بعض الأدلة وأقوال أهل العلم حول حكم الغناء صالح بن عبدالرحمن الخضيري الحمد لله والصلاة ...

بعض الأدلة وأقوال أهل العلم حول حكم الغناء

صالح بن عبدالرحمن الخضيري


الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد تعالت أصوات عدد من المتعالمين الذين ينادون باللهو واللعب والغناء والطرب غير ملتفتين إلى نص يمنع أو دليل يحرم فطلب مني بعض الإخوة ذكر شيء مما ورد في هذا الباب ولا سيما ما يستند إليه في تحريم المعازف وآلات اللهو بأنواعها المتعددة وها أنا أذكر شيئا قليلا مما جاء في هذا الباب بلا قصد الاستيعاب لما ورد في هذا الموضوع والله المسئول أن يهدي جميع المسلمين لما يرضيه وأن يعينهم على ذكره وشكره وحسن عبادته , وأن يجنبهم ما يصد عن القرآن العظيم ويوجب قسوة القلب ويسبب سخط الرب أنه سميع الدعاء.

الأدلة على تحريم الغناء:
* من الأدلة على تحريم المعازف والغناء قول الله جل وعلا : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (6) سورة لقمان
صح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (نزلت في الغناء وأشباهه) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وابن جرير في تفسيره.
* وصح عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن هذه الآية فقال : (هو الغناء والذي لا إله إلا هو) يرددها ثلاثا أخرجه ابن أبي شيبه وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه ابن القيم.
* أخرج البخاري في التاريخ وابن جرير أن عكرمة سئل عن لهو الحديث فقال: (هو الغناء)
* قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الدف حرام والمعازف حرام والكوبة حرام والمزمار حرام). أخرجه البيهقي 10/222 قال الألباني (إسناد صحيح)
* وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (الغناء يُنبت النفاق في القلب) أخرجه ابن أبي الدنيا بسند صحيح.
* قال الواحدي – المفسر – في الوسيط 3/441 (أكثر المفسرين على أن المراد) بـ(لَهْوَ الْحَدِيثِ) الغناء , قال أهل المعاني : ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن ...) انتهى
* تنبيه:
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 21/158 المعازف: (اسم لكل آلات الملاهي التي يعرف بها كالمزمار والطنبور والشبابة والصنوج) انتهى
* وجاء في مسند أحمد وسنن أبي داود (4924) عن سليمان بن موسى عن نافع قال : سمع ابن عمر مزمار قال : فوضع إصبعيه في أذنيه ونأى عن الطريق ( أي أبعد) وقال لي : يا نافع هل تسمع شيئا؟ قال فقلت : لا فرفع إصبعيه من أذنيه وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا ) قال الألباني صحيح. وقال تابع سليمان بن موسى المطعم بن المقدام فرواه عن نافع أيضا.
* وروى البيهقي بسند صحيح 10/223 من طريق عبدالله بن دينار قال: (مر ابن عمر بجارية صغيرة تغني فقال: لو ترك الشيطان أحداً ترك هذه)
* عن أبي عامر – أو أبي مالك- الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم (أي جبل) يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة (أي طالب حاجة) فيقولون : ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة) علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم محتجاً به فتح الباري الأشربه (10 – 51/5590) وقد جاء موصولا من طرق جماعة من الثقات وصححه البخاري وابن حبان وابن الصلاح وابن القيم وابن كثير وابن تيميه وابن حجر والسخاوي وابن الوزير والصنعاني و الإسماعيلي.
* عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة : مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة) أخرجه البزار في مسنده (1/377/795) كشف الأستار والضياء في المختارة وصححه الألباني في تحريم آلات الطرب ص (52) ورجاله ثقات قاله المنذري والهيثمي وله شاهد من حديث جابر بن عبدالله عن عبدالرحمن بن عوف أخرجه الحاكم (4/40) والبيهقي وابن أبي الدنيا بلفظ : (إني لم انه عن البكاء ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نعمة لهو ولعب ومزامير الشيطان وصوت عند مصيبة ولطم وجوه وشق جيوب ورنة شيطان) قال ابن تيميه في كتاب الاستقامه (هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء كما في اللفظ المشهور عن جابر بن عبدالله (صوت عند نعمة : لهو ولعب ومزامير الشيطان فنهى عن الصوت الذي يفعل عند النعمة كما نهى عن الصوت الذي يفعل عند المصيبة, والصوت الذي عند النعمة هو صوت الغناء)1/292-293.
* عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم عليَّ – أو حرم- الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام) أخرجه أبو داود – 3696-والبيهقي – 10/221 , وأحمد في المسند 1/274 وغيرهم (و الكوبة الطبل كما في المعجم الكبير للطبراني
12/101-1-2-عن علي بن بذيمه) وصححه الألباني وأحمد شاكر.
* وقال احمد بن حنبل : ( وأكره الطبل وهي الكوبة التي نهى عنها رسول الله ) رواه الخلال في الأمر بالمعروف – ص26- والكراهة كراهة تحريم.
* عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله – عز وجل – حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام) أخرجه أبو داود (3685) والطحاوي والبيهقي وأحمد وغيرهم وصحح الحديث الألباني.
* عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يكون في أمتي قذف ومسخ وخسف قيل : يا رسول الله ومتى ذاك؟ قال (إذا ظهرت المعازف, وكثرت القيان,وشربت الخمور)) أخرجه الترمذي -2213- وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وغيرهم وله شواهد , راجع تحريم آلات الطرب ص67.
* قال الأوزاعي رحمه الله: كتب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله إلى عمر بن الوليد كتابا فيه: (... وإظهارك المعازف , والمزمار بدعة الإسلام , ولقد هممت أن ابعث إليك من يجز جمتك جمة سوء) أخرجه النسائي وأبو نعيم بسند صحيح.
* وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى مؤدب ولده . يأمره أن يربيهم على بُغض المعازف (ليكن أول ما يعتقدون من أدبك : بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان , وعاقبتها سخط الرحمن فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم : أن حضور المعازف , واستماع الأغاني واللهج بها , ينبتُ النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب...) أخرجه ابن أبي الدنيا وغيره.
* حكى جمع من أهل العلم : الإجماع على تحريم الغناء منهم: الآجري والقاضي أبو الطيب الطبري, وأبو العباس القرطبي , وزكريا بن يحيى الساجي وأبو عمرو بن الصلاح وقال : (من نسب إباحته إلى أحد من أهل العلم يجوز الاقتداء به في الدين فقد أخطأ).
وتحريم الغناء هو قول الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي و أحمد قال شيخ الإسلام ابن تيميه (فمذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام) الفتاوى 11/576.
وتفصيل أقولهم وأقوال أتباعهم من الفقهاء موجودة في إغاثة اللهفان والكلام على مسألة السماع كلاهما لابن القيم وكذلك نزهة الأسماع لابن رجب وكذلك تحريم الشطرنج والنرد والملاهي للآجري وفصل الخطاب للتويجري وغيرها.

* عقوبة السامع:-
1) العذاب المهين - قال تعالى{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (6) سورة لقمان.
2) ينبت النفاق في القلب (والنفاق صاحبه متوعد بالعذاب).
3) أن مستمع الغناء استحوذ عليه الشيطان.
4) صاحب الغناء المحل له متوعد بأن يمسخ قردة وخنازير.
5) صوت الغناء ملعون صاحبه , واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
6) إذا ظهرت المعازف فسيكون هناك قذف ومسخ وخسف.

وليعلم أن هذا في غناء ذلك الوقت فماذا يقال في غناء هذا الزمن الذي اشتد قبحه وعظم خبثه وتفنن في عرضه على الناس أهل الفسق وصار من دواعي الفجور وعظائم الأمور والله المستعان هذا ما تسير إيراده وما تركته أكثر من أقوال العلماء والفقهاء من كافة المذاهب ولقد حرصت أن لا اذكر إلا ما صح سنده , وفيما ذُكر مُقنع لطالب الحق أما من اتبع هواه فلا حيلة فيه والله المستعان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه


كتبه
صالح بن عبدالرحمن الخضيري
في 10/2/1426هـ
...المزيد

التاريخ الأسود للاستعباد فى أمريكا حمدي شفيق شاء القدر أن يبتلى الهنود الحمر بالقسط الأوفر ...

التاريخ الأسود للاستعباد فى أمريكا

حمدي شفيق


شاء القدر أن يبتلى الهنود الحمر بالقسط الأوفر من الإبادة والاستعباد .. فقد كان اكتشاف الأمريكتين- بالتزامن مع الثورة الصناعية – كارثة كبرى حلت بعشرات الملايين من سكان أمريكا الأصليين . والذى حدث هو أن عصابات البيض التى وصلت أمريكا وجدت مساحات هائلة من أخصب أراضى العالم البكر بحاجة إلى عشرات الملايين من الأيدى العاملة التى تعذَّر عليهم تدبيرها من أوروبا ، ولذلك فكَّر الغُزاة فى السيطرة على الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين ،لكنهم فشلوا فى استعبادهم,فلم يتورعوا عن القضاء عليهم!! وهكذا وقعت واحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية فى التاريخ .. ويقدر الباحث منير الحمش(1) أعداد السكان الأصليين الذين أبادهم الغزاة الأوروبيون بأكثر من مائة مليون هندى أحمر!!! ولم "يتورع" السادة البيض الذين أسسوا ما يسمى الآن بالولايات المتحدة الأمريكية عن استخدام أحط الوسائل وأخس السُبل للقضاء على الهنود الحمر ، ومنها تسميم آبار المياه التي يشرب منها السكان الأصليون ، وحقنهم بالفيروسات وجراثيم أشد الأمراض فتكاً مثل الطاعون والتيفود والجدرى ومسببات السرطان …إلخ. ويحاول المؤرخون الأمريكيون التقليل من أعداد الضحايا زاعمين أنهم حوالى مليونين فقط ، وفى إحصاء عام 1900م قللوا الرقم إلى مليون لا غير!! وهل قتل مليون نفس أمر هَيِّن ؟!!! ويشير المفكر الإسلامى على عزت بيجوفتش – رئيس البوسنة الأسبق – إلى القانون الأمريكى الذى ظل سارى المفعول حتى عام 1865م ، وكان ينص على حق الأمريكى الأبيض فى الحصول على مكافأة مجزية إذا قدم لأى مخفر شرطة بالولايات المتحدة "فروة رأس هندى أحمر"!!! هذه هى حضارتهم الغربية المزعومة ، وهذه هى الكيفية التى تأسست بها الولايات المتحدة الأمريكية التى تتشدق اليوم بالحريات وحقوق الإنسان !! ويضيف منير الحمش أن 80% من هنود "كاليفورنيا" مثلاً أبيدوا خلال عشرين عاماً فقط ، وهلك الباقون بسبب العمل الشاق حتى الموت "بالسُخْرة" فى سبيل رفاهية "السادة" البيض أجداد "جورج بوش"!! وكان اكتشاف مناجم الذهب والمزارع الشاسعة فى كولورادو وغيرها من ولايات الذهب وبالاً على الهنود المساكين ، إذ دفعت رغبة البيض المجرمين فى الحصول على أيدى عاملة رخيصة إلى تنشيط أخس وأقذر تجارة فى التاريخ بأمريكا، وهى خطف الأطفال والشباب لاستعبادهم ! وهكذا نشطت تجارة خطف أطفال الهنود من مختلف مناطق أمريكا .وكانت صحف تلك الفترة تمتلىء بصور الشاحنات المكتظة بأطفال الهنود الحمر المتجهة عبر الطرقات الريفية إلى أسواق العبيد فى "سكرامانتو" و "سان فرانسيسكو" ليتم بيعهم إلى أصحاب المناجم والمزارع . ومع نهاية القتال فى سنوات الاحتلال الأولى ، زاد الإقبال على خطف الفتيات - بصفة خاصة – فَهُن يقدمن خدمة مضاعفة " للسادة البيض" العمل الشاق نهاراً ، والجنس الإجبارى ليلاً(!!) .. وأما الآباء الهنود المساكين فإن الغضب والأسى ، الناجم عن خطف واغتصاب واستعباد فلذات أكبادهم ، كان معناه أنهم - فى نظر الأسياد البيض - "عناصر شغب" تستحق الإعدام فوراً وبلا محاكمة!! وبذلك تحول الخاطفون إلى "أبطال وطنيين أمريكيين" يساهمون فى التخلص من "المشاغبين الهنود" الذين يشكلون خطراً داهماً على "أمن الدولة" الأمريكية الناشئة !!! ويقول المؤرخون أن هذه القرصنة وجدت من "يقننها" ويضفى عليها الشرعية التامة عبر قانون أصدره برلمان ولاية كاليفورنيا فى أول جلسة تشريعية له فى عام 1850م !!! وأصبح خطف الهنود الحمر واستعبادهم بموجب ذلك التشريع عملاً قانونياً يستحق فاعله الثناء والتكريم !!! وبموجب تعديلات أضيفت عام 1860م تم إجبار عشرة ملايين هندى أحمر على قيام بأعمال "السخرة" حتى الموت !! ولم تمض سنوات على هذا التشريع الإجرامى حتى ضاق حاكم الولاية بيتر بيزنت ذرعاً "بالسُخْرة"، فوجه رسالة إلى المجلس التشريعى قال فيها : "إن الرجل الأبيض الذى يعتبر الوقت من ذهب ، والذى يعمل طوال النهار ، لا يستطيع أن يسهر طوال الليل لحراسة أملاكه. وليس أمامه خيار آخر سوى شن حرب إبادة !!! إن حرباً قد بدأت فعلاً ، ويجب الاستمرار فيها حتى "ينقرض الجنس الهندى تماماً" !!!
وهكذا أباد "السادة البيض" 112 مليون هندى أحمر ، وأُبيدت معهم حضارات "المايا" و "الأزتيا" و "البوهاتن" وغيرها لإقامة أمريكا زعيمة النظام العالمى الجديد!!!

تعـليق
من أكثر المناظراثارة للسخرية أن زائر الولايات المتحدة الأمريكية بحراً- عندما تقترب به السفينة من ميناء "نيويورك" – يرى تمثال "الحرية" الشهير خارج جزيرة مانهاتن !!! ويعتبر الأمريكيون البيض تمثال " الحرية " هذا رمزاً لبلادهم !! ويود كاتب هذه السطور أن يسأل هؤلاء : هل أُقيم هذا التمثال رمزاً للحرية التى ُأسبغت على 122 مليون هندى أحمر ؟! أم أنه رمز لحرية عشرات الملايين من الأفارقة المساكين الذين جرى خطفهم وجلبهم بالقوة إلى "الجنَّة الأمريكية" للعمل الشاق حتى الموت من أجل تحقيق "الحلم الأمريكى" ؟!! إنها لمهزلة كبرى أن يُقام تمثال "الحرية" على جثث وجماجم عشرات الملايين من البشر تمت إبادتهم جماعياً بشكل لم يحدث مثله لحيوانات الغابات .. بل لو حدث معشار هذه الإبادة أو 1% منها فقط ضد الحيوانات ، لأقامت جمعيات الرفق بالحيوان فى الغرب الدنيا ولم تقعدها !! أما إبادة مائة مليون هندى أحمر فهو أمر "يؤسف له" - على حد زعمهم- ولكنه كان "ضروريًا" لأمن البلاد !!! بل كان أبو "الحرية" الأمريكية المزعومة- جورج واشنطن- نفسه يملك ثلاثمائة عبد وجارية فى مزرعته الخاصة ، ولم يحرر منهم واحداً قط !!
قنص الهنود !!
يحكى المؤرخون الأوربيون المنصفون قصصاً يشيب لهولها الولدان . فقد كان الغزاة البيض يشعلون النار فى أكواخ الهنود ، ويقيمون الكمائن حولها ، فإذا خرج الهنود من أكواخهم هاربين من الحريق ، يكون رصاص البيض فى انتظار الرجال منهم ، بينما يتم القبض على الأطفال والنساء أحياء لاتخاذهم عبيداً واغتصابهم جنسياً أيضاً ! وكتب أحد الهولنديين قائلاً : "انتزع البيض بعض الأطفال الهنود الصغار من أحضان أمهاتهم وقطعوهم إرباً أمام أعينهن, ثم ألقيت الأشلاء فى النيران المشتعلة أو النهر !! وربطوا أطفالا آخرين على ألواح من الخشب ثم ذبحوهم كالحيوانات أمام أعين الأمهات" !! إنه منظر ينفطر له قلب الحجر – كما يقول الهولندى الراوى نفسه – كما ألقوا ببعض الصغار فى النهر ، وعند حاول الآباء والأمهات إنقاذهم لم يسمح لهم الجنود بالوصول إلى شاطئ النهر ، ودفعوا الجميع - صغاراً وكباراً – بعيداً عن الشاطئ ليغرقوا جميعاً !! والقليل جداً من الهنود كان يمكنه الهرب ، ولكن بعد أن يفقد يداً أو قدماً ، أو ممزق الأحشاء برصاص البيض.. هكذا كان الكل إما ممزق الأوصال ،أو مضروباً بآله حادة أو مشوهاً بدرجة لا يمكن تصور أسوأ منها (2) وتم نقل أعداد هائلة من العبيد الهنود إلى جزر الهند الغربية للعمل بالمزارع الشاسعة هناك أو لبيعهم لآخرين . كما شُحن مئات الألوف منهم شمالاً إلى نيوانجلند و "نيويورك" حيث مقر الأمم المتحدة ، وتمثال "الحرية" المزعوم !! وكان المؤرخ "لاس كاساس" الذى فضح جرائم الأسبان فى أمريكا الجنوبية بكتابه الشهير "تدمير الهنود الحمر" قد أثار القضية أمام المحاكم الأسبانية .. فلجأت الحكومة هناك إلى تهدئة الرأى العام الثائر بإصدار قانون يمنع استعباد الهنود بشكل شخصى ، لكن "النصوص"- كما يقول لاس كاساس- لم تعرف سبيلها إلى التطبيق الواقعى أبداً فى الأمريكتين . وانتشر فى كل أمريكا الجنوبية كذلك نظام بمقضاه يسيطر المالك الأبيض لقطعة أرض على كل الهنود الذين يعملون فيها ، أى رقيق الأرض بدلاً من الرق الشخصى .. كالمستجير من الرمضاء بالنار (3)!!!

محنة أفريقيا
اكتشف البيض – بعد إبادة معظم الهنود الحمر– أنهم لن يتمكنوا من استصلاح وزراعة عشرات الملايين من الأفدنة فى القارة الجديدة – أمريكا – بدون جلب الملايين من الأيدى العاملة الرخيصة . وتفتقت أذهان الشياطين عن خطة جهنمية بدأت كل دول أوروبا الغربية تقريباً تنفيذها . إن الزنوج الأفارقة هم من أقوى أنواع البشر وأكثرهم جلداً وصبراً وتحملاً للمشاق والأجواء القاسية ، ولهذا استقر رأى المجرمين على" اصطياد " أكبر عدد ممكن منهم !! وهكذا تكالبت الوحوش البيضاء المسعورة على الفريسة المسكينة- أفريقيا – تنهش فلذات أكبادها بلا ذرة من رحمة أو إنسانية .. آلاف السفن الأوروبية المحملة بالجنود المسلحين بالبنادق والمدافع تقاطرت على الساحل الغربى للقارة السوداء حاملة الموت والخراب لأغلب سكانها ، والخطف والاستعباد والإذلال مدى الحياة لمن بقى منهم على قيد الحياة !! تقول المصادر الأوروبية ذاتها أن جيوش إنجلترا وبلجيكا والبرتغال وألمانيا وفرنسا وهولندا وأسبانيا – ذات التسليح المتقدم الذى لا يمكن مقارنته بالسيوف والحراب التى لا يملك الأفارقة غيرها – لم تجد صعوبة كبيرة فى السيطرة على الساحل الغربى لأفريقيا المطل على المحيط الأطلنطى ..وخلال خمسين عاماً فقط تم خطف وترحيل ما بين 15 إلى 40 مليوناً من الأفارقة حيث تم بيعهم كعبيد فى أسواق أمريكا وأوروبا . ونلاحظ أن المصادر الغربية ذاتها تؤكد أنه من بين كل عشرة أفارقة كان يتم أسر واحد فقط واستعباده ،بينما يلقى التسعة الآخرون مصرعهم إما برصاص الغزاة البيض ، وأما جوعاً و عطشاً أو انتحارًا من على ظهر السفن التى كانوا يحشرون فيها كالماشية ، وكثير منهم كان يلقى حتفه اختناقاً بسبب تكديس المئات منهم فى أقبية السفن فى مساحة عدة مترات بلا تهوية أو طعام أو مراحيض !! (3)
وكثيراً ما كان البحارة يقتلون المئات من الضحايا ويلقون بجثثهم فى البحر. وعلى ذلك فإن ما لا يقل عن مائة مليون أفريقى قد لقوا حتفهم فى 50 عاماً فقط خلال ملاحم "اصطياد العبيد" من القارة المنكوبة . تقول دائرة المعارف البريطانية فى مادة "العبودية"slavery : أن الإنجليز كانوا يشعلون النيران فى الأحراش والأشجار المحيطة بأكواخ الأفارقة ، فيضطر هؤلاء المساكين إلى الخروج من مساكنهم هرباً من النيران ، فتتلقفهم رصاصات القناصة لقتل الرجال, بينما يتم أسر الأطفال والنساء، ثم ترحيلهم إلى مراكز لتجميع العبيد على طول الساحل الغربى الأفريقى تمهيداً لنقلهم بالسفن عبر المحيط الأطلنطى فى رحلة بلا عودة !! ونلاحظ أن هذا هو الأسلوب ذاته الذى جرى استخدامه "لاصطياد الهنود الحمر ، كما يصطادون الوحوش والحيوانات غير الأليفة من الغابات" !!
ونحن لا نعرف بالضبط الأرقام الحقيقية للضحايا سواء من القتلى أو ممن سقطوا فى فخاخ الاستعباد حتى الموت . ولكن من المؤكد أن الأرقام الحقيقية هى أعلى بكثير مما تذكره المصادر الغربية .
ويكفى أن كاتباً غربياً كبيراً ذكر أن عدد القتلى فى دولة واحدة هى الكونجو بلغ عشرة ملايين إفريقى فى عهد الطاغية الملك "ليوبولد" الذى دمر شعباً بأكمله ، وعرقل مسيرة الكونجو لمئات السنين بسبب نهمه وجشعه وإجرامه .
يقول آدم هو تشيلد فى كتابه "شبح الملك ليوبولد" أن هذا الطاغية قتل كل هؤلاء خلال 23 عاماً فقط حكم خلالها الكونجو التى كان يدعيها مستعمرة مملوكة له شخصياً بكل ما عليها من بشر وثروات وحيوانات !!! وقد كان الأوروبيون مثل "ليوبولد" فى الكونجو ، والفرنسيون فى مناطق أخرى ، والبرتغاليون فى أنجولا ، والألمان فى الكاميرون ، والإنجليز فى دول أخرى عديدة قد وضعوا نظاماً إجرامياً للسخرة لاستخراج المطاط والذهب وغيرها من كنوز القارة السوداء التى نهبها المجرمون، كما سرقوا فلذات أكباد الأفارقة ,وعطلوا مسيرتهم مئات السنين، ولم يتركوا لهم سوى الموت والخراب الشامل والتعاسة التى لم يفلت منها أحد !! ويعدد "هوتشيلد" وغيره من المؤلفين الغربيين الفظائع التى ارتكبها الأوروبيون فى أفريقيا، فقد كان الشنق وتعليق الجثث على الأشجار, وقطع الأيدى والأقدام والأذن والعضو الذكرى أمراً شائعاً مارسه المحتلون على اختلاف دولهم وهوياتهم . وكان من المألوف أيضاً الإجبار على العمل المتواصل تحت الشمس الحارقة بلا ماء أو طعام كاف، والربط بالسلاسل الحديدية ، وحرق قرى بأكملها عقاباً على أية بادرة تذمر . وكان هناك نوع من الكرابيج يصنعه الجلادون خصيصاً من جلد الخرتيت بعد أن يتم تجفيفه وتقطيعه بطريقة تترك أطرافه حادة وقاطعة . ويقول هوتشيلد أن عشرين جلدة بهذه الكرابيج كانت كافية ليفقد "المجلود" الوعى تماماً ، فإذا ارتفع عدد الضربات إلى مائة جلدة بتلك الكرابيج الشيطانية فإن المجلود يلقى حتفه فوراً . وإذا كان زبانية "ليوبولد" يستخدمونها ضد التعساء فى الكونجو, فقد كان الفرنسيون يستخدمونها بضراوة أشد فى "برازافيل" !! ولم تكن ألمانيا بعيدة عن الميدان ، فقد أباد الألمان شعباً بأكمله هو قبائل "الهيريرو" فيما يعرف الآن بـ "ناميبيا" . وتكفى قراءة فقرة واحدة من تعليمات القائد الألمانى لجنود الاحتلال عام 1904م لإدراك هول ما حدث ووحشية السادة البيض الذين يتطاول أحفادهم الآن على الإسلام : (كل "هيريرو" – أفريقى – يوجد يجب أن يُقتل سواء كان يحمل سلاحاً أم لا وسواء كانت لديه ماشية أم لا .. ولا يجوز إعتقال أى رجل ، يجب فقط أن يُقتل") ونحسب أن الأمر لا يحتاج منا إلى أدنى تعليق !! وقد كانت البرتغال كذلك من أكثر دول أوروبا تورطاً فى الرق ، بل تصفها الزميلة عايدة العزب موسى بأنها "مبتدعة الرق" ، وتنقل عن القسيس البرتغالى فرناندو دى أليفيرا فقرات خطيرة من كتابه " فن الحرب فى البحر" تتبع فيه كيف كان تُجار الرقيق من البرتغاليين بقيادة صديقه القس "لاس كاساس" أكبر النَخّاسين فى عصره ،يقومون بترحيل مئات الألوف من العبيد الأفارقة عبر المحيط الأطلنطى بعد خطفهم وانتزاعهم من أسرهم وتقييدهم بالسلاسل(4).

الحاقدون على الإسلام
وكما أشـرنا فى ختام الفصل الأول ، كان يصاحب كل سـفينة قسيس ليقوم – حسبما ذكر إليفيرا- بتنصير العبيد مقابل مبلغ مالى يتقاضاه عن كل رأس ! وهكذا يسلبون الضحايا الحرية والدين أيضاً !! وحققت الكنائس الأوروبية ثروات هائلة من تلك الرسوم التى تتقاضاها من النَخَّاسين !! وشاركت هولندا أيضاً فى تجارة العبيد ، حيث طافت مئات من السفن الهولندية موانئ أفريقيا الغربية منذ القرن السادس عشر لنقل ملايين من العبيد إلى أوروبا وأمريكا . بل كانت جزيرة "جورى" التى يجمعون فيها العبيد تمهيداً لنقلهم عبر الأطلنطى تحت سيطرة الهولنديين الى أن باعوها للإنجليز عام 1872م . وكانت بعثات التبشير "التنصير" الهولندية متورطة فى أخس تجارة عرفتها البشرية ، ويبدو أنهم اكتشفوا أن خطف واصطياد الأفارقة المساكين واستعبادهم يدر من الأرباح أضعاف العمل على تغيير عقائدهم باسم الرب الذى يزعمون!!
ويكشف"هيوتوماس" سبباً أخر لاختطاف الأفارقة واستعبادهم وهو الانتقام البربرى .
يقول "هيوتوماس" : الحقيقة أن البرتغاليين وغيرهم كانوا يصطادون الإفريقيين ويحولونهم إلى عبيد محض انتقام من الأفارقة المغاربة بسبب سيطرتهم على أسبانيا والبرتغال (دولة الأندلس الإسلامية) فقد كان أسلاف هؤلاء المغاربة من المسلمين قد سيطروا على أسبانيا والبرتغال لمئات من السنين"
ومن الواضح كما شهد هيوتوماس أن القوم لم ينسوا أحقادهم رغم أن المسلمين - كما شهد مؤرخو الغرب – قدموا للغرب وللعالم كله أياد بيضاء طوال حكمهم للأندلس .فقد نشروا العلوم والمعارف والحضارة فى تلك العهود ،وعاملوا غير المسلمين بالأندلس بكل عطف ورحمة !! ويؤيد ما قاله هيوتوماس أن البابا يوجينياس الرابع أعلن رعايته لحملات الاستعباد التى يقوم بها الملك هنرى فى أفريقيا !! وفى الفترة من1450 حتى 1460 عقد البابا نكولا الخامس وكالكاتاس الثالث صفقة لاسترقاق الأفارقة مقابل "تعميد" – تنصير – العبيد ودفع 300 كراون للكنيسة عن كل رأس !! بل أرسل أحد الأساقفة سفينة لحسابه فى إحدى الحملات !! وبعد كل هذه الفضائح يجدون الوقاحة الكافية للتطاول على الإسلام !!! وقد كانت التفرقة العنصرية – البغيضة – وما تزال حتى الآن – سبباً فى تحول كثير من الأمريكيين السود ونظرائهم فى أوروبا إلى الإسلام . إذ أن طوفان المظالم والاستعباد والقهر دفعهم إلى البحث عن سفينة النجاة ، فلم يجدوا أى سبيل آخر سوى الإسلام الذى يحظر تماماً كل أنواع الظلم والتفرقة بين الناس . الإسلام وحده هو الذى يرد إليهم الاعتبار والآدمية ، ويساوى بينهم وبين الطغاة البيض، ولا يوجد شىء كهذا فى ديانة سماوية أخرى أو أية فلسفة وضعية أو أى نظام آخر .

تعـليق
نلاحظ أن مظاهر التفرقة العنصرية مازالت موجودة حتى الآن فى الولايات المتحدة الأمريكية . إذ توجد حتى اليوم أحياء فى كبريات المدن الأمريكية يتكدس فيها السود بلا مرافق أو خدمات ، كما أن معظم المشردين بلا مأوى Homeless هم من السود والملونين,وعددهم يفوق الثلاثين مليونا. وفى أمريكا يوجد أكبر عدد من السجناء فى العالم كله -2 مليون سجين- ثلاثة أرباعهم من السود (!!!) . ومازلنا نتذكر أحداث لوس انجليوس، حيث ثار السود احتجاجًا على الممارسات البوليسية الإجرامية ضدهم ، وسحل مواطن أسود بواسطة رجال الشرطة البيض حتى الموت .واندلعت مظاهرات صاخبة فى أكتوبر 2007 م احتجاجا على اعتقال 6 تلاميذ سود وتلفيق تهمة لهم هى الشروع فى قتل تلميذ ابيض, لانه علق أحبالا ومشانق بالمدرسة, اشارة الى ما كان يحدث من اعدام للعبيد السود بلا محاكمات.وأكدت منظمة حماية الملونين ان السود هم الفئة الأكثر تعرضا للسجن وتلفيق الاتهامات والتعذيب فى السجون الامريكية.
وقد اعترف الرئيس السابق بيل كلينتون بأن الإسلام هو أسرع الأديان انتشارا فى الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك أوروبا والصين . وتناولت شبكات تلفاز عالمية مثل CNN ظاهرة اعتناق الملايين من الأمريكيين والأوروبيين للإسلام منذ أحداث 11 سبتمبر الشهيرة . وتبين أن أعداداً كبيرة جداً من البيض اعتنقوا الإسلام كذلك ، ومن بينهم أساتذة جامعيون وأطباء وعلماء ومهندسون ومحامون ورجال أعمال ، وفتيات فى عمر الزهور قبلن طواعية ارتداء الحجاب – و النقاب فى بعض الحالات - ورفضن حياة الشهوات والخلاعة والانحلال على النحو السائد فى كل دول الغرب . وهكذا فإن المُنَصِّرين الذين حاولوا تغيير ديانة الأجداد السود الذين امتحنوا بالاستعباد ، يجدون أنفسهم عاجزين الآن تماماً عن وقف اعتناق الملايين من أحفادهم للإسلام الدين الحق والدين الأصلى للمُسْتَعْبدَين الأوائل ! وصدق الله العظيم : " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " يوسف الآية (21) . بل إن بعض الحاقدين يحاول التقليل من أهمية سرعة انتشار الإسلام فى أمريكا قائلاً : أن الزنوج هم الذين يُسلمون ، ولا يعلم هؤلاء الأغبياء أنه حتى لو صدقوا فى هذا – وهم كاذبون – فإن هذا يحسب للإسلام وليس ضده . لأن الأسود يعلم أن الإسلام هو وحده الذى يضمن له كل الحقوق والعدالة والمساواة مع الآخرين ، وتلك شهادة لصالح الإسلام وضد الغرب فى ذات الوقت .

جـذور
ومازلنا نتذكر المسلسل العالمى "جذور" عن رائعة الكاتب الأمريكى الكبيرأليكس هيلى الذى حكى محنة الزنوج المستعبدين ، ونال عنها جائزة "بوليترز" العالمية. وقد عُرض المسلسل الرائع فى معظم أنحاء العالم, وشاهده مئات الملايين من البشر مصحوباً بترجمة إلى أغلب لغات الأرض . ويقول ألكس هيلى أن القصة حقيقية ، وبطلها هو جده الذى إختطفته عصابات البيض من قريته الإفريقية ، حيث تعرض للضرب والتعذيب وأوثقوه بالسلاسل ، ثم ألقى به مع مئات غيره فى سفينة عبرت الأطلنطى, ليجد نفسه بعد أسابيع معروضاً للبيع فى الأرض الجديدة "أمريكا" . وحكى "هيلى" نقلاً عن جده – الذى حكى لابنته وعلم هيلى بالتفاصيل من جدته التى هى تلك الإبنه – الأهوال والفظائع التى تعرض لها الملايين من العبيد المساكين منذ اختطافهم والزج بهم مقيدين بالسلاسل فى قلعة "جيمس" إلى أن تم شحنهم مكدسين فى سفينة كالبهائم . وكانوا يكوونهم بأسياخ الحديد المحمى بلا رحمة ليضعواعلى ظهر كل منهم علامة السفينة التى ستنقله إلى أمريكا. وخلال الرحلة إلى الجحيم ألقى بعض المساكين بأنفسهم فى الماء هرباً من سياط الجلادين . وعانى الباقون من ندرة الطعام والمرض والتعذيب, حتى وصلوا إلى الشاطئ الأمريكى، حيث تم بيع "كونتا كنتى" جد "هيلى" بمبلغ 300 دولاراً . وحاول الفتى المسكين الهرب لكنه فشل وتعرض لتعذيب مروع ليكف عن الهرب، وفى المرة الثانية قبضوا عليه وأوثقوه إلى جذع شجرة ليقطع أحد البيض نصف قدمه اليمنى بفأس حتى لا يستطيع الجرى أو الهرب مرة أخرى !!.. وتحكى الرواية الجبارة تفاصيل حياة البؤس والشقاء التى عاشها "كونتا" وعشرات الملايين غيره فى ظل الاستعباد . وقد نال الكتاب والمساسل المأخوذ عنه رواجاً عالمياً فاق كل تصور . ولكن الأمريكان لا يعرفون شيئاً اسمه الحياء ، فدأب بعضهم كالعادة على التشكيك فى الرواية, رغم أن أحداً لا يمكنه إنكار وقوع هذه الجرائم المروعة ضد ملايين السود على يد "الشيطان الأكبر" .

القانون الأسود
وقد لجأ البيض إلى أساليب شيطانية لقمع العبيد وقهرهم والسيطرة عليهم .. وقننوا هذا كله بتشريعات تشكل وصمة عار لأى نظام قانونى فى التاريخ . يقول العَلاَّمة محمد فريد وجدى : "كان القانون الذى يتناول أحوال الرقيق يُعرف فى كل أمة من الأمم المعاصرة بالقانون الأسود . وعلى سبيل المثال كان القانون الأسود الفرنسى الذى صدر سنة (1685) ينص على أن الزنجى إذا اعتدى على أحد الأحرار أو ارتكب جريمة السرقة عوقب بالقتل أو بعقاب بدنى آخر ، أما إذا أبق العبد فإن نص القانون أن الآبق فى المرة الأولى والثانية يتحمل عقوبة صلم الأذنين والكى بالحديد المحمى ، فإذا أبق الثالثة قتل . وقتل الآبق كان معمولا به أيضاً فى انجلترا، فقد نصت شريعتهم على أن من أبق من العبيد وتمادى فى إباقه قتل. وكان غير مسموح لذوى الألوان أن يحضروا إلى فرنسا لطلب العلم . ودام الحال على هذا فى فرنسا حتى ظهرت ثورة 1848 فسعت فى أبطال الاسترقاق . أما فى أمريكا فكان القانون فى غاية الشدة والقسوة ، وكان مقتضى القانون الأسود أن الحر إذا تزوج بأمة صار غير جدير بأن يشغل وظيفة فى المستعمرات . وكانت القوانين تصرح بأن للسيد كل حق على عبده حتى حق الاستحياء والقتل
وكان يجوز للمالك رهن عبده وأجارته والمقامرة عليه وبيعه كأنه بهيمة(!!) . وكان لا حق للأسود فى أن يخرج من الحقل ويطوف بشوارع المدن إلا بتصريح قانونى . ولكن إذا أجتمع فى شارع واحد أكثر من سبعة من الأرقاء ولو بتصريح قانونى كان لأى أبيض إلقاء القبض عليهم وجلدهم!!(5) .
وهذه النصوص كانت مطبقة فى كل أنحاء الأمريكتين .

اعتذار بعد فوات الأوان !!
فى عام 2006م قدمت كنيسة إنجلترا اعتذاراً رسمياً علنياً عن دورها المشين فى الإتجار بالرقيق ، واقتناء عشرات الألوف من العبيد ظلوا يعملون حتى الموت فى المزارع الواسعة التى تمتلكها الكنيسة فى منطقة الكاريبى . وقد شاركت فى قنص وترحيل العبيد 2704 من السفن البريطانية . وفى مارس 2007م قاد الدكتور روان ويليامز رئيس أساقفة كانترى- كنيسة إنجلترا- مسيرة حاشدة شارك فيها عشرات القساوسة والشخصيات العامة ، طافت شوارع لندن ، اعتذاراً عن "تورط الكنيسة فى التاريخ البشع للعبودية فى العالم" على حد قول وليامز نفسه. وأضاف رئيس أساقفة بريطانيا :" أنه ليس الندم فقط ، بل يجب إعلان التوبة عن مشاركتنا فى هذه الوصمة التى كلفت الملايين ، من العبيد البؤساء أرواحهم وممتلكاتهم ، ودمرت إقتصاديات العديد من دول أفريقيا" (6) غير أن رأس الكنيسة الإنجليزية لم يجد فى نفسه قدراً آخر إضافياً من الشجاعة ليطالب بتعويض أحفاد الضحايا عما حل بآبائهم وأجدادهم من إذلال وقهر وخراب شامل !! بل إن جون ميجور رئيس وزراء بريطانيا الأسبق علّق على المطالبات القضائية بالتعويض عن جرائم الاستعباد قائلاً بسخرية وقحة : "آه .. سوف ندفع للأفارقة تعويضات بشرط أن يثبتوا أن ثمة ضرر قد لحق بهم بسبب كون أجدادهم عبيدا لنا" !!! وكأنه يظن أن إستعباد الغرب للأفارقة كان " تشريفاً" لهم و "وساماً" على صدورهم !! ولا يختلف "بنديكت" بابا الفاتيكان عن "ميجور" فى هذه الجزئية . فرغم إختلاف مذهب الفاتيكان – الكاثوليكى- عن المذهب السائد فى انجلترا ، إلا أنهم جميعاً – مع نظرائهم الأمريكان وباقى أوروبا – يتفقون فى شئ واحد : لا تعويضات عن الإستعباد مئات السنين لمئات الملايين من البشر !! مع أنهم جميعاً تسابقوا لإرضاء "إسرائيل" بمئات البلايين من الدولارات تعويضاً لليهود عن "مزاعم غير ثابتة" بالتعرض للتعذيب فى محارق "هتلر" !!! أما التى يعترفون هم أنفسهم بها فلا !!! وقد اعترف بابا الفاتيكان بإرتكاب أسلافه لجرائم بشعة فى الأمريكتين خلال القرن الخامس عشر وما بعده ضد السكان الأصليين ثم الأفارقة السود .. ورغم إعترافه هذا ، فقد رفض الإعتذار عن تلك الجرائم التى لم ينكرها !!! وهو ما جعل رئيساً أمريكياً نصرانيًا- "هوجو شافيز" رئيس فنزويلا- يشن هجوماً لاذعاً على البابا المنافق .. وقال شافيز : إن البابا يكذب بإدعائه أنهم نشروا المسيحية فى الأمريكتين بالسلام والمحبة ، فى حين كانت "بنادق البيض الغزاة تحصد السكان الأصليين بالملايين ..(7) فهل هذه هى المسيحية التى يتشدق بها ؟!!
واستنكر شافيز تبجح البابا الذى رفض مجرد كلمة اعتذار للضحايا لن تكلفه "سنتاً" واحداً ، وطالبه بالتحلى بقدر أكبر من الأمانة والموضوعية !! والذى يراه كاتب هذه السطور أن شخصاً مثل "بنديكت" الذى كان عضواً فى الحزب النازى فى شبابه ، لن يعتذر عن جرائم فعل مثلها هو نفسه فى عهد زعيمه هتلر !! فهو يرى أن هذه "أمور طبيعية الوقوع" من المنتصر"الأبيض" ضد السود والهنود الأمريكيين "الأقل شأناً" !! لكن الشاذ حقاً أن شخصاً كهذا يتطاول على الإسلام الحنيف ، ويتهمه بالإرهاب ، رغم السجل الإجرامى الأسود لممثل الإدعاء الكاثوليكى !! ويبدو أن "بنديكت" يتناسى كذلك السجل الأسود لكنائس الغرب فى "محاكم التفتيش" ، وإحراق ملايين المخالفين ليس فقط فى الدين ، بل حتى فى مجرد " المذهب" أو "الطائفة " داخل المسيحية ذاتها !! وكذلك أحرقوا علماء كبار مثل "جاليليو" لأنه تجرأ وأعلن الحقيقة العلمية وهى أن الأرض تدور وأنها كروية !!! حقاً إذا لم تستح فاصنع ما شئت وأزعم ما شئت !!(8) .

المراجـع
1- منير الحمش – أمريكا والكنانيون الحمر – دراسة منشورة بمجلة أخبار الأدب – دمشق – 9/6/2002م – بتصرف .
2- الحمر والبيض والسود – جارى ناس – ترجمة مصطفى أبو الخير – سلسلة الألف كتاب – مصر – بتصرف .
3- المرجع السابق – بتصرف .
4- عايدة العزب موسى – العبودية فى أفريقيا – مكتبة الشروق الدولية – مصر – طبعة 2004م – مواضع متفرقة من الكتاب بتصرف – وأنظر أيضاً المراجع الهامة التى ذكرتها هناك .
5- محمد فريد وجدى – دائرة معارف القرن العشرين – طبعة دار المعرفة – بيروت – المجلد الرابع – حرف الراء "الرق" ص 277-278 وأنظر أيضاً "الرق فى الإسلام" لأحمد شفيق باشا
6- موقع شبكة BBC باللغة العربية على الإنترنت – 24 مارس 2007م . بتصرف
7- موقع قناة الجزيرة على الإنترنت باللغة العربية – 24 مايو 2007م . وانظر ايضا الموقع الاسلامى الممتاز : صيد الفوائد www.saaid.net
8- كلمة بتصرف تعنى أننا حصلنا على المعلومة من المصدر المشار إليه ، لكن الصياغة والتعليق عليها بواسطة كاتب هذه السطور ، وربما أضفنا إليها معلومة أخرى من عندنا .
...المزيد

المقــــدمـة إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات ...

المقــــدمـة

إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .

من أين يبتسم الفؤاد ويفـــــــرح *** وظلام ليلك جاثم لا يـبــــرح (1)

إخواننا وأخواتنا في العقيدة في كل مكان؛ وسط هذا الواقع الأليم والأخطار التي تعيشها الأمة أوجه هذه الكلمات عبر هذه المقالات عسى أن تجد قبولاً في قلوبكم وعملاً صادقاً قويـــــــــــاً لإنقاذ أمتكم .

ولا يخفى عليكم المأساة العظيمة التي تعيشها أمتنا, والتي تجلت في ضعفها وهوانها وتسلط أعداء الدين على أبنائها في شتى بقاع العالم وعدم قدرتها على حمايتهم وإيقاف مآسيهم, وأصبحت أمتنا في ذيل الأمم يتحكم بها ويستأسد عليها أعداؤها, بينما الأصل أن تكون في مقدمة الأمم بل قائدة للأمم حتى تقود العالم إلى طريق الحق والسعادة .
ويجب أن نتيقن بدون ريب بأنه لا يمكن أبدا أن هذا العجــز الذي حصل في الأمة والهـوان الطويل الذي جثـم عليها في عصرنا الحديث كـان بدون تقصير منها.

وقد كتبت هذه المقالات في فترات مختلفة على مدى عدة سنوات سابقة, كان كل مقال منها يكتب بعد مأساة جديدة أو محنٍ عصيبة عاشتها الأمة.وهذه المآسي والمحن أصبحت تتوالى علينا الواحدة تلو الأخرى في عصرنا الحديث حتى كأننا ألفنا حدوثها . ولا شك أن سبب استمرارها وعجزنا عن إيقافها هو عدم قيام أمتنا بعلاج مرضها الحقيقي ودائها العضال الذي أصابها, وهو ُبعدها عن التطبيق الجاد الكامل لدينها في كل أمور ونواحي حياتها, وحل مآسيها وشفاؤها يكون بالعلاج الحاسم وهو: عودة قوية إلى الله ودعوة إلى سبيله ( عـــــودة و دعـــــوة ) .

وقد يلاحظ بعض التكـــــرار في بعض معانيها لأنها كما ذكرت سابقاً كتبت في أوقات مختلفة في مسيرة ألمنا الطويلة, ولكن كل مقال يركـز على إظهــار جانب أو معنى في هذه القضية أكثر من غيره, وأيضا بعض التكرار يكون لــــه أثر طيب بإذن الله في تثبيت وتركيز المعاني .

وقد ذُيِّلت هذه المقالات في الهامــــش بنقاط تذكيرية هامــــــــــة أرجو من القارئ الالتفات لها.

ويحسن أن ننبه إلى أن سبب استمرار مآسينا- وهو ُبعد الأمة عن حقيقة دينها والالتزام بكل شرائعه وأوامره- هـو بحد ذاته أكبر مأساةٍ تعيشها الأمة . فنحن نؤمن بأن هدفنا في الحياة هو تحقيق عبوديتنا لله وتطبيق دينه وتحكيم أوامره ونشر الإسلام في أرجاء الأرض لكي ننقذ به البشرية المتخبطة التعيسة, ونحن نؤمن بالله وعظمته وجزائه وجنته وناره....؛ فتخلينـــا وعدم صدقنا في تحقيق هدفنا في الوجود وعدم استعدادنا القوي لكي ننجي أنفسنا في يوم الدين يوم السؤال والحساب والجزاء هـو أكبر مأساةٍ ومصيبة نعيشها, وحلها أيضا عـــــودة ودعـــــوة .

اللهم يا كريم يا أرحم الراحمين أبرم لهذه الأمة أمر رشد يؤمر فيه بالمعروف في كل الأمور وينهى فيه عن المنكر في كل الأمور, ويعود فيه المسلمون إلى تطبيق كل أوامر دينهم ,وينطلقـون داعين إلى نهج نبيهم صلى الله عليه وسلم في أنفسهم وفي كل أرجاء الأرض,لينقذوا أمتهم والعالم أجمع من محن وضياع الدنيا والآخرة (ليكونوا حقيقة لا خيالاً)(2), إنك على كل شيء قدير.

8/9/1422هـ
د مهدي علي قاضي
ص ب 10409جدة رمز بريدي 21433
Email: [email protected]
...المزيد

الحياء امرأة د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ جبلت الأنثى على الحياء والنعومة، وفطرت على ...

الحياء امرأة

د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ


جبلت الأنثى على الحياء والنعومة، وفطرت على التشبث بأهداب الفضيلة والطهر، وثبتت الأديان السماوية هذه الخلة الحميدة، بل وحثت عليها، وإن عممتها بين الرجل والمرأة، ولم تجعلها مختصة بالأنثى فحسب، ولكن لكل منهما دوره الخطير في الحفاظ على هذه الصفة العظيمة التي تحفظ القيم والشرف والنقاء.
بيد أنه يزيد دور المرأة في هذا الأمر الإنساني لأنها الوعاء الذي يحفظ النسب والخلق والثقة والأصالة فكان لا بد أن تكون منبع الطهر والعفاف والأمان، وقد أكد الذكر الحكيم هذه الصفة حينما قال: (أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ).

ورغم أن لقواعد كل عصر شذوذها في هذا المجال أو ذاك، إلا أن واقعنا المعاصر فاق كل التوقعات في مجال خلع المرأة لبرقع الحياء، والعجيب أن الرجل هو الذي يصفق لها بحماس متعدد الوسائل متلون الأساليب، حتى انتقلت العدوى إلى الرجل الشرقي الغيور!
ولا أعني بالحياء أن تكون المرأة متصفة بالسلبية المقيتة، وأن تبدو عديمة الشخصية مجردة من العطاء الإجابي، بل إن قدوتنا في هذا النهج هن أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن، فكل واحدة من هؤلاء لها تاريخ يبهر الألباب في الدين والدنيا معاً، ولكن بسيرة تبرق كالذهب الأصيل، كما أني لست أعني بالحياء أن تحرم المرأة من التعليم أو العمل الذي يحتاج إليها أو تحتاج إليه طالما أنه فيما يرضي الخالق.

إنما أعني بالحياء هو تلك الجرأة الغريبة التي تلبست الأنثى في واقعنا المعاصر حتى زادت عن حدها وفاقت الرجل الجريء نفسه، وليتها كانت جرأة محمودة، إنما هي جرأة التعري من الأخلاق والتجرد من قواعد الأدب، حتى أضحينا نمسي ونصبح على هذه النوعيات المقيتة من النساء اللاتي ملأن قنوات الفضاء والأرض، وتسيدن الإعلام المطبوع والمقروء بالصور الفاضحة والأشكال الماجنة التي صارت كل مجلة أو صحيفة تنافس الأخريات فيها.
وإن تعجب فعجب هو ادعاؤها خدمة المرأة وقضاياها، ولو كان الأمر كذلك فلماذا لا يكون الغلاف لامرأة مسنة تعاني هي وأمثالها من جمود المجتمع ونكران الجميل، أو لماذا لا تكون تلك الصورة الغلافية لمتسولة مضطرة تحتاج لدراسة حالتها وحالات شبيهاتها، وغير ذلك من النماذج.

ولكن الواقع الأليم جعل من أولئك النساء الغانيات المتبرجات قدوة للأجيال الصاعدة يقلدنهن حذو القدة بالقدة دون فرملة أو تهدئة لهذا الغزو الصاروخي الخلقي الخطير، في ظل غياب البديل الصالح، حتى أضحت الأمهات أنفسهن ينسقن وهن عمياوات لشراء أو تفصيل الأزياء الفاضحة لبناتهن والتي تظهر معظم ما أمر الله بستره، بل أصبحت المباهاة والمفاخرة بمثل هذه الأزياء هي السائدة، فأضحت ترتديها كل الأجيال دون رادع من دين أو حياء، حتى صار زماننا هو زمن (الكاسيات العاريات) ولست أطالب أن تتشح المرأة اليوم بوشاح جدتها الذي لا أدعيه لنفسي، فقد كانت تلك الأيام العصر الذهبي لحياء الأنثى الذي يبدو أنه ولى إلى غير رجعة، ولا نستطيع أن ننادي بعودة الماضي الذي يغلب عليه طابع البراءة ، ولكن ما أحوجنا إلى تحكيم العقل والدين.

بل إننا إذا أمعنا في بحث حدود الحياء الأنثوي المعاصر لم نجده يقف عند حدود الكاسيات العاريات، بل امتد إلى فتنة (المائلات المميلات)، حتى أن الكثيرات من النساء المتعقلات أصبحن يتعاطفن مع الرجل المعاصر الذي بات لا يعلم كيف سيغض طرفه، وأين سيضع عينه، في وسط هذا الطوفان الهادر من تلاشي الحياء الأنثوي لا سيما لدى الأجيال الصاعدة التي يرقبها الأهل ببلادة قريبة من البلاهة، وهم مغيبون عن النتائج الاجتماعية الخطيرة التي تنتهي إليها تلك الانفلاتات اللا محدودة.
...المزيد

تصدرت قصة أوقفوا خطف أطفالنا منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير جدًا في الوطن العربي نظرًا لأنها ...

تصدرت قصة أوقفوا خطف أطفالنا منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير جدًا في الوطن العربي نظرًا لأنها قضية إنسانية لا يمكن اغفالها.

بدأت القصة عندما اختطف أطفال سوريين لاجئين في دولة السويد بحجة حمايتهم من التعنيف حسب مزاعم الدولة السويدية التي تعتبر في التنصيف العالمي على أنها ثالث دولة من حيث الديمقراطية.

ووفقاً لنشطاء التواصل الاجتماعي فإن مكتب الخدمات الاجتماعية المعروف باسم "السوسيال" يخطف الأطفال اللاجئين من أحضان أمهاتهم مهما كانت أعمارهم لأسبط الأسباب.

ويمنح مكتب السوسيال الأطفال السوريين لعائلات سويدية بديلة دون وجه حق ولا أساس شرعي أو قانوني وفق القانون والديمقراطية التي يزعمونها.

قصة أوقفوا خطف أطفالنا
المركز السويدي للمعلومات أشار إلى أن ظاهرة خطف الأطفال في السويد قد ارتفعت كثيراً وبلغت أخر إحصائية للمركز منذ بدء اللجوء إلى السويد حوالي 20 ألف طفل سوري اختطفوا من أحضان أمهاتهم ومنحوا لعائلات أخرى دون وجه حق.

وتداول نشطاء التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لأحد الأطفال السوريين يبكي بحرقة نتيجة الاعتداء على حريته والاعتداء جسدياً من العائلة التي حصلت عليه من مكتب "السوسيال" ويطالب الطفل بإنقاذ حياته واعادته إلى والدته ووالده.

وأمام الظاهرة الخطيرة جداً دشن نشطاء التواصل الاجتماعي هاشتاق أوقفوا خطف أطفالنا وقد تفاعل النشطاء بشكل واسع مع الهاشتاق مطالبين كافة الدولة العربية والإسلامية للتدخل لإنقاذ الأطفال السوريين اللاجئين في السويد.

ودعا النشطاء لوقفة احتجاج أمام البرلمان السويدي يوم الاثنين القادم 7/2/2022 تحت عنوان (أوقفوا خطف أطفالنا- لأن السكوت عار وجريمة)، للضغط على الحكومة السويدية من أجل وضع حد لهذه الممارسات اللا إنسانية.

اوقفوا خطف اطفالنا.jpg


دياب طلال (38 عاماً) لاجئ سوري نشر مقطع فيديو تداوله نشطاء التواصل بشكل كبير حيث قال: أنه يتواجد في دولة السويد منذ أعوام عدة".

وأشار إلى أن مكتب السوسيال السويدي بخطف أطفاله الخمسة، لافتاً إلى أن أحد الأطفال يبلغ من العمر (دقائق واحدة فقط وتم اختطافه من المستشفى) مؤكداً أنه لم يرى الطفل لا هو ولا زوجته.

موقع "تلفزيون سوريا" قال إن عائلة ذياب لجأت إلى لبنان هرباً من الحرب ثم أعيد توطينها في السويد عام 2017، وبعد 8 أشهر استدعي أفراد العائلة إلى التحقيق بسبب شكوى من جيرانهم مفادها ضرب الأم لأحد الأطفال.

وبحجة أن لدى الزوجين "اكتئاب"! ليوضع الأولاد في دار حماية عليها حراسة مشددة ورافقتهم أمهم فقط ولم يثبت أي تعنيف للأطفال على يد والدتهم.

وتمكنت عائلة الأطفال من استصدار قرار يسمح للزوجين برؤية الأطفال الأربعة شهرياً لساعة واحدة فقط بعد أن تم تسليمهم إلى عائلات سويدية لرعايتهم، ومن بينهم طفلة تعاني من متلازمة داون.

اخذوني من حضن أمي
أما طفل "مصطفى الجعمو" ظهر في مقطع فديو نشر على تويتر قال: "أنا من مدينة حلب وجئت مع أهلي عن طريق قوارب الموت في البحر إلى السويد"، مشيراً إلى أن موظفي مكتب السوسيال قاموا بخطفه من عائلته.

وقال الطفل (12 عاماً) وهو يبكي بحرقة "حرموني رؤيتهم أو التواصل معهم عبر التلفون".

وأضاف "لا أستطيع النوم كل يوم لأنني بحاجة لأهلي فأنا لا أساوي شيئاً دونهم".

وتابع الطفل جئنا إلى السويد هرباً من الحرب وأردف ببراءة: “جيت ع السويد بدي كيّف ما كيّفت أخذوني من أمي وأبي شو بدي أعمل".

ويبقى السؤال إلى متى ستبقى معاناة اختطاف اللاجئين السوريين دون تدخل من الجهات الحكومية والعربية والإسلامية التي تدعي الدفاع عن اللاجئين؟.

رابط مختصر
https://shms.ps/p/142080
...المزيد

قاعدة الميمات السبع في التعامل مع الأقدار المؤلمة. مصلح بن زويد العتيبي @alzarige ...

قاعدة الميمات السبع في التعامل مع الأقدار المؤلمة.

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige



بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمدلله موفي الصابرين أجرهم بغير حساب والصلاة والسلام على من أُعطي فشكر وأُبتلي فصبر ؛ أما بعد
فالدنيا دار البلاء وموطن الابتلاء والاختبار ولا يكاد يسلم الإنسان في حياته من أقدار مؤلمة متنوعة أشكالها متفاوتة أحجامها مختلفة أوقاته.
وهذه الأقدار تحتاج من الإنسان تعاملا معينا حتى يكون أثرها عليه نافعا وضررها عنه زائلا .
فإنه إن لم يُحسن التعامل معها خسر دنياه وما يتعلق بها ومن أهمها صحته الجسمية وحالته النفسية وخسر آخرته وما يتعلق بها في معاده ومنزله يوم القيامة .
وقد وضعت هذه القاعدة وسميتها :(قاعدة الميمات السبع في التعامل مع الأقدار المؤلمة) فمن وفُق للتعامل مع الأقدار المؤلمة من خلالها سلم في دنياه وفاز في آخرته .
وإني أسأل الله أن تكون نافعة لي ولمن يقرأها وينشرها وهي سهلة الحفظ وسهلة النشر .

وميمات هذه القاعدة كالتالي :

أولاً / مقدر : كن على يقين من ذلك ؛ صحيح أن القدر المؤلم يعتبر حدثا جديدا في الحياة عند وقوعه لكنه في الحقيقة مقدر من عند الله بيومه وساعته وطريقته من قبل خلق السماوات والأرص ؛ قال تعالى :( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبراها إن ذلك على الله يسير ).

ثانياً / مأجور : وهذا مما يهون على العبد مصيبته حين يعلم أنه مأجور من الله على ما أصابه ؛قال النبي صلى الله عليه وسلم :( عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ ". رواهُ مُسْلِمٌ.

ثالثاً / معوض : فمتى صبر العبد وذكر ما ورد ذكره من الأذكار عند وقوع القدر المؤلم عوضه الله خيرا مما فقد ؛ ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا ، إِلا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا)رواه مسلم .

رابعاً / محبوب : أن يعلم العبد أن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ؛ فلعل هذا القدر المؤلم دليل محبة لك عند الله.

خامساً / محمود : أن يعلم العبد أنه إذا صبر على القدر المؤلم كان محمودا عند ربه وإن لم يصبر والعياذ بالله كان ممقوتاً ؛ ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :( إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ ).

سادساً / ممزوج : فالقدر المؤلم مهما كان مؤلما فإنه ليس شرا محضا ؛ فإن الله لا يقدر شرا محضا ؛ بل في الأقدار المؤلمة من الخير والفضل والرفعة للعبد ما لا يخطر له على بال .
فهي وإن المقدور شرا من وجه فإنه ممزوج بالخيرات من وجوه أخرى .

سابعا / منسي : أن مصائب الدنيا يُنسي بعضها بعضا ، والواقع والتاريخ وتجارب الناس تؤكد أن وقع المصيبة يخف مع مرور الزمن حتى يزول غالب.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(ولهذا قال بعض السلف إما أن تصبر صبر الكرام، وإما أن تسلو سلو البهائم، فالإنسان لابد أن ينسى هذه المصيبة على ممر الزمان، فإذا كان لابد من نسيانها فكونه يصبر صبر الكرام الذي يثاب عليه خير من كونه يتجزع ويتسخط ثم في النهاية يسلو كما تسلو البهيمة).
خاتمة: أسأل الله أن تكون هذه القاعدة نافعة لنا جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مصلح بن زويد العتيبي.
١٤٣٦/١٢/١٣هـ .
...المزيد

سلسلة تزكية النفوس فوائد وثمرات الصلاة أبو أنس العراقي ماجد البنكاني بسم الله ...

سلسلة تزكية النفوس

فوائد وثمرات الصلاة



أبو أنس العراقي ماجد البنكاني


بسم الله الرحمن الرحيم


إنَّ الحمدَ لله نحمَدُه ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أنّ لا إله إلاّ اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسولُه. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران : 102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء : 1]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.
فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وإن شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

فأحببنا أن نقدم للمسلمين فوائد وثمرات الصلاة ، ليكونوا على علم بها ، لأنه من فعل أي عبادة وهو يعلم ما فيها وما تحتوي وما فيها من علم، يكون أكثر أجرا من غيره، لتدبره بها، وعلمه بها.
والله أعلم .
ونبد أ على بركة الله .


من ثمرات الصلاة (1)
اعلم ؛ لكلِّ شيءٍ ثمرةً، ولا يرتفع شأنه إلا بقدرِ نضوج ثمرته وحسن جودتها، ويقاس العمل الناجح بقدر إتقانه، وبقدر الفوائد المترتبة، هذا في أمور الدنيا، فكيف بأمور الآخرة، يجب على العبد أن يكون أشدَّ حرصًا واهتمامًا بزرعه؛ لكي يحصد ثمرته راضيًا مطمئنًّا.
ولن تَجنِي ثمارَك الدنيوية والأخروية، ولن تتلذذ بصلاتك إلا إذا أتقنتَها، وقمتَ بها حقَّ القيام، والتزمتَ بشروطها وأركانها وواجباتها، واجتنبت مكروهاتها ومُبْطِلاتها، وخشعتْ فيها، وخضعتْ لربِّك، واستسلمتَ لخالقِك فيها، ونبذتَ عَلائق الدنيا وراء ظهرك عند دخولك بيت ربِّك، وقهرت عدوَّك إبليس باطمئنانِك

من ثمرات الصلاة (٢)
الصلاة تتكون من شروط وأركان وواجبات وسنن.
الشروط : إذا اختل شرطاً من الشروط ولم تأت به فلا تصل الصلاة وتكون باطلة .يس
الأركان : وإذا اختل ركناً ولم تأت به كاملاً بطلت الركعة .
الواجبات : وإذا اختل واجب ولم تأت به تجبره بسجدتي سهو .
السنن : وسنن الصلاة إذا أتيت بها تؤجر وإذا لم تأت بها فليس عليك شئ . والله أعلم

من ثمرات الصلاة (٣)
أوجب الله تعالى الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل خمس صلوات في اليوم والليلة يؤديها على طهارة، فيقف بين يدي ربه كل يوم طاهراً خاشعاً، متذللاً، يشكر الله على نعمه الإسلام.
ولا يجوز ترك الصلاة، أو التهاون بها، قال صلى الله عليه وسلم: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة".رواه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه احمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه

من ثمرات الصلاة (٤) شروط الصلاة
الشرط الأول : دخول الوقت .
الشرط الثاني : ستر العورة ، فمن صلى وهو كاشف لعورته ، فإن صلاته لا تصح . الشرط الثالث والرابع : الطهارة ، وهي نوعان : طهارة من الحدث ، وطهارة من النجس . الشرط الخامس : استقبال القبلة
الشرط السادس : النية ، فمن صلى بلا نية فصلاته باطلة . والشروط الستة السابقة ، إنما هي خاصة بالصلاة ، ويضاف إليها الشروط العامة في كل عبادة ، وهي : الإسلام ، والعقل ، والتمييز .
فعلى هذا ، تكون شروط صحة الصلاة إجمالاً تسعة
الإسلام ، والعقل ، والتمييز ، ورفع الحدث ، وإزالة النجاسة ، وستر العورة ، ودخول الوقت ، واستقبال القبلة ، والنية . والله أعلم

من ثمرات الصلاة (٥)
أركان الصلاة، وهي أربعة عشر ركناً:
1- أحدها القيام في الفرض على القادر . 2- تكبيرة الإحرام وهي الله أكبر . 3- قراءة الفاتحة . 4- الركوع. 5- الرفع منه . 6- الاعتدال قائما . 7- السجود. 8- الرفع من السجود . 9- الجلوس بين السجدتين. 10- الطمأنينة وهي السكون في كل ركن فعلي . 11- التشهد الأخير . 12- الجلوس له وللتسليمتين . 13- التسليمتان. 14- ترتيب الأركان كما ذكرنا ، فلو سجد مثلا قبل ركوعه عمدا بطلت ، وسهواً لزمه الرجوع ليركع ثم يسجد .

من ثمرات الصلاة (٦)
واجبات الصلاة ، وهي ثمانية ، كما يلي :
1- التكبير لغير الإحرام . 2- قول : سمع الله لمن حمده للإمام وللمنفرد . 3- قول : ربنا ولك الحمد . 4- قول : سبحان ربي العظيم مرة في الركوع . 5- قول : سبحان ربي الأعلى مرة في السجود . 6- قول : رب اغفر لي بين السجدتين . 7- التشهد الأول . 8- الجلوس للتشهد ص

من ثمرات الصلاة (٧)
سنن الصلاة القولية، إحدى عشرة سنة:
1- قوله بعد تكبيرة الإحرام : " سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك " أو غيره، ويسمى دعاء الاستفتاح .
2- التعوذ . 3- البسملة . 4- قول : آمين . 5- قراءة السورة بعد الفاتحة . 6- الجهر بالقراءة للإمام . 7- قول غير المأموم بعد التحميد : ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد . (والصحيح أنه سنة للمأموم أيضاً) . 8- ما زاد على المرة في تسبيح الركوع . أي التسبيحة الثانية والثالثة وما زاد على ذلك . 9- ما زاد على المرة في تسبيح السجود . 10- ما زاد على المرة في قوله بين السجدتين : رب اغفر لي .11- الصلاة في التشهد الأخير على آله عليهم السلام ، والبركة عليه وعليهم ، والدعاء بعده .

من ثمرات الصلاة (٨)
سنن الصلاة الفعلية، تسمى الهيئات:
1- رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام . 2- وعند الركوع . 3- وعند الرفع منه . 4- وحطهما عقب ذلك . 5- وضع اليمين على الشمال . 6- نظره إلى موضع سجوده . 7- تفرقته بين قدميه قائما . 8- قبض ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع في ركوعه ، ومد ظهره فيه ، وجعل رأسه حياله . 9- تمكين أعضاء السجود من الأرض

من ثمرات الصلاة (٩)
10- مجافاة عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، وتفريقه بين ركبتيه ، وإقامة قدميه ، وجعل بطون أصابعهما على الأرض مفرقةً ، ووضع يديه حذو منكبيه مبسوطة. 11- الافتراش في الجلوس بين السجدتين ، وفي التشهد الأول ، والتورك في الثاني . 12- وضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الأصابع بين السجدتين ، وكذا في التشهد إلا أنه يقبض من اليمنى الخنصر والبنصر ويحلق إبهامها مع الوسطى ويشير بسبابتها عند ذكر الله . 13- التفاته يمينا وشمالا في تسليمه .

من ثمرات الصلاة (١٠)
أفضل القربات، فليس هناك عمل يُتقرب به إلى الله أحب منها، في الحديث القدسي: «وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما أفترضه عليه». رواه البخاري،
منهاة عن الإثم، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [سورة العنكبوت: 45

من ثمرات الصلاة (١١)
الصلاة مكفرة للسيئات، ولم يخص الله عملاً من الأعمال فجعله مكفراً للذنوب كما هو حاصل في الصلاة، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}.سورة هود: 114.
أنها مطردة للداء من الجسد،
ومن ثمرات الصلاة نزول الرحمات على العبد مادام في صلاته حتى ينصرف، وحفوف الملائكة به.


من ثمرات الصلاة (١٢)
الصلاة من أسباب الرزق، قال تعالى: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب). سورة آل عمران
وحصول الذرية، قال تعالى: فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ). سورة آل عمران.

من ثمرات الصلاة (١٣)
الاستعانة بالصلاة من أسباب تفريج الكرب والمحن، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). سورة البقرة
وكان رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة
وروي أن ابن عباس نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع ثم تنحَّى عن الطريق، فأناخ فصلّى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِين).سورة البقرة

من ثمرات الصلاة (١٤)
في الصلاة رفع الدرجات، ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم.
الصلاة من أعظم الأسباب في رفع الدرجات: قال صلى الله عليه وسلم: «فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة» [رواه مسلم]،
ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم لربيعه لمَّا طلب مرافقته في الجنة: «أعني على نفسك بكثرة السجود» [رواه النسائي وصححه الألباني].


من ثمرات الصلاة (١٥)
ومن ثمرات الصلاة أنه من دخل النار من المؤمنين، فإنها لا تصيب مواضع السجود من المصلين خاصة،ولا يوجد هذا في سائر الأعمال، وعلل الرسول صلى الله عليه وسلم عدم إحراق النار مواقع السجود، كما ورد ذلك في صحيح البخاري في فضل السجود، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وحرَّم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود». وفي رواية لمسلم: «إن أقواماً يخرجون يحترقون إلا دارات وجوههم».

من ثمرات الصلاة (١٦)
من ثمرات الصلاة: من صلى الفريضة في المسجد، له أجر الحاج المحرم ،ومن صلى الضحى في المسحد له أجر عمرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من خرجَ من بيتِه متطَهرًا إلى صلاةٍ مَكتوبةٍ فأجرُه كأجرِ الحاجِّ المُحرِمِ ومن خرجَ إلى تسبيحِ الضُّحى لا ينصِبُه إلَّا إيَّاهُ فأجرُه كأجرِ المعتمرِ وصلاةٌ على إثرِ صلاةٍ لا لغوَ بينَهما كتابٌ في علِّيِّين". صحيح الترغيب ومشكاة المصابيح

من ثمرات الصلاة (١٧)
من حافظ على صلاة الفجر والعصر يكون ذلك من أسباب رؤية الله تعالى يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم- أنهم يرونه يوم القيامة عيانا كما يرون الشمس صحوة ليس دونها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، هذا حق، عند أهل السنة والجماعة،ثم قال صلى الله عليه وسلم: (فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا)، يعني صلاة العصر وصلاة الفجر، ذكر أهل العلم أن السر في ذلك أن من حافظ عليهما يكون ممن ينظر إلى الله بكرة وعشيا، ينظر إلى الله بكرة وعشيا، في الجنة .

من ثمرات الصلاة (١٨)
الصلاة أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله .
لحديث عبد اللَّه بن مسعود رضى الله عنه قال: سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة لوقتها" قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: "برّ الوالدين" قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: "الجهاد في سبيل اللَّه". متفق عليه: البخاري، برقم 7534، ومسلم، برقم 85.
فهي أفضل الأعمال بعد الشهادتين.

من ثمرات الصلاة (١٩)
الصلاة من أعظم أسباب دخول الجنة برفقة النبي صلى الله عليه وسلم، لحديث ربيعة بن كعب الأسلمي رضى الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: "سَلْ" فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: "أو غير ذلك؟" قلت: هو ذاك، قال: "فأعني على نفسك بكثرة السجود". مسلم، برقم 489.

من ثمرات الصلاة (٢٠)
تكفر ما قبلها من الذنوب؛ لحديث عثمان رضى الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يأتِ كبيرة، وذلك الدهر كلّه". مسلم، برقم 228.

من ثمرات الصلاة (٢١)
ومن ثمرات الصلاة: المشي إليها تكتب به الحسنات وترفع الدرجات وتحط الخطايا؛ لحديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "من تطهَّر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت اللَّه؛ ليقضي فريضة من فرائض اللَّه، كانت خَطْوَتاه إحداهما تحطُّ خطيئة، والأخرى ترفع درجة".مسلم، برقم 666.

من ثمرات الصلاة (٢٢)
نور لصاحبها في الدنيا والآخرة؛ لحديث عبداللَّه ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر الصلاة يومًا، فقال: "من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأبيّ بن خلف".
أخرجه الإمام أحمد في المسند، 11/141، والدارمي، 2/301، صحيح الترغيب والترهيب

من ثمرات الصلاة (٢٣)
ومن ثمرات الصلاة : انتظارها رباط في سبيل اللَّه؛ لحديث أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أدلكم على ما يمحو اللَّه به الخطايا ويرفع به الدرجات))؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط". رواه مسلم، برقم 251.

من ثمرات الصلاة (٢٤)
تكفّر السيئات؛ لحديث أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر". مسلم، برقم 233.

من ثمرات الصلاة (٢٥)
ومن ثمراتها: يغفر اللَّه بها الذنوب فيما بينها وبين الصلاة التي تليها؛ لحديث عثمان - رضى الله عنه - قال: سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء، فيصلي صلاة إلا غفر اللَّه له ما بينه وبين الصلاة التي تليها". مسلم، برقم 227.

من ثمرات الصلاة (٢٦)
من سُبِق بها وهو من أهلها فله مثل أجر من حضرها؛ لحديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه اللَّه عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئًا".أبو داود، برقم 564، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1 /113.

من ثمرات الصلاة (٢٧)
تغسل الخطايا؛ لحديث جابر رضى الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ غمرٍ على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات". مسلم، برقم 668.

من ثمرات الصلاة (٢٨)
تُصلّي الملائكة على صاحبها ما دام في مُصلاّه، وهو في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عن: عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الملائكة يُصلُّون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللَّهم ارحمه، اللَّهم اغفر له، اللَّهم تب عليه، ما لم يؤذِ فيه، ما لم يحدث فيه". متفق عليه: البخاري، برقم 2119، ومسلم، برقم 649.


من ثمرات الصلاة (٢٩)
عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ قال: (إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب) رَوَاهُ مُسلِمٌ.

من ثمرات الصلاة (٣٠)
يعرف النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة من آثار الوضوء .
في الحديث: أتى المقبرة فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا) قالوا: أوَلَسْنَا إخوانك يا رَسُول اللَّه قال: (أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد) قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رَسُول اللَّه قال: (أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر مُحَجَّلَة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله ) قالوا: بلى يا رَسُول اللَّهِ. قال: (فإنهم يأتون غراً مُحَجَّلِين من الوضوء، وأنا فُرُطُهم على الحوض) رَوَاهُ مُسلِمٌ

من ثمرات الصلاة (٣١)
عن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي قال: (ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وزاد الترمذي: (اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين).


من ثمرات الصلاة (٣٢)
من ثمرات الصلاة محو الخطايا ورفع الدرجات.
عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ

قال: (ألا أدلكم على ما يمحو اللَّه به الخطايا، ويرفع به الدرجات ) قالوا: بلى يا رَسُول اللَّهِ. قال: (إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط، فذلكم الرباط) رَوَاهُ مُسلِمٌ.

من ثمرات الصلاة (٣٣)
من ثمراتها: صلاة الليل شرف المؤمن .
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أتاني جبريل فقال: يا محمد ! عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس» رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني


من ثمرات الصلاة (٣٤)
من ثمرات الصلاة، صلاة الضحى تجزئ عن الصدقات .
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى ) رواه مسلم (1181) .

من ثمرات الصلاة (٣٥)
ثمان ركعات تبعدك عن النار .
يستحب صلاة أربع ركعات قبل صلاة الظهر ، وأربع بعدها ، فقد روى النسائي (1817) والترمذي (428) عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ".
ولفظ الترمذي: "مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ". صححه الألباني في صحيح النسائي .
وهذه الركعات ليست شيئاً آخر غير السنة الراتبة لصلاة الظهر ، بل هي السنة الراتبة .


من ثمرات الصلاة (٣٦)
عمل ثوابه بناء بيت في الجنة
سـد الفُـرَج فـي صفـوف الصـلاة:
إذا كان هناك فرجة بينك وبين الشخص الذي بجانبك في الصلاة، وألصقت قدمك بقدمه، يكون الثواب بناء لك بيت في الحنة باذن الله
قـال النبي صلـى اللـه عليـه وسلـم:
"من سد فرجة بنى الله له بيتاً في الجنة ورفعه بها درجة"●السلسلة الصحيحة

من ثمرات الصلاة (٣٧)
‏رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا
‏عَنْ ‏‏ابْنِ عُمَرَ ‏قَالَ ‏: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا" . أخرجه أبو داود (1271) ، والترمذي (430) ، وأحمد (2/117) .
فاحرص على هذه الركعات لتنالك الرحمات باذن الله.

من ثمرات الصلاة (٣٨)
‏ومن ثمرات الصلاة: انها تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ، وهي منهاة عن الإثم .
قال تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ). العنكبوت ٤٥
المحافظة على الصلاة تنهى صاحبها عن الوقوع في المعاصي والمنكرات; وذلك لأن المقيم لها, المتمم لأركانها وشروطها, يستنير قلبه, ويزداد إيمانه, وتقوى رغبته في الخير, وتقل أو تنعدم رغبته في الشر .

من ثمرات الصلاة (٣٩)
الذي يحافظ على صلاة الضحى من الأوابين أ ي العائدين والتائبين إلى الله .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، وهي صلاة الأوابين" رواه ابن خزيمة ، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"(1/164) .

من ثمرات الصلاة (٤٠)
ركعتان أجرها حجة وعمرة .
الذيمن صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة و عمرة تامة تامة تامة". صحيح الجامع

من ثمرات الصلاة (٤١)
أربع ركعات أول النهار يحفظك الله
عن نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ ، لَا تَعْجِزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ ). صحيح الجامع (4339)
ومعنى قوله : ( أَكْفِكَ آخِرَهُ ) أي : أنه يكون في حفظ الله تعالى ، فيحفظه من شر ما يقع في آخر هذا اليوم مما يضره في دينه أو دنياه .
قال العراقي : " يحتمل كفايته من الآفات أو من الذنوب"..قوت المغتذي على جامع الترمذي(1/ 202)
هي الضحى وتكون هذه الصلاة ركعتين ركعتين.

من ثمرات الصلاة (٤٢)
فضلا عن أن الصلاة نور وطهور إنها تبعث في النفس السرور , فالنفس لاتسع والقلب لايكمئن إلا بالاتصال بالله ... قال تعالى:﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾.سورة طه 14
وقال:﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾. سورة الرعد28 وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة وكان يقول: (( ارحنا بها يا بلال ))

من ثمرات الصلاة (٤٣)
الصلاة مانعة من القتل
في صحيح البخاري (قام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار، فقال يا رسول الله اتق الله،
قال: «ويلك، أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله» قال: ثم ولى الرجل،
قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: «لا، لعله أن يكون يصلي»
فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم»
قال: ثم نظر إليه وهو مقف، فقال: «إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»، وأظنه قال: «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود).
وهذا عندما يظهرون تكفير المسلمين وقتالهم فلا بد من كف شرهم بقتلهم.

من ثمرات الصلاة (٤٤)
الصلاة مانعة من الكفر
بين العبد والكفر ترك الصلاة ،
فمن أقام الصلاة فهو من المسلمين.
قال الله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين). التوبة 11
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". رواه مسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه احمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

من ثمرات الصلاة (٤٥)
الصلاة من أسباب دخول الجنة بسلام .
قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه:
"لما قدم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم المدينةَ جئتُ فلما تبينتُ وجههُ عرفتُ أنَّ وجههُ ليس بوجهِ كذابٍ فكان أولُ ما قال يا أيها الناسُ أفشوا السلام وأطعِموا الطعامَ وصِلوا الأرحامَ وصلُّوا بالليلِ والناسُ نيامٌ تدخلوا الجنَّةَ بسلامٍ". صحيح الترمذي، ومشكاة المصابيح .

من ثمرات الصلاة (٤٦)
اختصام الملأ الاعلى
أتاني الليلة آت من ربي وفي رواية رأيت ربي في أحسن صورة فقال لي يا محمد قلت لبيك وسعديك قال هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أعلم فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو قال في نحري فعلمت ما في السموات وما في الأرض أو قال ما بين المشرق والمغرب قال يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت نعم في الدرجات والكفارات ونقل الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في السبرات وانتظار الصلاة بعد الصلاة .." صحيح الترغيب

من ثمرات الصلاة (٤٧)
وإن من ثمرات الصلاة أنها السبب لحدوث السجود يوم القيامة عندما يمتاز المؤمنون عن المنافقون، فمن سجد لله في الدنيا وحافظ على الصلاة فيها، وسجد لله رغبة ورهبة سجد لله يوم القيامة، ومن لم يسجد هنا لم يسجد هناك، وهذا يؤيد قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [سورة القلم: 42]، فعلل سبحانه منعهم من السجود مع قدرتهم بقوله تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[سورة القلم: 43]، فلما تركوا الصلاة في الدنيا، وامتنعوا عنها مع صحتهم وسلامتهم، عوقبوا يوم القيامة بعدم قدرتهم على السجود، فكل من سجد لله كاذبا أو رياءً أو سمعة يصبح ظهره يوم القيامة طبقة واحدة، كلما أراد السجود خرَّ على قفاه، ذكره البخاري رحمه الله.

من ثمرات الصلاة (٤٨)
ومن ثمرات الصلاة، السنن الرواتب، من صلاها بنى الله له بيتاً في الجنة
فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة.

من ثمرات الصلاة (٤٩)
ومن ثمرات الصلاة،من صلى الفجر والعصر دخل الجنة
عن أبي موسى الأ‌شعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن صلى البَرْدين، دخل الجنة))؛ متفق عليه.
البردان: هما صلا‌ة الفجر وصلاة العصر؛ وذلك لأ‌ن صلا‌ة الفجر تقع في أبرد ما يكون من الليل، وصلا‌ة العصر تقع في أبرد ما يكون من النهار بعد الزوال، مَن صلا‌هما دخل الجنة، يعني أن المحافظة على هاتين الصلا‌تين وإقامتهما من أسباب دخول الجنة .

من ثمرات الصلاة (٥٠)
أكثر الناس أجراً أبعدهم ممشى للصلاة
عنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلاةِ أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشًى فَأَبْعَدُهُمْ ) رواه مسلم (662 ) .
فهذا الحديث وما قبله دليل على فضل المنزل البعيد عن المسجد ؛ لحصول كثرة الخُطَا الذي من ثمرته حصول الثواب , وكثرتها تكون ببعد الدار , كما تكون بكثرة التردد إلى المسجد .

من ثمرات الصلاة (٥١)
ومن ثمرات الصلاة خطوة تمنح حسنة وأخرى تمحو سيئة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً , وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً ) رواه مسلم (666) .

من ثمرات الصلاة (٥٢)
ومن ثمرات الصلاة الحركات التي يقوم بها المصلي، سواء في قيام الليل، أو داخل الصلاة، أو في الذهاب إلى المسجد.
حيث اكتشف الأطباء حديثاً أن الجلطات التي تصيب الانسان تكون في أوقات مابين الرابعة والسادسة فجراً .
وقالواإذا تحرك الانسان في هذا الوقت ينشط ولا تصيبه الجلطة.
وهذا في قيام الليل والمشي إلى صلاة الفجر.
وبهذا تمت الفوائد ولله الحمد والمنة ، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.


سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وكتب
ماجد بن خنجر البنكاني
أبو أنس العراقي
19/شعبان/1438هـ .
15/5/2017م
...المزيد

هناك من يستغل المواقف الشاذة للفتنة بين إخوة الدين والعروبة فالنحذر اشد الحذر

هناك من يستغل المواقف الشاذة للفتنة بين إخوة الدين والعروبة فالنحذر اشد الحذر

ولو لم تكن من أهل العلم فشارك بنشر أهل العلم وثبّت إخوانك المصلحين ولاتذرهم في الساحة يكابدون ...

ولو لم تكن من أهل العلم فشارك بنشر أهل العلم وثبّت إخوانك المصلحين ولاتذرهم في الساحة يكابدون المنكرات وحدهم

الطلاق .. وأسباب انتشاره حسين بن سعيد الحسنية @hos3030 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد ...

الطلاق .. وأسباب انتشاره

حسين بن سعيد الحسنية
@hos3030


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده وبعد ,,
الخطبة الأولى :-
فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل : " وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " , ومن تفكّر المؤمن في مشروع الزواج ما جعل الله فيه من المودة والرحمة وما يتبع ذلك من الاطمئنان الروحي والاستقرار النفسي والتناغم الأسري بين أفراد الأسرة الواحدة وتربية النشء التربية الإسلامية الصحيحة , بل سمّاه الله تعالى في كتابه الكريم بالميثاق الغليظ لعظم شأنه وعلو منزلته في الإسلام قال تعالى : " وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا "
وتلكم نعم جليلة من مسدي النعم جل وعلا يجب على المؤمن أن يشكره عليها , وأن يسعى جاهداً على أن يقف موقفاً حازماً ضد كل من يعبث باستقرار أسرته أو يخطط لهدم بيته بأي وسيلة كانت , وهذا واجب شرعي أمر به الله جل وعز فقال : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "
وإن من الأخطار التي تهدد الأسر المسلمة (الطلاق) فهو مشكلة أسرية عظيمة , بسببها تفرقت الأسر , وتهدّمت البيوت , وضاعت الذريّة , وقطعت الأرحام , وكثرت الآثام , وانعدمت الرحمة والشفقة عند كثير من الآباء والأمهات , وبدلاً من أن يكون الطلاق حلاً للمشكلات الكبيرة والتي استعصت على الأزواج والزوجات أن يجدوا لها حلاً إلا الطلاق أصبح هو الطريقة التي يستخدمها أصحاب الأيدي العابثة والأفكار المنحرفة والأساليب المتهورة , أولئك الذين لا يدركون القيم والمبادئ التي شرع من أجلها الزواج , ولا يضبطون تصرفاتهم ولا أخلاقهم عند حصول الاختلافات والإشكالات بينهم وبين زوجاتهم , فتراهم لا يحلفون إلا بالطلاق , ويهددون بالطلاق , حتى تفشّى هذا الخطر في مجتمعنا المسلم وانتشر (والله المستعان) , ففي إحصائية وزارة العدل لعام 1437هـ بلغ عدد صكوك الطلاق في السعودية أربعون ألفاً وثلاثمائة وأربعة وتسعون صكاً , وهي إحصائية كبيرة ولا شك في ذلك .
وإن من أسباب انتشار مشكلة الطلاق عدم استشعار بعض الأزواج أهمية هذا المشروع العظيم والميثاق الغليظ وهو الزواج , فهم يعتبرونه للوطء والجماع وتفريغ الشهوة وحسب , ولا يلتفتون أبداً لكونه موضعاً للرحمة والمودة , ومحلاً للاطمئنان والسكينة , ومحضناً للتربية وصناعة الأجيال .
ومن أسباب حصول الطلاق الخطأ الفادح في اختيار الزوج لزوجته واختيار الزوجة لزوجها , فالزوج قد يبحث عن الجمال أو المال أو الحسب والنسب ولا يأخذ في كامل اعتباراته صلاح المرأة وتقواها لربها واستقامتها على دينها , وقد حرّص الشارع الحكيم على حسن اختيار الزوج لزوجته لتدوم العشرة وتبقى المودة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " , وولي المرأة أو المرأة قد يبحثون عن الزوج الغني أو صاحب المنصب ويتغافلون عن دينه وأخلاقه التي تعينه على أن يكون زوجاً ناجحا في قيادته لأسرته وقوامته عليهم وهنا أيضاً وجه الشارع الحكيم بأن على ولي المرأة والمرأة أن يقبلوا بالزوج المتديّن صاحب الأخلاق الكريمة , عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ؛ فَزَوِّجُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ "
ومن أسباب حصول الطلاق – الغضب - وهو الشر المتكرر من كثير من الأزواج الذين لا يضبطون أعصابهم ولا يتحكمون في تصرفاتهم ولا يزنون كلماتهم , فتجد أحدهم من أدنى زلة أو أصغر خطأ من زوجته يرعد ويزبد ويجلجل ويولول ثم يدوّي أسماع أفراد أسرته بالطلاق , فإذا حُلّ من عِقَال الغضب وانفك من حالته تلك وعاد إلى عقله تألم وتحسّر وضاع وضاعت زوجته وذريته وبدأ يبحث عن حل للعودة أو فتوى للرجوع وقد لا ينفع الندم ولا يكون الرجوع , فاحذروا معاشر الأزواج من الغضب , وأكثروا من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم , وإذا كرهت أيها الزوج من زوجتك شيئاً فاعلم أن هناك فيها من الحسنات والإيجابيات الشيء الذي لا يخفى عليك لو أنك سعيت في اكتشافه والتركيز عليه , قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَفْرَكْ [أَيْ لاَ يُبْغِضْ] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ "
ومن أسباب حصول الطلاق أيضاً تهاون الأزواج في مسألة الحقوق المتبادلة بينهم فالزوج مثلاً كثير الانشغال عن بيته , دائم البعد عن زوجته وذريته , متعجرف في تعامله معهم , متكبر عن تواصله معهم , فلا رحمة ولا ملاطفة ولا مداعبة ولا مساهمة , فيكسر قلب زوجته بقسوته وجموده , ويولد الكراهية في قلوب أبناءه بتعاليه وصدوده , كل ذلك لمّا ضيّع حقوقهم , وأهان وجودهم , وهمّش كياناتهم , والله تعالى يقول : " وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ " وخَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهُمْ لأَهْلِهِ , كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي" .
والزوجة أيضاً قد تضيّع حقوق زوجها عليها بتخَلِيها عن دورها الهام داخل البيت فلا رعاية للزوج ولا اهتمام بالبيت والأولاد , بل قد تتمرد بعصيانها لزوجها وخروجها عن طاعته , وقد تُخِل في ما حمّلها الله من أمانة ومسؤولية , قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا ، وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا " .
ومن أسباب حصول الطلاق أيضاً دخول طرف ثالث بين الزوجين بهدف الإفساد بينهما , وهنا لابد على الزوجين أن لا يقيما أحداً لوجود مشكلة بينهما مهما كان قبل أن يعرفا مقصده أو يقيما ذو علم وخبرة وصلاح ليعالج ما أشكل بينهما .
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب .

الخطبة الثانية :
الحمد لله وحده وبعد ,,
أيها الزوج الذي يريد أن يطلق زوجته : كيف هي حياتك بعدها ؟ وكيف سيكون أبناءك وبناتك ؟ وإلى أي مآل ستتجه حياتك واهتماماتك ؟ فالله الله في الحكمة والصبر , والتدرج في معالجة الأمور قال تعالى : " وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا " واحذر من الغفلة والغضب التي توردك موارد الندم والحسرة .
أيتها الزوجة التي تريد الطلاق : استشعري ما هو حالك بعد أن تفقدي نعمة الزوج , سيئول للعنوسة والوحدة والانطواء فقد لا يقدر الله لك زواجا آخراً , واصبري على علّات زوجك واحتسبي الأجر على ذلك , وانظري إلى مواطن الإيجابية فيه , واحذري أن تطلبي منه الطلاق من غير سبب واضح فذلك ذنب عظيم وعقوبته عظيمة عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ "
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

حسين بن سعيد الحسنية
02/07/1438هـ
...المزيد

هل تعرف معنى كلمة (كريسماس) و(بابا نويل) ؟! هاني الشيخ جمعة سهل (*) [email protected] مظاهر ...

هل تعرف معنى كلمة (كريسماس) و(بابا نويل) ؟!

هاني الشيخ جمعة سهل (*)
[email protected]


مظاهر يعتصر لمرآها الفؤاد ، ويتفطر لرؤيتها القلب ، وأنت ترى فئاماً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، أحفاد سعد والمثنى وخالد ، وهم يتراشقون بالبيض ، ويتقاذفون علب المياه ، ويسكبون على بعضهم الحليب ، ويتبادلون الهدايا الحمراء وتماثيل (بابا نويل) ، احتفالاً برأس السنة الميلادية ، أو بعيد الكريسماس ، في مشهد صارخ ينم عن تبعية مهينة للغرب ، وانهزام نفسي ، واستعباد فكري ، وذل حضاري ، وخنوع قيمي ، وضياع للمبادئ ، وتحقيق دقيق للحديث النبوي [حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه]

أكثر المسلمين الذين يحتفلون بهذه الأعياد (الخاصة بالنصارى) ويتبادلون معهم التهاني ، بل ويشاركونهم في إظهار الفرح والسرور ، أكثر هؤلاء لا يعرفون حقيقة هذه الأعياد ، ولا يدركون خطورة المعتقدات التي بنيت عليها وأقيمت من أجلها هذه الاحتفالات.

ولعلنا نقف مع (عيد الكريسماس) في سطور قليلة نعرف من خلالها معنى هذه الكلمة ومدلولاتها عند النصارى ، وأصولها العقدية ، حتى تتبين للمسلم خطورة الأمر وفداحة الخطب .

الكريسماس [Christmas] هو عيد يحتفل فيها النصارى بعيد ميلاد يسوع ، أي: بعيد (ميلاد الرب) عند أحد مذاهبهم ، أو بعيد (ميلاد ابن الرب) عند مذهبهم الثاني

والاحتفال يكون عن طريق تقديم الهدايا ، وتبادل التهاني ، وظهور (بابا نويل) الذي يسمى في بعض الدول (سانتا كلوز) وشجرة عيد الميلاد .. إلى آخر تلك المظاهر المليئة بالانحرافات العقدية.
وأما أصل كلمة كريسماس [Christmas] فهو اختصار اسم عيد الميلاد "X mas" لان الحرف الروماني "X" الذي يشبه الحرف اليوناني "X" الذي هو "chi" أي مختصر لاسم المسيح (Χριστός) (خريستوس)

وكلمة Christmas مكونة من مقطعين : المقطع الأول هو Christ ومعناها: (المخلِّص) وهو لقب للمسيح ، المقطع الثاني هو mas وهو مشتق من كلمة فرعونية معناها (ميلاد) مثل (رمسيس) معناها (ابن) وأصلها [(رع) أو (را) – مسيس] ، وجاءت هذه التسمية بسبب التأثير الديني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في القرون الأولى

وللعلم فالأناجيل المختلفة -القديم منها والجديد بطبعاتها المنقحة والمزيدة- مختلفة في التاريخ الصحيح لميلاد الرب أو ميلاد يسوع علي حسب زعمهم ، ولكنهم اختاروا يوم الخامس والعشرين من ديسمبر للاحتفال بولادته وإظهار الفرح بذلك .

فهل يعقل أن يحتفل معهم مسلم بهذا العيد وهم يعتقدون أن الله قد ولد في هذا اليوم والعياذ بالله من هذا الكفر؟!
كلنا نحفظ الآية المحكمة : ( لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد) فهل يرضى أحد أن يحتفل معهم وهم يعتقدون ذلك في الله سبحانه وتعالى ؟

أما بابا نويل [Papa Noel] والذي يسمى عند البعض (سانتا كلوز) [Santa Claus] فهو شخصية خرافية ترتبط بعيد الميلاد ، توجد عند النصارى ، وهي معروفة غالباً بأنها رجل عجوز ضحوك وسعيد دائماً ، يرتدي بزة يطغى عليها اللون الأحمر ، وبأطراف بيضاء ، وتغطي وجهه لحية ناصعة البياض، وكما هو مشهور في قصص الأطفال فإن بابا نويل يعيش في القطب الشمالي مع زوجته السيدة كلوز، وبعض الأقزام الذين يصنعون له هدايا الميلاد ، والأيائل التي تجر له مزلاجته السحرية، ومن خلفها الهدايا ليتم توزيعها على الأولاد أثناء هبوطه من مداخن مدافئ المنازل أو دخوله من النوافذ المفتوحة وشقوق الأبواب الصغيرة.

وتكمن المصيبة التي لا يعرفها الكثير من المسلمين في أن قصة (سانتا كلوز) مأخوذة من قصة القديس (نيكولاس) وهو أسقف (ميرا) وقد عاش في القرن الخامس الميلادي، وكان القديس نيكولاس يقوم أثناء الليل بتوزيع الهدايا للفقراء ولعائلات المحتاجين دون أن تعلم هذه العائلات من هو الفاعل، وصادف وأن توفي في ديسمبر.

أما الشكل الشائع لسانتا كلوز الحالي فهو من ابتكار شركة كوكاكولا ؛ إذ استعملت هذه الصورة في إحدى الإعلانات لمنتجاتها

إذا عرفنا حقيقة الكريسماس وأصل شخصية (بابا نويل) وارتباط ذلك ارتباطاً وثيقاً بالعقيدة النصرانية الباطلة ، فلا عجب بعد هذا كله أن ينقل الإمام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله الاتفاق على حرمة تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم حيث قال رحمه الله تعالى :
(وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول : عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه .

وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ، وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات ، وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء ؛ تجنباً لمقت الله وسقوطهم من عينه) [أحكام أهل الذمة : 1/441-442]
وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي من الحنفية فقال: من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى .

ومن صور الاحتفال التي يفعلها –للأسف- بعض المسلمون :
التهنئة بالعيد بشكل مباشر أو عن طريق رسائل الجوال أو منشورات الفيس بوك ، وتبادل الهدايا ، خصوصاً ما احتوى منها على رمزيات العيد كألعاب بابا نويل أو تماثيل شجرة الميلاد، وإعطاء العاملين عطلة رسمية في البلد ، وإظهار الفرح والسرور بالعيد من خلال الألعاب النارية أو الخروج للمنتزهات في ذلك اليوم ، أوتزيين المنازل وإنارتها بالألوان ، أوشراء الحلوى للأطفال ، أو اصطحابهم لمحلات الألعاب ، أوتقليد عادات النصارى في العيد كالتراشق بالبيض أو سكب الماء أو اللبن ، إلى غير ذلك من الصور .

نسأل الله تعالى أن يهدي شباب المسلمين وفتياتهم إلى اتباع سنة محمد صلى الله عليه وسلم ، والاعتزاز بدينهم وعقديتهم ، وأن يخلصهم من هذه التبعية المقيتة لأعداء الله ، إنه سميع مجيب
...المزيد

قبل أن تحلَّ اللعنة‍ !‍‍‍‍‍! الشيخ فيصل الشدي الحمد لله مُحدث الأكوان والأعيان ، ومبدع ...

قبل أن تحلَّ اللعنة‍ !‍‍‍‍‍!

الشيخ فيصل الشدي


الحمد لله مُحدث الأكوان والأعيان ، ومبدع الأركان والأزمان ، يتشرف بذكره اللسان ، ويطمئن بحمده وتسبيحه الجنان ، وأشهد أن لا إله حق غيره المقصود في كل شان ، المستعان في كل حين وآن ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بُعث بالإيمان وأُيد بالقرآن ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحابته خير صحب وآل والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد:
سراديب الظلمات في هذه الزمان كثيرة ، وأشرار البلايا في دنيانا مستطيرة ، فشمس القوة التي تغير تلك الظلمات ، والسيف القاطع الذي يقطع تلك الشرور والآفات ، هو والذي نفسي بيده في تقوى الله عز وجل في أنفسنا وفي أهلينا وفي مجتمعنا وفي كل ما نأتي ونذر في حياتنا ، وعد بذلك الحق وهو أحق من وعد  وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا  .

إخوة الإسلام : أسئلة تحتاج إلى إجابة ؟!
واستفهامات تستدعي أولي الفهم والنجابة ؟
متى يُشد الوثاق المتين الذي تتماسك به عرى الدين ، وتحفظ به حرمات المسلمين ؟ متى تظهر أعلام الشريعة وتفشو أحكام الدين ؟ متى يعلو أهل الحق والإيمان ويندحر أهل الباطل والطغيان ؟ متى تكشف الشبهات وتمنع الشهوات ؟ متى تفيق الأمة كلها رجالها ونسائها صغارها وكبارها متى تفيق من غفلتها وتصحو من سكرتها ؟ متى يستعلن صاحب الحق بحقه ولا يبالي ؟ ويستخفي صاحب الباطل بباطله ويُداري ؟ نعم متى إيـه يا قومي متى ؟! لا جواب . لأن ذي العزة والملكوت والكبرياء والجبروت أجاب ؟ بماذا أجاب ؟ أجاب بأن هذا لن يتحقق إلا عندما تعود الأمة إلى مكمن خيريتها ، وسرِّ عزها وقوتها ما هو ؟ { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } .
إنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حصن الإسلام الحصين ، صُدت به نزوات الشياطين ، وزويت به دعوات الأفاكين والفاجرين ، التأريخ يشهد لكم كان وربي درعاً واقياً من الفتن ، وسياجاً دافعاً من المعاصي والمحن .
جعله الله فيصل التفرقة بين المنافقين والمؤمنين { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ } .
{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ } .
عز المؤمن وذلُّ المنافق فيه ، يقول سفيان رحمه الله : " إذا أمرت بالمعروف شددتَّ ظهر أخيك ، وإذا نهيت عن المنكر أرغمت أنف المنافق " .
كفاك أنه صفة بل مهمة أفضل خلق الله ألا وهم الأنبياء والمرسلون ، قال الله في وصف إمامهم محمد صلى الله عليه وسلم : { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ } ، وماذا قال الله في شأن نبيه إسماعيل عليه السلام : { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا } .
وما من نبي إلا قال لقومه { اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } ، وهو ركن ركين للتمكين في الأرض { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ } أما أهله فأكرم بهم والله من أهل رتب الله لهم الفلاح بأمرهم ونهيهم { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } .
وبُشروا برحمة الله في آخر الآية التي وصفت المؤمنين بالأمر والنهي اختتمت بقوله تعالى { أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } .
وسبحان الله يعطون مثل أجور من سبق من هذه الأمة ، فقد روى الإمام أحمد وحسنه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن من أمتي قوماً يعطون مثل أجور أولهم ينكرون المنكر )) .
وما أعظم والله وأعلى منـزلتهم وهذا ما استنبطه الحسن رحمه الله من قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } قال الحسن رحمه الله : " إن في هذه الآية دليلاً على أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر تلي منـزلته عند الله منـزلة الأنبياء فلهذا ذُكر عُقيبهم " .
ولقد كان السلف يرون من لا يأمر ولا ينهى في عداد أموات الأحياء ، قيل لابن مسعود : من ميت الأحياء ؟ فقال : " الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً .

إخوة الإسلام : سنن الله تعالى في خلقه ثابتة لا تتغير ، ولا تحابي أحداً ولا تتخلف عند وجود أسبابها .
وإن الله جل في علاه يغضب ويلعن ، فهذه صرخة نذير ، وصيحة تحذير ، يصرخ بها الدعاة ، ويصيح بها المشفقون على الأمة ، ينادون بها الأفواج الهائلة السائرة في غيها التاركة لأمر ربها ، المتنكبة لطريقها ، الساكتة عن خطئها ، غضيضة الطرف عن سوءاتها وإجرامها ، ألا يا قوم انتبهوا قبل أن تحل اللعنة ، ألا يا قوم استيقظوا قبل أن تحل اللعنة ، ألا يا قوم كفوا قبل أن تحل اللعنة ، ألا يا قوم مروا أمركم وازجروا زجركم وأقيموا شعيرة ربكم قبل أن تحل اللعنة ، بل قبل أن تحل اللعنات تلو اللعنات ممن ؟ من ربك الذي إذا غضب لا تقوم لغضبه الأرض والسموات ، ممن يُغار على حُرمه ، ويبتلي بالمصائب والبليات .
ألا أين المعتبرون ؟! ألا أين الذين يقرأون ويتفكرون ؟! إنها لعنة لعنها الله سبحانه في كتابه ، تذكرة وعبرة { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } .
فيا الله ورحماك ربي ، إنا لا نقوى على لعنتك .. إنا لا نقوى على لعنتك !! ألطف بنا أنت اللطيف !! ارحمنا فأنت الرحيم .

عباد الله :
أولى لعنات ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
كثرة الخبث : روى البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ يوماً من نومه فزعاً وهو يقول : (( لا إله إلا الله ويلٌ للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بين أصبعيه السبابة والإبهام )) ، فقالت له زينب رضي الله عنها : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : (( نعم إذا كثر الخبث )) " .
والخبث يكثر يا رعاكم الله إذا أعلن المنكر في المجتمع ولا يوجد من ينكره فإن سوقه تقوم وعوده يشتد ورواقه يمتد ، عندها يقصر المعروف ويعدم ، فيعم الفساد ، ويستوحش الأخيار ، ويهلك العباد . ويا الله الفساد يوحش ولو كان قليلاً  وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ  حين قرأ مالك بن دينار رحمه الله هذه الآية قال : " فكم اليوم في كل قبيلة وحي من الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون " .
فيا الله ماذا لو رأى مالك أحوال المسلمين اليوم والله المستعان .

اللعنة الثانية لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
إيذان الله بالعذاب الإلهي العام والهلاك الشامل ، وقد قال الله سبحانه عن أصحاب القرية { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } .
وأخرج أبو داود من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ما من رجلٍ يكون في قومٍ يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليه فلم يغيروا إلا أصابهم الله بعقابٍ قبل أن يموتوا )) " .

اللعنة الثالثة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
الاختلاف والتناحر : وإن مما يدل على الارتباط الوثيق بينهما انظر ماذا قال الله بعد قوله تعالى { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } قال بعدها مباشرة { وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ } .
وروى أبو داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ، ثم ليلعنكم كما لعنهم يعني بني إسرائيل )) .
وانظر لحال كثير من مجتمعات المسلمين خير شاهد على ذلك وما في القلوب من الغل والحقد والحسد والتناحر ، والله المستعان .

اللعنة الرابعة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
عدم إجابة الدعاء : روى الترمذي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( والذي نفسي بيده ، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم )) .
نعم تدعونه فلا يستجاب لكم إنها لعنة العظيم إذا غضب ، وماذا يبقى للناس إذن !! ماذا يبقى للناس إذا أوصدت من دونهم رحمة الله ؟ لمن يلجئون في هذا الكون العريض كله وقد أوصد الباب الأكبر الذي توصد بعده جميع الأبواب ؟ فالبدار البدار قبل أن تحلَّ اللعنة .

اللعنة الخامسة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
ظهور الجهل واندراس العلم واختفاء معالم الدين : فيكون الدين غريباً ، وذلك أن المنكر إذا ظهر فلم يُنكر نشأ عليه الصغير وألفه الكبير ، وظنوه مع مرور الزمن من الحق .
عندها ينكرُ على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ويعظم الساكت .
قال الإمام أحمد : يأتي على الناس زمانٌ يكون المؤمن فيه بينهم مثل الجيفة ، ويكون المنافق يُشار إليه بالأصابع .
قيل يا أبا عبد الله : وكيف يُشار إلى المنافق بالأصابع ؟ فقال : صيروا أمر الله فضولا . وقال : المؤمن إذا رأى أمراً بالمعروف أو نهياً عن المنكر لم يصبر حتى يأمر وينهى ، يعني قالوا في هذا فضول ، والمنافق كل شيء يراه قال بيده على فمه ، فقالوا : نعم الرجل ، ليس بينه وبين الفضول عمل .
وها هو اليوم يقال في كثير من المجتمعات لمن يأمر وينهى أنت تتدخل فيما لا يعنيك ، ليس لك شأن ، حتى أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً ولا حول ولا قوة إلا بالله .

اللعنة السادسة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
تسليط الأعداء : فإن الله عز وجل قد يبتلي المجتمع التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن يسلط عليهم عدواً خارجياً ، فيؤذيهم ، ويستبيح بيضتهم ، ويتحكم في رقابهم وأموالهم .
والتاريخ حافل بشواهد على ذلك ، انظر للمسلمين في الأندلس كيف تحولت عزتهم وقوتهم ومنعتهم لما شاعت بينهم المنكرات بلا نكير إلى ذل وهوان سامهم إياهم النصارى حتى بيع سادة المسلمين آنذاك في أسواق الرقيق وهم يبكون كما قال الشاعر :

فلو رأيت بكاهم عند بيعهم *** لهالك الوجد واستهوتك أحزانُ

اللعنة السابعة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
الأزمات الاقتصادية : نعم إن المجتمع الذي يُفرِّط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد تتلاطم به أمواج الفقر والضوائق ويذوق ويلات الحرمان ، فالربا يعلن فيه ويستعلن به ، والرشوة يجاهر بها ، والغش يضرب بأطنابه في بيوع المجتمع ، وأكل أموال الضعفاء ، والشفاعات التي يؤخذ بها حقوق الغير ، كل هذه وغيرها إذا سكت عنها ولم تنكر ، عندها تحل بالمجتمع ضائقات المال ، وما ظلمهم ربك ولكن بما كسبت أيديهم .
{ فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ } .

اللعنة الثامنة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
بالنسبة للفرد اسودادٌ لقلبه وتنكيسه : حيث جاء في الحديث الصحيح (( تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلبٍ أُشربها نَكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين : على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مرباد كالكوز مُجَخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه )) أهـ .
ألا إنها حقاً لعناتُ واسعة ، وعقوبات قاضية ، لكنها سنة الله الماضية .
صدق الغزالي رحمه الله إذ يقول في الإحياء : " فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم لهذا الدين وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين ، ولو طوي بساطه ، وأُهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة ، واضمحلت الديانة ، وعمت الفترة ، وفشت الضلالة ، وشاعت الجهالة ، واستشرى الفساد ، واتسع الخرق ، وخربت البلاد ، وهلك العباد ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد " .
لذا يا رعاكم الله نقل طائفة من أهل العلم الإجماع على وجوبه وأنـه من شعائر الإسلام الظاهرة كالنووي والجصاص وابن حزم وغيرهم ، بل وقرر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى بما أنه من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة ، فإنه تقاتل الطائفة الممتنعة عنها .
وأما التفصيل في وجوبه العيني والكفائي فعلى اختلاف الأشخاص والأحوال بما هو مبسوط في كتب العلم ، ويضيق عن التفصيل هنا .

أيها المسلمون : ولا يشك شاك أن الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر هم رسلُ الخير ، ودعاة الحق ، ونورٌ في دياجير الظلم ، لكم سارت الأمة على نورهم ، واهتدت بكلامهم وتعليمهم ، لذا حري بأولئك الذين هم محط أنظار المجتمع ، وأمل الأمة أن يتحلوا في أمرهم ونهيهم بآداب عظيمة ، وصفات جليلة ، ألا إن من أبرزها :
الإخلاص ، فهو مفتاح القبول ، وطريق التأييد والتسديد من العزيز الحميد ، فلا يأمر الآمر أو ينهى الناهي ليُحسب في الآمرين ، أو ليصل بذلك إلى مالٍ أو رتبة أو جاه .. ونحوها من أعراض الدنيا الزائلة ، وفي هذا ملحظٌ خفي دقيق أن الآمر والناهي ، إذا رُدَّ عليه أمره أو انتقص في كلامه أو أوذي ، فقد ينتصر لنفسه ، وهذا مذهبٌ للإخلاص ، عن أرطأة بن المنذر قال : " المؤمن لا ينتصر لنفسه ، يمنعه من ذلك القرآن والسنة فهو ملجم " .

ثانيها : العلم ، فينبغي أن يكون الآمر والناهي عالماً بما يأمر به وما ينهى عنه .
قال النووي رحمه الله : " إنما يأمر وينهى من كان عالماً بما يأمر به وينهى عنه وذلك يختلف باختلاف الشيء فإن كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها فكل المسلمين علماء بها ، وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخلٌ فيه ، ولا لهم إنكاره بل ذلك للعلماء " .
لكن مما ينبغي أن تعلمه أنه لا يشترط أن تكون عالماً فقيهاً ، بل يكفي أن تعلم أن هذا منكراً فتنكره ، وأن هذا من المعروف فتأمر به .

ثالثاً : الصبر وهو سلاح ينبغي ألا ينفك من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، فلابد أن يناله من أذى الناس وسخريتهم وحسدهم ما يحتاج معه إلى صبر يوطنه على مواصلة الطريق
وانظر إلى وصية لقمان لابنه { وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } .
قال العارفون : من وطنَّ نفسه على الأذى ، وأيقن بثواب الله لم يجد مسَّ الأذى .
نعم فكثير من الناس تكره من يقطع شهوتها ، ويُكدر لذاتها ، حتى وإن كانت محرمة ، فلا يأسفن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر على من هجره وقلاه ، ولا يحزنن على من فارقه وجفاه ، فتالله إنه بهذا يقطع أطماعه في الخلق ، ليصير تعلقه برب الخلق .
ومما هو متعلق بما قبله الحلم ، فالصبر والحلم وصفان متلازمان فإن لم يكن الآمر والناهي ذا حلم فالغالب أن الناس لا تقبل منه ، ويا الله انظر لما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عنه وعن وجهه ويقول : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " .

رابعاً : الرفق ، وصدق صلى الله عليه وسلم (( ومن يحرم الرفق يحرم الخير كُلَهُ )) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " والرفق سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولهذا قيل : ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف ونهيك عنك المنكر غير منكر ... " .
وشتان شتان بين من لا يملك أصحاب المنكر إلا الاستجابة العاجلة له لحسن أسلوبه ورفقه وحلمه ، وبين من يزيد النار اشتعالاً بشدته وفظاظة أسلوبه.
لكن مما ينبغي أن يُعلم أن الحاجة قد تدعو للعنف والشدة أحياناً ، ذلك بحسب المنكر وصاحبه ، كما بين الأب وابنه ، والمعلم وتلميذه ونحو ذلك .

خامساً : البدء بالأهم وتقديمه على غيره حسب ما تقتضيه المصلحة :

إن اللبيب إذا بدا من جسمه *** مرضان مختلفان داوى الأخطرا

والتدرج بالناس على طريق الخير ، واستلال الشر من نفوسهم أدب شرعي عظيم امتثله الأنبياء مع أقوامهم فبدأوا بالتوحيد وما بعده وهكذا وكذلك رسل الأنبياء ، وليست قصة معاذ وإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم إياه إلى اليمن ، والتدرج مع الناس هناك عنا ببعيد ، فالمنكرات لاسيما في زماننا هذا منتشرة فهناك ما هو منها أشد نكارة من بعضها الآخر ، فيبدأ بالأشد وهكذا .

سادساً : مراعاة المصالح والمفاسد ، بألا يترتب على الإنكار منكرً آخر أكبر وأوسع انتشاراً من الأول ، ومن هذا الفقه كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : يفتي بعدم الإنكار على التتار لشربهم الخمر لأنهم إذا أفاقوا واستقامت لهم عقولهم التفتوا إلى المسلمين يقتلون ويفسدون ، وفي هذا يحسن الرجوع إلى أهل العلم العارفين فهم أولى الناس بتقدير المصالح والمفاسد .

سابعاً : يجملُ بالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إيجاد البديل عن المنكر ، فالنفس قد تكون متعلقة بهذا المنكر إلى حدٍ لا يمكن أن تنفك عنه ، فالعوض هنا والبدل مما يساعد على التخفف من المنكر وهذا منهج رباني وأسلوبٌ نبوي ، ومن ذلك قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا } .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض كلامه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : " ... فلا يُنهى عن منكرٍٍ إلا ويؤمر بمعروف يُغني عنه ، كما يؤمر بعبادة الله سبحانه وتعالى ، ويُنهى عن عبادة ما سواه " .
فصاحب الأغاني لو استبدلت ذلك بأشرطة القرآن المرتلة ترتيلاً جيداً ، وصاحب النظرات المحرمة لو دللته على الزواج وحاولت أن تعينه على ذلك وهلم جرا .... .

إخوة الإسلام : ما أكثر المخذلين في زماننا هذا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وما أكثر العقبات التي يختلقها الناس لأنفسهم تجاه هذا الأصل الأصيل ، وهذه نظرة عجلى حول ذلك :
* فمن الناس من يجالس أصحاب المنكر وهو يعلم مُنكرهم ، ويخالطهم وهم متلبسون به ، ويتعلل بأنه ليس مقراً لهم وأنه منكر عليهم بقلبه فلمثل هذا يقال : إن الله لم يُعذرك أن تنكر بقلبك فقط إلا عندما لم تستطع بلسانك ويدك ، فكيف تسكت وأنت ترى المنكر ، ومن يمنعك عن الكلام أم أنه خوف المعاتبة وقطع العلاقة بينك وبينهم ، وخشية السخرية ، وهب أنك حقاً لم تستطع الإنكار بلسانك ولا يدك فإن الإنكار بالقلب يستلزم مفارقة أهل المنكر ومنكرهم { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ }

* ومن الناس من يتعلل بقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } فيفهم بعضهم أن الإنسان إذا اهتدى فلا عليه من أحد فلا يأمر ولا ينهى ، وعن هذه سئل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عنه فأجاب : " عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر " .

* ومن الناس من يتعلل بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن هذا الأمر مسئوليته على العلماء أو أهل العلم ، أو الهيئات وأهل الحسبة ، فسبحان الله أين هؤلاء مما جاء في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )) . (من رأى) إذاً هو لكل مسلم رأى ذلك .
لا شك أن العلماء وطلبة العلم والهيئات عليهم من الحق ما ليس مثله على غيرهم ، لكن سكوت المجتمع واكتفاء أفراده بحوقلات وأنات في زوايا المجالس ، هذا الأمر لا ينفع ولا يجدي ، بل لابد من الإنكار بالطرق الشرعية بالحكمة والموعظة الحسنة في رسالة لمسئول ، واستنهاض لهمة عالم ، ومباشرة زيارة صاحب المنكر والإنكار عليه إن أمكن ذلك ، وإلا الساكت شيطان أخرس .

* ومن الناس وهم كثير من يكون الحياء وعدم الجرأة على الحق ، والخوف من الرد شبحاً شيطانياً ماثلاً أمام ناظريه ، تجده يقدم رجلاً ويؤخر أُخرى ، والشيطان يقول له انتظر ، قف قليلاً ، حتى يفعل صاحب المنكر منكره ويمضي وهو يتعلل بلعل وعسى ، فيا سبحان ربي صاحب المنكر يعلن منكره أمام الناس ويجاهر به ولا يبالي ، وصاحب الحق لا يستعلن بحقه بل يخفي ويداري ، ألا تخشى اللعنة قبل أن تحل ، وما هذا إلا فعل بني إسرائيل { كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ } ، وإنها لتحتاج إلى كسر حواجز الأوهام ومن ثم يُصبح الأمرُ أمراً عادياً عند الشخص . وهب أنه رَدَّ عليك أو استهزئ بك ، فالأنبياء والرسل أشرف منك وحصل لهم ذلك وأعظم فاصبر وصابر وأمر وبادر .

* ومن الناس من إذا وقع المنكر وطُلب منه الإنكار يتعلل بأنه قد وقع وانتهى الأمر ، فليس في الإنكار فائدة ، فلمثل هؤلاء يردَّ الله سبحانه وتعالى فيقول { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } .
إن الله لم يطلب منا النتيجة ، بل أمرنا بالبلاغ وبذل السبب ، والله سبحانه من وراء ذلك .
وسواء تغير المنكر أم لم يتغير كفاك أنه إبراء للذمة أمام الله ، ناهيك أن الرائي يرى أن المنكر إذا أُنكر لاسيما من أناسٍ كثير غُير هذا المنكر أو خُفف ضرره ، أو تأخر شرٌ كثيرٌ كان سيأتي تباعاً بعده .
أم أن تقع الفواجع ويُقال وقعت وانتهى فلا ، لأن الشر خطوات وشياطين الإنس والجن لا تكفََّ عن الوسوسة .

عباد الله : نحن في زمنٍ كثرت فيه الفتن والمنكرات ، والشهوات والمغريات ، ورسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تكاد تضعف في أوساط كثيرٍ من الناس ، لذا ينبغي وربي أن تكون تلك الرسالة مسئولية الجميع تمارس في بيوتنا ومحيط أُسرنا ، يمارسها المعلمون والمعلمات مع طلابهم وطالباتهم ، يمارسها الطلاب فيما بينهم وهم يرون بينهم من المنكرات ما قد لا يراه غيرهم ، يمارسها الموظفون في دوائر أعمالهم ، الجيران مع جيرانهم ، انظر إلى البيت الذي يليك فيه ولدٌ لا يصلي ماذا قدمت له ؟ انظر إلى ذلك البيت الذي أمامك في أعلاه طبق فضائي هل نصحت صاحبه ؟ بادر أُخي قبل أن تحل اللعنة .

انظر إلى شوارع المسلمين وما فيها ماذا قدمت ؟ هل أمرت هل نهيت ؟
يقول ابن القيم رحمه الله : " وأيُّ دين ، وأيُّ خيرٍ فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تُضاع ودينه يُترك ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يُرغب عنها وهو بارد القلب ساكتُ اللسان ؟ شيطان أخرس ، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق ، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين .. " إلى آخر كلامه رحمه الله .

ألا وإنه مما ينبغي التنبيه عليه أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس مجرد عاطفة تثور ثم تخبو ، ولا مجرد حماس طارئ ثم ينتهي ، وهذا مكمن خطأ ينبغي النظر إليه وهي ألا نعيش حياتنا ردود أفعال ، بل يواصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل وقت وآن ، فأهل المنكرات يبذلون لباطلهم ولا يفترون ، ويجتهدون ولا ينقطعون ، والصراع بين الحق وأهله والباطل وأهله قائم يوم أن قامت السموات والأرض ومستمر حتى قيام الساعة .
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً