١٢ تغريدة بعنوان: " الإعلام الذي يمزقنا ويُضعف وحدتنا" محمد البشـر ‏@m_s_albishr ١- مؤلم لكل ...

١٢ تغريدة بعنوان: " الإعلام الذي يمزقنا ويُضعف وحدتنا"

محمد البشـر
‏@m_s_albishr

١- مؤلم لكل غيور على دينه، وعلى أمن وطنه واستقراره أن نرى في الإعلام المحسوب علينا من يُضعف وحدتنا، في وقت نحاول أن نرص الصفوف ونجمع الكلمة.

٢- يفتعل هذا الإعلام من قضايا الوطن مشكلات يفرح بها العدو، ويستضيف من ليس لهم علم ولا نظر، ثم يناقشها على الهواء، بخبث صريح وإسفاف ممجوج.

٣- فالمذيع من خلال قناة تلفزيونية كبيرة يشاهدها الملايين يتاجر بدماء المواطنين لتسويق منهجه الخفي اللئيم، بدعوى محاربة الغلو وفكر التكفير!!

٤- ويدعي محاربة هذا الفكر بالنيل من العلماء والمناهج وحلقات تحفيظ القرآن، مع أن كثيرا ممن تورط في دماء المسلمين كان ضحية بُعده عن الاعتدال=

٥- الذي يمثله علماؤنا ودعاتنا المعتبرين، فتلقفتهم وسائل التواصل الاجتماعي دون أن تكون لهم حصانة من دين أو علم شرعي، وهذا ثابت بالأرقام.

٦- ألم تستغل قنوات إيران وقنوات الرافضة في لبنان واليمن وقنوات المجرم بشار مثل هذه البرامج وتجعل منها مادة للهجوم على السعودية وشعبها؟!

٧- وكاتب يكتب في صحيفة محلية يستخف بدين الدولة ومنهجها، بل يهددها تلميحاً لا تصريحا، ولا يزال يغرد بما يضر المجتمع في دينه وأمنه.

٨- ومثله بضعة رهط من الكتاب الصحفيين المنتشرين في صحافتنا يفسدون ما فعله المصلحون، لا يزالون ينفثون سمومهم الفكرية بما يُوهن مجتمعنا ويُضعفه

٩- لئن كان ذلك مسكوتا عنه - على مضض- فيما مضى، إلا أن إيقافه اليوم أمر متحتم الوجوب. فهؤلاء سبب في بث الفرقة، وإضعاف نسيجنا الديني والأمني.

١٠-هؤلاء الإعلاميون أشبه بنسخة من الماسونية بثيابنا خطرهم علينا اليوم أعظم من خطر العدو المتربص بنا من كل جانب، سواء كانوا جاهلين أو مغرضين

١١- لا أعلم - في الزمان المتأخر- وقتاً كان فيه السعوديون أكثر غيرة على الدين، وحباً للوطن، والتفافاً حول ولاة الأمر مثل ما نحن فيه الآن.

١٢-هذه نعمة من الله يجب أن نحفظها، وهؤلاء الإعلاميون كمن يعطي السلاح للعدو ليمزقنا من الداخل!
وكلنا أمل ورجاء أن تُسكت أفواههم وتكسر أقلامهم
...المزيد

لا . . للسكوت يحيى بن موسى الزهراني الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ...

لا . . للسكوت

يحيى بن موسى الزهراني


الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولي الصالحين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله نبي الأميين ، ورسول الثقلين ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الغر المحجلين ، ومن تبعه فإحسان إلى يوم الدين . . وبعد :
الساكت على الحق شيطان أخرس ، والساكت على الباطل شيطان أخبث ،
قال الله تعالى : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ النحل90 ] .
وقال تعالى : { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [ لقمان17 ] .
وأخرج الإمام أحمد وغيره من حديث عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، أو ليبعثن عليكم قوماً ، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " .
كم هي المنكرات التي نراها عبر الشوارع والبيوتات ، وخلال الأزقة والطرقات ، خطف للأطفال والبنات وحتى الشباب والنساء ، انتهاك لحرمات المنازل وحتى المساجد وسرقة محتوياتها والعبث بالمصاحف والكتب الدينية ، انتشار أعظم فاحشتين [ اللواط والزنا ] ، وتفشي أم الخبائث [ الخمر والمخدرات ، والحبوب والمسكرات ] ، وظلم الأبناء والعمال والزوجات ، وأكل حقوق الخدم والأجراء ، والأيتام والفقراء ، تساهل في إنكار المنكر ، وتباطؤ في التواصي بالمعروف ، وتكاسل في النصيحة ، حتى هلك معظم الناس اليوم ، ووقعوا فيما لا تحمد عقباه ، وما لا تُرجى أخراه ، أصبح المنكر معروفاً ، والمعروف منكراً ، فلا للسكوت على المنكر أياً كان نوعه وحجمه ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا به ، فهو نعم المولى ونعم المعين .


------------


لقد حذرنا المولى جل وعلا من ذلك تحذيراً بليغاً خشية أن يصيبنا ما أصاب من قبلنا من الأمم ، والمتأمل لواقع الأمة اليوم ربما يدرك خطورة الأمر فقد قال تعالى : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [ التوبة67 ] .
فسبحان الله العظيم الجليل الحليم ، ما أحلمه على أذى خلقه ، وما أرأفه بعباده ، وما أرحمه بعبيده ، خيره إليهم نازل ، وشرهم إليه صاعد ، فوالله لو خسف بنا لكان عدلاً ، ولو زلزل الأرض تحت أقدامنا لكان قسطاً ، ولكنه أرحم بنا من الأم بولدها ، يصبر على الأذى ، وليس أحد أصبر على الأذى من الله .
قال الله تعالى : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } [ آل عمران110 ] .
كثرت الجريمة ، وتعددت ألوانها ، واختلفت طرقها ، والسبب عدم إنكارها ، وعدم إنزال العقوبة الرادعة بمرتكبيها ، وكما قيل : من أمن العقوبة ، أساء الأدب ، فنخشى والله من عقوبة الله تعالى ، أن يفعل بنا كما فعل ببني إسرائيل من قبلنا ، عن عبدِ الله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قالَ : قالَ رسولُ الله : " إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَـلَ النقصُ علـى بَنِـي اسرائيلَ، كانَ الرجلُ يَلْقَـى الرجلَ فـيقولُ : يا هَذَا اتَّقِ الله وَدَعْ مَا تَصْنَعُ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لكَ، ثم يَلْقَاهُ مِنَ الغدِ فَلاَ يَـمْنَعُهُ ذلكَ أَنْ يكونَ أَكِيلَهُ وشَرِيبَهُ وقَعِيدَهُ، فلـمَّا فَعَلُوا ذلكَ ضَرَبَ الله قلوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ "، ثم قالَ : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِـي إِسْرَآئِيلَ عَلَـى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَرْيَـمَ ذَلِكَ بِـمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } ثم قالَ : " كَلاَّ والله، لَتَأْمُرُنَّ بالـمعروفِ ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ الـمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَـى يَدِ الظالـمِ ولَتَأْطِرُنَّهُ علـى الـحَقِّ أَطْراً وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَـى الـحَقِّ قَصْراً " [ أخرجه أبو داود والبيهقي وغيرهما ] ، فإذا أردنا النجاة فعلينا أن ننكر المنكر كل حسب قدرته وطاقته ، ولا للسكوت على المنكر .


------------


كثير من الآباء لم تعد لديهم قدرة للتأثير على أبنائهم وبناتهم ، ففقدوا زمام الأمور ، وتركوا الحبل على الغارب ، تنصلوا من أوامر الكتاب والسنة ، فحدثت الجرائم ، وارتكبت العظائم ، فلا للسكوت على ذلك المنكر ، وذاك الشر ، بل الواجب مناصحة الأولياء والآباء حتى نخرج من هذه المآزق ، وتلكم الموبقات المهلكات ، وإلا عمنا الله بعقابه ، عن عائشةَ رضي الله عنها قالت : قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ إِذَا أنزلَ سطوتَهُ بأهلِ الأرضِ ، وفيهمُ الصالحونَ ، فَيَهْلِكُونَ بهلاكِهمْ ؟ فقالَ : " يا عائشةُ ، إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْزَلَ سَطْوَتَهُ بأهلِ نقمتِهِ وفيهمُ الصالحونَ ، فُيصابون معهمْ ثُمَّ يُبعثون على نياتِهِمْ وأعمالِهِمْ " [ أخرجه ابن حبان وقال الألباني صحيح لغيره ] ، وعن النُّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " مَثَلُ الْقَائمِ عَلَى حُدُودِ الله ، وَالمُدْهِنِ ـ الواقع ـ فِيهَا ، كَمثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ في الْبَحْرِ ، فَأَصَابَ بَعْضِهُمْ أَعْلاَهَا ، وَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، فَكَانَ الَّذِينَ في أَسْفَلهَا يَصْعَدُونَ فَيَسْتَقُونَ الْمَاءَ فَيَصُبُّونَ عَلَى الَّذِينَ في أَعْلاَهَا، فَقَالَ الَّذِينَ في أَعْلاَهَا : لاَ نَدَعُكُمْ تَصْعَدُونَ فَتُؤْذُونَنَا ، فَقَالَ الَّذِينَ في أَسْفَلِهَا : فَإِنَّا نَنْقُبُهَا في أَسْفَلِهَا فَنَسْتَقِي ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ فَمَنَعُوهُمْ نَجَوْا جَمِيعاً ، وإنْ تَرَكُوهُمْ غَرِقُوا جَمِيعاً " [ أخرج البخاري والترمذي واللفظ له ] .


------------


من أسباب انتشار الفوضى عبر الطرقات ، وكثرة السرقات ، وتفشي الجريمة ، ووجود شرذمة من الشباب الطائش بين تفحيط وتجديع ، ولعب بالسيارات ، أقول من أسباب ذلك : انفلات الأمن الذي أصبح ظاهرة لا ينكرها أحد ، بل هي حديث المجالس اليوم بين الرجال والنساء ، فمتى نرى الأمن قد طُبق على الصغير والكبير، على الشريف والوضيع ؟ أم نريد أن نعيد أيام الجاهلية الجهلاء ، والأثرة العمياء ، فلا يُطبق القضاء إلا بالضعفاء والوضعاء ، ويُستثنى منه الكبار والشرفاء ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، أَنَّ قُرَيْشاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ ، فَقَالُوا : مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللّهِ ؟ فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِىءُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسُولِ اللّهِ ؟ فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ ، فَكَلَّمَهُ فِيهَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللّه صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : " أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللّهِ ؟ " فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ : اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللّهِ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَطَبَ ، فَأَثْنَىٰ عَلَى اللّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِم الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا " ثُمَّ أَمَر بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يدُهَا.
قَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدُ، وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأْتِينِي بَعْدَ ذٰلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إلَىٰ رَسُولِ اللّهِ " [ أخرجه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم ] .
فإذا أردنا الطمأنينة والاستقرار ، والأمن في ربوع البلاد ، وراحة العباد ، فلابد من إقامة الحدود ، دون مراعاة لأحد ، بل دون النظر إلى ما تمليه علينا منظمة حقوق الإنسان المزعومة ، التي ترعى حقوق الكفار ، وتتغاضى عمداً عن حقوق المسلمين المنتهكة ، وتتجاهل قضاياهم العادلة ، ومنها قضيتي فلسطين والعراق ، والخروقات التي تقوم بها دول الكفر وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل من استهتار بأمر الإنسان المسلم الذي يُعد لديها من سفاسف الأمور وتوافهها ، بل لا يُعد أمراً ذا بال ، والله تعالى يقول : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } [ النساء93 ] ، وعَنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْروٍ رضي الله عنهما ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لَزَوَالُ الدُّنْيَا أهْوَنُ عَلَى الله مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ " [ أخرجه الترمذي والنسائي والبيهقي وابن ماجة ] ، ويتشدق الغرب الكافر الفاجر برعايته لحقوق الإنسان ، وهي حقوق منتهكة منقوصة على مستوى الكرة الأرضية ، لا سيما حقوق المسلم المغتصبة في كل بلاد الإسلام ، وحقوق الأقليات المسلمة في شتى البقاع ، وإن المسلم الغيور ، والمؤمن الحق ليتساءل أين منظمة حقوق الإنسان عما يحصل في العراق وفلسطين وأفغانستان وكشمير والفلبين واندونيسيا والصومال بل وحتى في البلاد العربية المسلمة ؟ أين حقوق الإنسان عن سجن أبو غريب وجوانتناموا وغيرها من سجون الكفار ؟ وحتى سجون المسلمين في بلاد الإسلام ؟ أين حقوق الإنسان عما حصل في البوسنة والهرسك وكوسوفا وغيرها من بلاد الإسلام عندما قُتل الرجال ، ويُتم الأطفال ، ورمل النساء ، وانتهكت الأعراض ، وسلبت الأموال والديار ، وهدمت المنازل ، وشرد الآلاف من المسلمين ؟ أسئلة كثيرة وكثيرة تدور في المخيلة ، وتختلج في الصدور ، ولا جواب ، فلعنة الله على الكافرين .
ونسي العالم أن أول من دعا إلى حقوق الإنسان وحفظها وصان كرامتها ، رسول الهدى صلى الله عليه وسلم الذي وضع أسس ذلك عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تناجشوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخواناً ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يحقره ، التقوى ههنا ـ يشير إلى صدره ثلاث مرات ـ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم ، على المسلم حرام ، دمه ، وماله ، وعرضه " [ أخرجه مسلم ] ، نعم للأمر بالمعروف ، وتصحيح الخطأ ، ولا للسكوت على المنكر والباطل .


------------


لو طبق شرع الله تعالى دون محاباة ، ودون قبول لواسطة أو شفاعة تحول دون إقامة الحد ، لارتدع كثير من السفهاء والجهلاء عما يقومون به من انتهاك للحرمات ، نسمع كل يوم عن مآسٍ غريبة لا تمت للإسلام بصلة ، جرائم كثيرة كل يوم يرتكبها فئة الشباب والشابات ، فهلا من جزاء رادع ، وتنفيذ لأمر الله تعالى فيهم وفي أمثالهم ، سرقات بالإكراه ، خطف ونهب ، حرق للسيارات ، سطو على المنازل ، معاكسات للنساء ، مغازلة للفتيات ، تبرج كثير من المسلمات ، فواحش وعظائم ، منكرات وآثام ، والله لم تعهد هذه الدولة مثل هذه الأحداث الدامية ، وإني لغيور على دين الله ، متألم لما يحصل من كوارث وغيري آلاف وآلاف ، فلا للسكوت على المنكر ، بل الواجب الإنكار بكل الممكن والمستطاع ، حتى لا نستحق لعنة الله تعالى ، فنعيش أذلة صاغرين ، هلكى غريقين ، ويا للأسف هذا هو الواقع ، فقد تداعى الأكلة إلى قصعتها ، كل ينظر إلى هذه الدولة بعين حاسدة حاقدة ، كل ينتظر متى تغير هذه الدولة من ثوابتها ومعتقداتها ، حتى يحيق بها أمر الله ، فيتخلى الله عنها وعن أهلها ، ثم تصبح فريسة سهلة ، وصيداً سانحاً للأعداء ، ونسأل الله ألا تصل الأمور إلى ما يريده منها أعداؤها .
لكن متى ما تمسكت الدولة حفظها الله بعقيدتها الصحيحة ، وتشبثت بثوابتها التي لا تقبل التغيير ولا المساومة ، ولم ترغ سمعاً للأعداء ، ولم تلق بالاً للعلمانيين المنافقين ، ولم تعط فرصة لأي فرقة من فرق الدين الباطلة لإظهار شعائرها فوق أرض التوحيد لاسيما الشيعة بشتى طوائفها ، ومختلف معتقداتها الباطلة ، عند ذلك سيصبح لنا قوة مستمدة من قوة الله تعالى ، لأننا نصرنا دين الله ، وأظهرنا شرع الله ، والله قد وعدنا بالنصر إذا نصرناه ، ونصرنا له سبحانه ، بنصر دينه ، ولنكن صابرين في البأساء والضراء وحين البأس ، فقد ابتليت الأمة في أزمنة مضت فصبرت وجاهدت الأعداء ولو كانت هناك قلة في العدد والعتاد ، وما غزوة بدر وغيرها من الغزوات إلا أعظم دليل على ذلك ، المهم أن تكون العقيدة راسخة في شغاف القلوب ، متمكنة من سويداء النفوس ، قال تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } [ البقرة214 ] .
وقال تعالى : { إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [ آل عمران160 ] .
ولا يتم ذلك إلا إذا أمرنا بعضنا بالمعروف ، ونهينا الظالم عن المنكر ، ولا للسكوت على الباطل ، لا للظلم والظالم ، قال تعالى : { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ] آل عمران104 ] .


------------


هذه الأمة أمة مرحومة ، رحمها ربها لأنها تأتمر بأمره سبحانه ، وتصغي لأمر نبيه صلى الله عليه وسلم ، وتتمسك بسنته ، فيها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، رجال هذه الأمة المحمدية يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، لذلك رحم الله هذه الأمة وأكسبها الفلاح والنصر ، وأذاق عدوها مرارة الهزيمة ، وعلقم الخسارة ، قال تعالى : { الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } [ الزمر18 ] ، كان صدرها الأول مضرب المثل في القوة والشجاعة ، والجرأة على قول الحق ، واسمع قول الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه عندما قال : " بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ ، وَالأَثَرَةِ عَلَيْنَا ، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ ، وَأَنْ نَقُولَ الْحَقَّ حَيْثُمَا كُنَّا ، لاَ نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِم " [ أخرجه ابن ماجة ] .
واليوم عندما ضاع الحق ودرس ، ترى الأمور ليست على نصابها ، بل تولى زمامها من لا يخاف الله تعالى ، علمانيون فجار ، منافقون كفار ، لا هم لهم إلا زعزعة الأمن ، وخلخلة الأنظمة ، وتضييع أفراد الأمة وراء ترهات وخرافات وزخرف من القول ، أرهقوا الأمة بكلام فارغ لا يسمن ولا يغني من جوع ، دعوة لتبرج النساء ، دعوة لتحرير المرأة ، وأخرى لقيادتها للسيارة ، وثالثة بمخالطتها للرجال ، وكأن قضايا الأمة لم يعد يشغلها غير المرأة وحقوقها ، أيها المنصفون ! أيها العقلاء ! أين قضية وحدة الأمة ، ولم شملها ، واجتماع كلمتها ، واتحادها ضد عدوها ، ورعاية حقوق أهلها ورعاياها ؟ أين قضية احتلال لبلد مسلم وانتهاك حرماته ، والاستيلاء على ممتلكاته ، وهتك عرضه ، أين قضية فلسطين العادلة ، تلك البلد المسلمة ، مسرى الأنبياء ، ومصلى الرسل ، بلد ترزح تحت الاحتلال الغاشم منذ ما يقارب خمسة وخمسين عاماً ولا حل ولا ربط ؟ أين أولئك الداعون إلى الرذيلة ، ذئاب الشرف ، وقتلت العفة ، أين هم عن تلكم القضايا ؟ أين هم عما يحصل اليوم من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ؟ متى يفيق أولئك الأذناب ، ومتى يصحو أولئك الأبواق ؟ والأمة ترضخ لكل ناعق وناهق من الكفار ، وتستسلم لما يُملى عليها دونما تنقيب أو تفتيش ، وهل يرضي الرحمن أم يغضبه ؟
غُيرت المناهج ، ودمجت الوزارات ، وأُزيلت آيات بينات من المقررات ، بل حذفت بعض الدول سور من القرآن لأنها تأمر المرأة بالعفاف والحياء والقرار في البيوت ، والحجاب ولبس الجلباب ، ومعاداة الكفار ، وما خفي من الأمور أعظم .
وهناك ثلة تطالب بحقوق المرأة ، وهل هناك أعظم من الإسلام كفل للمرأة حقوقها ، وأعلى شأنها ، وحفظ مكانتها ، وجعلها مساوية للرجل في كل شيء إلا ما جاء بد الشرع من التفريق ، كالقوامة للرجل ، والميراث ، والشهادة ، ومع ذلك لم يطلب من المرأة مهراً تقدمه للرجل ، بل هو الذي يقدمه لها ، حفظاً لحقها ، واستحلالاً لعفتها ، ولم يطلب من المرأة النفقة على زوجها وولدها ، بل الزوج هو المطالب بذلك ، لأنه المسؤول عن طلب العيش والكد والتعب للإنفاق على أهل بيته ، فأي حقوق يطالبون بها ؟ إن المتأمل لواقع الدول التي فشا فيها الاختلاط ، وسرى فيها التبرج ، ليدرك خطورة الواقع هناك ، من انتشار للزنا وما يتبعه من أمراض فتاكة مهلكة لا علاج لها ، ولا مخرج منها .


------------


إن المستقرئ لأوضاع الشعوب التي نبذت شرع الله تعالى ، واستبدلته بقوانين وضعيه ، ليدرك هموم المرأة في تلك الشعوب ، بل كلهم الآن يطالبون بفصل الذكور عن الإناث ، وإيجاد مدارس خاصة لكل جنس عن الآخر ، ينادون ببقاء المرأة في بيتها ورعاية أسرتها .
ثم تأتي شرذمة من المتردين على دينهم ليبدءوا من حيث انتهى الغرب والشرق ، يأخذون منهم أسوأ ما لديهم ، ويتركون الصناعات والطب والأمور التقدمية التي تفيد الأمة ضد عدوها وفي خاصة نفسها ، فلا للسكوت على الطغاة والبغاة الخاضعون للكفار ، الراضعون لأفكارهم الهدامة ، وسلبياتهم المقيتة .
لقد صدق فيهم حديث أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها ستأتي على الناس سنون خداعة ، يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل : وما الرويبضة ؟ قال : السفيه يتكلم في أمر العامة " [ أخرجه أحمد وغيره ] ، فكم هم السفهاء اليوم الذين لا يعرفون من الدين إلا اسمه ، ولا من الإسلام إلا رسمه ، ثم يتشدقون ويتفيهقون في أمور الدين ، ويخوضون في الفتاوى وليسوا بأهل لها لا من قريب ولا من بعيد ، فهؤلاء يجب مناصحتهم فإن لم يستجيبوا وجب قتالهم ، لأن في بقائهم هلاك للأمة ، ودمار للمسلمين ، ولقد أخبرنا عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيَ بَعَثَهُ الله فِي أُمَّةٍ قَبْلِي، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمِ خُلُوفٌ ، يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ، وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذٰلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ " .
فلا للسكوت على أولئك ، بل يجب إنكار المنكر ورد الظالم عن ظلمه ، والحجر على مرضى القلوب ، وهلكى التقدمية الزائفة ، الداعون إلى الرذيلة ، من العلمانيين المنافقين وأذناب الفجرة الكفرة ، وهم معروفون لا يخفون علينا ، فلم يبق إلا أن تستأصل شأفتهم ، وتجتث جرثومتهم ، وتزال رؤوسهم ، وتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، لا كثرهم الله ، لا للسكوت على ذلك المنكر وأهله ، بل يجب نبذه ، وأخذ الحيطة منه ، كل حسب مكانته ومركزه ، الخطيب على منبره ، والداعية في مسجده ، والإمام في حيه ، والأب في بيته ، والرئيس في دائرته وهكذا حتى يرى الناس أن المنكر منكراً فينكرونه ، وينكرون على أهله والدعاة إليه ، ولقد امتدح الله هذه الأمة بأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر ووعدها بالفلاح ، لاتباعها أمر نبيها صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فهو القدوة والأسوة ، قال تعالى : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ الأعراف157 ] .
إن الأمر بالحجاب ولباس الجلباب ، وقرار النساء في البيوت ، أمر بها الشرع المطهر حماية للأعراض ، وصيانة للعفة والحشمة والحياء ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [ الأحزاب59 ] ، وقال تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } [ الأحزاب33 ] .
وتحريم الخلطة بالرجال الأجانب ، والتبرج والسفور ، كلها أمور نهى عنها الدين القويم درءاً للمفاسد ، وبعداً عن اختلاط الأنساب ، وما قد يكون ذريعة للفساد والإفساد ، قال تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً } [ الأحزاب53 ] ، وعن عقبةَ بن عامر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إيّاكم والدخولَ على النساء " فقال رجلٌ من الأنصار : يا رسولَ الله ، أفرأيتَ الحَمو ؟ قال : " الحَمو الموت " [ متفق عليه ] .


------------


قال الله تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [ التوبة71 ] .
نعم أيها الأخوة في الله ، لا تنال رحمة الله عز وجل إلا باتباع أمره ، واجتناب نهيه ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، فما نشاهده اليوم من جلوس كثير من الشباب أو الصبيان على عتبات الأبواب والناس في صلواتهم ، لهو أمر خطير ، ونذير شؤم على المجتمع خاصة ، والأمة عامة ، لأنه منكر لم يُنكره أحد ، والعجيب أن الناس كل يقول ( نفسي نفسي ) وما علموا أن المنكر إذا فشا بين الناس واشتهر ولم ينكره أحد عم الله الصالح والطالح بالعذاب والنكال ، عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قال : " يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَأُونَ هَذِهِ الآيَةَ : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ }، وإِنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : " إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ الله بِعِقَابٍ مِنْهُ " [ أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وغيرهم وصححه الألباني رحمه الله ] ، نعم أيها الناس لا بد من إنكار المنكر ، ولا تأخذكم في الله لومة لائم ، فالله معكم ومن كان الله معه لم يضيعه ، أخي المسلم كيف تخشى غير الله ، وتخاف سوى الله ، كيف وأنت تأتمر بأمر الله ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم القائل : " الدِّينُ النَّصِيحَةُ " قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : " لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ " [ أخرجه مسلم من حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه ] .
فأسدوا النصيحة لكل مسلم غافل ، لكل عبد لاهٍ ساهٍ ، فلن تستقيم الأمة ، ولن تمخر في بحر الأزمات ، وتصل بر الأمان ، لن تنجو الأمة إلا إذا أنكرت المنكر وأزالته ، ورفضت الشر ومنعته ، وإلا عم العقاب ، وساد العذاب ، عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : " مَا مِنْ قومٍ يُعْمَلُ فِـيْهِمْ بِالـمَعَاصِي ، يَقْدِرُونَ علـى أَنْ يُغَيِّرُوا فَلاَ يُغَيِّرُوا ، إلاَّ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ الله منهُ بعقابٍ " [ أخرجه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني رحمه الله ] .
سفهاء الشوارع من الشباب الضائع ، أليس لهم رادع ؟ والنساء الخراجات الولاجات ، أليس لهن ولي قامع ؟ إن من يرى الأسواق وحول المنازل والزقاق ، ليخشى على هذه الأمة من العقوبة وتسلط الأعداء ، ونهب الخيرات ، وظهور عدو من داخلها يفرق شملها ، ويشتت أهلها ، ويضعف أمنها ، ونحن الآن نجني البوادر ، احتباس الأمطار ، وبطالة بين الرجال ، وحقوق ضائعة ، والله يستر من القادم ، فما خفي كان أعظم ، فاللهم سترك سترك ، ورحماك رحماك .
فنحن نطالب كل مسؤول أن يقوم بما أنيط به من مسؤولية على أكمل وجه وأحسنه ، لا سيما أمراء المناطق ، والرؤساء الأمنيون ، والقضاة الشرعيون ، فلو قاموا بواجبهم تجاه كل جريمة وكل حادثة ، وطبقوا شرع الله في مرتكبيها لتغير الحال ، ولتحسنت الأوضاع ، لكن التفريط موجود وبكثرة متنامية ، وبصورة متزايدة ، لم يعد يردع الناس قرآن ولا سنة ، ولا تخويف ولا تهديد ، بل المخيف لهم هو إقامة شرع الله ، وتطبيقه على الواقع ، فالناس لا تخاف الله تعالى بقدر خوفهم من الدولة ، وصدق فيهم قول عثمان رضي الله عنه : " إن الله ليزع بالسلطان ، ما لا يزع بالقرآن " .
قال ابن كثير رحمه الله : " أي ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام مالا يمتنع كثير من الناس بالقرآن وما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد ، وهذا هو الواقع " .
قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان : " واعلم أن الدعوة إلى الله بطريقين : طريق لين ، وطريق قسوة ، أما طريق اللين فهي الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وإيضاح الأدلة في أحسن أسلوب وألطفه ، فإن نجحت هذه الطريق فبها ونعمت ، وهو المطلوب ، وإن لم تنجح ، تعينت طريق القسوة بالسيف ، حتى يُعبد الله وحده ، وتُقام حدوده ، وتُمتثل أوامره ، وتُجتنب نواهيه ، وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَـٰتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِۖ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } .


------------


عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : " أخْرَجَ مَرْوانُ المِنْبَر في يَوْمِ عِيدٍ، وَبَدَأَ بالخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا مَرْوَان، خَالَفْتَ السُّنَّةَ، أخْرَجْتَ المِنْبَرَ في يَوْمِ عِيدٍ، وَلَم يَكُنْ يُخْرَجُ، وَبَدَأْتَ بالخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ، وَلَمْ يَكُنْ يُبْدأ بِهَا، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: مَنْ هٰذَا؟ قَالُوا: فُلانُ بْنُ فُلان. قالَ أبو سَعيدٍ: أمَّا هٰذا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ ثم قال : سَمِعْتُ رسول اللَّهِ يقول : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً، فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُغَيْرَهُ بِيَدِهِ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعُ فَبِقَلْبِهِ، وَذٰلِكَ أَضْعَفُ الإِيمانِ " [ أخرجه مسلم وأحمد وابن حبان واللفظ له وغيرهم ] .
وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قالَ : قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : " أفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ، أوْ أمِيرٍ جَائِرٍ " [ أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما وقال الألباني : صحيح لغيره ] .
وعن جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سَيّدُ الشّهُداءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمطّلِبِ ، وَرَجُلٌ قامَ إِلى إِمامِ جائِزٍ ، فَأَمَرَهُ وَنَهاهُ فَقَتَلَهُ " [ أخرجه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ] .
هكذا فليكن الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ونبذ الباطل ، وإظهار الحق .


------------


قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ النور21 ] .
وقال تعالى : { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } [ العنكبوت45 ] .
نسأل العفو والعافية ، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ، ونسأله سبحانه توبة صادقة ، وعودة لدين الله صحيحة حقيقة ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
...المزيد

فضلُ الصبر على المصيبة ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ...

فضلُ الصبر على المصيبة

ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الله ـ تعالى ـ جعل الله الموت حتماً على جميع العباد من الإنس والجان، وجميع الحيوان فلا مفر لأحد ولا أمان, كل من عليها فان, ساوى فيه بين الحر والعبد والصغير والكبير والذكر والأنثى والغني والفقير وكل ذلك بتقدير العزيز العليم:{وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (1).
فالكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت و الحازم من بادر بالعمل قبل حلول الفوت, والمسلم من استسلم للقضاء والقدر, والمؤمن من تيقن بصبره الثواب على المصيبة والضرر(2).
وأي مصيبة أعظم بعد الدين من مصيبة الموت(3)، ملأ الله ـ تعالى ـ قلوبنا صبراً، ورفقاً وتسليماً.
أخي المسلم: كرب الزمان وفقد الأحبة خطب مؤلم, وحدث مفجع, وأمر مهول مزعج, بل هو من أثقل الأنكاد التي تمر على الإنسان نار تستعر, وحرقة تضطرم تحترق به الكبد ويُفت به العضد إذ هو الريحانة للفؤاد والزينة بين العباد, لكن مع هذا نقول:

فلرب أمـر محـزن *** لك في عواقبه الرضا
ولربمـا اتسع المضيق *** وربما ضاق الفضـا

كم مسرور بنعمة هي داؤه, ومحروم من دواء حرمانه هو شفاؤه, كم من خير منشور وشر مستور, ورب محبوب في مكروه, ومكروه في محبوب قال تعالى:{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }(4).
(لو استخبر المنصف العقل والنقل لأخبراه أن الدنيا دار مصائب وشرور, ليس فيها لذة على الحقيقة إلا وهي مشوبة بكدر, فما يُظن في الدنيا أنه شراب فهو سراب, وعمارتها وإن حسنت صورتها خراب, والعجب كل العجب في من يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللدغ واللسع؟!)(5)

وأعجب منه من يطلب ممن طُبع على الضر النفع.

طُبعت على كدرٍ وأنت تريدها *** صفواً من الأقذاء والأكدارِ

هل رأيت؟بل هل سمعت بإنسانٍ على وجه هذه الأرض لم يصب بمصيبة دقت أو جلت؟
الجواب معلوم: لا وألف لا, ولولا مصائب الدنيا مع الاحتساب لوردنا القيامة مفاليس كما قال أحد السلف.

ثمانية لا بـد منها على الفتى *** ولا بد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم, واجتماع وفرقة *** وعسر ويسر, ثم سقم وعافية

(أخي إن مما يكشف الكرب عند فقد الأحبة التأمل والتملّي والتدبر والنظر في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, ففيهما ما تقر به الأعين, وتسكن به القلوب وتطمئن له تبعاً لذلك الجوارح مما منحه الله, ويمنحه لمن صبر ورضي واحتسب من الثواب العظيم والأجر الجزيل, فلو قارن المكروب ما أخذ منه بما أعطى لا شك سيجد ما أعطي من الأجر والثواب أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة ولو شاء الله لجعلها أعظم وأكبر وأجل، وكل ذلك عنده بحكمة وكل شيء عنده بمقدار)(6).

فلنقف مع آيات من كتاب الله عز وجل، وفي ثاني سور القرآن الكريم، وكفى بها واعظاً، وكفى بها مسليةًً، وكفى بها كاشفةًً للكروب، ومذهبة للهموم.
قال الله {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(7).
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} علاج من الله عز وجل لكل من أصيب بمصيبة دقيقة أو جليلة, بل إنه أبلغ علاج وأنفعه للعبد في آجله وعاجله، فإذا ما تحقق العبد أن نفسه وماله وأهله وولده ملك لله عز وجل قد جعلها عنده عارية فإذا أخذها منه فهو كالمعير يأخذ عاريته من المستعير فهل في ذلك ضير؟ لا؛ والذي رفع السماء بلا عمد(8).

ثم إن ما يؤخذ منك أيها العبد المصاب المبتلى محفوف بعدمين, عدم قبله فلم يكن شيئاً في يوم من الأيام, وعدم بعده فكان ثم لم يكن, فملكك له متعة مستودعة في زمن يسير ثم تعود إلى موجدها ومعيرها الحقيقي سبحانه وبحمده: {ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ }(9).
فمصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق, لا بد أن يخلِّف الدنيا وراء ظهره يوماً ما, ويأتي ربه فرداً كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا عشيرة ولا مال، ولكن بالحسنات والسيئات نسأله حسن المآل، هل علمت هذا أخي المصاب المكروب؟

فمن امتثل أمر الله ـ تعالى ـ بالصبر على البلاء كانت مثوبة الله عز وجل له: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً{71} ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً}? [(10).
فعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها, إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيراً منها " قالت: فلما توفي أبو سلمة؛ قلت: ومن خيرٌ من أبي سلمة؟ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم عزم الله علي فقلتها؛ فما الخلف؟! قالت: فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن خير من رسول الله صلى الله عليه وسلم)(11).

وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا همٍ ولا حزن ولا أذىً ولا غم, حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه)(12).

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم"(13) يشير إلى قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً{71} ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً}(14).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :(أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصبيٍ لها فقالت : يا نبي الله! ادعُ الله له، فلقد دفنت ثلاثةً, قال صلى الله عليه وسلم: "دفنت ثلاثة؟" ـ مستعظماً أمرها صلى الله عليه وسلم ـ قالت: نعم؛ قال: " لقد احتضرتِ بحضارٍ شديدٍ من النار")(15).
أي لقد احتميتِ بحمىً عظيمٍ من النار، فما أعظم الأجر، وما أكمل الثواب، وما أجدر أن يُستعذب العذاب في طلب هذا الثواب.
وجاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا مات ولد العبد، قال الله عز وجل لملائكته: "أقبضتم ولد عبدي؟" فيقولون: نعم؛ فيقول وهو أعلم: "أقبضتم ثمرة فؤاده؟" فيقولون: نعم.فيقول:"ماذا قال عبدي؟" فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله عز وجل: "ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسمّوه بيت الحمد")(16).
يا لها من بشارة عند موت الولد مع الإيمان، لأن الله إذا أمر ببناء بيت لأحد من عبيده فلابد لذلك العبد من سكنى هذا البيت في يومٍ من الأيام.
روى الإمام أحمد من حديث معاوية بن قرة عن أبيه:( أنه كان رجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له, فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أتحبه؟" فقال: يا رسول الله, أحبك الله كما أحبه؛ فتفقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما فعل ابن فلان؟" فقالوا: يا رسول الله مات, فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه:"أما تحب أن تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته عليه ينتظرك؟" فقال رجل: يا رسول الله, أله خاصة أم لكلنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "بل لكلكم ")(17).
أخي المبارك: فهم السلف الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ ذلك فهماً عميقاً، فتمنوا أن يقدموا أولادهم وأحبتهم ثم يرضوا بذلك ويحتسبوا لينالوا الأجر العظيم من الرب الكريم.

هاهو أبو مسلم الخولاني(ت62هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ يقول:( لأن يولد لي مولود يحسن الله عز وجل نباته, حتى إذا استوى على شبابه، وكان أعجب ما يكون إليّ قبضه مني؛ أحب إليّ من أن يكون لي الدنيا وما فيها)(18).
وكان للمحدث إبراهيم بن إسحاق الحربيّ(ت285هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ ابن له إحدى عشرة سنة حفظ القرآن ولقّنه من الفقه جانبًا كبيرًا, ثم مات الولد, قال محمد بن خلف: جئت أعزيه فقال:الحمد لله، والله لقد كنت على حبي له أشتهي موته؛ قلت له: يا أبا إسحاق, أنت عالم الدنيا تقول ذلك في صبيٍ قد حفظ القرآن ولقنته الحديث والفقه؟ قال: نعم, أو يخفى عليك أجر تقديمه؟
ثم قال: وفوق ذلك, فلقد رأيت في منامي وكأن القيامة قامت وكأن صبياناً في أيديهم قلال(19)فيها ماء يستقبلون الناس فيسقونهم وكان اليوم حاراً شديد حرّه.
قال فقلت لأحدهم: اسقني من هذا الماء، قال: فنظر إلي، وقال: لست أبي، قال قلت: من أنتم؟ قال: نحن الصبية الذين متنا واحتسبنا آباؤنا، ننتظرهم لنستقبلهم فنسقيهم الماء, قال: فلهذا تمنيت موته(20).

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)(21).
يا له من جزاءٍ فعندك اللهم نحتسب أصفياءنا وأصدقاءنا وأحبابنا وآباءنا وأمهاتنا وأنت حسبنا ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أخي المسلم: إن مما يسلي المصاب، ويذهب همه، ويصبر نفسه، ويرضي قلبه، ويعينه على مصابه، ويخفف آلامه، هو تذكر موت النبي صلى الله عليه وسلم، فما أصيبت الأمة بمصيبة أعظم، ولا أجل من مصيبة فقد النبي صلى الله عليه وسلم، وانقطاع نزول الوحي، فإذا علمت هذا هانت عليك كل مصيبة، وسكنت نفسك واطمأنت لكل بلية وخطب.
قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها من أعظم المصائب"(22).
قال أبو العتاهية:

اصـبر لكـل مصيبة وتجلـدِ *** واعلم بأن المـرء غير مخلـــد
أو مـا ترى أن المصـائب جمة *** وتـرى المنية للعبـاد بمـرصـد
من لم يصب ممـن ترى بمصيبة *** هـذا سبيل لسـت عنه بأوحـد
فإذا ذكرتَ محمـداً ومصـابه *** فاجعـل مصابك بالنبي محمــدِ

واعلم يا أخي الكريم: أن البلاء يصيب المؤمن على قدر إيمانه، فإن كان في إيمانه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في إيمانه رقة خُفف في بلائه، حتى ما يتجلى عنه البلاء، ويذهب إلا وقد حطت خطاياه كلها، ويمشي على الأرض ليس عليه خطيئة.
فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أشد بلاءً؟ قال:"الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل, يُبتلى الناس على قدر دينهم, فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه, ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه, وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشي في الناس وما عليه خطيئة)(23).

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ (ت751هـ):( والله سبحانه إذا أراد بعبد خيرًا سقاه دواء من الابتلاء والامتحان على قدر حاله يستفرغ به من الأدواء المهلكة، حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه، أهَّلَه لأشرف مراتب الدنيا، وهي عبوديتُه، وأرفع ثواب الآخرة، وهو رؤيته وقربه)(24).

وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله, حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة)(25).


وكتب
أبي معاذ ظافر بن حسن آل جبعان
...المزيد

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكار المنكرات صلاح بن محمد البدير 1/11/1421هـ الخطبة ...

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنكار المنكرات

صلاح بن محمد البدير
1/11/1421هـ


الخطبة الأولى :

الحمد لله ، الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ، وجعل أمتنا خير أمة ، وبعث فينا رسولاً منا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة ، أحمده على نعمه الجمة ، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له ، شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله ربه للعالمين رحمة ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تكون لنا نوراً من كل ظلمة وسلم تسليماً كثيراً ، عباد الله اتقوا الله فإن تقواه أفضل مكتسب وطاعته أعلى نسب ، { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون . }

أيها المسلمون : إن المحافظة على حرمة الإسلام ، وصون المجتمع المسلم من أن تخلخله وتقوضه البدع والخرافات ، والمعاصي والمخالفات ، وحمايته من أمواج الشر الهائجة وآثار الفتن المائجة ، وتحذيره مزالق الشقوق ، ودركات الهبوط ، أصل عظيم من أصول الشريعة وركن مشيد من أركانها المنيعة ، يتمثل في ولاية الحسبة وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تلك المهمة العظمى والأمانة الكبرى التي هي حفاظ المجتمعات وسياج الآداب والكمالات بها صلاح أمرها واستتباب أمنها وقوة ملاكها ومساكها مافقدت في قوم إلا زاغت عقائدهم وفسدت أوضاعهم وتغيرت طباعهم وما ضعفت في مجتمع إلا بدت فيه مظاهر الانحلال وفشت فيه بوادر الاختلال والأمة حين تكون سائرة في جادة الطريق محكمة شريعة الله بالتحقيق والتطبيق يكون من أول مهامها إقامة ولاية الحسبة ورفع لوائها وإعلاء بناءها وإعزاز أهلها لأن جميع الولايات تعود إليها ، يقول تبارك وتعالى : { الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور } . ويقول تبارك وتعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } .

أمةٌ قائدة رائدة تحقق في المجتمع المسلم شرع الله وتصدع بالحق في وجوه النفوس المريضة الباغية إشباع شهواتها العابثة بأمن الأمة ومقدراتها ، يقول جل وعلا في وصف الأمة المحمدية وذكر أسباب الخيرية : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } .

أيها المسلمون :
إن المعاصي والمنكرات هي الداء العضال والوباء القتّال الذي به خراب المجتمعات وهلاكها وإن التفريط في تغيير المنكرات ومكافحتها والقضاء عليها من أعظم أسباب حلول العقاب ونزول العذاب ، فعن أم المؤمنين أم الحسن زينب جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً وهو يقول : ( لاإله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ويأجوج مثل هذه ) ـ وحلّق باصبعه الإبهام والتي تليها ـ فقلت يارسول الله أنهلك وفينا الصالحون .. قال صلى الله عليه وسلم : ( نعم إذا كثر الخبث ) متفق عليه . والخبث هو الفسوق والفجور .

ويقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن الله لايعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة ) رواه أحمد .

ويقول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام : ( مامن قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لايغيروا إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب ) رواه أبو داوود وغيره . وكتب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى إلى بعض عماله أما بعد ( فإنه لم يظهر المنكر في قوم قط ثم لم ينههم أهل الصلاح بينهم إلا أصابهم الله بعذاب من عنده أو بأيدي من يشاء من عباده ولا يزال الناس معصومين من العقوبات والنقمات ماقُمع أهل الباطل واستخفي فيهم المحارم ) .

أيها المسلمون :
إن الإدهان في الدين .. وعدم التناهي بين المسلمين من أعظم أسباب اللعن والطرد والإبعاد عن رحمة أرحم الراحمين ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن أول مادخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول ياهذا اتق الله ودع ماتصنع فإنه لايحل لك ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال : { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون } ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( والله لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم ) رواه أبو داوود والترمذي .

لُعنوا في كتاب الله لعناً يتلى على مر الأيام والسنين وإلى أن يقوم الناس لرب العالمين ، فاحذروا عباد الله سبيلهم الوخيم وفعلهم الذميم ، فإنه لاصلة بين العباد ورب العباد إلا صلة العبادة والطاعة فمن استقام على شريعة الله استحق من الله الكرامة والرضوان ومن حاد عن سبيل الحق والهدى باء باللعن والخيبة والخسران .

يامن رضيتم بالله رباً .. وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً : أصيخوا سمعكم وأصغوا قلوبكم لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم .

وانظروا وتساءلوا أين أثر تطبيق هذا الحديث في نفوسنا ومجتمعاتنا ؟ أين إيماننا الصادق ؟ وخضوعنا التام لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم !
( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ) السلطان في سلطانه ، والأمير في إمارته ، والقائد في جيشه ، والرجل في أهل بيته ، وكل مسؤول فيما تحت ولايته ومسئوليته ، يقول عثمان رضي الله عنه : ( إن الله يزع بالسلطان مالايزع بالقرآن ) ويقول بعض السلف : ( ماقيمة حق لانفاذ له ! ) .

أيها الآباء والأمهات :
طهروا بيوتكم من جميع المنكرات ، وليكن بيت النبوة على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى السلام لكم في ذلك قدوة وأسوة تنتهجون نهجه وتحذون حذوه ، تقول عائشة رضي الله عنها : ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة من جدران فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وتلوّن وجهه وقال : ( ياعائشة أشد عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله تعالى ) متفق عليه . تقول عائشة رضي الله عنها : ( فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين ) .

أيها المسلمون :
من عجز منكم عن الإنكار باليد والسلطان فلينكر باللسان والبيان ، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى أن لاننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله تعالى فيه برهان وعلى أن نقول بالحق أينما كنا .. لانخاف في الله لومة لائم ) متفق عليه . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته : ( ألا لايمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه ) رواه الترمذي وأحمد وزاد ( فإنه لايقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقال بحق أو يذكّر بعظيم ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( لايحقر أحدكم نفسه قالوا يارسول الله كيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال يرى أمراً لله عليه فيه مقال .. ثم لايقول فيه فيقول الله عز وجل له يوم القيامة : مامنعك أن تقول فيّ كذا وكذا فيقول خشية الناس ، فيقول الله جل وعلا : فإياي كنت أحق أن تخشى ) رواه ابن ماجه .

أيها المسلمون :
إن الطامة الكبرى ، والمصيبة العظمى أن تتوالى الفتن على القلوب ويزيل خطر المعاصي في النفوس فيواقع الناس حدود الله وينتهكون أوامر الله ، ويصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً ، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم : ( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض ، والآخر أسود مربادّاً كالكوز مجخياً لايعرف معروفاً ولاينكر منكراً إلا ماأشرب من هواه ) رواه مسلم .

وسُئل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه من ميت الأحياء ؟ فقال رضي الله عنه وأرضاه : ( الذي لاينكر المنكر بيده ولابلسانه ولا بقلبه ) وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مامن نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالايفعلون ويفعلون مالايأمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) .

أيها المسلمون :
لم يفتأ أعداء الدين من اليهود والنصارى والملحدين ومن سار في ركابهم من فسّاق الملة المستغربين يشنون على أمة الإسلام حملات متلاحقة عبر وسائل ورسائل لا يخفى مستواها ولا يُجهل فحواها ومحتواها غرضها زعزعة عقيدة الأمة وتدمير أخلاقيتها وطمس هويتها وتغييبها عن رسالتها

فبماذا واجه المسلمون تلك الحملات ؟ هل أوصدوا دونها الأبواب ؟ هل جاهدوها حق الجهاد ؟ هل قاموا بالضمانات الكافية من عدم انتشار الشر والفساد ؟ .

لقد فتح كثير من المسلمين بسبب الغفلة عن دين الله وقلة التحفظ والتوقظ ، فتحوا بلادهم ومتاجرهم وبيوتهم وقلوبهم لتلك التيارات الوافدة وأسلموا مجتمعاتهم للأمة الكافرة المعاندة وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم .. شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يارسول الله : اليهود والنصارى ! فقال صلى الله عليه وسلم فمن ؟ ! . ) رواه البخاري .

يقول بعض أهل العلم : إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ولاضجيجهم في الموقف من الضنك وإنما انظر إلى مواطاتهم أعداء الشريعة .

أيها المسلمون :
إنكم أغلى وأعلى وأعز وأكرم من أن تهبطوا من سماء عليائكم إلى التشبه بأمم كافرة فاجرة تعيسة بئيسة حائرة شاردة تلهث وراء شهوتها وتستهيج في سبيل متعتها ، فلقد شرفكم الله جل وعلا بأعظم دين ، وأكرمكم بأفضل رسول محمد صلى الله عليه وسلم وأنزل عليكم خير كتاب فاشكروا الله على ماحباكم وأعطاكم ، وجابهوا جهود أعداءكم بجهود أقوى وأمضى قبل أن تشتد شوكتهم وتحتد شكتهم ، جهود تحفظ أمانة الدين الذي ائتمنكم الله عليه ، صونوه طاقتكم واحفظوه جهدكم { وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم } .

أيها المسلمون :
لقد استحكمت غربة الدين وعظمت المصيبة على كثير من المسلمين في كثير من البلاد بسبب إفشاء الفساد وإشهاره ومداهنة بعض الناس في إنكاره ، وإن أطمّ المصائب وأوضع المراتب أخذ المال السحت على الإقرار عليه وحماية فاعله من أن يتوصل للإنكار عليه .

فأين القائمون لله ؟ الذابون عن دينه ، الذائدون عن محارمه ، بمجاهدة عدوه وأهل معصيته .

عباد الله :
إن مما يبعث على الحرقة والأسى .. أن يرى المسلم في مجتمعه وأمام عينيه صوراً ممرضة وأحوالاً مرضة من المنكرات والمحرمات فلا يجد لذلك في نفسه نساً ولا حساً ولاتوجعاً ولا إلتياعاً ، فأي ركن قد وهى ؟ وأي نور للإمة قد ذهب واختفى ؟ نعوذ بالله من اندراس معالم هذه الشعيرة واستيلاء المداهنة على القلوب وذهاب الغيرة الدينية .

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ياخير أمة أخرجت للناس :
أين الحمية التي تتأجج في صدوركم لدين الله ؟؟ أين الغضب ؟؟ أين تمّعر الوجوه ؟؟ في انتهاك حدود الله ، تقول عائشة رضي الله عنها : ( ماضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا إمرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله ، ومانيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم .

أيها المسلمون :
تعاقدوا وتعاهدوا أن تنصروا شريعة الرحمن وقوموا قومة تُعلي راية الإيمان وخذوا على أيدي سفهاءكم قبل استفحال الداء وإعواز الدواء واعلموا أن التواكل والتلاوم والتحسر والتضجر دون عمل وجد واجتهاد وأمر ونهي ودعوة وإرشاد لايغير من الواقع شيئاً ، بل هو داعية غم وهمّ وفتور وإحباط .

إننا لانريد غيرةً لاتعدوا أن تكون مجرد معان نتمناها بأذهاننا أو نحسها مجردة في مشاعرنا ، إننا نريدها باعثاً قوياً وواقعاً عملياً وعملاً إيجابياً لخدمة دين الله والانتصار لشرع الله وفق القيود الشرعية والضوابط المرعية.

أيها المسلمون :
إن القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهمة جسيمة ذات أعباء لايقدر عليها إلا الكمّل من الرجال ، هي مهمة الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، مهمة تصطدم بشهوات الناس ونزواتهم وغرورهم وكبرياءهم وهبوط السفلة منهم ، ولابد أن ينال القائمين بها شيء من الاعتداء والأذى .

فصبراً صبراً ياأهل الحسبة ، فقد أوذي إمامكم وقائدكم خاتم الأنبياء وإمام الحنفاء محمد صلى الله عليه وسلم فصبر وصابر حتى نصره الله { ولا مبدّل لكلمات الله } { ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز } .

أيها المسلمون :
إن إيذاء المصلحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر أو الاعتداء عليهم أو الطعن فيهم أو تضخيم أخطاءهم وبث الإشاعات الكاذبة عنهم جرم عظيم وذنب كبير تصيب المرء مغبته ومعرّته ولو بعد حين ، يقول جل وعلا { إن الذي يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم } . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى قال : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) رواه البخاري .

فاحذروا من الانخداع بمقالات الجاهلين أو الانسياق وراء أكاذيب الحاقدين ومايدور على ألسنة المغرضين ، يقول جل وعلا : { يا أيها الذين آمنوا لاتكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً ، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } .

بارك الله لي ولك في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه وسلم تسليماً كثيراً

عباد الله :
اتقوا الله وراقبوه وأطيعوه ولاتعصوه { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } .

أيها المسلمون :
اعلموا أنه لا يجوز أبداً إجارة مركوب أو دار أو دكان لمن ينتفع بها في معصية الله ، أو يستخدمها لبيع ما حرم الله لما ينشأ عن تأجير هؤلاء من الأضرار المتعدية ونشر المنكر بين المسلمين

فاحذروا أن تساعدوهم أو تساندوهم أو تعاقدوهم أو تقاعدوهم واستجيبوا لقول المولى جل وعلا { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب } .

عباد الله :
ارحموا أهل المعاصي والمنكرات ارحموهم وأرشدوهم ووجهوهم فالراحمون يرحمهم الرحمن ، أنقذوهم من الضلالة والعمى وبصّروهم طريق الرشاد والهدى ، واهجروا من أصر منهم على معاصيه وجاهر بفسوقه ومخازيه .

يقول بعض أهل العلم :
وهجران من أبدى المعاصي سنة .. وقد قيل إن يردعه أوجد وأكد
وقيل على الإطلاق مادام معلناً .. ولاقه بوجه مكفهر مربد

عباد الله :
إن المعلوم بمقتضى النصوص والمشاهد بالواقع المحسوس أن هجران المجاهرين بالمعاصي والمنكرات المصرين على باطلهم وفسقهم وإقامة الحدود والتعزيزات عليهم له الأثر الأكبر والنصيب الأوفر في إضعاف المعاصي واضمحلالها .

يقول عمر بن عبدالعزيز رحمه الله : تحدث للناس أقضية على قدر ما أحدثوا من الفجور . وقد قيل : من استرخى لًبًبه ساء أدبه ومن أمن العقوبة أساء الأدب .

فلا بد من القوة والحزم مع ضرورة تجفيف منابع الشر وسبل الفساد وإلا انطبق علينا قول القائل :

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له .. إياك إياك أن تبتل بالماء

أيها القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
اعلم أن العلم إمام العمل ، فلتكن عالماً بما تأمر ، عالماً بما تنهى ، رفيقاً فيما تأمر ، رفيقاً فيما تنهى ، حليماً فيما تأمر ، حليماً فيما تنهى ، وليكن أمرك بالمعروف بالمعروف ، ونهيك عن المنكر بلا منكر .

عباد الله :
كونوا للحق أعواناً ، { ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } ، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبحة بقدسه وثلث بكم أيها المؤمنون من جنه وانسه فقال قولاً كريماً { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً } اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وفضلك وإحسانك ياأرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين .. وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين اللهم آمنا في أوطاننا .. وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ووفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى ووفق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم اللهم ادفع عنا البلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ماظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يارب العالمين اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد .. يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يارب العالمين اللهم انصر إخواننا المستضعفين في فلسطين وكشمير وفي الشيشان وفي كل مكان يارب العالمين اللهم انصرهم على القوم الظالمين ونجهم برحمتك من القوم الكافرين وحقق لهم النصر والتمكين يارب العالمين .

عباد الله :
إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون .
...المزيد

قبل أن تحلَّ اللعنة‍ !‍‍‍‍‍! اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد الشيخ فيصل الشدي الحمد ...

قبل أن تحلَّ اللعنة‍ !‍‍‍‍‍!

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

الشيخ فيصل الشدي


الحمد لله مُحدث الأكوان والأعيان ، ومبدع الأركان والأزمان ، يتشرف بذكره اللسان ، ويطمئن بحمده وتسبيحه الجنان ، وأشهد أن لا إله حق غيره المقصود في كل شان ، المستعان في كل حين وآن ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بُعث بالإيمان وأُيد بالقرآن ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحابته خير صحب وآل والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد:
سراديب الظلمات في هذه الزمان كثيرة ، وأشرار البلايا في دنيانا مستطيرة ، فشمس القوة التي تغير تلك الظلمات ، والسيف القاطع الذي يقطع تلك الشرور والآفات ، هو والذي نفسي بيده في تقوى الله عز وجل في أنفسنا وفي أهلينا وفي مجتمعنا وفي كل ما نأتي ونذر في حياتنا ، وعد بذلك الحق وهو أحق من وعد  وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا  .

إخوة الإسلام : أسئلة تحتاج إلى إجابة ؟!
واستفهامات تستدعي أولي الفهم والنجابة ؟
متى يُشد الوثاق المتين الذي تتماسك به عرى الدين ، وتحفظ به حرمات المسلمين ؟ متى تظهر أعلام الشريعة وتفشو أحكام الدين ؟ متى يعلو أهل الحق والإيمان ويندحر أهل الباطل والطغيان ؟ متى تكشف الشبهات وتمنع الشهوات ؟ متى تفيق الأمة كلها رجالها ونسائها صغارها وكبارها متى تفيق من غفلتها وتصحو من سكرتها ؟ متى يستعلن صاحب الحق بحقه ولا يبالي ؟ ويستخفي صاحب الباطل بباطله ويُداري ؟ نعم متى إيـه يا قومي متى ؟! لا جواب . لأن ذي العزة والملكوت والكبرياء والجبروت أجاب ؟ بماذا أجاب ؟ أجاب بأن هذا لن يتحقق إلا عندما تعود الأمة إلى مكمن خيريتها ، وسرِّ عزها وقوتها ما هو ؟ { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } .
إنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حصن الإسلام الحصين ، صُدت به نزوات الشياطين ، وزويت به دعوات الأفاكين والفاجرين ، التأريخ يشهد لكم كان وربي درعاً واقياً من الفتن ، وسياجاً دافعاً من المعاصي والمحن .
جعله الله فيصل التفرقة بين المنافقين والمؤمنين { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ } .
{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ } .
عز المؤمن وذلُّ المنافق فيه ، يقول سفيان رحمه الله : " إذا أمرت بالمعروف شددتَّ ظهر أخيك ، وإذا نهيت عن المنكر أرغمت أنف المنافق " .
كفاك أنه صفة بل مهمة أفضل خلق الله ألا وهم الأنبياء والمرسلون ، قال الله في وصف إمامهم محمد صلى الله عليه وسلم : { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ } ، وماذا قال الله في شأن نبيه إسماعيل عليه السلام : { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا } .
وما من نبي إلا قال لقومه { اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } ، وهو ركن ركين للتمكين في الأرض { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ } أما أهله فأكرم بهم والله من أهل رتب الله لهم الفلاح بأمرهم ونهيهم { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } .
وبُشروا برحمة الله في آخر الآية التي وصفت المؤمنين بالأمر والنهي اختتمت بقوله تعالى { أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } .
وسبحان الله يعطون مثل أجور من سبق من هذه الأمة ، فقد روى الإمام أحمد وحسنه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن من أمتي قوماً يعطون مثل أجور أولهم ينكرون المنكر )) .
وما أعظم والله وأعلى منـزلتهم وهذا ما استنبطه الحسن رحمه الله من قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } قال الحسن رحمه الله : " إن في هذه الآية دليلاً على أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر تلي منـزلته عند الله منـزلة الأنبياء فلهذا ذُكر عُقيبهم " .
ولقد كان السلف يرون من لا يأمر ولا ينهى في عداد أموات الأحياء ، قيل لابن مسعود : من ميت الأحياء ؟ فقال : " الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً .

إخوة الإسلام : سنن الله تعالى في خلقه ثابتة لا تتغير ، ولا تحابي أحداً ولا تتخلف عند وجود أسبابها .
وإن الله جل في علاه يغضب ويلعن ، فهذه صرخة نذير ، وصيحة تحذير ، يصرخ بها الدعاة ، ويصيح بها المشفقون على الأمة ، ينادون بها الأفواج الهائلة السائرة في غيها التاركة لأمر ربها ، المتنكبة لطريقها ، الساكتة عن خطئها ، غضيضة الطرف عن سوءاتها وإجرامها ، ألا يا قوم انتبهوا قبل أن تحل اللعنة ، ألا يا قوم استيقظوا قبل أن تحل اللعنة ، ألا يا قوم كفوا قبل أن تحل اللعنة ، ألا يا قوم مروا أمركم وازجروا زجركم وأقيموا شعيرة ربكم قبل أن تحل اللعنة ، بل قبل أن تحل اللعنات تلو اللعنات ممن ؟ من ربك الذي إذا غضب لا تقوم لغضبه الأرض والسموات ، ممن يُغار على حُرمه ، ويبتلي بالمصائب والبليات .
ألا أين المعتبرون ؟! ألا أين الذين يقرأون ويتفكرون ؟! إنها لعنة لعنها الله سبحانه في كتابه ، تذكرة وعبرة { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } .
فيا الله ورحماك ربي ، إنا لا نقوى على لعنتك .. إنا لا نقوى على لعنتك !! ألطف بنا أنت اللطيف !! ارحمنا فأنت الرحيم .

عباد الله :
أولى لعنات ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
كثرة الخبث : روى البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ يوماً من نومه فزعاً وهو يقول : (( لا إله إلا الله ويلٌ للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بين أصبعيه السبابة والإبهام )) ، فقالت له زينب رضي الله عنها : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : (( نعم إذا كثر الخبث )) " .
والخبث يكثر يا رعاكم الله إذا أعلن المنكر في المجتمع ولا يوجد من ينكره فإن سوقه تقوم وعوده يشتد ورواقه يمتد ، عندها يقصر المعروف ويعدم ، فيعم الفساد ، ويستوحش الأخيار ، ويهلك العباد . ويا الله الفساد يوحش ولو كان قليلاً  وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ  حين قرأ مالك بن دينار رحمه الله هذه الآية قال : " فكم اليوم في كل قبيلة وحي من الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون " .
فيا الله ماذا لو رأى مالك أحوال المسلمين اليوم والله المستعان .

اللعنة الثانية لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
إيذان الله بالعذاب الإلهي العام والهلاك الشامل ، وقد قال الله سبحانه عن أصحاب القرية { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } .
وأخرج أبو داود من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ما من رجلٍ يكون في قومٍ يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليه فلم يغيروا إلا أصابهم الله بعقابٍ قبل أن يموتوا )) " .

اللعنة الثالثة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
الاختلاف والتناحر : وإن مما يدل على الارتباط الوثيق بينهما انظر ماذا قال الله بعد قوله تعالى { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } قال بعدها مباشرة { وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ } .
وروى أبو داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ، ثم ليلعنكم كما لعنهم يعني بني إسرائيل )) .
وانظر لحال كثير من مجتمعات المسلمين خير شاهد على ذلك وما في القلوب من الغل والحقد والحسد والتناحر ، والله المستعان .

اللعنة الرابعة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
عدم إجابة الدعاء : روى الترمذي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( والذي نفسي بيده ، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم )) .
نعم تدعونه فلا يستجاب لكم إنها لعنة العظيم إذا غضب ، وماذا يبقى للناس إذن !! ماذا يبقى للناس إذا أوصدت من دونهم رحمة الله ؟ لمن يلجئون في هذا الكون العريض كله وقد أوصد الباب الأكبر الذي توصد بعده جميع الأبواب ؟ فالبدار البدار قبل أن تحلَّ اللعنة .

اللعنة الخامسة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
ظهور الجهل واندراس العلم واختفاء معالم الدين : فيكون الدين غريباً ، وذلك أن المنكر إذا ظهر فلم يُنكر نشأ عليه الصغير وألفه الكبير ، وظنوه مع مرور الزمن من الحق .
عندها ينكرُ على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ويعظم الساكت .
قال الإمام أحمد : يأتي على الناس زمانٌ يكون المؤمن فيه بينهم مثل الجيفة ، ويكون المنافق يُشار إليه بالأصابع .
قيل يا أبا عبد الله : وكيف يُشار إلى المنافق بالأصابع ؟ فقال : صيروا أمر الله فضولا . وقال : المؤمن إذا رأى أمراً بالمعروف أو نهياً عن المنكر لم يصبر حتى يأمر وينهى ، يعني قالوا في هذا فضول ، والمنافق كل شيء يراه قال بيده على فمه ، فقالوا : نعم الرجل ، ليس بينه وبين الفضول عمل .
وها هو اليوم يقال في كثير من المجتمعات لمن يأمر وينهى أنت تتدخل فيما لا يعنيك ، ليس لك شأن ، حتى أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً ولا حول ولا قوة إلا بالله .

اللعنة السادسة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
تسليط الأعداء : فإن الله عز وجل قد يبتلي المجتمع التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن يسلط عليهم عدواً خارجياً ، فيؤذيهم ، ويستبيح بيضتهم ، ويتحكم في رقابهم وأموالهم .
والتاريخ حافل بشواهد على ذلك ، انظر للمسلمين في الأندلس كيف تحولت عزتهم وقوتهم ومنعتهم لما شاعت بينهم المنكرات بلا نكير إلى ذل وهوان سامهم إياهم النصارى حتى بيع سادة المسلمين آنذاك في أسواق الرقيق وهم يبكون كما قال الشاعر :

فلو رأيت بكاهم عند بيعهم *** لهالك الوجد واستهوتك أحزانُ

اللعنة السابعة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
الأزمات الاقتصادية : نعم إن المجتمع الذي يُفرِّط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد تتلاطم به أمواج الفقر والضوائق ويذوق ويلات الحرمان ، فالربا يعلن فيه ويستعلن به ، والرشوة يجاهر بها ، والغش يضرب بأطنابه في بيوع المجتمع ، وأكل أموال الضعفاء ، والشفاعات التي يؤخذ بها حقوق الغير ، كل هذه وغيرها إذا سكت عنها ولم تنكر ، عندها تحل بالمجتمع ضائقات المال ، وما ظلمهم ربك ولكن بما كسبت أيديهم .
{ فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ } .

اللعنة الثامنة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
بالنسبة للفرد اسودادٌ لقلبه وتنكيسه : حيث جاء في الحديث الصحيح (( تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلبٍ أُشربها نَكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين : على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مرباد كالكوز مُجَخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه )) أهـ .
ألا إنها حقاً لعناتُ واسعة ، وعقوبات قاضية ، لكنها سنة الله الماضية .
صدق الغزالي رحمه الله إذ يقول في الإحياء : " فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم لهذا الدين وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين ، ولو طوي بساطه ، وأُهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة ، واضمحلت الديانة ، وعمت الفترة ، وفشت الضلالة ، وشاعت الجهالة ، واستشرى الفساد ، واتسع الخرق ، وخربت البلاد ، وهلك العباد ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد " .
لذا يا رعاكم الله نقل طائفة من أهل العلم الإجماع على وجوبه وأنـه من شعائر الإسلام الظاهرة كالنووي والجصاص وابن حزم وغيرهم ، بل وقرر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى بما أنه من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة ، فإنه تقاتل الطائفة الممتنعة عنها .
وأما التفصيل في وجوبه العيني والكفائي فعلى اختلاف الأشخاص والأحوال بما هو مبسوط في كتب العلم ، ويضيق عن التفصيل هنا .

أيها المسلمون : ولا يشك شاك أن الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر هم رسلُ الخير ، ودعاة الحق ، ونورٌ في دياجير الظلم ، لكم سارت الأمة على نورهم ، واهتدت بكلامهم وتعليمهم ، لذا حري بأولئك الذين هم محط أنظار المجتمع ، وأمل الأمة أن يتحلوا في أمرهم ونهيهم بآداب عظيمة ، وصفات جليلة ، ألا إن من أبرزها :
الإخلاص ، فهو مفتاح القبول ، وطريق التأييد والتسديد من العزيز الحميد ، فلا يأمر الآمر أو ينهى الناهي ليُحسب في الآمرين ، أو ليصل بذلك إلى مالٍ أو رتبة أو جاه .. ونحوها من أعراض الدنيا الزائلة ، وفي هذا ملحظٌ خفي دقيق أن الآمر والناهي ، إذا رُدَّ عليه أمره أو انتقص في كلامه أو أوذي ، فقد ينتصر لنفسه ، وهذا مذهبٌ للإخلاص ، عن أرطأة بن المنذر قال : " المؤمن لا ينتصر لنفسه ، يمنعه من ذلك القرآن والسنة فهو ملجم " .

ثانيها : العلم ، فينبغي أن يكون الآمر والناهي عالماً بما يأمر به وما ينهى عنه .
قال النووي رحمه الله : " إنما يأمر وينهى من كان عالماً بما يأمر به وينهى عنه وذلك يختلف باختلاف الشيء فإن كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها فكل المسلمين علماء بها ، وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخلٌ فيه ، ولا لهم إنكاره بل ذلك للعلماء " .
لكن مما ينبغي أن تعلمه أنه لا يشترط أن تكون عالماً فقيهاً ، بل يكفي أن تعلم أن هذا منكراً فتنكره ، وأن هذا من المعروف فتأمر به .

ثالثاً : الصبر وهو سلاح ينبغي ألا ينفك من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، فلابد أن يناله من أذى الناس وسخريتهم وحسدهم ما يحتاج معه إلى صبر يوطنه على مواصلة الطريق
وانظر إلى وصية لقمان لابنه { وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } .
قال العارفون : من وطنَّ نفسه على الأذى ، وأيقن بثواب الله لم يجد مسَّ الأذى .
نعم فكثير من الناس تكره من يقطع شهوتها ، ويُكدر لذاتها ، حتى وإن كانت محرمة ، فلا يأسفن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر على من هجره وقلاه ، ولا يحزنن على من فارقه وجفاه ، فتالله إنه بهذا يقطع أطماعه في الخلق ، ليصير تعلقه برب الخلق .
ومما هو متعلق بما قبله الحلم ، فالصبر والحلم وصفان متلازمان فإن لم يكن الآمر والناهي ذا حلم فالغالب أن الناس لا تقبل منه ، ويا الله انظر لما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عنه وعن وجهه ويقول : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " .

رابعاً : الرفق ، وصدق صلى الله عليه وسلم (( ومن يحرم الرفق يحرم الخير كُلَهُ )) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " والرفق سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولهذا قيل : ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف ونهيك عنك المنكر غير منكر ... " .
وشتان شتان بين من لا يملك أصحاب المنكر إلا الاستجابة العاجلة له لحسن أسلوبه ورفقه وحلمه ، وبين من يزيد النار اشتعالاً بشدته وفظاظة أسلوبه.
لكن مما ينبغي أن يُعلم أن الحاجة قد تدعو للعنف والشدة أحياناً ، ذلك بحسب المنكر وصاحبه ، كما بين الأب وابنه ، والمعلم وتلميذه ونحو ذلك .

خامساً : البدء بالأهم وتقديمه على غيره حسب ما تقتضيه المصلحة :

إن اللبيب إذا بدا من جسمه *** مرضان مختلفان داوى الأخطرا

والتدرج بالناس على طريق الخير ، واستلال الشر من نفوسهم أدب شرعي عظيم امتثله الأنبياء مع أقوامهم فبدأوا بالتوحيد وما بعده وهكذا وكذلك رسل الأنبياء ، وليست قصة معاذ وإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم إياه إلى اليمن ، والتدرج مع الناس هناك عنا ببعيد ، فالمنكرات لاسيما في زماننا هذا منتشرة فهناك ما هو منها أشد نكارة من بعضها الآخر ، فيبدأ بالأشد وهكذا .

سادساً : مراعاة المصالح والمفاسد ، بألا يترتب على الإنكار منكرً آخر أكبر وأوسع انتشاراً من الأول ، ومن هذا الفقه كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : يفتي بعدم الإنكار على التتار لشربهم الخمر لأنهم إذا أفاقوا واستقامت لهم عقولهم التفتوا إلى المسلمين يقتلون ويفسدون ، وفي هذا يحسن الرجوع إلى أهل العلم العارفين فهم أولى الناس بتقدير المصالح والمفاسد .

سابعاً : يجملُ بالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إيجاد البديل عن المنكر ، فالنفس قد تكون متعلقة بهذا المنكر إلى حدٍ لا يمكن أن تنفك عنه ، فالعوض هنا والبدل مما يساعد على التخفف من المنكر وهذا منهج رباني وأسلوبٌ نبوي ، ومن ذلك قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا } .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض كلامه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : " ... فلا يُنهى عن منكرٍٍ إلا ويؤمر بمعروف يُغني عنه ، كما يؤمر بعبادة الله سبحانه وتعالى ، ويُنهى عن عبادة ما سواه " .
فصاحب الأغاني لو استبدلت ذلك بأشرطة القرآن المرتلة ترتيلاً جيداً ، وصاحب النظرات المحرمة لو دللته على الزواج وحاولت أن تعينه على ذلك وهلم جرا .... .

إخوة الإسلام : ما أكثر المخذلين في زماننا هذا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وما أكثر العقبات التي يختلقها الناس لأنفسهم تجاه هذا الأصل الأصيل ، وهذه نظرة عجلى حول ذلك :
* فمن الناس من يجالس أصحاب المنكر وهو يعلم مُنكرهم ، ويخالطهم وهم متلبسون به ، ويتعلل بأنه ليس مقراً لهم وأنه منكر عليهم بقلبه فلمثل هذا يقال : إن الله لم يُعذرك أن تنكر بقلبك فقط إلا عندما لم تستطع بلسانك ويدك ، فكيف تسكت وأنت ترى المنكر ، ومن يمنعك عن الكلام أم أنه خوف المعاتبة وقطع العلاقة بينك وبينهم ، وخشية السخرية ، وهب أنك حقاً لم تستطع الإنكار بلسانك ولا يدك فإن الإنكار بالقلب يستلزم مفارقة أهل المنكر ومنكرهم { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ }

* ومن الناس من يتعلل بقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } فيفهم بعضهم أن الإنسان إذا اهتدى فلا عليه من أحد فلا يأمر ولا ينهى ، وعن هذه سئل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عنه فأجاب : " عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر " .

* ومن الناس من يتعلل بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن هذا الأمر مسئوليته على العلماء أو أهل العلم ، أو الهيئات وأهل الحسبة ، فسبحان الله أين هؤلاء مما جاء في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )) . (من رأى) إذاً هو لكل مسلم رأى ذلك .
لا شك أن العلماء وطلبة العلم والهيئات عليهم من الحق ما ليس مثله على غيرهم ، لكن سكوت المجتمع واكتفاء أفراده بحوقلات وأنات في زوايا المجالس ، هذا الأمر لا ينفع ولا يجدي ، بل لابد من الإنكار بالطرق الشرعية بالحكمة والموعظة الحسنة في رسالة لمسئول ، واستنهاض لهمة عالم ، ومباشرة زيارة صاحب المنكر والإنكار عليه إن أمكن ذلك ، وإلا الساكت شيطان أخرس .

* ومن الناس وهم كثير من يكون الحياء وعدم الجرأة على الحق ، والخوف من الرد شبحاً شيطانياً ماثلاً أمام ناظريه ، تجده يقدم رجلاً ويؤخر أُخرى ، والشيطان يقول له انتظر ، قف قليلاً ، حتى يفعل صاحب المنكر منكره ويمضي وهو يتعلل بلعل وعسى ، فيا سبحان ربي صاحب المنكر يعلن منكره أمام الناس ويجاهر به ولا يبالي ، وصاحب الحق لا يستعلن بحقه بل يخفي ويداري ، ألا تخشى اللعنة قبل أن تحل ، وما هذا إلا فعل بني إسرائيل { كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ } ، وإنها لتحتاج إلى كسر حواجز الأوهام ومن ثم يُصبح الأمرُ أمراً عادياً عند الشخص . وهب أنه رَدَّ عليك أو استهزئ بك ، فالأنبياء والرسل أشرف منك وحصل لهم ذلك وأعظم فاصبر وصابر وأمر وبادر .

* ومن الناس من إذا وقع المنكر وطُلب منه الإنكار يتعلل بأنه قد وقع وانتهى الأمر ، فليس في الإنكار فائدة ، فلمثل هؤلاء يردَّ الله سبحانه وتعالى فيقول { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } .
إن الله لم يطلب منا النتيجة ، بل أمرنا بالبلاغ وبذل السبب ، والله سبحانه من وراء ذلك .
وسواء تغير المنكر أم لم يتغير كفاك أنه إبراء للذمة أمام الله ، ناهيك أن الرائي يرى أن المنكر إذا أُنكر لاسيما من أناسٍ كثير غُير هذا المنكر أو خُفف ضرره ، أو تأخر شرٌ كثيرٌ كان سيأتي تباعاً بعده .
أم أن تقع الفواجع ويُقال وقعت وانتهى فلا ، لأن الشر خطوات وشياطين الإنس والجن لا تكفََّ عن الوسوسة .

عباد الله : نحن في زمنٍ كثرت فيه الفتن والمنكرات ، والشهوات والمغريات ، ورسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تكاد تضعف في أوساط كثيرٍ من الناس ، لذا ينبغي وربي أن تكون تلك الرسالة مسئولية الجميع تمارس في بيوتنا ومحيط أُسرنا ، يمارسها المعلمون والمعلمات مع طلابهم وطالباتهم ، يمارسها الطلاب فيما بينهم وهم يرون بينهم من المنكرات ما قد لا يراه غيرهم ، يمارسها الموظفون في دوائر أعمالهم ، الجيران مع جيرانهم ، انظر إلى البيت الذي يليك فيه ولدٌ لا يصلي ماذا قدمت له ؟ انظر إلى ذلك البيت الذي أمامك في أعلاه طبق فضائي هل نصحت صاحبه ؟ بادر أُخي قبل أن تحل اللعنة .

انظر إلى شوارع المسلمين وما فيها ماذا قدمت ؟ هل أمرت هل نهيت ؟
يقول ابن القيم رحمه الله : " وأيُّ دين ، وأيُّ خيرٍ فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تُضاع ودينه يُترك ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يُرغب عنها وهو بارد القلب ساكتُ اللسان ؟ شيطان أخرس ، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق ، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين .. " إلى آخر كلامه رحمه الله .

ألا وإنه مما ينبغي التنبيه عليه أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس مجرد عاطفة تثور ثم تخبو ، ولا مجرد حماس طارئ ثم ينتهي ، وهذا مكمن خطأ ينبغي النظر إليه وهي ألا نعيش حياتنا ردود أفعال ، بل يواصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل وقت وآن ، فأهل المنكرات يبذلون لباطلهم ولا يفترون ، ويجتهدون ولا ينقطعون ، والصراع بين الحق وأهله والباطل وأهله قائم يوم أن قامت السموات والأرض ومستمر حتى قيام الساعة .
...المزيد

تغريدات عن حقيقة الصوفية وما هم عليه من الزيغ و الضلال سعيد آل بحران بسم الله الرحمن ...

تغريدات عن حقيقة الصوفية وما هم عليه من الزيغ و الضلال

سعيد آل بحران


بسم الله الرحمن الرحيم


‏١
الصوفية ومنهم داعية الشرك علي الجفري يتهم السلفية بالغلو والتشدد والانحراف
ويحاول الظهور بالمظهر الوسطي كذبآ ونفاقآ .

‏٢
ومعلوم ان
( الغلو خروج عن الوسطية
وكذلك التساهل خروج عن الوسطية )
والصوفية قد وقعوا في الاثنين : الغلو و التساهل .

‏٣
بداية التصوف في القرن الثالث الهجري
حيث كان نزعات فردية تدعو
إلى الزهد وشدة العبادة رد على الترف الحضارة
ثم انحرفت وصارت طرق باسم الصوفية

‏٤
هناك فروق جوهرية بين الزهد و التصوف :
الاول الزهد : مأمور به
الثاني التصوف: جنوح عن طريق الحق الذي اختطه أهل السنة والجماعة .

٥
‏ظهر مصطلح التصوف والصوفية أول ما ظهر في الكوفة بسبب قربها من بلادفارس والتأثربالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة ثم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب

‏٦
وقد اختلف في أول من تسمى به
وقد ذهب شيخ اﻹسلام ومن معه أن أول من عرف بالصوفي هو أبوهاشم الكوفي وينسب الى الشيعة
ويسمونه مخترع الصوفية

‏٧
وقد خلط الصوفية الزهد بعبارات الباطنية
وانتقل الزهد من الممارسة الى التأمل التجريدي والكلام النظري لذلك ظهر عندهم الفناء والاتحاد والحلول

‏٨
أقسام التوحيد عند الصوفية:
١
توحيد العامة : وهو توحيد اﻷلوهية
يجعلونه خاص بالعامة فقط

مع أنه الغاية من بعث الرسل وإنزال الكتب !

‏٩
النوع الثاني من انواع التوحيد عند الصوفية
٢توحيد الخاصة :وهو يثبت بالحقائق و المكاشفات
٣توحيد خاصة الخاصة : وهو الفناء وهو يؤدي الى الحلول

‏١٠
وتقسيم الصوفية للتوحيد باطل فاسد لم يرد عن كتاب أو سنة ولا عن السلف والسبب فيه هو الغلو في التوحيد الى درجة الفناء كما يزعمون

‏١١
موقف الصوفية من توحيد اﻷلوهية :
توحيد اﻷلوهية عند الصوفية هو توحيد العوام
أما توحيد الخواص فهو الربوبية وهو وحدة الوجود عند بعضهم

١٢
‏ومن تخبط الصوفية انهم يفسرون كلمة التوحيد بتوحيدالربوبيةالحاصل أن ت اﻷلوهية ليس داخﻵ ضمن أقسام التوحيد عندهم لذا لايهتمون به ولايلتفتون إليه


١٣
‏وعليه وقع الصوفية في باب الشرك في اﻷلوهية وصرفوا أنواع العبادة لغير الله باسم الوسيلة وعادوا من يدعوا الى التوحيد الخالص ووصفوهم بالوهابية!

١٤
‏الصوفية يؤمنون بعقيدة الاتحاد كما عند الحلاج وعقيدة وحدة الوجود كما عند ابن عربي وابن الفارض والجيلي والتلمساني وابن سبعين والنابلسي ...

١٥
‏وقد سلك الصوفية طرق كثيرة
مثل طرق الشعوذة والدجل واهتموا ببناء اﻷضرحة وقبور اﻷولياء والتمسح بها
وأيضا ارتفاع التكليف عن الولي .

١٦
في عصرنا :

‏الصوفية هي المعتدلة
في نظر( الصهاينة والامريكان )
وهي الحل
وهي الطريق للسيطرة على المسلمين ثم القضاء عليهم
لما فيها من البدع و الشرك .

١٧
‏قال الشيخ العلامة حماد الانصاري رحمه الله:
التصوف مكون من : اليهودية ، والمجوسية، والوثنية ، ومبادئ إسلامية ، والإسلام اسم فقط ، وهم إخوان المستعمر

وقال :

إن الخرافات الصوفية = أخطر على الإسلام
من الكفر الروسي والأمريكي .

١٨
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان
محذر من داعية الشرك علي الجفري :

الرجل مبتدع خرافي يدعو
الى عبادة القبور و الاضرحة .


الثلاثاء
٥ / ١٠ /٣٦ ١٤
...المزيد

الشيخ سفر الحوالي الداعية صاحب المواقف الاهتمام الرسمي والشعبي الكبير بصحة الشيخ سفر بن ...

الشيخ سفر الحوالي
الداعية صاحب المواقف




الاهتمام الرسمي والشعبي الكبير بصحة الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي اثر دخوله المفجىء لمستشفى النور التخصصي بمكة المكرمة , اظهر مكانة الرجل في القلوب والحب له , والمكانة التي يحظى بها والتقدير , فاذا كان البعض قد اختلف مع الرجل الا انه يشهد له بحبه واخلاصه لدينه وعقيدته ولوطنه , ومنذ ان طير خبر دخوله المستشفى ورسائل الموبايل لم تتوقف بالدعاء للشيخ . والمتابعة الدقيقة لحالته – شفاه الله وعافاه – عبر المنتيات والمواقع الاخبارية والفضائيات والجميع يسال عن صحته وماذا حدث واخر التطورات؟
فكيف حظي الشيخ سفر الحوالي بهذه المكانة ؟ ولماذا هذا الحب الذي جعل الجميع يتابعون صحته ؟ في هذا التقرير نرصد ابرز المحطات في حياة الشيخ وبداياته ودراساته وعلمه ومشايخه وكيف ينظر الى قضايا أمته؟
والشيخ سفر الحوالي من مواليد منطقة الباحة، في جنوب مدينة الطائف، ولد في عام 1370هـ-1950م وينتمي إلى قبيلة غامد، وعرف عنه منذ نعومة أظفاره بالنباهة والذكاء، وسرعة التحصيل العلمي، وظهر ذلك في المراحل الدراسية الأولى في الابتدائي، وتجلى نبوغه في المرحلتين المتوسطة والثانوية، والتحق بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وتتلمذ على يد ثلة من علماء الأمة ومن أبرزهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز- رحمه الله- وحصل على درجة البكالوريوس، ثم نال درجة الماجستير من جامعة أم القرى بمكة المكرمة، بتقدير " ممتاز" مع مرتبة الشرف الأولى، وكان موضوع رسالته عن " العلمانية" وهو موضوع الذي أبدع فيه الشيخ، وأفااض الله عليه فيه بالكثير وطرح الرؤى الشرعية لمواجهة خطر العلمانيين على الأمة الإسلامية بأسرها.
ونال الشيخ سفر الحوالي درجة الدكتوراه من نفس الجامعة- أم القرى- في عام 1406- 1986م، وبمرتبة الشرف الأولى، وكانت رسالته عن " الارجاء في الفكر الإسلامي"..
وبعد حصوله على درجة الدكتوراه واصل الشيخ مسيرته العلمية في رحاب الجامعة فعمل أستاذا في قسم العقيدة، ثم رئيسا للقسم، وانكب على الأبحاث والدراسـات فكانت ثمرة هذا الجهد عدداً من الكتب والدراسات الشرعية والفكرية والثقافية من أبرزها " العلمانية وأثرها في العالم الإسلامي"، و" ظاهرة الارجاء في الفكر الإسلامي"، و" فلسطين بين الوعد الحق والوعد المفتري"، و" يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب" .. وغيرها من الأبحاث والدراسات.
الشيخ الحوالي اشتهر بأنه خطيبا مفوهاًً قوى الحجة، حباه الله حسن البيان، وطلاقة اللسان، والنظر العميق في قضايا الأمة، وفي المسجد الذي يقع بالقرب من مبنى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، كان يلقي الشيخ دروسه، ويخطب في الناس، ويتناول القضايا المعاصرة، وخصص عصر كل أحد أسبوعيا لدرسه العلمي الذي صار مهوى أفئدة الشباب الباحث عن العلم الشرعي.
وعرف عن الشيخ الحوالي القوة في الحق، وصلابة الموقف، وغزارة العلم، وعمق الفهم، وكان له طرحه المميز في خطبه ومقالاته ومحاضراته وندواته، وأبحاثه ودراساته التي أكسبته الشهرة الواسعة، وجذبت إليه الجمهور العريض والواسع، وحب الشباب له وحبه للشباب..
وقد أسس " الحملة العالمية لمناهضة العدوان على العراق هو ومجموعة من العلماء كخطوة اعتبرت تفاعلاً مع نبض الأمة بأسرها تجاه هذا العدوان الغاشم على العراق، وأطلق موقعاً على شبكة الانترنت يحمل أسمه، فيه معظم خطبه وأبحاثه ودراساته وكتبه ويجري حاليا تطوير هذا الموقع ليشمل كل إنتاج الشيخ الفكري والثقافي والعلمي.
وإذا كان للشيخ رؤيته الواضحة عن التطرف والغلو، وتحذيراته الدائمة من الولوج في هذه القضايا التي تعد من أخطر القضايا التي تواجه شباب الصحوة الإسلامية، فان له رؤاه المتميزة في الكثير من قضايا الأمة..
فالدكتور الحوالي يرى أن أزمة الخطاب الإسلامي صورة من أزمة الأمة في كل المجالات، وأن الأحداث المتعاقبة كشفت عن " خلل في منهج التفكير" ولكنه يرى أن الأمر ليس معضلا ويمكن معالجته، وكما يقول: الذي ينظر في خطورة الموقف ومفاجأته يجد ان نسبة النجاح في الخطاب الإسلامي عالية، وأن قدراً كبيرا من التوحد قد حصل، وأن الشذوذ يمنة ويسرة شيء عادي في كل زمان ومكان، وهو لا يختص بأحداث معينة، بل هو خلل عام سببه الجهل بعقيدة أهل السنة في هذا الكتاب.
ويرى أن الالتزام بالحق والدعوة إليه والتمسك بالطاعة والسنة هو الأساس، والدعوة إلى الحق الخالص مع جمع الأمة على العدد الخالص، وأن قوتنا العظمى في ديننا وعقيدتنا، وبها نغلب العدو ونفتح القلوب والبلاد وأن اهتمامنا بالعلم والدعوة وقدرتنا على البلاغ والحوار لشرح محاسن الإسلام هي أكبر أسباب النصر على العدو في ميدان المعركة، وأعظم ممهد لإعلاء كلمة الله في الأرض دون أن يعني ذلك الاكتفاء بالحوار عن الجهاد أو الاستغناء بالمقاومة عن المجادلة والدعوة، ان فرحنا بإسلام عالم أو قسيس أعظم من مقتل جنرال من العدو..
وعن العلاقة مع الغرب يرى الشيخ الحوالي: أن الغرب ليس شيئا واحدا، وأمريكا نفسها منقسمة ومن الخطأ التعامل معها على أنها كلها يمين متطرف أو كلها مفكرون عقلانيون، فأمريكا فيها أسوأ ما أنتج الغرب من وسائل الدمار الشامل والهمجية، وفيها أحرص الناس- بعد المسلمين- على العدل، ومن الحكمة أن يواجه كل منهما بما يناسبه..
ويرى: أن كل حرب عسكرية غربية هي حملة صليبية منذ غزوة مؤتة إلى الملاحم بين يدي الساعة، ولا يغير من هذه الحقيقة أن الغرب- وخاصة أوروبا- تخلى عن إيمانه بالنصرانية إلى حد بعيد ، لأن الصليبية هي نزعة عدوانية تعتمد على الميراث الديني والتاريخي المتراكم، وهي توجد لدى المتدين وغير المتدين..
وكتب الشيخ الحوالي في " رسالة من مكة" تحت عنوان " عن أي شيء ندافع" والتي وجهها إلى عدد من المثقفين الأمريكيين- 60 مثقفاً- رداً على رسالتهم" عن أي شيء نقاتل" بين فيها موقف الإسلام كدين من العدوان والظلم الواقع على المسلمين من جراء الحروب الصليبية الجديدة التي تقودها أمريكا..
وعن السلام مع إسرائيل يرى: أن السلام مع من طبيعته القدر والخيانة والتملص من المواثيق ونقض العهود هو جري وراء السراب وتعلل بالوهم ، ولا يصح أن يكون " السلام خياراً استراتيجيا"..
وفي دراسة " يوم الغضب" هل بدأ بانتفاضة رجب" استعرض د. الحوالي النبوءات التي وردت في التوراة عن أحوال مملكة إسرائيل في آخر الزمان، والحوادث الكبرى التي ستصاحبها أو تسبقها، وتفسيرات اليهود للحركة الصهيونية، وكيف ستنهار دولة إسرائيل كما قامت..
وبرز أسم الشيخ سفر الحوالي مع تسليم المطلوب أمنيا عثمان بن هادي آل مقبول العمري، وكيف قام الشيخ بالوساطة للمطلوب لدى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف نائب وزير الداخلية ليستفيد من مهلة العفو التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، ومن قبل برز أسم الشيخ الحوالي مع تسليم أحد أبرز المطلوبين أمنيا وهو علي الفقعسي الذي لجأ إلى الشيخ الحوالي في منزله فذهب به إلى نائب وزير الداخلية ليسلم نفسه ويستفيد من هذا..


المصدر - جريدة الوفاق
...المزيد

نصيحة وذكرى 14/4/1424 د. سفر بن عبدالرحمن الحوالي الحمدلله رب العالمين، وصلى الله وسلم ...

نصيحة وذكرى
14/4/1424

د. سفر بن عبدالرحمن الحوالي


الحمدلله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فقد سبق لي الحديث – شفهياً وكتابياً – عن مسؤولية المتطرفين في الإدارة الأمريكية عما يحدث في بلاد الإسلام من ردود فعل غير محسوبة. وهنا أوجه حديثي إلى بعض المشايخ الفضلاء، الذين كان لهم قبل الأحداث الأخيرة وبعدها موقف متميز عن سائر العلماء، ذلك الموقف الذي جعل بعض الشباب لايأخذون العبرة مما حدث وأوقعهم في حيرة من أمرهم.

إن هؤلاء الشباب أمانة في أعناق الجميع، والصراحة والصدق معهم واجب على كل من يريد وجه الله ويحرص على قطع الطريق على من يتربص بالدين وأهله ويشوِّه سمعة الإسلام ويستر محاسنه.

إن مراعاة المصالح والمفاسد من أهم مايجب على الدعاة والمربين نشره وتأصيله في منهج الدعوة إلى الله والعمل لنصر دينه. بناء على القاعدة العظيمة التي ذكرها الله في كتابه كما في قوله تعالى ( ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم )، وانتهجها النبي – صلى الله عليه وسلم – في سيرته الزكية، ومن ذلك إبقاؤه بناء الكعبة على قواعد الجاهليين بدلاً من نقضها وبنائها على قواعد إبراهيم عليه السلام، ومثل تركه قتل المنافقين الذين أنزل الله تعالى فيهم قوله : ( لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) ، وقوله : ( يحلفون بالله ماقالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا)، وكان مما هموا به ارتكاب أكبر جريمة في الدنيا وهي اغتياله – صلى الله عليه وسلم – . وهؤلاء وغيرهم من المنافقين لم يجر عليهم من أحكام الكفر شيئاً، بل عاشوا وماتوا مشمولين بأحكام أهل القبلة ظاهراً.

مع استمراره – صلى الله عليه وسلم – في جهادهم بالحجة والموعظة، والتحذير منهم والإعراض عنهم وغير ذلك.

وإن مخالفة سنته واتخاذ غيره أسوة لايورث إلا الفتنة والعذاب ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )، وهذا إبراهيم عليه السلام الذي أوحى الله تعالى إلى سيد الخلق أجمعين باتباع ملته، كما في قوله تعالى : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ) تعلّل بأنه سقيم ولم يقل إني أريد أن أخلفكم في أصنامكم بما تكرهون، ولم يقر بأنه الذي حطم الأصنام بل أوقع أعداءه في الإيهام فقال : ( بل فعله كبيرهم هذا ) ، هذا وهو إمام الموحدين وهو القدوة في البراءة من المشركين، وقد خاطب أباه بألين خطاب وألطفه كما في سورة مريم، ولما يئس منه وعد بالاستغفار له حتى نهاه ربه.

كما أن السياسة الشرعية من أعظم أنواع الحكمة التي يهبها الله لأوليائه وجنده قبل أن يمكن لهم في الأرض وبعده، فهذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يهادن قبائل اليهود، ويصالح قريشاً، وينصرف عن ثقيف، ويستميل زعماء غطفان وغيرها بالعطاء، وكان إذا أراد أن يغزو قوماً ورّى بغيرهم، وإذا عاداه قوم حرص على مصالحة الآخرين ليتفرغ لهم، وإذا حالفته قبيلة مثل خزاعة، وهب مشركها لمسلمها ولم يستعْدِه، إذ لو فعل فربما خسر القبيلة كلها، وكان – صلى الله عليه وسلم – يفرق بين من نصره وحماه من المشركين، وبين من عاداه وآذاه وآذى أصحابه، كما أن المشركين كان منهم من تقاسموا على الكفر وعلّقوا صحيفة الجور والحصار في الشعب، ومنهم من أنكره ومزَّقها.

إنه لمن المؤسف أن تغيب هذه الحقائق عن بعض الدعاة وطلبة العلم، أو يستجرهم حماس بعض الشباب إلى إهماله، فنجدهم يستسلمون لأمواج الأحداث، ويدفعون بأنفسهم إلى موقع التهمة المباشرة في كل حادث، ويظهرون خلجـات صدورهم على الأوراق، ولايميزون بين ثبات مبدأ العداوة في الدين، وبين سعة أساليب التعامل مع المخالفين، مع صراحة النصوص في أن المخالفين لنا في الدين ليسوا على حكم واحد، بل منهم المحارب المعتدي، ومنهم المسالم العادل، ومنهم النائي بداره عنا فلا تربطنا به علاقة حرب ولاسلم ، بل منهم من تقتضي المصلحة أن نتركه ما تركنا ولانهيجه علينا. وقد جاء هذا الأخير منصوصاً عليه وهو مذهب بعض فقهاء الأمة (1) ، هذا عدا من يربطه بالمسلمين عهد ذمة أوصلح أوهدنة أو أمان، والأمة الواحدة أو القبيلة الواحدة يكون فيها نوعان من هؤلاء أو أكثر، والتفريق بينهم في التعامل ثابت بصريح القرآن، وصحيح السنة، وسيرة الخلفاء الراشدين، وإجماع العلماء.

إنني أذكّر هؤلاء الأفاضل بأن العلماء يجب أن يقودوا لا أن يقادوا، وبأن الشجاعة في مواجهة الحماس غير المحسوب لاتقل أهمية عن الشجاعة في مواجهة العدوان.

وإن اتهاماً يوجه إليك أيها الشيخ أو الداعية بأنك مخذِّل أو متخاذل- مع درء فتنة عظيمة عن الأمة والدعوة – خير لك وللإسلام من أن يكال لك الثناء ثم تلقى الله وفي عنقك أنفس مسلمة معصومة، وأموال مسلمة معصومة، أو أسرى من المسلمين بيد العدو أخذهم غنيمة باردة، وذرائع لأهل الكفر يتسلطون بها على أهل الإسلام، وأسباب لأهل النفاق يحاربون بها الدعوة، ولاشيء يقابل هذا إلا موت عدد من الناس قد يموتون في حادث سيارة، وقد يكونون ضد حكومتهم في عدوانها، بل قد يكون فيهم مسلمون كما رأينا في تفجيرات الرياض، فلو كان قتلهم جائزاً من كل الوجوه لكانت النتيجة خاسرة بميزان المصلحة والمفسدة.

إخواني :-
إنه يجب إعادة النظر في مفهوم النصر والهزيمة، والربح والخسارة، وفقاً لطبيعة المرحلة وأهداف الدعوة على منهاج النبوة، وقد مرّ المسلمون في أول الإسلام بثلاث مراحل ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية؛ قال : " كانوا قبل بدر يسمعون الأذى الظاهر ويؤمرون بالصبر عليه، وبعد بدر يؤذون في السر من جهة المنافقين وغيرهم فيؤمرون بالصبر عليه، وفي تبوك أمروا بالإغلاظ للكفار والمنافقين فلم يتمكن بعدها كافر ومنافق من أذاهم في مجلس خاص ولاعام" (2) ، وإذا قمنا في كل مرحلة بواجب الوقت، وراعينا واجب المكان أيضاً فذاك مقتضى الحكمة والمصلحة الدينية، فمثلاً قبل أيام من وقوع التفجيرات الأخيرة حدث في السفارة الأمريكية في الرياض حادث كان مصلحة للدين، ونصراً للمؤمنين، وغيظاً لليمين المتطرف والأصوليين الإنجيليين، وكان بطل هذا الفتح هو الداعية الإسلامي (ذاكر نايق) الذي ألقى محاضرة عن الإسلام هزت قلوب الحاضرين وأسلم بعدها اثنان من الموظفين حالاً. وهنا نسأل : أليس الأجدر بالدعاة إلى الله أن يقتحموا ميدان الدعوة لفتح القلوب وأن لايخلطوا بين ميادين الجهاد هناك على الثغور، وبين ميادين الدعوة هنا في الرياض ؟ وأن يقاوموا العدوان متساندين لامتخالفين، وبذلك تتوازى أعمال الأمة ولاتتعارض، ويلقى المعتدون المحتلون جزاءهم العادل، وفي الوقت نفسه يجد المنصفون منهم والراغبون في الخير طريقهم إلى الإسلام،ويرون تقديرنا لرفضهم العدوان، عملاً بما أخبرنا به ربنا وما نراه بأعيننا من أنهم ليسو سواءً، وقد اعتقلت حكومتهم الطاغية أكثر من ألف منهم في يوم واحد بسبب رفضهم العدوان علينا، واحتجاجهم على ذلك بإقامة الحواجز على الطرق الرئيسية!
ومن جهة مراعاة واجب المكان نقول: هذه الحملة الظالمة التي قامت على الإسلام بسبب الحادث في أمريكا وغيرها، وهذه الضجة من الاستنكار له في العالم الإسلامي عامة، والمملكة خاصة، هل كانتا ستقعان لو وقع هذا الهجوم على قاعدة أمريكية في أفغانستان أو العراق؟
إذا كنا متفقين على الجواب بالنفي، فلماذا لانتفق على وضع كل شيء في موضعه الصحيح؟

إن حجم الاستنكار هنا في الداخل فاق كل التصورات، ولو قال قائل إنه إجماع لصدق، وهذا أمر عادي بل مطلوب، ولكن له جانب سيء هو أن مثل هذه التفجيرات التي تقع هنا وهناك من بلاد الإسلام تلحق ضرراً مباشراً بالمجاهدين المرابطين على الثغور، وبقضاياهم العادلة، وحقهم المشروع في مقاومة المحتلين، وهم أكثر الناس معرفة بحجم الضرر أو هكذا ينبغي أن يكونوا، فالقول قولهم لاقول الأدعياء الذين لايعرف من هم ! ومن هنا أدعوا الإخوة المشايخ إلى مراجعة موقفهم ومصارحة الشباب بذلك، كما أدعوا الأخوة المجاهدين جميعاً إلى استنكار هذه الأعمال، ودعوة الأمة إلى توحيد صفها لنصرتهم وتسديدهم، وأدعوهم إلى توجيه الشباب من أتباعهم إلى ترك هذه الأعمال ولاسيما في دار الإسلام، وتوجيه جهودهم إلى جبهات القتال، وثغور الرباط وحدها، والحرص على كسب تأييد الشعوب، وقبل نشر هذه السطور اطلعت على إعلان إخواننا المجاهدين في الأرض المقدسة واستنكارهم لما حدث فنعم مافعلوا.

إن أمن بلاد الحرمين أمن لكل مسلم من ساكن ومقيم وحاج ومعتمر، وهو أمن للدعوة وللجهاد في كل مكان،وهذا أصل عظيم يجب أن يكون نصب أعين كل عالم وداعية ومجاهد من المسلمين في أرجاء الأرض كلها، ولنكن جميعاً يداً واحدة في الضرب على يد من يريد مسخ عقيدة الأمة وتبديل شريعتها وتشويه مناهجها، وإفساد أبنائها وبناتها ويحارب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها كائناً من كان. فهؤلاء هم الذي يريديون أن يخرقوا السفينة، ويهدم الحصن الأخير للإسلام، وليس العدو هو حامل السلاح علينا فقط، بل هؤلاء الذين قال الله فيهم ( هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) وجهادهم نوع آخر مطلوب كجهاد أولئك لكن بغير وسائله قال تعالى : ( ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) ومايسعون إليه هو أكبر من كل تفجير وأعظم من كل تدمير قال تعالى : ( والفتنة أشد من القتل ) وللحديث عن هؤلاء مقامه الذي لاتحتمله هذه الذكرى.

إن من يتأمل حالنا مع الله، وموقعنا من الاعتصام بحبله والتمسك بهديه، لايعجب من وقوع البلاء، بل يعجب من سعة رحمة الله وفضله علينا وعفوه عن كثير مما كسبت أيدينا، فالابتعاد عن هدى الله وشريعته يتزايد، والمنكرات تتكاثر، والغفلة تستحكم، والاغترار بمتاع الدنيا يسلب الألباب، والركون إلى الظالمين وموالاة الكافرين يجاهر بهما الناعقون، وقائلوا كلمة الحق والناصحون المشفقون الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكرتسكتهم قوة الباطل، وتأكل لحومهم وسائل الإعلام، ودعاة الشرك والبدعة يرفعون رؤوسهم بلا حياء ولا وجل، وبعض المحسوبين على الدعوة أعرضوا عن قول الله تعالى: ( أشداء على الكفار رحماء بينهم ) وأمثالها من الآيات، وقوله- صلى الله عليه وسلم - : ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله) وأمثالها من الأحاديث، واشتغلوا بالثلب والتجريح لمن يخالف رأيهم من العلماء والدعاة والخطباء، يلتمسون لهم العيوب ويتصيدونها بأبعد التأويلات ويطعنون في سرائر القلوب والنيات، ويطمسون المزايا والحسنات، ويستخفون بهذا من الناس ولايستخفون من الله، وأمة هذا حالها جديرة بأن يلبسها الله شيعاً، ويذيق بعضها بأس بعض، ويسلط عليها عدواً من سوى أنفسها. نسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعاً وألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا إنه جواد كريم.

---------------------------
الهوامش :-
(1) في مذهب الإمام مالك أنه لايجوز ابتداء الحبشة والترك بالحرب عملاً بحديث ( اتركوا الحبشة ماتركوكم فإنه لايستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة) قال مالك ( لم يزل الناس يتحاشون غزوهم ) وهذا واضح في تاريخ الفتوحات الإسلامية فقد امتدت شرقاً وغرباً إلى أقصى الأرض ولم يحاول المسلمون فتح الحبشة مع قربها ومعرفتهم بأحواله، فلايبعد أن يكون ذلك مقرراً لديهم ومعلوم احتجاج الإمام مالك بعمل أهل المدينة والحديث المذكور رواه الإمام أحمد ( 5/371) وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح إلا موسى بن جبير وهو ثقة. وهذا غير مسلم ( انظر التهذيب ) والاستدلال بالمتفق عليه كافٍ في توجيه القول بترك إهاجتهم.
وأما حديث النهي عن قتال الترك فمن رواية ابن لهيعة ( انظر مجموع الزوائد ( 5/ 303-413) وتفصيل الكلام عن الروايات ليس هذا مقامه لكن الثابت تاريخيا أن إهاجة المغول على المسلمين بقتل رسل جنكيز خان فتحت على المسلمين شراً وبيلاً.
(2) الصارم المسلول 227 ط المكتب الإسلامي.
...المزيد

نحن و الصبر الدكتور عثمان قدري مكانسي ما من كلمة ترددت في كتاب الله عز وجل بالكثرة التي ...

نحن و الصبر

الدكتور عثمان قدري مكانسي


ما من كلمة ترددت في كتاب الله عز وجل بالكثرة التي ترددت فيها كلمة الصبر وأصبح من البديهي عند المسلمين بل وعند الناس جميعاً أن الصبر مقياس كل خير في صفات الإنسان. والنصوص في كتاب الله وسنة رسوله على فضيلة الصبر تجعل من هذا الصبر أساساً للنجاح يوم القيامة كما قال عليه الصلاة والسلام (الصبر معوّل المؤمن) إذا ضعف عملي وكثرت خطاياي ثم وهنت قواي في طاعة الله عز وجل ثم ضاقت بي السبل يوم القيامة فإن الصبر هو المعوّل عليه. فإذا جاء في صحيفتي أو صحيفتك موقف واحد فيه صبر على بلاء واحتسبناه لله ولم نشكُه لأحد من عوادنا ولم ندعُ غير الله في كشفه فإن هذا الموقف وحده كافٍ لأن يرفع درجاتنا حتى لو كبت بنا كل أعمالنا – معشر المسلمين - هكذا هو الصبر (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ 46 الأنفال) فالصبر شطر الإيمان، فكل هذا الدين شطر والصبر وحده شطر. وجاء في الحديث (الصبر أول العبادة). ونجد مع الصبر كلمات تناسبه هي الصبر والحلم والصوم والعفة والقناعة وكظم الغيظ والعفو، وهي تحتاج منا للقوة والعزيمة .

الصبر: فإما أن تكون صابراً أو جزوعاً، وهو احتمال موقف مؤلم وشاق لا تستطيع تلافيه. فتلجأ إلى الله تعالى ، فعليه التكلان ، وإليه وحده الملاذ والمأوى " واصبر وما صبرك إلا بالله " ومن لم يصبر كان جزوعاً .

الحلم : وهي صفة الصابر المتمكن الذي يغفر لمن أساء إليه . والفرق بين كونك حليماً وكونك صابراً أن تكون حليماً باختيارك، يمكنك أن تتلافى ما قد يجري عليك ، قال الله تعالى مع الصبر :(وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ 186 آل عمران) وقال مع الحلم (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ 43 الشورى) فزادت اللام مع الحلم ويقول ابن القيم في مدارج السالكين إنه سأل شيخ الإسلام ابن تيمية عن صبر سيدنا يوسف عليه السلام في الجب فقال كان صبراً اضطرارياً ، ولكن الأعظم من ذلك صبره في السجن وصبره على مراودة التي هو في بيتها ، فدخل السجن باختياره.

وعكس الحِلم السفه ، وقد مدح الله تعالى سيدنا إبراهيم بالحلم ، فقال : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ 75 هود) ومن حلم رب العالمين أنه لم يعجل العقوبة وهو القادر على تنفيذها في الحال والتو : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى 45 فاطر) .فكان الحلم من أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى

الصوم: احتمال الامتناع عن مطلوب مشروع لإرضاء الله تعالى. وهو نوع من أنواع الصبر فتصبر على عدم الأكل والشرب .

العِفّة: وعكسها الطمع (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ 33 النور) فأنت تعف عما في يد الآخرين مع إمكان أن تحصل عليه. وكل شهوة تستطيع الحصول عليها ولكنك تتركها لمعانٍ سامية تسمى عفة. وفي الجاهلية سميَ والد الصحابي الجليل عثمان بالعفيف أو العفـّان لأنه حرّم الخمرة والنساء على نفسه رغم شيوعها في الجاهلية من باب عفته ومروءته وشعوره بالكرامة وحسن الخلق .ومن هنا نقول : إن العفة ترك ما تستطيع نيله بطريق غير محمود، مع أنه ليس لك

القناعة: صفة رائعة يمتاز صاحبها بالرضا بالقليل مع قدرته على نيل الكثير وهذا من الزهد المحمود . والقناعة عكسها الشره ومن صفات الإنسان الجشع ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى الثالث). ومن هنا نقول : إن القناعة ترك ما تستطيع نيله بطريق الحلال ترفعاً وزهداً.

كظم الغيظ: والكظم عكسه الإنفاذ، فإن اعتُدي على أحد وكان يستطيع الردّ على المعتدي بقوة ، فكظم غيظه التزاماً بأمره تعالى (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 134 آل عمران) نال الخير الكثير ، وفاز بالجنة .

وكظم الغيظ أنك لا تتعجل الانتقام – وهو من حقك - ولا تهيج برغم ما في داخلك من غليان ومن ثورة الغضب ، وانظروا نتيجة الحلم وكظم الغيظ (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ 35 فصلت) إنه اكتساب الأصدقاء ، وما يفعل هذا إلا عظماء الرجال، ويمدحهم الله تعالى في الحديث القدسي (من كظم غيظه من أجلي وهو قادر على إنفاذه كان حقاً علي أن أملأ جوفه رضىً يوم القيامة) وهؤلاء الرجال قليلون .

العفو: هو الخطوة الثانية بعد الكظم ، فلا محاسبة لأخذ الحق بل سماح وعفو . ماذا بعد كظم الغيظ ؟ " والكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين " (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).

ولا ننس قصة المملوك الذي صب خطأ على سيده ما في يده فأثار حفيظته وكاد يبطش به لولا أن تدارك العبد الأمر فأسرع يقول : " والكاظمين الغيظ " فقال : كظمت غيظي ، فقال العبد " والعافين عن الناس " قال عفوت عنك ، فقال :" والله يحب المحسنين " فقال اذهب ، أنت حر لوجه الله .

ولا يكون الوجيه وجيهاً في الدنيا إلا إذا كان صابراً حليماً مبتسماً لا يعجل العقوبة ، عفيفاً وقنوعاً فإذا اجتمعت هذه الصفات في عبد كان في قمة الخلق. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقا) :إن الرجل يكتسب بحسن خلقه يوم القيامة أكثر مما يكتسب الصائم الذي لا يُفطر والقائم الذي لا يَفتر والمجاهد الذي لا.يضعُف. والميزان يوم القيامة ليس بكثرة صلاة ولا بكثرة صيام وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام يمدح الصديق أبا بكر (ما سبقكم أبو بكر بكثرة صيام ولا كثرة صلاة ولكن بشيءٍ وقر في قلبه) فقد جمع من صفات الخير الشيء الكثير ، فكان عند الله تعالى كريماً .

بعض ما قيل عن الصبر
يقول الزبيدي رحمه الله صاحب كتاب تاج العروس عن الصبر أنه حبس النفس عن الجزع وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن التشويش، فلا تجزع عندما تصيبك مصيبة والجزع هو شدة الانهيار الذي يؤدي بصاحبه إلى تصرفات غير محمودة كالصراخ واللطم والعويل ،وشق الثياب والتلفظ بالكلمات النابية .
والصبر الجميل ليس فيه شكوى .
والهجر الجميل لا صرام فيه ،
والصفح الجميل لا عتاب فيه ولا عقاب .
ذو النون يقول : الصبر هو السكون عند تجرّع البلية.
ويقول أحد الصالحين: هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب.
ومعظم الناس في هذا الزمان من أهل الصبر فقد صب عليهم المحن الكثيرة سواء أفراداً وجماعات فقد جمع عليهم المحن الاقتصادية والوظيفية والصحية وأمراض العصر الرهيبة. فكثرت البلايا.. وكأن الله عز وجل يريد أن ينقي هذه الأمة من خطاياها لأن هذه البلايا أعجوبة العجائب ما تذر العبد وعليه خطيئة فيأتي يوم القيامة دون ذنب لشدة الكرب الذي ناله في دنياه ، وأنت تعلم أن اللله تعالى لا يجمع على المؤمن كرب الدنيا والآخرة ، وهو الرحيم الودود سبحانه " إن الله بالناس لرؤوف رحيم "
ومن رأفته –سبحانه - ورحمته بالناس أن بلاء بسيطاً يسلطه الله تعالى على عبده يكفر ذنوب العبد. وكما جاء في الأثر "إن ليلة من الصداع والمليلة - الحمى الشديدة التي تصل إلى العظم - كفيلة بأن يغفر الله بها ذنوب العبد " ، فأكرِمْ بالله تعالى . وقال صلى الله عليه وسلم " الحمى من فيح جهنم وذاك نصيب المؤمن من النار"
وقال صلى الله عليه وسلم " ما رزق الله عبداً خيراً له ولا أوسع من الصبر" .
وعن التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أُريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت: بلى قال:هذه المرأة أتت النبي عليه الصلاة والسلام فقالت: يا رسول الله إني أصرع فادعُ الله لي أن يشفيني قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله لك أن يعافيك قالت: أصبر
عن عطاء بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا مرض العبد بعث الله ملكين فقال: انظرا عبدي ما يقول لعواده فإن هو إذا جاءوه حمد الله وأثنى عليه رفع ذلك إلى الله وهو أعلم به فيقول الرب عز وجل: لِعبدي عليّ إن توفيته أن أدخله الجنة ، وإن أنا شفيته أن أبدله لحماً خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه وأن أكفِّر عنه سيئاته " .
وفي الحديث " من صُدِع رأسه في سبيل الله فاحتسب غفر له ما كان قبل ذلك من ذنب" ...وعن فاطمة الخزاعية قالت عاد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من الأنصار وهي وجعة فقال لها: كيف تجدينك؟ قالت:بخير إلا أن أم ملدم- تكنى بها الحمى- قد برحت بي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اصبري فإنها تذهب خبث ابن آدم كما يذهب الكير خبث الحديد. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من وُعِك ليلة فصبر ورضي بها من الله عز وجل خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" . ويقول الله عز وجل مادحاً الصابرين "وبشر الصابرين ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ 157 البقرة" وفي الحديث القدسي يقول الله تبارك وتعالى " إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته عنهما الجنة)
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما ابتلي عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره وما ابتلي ببصره فصبر حتى يلقى اللهَ لقيَ الله تبارك وتعالى ولا حساب عليه"
ويقول صلى الله عليه وسلم : (إن العبد إذا سبقت له المنزلة عند الله فلم يبلغها بعمل ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبر على ذلك حتى يبلّغه المنزلة التي سبقت له من الله عز وجل)
وقد هز الرسول صلى الله عليه وسلم شجرة حتى تساقط ورقها ما شاء الله أن يتساقط ثم قال: " لـَلمصيبات والأوجاع أسرع في ذنوب ابن آدم مني في هذه الشجرة". فما أن تصاب بمصيبة أو وجع حتى تتناثر ذنوبك كما تتناثر أوراق هذه الشجرة اليابسة. وهذه الأمة صابرة نرجو لها العفو عن الذنب والمغفرة والجنة .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه " الصبر، صبر على البلاء، وصبر على الطاعات ، وصبر عن المعاصي " .
والمسلم يصبر على الهموم التي ابتلي بها من فقر ومرض وغربة وضيق ، ويكل أمره إلى الله تعالى ، فله الجنة وهذا صبر على البلاء
ومن أمثلة الصبر على الطاعات: قيام الليل ،فمن كان لديه فراش دافئ وزوجة حسناء فتركهما ليقوم ويصلي لله يقول تعالى: (انظروا لعبدي قام يتملقني ولو شاء لرقد) .
وهكذا.الأمهات هن أهل للجنة ، فالحمل والولادة والإرضاع والحيض والنفاس لا يبقي على المرأة أي ذنب وأجر الأم يوم القيامة عظيم فهي تصبر على الزوج وإرضائه وعلى الأولاد وتربيتهم،

وقد قال صلى الله عليه وسلم " كفى بالمرء إثماً أن يُضيّع من يعول " فما من ذنب أعظم من أن تضيع أمر طفل أو من تعول وإن كان التضييع معنوياً أو تربوياً أو تعليمياً. .. يقول صلى الله عليه وسلم " إن من الذنوب ذنوباً لا يغفرها إلا الهمّ للعيال " بعض ذنوب الرجال كبائر يغفرها الله تعالى باهتمام الرجل بأطفاله.

والصبر عن المعاصي بأن يجاهد الإنسان نفسه لكي لا يقع في المعاصي والإنسان في هذا الزمن الكئيب تحيط به إغراءات الدنيا ، والحياة كلها في هذا الزمن معاص وضغوط.... اقتصاد بعيد عن الحلال وفجور منتشر في كل شارع وحي ولقاءات تخوض في أعراض المسلمين ، وهؤلاء الصابرون عن المعاصي قليلون لأن أغلب الناس ينساقون وراء المعاصي ويقعون فيها ، لذلك قيل : إن الصبر عن المعاصي من أعظم أنواع الصبر.
...المزيد

تغريدات في الغنى والفقر...! د.حمزة بن فايع الفتحي @hamzahf10000 • الله تعالى خالق الناس ...

تغريدات في الغنى والفقر...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


• الله تعالى خالق الناس ورازقهم، والذي فضّل بعضهم على بعض في الرزق .

• الحياة الدنيا ظرف للابتلاء، وتتقلب من حين لآخر،، ولا يدوم على حال لها شان..!

• المال مال الله يهبه من يشاء ويمنعه من يشاء، ويمتحن به بعض عباده .

• بنو آدم مفطورون على حب المال(( وتحبون المال حبا جما)) ولكن الانهماك في ذلك، وعدم تهذيبه بالإيمان والبصيرة يؤدي به لأسفل سافلين (( ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه)) سورة القلم.

• وما المالُ والأهلونَ إلا ودائعٌ// ولا بد يوما أن ترد الودائعُ

• استعاذ صلى الله عليه وسلم من شر فتنة الفقر، وعلمنا دعاء الدَين، وجزم أن الغنى غنى النفس، لا بالمال والعرَض.

• ومن دعائه الرائع الجامع (( اللهم إني أسالك الهدى والتقى والعفافَ والغنى )). رواه مسلم .

• كم من غني متعطش للمزيد، مريق وجهه وراء الدنيا، وكم من فقير مستغنٍ بالله تعالى وإيمانه.

• استغنِ ما أغناك ربك بالغنى// واذا تُصبك خصاصةٌ فتجملِ

• يضيق الناس من الفقر وغلاء الأسعار، ولكنها ذنوب لم نحسب حسابها، وقال عمر بن عبد العزيز ( يحدث للناس أقضية بسبب ما أحدثوا من الفجور ) وأعمالكم عمّالكم ..!

• (( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون )) سورة الأنعام.

• املأ قلبك بأن الغني الرزاق هو الله، وأنه متكفل برزق كل دابة تدب على الأرض .(( وما من دابة إلا على الله رزقها )) سورة هود .

• في الغنى طغيان وإسراف، وفي الفقر إخبات وتواضع (( اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين ))

• انظر للأزمات من منافذ السرور والفرج، وتفاءلوا بالخير تجدوه، واحذر تحطيمات المثبطين، وتخويفات المفلسين .

• التقوى والصبر من أسباب الرزق (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) سورة الطلاق .

• ترك المسرفين يعبثون ويلهون في ظل مجاعات مجاورة من أقوى أسباب الغلاء ونقصان النعم والتقشف..(( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة...)) سورة النحل .

• قال السلف الكرام : ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة، وما أحوجنا إلى توبة عاجلة واستغفار دائم (( وإني لغفار لمن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى )) سورة طه .

• إذا وضع الغني ماله في غير موضعه وانقلب عليه فمن جراء عمله أو معصيته، ولا يظلم ربك أحدا والجزاء من جنس العمل .

• الاستثمار الخاطئ والوضعية المشينة تودي بك وبمالك وحظوظك،،، ويداكا أوكتا وفوك نفخ..!

• أمنيةّ طمعت عيني بها زمنا// واليوم أبصرها أضغاث أحلامِ

• جاع المصطفى عليه الصلاة والسلام والسلف الصالح، ووقع عام الرمادة في عهد الفاروق، واستمر الإسلام، والدعوة لم تزل عزيزة مكينة،،! والمهم أن نستفيد من دروس التاريخ وتجاريب الحياة ...

• لقد جربتُ هذا الدهر حتى// أفادتني التجارب والعناءُ

• الجوع كافر ورد معناه في المرفوع ولا يصح، وإن كان معناه صحيحا، فزيادته توحش الأخلاق .

• (( اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع )). حديث صحيح .

• الغنى قد يطغيك، والفقر يحسسك بالآخرين وأزماتهم، فتعتبر وتدخر..! وصح في الحديث (( لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال )) رواه الترمذي.

١٤٣٨/١/٢٨
...المزيد

20 تغريدة عن الفساد د.مبارك بن سعيدبن زعير @alzuair 1- تعريف الفساد : استخدام موقع (ما) في ...

20 تغريدة عن الفساد

د.مبارك بن سعيدبن زعير
@alzuair


1- تعريف الفساد : استخدام موقع (ما) في السلطة العامة من أجل تحقيق كسب شخصي، أو منفعة لصالح جماعة ما.

2- الفساد هو الحصول على دخل بصورة غير مشروعة . أو قرارات استثنائية لمصلحة بعض الناس! أو امتياز يسهّل للبعض الحصول على أرباح إضافية.

3- يشمل الفساد: المحسوبيات - التمييز الفئوي ، والمناطق ي - تعطيل مصالح الآخرين - التلاعب في الأنظمة لتقديم مصالح شخصية – انتهاب فرص الآخرين.

4- تعريف " صندوق النقد الدولي " للفساد : استغلال السلطة لأغراض خاصة سواء في الوظيفة ، أو الابتزاز، أو المحاباة ، أو إهدار المال العام.

5- تعريف منظمة الشفافية الدولية لـ الفساد: كل عمل يتضمن سوء استخدام للمنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة.

6- الفساد : سلوك معادي سواء كان بصورة رسمية أو غير رسمية، بما يحقق مكاسب للقائم به ، ويترتب عليه خسارة مالية أو معنوية للأفراد ،والمنظمة .

7- من مظاهر الفساد: الرشوة – الاختلاس – المحسوبية – التحايل - شهادة الزور - إخفاء المعلومات - إضفاء درجة (وهمية) من السرية على بعض الأمور.

8- يطلق على الفساد لقب (السرطان) بسبب سرعة انتشاره في المجتمع ! وتشعّبه في الخفاء ! وتأخر اكتشافه ! وصعوبة معالجته والقضاء عليه.

9- من آثار الفساد الكارثية : تحول موارد المجتمع بطرق غير شرعية إلى أيدي فئة قليلة ، وتركيز الثروة لديهم،وهذا ليس في صالح المجتمع.

10- من كوارث الفساد : تعميق الشعور بالظلم والقهر، وغرس الكراهية ، وإضعاف الانتماء الوطني . ومن ثم توليد الجرائم لأن الفساد بات عادةً !

11- ينشئ الفساد شعوراً قاسياً باليأس والإحباط ؛ فتنتشر الأمراض النفسية من جهة ، وتتوسع رقعة المخدرات ، وتتزايد جريمة السرقة !

12- الحكومة تعاني أعباء الفساد ، والجرائم المتولّدة ؛ فيتكثف التشويش على القيادة ، وتضعف فعاليتها وقراراتها بسبب " الهيكل الخفي للفساد "

13- البعض يرى أن الفساد مؤشر ضعف مؤسسات الدولة في المواجهة ! وآخرون يرون السبب ضعف المجتمع المدني ، وحجب المشاركة الشعبية عن التفاعل!

14- الفساد "متعة للفاسدين" لكنه "موت بطيء" حيث يهدم ثقة الفرد ، ويحطّم شعور المجتمع المحروم ، حيث يشيع التذمّر والفوضى بين الناس .

15- يمكن التفريق بين الفساد وبين الهدايا والمجاملات ! ويمكن متابعة وتلمّس الاستثمار( الشخصي ) للهدايا والاستقبالات بين "مصاصي الفساد" !

16- من المؤسف والمؤلم "والواقعي أحياناً " أن يترسّخ لدى "كثيرين" استحالة إنجاز أعمالهم بدون استخدام صور الفساد ! رأسياً وأفقياً !

17- يشبه البعض الفساد بجسم " الأميبا " لقدرته على التكاثر والانشطار باتجاهات متعددة ! وقدرته على تعويض ما يقطع من أعضائه بسرعة البرق !

18- من أين نبدأ مكافحة الفساد ؟ هل نصلح الفرد ليصلح المجتمع ؟ أم نصلح المجتمع والمؤسسات ليصلح الفرد ؟ باختصار" القانون القانون القانون " ! القانون الحقيقي يضبط الجميع ، ويصنع الوعي ! ويؤدب الخارجين عنه.

19- كيف نفعّل المجتمع المدني لحرب الفساد ؟ وكيف نحمي منظماته من تسرّب الفساد ؟ وكيف ننشر ثقافة النزاهة ؟ "وتعاونوا على البر والتقوى" !

20-أخيراً..العلاج المتدرّج مطلوب ، لكن الحزم والشفافية ركائز لا يمكن تجاهلها ! ووسائل الفشل تعني استمرار الفشل! ولنكن معاً ضد الفساد .
...المزيد

الشذوذ الجنسي .. أحدث انحرافات العصر د. نهى عدنان قاطرجي بسم الله الرحمن الرحيم كنت ...

الشذوذ الجنسي .. أحدث انحرافات العصر

د. نهى عدنان قاطرجي


بسم الله الرحمن الرحيم


كنت أسير منذ بضعة أشهر في اروقة "معرض بيروت الدولي للكتاب" ، حين استوقفني أحد الأجنحة الفارغة من الكتب، فتوقفت أقرأ الإعلانات المعروضة في هذا الجناح، والتي تحمل عنوانا عريضا واحدا " انا مثلي" ... بقيت هذه العبارة تتردد مرات ومرات في ذهني بشكل تلقائي ودون أن استوعب معانيها، فجأة مدّت الفتاة المسؤولة عن الجناح يدها لتعطيني وريقات تعريف بمحتويات الجناح، عندئذ انتفضت بسرعة وكأن حية لسعتني، وقلت للفتاة بشكل عفوي وغاضب "الموضوع لا يهمني على الاطلاق" . فما كان من الفتاة إلا أن أخذت الورقة ووضعتها في مكانها بشكل لا مبالي وكأنها ليست المرة الأولى التي تواجه فيه مثل هذا الموقف ...
بقيت هذه الحادثة عالقة في خاطري ، إلى ان لفت انتباهي أحد الاعلانات لبرنامج" لا يمل" التلفازي المشهور، والذي يجسد في أحد لقطاته شخصيتي اثنين من مثليي الجنس، يتحاوران باسلوب ماجن، فاجر، ساقط، ينم عن المستوى الهابط لبعض البرامج التلفازية التي تدعي أنها تضحك الناس وترفه عنهم، بينما هي في الحقيقة تؤسس - بوعي أو بغير وعي- لقبول بعض التصرفات الشاذة التي لا يقبلها دين ولا شرع ...
خبر آخر استوقفني ، وهو ذلك الذي نشرته صحيفة الوطن السعودية في عددها الصادر في 24_ 12_ 2008م. ، ومفاده أن "قاضيا كويتياً وافق على تزويج فتاتين احداهما من جنسية عربية في سابقة تشهدها البلاد لأول مرة " .

إن وجود الشذوذ الجنسي في المجتمعات العربية والإسلامية أمر ليس بالجديد ربما، وكتب التاريخ تتقل بعض القصص التي حدثت قديما، ولكن الجديد في الأمر هو اتجاه بعض الناس إلى الدفاع عن هذا الشذوذ، والترويج له، والدعوة إليه، والقبول به، كأمر طبيعي لا دخل للإنسان في إيجاده أو دفعه ... ومما شجع على انتشار هذه الظاهرة أمور عدة :
1- الدعم الدولي للشاذين والشاذات، وهذا الدعم قد يكون معنوياً أو مادياً، ويأتي الدعم المعنوي عبر اضفاء الصبغة القانونية على هذا النوع من الشذوذ . ويتولى هذا الأمر المؤتمرات الدولية التي تشرع هذا العمل وعلى رأسها مؤتمر بكين 95 وتفرعاته الذي يدعم حرية الشذوذ بحجة حرية المرأة والمساواة في الجندر بمعنى إلغاء كل الفوارق بين الرجل والمرأة . كما يأتي أيضاً عن طريق المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية التي "شطبت الشذوذ الجنسي كمرض نفسي عقلي ليصير عملا سويا لا ضرر فيه" .
اما الدعم المادي فيأتي عن طريق التمويل المالي الذي تقدمه بعض المنظمات والجهات المانحة للجمعيات التي تمثل الشاذين ، ومن بين هذه المنظمات: البنك الدولي الذي قدم" مساعدة مالية للمنظمة التركية الوحيدة التي يتجمع تحت لوائها الشاذون الأتراك وهي "كاووس ج.ل." في أكتوبر/تشرين الأول 2005 لتنظيم ورشات تتدارس مشاكلهم في تركيا ". ومن الجهات الداعمة الولايات المتحدة الأميركية التي ذكر موقع " حماسنا " على الشبكة العنكبوتية أنها تقدم دعماً ماديا كبيرا للشواذ في العالم العربي . وكذلك أعلن الموقع نفسه أن هناك علاقة بين اسرائيل وعدد من الجمعيات العربية، وأن مواقع الشذوز تدار من " تل أبيب" .

2- انشاء الجمعيات التي تدعو إلى هذا الشذوذ وتنشره ، وأولى هذه الجمعيات التي أنشئت في لبنان عام 2006 م. جمعية " حلم"، التي استحصلت على رخصة قانونية لها من الدولة اللبنانية ، وهي تمارس نشاطها بشكل عادي ، كما أنها تقوم بأنشطة في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام ، وهي تسعى لخلق جماعات صديقة كما يقول مؤسسها ورئيسها " جورج قزي" .
أن هذه الجمعية ليست الوحيدة في هذا المجال في لبنان ، فللأسف ، هناك جمعية أخرى خاصة بالشاذات، ولديها مجلة الكترونية ومدونة خاصة تصدر عنها، وهي تهدف كما تقول عن نفسها إلى إلغاء " الوصم والتمييز اللاحق بالنساء بسبب ميولهن الجنسية " .

3- الدعم الإعلامي لهذا النوع من الشذوذ فإضافة إلى بعض البرامج الماجنة التي تتعرض لهذا الموضوع بشكل ساخر، تظهر بعض البرامج الحوارية -التي تعتبر نفسها جادة- وتستضيف الشاذين في برامجها وتحاورهم وتدافع عنهم وتستضيف الباحثين الذين يبررون هذه تصرفاتهم ويدعون إلى تقبلهم كفئة من المجتمع لها حقوق وعليها واجبات ...
هذا ويأتي الدعم الاعلامي للشذوذ ايضاً عن طريق بعض الأفلام السينمائية العربية التي تسعى إلى تجسيد هذه الظاهرة في سابقة خطيرة لم تكن معروفة ، بل وكانت مستنكرة ، وقد حاول أحد هذه الأفلام تقديم صورة الشاذ على أنه ضحية للمجتمع .
إن خطورة الشذوذ الجنسي لا يكمن في وجوده بالدرجة الأولى، ولكن خطورته تكمن في محاولة نقل التجربة الغربية إلى المجتمعات العربية، والسعي لإسقاطها على مجتمعاتنا كما هي ، والدعوة إلى شرعنتها من الناحية الفقهية والقانونية، متناسين نتائج انتشار هذه الظاهرة في الدول الغربية والآثار السلبية الخطيرة التي تركتها على المجتمعات هناك، ومن بينها التفكك الأسري، والانحرافات الأخلاقية، والأمراض الجديدة التي لم تعرف سابقا، وعلى رأسها مرض الإيدز الذي يقتل سنويا حوالي ربع مليون شخص وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية ...
من هنا فإن الواجب على المسلمين وغير المسلمين التكاتف والعمل يد واحدة من أجل محاربة هذا الشذوذ بشتى الوسائل الفردية والجماعية، ومن هذه الوسائل: السعي لسحب التراخيص عن مثل هذه الجمعيات ومحاربتها وكشف سوءاتها للمجتمع ... ومنها أيضا استصدار القوانين والتشريعات التي تحرم هذه الظاهرة وتفرض العقوبة الشديدة والمغلظة عليها ، خاصة في حال الجهر بها والمباهاة بها.
يقول المفتي الجوزو في الشذوذ الجنسي انها جريمة " أشد خطرا من جريمة الزنا -على قبحها- لأن الشذوذ محرم عقلاً وطبعاً وشرعا‏ً،‏ وحرمته لا تزول أبداً‏، ولذلك فكل من يبيحه يعتبر مرتداً عن شريعة الله‏،‏ واقعاً في حد من أخطر حدوده‏" . ويؤكد المفتي الجوزو أن هذا الفعل ليس مرضاً، بل هو اختيار سلوكي، "ومن هنا فالتعاطف مع هؤلاء مرفوض مطلقا". و يؤكد هذا الكلام بعض علماء النفس الذين يقولون " إن المثلية الجنسية ليست مرضاً أو تشويهاً وإنما حالة يمكن علاجها في حال ......... وُجدت الرغبة في المعالجة" .
أما في حال الإصرار على هذه الجريمة فإن الحكم الشرعي في هذا الفعل يتراوح بين تطبيق حد الزنا على فاعله والذي هو الرجم في حال الإحصان (الزواج) والجلد في حال عدم الإحصان عند البعض ، وبين القتل للفاعل والمفعول به لما روى عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به).
إن شدة العقوبة التي فرضها الإسلام على هذا الفعل لهو أكبر دليل على أن هذا الفعل هو مخالف للفطرة الإنسانية التي تحصر العلاقة الجنسية في إطار الزواج الشرعي الذي يتم بين المرأة والرجل، فمن أخل بهذه القاعدة يكون مخالفا للفطرة الإنسانية .
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً