم تكالب ...

فكيف بهم غدا؟!


يوما بعد يوم يعاين الثابتون على الحق قلة النصير، ويدركون أن ضريبة ثباتهم تكالب أهل الباطل عليهم، وأن حب العاجلة الفانية غاية شانئيهم ومناوئيهم؛ الذين صاروا يمتدحون الضلال بذريعة "حفظ الأرواح" ولو عاشت في سبيل الوثن! ويذمون سبيل الرشاد ويصفون سالكيه بالفشل ولو قُتلوا في سبيل الله تعالى.

وحقيقة الأمر أنّ تطاوُل العهد قد أتى على قلوب الناس؛ فغيّروا وبدّلوا، فاستصعبوا القراع وشدته! واستسهلوا الاقتراع وسلميّته، فصرت ترى المنتكسين يلمّعون سياساتهم الجاهلية بأنها حققت أهدافها دون إراقة الدماء!، بينما الثابتون على الحق "أضاعوا الثمرة.. بتضحيات فادحة!" زعموا.

فكيف بهم وبزمان قد مضى فيه من التضحيات قصص مسطرة في الكتاب والسنة المعطرة، فتراها تزدحم بمراثي الشهداء من المؤمنين والمؤمنات وتروي المحن والأزمات وتذكر الانحيازات وتحكي الانتصارات، فإنْ كانت "ثمرتهم" وصول الحُكم بمفارقة الدين!، وإن كان مهر الشريعة التضحيات و "فداحتها" بقوافل الشهداء وأنهار الدماء؛ فكيف بهم غدا مع الفتن والملاحم العظام وقد بان أطرافها اليوم؟

كيف هم اليوم مع الروم وعداوتهم، وكيف هم مع حماية بني جلدتهم؟ وكيف بهم غدا إذا نزل الروم بالأعماق وطلبوا قتال فئة من المسلمين، ثم كيف بهم إذا سارت الجموع تفتح القسطنطينية كما أخبر بذلك الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة: (لا تقوم السّاعة حتّى ينزل الرّوم بالأعماق، أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافّوا قالت الرّوم: خلّوا بيننا وبين الّذين سبوا منّا نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا واللّه، لا نخلّي بينكم وبين إخواننا. فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب اللّه عليهم أبدا، ويقتل ثلثهم أفضل الشّهداء عند اللّه، ويفتتح الثّلث لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينيّة) [مسلم].

وكيف بهم غدا مع غربة الدين واندثار العلم، فخرج الدجال وقد استتبت له الأمور ودانت له شياطين الإنس والجن، وجاء فأطعم الناس وقد جاعوا وسقاهم وقد قنطوا، والمسلمون مشردون يفرون بدينهم للقفار والجبال، كما روى الإمام أحمد بسند صحيح عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ويبعث اللّه معه شياطين تكلّم النّاس، ومعه فتنة عظيمة، يأمر السّماء فتمطر، فيما يرى النّاس، ويقتل نفسا، ثمّ يحييها، فيما يرى النّاس، لا يسلّط على غيرها من النّاس، ويقول: أيّها النّاس، هل يفعل مثل هذا إلّا الرّبّ؟ قال: فيفرّ المسلمون إلى جبل الدّخان بالشّام، فيأتيهم فيحاصرهم، فيشتدّ حصارهم، ويجهدهم جهدا شديدا).

وكيف هم اليوم مع قول الحق أمام الطواغيت، وكيف تمكر الدجاجلة بالمؤمنين فتطلق عليهم نيران الدنيا فيصيرون إلى الجنة بإذن الله، فكيف بهم غدا مع خبر مواجهة أحد الثابتين للدجال: (فإذا رآه المؤمن قال: يا أيّها النّاس، هذا الدّجّال الّذي ذكر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: فيأمر الدّجّال به فيشبّح، فيقول: خذوه، وشجّوه. فيوسع ظهره وبطنه ضربا، قال: فيقول: أوما تؤمن بي؟ قال: فيقول: أنت المسيح الكذّاب. قال: فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتّى يفرّق بين رجليه، قال: ثمّ يمشي الدّجّال بين القطعتين، ثمّ يقول له: قم. فيستوي قائما، قال: ثمّ يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلّا بصيرة. قال: ثمّ يقول: يا أيّها النّاس، إنّه لا يفعل بعدي بأحد من النّاس. قال: فيأخذه الدّجّال ليذبحه، فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا، فلا يستطيع إليه سبيلا، قال: فيأخذ بيديه ورجليه، فيقذف به، فيحسب النّاس أنّما قذفه إلى النّار، وإنّما ألقي في الجنّة) [مسلم] وغير ذلك من مشاهد آخر الزمان، الذي تدنو إرهاصاته.

إن أتباع عيسى ابن مريم لن ينبعوا بين ليلة وضحاها، ولن ينزلوا معه من السماء، فهم ثمرة توحيد وجهاد وثبات متعاقب طيلة السنين، ثمرة لا تضيع بل تعظم من أجلها التضحيات، وكذا الطائفة المنصورة لم تنشأ على باطل فتستحيل إلى الحق، إنها لم تبرح الحق من يوم بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى نزول عيسى عليه السلام، يؤيد ذلك حديث عمران بن حصين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين على من ناوأهم، حتّى يقاتل آخرهم المسيح الدّجّال) [أحمد وأبو داود]، فعجبا لمنتسب لأمة بعث رسولها بالسيف، وربط واقعها ومصيرها بالقتال حتى قيام الساعة؛ وهو يريد أن يرتع ويلعب بين هذه وتلك!

وعجبا لمن أصيب بداء الرافضة فعطّل الجهاد منتظرا "مهديا" يقاتل معه، فأمثال هؤلاء المنتظِرين لن يجاهدوا اليوم ولن يجاهدوا غدا، وهم كحال بني إسرائيل: {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ}، أو كحال يهود المدينة مع بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما روى ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن رجال من قومه، قالوا: "إن مما دعانا إلى الإسلام، مع رحمة الله تعالى وهداه لنا، لما كنا نسمع من رجال يهود، وكنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون، قالوا لنا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم! فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم، فلما بعث الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- أجبناه، حين دعانا إلى الله تعالى، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به، فبادرناهم إليه، فآمنا به وكفروا به، ففينا وفيهم نزل هؤلاء الآيات من البقرة: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}" [السيرة].

لقد تعددت الأسباب والخذلان واحد، وإنما تكون الدائرة سجالا ودولة، هزيمة ونصرا، ومن أراد نصرا بلا جهاد، أو جهادا بلا قتال، أو قتالا بلا تضحية؛ فإنما يطلب دينا آخر غير دين محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومن عزت عليه الحياة فهو لا شك ميت، ومن بعدت عليه الشقة فالقادم أبعد وأشق، ولا يزال الجهاد قائما إلى قيام الساعة، وسيظل حال المسلمين بين منح ومحن، حتى ينجز الله وعده وينصر جنده والعاقبة للمتقين.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 483
السنة السادسة عشرة - الخميس 21 شعبان 1446 هـ
...المزيد

صيدنايا والنفاق العالمي يغلب على السنوات الخدّاعات صبغتان متجذّرتان: صبغة "جاهلية" تصبغ ...

صيدنايا والنفاق العالمي



يغلب على السنوات الخدّاعات صبغتان متجذّرتان: صبغة "جاهلية" تصبغ المعتقدات، وصبغة "دجلية" تصبغ سلوك الأفراد والجماعات، ومِن ذلك حالة الدجل والنفاق العالمي التي طغت على وسائل الإعلام في قضية سجن صيدنايا، الذي أدارته "الأقلية" النصيرية العلوية الكافرة لعقود، عذّبت وقتلت فيه آلاف المسلمين.

على مسرح الأحداث، وبغير سابق إنذار، صار الإعلاميون يمثلون دور المندهش والمصدوم من مآسي صيدنايا الجاثم على ثرى الشام لأكثر من ثلاثين عاما؛ وكأنّه كان غيبا كُشف حجابه للتو! وكأنّ جرائم النصيرية أمام الشاشات، أقلّ بشاعةً من جرائمهم في أقبية المعتقلات! أو لعلها صدرت عن نظام وردي كان يرمي الناس بالخزامى وبراميل الورود!! إنه دجل ونفاق عابر للحدود.

فهل خفيت على وسائل النفاق العالمي جرائم النشر بالمناشير والقصف بالبراميل والكيماوي وغيرها الكثير، وظهرت فقط جريمة صيدنايا؟! لماذا يحاول الدجالون إقناع الجمهور بأن جرائم صيدنايا كانت "استثناء" وليست سياسة معتمدة لدى سائر الطواغيت؟! لماذا يوهمون الناس أنها كانت "أسرارا تحت أرضية" لم تُكتشف إلا بسقوط الأسد من أعين النظام الدولي؟!

وبما أنّ شهية الإعلام مفتوحة هذه الأيام على مآسي الأمة ودموع مراسليه غزيرة؛ فهذا بلاغ إلى جميع وسائل الإعلام المرهفة التي ذرفت دموع النفاق على ضحايا صيدنايا، هل ندلكم على أفرع أخرى لصيدنايا لم تسقط بعد من عين النظام الدولي؟! اذهبوا إلى صيدنايا أفرع لبنان، والأردن، وتركيا وكلها قريبة؟! ومثلها صيدنايا فرع مصر، وأفرع السعودية والإمارات وبقية دول الخليج، ومثلها أفرع المغرب وتونس وليبيا والجزائر والسودان الجريح.

بل اذهبوا إلى أفرع صيدنايا التي تملأ العراق حيث يتعرض فيها أسرى المسلمين لأبشع صور التعذيب والقتل البطيء على أيدي الرافضة الذين صار "عديم الشرع" حارسا لمعابدهم مؤاخيا لحكومتهم الرافضية "الموقرة!" في "سوريا الحرة" تماما كما كان عليه الحال في "سوريا الأسد!"

بل هل ندلكم على ما هو أقرب إليكم من ذلك كله، اذهبوا إن استطعتم إلى صيدنايا فرع "إدلب!" الذي يُمسي فيه المجاهد أسيرا، ولا يُصبح إلا داخل السجون العسكرية التركية، بعد الاستعانة بمصباح "عدو الدين" للخدمات الأمنية السحرية!!

فإنْ أبيتم هذا وذاك، فاذهبوا إلى أكبر صيدنايا في سوريا، فرع الهول وغويران حيث الأهوال التي تُرتكب جهارا نهارا في أكبر سجون بشرية علنية يقبع فيها آلاف المجاهدين والمهاجرين الأبرار وعوائلهم الأطهار الذين جاهدوا على ثرى الشام منذ الأيام الأولى للثورة وأسقطوا النظام فعليا لولا تدخل طواغيت الشرق والغرب مع "الثوار!"

إنّ في كل بلد طاغوت، ولكل طاغوت صيدنايا! ولكنه الدجل الإعلامي والنفاق العالمي، إنها شبكات عالمية للاتجار بمعاناة الناس أو الانقلاب عليها بحسب تقلُّب المزاج الدولي! وأضوائه الخضر والزرق!!

وللمفارقة، فإنه بينما تتوجه اليوم وسائل الإعلام إلى صيدنايا للتباكي على أسراه؛ كانت ذاتها تتوجه إلى أسرى غويران والهول، لا لتنقل معاناتهم ولا لتتباكى عليهم، وإنما لتتشفّى بمصابهم وتبتزهم وتساومهم على البث الحي!! وتمارس بحقهم أقذر صور الخِسّة الإعلامية! لعلها تظفر بتراجع أو استجداء تسوِّقه للغثاء، فلا تعود إلا خاسئة ذليلة.

كانت وسائل الإعلام التي تبكي صيدنايا اليوم؛ تذهب إلى الهول لتمارس التشبيح الإعلامي بحق المؤمنات الصابرات الطاهرات اللواتي دفعن وأزواجهن ضريبة الإيمان والانتصار لإخوانهم الشاميين في جهاد لا يرجون من أحد شكره ولا ذكره.

كانت قنوات الدجل تذهب إلى الهول لتقدّم مادة إعلامية تشويهية بحق الأطفال الأسرى! المحتجزين بقرار ورغبة دولية في ظروف قاسية بتهمة "الإرهاب" التي يفرّ منها الخونة اليوم، ويقدّمون لتفاديها كل التنازلات.

أسرى الهول وغويران الذين تتنافس الميليشيات الكردية والثورية والتركية على التقرب إلى الصليبيين بإمساك ملفهم وشد وثاقهم!، أسرى الأهوال الذين دأبت الحكومات الصليبية والمرتدة على التحذير من إطلاق سراحهم أو التساهل معهم أو حتى الانشغال عنهم! وهو ما عبّر عنه قبل أيام "سيناتور أمريكي" بقوله: "علينا ضمان عدم إطلاق سراح ما يقرب من 50 ألف سجين من الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا"، محذّرا مُقرّا بأنّ هروبهم "سيكون كابوسا لأمريكا".

هذا "الكابوس" لا يطارد أمريكا الصليبية وحدها، بل يطارد أذنابهم المرتدين من الحكومات والميليشيات، ولذلك لا تجد وسائل الإعلام في هذه السجون مادة للاتجار بالمأساة والمعاناة، بل مادة للمزايدة والتشويه والمعاداة ليس للمجاهدين فحسب، بل حتى لنسائهم وأطفالهم، فهؤلاء في عرف القوانين الجاهلية الدولية والثورية "إرهابيون" برتبة أطفال ونساء!! لا تشملهم "الثورة العوراء" ولا "إنسانيتها" الجوفاء.

ولكن ما ضرّهم إنْ لم يشملهم هذا الغثاء؛ إنْ شملتهم رحمة المولى سبحانه ولطفه وحسن ثوابه، وقد قضى في كتابه: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}، فلن يُضيع عباده الذين هاجروا وجاهدوا وصبروا وأوذوا في سبيله، وسينتقم بعدله من الصليبيين والمرتدين وكل المتورطين في فصول هذه الجريمة التاريخية، بعذاب من عنده أو بأيدينا، فاللهم دبّر لنا فإنا لا نحسن التدبير.

ومن مظاهر الدجل الإعلامي الذي رافق سقوط الأسد، تبدُّل سلوك الإعلام الموالي للنظام، حيث انقلب "شبيحة الأسد ثوارا" يطبلون للثورة بعد أن كانوا قبل أيام ينبحون عليها! حتى غدا الفرق بين "الثوري" و "الشبيح" إسقاط علم ورفع آخر كلاهما من صنع "سايكس-بيكو" فيا لهوان الثورة وهوان أعلامها.

من الناحية الشرعية، فإنّ العاملين في وسائل الإعلام النصيرية كفار مرتدون محاربون، يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم من المراسلين والمحرِّرين والمصوِّرين و "الممثلين" وكل من له صلة بالمنظومة الإعلامية النصيرية التي عكفت سنوات تناصر الطاغوت وتنافح عنه وتؤيد جرائمه، وإنّ تبديل هؤلاء جلودهم بين ليلة وضحاها من "التشبيح إلى الثورة" يُعد استخفافا بالدماء وإمعانا في الإجرام، وإنّ حكم الإسلام فيهم هو القتل ردَّةً جزاء وفاقا لأنهم أولياء وأعوان الطاغوت حكمهم حكمه لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

كما أنّ تصنيفهم إلى إعلاميين "حربيين وغير حربيين" والدعوة إلى محاكمتهم بالقانون هو ضرب من ضروب الجاهلية المتجذّرة، فإنّ القانون هو الذي حماهم وجرأهم على دماء وأعراض المسلمين في عهد "سوريا الأسد!" وهو الذي سيكفل حمايتهم في عهد "سوريا الضبع!"، وإنّ مَن عفا عن القتلة والجزارين كسبا لرضى النظام الدولي؛ لن يجرؤ على المساس بمن هم دونهم مِن الإعلاميين و "الممثلين" الذين رسموا لوحة النظام من قبل! ويرسمون لوحة الثورة من بعد! على خشبة النفاق العالمي.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 474
السنة السادسة عشرة - الخميس 18 جمادى الآخرة 1446 هـ
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً