الملك نور الدين زنكي -رحمه الله- قَالَ ابْن الْأَثِير: وَكَانَ رَحمَهُ الله لا يفعل فعلا إلَّا ...

الملك نور الدين زنكي -رحمه الله-

قَالَ ابْن الْأَثِير: وَكَانَ رَحمَهُ الله لا يفعل فعلا إلَّا بنية حَسَنَة كَانَ بالجزيرة رجل من الصالحين كثير العِبَادَة والورع شَدِيد الِانْقِطَاع عَن النَّاس وَكَانَ نور الدين يكاتبه ويراسله ويرجع إلَى قَوْله ويعتقد فيه اعتقادا حسنا فَبَلغه أن نور الدين يدمن اللعب بالكرة فَكتب إِلَيْهِ يَقُولُ مَا كنت أظُنك تلهو وتلعب وتعذب الْخَيل لغير فَائِدَة دينية فكتب إِلَيْهِ نور الدِّينِ بِخَط يَده يَقُولُ وَالله ما يحملني على اللعب بالكرة اللهو والبطر إِنَّمَا نَحن في ثغر العدو قريب منا وبينما نحن جُلُوس إِذْ يَقع صَوت فنركب في الطلب وَلَا يمكننا أَيْضا مُلَازمَة الْجِهَادِ لَيْلًا وَنَهَارًا شتاء وصيفا إذْ لابد من الرَّاحَة للجند وَمَتى تركنَا الْخَيل على مرابطها صَارَت جماما لا قدرَة لَهَا على إدمان السير في الطلب وَلَا معرفَة لَهَا أَيْضا بِسُرْعَة الانعطاف في الكر والفر في المعركة فنحن نركبها ونروضها بِهَذَا اللعب فيذهب جمامها وتتعود سرعة الانعطاف والطَّاعَةِ لراكبها فِي الْحَرْب فَهَذَا وَاللهِ الَّذِي بَعَثَنِي على اللعب بالكرة.

قَالَ ابْنِ الْأَثِير : فَانْظُر إِلَى هَذَا الْملك المَعْدُوم النظير الَّذِي يقل في أصْحَاب الزوايا المنقطعين إِلَى الْعِبَادَة مثله فإن من يجئ إلَى اللّعب يَفْعَله بنية صَالِحَة حَتَّى يصير من أعظم الْعِبَادَات وأكبر القربات يقل فِي الْعَالم مثله وَفِيه دَلِيل على أنه كَانَ لَا يفعل شَيْئًا إِلَّا بَنية صَالِحَة وَهَذِهِ أفعال العلماء الصَّالِحين العاملين.


• المصدر: الروضتين في تاريخ الدولتين النورية والصلاحية
...المزيد

إلى أهل السنة في الشام ها قد رأيتم استبدال شرع ربّ البرية بعد محاربة الدولة الإسلامية، بالقوانين ...

إلى أهل السنة في الشام

ها قد رأيتم استبدال شرع ربّ البرية بعد محاربة الدولة الإسلامية، بالقوانين الوضعية والدساتير الشركية، أعلمتم الآن لماذا كنا ولم نزل نكفّر الصحوات والفصائل والجبهات ونحاربهم ويحاربوننا؟ ونخصهم بالذكر دون الملاحدة والنصيرية؛ لأنهم يحملون مسمَّيَاتٍ إسلامية، زعموا كاذبين بل راياتٍ عُمِّية، ألم يَكُن الفرقُ واضحًا بينَ مَن يستعينُ برب العالمين ويقاتل لإعلاء كلمة الله وتحكيم شريعته، وبين من يستعين بالبنتاغون ومرتدي الأتراك والصليبيين ويعلي في محاكمه كلمة الكفر بتحكيم القوانين؟ فوالله ما زاد الصحوات ذلك إلا هوانا وذلا، وما عدوا على أن يكونوا عند داعميهم سوى حذاء ونعل، تسلط قويهم على ضعيفهم وغنيهم على فقيرهم وتفاخر أشدهم كفرا وعمالةً على من لا يجد لذلك سبيلا ولم يلق له دليلا، وآخر المطاف بهم تلاعب الأتراك يسوقونهم سوق الدواب إلى ما تقتضيه مصالحهم.


فما أفلح - والله - ثيران الثورة، وكانوا أسوأ أهل قضية عرفهم التاريخ، وكل ذلك لأنهم وبكل وقاحةٍ حاربوا المسلمين ورفضوا تحكيم شرع رب العالمين، بعد أن رأوا الأدلة الواضحات والحجج البينات في صدق دعوة أهل الجهاد والثبات من أبناء دولة البطولات، فاستنكفوا واستكبروا أن يكونوا فيها جنودا وأن تحكمهم بشرع الله فيكونوا له سبحانه عبيدا، فأذاقهم الله ذلا لم يعرف له مثيل، وما قتالهم المزيف للملاحدة اليوم، إلا قوميات متعفنة ووطنيات مهترئة بسيوف غير مجترئة، تستقوي بأكف غير أهلها.

ولقد علم القاصي والداني أن دولة الإسلام قاتلت الملاحدة لأنهم ملاحدة لا يؤمنون بالله ربا ولا بمحمد الله نبيا ولا بالإسلام دينا، فكانت حربنا معهم مشهودة وما زالت، وإن لنا معهم أياما تسود فيها وجوههم وتسوء إن شاء الله؛

أما النصيرية الأنجاس فلقد ضربنا أعناقهم بالسيوف حتى انحنت، ونحرناهم بالسكاكين حتى ثلمت، ولم يبق لقتال النصيرية اليوم إلا مجاهدو الدولة الإسلامية -أعزها الله- يقاتلونهم في الصحاري والقفار ويطاردونهم من دار إلى دار ينغصون عليهم عيشهم ويشعلون عليهم تهدئتهم التي عقدوها مع باقي أعدائهم من حثالات الفصائل والأحزاب فيا أهل السنة في ربوع بلاد الشام أما ظهر لكم الحق بعد؟


• من كلمة الشيخ أبي عمر المهاجر -حفظه الله- ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ‌﴾
...المزيد

الدولة الإسلامية - مقتل 39 صليبياً روسياً وإصابة وفقدان العشرات بعملية لجنود الدولة الإسلامية في ...

الدولة الإسلامية - مقتل 39 صليبياً روسياً وإصابة وفقدان العشرات بعملية لجنود الدولة الإسلامية في القوقاز

‏• ولاية القوقاز

أكد مصدر أمني لصحيفة النبأ أن جنود الدولة الإسلامية في ولاية القوقاز -حفظهم الله- نفّذوا عملية نوعية أدت إلى مقتل أكثر من 39 صليبيا روسيا وإصابة وفقدان العشرات، إثر تمكّنهم من تدمير جزء كبير من مبنى سكني مؤلف من 10 طوابق في مدينة (ماغنيتاغورسك) بمقاطعة (تشيليابينسك) وسط روسيا.

حيث تمكنت مفرزة أمنية ولله الحمد والمنّة، من الوصول للمبنى الذي يقطنه العشرات من الصليبيين وزرع متفجرات داخله والانسحاب من الموقع بسلام، تلاه تفجير المبنى على من فيه، وأكد المصدر أن سبب تأخر تبني العملية فور حصولها لدواعي أمنية.

وكان الصليبيون الروس قد تخبطوا في بياناتهم المتعلقة بالعملية التي وقعت الاثنين الساعة 4 فجرا بتاريخ (24/ ربيع الثاني) الموافق (31/ ديسمبر)، سواء بعدد القتلى والجرحى أو المفقودين أو حتى في الكشف عن الأسباب التي أدت لانهيار المبنى، حيث أعلنوا بداية أن انفجار أنبوب للغاز قد أدى لانهيار المبنى، ليعلنوا لاحقا احتمالية سقوطه بالمتفجرات، ليعودوا ويؤكدوا أن التحقيقات لم تكشف عن وجود متفجرات، كاشفين عن أن عدد الأشخاص المفقودين بلغ 79 شخصا.

العملية التي كان لها وقعا كبيرا حوّلت أعياد الصليبيين برأس السنة الميلادية إلى مآتم، حيث أُعلنت حالة الطوارئ في المدينة، فيما قدم العديد من طغاة العالم تعازيهم للطاغوت الروسي الذي زار المدينة في اليوم ذاته على وجه السرعة.

ووقع الانفجار بين الطابقين الثالث والعاشر، مما أدى إلى تضرر 48 من أصل 72 شقّة في المبنى، وشارك في عمليات الإنقاذ نحو 1400 شخص و200 آلية.


• مقتل 3 روس آخرين بتفجير حافلة في (ماغنيتاغورسك)

وفي سياق متصل دمّر جنود الخلافة -في اليوم التالي لعملية انهيار المبنى-حافلة تُقلّ ركابا صليبيين روس بتفجير عبوة ناسفة عليها ما أدى إلى هلاك 3 من الركاب.

وقد جائت العمليتان كثمن يسير من فاتورة الحرب التي ستتحملها روسيا الصليبية بإذن الله، والقادم أدهى وأمر.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 165
الخميس 11 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - هجمات المجاهدين ستستمر في منبج حتى تعود إلى حكم الشريعة (النبأ) تحاور أحد ...

الدولة الإسلامية - هجمات المجاهدين ستستمر في منبج حتى تعود إلى حكم الشريعة


(النبأ) تحاور أحد جنود المفارز الأمنية العاملة وتكشف حقيقة الوضع في المنطقة

اهتمام عالمي كبير بأخبار الهجوم الأخير لجنود الخلافة في منبج والذي استهدف تجمعا للصليبيين وحراسهم المرتدين يوم الأربعاء (10/جمادى الأولى) والذي أسفر -بحمد الله- عن مقتل وإصابة 9 من الجنود الأمريكيين، بالإضافة إلى 7 من المرتدين.

هذا الاهتمام كانت له أسباب عديدة تتعلق بزمان الهجوم ومكانه والهدف منه والجهة المنفذة له.

فمن حيث زمانها حدثت في وقت تزايد فيه الجدال حول مصير القوات الصليبية الموجودة في المنطقة بعد إعلان الجيش الأمريكي عزمه الخروج من المنطقة وإخلائها بعد انتهاء مهمته بإسناد حلفائه المرتدين في قتالهم للدولة الإسلامية.

ومن حيث مكانها وقعت داخل مدينة منبج التي باتت بؤرة للتنافس بين أطراف عديدة تسعى للسيطرة عليها في حال حدوث فراغ سببه انسحاب القوات الأمريكية منها.

ومن حيث الجهة المنفذة فإن إعلان الدولة الإسلامية تبنيها للهجوم أثار المزيد من الشكوك حول إعلان الطاغوت الأمريكي ترامب تمكن جيشه من هزيمتها والقضاء عليها.

ومن حيث الهدف من العملية فإن قضية استهداف الجيش الأمريكي بهجوم استشهادي وإيقاع مقتلة في عناصره أمر من شأنه أن يثير انتباه العالم، والأوساط الأمريكية خصوصا سواء منها المطالبة بالانسحاب من الحرب ضد الدولة الإسلامية أو المؤيدة لهذه الحرب.

ولاستطلاع الأحوال في منبج تواصلت (النبأ) مع أحد الإخوة المنضوين تحت المفارز الأمنية العاملة في المنطقة ليطلعنا على الوضع الذي تعيشه المدينة تحت حكم الصليبيين والمرتدين.


• تواجد القوات الصليبية في منبج

وأجاب الأخ على سؤالنا عن تواجد القوات الصليبية في المنطقة بأنها تنتشر في قواعد عسكرية صغيرة في المناطق المحيطة بمدينة منبج، وهناك 3 قواعد معروفة لهم هي قاعدة (العون) شمال المدينة والتي وضعت للفصل بين مرتدي الـ PKK ومرتدي الصحوات في منطقة جرابلس، وقاعدة (السعيدية) غرب منبج، وقاعدة (جامعة الاتحاد)، وهي على العموم قواعد صغيرة الحجم، الهدف منها إثبات الوجود الأمريكي في وجه الجيشين التركي والنصيري الطامعين بالسيطرة على منبج.

وأضاف الأخ بأن الصليبيين يتحركون بشكل مستمر بين هذه القواعد على شكل أرتال مكونة من 5-10 عربات مدرعة مرفقة بعدد من آليات الحراسة التابعة لمرتدي الـ PKK، وهم يدخلون إلى المدينة أحيانا بعربات (لاندكروزر) برفقة حراسات من المرتدين، ونادرا ما يظهرون خارج آلياتهم المصفحة.

أما مرتدو الـ PKK فبين -حفظه الله- أنهم يتحصنون في مقراتهم المحاطة بجدران إسمنتية داخل المدينة، ويفرضون طوقا أمنيا حولها مكونا من خندق عميق و 10 حواجز تفتيش على مداخلها، بالإضافة إلى انتشار كبير لعناصرهم في الشوارع الرئيسية والساحات العامة، وتغطية واسعة بكاميرات المراقبة لمختلف أجزائها.

وعن تطورات الأوضاع بعد قرار أمريكا الانسحاب من المنطقة أوضح الأخ أنهم لاحظوا خلال الفترة الماضية نشاطا في حركة الآليات الصليبية تقوم بنقل معدّات وتجهيزات القواعد باتجاه مناطق شرق الفرات، دون تأكيد على أن هذه التحركات هي جزء من خطة الانسحاب.


• ضباط من النظام النصيري

كما كشف عن تلقيهم معلومات عن دخول ضباط من جيش النظام النصيري عدّة مرات إلى مدينة منبج خلال الفترة الماضية، وعقدهم لقاءات مع قادة المرتدين، في الوقت الذي حشد فيه النظام قوات كبيرة تابعة له غرب المنطقة، قرب (العريمة) و(التايهة)، في حين أن مرتدي الجيش التركي والصحوات يحتشدون الآن شمال المدينة قرب (الدادات)، وكل من الطرفين يمنّي نفسه باستلام المدينة في حال حصول انسحاب أمريكي، وهو ما لم يتم حتى الآن.

• عمليات المجاهدين

وعن العمليات التي ينفذها جنود الخلافة في المنطقة قال بأنهم -والحمد لله- بدأوا بتنفيذ الهجمات ضد المرتدين منذ شهور، ومكنهم الله سبحانه من ضرب عدد من رؤوس المرتدين في المنطقة منهم قادة في الاستخبارات والمجلس العسكري والجمارك وما يسمونه الإدارة الذاتية التي يتحكمون من خلالها بأهالي المنطقة.

كما كشف عن محاولات عديدة قاموا بها من قبل لاستهداف القوات الصليبية في ريف منبج لم يكتب لها النجاح لأسباب مختلفة، حتى يسّر الله تنفيذ الهجوم الأخير في وسط المدينة ورغما عن إجراءاتهم الأمنية وتحصيناتهم ودروعهم وحراساتهم، شاكرا الله على ما أنعم به عليهم من ستر وحماية وإعانة.

وفي نهاية الاتصال بشر الأخ المسلمين عامة وجنود الخلافة خاصة بأن عملياتهم ستستمر -بإذن الله- في منبج وغيرها من الديار التي يحكمها المرتدون بغير شريعة الله، حتى تطهيرها من شركهم وإعادتها إلى حكم الشريعة وديار الإسلام.

ووجه رسالة إلى أهالي منبج يحذرهم فيها من الوقوع في الكفر والردّة بموالاة المرتدين عن طريق الانتساب إلى قواتهم أو الانضمام إلى أحزابهم ومنظماتهم أو المشاركة في المظاهرات والمسيرات الداعمة لهم أو تقديم المعلومات عن المجاهدين إليهم، وكذلك نبّه إلى خطورة المشاركة في انتخاباتهم ومجالسهم المحلية لما في ذلك من حكم بالكفر على من وقع فيه أو رضي عنه

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 165
الخميس 11 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

إن تنصروا الله ينصركم إن ترقب نصر الله تعالى لعباده المؤمنين هو عبادة من العبادات وطاعة من ...

إن تنصروا الله ينصركم

إن ترقب نصر الله تعالى لعباده المؤمنين هو عبادة من العبادات وطاعة من الطاعات، لأنه لا يكون إلا بإيمان العبد أن له ربّا ينصره، وأنه قادر على نصره، وأنه لا يستنصر بغيره سبحانه، وهذه كلها من صور التوحيد الذي هو أعظم ما يتقرب به العبد إلى مولاه.

ولكن الله الحكيم العليم جعل لكل شيء سببا، وجعل من أسباب النصر لعباده على أعدائه أن يقوموا بمدافعتهم وجهادهم، وجعل هذا الجهاد ذروة سنام الدين، وفيصلا في البراءة بين أهل الإيمان وأهل الإشراك، ورتّب عليه أعظم الأجر في الآخرة، وأعظم المطلوب من زينة الدنيا المغنم والعزّ والتمكين.

بل توعّد الله سبحانه من اقتصر على ترقّب النصر من الله سبحانه مع معصية أمره بالقعود عن طلب أسباب النصر بالجهاد والمدافعة بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، واستبدال تشريفه من الله بالتكليف بإقامة دينه بآخرين يطيعون الله حق طاعته، فقال جل جلاله: {إلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 39].

وذكّر تعالى شأنه أن ترك العبد أسباب النصر، وإيكالها إلى الله تعالى وعباده المخلصين مع القعود عن أداء فريضة الله هو من أفعال القوم الذين غضب عليهم ربهم، وعاقبهم في الدنيا أن يتيهوا في الأرض، وحرمهم من تمكينه لهم في الأرض المباركة التي وعدهم بها إن نصروه وجاهدوا في سبيله، وذلك بعد أن قالوا لنبيهم :{ اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [المائدة: 24]، فلما خلف من بعدهم خلف من الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم، قلّة مؤمنة صابرة مجاهدة لم تلتفت لفتن الطريق ولا لتخذيل المخذّلين أثابهم الله نصرا على عدوهم بأبسط الأسباب، حجر ألقاه فتى منهم أسقط الله به أعتى جبابرة الأرض، { فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } [البقرة: 251].

وإننا نرى اليوم من أفعال عباد الله الموحدين في ديار الإسلام وخارجها ما يفرح أهل الإيمان ويغيظ أهل الكفر والعصيان، قلّة مؤمنة صابرة على أمر الله تقاتل دون آخر شبر من الأرض يحكم بشريعة الله، وتذود عن نفوس المسلمين وأعراضهم وأموالهم، وتطلب النّصر من الله بطاعته سبحانه في أمره لهم بالقتال في سبيله، يرجو كل منهم أن تكون رصاصة من رصاصاته حجر داود الذي نصر الله به الإسلام على قلّة وضعف في المسلمين.

وقد اهتزت الدنيا لخبر إقدام أسد من أسود الإسلام على مهاجمة دورية صليبية في منبج فتوسّط جنودها بسترته الناسفة وفجّرها فيهم ليمزّقهم إربا، وينصر بذلك دينه وإخوانه المرابطين على ضفاف الفرات.

ولم تكن هذه الهزّة لانكشاف خبر مقتل عدد من الصليبيين في الهجوم وحسب، كما في إعلان البنتاغون الذي زعم أنه أكبر هجوم تعرّضت له قواته منذ بدء حملتهم على الدولة الإسلامية، ولكن لأنه كشف حقيقة أن هذه الحرب الطويلة لم تتمكن من هزيمة الموحدين كما يزعم المشركون، وأن إرادة القتال والاستشهاد لا تزال متوقدة في نفوس أولياء الله، لم يطفئها قصف الطائرات ولا خسارة الأرض ولا خذلان المتخاذلين.

وإن أخشى ما يخشاه أعداء الله اليوم أن تشتعل في نفوس المؤمنين تلك الحماسة للانغماس في الصفوف وملاقاة الحتوف كما كانت عندما زاد في نفوسهم الإيمان ودفعهم للهجرة إلى دار الإسلام وحمل السلاح ذودا عن الدين وطلبا لمرضاة رب العالمين، إخوانا متحابين رؤفاء بالمؤمنين أشدّاء على الكافرين، ففتح الله لهم بذلك البلاد، وألّف عليهم قلوب العباد، فأقبلوا على جماعتهم لمجرد أن سمعوا صيحتهم أن حيّ على الجهاد.

وإن عدونا اليوم عازم على الرحيل مستعجل في أمر المعركة، ولذلك فهو يسعى لحسمها بأقل الوسائل تكلفة عليه، فتارة يعرض على المجاهدين الاستسلام، وتارة يزعم طلبهم فتح طريق إلى الصحراء، وتارة يلوّح بعصا التهديد والوعيد، وكلها أساليب جرّبها مع المجاهدين قديما في الموصل وسرت وماراوي وغيرها من الملاحم العظام.

وإن المجاهدين اليوم لا يلتفتون إلى هذه الأمور كلها، بل هم عازمون على طلب النصر من الله سبحانه بقتال عدوهم والنكاية فيه، وإن كان عدوهم يريد نفوسا فدونها نفوس المشركين، وإن كان يريد أرضا فلن ينالها إلا خرابا، ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 165
الخميس 11 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

مقال - الإبتلاء بالجوع الحمد لله ذي الفضل وافر النعم، سريع الحساب على الكافرين شديد النقم، ...

مقال - الإبتلاء بالجوع

الحمد لله ذي الفضل وافر النعم، سريع الحساب على الكافرين شديد النقم، والصلاة والسلام على من رفع الله به البشرية من ظلمات الجاهلية لأعلى القمم، وعلى آله وصحابته وجنده أهل الهمم، أما بعد :

قال الله تعالى: { إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } [الإنسان2-3]
وعن أبي جحيفة، أنه تجشأ في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: (أقصر من جشائك، فإن أطول الناس جوعا يوم القيامة أكثرهم شبعا في الدنيا)، قال أبو جحيفة: فما شبعت منذ ثلاثين سنة. [الترمذي وابن ماجه].

نطرق في هذه السطور أسماع أهل اليقين الثابتين، وأصحاب الصبر والعزائم الذين لا تنزل عليهم نازلة إلا عاجلوها بحسن ظنهم برب العالمين، الذين يوطن سبحانه بالبلاء نفوسهم لتسموا وترتقي ولا تبالي بحطام دنيا زائلة ولا تلتفت لتخاذل المنهزمين المدبرين ومكر الكافرين.
قال عز من قائل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155].

"أي لنختبرنكم بشيء من خوف ينالكم من عدوكم وبسنة تصيبكم ينالكم فيها مجاعة وشدة وتعذر المطالب عليكم فتنقص لذلك أموالكم، وحروب تكون بينكم وبين أعدائكم من الكفار، فينقص لها عددكم، وموت ذراريكم، وأولادكم، وجدوب تحدث، فتنقص لها ثماركم. كل ذلك امتحان مني لكم واختبار مني لكم، فيتبين صادقوكم في إيمانهم من كاذبيكم فيه، ويعرف أهل البصائر في دينهم منكم من أهل النفاق فيه والشك والارتياب". [تفسير الطبري]


• البلاء امتحان وتنقية للقلوب

فأقر الله البلاء على عباده وصفوة خلقه؛ لأجل امتحانهم وتنقية قلوبهم وانتشالها من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، فيجازيهم بما صبروا جنات وعيون وزوجات حسان وما تشتهي الأنفس من طيبات، ومن رحمة الله بعباده المؤمنين أنه جعل لكل بلاء دواء ولكل ضيق مخرجا، وأسوق لكم ما ترويه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن حاله صلى الله عليه وسلم في مأكله: "عن مسروق قال: دخلت على عائشة، فدعت لي بطعام فقالت: «كل، فلقل ما أشبع من الطعام، ولو شئت أن أبكي لبكيت» قال: قلت: ومم ذاك؟ قالت: «أذكر الحال التي فارق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا، ما شبع في يوم مرتين من خبز بر حتى لحق بالله»" متفق عليه.

ما شبع بأبي وأمي من الخبز وهو أعز خلق الله على الله، فأي بساطة عاشها الحبيب، وأي قلة مرت عليه صلوات ربي وسلامه عليه، وما جزع وما تملكه القنوط من فرج الله بل دعا إلى الله بأكمل صورة حتى أتاه اليقين، وسار على نهجه صحابته الكرام، فما مر بهم جوع وفاقة إلا زادتهم يقينا وتسليما وإصرارا على الاستمرار في الدرب الموصلة إلى موعود الله.

وعن عروة، عن عائشة أنها قالت: "كان يمر بنا هلال وهلال ما يوقد في بيت من بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، قال: قلت لخالتي: على أي شيء كنتم تعيشون؟ قالت: على الأسودين: الماء والتمر" [مسند أحمد].


• ابتلى الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه بالجوع

وما هي إلا السنن أيها الموحدون، لا بد أن تمضي على أهل التوحيد في كل دولة، فتمر بهم البلايا والخطوب وتصيبهم الفاقة والجوع، فالصبر الصبر، والعزيمة العزيمة، والله لو نجا من الجوع والبلاء أحد لنجا منه حبيب الله وخليله صلى الله عليه وسلم الذي كان كما ذكر عنه جابر بن عبد الله قال: "لما كان يوم الخندق نظرت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فوجدته قد وضع بينه وبين إزاره حجيرا يقيم به صلبه من الجوع".

فانظر، كيف أن الله عزوجل قد أجرى الأقدار على رسوله صلى الله عليه وسلم، فمر بحالة الجوع الشديدة هذه، ثم جعله للمؤمنين أسوة حسنة بالصبر عليه، ولم تكن هذه طارئة أو مؤقتة بحياته -صلى الله عليه وسلم- وإنما كان جل حياته صابرا على الجوع وشظف العيش بأبي هو وأمي، عن قتادة قال: "كنا نأتي أنس بن مالك وخبازه قائم، وقال: كلوا، فما أعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رغيفا مرققا، حتى لحق بالله، ولا رأى شاة سميطا بعينه قط"..

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبيت الليالي المتتابعة طاويا، وأهله لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير. رواه الترمذي.

وهكذا تعلم صحابته الكرام الصبر في سبيل الله على الجوع من نبيهم صلى الله عليه وسلم، فهذا سعد بن أبي وقاص يقول: "رأيتنا نغزو وما لنا طعام إلا ورق الحبلة وهذا السمر (من نباتات البادية)، وإن أحدنا ليضع كما تضع الشاة"..

وهذا أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول:
"والله الذي لا إله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع..".

ويقول رضي الله عنه وأرضاه:
"لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حجرة عائشة رضي الله عنها مغشيا علي، فيجيء الجائي، فيضع رجله على عنقي، ويرى أني مجنون وما بي من جنون، ما بي إلا الجوع" [رواه البخاري].


• بالإيثار والصدقة تقوى الصفوف وتتآلف النفوس

واعلم أن الابتلاء طريق لابد أن يمر به أتباع الأنبياء، واعلم أنه بحسن الظن واليقين والتوكل على رب العالمين والطلب منه آناء الليل وأطراف النهار: يبدل الله الحال إلى غير حال وبالتراحم والإيثار والصدقة يقوي الله بعضنا بعضا ويجعل من هذه المحنة منحة وبشارة لمن صبر، وحسرة وندامة لمن انتكس وشك وفر، فكم أسرفنا في المأكل والمشرب وكنا لا نلقي بالا لما نرمي من طعام أو شراب.

فحلت حكمته سبحانه وتعالى علينا لنرجع ونتفكر ونتدبر فله وحده الأمر من قبل ومن بعد.

فلنر الله عز وجل من أنفسنا خيرا، فهذه الدار دار ممر لا دار مقر، وإنما المؤمن فيها كراكب استظل بظل شجرة ثم راح وتركها، فلا نثقلها بما يلصقها بعالم الأرض بكثرة الشهوات والتفكر بالملذات، وإنما نلحقها بذاك العالم العلوي، ذلك العالم الذي أعده الله لمن آمن به وصدق بوعده الذي "فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" والذي لا ينال إلا بالمشقة والجهد والصبر في هذه الدنيا الفانية.

إن من تعلق قلبه بما عند الله وتيقن بعاقبة صبره على الخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات، من نعيم الآخرة المقيم: هان عليه ما يكابد في هذه الدنيا القصيرة الحقيرة، والتي لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله أن يجعلنا من الصابرين على أمره، وأن يوفينا أجرنا يوم القيامة بغير حساب.
والحمد لله رب العالمين


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 164
الخميس 4 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

اليهود يقصفون سيناء والإخوان المفلسون يتاجرون بدماء أهلها قصفت طائرات يهودية حربية مناطق سيناء ...

اليهود يقصفون سيناء والإخوان المفلسون يتاجرون بدماء أهلها

قصفت طائرات يهودية حربية مناطق سيناء بأكثر من 40 صاروخا خلال الأسبوع الماضي، استهدفت قرى (رفح والعريش والشيخ زويد).

وسبق عملية القصف على مدار الأسبوع تحليق طائرات بدون طيار -يهودية- فوق أجواء سيناء لساعات طويلة.

يأتي ذلك تأكيدا للعلاقة الوثيقة التي تجمع النظام المصري المرتد مع دويلة (يهود) والتي كشف عنها الطاغوت المصري المرتد مؤخرا خلال لقائه مع إحدى القنوات الأمريكية حيث أكد علاقة بلاده الوثيقة مع (يهود) والتعاون المشترك بينهما في الحرب على المجاهدين في سيناء.

تصريحات الطاغوت المصري أثارت ضجة واسعة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي رغم أنها لم تحمل في طياتها أي جديد فقد سبق للطاغية أن صرح في أكثر من محفل بالعلاقة القوية التي تجمعه مع دويلة (يهود) وبالتنسيق الأمني المشترك بينهما.

غير أن التعاون العسكري بين مصر ودويلة (يهود) ضد الدولة الإسلامية في سيناء اتسم بالسرية منذ البداية، ولذا وصفت العديد من الصحف الغربية هذا التعاون بـ"التحالف السري"، والسبب في ذلك يعود لسببين:

فمن من جهة مصر؛ لا زال قادة النظام المصري المرتد يدّعون إعلاميا أن إسرائيل هي عدوة بالنسبة لهم! ويزعمون وقوفهم إلى جانب أهل فلسطين! وخاصة بعد مبادراتهم بين حماس وفتح، وبالتالي فإن إعلان هذا التحالف العسكري يمثل إحراجا للنظام المصري أمام غالبية أهل مصر.

وهو ما دفع الطاغوت المصري إلى إبقاء صفقاته وتنسيقه مع اليهود بالسر لم يطلع عليه إلا دائرة ضيقة من كبار ضباط الجيش والاستخبارات من كلا الطرفين.

وبالنسبة لدويلة (يهود) فهي تعلم أن الإعلان عن ذلك يصب في صالح الدولة الإسلامية ويعد سببا لتعاطف المسلمين معها، إضافة إلى أنه قد يكون دافعا إضافيا للثأر من اليهود سواء في سيناء أو خارجها.

وسبق أن حذّرت قيادات يهودية عبر وسائل الإعلام من المخاطر الناجمة عن تورط سلاح الجو اليهودي بشن الغارات الجوية على مجاهدي سيناء خشية هجمات انتقامية محتملة.

وسعيا منها لتضليل أهل سيناء تتعمد الطائرات اليهودية عادة تغيير مسارها لكي تبدو أنها قادمة من العمق المصري! وتقوم أحيانا بإخفاء شعاراتها حفاظا على سرية هذا التحالف.

التصريحات التي أدلى بها الطاغوت المصري والتي تفيد بأن (يهود) تشن غارات جوية على ولاية سيناء، أحرجت الحليف اليهودي الذي استدرك وسارع إلى نشر خبر مفاده (أن القصف يستهدف أسلحة حماس وليس الدولة الإسلامية)!.

بدورهم سارع الإخوان المرتدون إلى الترويج للخبر اليهودي الذي يقول بأن القصف استهدف أسلحة (حماس) طمعا في الظهور بأنهم أعداء اليهود وأن (يهود) تستهدفهم، متناسين تصريح (النتن ياهو) الأخيرة حين قال: إنه لولا إسرائيل لقامت إمارة إسلامية للمجاهدين في سيناء.


• الصراع وانكشاف حقيقته

يبدو أن صراع الدولة الإسلامية مع (يهود) وأذنابها دخل مرحلة جديدة بعد خروجه مؤخرا للعلن حيث اجتهد اليهود وأعوانهم وآخرين طيلة سنوات في إخفائه كي لا يكون رصيدا للدولة الإسلامية التي عايروها طويلا بأنها لا تقاتل (يهود)، والتي ما فتئت تردد عبر وسائل إعلامها المتعددة وطيلة سنوات بأن قتالها مع اليهود قادم لا محالة بجهاد شرعي على منهاج النبوة، وليس مقاومة على طريقة المرتدين!

القصف اليهودي على سيناء ليس جديدا، فمئات الغارات سبق أن شنها الطيران الحربي اليهودي -بطيار وبدون طيار-على مجاهدي سيناء خصوصا بعد إعلان بيعتهم لخليفة المسلمين وانضمامهم تحت راية الدولة الإسلامية -أعزها الله-، وقيام ولاية سيناء على مشارف بيت المقدس والتي كانت تقوم كلما تيسر بقصف ايلات ومواقع أخرى.

وكذلك ما قام به اليهود دعماً لصحوات الردة حينما قصفت مواقع جنود الدولة الإسلامية في حوران.

وبهذا الدور وضعت اليهود بصمتها في التحالف الدولي المعلن ضد الدولة الإسلامية وتخندقت مع بقية الدول والتحالفات والفصائل والجماعات والتيارات الذين اجتمعوا لحرب جنود الخلافة في مختلف الولايات والمناطق.

فاليهود يعلمون جيدا أن دولة الإسلام هي العدو الحقيقي لمشروعها على الأرض! والتي أكدت منذ نشأتها -في العراق- أن الصراع مع اليهود صراع عقدي ليس من أجل حدود رسمها اليهود أنفسهم، بل هو صراع أبدي حتى (يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله خلفي يهودي تعال فاقتله).

وبإذن الله ستندحر تحالفاتهم وتتبعثر خططهم وما يمكرونه ويكيدونه لأهل التوحيد والجهاد سيعود بالسوء والحسرة والندامة عليهم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 164
الخميس 4 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

إن الله يدافع عن الذين آمنوا لم يكن غريبا أن تنتهي الأمور في إدلب إلى ما وصلت إليه اليوم من ...

إن الله يدافع عن الذين آمنوا

لم يكن غريبا أن تنتهي الأمور في إدلب إلى ما وصلت إليه اليوم من قتال أنهى حالة تعدد الفصائل فيها وسيطرة كل منها على جزء من الأرض وتحكمه برقاب قسم من الأهالي ليعلن من خلال ذلك وجوده على الأرض وينازع على المشاركة في تحديد مستقبل المنطقة بما ينسجم مع مصالح قادته والدول الراعية لهم من بعدهم.

ولم يكن مستبعدا أن تكون نهاية الساحة هناك الخضوع لسيطرة مرتدي جبهة الجولاني، وذلك بعد أكثر من عام على تفردهم بالسيطرة تحت مسميات مختلفة من حكومة وغيرها، على أهم مرتكزات القوة الاقتصادية والسياسية في المنطقة المتمثلة بالمعابر والمدن الكبرى وطرق المواصلات، والأهم من ذلك كله العلاقة مع الحكومة التركية المرتدة، الأمر الذي عجل بالقضاء على تلك الفصائل في الجولة الأخيرة من الصراع معها.

ولكن الغريب أن نرى في الخطاب الإعلامي لجبهة الجولاني والمنظرين فيها أنهم في سعيهم لطلب المشروعية لهجومهم على إخوانهم من فصائل الردة، حلفاء الأمس في قتال الدولة الإسلامية وشركاء الأمس في تشكيل الهيئات والجيوش والتجمعات لم يجدوا ما يستندون عليه إلا ذات المرتكزات الشرعية التي استندت عليها الدولة الإسلامية في قتالها لتلك الفصائل من قبل، مع تحريف كبير لمنظري الصحوات ليناسب الحال التي هم فيها.

وقد سمعناهم اليوم يقولون أن لا سبيل لإنهاء الفرقة والتشرذم على الأرض إلا بإنهاء الفصائل، وجمع السلاح تحت راية واحدة، وسمعناهم يشبهون قادة هذه الفصائل بملوك الطوائف في الأندلس الذين قضى عليهم ابن تاشفين، وأمراء المدن في الشام الذين أزال ملكهم زنكي، وسمعناهم يصرحون بردة الفصائل التي يقاتلونها اليوم مع أنها ذات الفصائل التي توحدوا معها بالأمس تحت راية واحدة، وجعلوا قادتها أمراء في جماعتهم، دون أن يطرأ على عقيدتهم أو منهجهم أي تغيير يستدعي تغير الحكم عليهم من الإسلام والصلاح إلى الكفر والردة.

وبالأمس كانوا يعيبون على الدولة الإسلامية إعلانها السعي إلى "تحرير المحرّر" من الطوائف الممتنعة عن تحكيم الشريعة لأن الأرض التي لا تحكم بشرع الله ليست بمحرّرة، ويجرّمون سعيها لتمزيق الفصائل والأحزاب ولو كانت مستعلنة بالإسلام وجمعهم في صف واحد مرصوص وتحت راية واحدة على منهاج النبوة، لأن حالة التفرق والتمزق التي أصابت المسلمين بسببها هي من أهم أسباب تأخر النصر عنهم، وكانوا يستنكرون أن تحكم الدولة الإسلامية على الفصائل بالكفر والردة، رغم ظهور الكفر الواضح في مناهجها وأقوال وأفعال قادتها والمنتسبين إليها، بل أصروا على تسميتهم بالمجاهدين وظاهروهم في قتال المسلمين من جنود الخلافة.

فما بالها اليوم تغيرت الأحكام، وما بالها سكتت ألسنة السوء عن النقد والهجاء، وما بالها كفت أفواه السفهاء عن التحريض على قتل من يفكك الفصائل قتل عاد واستئصالهم من كل واد ؟!
أو ليس ما فعلته الدولة الإسلامية هو الحق الذي كانوا يعلمون وينكرون، ثم هم به أن وافق أهواءهم يفتون ويعملون؟!

أيكون قتال الدولة الإسلامية للفصائل المرتدة -وهي تحكم بكفرها- بغيا وخارجية، ويكون قتالهم لذات الفصائل -وهم إخوانهم- جهادا وعملا صالحا؟!، قال تعالى: { بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِەِ فَبَاءُوا بِغَضَب عَلَى غَضَب وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ } [البقرة: 90].

إن كل ما جرى خلال السنوات الماضيات أثبت بحمد الله أن أكثر العداوة للدولة الإسلامية كان سببها الحسد والكبر لا طلب الحق والهدى، وأن كثيرا ممن عابوا على الدولة الإسلامية أمورا كانوا في أنفسهم يتمنون أنهم هم من قام به دونها فلما أعياهم أن يبذلوا في سبيلها المشقة عادوا من اختصه الله بالفضل عداء اليهود لأتباع الهدى من المرسلين.

وإن كل ما سيجري من أحداث خلال السنين القادمات سيقدم المزيد من البراهين على صحة منهج الدولة الإسلامية وصدق دعوة جنودها وأمرائها الذين قضوا تحت رايتها والذين لا زالوا قابضين على جمرة الذود عن حياض الشريعة فيها، وإن هذا- وأيم الله- من النصر الذي وعد به المتقون، وسيناله الأبرار الثابتون المصابرون، ويقدم المزيد من البراهين على ضلال من نابذها العداء حسدا من عند أنفسهم، أو لكبر في صدورهم، ولن يكون مصيرهم في النهاية إلا كمصير إخوانهم من فصائل الصحوات في العراق وخراسان، فلم يبق منهم رب العالمين من باقية، ولم يبق من ذكرهم إلا الذم لأفعالهم والعبرة من مآلهم، والعاقبة للمتقين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 164
الخميس 4 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

صفات المتقين المذكورة في الكتاب المبين الحمد لله رب العالمين والصّلاة والسّلام على إمام ...

صفات المتقين المذكورة في الكتاب المبين

الحمد لله رب العالمين والصّلاة والسّلام على إمام الأتقياء وصفوة المرسلين وعلى آله الطّيّبين وصحابته الأخيار الميامين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

ذكرنا سابقا فوائد وثمرات المتّقين في الدّنيا والآخرة فلعلّ قائلاً يقول، ما هي صفات المتّقين الّتي نالوا بها هذه المكرمات من ربّ الأرض والسّماوات فأقتفِي أثرهم وأسلك سبيلهم رجاء أن أحشر في زمرتهم.

فنقول: إنّ ذلك ليس بالأمر الهيّن وهو يسير على من أعانه الله لذلك، قال ابن الجوزي رحمة الله: "إِن صدقت فِي طلابهم فانهض وبادر وَلَا تستصعب طريقهم فالمعين قَادر تعرض لمن أَعْطَاهُم، وسل فمولاك مَوْلَاهُم رب كنز وَقع بِهِ فَقير وَرب فضل فَازَ بِهِ صَغِير".

فلنقف أولاً على أصل التّقوى ومعناه ثم نذكر صفات أصحابه لعلّ الله أن يحشرنا في زمرتهم بحبّنا لهم فالمرء مع من أحب.

قال ابن رجب رحمه الله: "وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه، فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه".

وقال ابن القيّم رحمه الله: "وأمّا التّقوى فحقيقتها العمل بطاعة الله إيماناً واحتساباً، أمراً ونهياً، فيفعل ما أمر الله به إيمانا بالأمر وتصديقا بوعده، ويترك ما نهى الله عنه إيماناً بالنّهي وخوفاً من وعيده".

والمتّقون لهم صفات وأعمال نالوا بها السّعادة في الدّنيا والآخرة، ومن هذه الصّفات:

الصّفة الأولى: الإيمان بالغيب ومنه (الإيمان بالله وباليوم الآخر وبالملائكة وبالكتب وبالأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام) وهذه الصّفة هي أوّل صفة وصفهم الله عزّ وجلّ بها في كتابه، ولا شكّ أنّها أعظم صفاتهم، فإنّها الّتي تدعوهم إلى بقيّة الصّفات.
الصفة الثانية: إقامة الصّلاة.
الصفة الثّالثة: الإنفاق الواجب والمستحب.
الصفة الرّابعة: الإيمان بالقرآن والكتب المنزّلة السّابقة.
الصفة الخامسة: الإيقان الكامل بالآخرة، واليقين هو العلم التّامّ الّذي ليس فيه أدنى شكّ. قال ابن تيمية رحمه الله: "وأما اليقين فهو طمأنينة القلب، واستقرار العلم فيه"
الصفة السّادسة: الوفاء بالعهد.
الصّفة السّابعة: الصّبر في الفقر، والمرض، ووقت قتال الأعداء، فهم يصبرون على طاعة الله وعن محارم الله، وعلى أقدار الله.

ويدلّ على هذه الصّفات قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة:4-2].

وقوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177].

الصفة الثامنة: التّوسّل إلى الله تعالى بالإيمان به.
الصفة التاسعة: طلب المغفرة من الله تعالى والوقاية من عذاب النّار.
الصفة العاشرة: القنوت الذي هو: الطاعة والخضوع.
الصفة الحادية عشرة: الاستغفار خصوصاً وقت الأسحار.

ويدلّ على هذه الصّفات قوله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ الله وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران:17،16،15]
الصفة الثانية عشرة: كظم الغيظ وعدم إظهاره.
الصفة الثالثة عشرة: العفو عن كل من أساء إليهم بقول أو فعل.

الصفة الرابعة عشرة: المبادرة للتّوبة والاستغفار عند عمل السّيّئات وعدم الإصرار على الذّنوب والاستمرار عليها.

ويدلّ على هذه الصّفات قوله تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ الله وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}[آل عمران:136-133].

الصفة الخامسة عشرة: أنّهم يتحرّون الصّدق فهم أصدق النّاس إيماناً وأصدقهم أقوالاً وأعمالاً، وهم الّذين صدّقوا المرسلين، قال تعالى: {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33].
قال الإمام الطبري: "والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ الله تعالى ذكره عنى بقوله: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) كلّ من دعا إلى توحيد الله، وتصديق رُسُلِه، والعمل بما ابتعث به رسوله من بين رسل الله وأتباعه والمؤمنين به، وأن يقال: الصّدق هو القرآن، وشهادة أن لا إله إلا الله، والمصدّق به: المؤمنون بالقرآن، من جميع خلق الله كائنا من كان من نبيّ الله وأتباعه". ا.هـ
الصفة السادسة عشرة: تعظيم شعائر الله.
قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32]
قال الإمام الطّبري رحمه الله: "وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب: أن يقال: إنّ الله تعالى ذكره أخبر أنّ تعظيمَ شعائره، وهي ما حمّله أعلاما لخلقه فيما تعبّدهم به من مناسك حجهم، من الأماكن الّتي أمرهم بأداء ما افترض عليهم منها عندها والأعمال الّتي ألزمهم عملها في حجهم: من تقوى قلوبهم; لم يخصص من ذلك شيئًا، فتعظيم كلّ ذلك من تقوى القلوب، كما قال جلّ ثناؤه; وحقّ على عباده المؤمنين به تعظيم جميع ذلك... وعنى بقوله: {فإِنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوب} فإنّها من وجل القلوب من خشية الله، وحقيقة معرفتها بعظمته وإخلاص توحيده. "ا.هـ
الصفة السابعة عشرة: أنّهم يتحرّون العدل ويحكمون به ولا يحملهم بغض أحد على تركه:
قال الله تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون} [المائدة:8].
قال الإمام الطّبري رحمه الله: " العدلُ عليهم أقرب لكم أيها المؤمنون إلى التّقوى، يعني: إلى أن تكونوا عند الله باستعمالكم إياه من أهل التّقوى، وهم أهل الخوف والحذر من الله أن يخالفوه في شيء من أمره، أو يأتوا شيئًا من معاصيه". ا.هـ
الصفة الثامنة عشرة: إحسانهم في عبادة ربهم.
الصفة التاسعة عشرة: كثرة قيامهم الليل.
ويدلّ على هاتين الصّفتين قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17-15].

وهناك أمور تعين العبد وتساعده على تقوى الله نذكرها باختصار:

أولا: محبّة الله تعالى. فمحبّة الله عزّ وجلّ من أعظم أسباب التّقوى.
ثانيا: استشعار مراقبة الله تعالى، قال الله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد:4]
قال ابن كثير رحمه الله: "أي: رقيب عليكم، شهيد على أعمالكم حيث أنتم، وأين كنتم، من بر أو بحر، في ليل أو نهار، في البيوت أو القفار، الجميع في علمه على السواء، وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامكم ويرى مكانكم، ويعلم سركم ونجواكم".
ثالثا: أن تعلم عاقبة المعاصي، وأنّها ضرر عليك في الدّنيا والآخرة.

وكما قيل:
تفنى اللذاذة ممن نال لذتها
من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبتها
لا خير في لذة من بعدها النار

رابعا: أن تخالف هواك والشّيطان وتتغلب عليهما.
خامسا: أن تعرف مداخل الشّيطان ومكائده.

هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر
صحيفة النبأ - العدد 163
الخميس 27 ربيع الثاني 1440 هـ
...المزيد

مقال - الرِّباطُ المُحْكَم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله ...

مقال - الرِّباطُ المُحْكَم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
بعد لظى عذابِ مكة وآلامِ الحصار ومكابدةِ عناءِ الدعوةِ، كان لابد للمهاجرين من واحة غنَّاء يستريحون فيها من تلك اللّأواء والشدّةِ التي أصابتهم، فكان من فضلِ الله على عباده المهاجرين أتباعِ النبي صلى الله عليه وسلم أن أكرمهم بنعمة الهجرة في سبيله إلى المدينة، أرض النخل والسيف والكرم.

وما إن نفض أيديهم من آثار الطين والتراب التي عَلِقت في ملابِسهم وأبدانِهم بعد بنائهم لذلك المسجد المتواضع، حتى شرع في بناء حصن حصين وجدار متين يحول بين المؤمنين وأعدائهم، أساسه الأخوة في الله، ولبناته المهاجرون والأنصار، فصيّرهم به جميعا بعد أن كانوا أشتاتا، وإخوانا بعد أن كانوا أعداء، فأصبحوا بنيانا مرصوصا وكيانا موحدا، زلزل عروش الكافرين وأقض مضاجعهم.

إن الأخوة في الله هي من أوثق عرى الإيمان، وهي رابطة عقدها الله بين المؤمنين فجعل بينهم الولاء والمحبة والرحمة والتآخي، فلا أخوةَ أسمى من أخوةِ الإيمان والإسلام، ولا عرقيّة ولا عصبيّة ولا قوميّة ولا وطنيّة إنما الأخوة في الله، وقد تناول المهاجرون والأنصار هذا الرابطة بنفوسٍ متلهفة، فتآلفت نفوسهم على منهج واحد وعقيدة واحدة وكانوا بذلك نواة لبناء أعظم دولة عرفها التاريخ.

فهاهم الأنصار يناشدون النبي صلى الله عليه وسلم: (اقسم النخل بيننا وبين إخواننا)، وهذا الصحابي الجليل الأسد الهصور سعد بن الربيع "رضي الله عنه" يأخذ الأمر النبوي والإعلان المحمدي أخذ من يريد التطبيق في أسمى صوره، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين عبد الرحمن بن عوف "رضي الله عنه" فجاء إليه ليعرض عليه تلك العروض التي لا يمكن لعاقل إلا أن يعجب منها، حيث يعرض عليه أن يقسم بينه وبين أخيه داره وماله ومزارعه بل حتى زوجتيه قال انظر أيِّهما أعجب لك أُطلِّقْهَا فإن انتهت عِدَّتُها فتزوجها.

إلى أي مدى وصل هؤلاء الأطهار، وكيف ارتقوا على كل المشاعر البشرية، من حب التملك والاستئثار والحيازة إلى هذا الإيثار والسماحة والبذل واستصغار الدنيا واستحقارها، إن هؤلاء عرفوا حق الأخوة فعظموها، وعرفوا الدنيا فأهانوها، وعرفوا قدر الجنة وما فيها من المسرّات فبذلوا كل شيء في سبيل بلوغها، وقبل ذلك بلوغ رضوان الله جل في علاه.

الأخوّة رباطٌ محكمٌ وحبلٌ وثيقٌ، وهي عبادة وسعادة ونصر وظفر من حَظِيَ بإخوةٍ في الله فلا يبكي على شيءٍ فاته من عَرَضِ الدنيا، فقد أعطاه الله نعمة تستحق الشكر وفضيلة تستوجب الذكر فقال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران:103]، وقال أيضا: { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال:63]، إذاً فهي ليست سلعة تباع في أسواقِ أهلِ الدنيا، إنما هي محضُ فضلٍ من الله عز وجل، ولا يمكن أن ينالها من عظُمت نفسُه في عينه، أو من كانت الدنيا أكبرَ همِّه، إنما ينالُها من تخلى عن الدنيا وزينتِها، وزَهِدَ فيها زُهْدَ العارِفين.

ففي سورة الأنفال، ابتدأها الله بإصلاح ذات البين والذي هو من ركائز الأخوة وختمها بذكر الولاء بين المهاجرين والأنصار وأن الفساد كل الفساد في ترك هذه الرابطة بين المجاهدين، وبين الأخوة والأخوة ذُكر الجهاد والفتوحات والكرامات الإلهية للمجاهدين، فلا جهادَ بدون أخوة، ومن لم يكن له همٌ بإخوانه، ولا عطفٌ عليهِم، ولا شفقةً بهم، فلا يُتعِبَنَّ نفسَه في طريق الجهاد؛ لأنه لن يستمر فيه إلا بقدر ما تستمر السيارة التي نفد منها الوقود في السير، فكأن الجهاد لا يفتتح إلا بأخوَّة ولا يختتم إلا بأخوَّة ولا يستمر إلا بأخوَّة.

أخوك أخوك من يدنو وترجو
مودته وإن دعي استجابا
إذا حاربتَ حارب من تعادي
وزاد سلاحه منك اقترابا
يؤاسي في الكريهة كل يوم
إذا ما مضلع الحدثان نابا

فنسأل الله سبحانه أن يؤالف بين قلوب المجاهدين في كل مكان، وأن ينعم عليهم كما أنعم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين


• المصدر
صحيفة النبأ - العدد 163
الخميس 27 ربيع الثاني 1440 هـ
...المزيد

مقال - ثُمَ يُغلَبُوْن مضت 15 سنة منذ دخول أمريكا للعراق واشتعال جذوة الجهاد هناك، ومنذ إعلان ...

مقال - ثُمَ يُغلَبُوْن


مضت 15 سنة منذ دخول أمريكا للعراق واشتعال جذوة الجهاد هناك، ومنذ إعلان الطاغوت بوش أحمق أمريكا المطاع حينها انتهاء المهمة في العراق والتي كانت لتوها بدأت، يكرر الإعلان ذاته اليوم طاغوتهم الجديد ترامب، حيث صرح أنه قضى على الدولة الإسلامية، وأمر بسحب قواته من الشام، وبغض النظر عن صدق انسحابه من عدمه، إلا أن الصليبيين بفضل الله أقل من يتعلم من دروس الماضي، حيث أن تجاربهم جميعها في كل البلدان انتهت إلى نتيجة مقاربة ولم يحققوا شيئا مما زعموا ولم يستفد منها غير تجار الحروب وأصحاب مصانع السلاح والآليات والشركات الأمنية وشركات الدعم اللوجستي بشكل عام، الذين تجري سفن السياسة برياحهم فتشرق إن شرقوا وتغرب إن غربوا.

لم يكن تكرار الإعلان في هذه المرة فقط، بل توسطهم إعلان بغل اليهود أوباما بانسحابه من العراق بنفس المزاعم التي زعموها، ومن يرى المشهد من بعيد، علم حجم الأوهام التي يحاولون إقناع أنفسهم وأتباعهم بها، من القضاء على المجاهدين في العراق ثم القضاء على دولة العراق الإسلامية، ثم انتقل بهم الحال إلى محاولة القضاء على الدولة الإسلامية في العراق والشام، واليوم يزعمون قضاءهم على الخلافة، فكلما كانت لهم جولة ظنوا أنها الأخيرة، وتعجلوا بإعلان نصرهم، وما علموا أن حملاتهم لا تعدو كونها سماداً تتغذى به شجرة الخلافة لتعم الأرض بخيرها عما قريب بإذن الله.

وهذه العجرفة والطغيان لدى الطواغيت لا تختص به أمريكا وحدها، ففي كل بلد يقارع به المجاهدون الكفار يعيد طواغيتهم نفس السياسة، وذلك يعود لاستعجالهم في حصد النتائج وقطف الثمار وكذلك لاختلاف الغاية التي يقاتل من أجلها الطرفان، فالكفار والمرتدون أقصى أمانيهم أن يتنعموا بهذه الحياة الدنيا فتتلهف أنفسهم للخلاص من القتال، مكتفين ببعض ما حققوه من مكاسب آنية فأشبه ما يكون حالهم باليهود الذين وصفهم الله في كتابه فقال تعالى: {ولتجدنهم أحرص الناس على حياةٍ ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنةٍ وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصيرٌ بما يعملون} [البقرة: 96]، وعلى النقيض التام تجد المجاهدين الساعين لتطبيق شرع الله لن يرضوا أو يركنوا بمجرد قطعة أرض أو شيء من الدنيا الفانية بل مرادهم أن يعم شرع الله الأرض كلها.

واختلاف الغاية بين جنود الخلافة وخصومهم، له تأثير كبير في صورة المعركة، فالمجاهدون يسعون لتطبيق شرع الله غير منقوص دون مداهنة أو تنازل أو رضاً بأنصاف الحلول، فيسلكون سبيل النصر والعز والتمكين كما أمرهم الله عز وجل دون محاولة لاختصار الطريق بما حرمه الله عز وجل بزعم نيل المصالح واتقاء المفاسد، فيظن بذلك أعداء الله أن هذا من نقص الحيلة وقصر البصيرة وما علموا أن تصديق المجاهدين بموعود الله أظهر لهم من الشمس في كبد السماء، فيحدث المجاهد أخاه وهم في قمة الابتلاء والشدة والكرب عن حالهم خلال فتح جزيرة العرب أو بلاد فارس، وليس ذلك من الأماني والآمال الحالمة بل تصديقاً بموعود الله في كتابه ومما بشر به نبيه صلى الله عليه وسلم.

فهل يظن أعداء الله أن إعلان المجاهدين الخلافة، وتطبيق شرع الله رغم أنفوهم مجرد حماسة آنية مفرطة؟، بل لقد أخذو للحرب أهبتها، وتيقنوا من حال أمم الكفر أنهم كما أخبر الله {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم} [البقرة: 120]، وقد كان حالهم عندما اجتمعت عليهم أحزاب زماننا، كحال أجدادهم الصحابة رضوان الله عليهم الذين قالوا عند رؤيتهم الأحزاب: {هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانًا وتسليمًا} [الأحزاب: 22].

وإن شاء المرء أن يتبين إلى أين تسير الحرب مع أهل الكفر، فليتذكر وعد الشيخ أبي مصعب الزرقاوي خلال وجود الجيش الأمريكي بكل قوته وعدته وعتاده في العراق، بإقامة إمارة إسلامية ثم إعلان الخلافة من بعدها، وقد سعت أمريكا وأتباعها من الروافض والمرتدين بجميع الأطياف والأحزاب والجماعات، وبكل جهدهم للقضاء على المجاهدين آن ذاك وبذلوا المليارات من الدولارات فكان حالهم بفضل الله ومنه كما قال تعالى: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرةً ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون} [الأنفال: 36].

فهل يشك مؤمن من بعد ذلك بنصر الله؟ فلم تكن هذه العبر من ماض بعيد ينسى، بل أهلها ورجالها الشاهدين عليها ما زالوا أحياء حاضرين، فقد حشدوا جموعهم على العراق والشام سعياً للقضاء على دولة الإسلام فيها، فقامت الخلافة في خراسان والصومال ووسط إفريقية، وغيرها من الولايات وما ملاحم مجاهدي الدولة الإسلامية مؤخراً في ولاية غرب إفريقية عنا ببعيد، وها نحن نرى اليوم حصاد أنصار الخلافة للصليبيين في عقر ديارهم، والذين أرادوا أن يؤمنوا مستقبلهم كما زعموا بتدمير حياة الأبرياء من المسلمين، فضاع حاضرهم وسيضيع مستقبلهم بحول الله وقوته.


• المصدر
صحيفة النبأ - العدد 163
الخميس 27 ربيع الثاني 1440 هـ
...المزيد

هديه صلى الله عليه وسلم في كلامه وسكوته وضحكه وبكائه كان صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله، ...

هديه صلى الله عليه وسلم في كلامه وسكوته وضحكه وبكائه

كان صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله، وأعذبهم كلاما، وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه.

• كلامه معدود وسهل الفهم والحفظ

وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد، ليس بهذٍّ مسرع لا يحفظ، ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام، بل هديه فيه أكمل الهدي، قالت عائشة: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام بيّن فصل يحفظه من جلس إليه"، وكان كثيرا ما يعيد الكلام ثلاثا ليعقل عنه، وكان إذا سلم سلم ثلاثا.

• يتكلم بجوامع الكلم بلا فضول ولا تقصير

وكان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلام، فصل لا فضول ولا تقصير، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وإذا كره الشيء عرف في وجهه، ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا.

• يضحك تبسما ويتعجب مما يُتعجب منه

وكان جل ضحكه التبسم، بل كله التبسم، فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه، وكان يضحك مما يضحك منه، وهو مما يتعجب من مثله ويستغرب وقوعه ويستندر.

• يبكي رحمة وخشوعا وخشية لله وشوقا إليه

وأما بكاؤه صلى الله عليه وسلم فكان من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا، ويسمع لصدره أزيز.

وكان بكاؤه تارة رحمة للميت، وتارة خوفا على أمته وشفقة عليها، وتارة من خشية الله، وتارة عند سماع القرآن وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال مصاحب للخوف والخشية.

ولما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمة له وقال: (تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون)، وبكى لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض، وبكى لما قرأ عليه ابن مسعود سورة النساء وانتهى فيها إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا}، وبكى لما مات عثمان بن مظعون، وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف وجعل يبكي في صلاته، وجعل ينفخ ويقول: (ألم تعِدْني أن لا تعذِّبَهُم وأنا فيهم، ألم تعِدْني أن لا تعذِّبَهُم وهم يستغفِرونَ)، وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته، وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل.

[زاد المعاد في هدي خير العباد]
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً