الجندرة: مطية الشذوذ الجنسي نزار محمد عثمان شاع استعمال مصطلح الجندر أو الجندرة في أدبيات ...

الجندرة: مطية الشذوذ الجنسي

نزار محمد عثمان


شاع استعمال مصطلح الجندر أو الجندرة في أدبيات العديد من الأقلام - خاصة النسائية – وتم تداوله على نطاق كبير بمعنى مخالف لمعناه الحقيقي، والغريب في الأمر أن غالب هذه الأقلام لا يعوزها سعة الإطلاع ولا حسن الفهم، الشيء الذي يجعل تغليب حسن الظن أمراً متكلفاً!! فما الدافع ترى لهذا التزييف؟ أ هو تمرير أجندة مشبوهة تحت ستار تقدُّمي مقبول؟ أم هو استجابة لشهوة حب الظهور في المقاعد الأمامية لقطار النظام العالمي الجديد، والانشغال بالتلويح باليدين - للجمهور المتفرج - عن النظر لما بداخل القطار؟ مهما يكن من سبب فإن دعاة الجندرة يعملون على تقويض أساس المجتمع "الأسرة" أدركوا ذلك أم جهلوه، فالله الله في لبنة بناء المجتمع.

المصطلح والمعنى:
أصل المصطلح هو الكلمة الانجليزية "Gender"، وتعرف الموسوعة البريطانية الهوية الجندرية "Gender Identity" بأنها: شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى وفي الأعم الأغلب فإن الهوية الجندرية تطابق الخصائص العضوية، لكن هناك حالات لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافق بين الصفات العضوية وهويته الجندرية (أي شعوره الشخصي بالذكورة أو الأنوثة)… وتواصل التعريف بقولها: "إن الهوية الجندرية ليست ثابتة بالولادة - ذكر أو أنثى -بل تؤثر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهوية الجندرية وهي تتغير وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية كُلّما نما الطفل.
هذا يعني أن الفرد من الذكور إذا تأثر في نشأته بأحد الشواذ جنسياً فإنه قد يميل إلى جنس الذكور لتكوين أسرة بعيداً عن الإناث ليس على أساس عضوي فسيولوجي، وإنما على أساس التطور الاجتماعي لدوره الجنسي والاجتماعي. وكذلك الأمر بالنسبة للفرد من الإناث.
وتواصل الموسوعة البريطانية تعريفها للجندر "كما أنه من الممكن أن تتكون هوية جندرية لاحقة أو ثانوية لتتطور وتطغى على الهوية الجندرية الأساسية - الذكورة أو الأنوثة - حيث يتم إكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت لاحق من الحياة، إذ أن أنماط السلوك الجنسي والغير نمطية منها أيضاً تتطور لاحقاً حتى بين الجنسين..."!! [1].
أما منظمة "الصحة العالمية" فتعرفه بأنه: "المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية" بمعنى أن كونك ذكراً أو أنثى عضوياً ليس له علاقة باختيارك لأي نشاط جنسي قد تمارسه فالمرأة ليست إمرأة إلا لأن المجتمع أعطاها ذلك الدور، ويمكن حسب هذا التعريف أن يكون الرجل امرأة.. وأن تكون المرأة زوجاً تتزوج امرأة من نفس جنسها وبهذا تكون قد غيرت صفاتها الاجتماعية وهذا الأمر ينطبق على الرجل أيضاً. [2]

تحريف التعريف:
أين هذا التعريف مما يقدمه لنا دعاة الجندرة... إنهم يقدمون المصطلح بمعنى تحرير المرأة وترقية دورها في التنمية وبمعنى السعي لأجل إدخال إصلاحات لزيادة مساهمة المرأة في العمل وزيادة دخلها ونحو ذلك، وإن زادوا في الإنصاف عرفوا المصطلح تعريفاً غامضاً مبتسراً وذلك بقولهم: مصطلح الجندر يعني: الفروقات بين الجنسين على أسس ثقافية واجتماعية وليس على أساس بيولوجي فسيولوجي [3]، وترجمة المصطلح للعربية تختلف من مكان لآخر، فبعضهم يترجمه بـ "النوع الاجتماعي" والبعض الآخر يجعله مرادفاً لكلمة Sex، والأغلب الأعم يكتفي من ترجمة الكلمة بتحويل الأحرف الإنجليزية إلى مقابلاتها في العربية!!
هذا الغموض المتعمد لترجمة مصطلح الجندر للغة العربية كان واضحاً في كل وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، بل إن النسخة الأنجليزية لمؤتمر بكين الدولي ذكرت المصطلح 254 مرّة دون أن تعرفه!! وتحت ضغظ الدول المحافظة تم تشكيل فريق عمل لتعريفه و خرجت لجنة التعريف بعدم تعريف المصطلح!!!
أما في مؤتمر روما لإنشاء المحكمة الدولية عام 1998 فقد وردت عبارة "كل تفرقة أو عقاب على أساس "الجندر" تشكل جريمة ضد الإنسانية"، وبعد اعتراض الدول العربية تم تغير كلمةGender لكلمة Sex في النسخة العربية وبقي الأصل الإنجليزي كما هو. [4] والدعوة بعد مطروحةٌ لدعاةِ الجندرة أن يُعرِّفوها لنا إن كان لهم تعريف يخالف ما ذكرته الموسوعات اللغوية والمنظمات الصحية.

الجندرة الخطر الماثل:
إن دعاة الجندرة في عالمنا الإسلامي - أدركوا أم لم يدركوا - يروجون لأفكار خـطيرة أهما:
أولاً: رفض أن اختلاف الذكر والأنثى مِن صنع الله (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمني) [سورة النجم: 45-46].
ثانياً: فرض فكرة حق الإنسان في تغيير هويته الجنسية وأدواره المترتبة عليها.
ثالثاً: الإعتراف بالشذوذ الجنسي وفتح الباب لإدراج حقوق الشواذ من زواج المثليين وتكوين أسر غير نمطية "Non Stereotyped families"!! والحصول على أبناء بالتبني ضمن حقوق الإنسان.
رابعاً: العمل على إضعاف الأسرة الشرعية التي هي لبنة بناء المجتمع السليم المترابط ومحضن التربية الصالحة ومركز القوة الروحية ومفخرة الشعوب المسلمة في عصر الانحطاط المادي.
خامساً: إذكاء روح العداء بين الجنسين وكأنهما متناقضان متنافران، ويكفي لتأييد هذا الاتجاه مراجعة أوراق المؤتمر الدولي لتحديات الدراسات النسوية في القرن الحادي والعشرين الذي نظمه مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية في جامعة صنعاء - اليمن، فقد كان مما جاء فيه الاعتراض على كثرة وجود اسم الإشارة للمذكر في اللغة العربية أكثر من المؤنث وكذلك ضمائر المخاطبة للمذكر أكثر منها للمؤنث، ومما يدعو إلى الضحك اعتراض إحدى الباحثات في هذا المؤتمر الدولي على تصويب أبي الأسود الدؤلي لابنته عندما قالت : ما أجملُ السماء، وأرادت التعجب ، فنبهها أن النصب هو الصواب، علّقت الباحثة قائلة معترضة على التصويب: ألم يكن أحدٌ قبلها قد أخطأ!! [5]
سادساً : التقليد الأعمى للاتجاهات الجنسية الغربية المتطرفة: والتي امتدت حتى شملت الموقف من الذات الإلهية في بعض الأحيان، فكما سمعنا أن جمعية الكتاب المقدس أصدرت ترجمة جديدة للكتاب المقدس تتسم بالحيادية في مخاطبة الجندر [6] سمعنا في مؤتمر صنعاء المشار اليه آنفاً من تقول [7]: "إن أقدم كتاب كرّس محو الأنثى وكرّس سلطة الذكورية كان في التوراة ابتداء بفكرة الله المذكرة" تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
سابعاً: رفع المسؤولية عن الشواذ جنسياً وإظهارهم بثوب الضحية التي جنى عليها المجتمع، و هذه محاولة قديمة تتشح بثوب العلمية أحياناً وتأتزر بلباس بعض الأبحاث المغرضة - التي ترى أنّ هناك سبباً فسيولوجياً في تركيب الدماغ يسبب الشذوذ - أحياناً أخرى، وكِلا القولين مردود، ذلك أنه لا أحد ينكر أن هناك عوامل مختلفة (المجتمع، تجارب الطفولة، الشيطان، ... الخ) تؤثر وربما تدعو إلى الشذوذ لكن كما يقول د. ستيفن أر.كوفي: "بين المؤثر والاستجابة توجد مساحة رحبة مِن حرية الاختيار" [8]، وهذه هي المسؤولية التي يحاسب العبد بموجبها، وينتفي الحساب بانتفائها كما في حالة المجنون والصبي ونحوه.

ختاماً:
الجندرة شرّ بادئٌ في بلدنا، له دُعاته العالمون ببواطنه، كما له أبواقه من الذين يهرفون بما لا يعرفون، فكم نَضَحَت وسائل الاعلام بأصواتٍ تناقش مواضيع قَوَامَة الرجل، والعلاقة بين الجنسين ونحو ذلك من فاكهة مجالس الثقافة في أيامنا هذه بنظرة غربية بعيدة عن الإسلام، هذه النظرة المتنامية بفعل عوامل عديدة - ليس المجال مجال تفصيلها -، خطر ماحق يتهدد مرجعيتنا، ويعمل على مسخ شخصيتنا، ويخدم أعداء أمتنا، لذا لزم التذكير (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة) [سورة الأنفال: 42].
أمامك فانظر أي نهجيك تنهج
طريقان شتى مستقيم وأعوج

----------
[1] حتى لا يظن أحد أننا تجنينا على دعاة الجندرة في الترجمة نرجو الرجوع لموقع الموسوعة البريطانية : Encyclopedia Britanica على شبكة الانترنت.
[2] انظر مشروع الجندر من وثائق الأمم المتحدة للباحثة صباح عبده ص5.
[3] انظر وثائق المؤتمر العالمي للسكان والتنمية تحت العنوان الجانبي ترجمة مصطلح الجندر.
[4] مشروع الجندر من وثائق الأمم المتحدة ، مرجع سابق ص7.
[5] وإن تعجب فعجب هذا التعصب الذي يبعث على السخرية.
[6] مفكرة الإسلام نقلاً عن الواشنطن بوست.
[7] هي الباحثة الأردنية زليخا أبو ريشة، أنظر النسوية النوعية في سطور للباحثة صباح عبده.
[8] انظر مقالنا بعنوان التغيير بين المسؤولية والانفعالية.
...المزيد

تساؤلاتٍ خمسة مع إجاباتها أ . د / صالح بن علي أبو عرَّاد @abuarrad أستاذ التربية الإسلامية ...

تساؤلاتٍ خمسة مع إجاباتها

أ . د / صالح بن علي أبو عرَّاد
@abuarrad
أستاذ التربية الإسلامية بكلية التربية في جامعة الملك خالد


الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد ؛
فهذه تساؤلاتٍ خمسةٍ جاءتني من بعض الشباب الذين رغبوا أن أجيبهم عنها من منظور التربية الإسلامية ، ولأنني أعلم أن هناك من قد تدور في ذهنه بعض هذه التساؤلات أو ما شابهها ؛ فقد رأيت أن أنشـرها ليتمكن الجميع من الاطلاع عليها ، عسى الله تعالى أن ينفع بها ، وأن تكون من باب العلم النافع ، وصلى الله وسلّم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .
أبها في 14 / 11 / 1433هـ

=-=-=

أولاً / الخجل من الناس
س1/ أنا طالب جامعي ومارست كثيرا من الأنشطة الدعوية ولكني لا زلت أعاني من ضعف الشخصية ، ولا أستطيع التحدث أمام الآخرين أرجو التوجيه ؟
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلّمه البيان ، والصلاة والسلام على صاحب أفصح لسان وأعظم بيان ، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم في كل زمانٍ ومكان ، أما بعد ؛
فإن ما تُعاني منه يا أخي الكريم أمرٌ يمر به كل إنسان ولاسيما في البدايات ، وأحب أن أُطمئنك أنه ليس ضعفًا في الشخصية كما تتصور ، فالقدرة على الحديث أمام الآخرين أمرٌ يحتاج إلى توافر أمرين اثنين هما :
( 1 ) الموهبة ، وهي منحةٌ من الله تعالى للعبد ، يؤتيها من يشاء ، ويمنعها عمن يشاء .
( 2 ) التعود والتدريب والمُمارسة ، وهي خطواتٍ يقوم بها الإنسان الراغب في اكتساب هذه القدرة والمهارة ، وكثيرًا ما ينجح الراغبين في ذلك بتوفيق الله سبحانه ثم بعلو الهمة والحرص والعناية بالتدريب والتمرين المستمرين .
وهنا أقول لأخي الكريم : إن مواجهة الناس والتحدث إليهم أمرٌ ليس بالأمر السهل ؛ إلاّ أنه في الوقت نفسه ليس بالصعب ولا بالمُستحيل ، وهناك الكثير من المواقف التي تُخبرنا أن أصحابها كانوا يُعانون من المشكلة نفسها ، فهم يتهيبون الحديث أمام الآخرين ، ويترددون ويتلعثمون عند مواجهتهم للناس ، إلا أنهم بقليلٍ من العزم والهمة العالية والتدريب والتمرين تجاوزوا تلك المُشكلة .
أما كيفية تحقيق ذلك ، فهناك من ينصح ( في البدايات ) بأن يتدرب الإنسان على الحديث وهو في مكانٍ لوحده ، ثم وهو أمام المرآة ليرى نفسه وليتعود على طلاقة الحديث ، ويتمرن على ترتيب الأفكار ، وبالتكرار يتمكن بنفسه من إصلاح ما قد يقع فيه من أخطاء ، ويعمل على تجاوز وقفاته ، والتقليل من لحظات ارتباكه مرةً بعد أُخرى . وفي تصوري أنك تستطيع - بإذن الله تعالى - أن تتجاوز هذا الأمر اليسير بشيءٍ من العزيمة والإصرار من خلال التدريب المستمر والمتدرج ، ومحاولة التغلب على نقاط الضعف التي قد تُعاني منها في البدايات ، وعليك بالدعاء وسؤال الله تعالى أن يفتح لك في هذا الشأن ، وحاول مرةً بعد مرة بين رفاقك ثم جماعة مسجدك وهكذا ، إلاّ أنه لا يمكن أن تكون متحدثًا جيدًا إلا إذا كانت لديك خلفية علمية جيدة ، وحصيلةٌ معرفيةٌ كافية من العلوم الشرعية واللُغوية والثقافية وغيرها حتى تُسعفك في كثيرٍ من المواقف . والله أسأل أن يوفقك لصالح القول والعمل والنية ، والحمد لله رب العالمين .


=-=-=


ثانيًا / ضعف الاعتزاز بالدين
س2/ يوجد من الشباب من لا يرفع رأساً بهذا الدين ولا يعتز به بل يحاول عدم إظهار تدينه أمام الآخرين .. ما هي أسباب ذلك ؟ وما هي الحلول ولكم جزيل الشكر ؟
الحمد لله الذي أعزّنا بالإسلام ورفعنا بالإيمان ، والصلاة والسلام على سيد ولد عدنان النبي الأمي الإنسان ، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم في كل زمانٍ ومكان ، أما بعد ؛
فإن من طبيعة البشر وفطرتهم الإنسانية التي فطرهم الله عليها غريزة الاعتزاز سواءً أكان ذلك الاعتزاز إلى المكان ، أو العرق ، أو الدين ، أو الجاه ، أو غيره ، وحيث إن الإنسان مجبول على حب البحث عن العزة بأي سبب من الأسباب ؛ فإن على الإنسان المُسلم في أي زمانٍ وكل مكان أن يعتز بدين الإسلام ، وأن يفتخر بالانتماء إليه ، وأن يتشرّف بالانضواء تحت رايته التي جعلها الله سبحانه ( الراية العُليا ) في الدارين ، انطلاقًا من معنى قوله تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً } ( سورة فاطر : من الآية 10 ) . والمعنى أنه إذا كانت العزة لله تعالى ؛ فهي بالتالي لمن هم على دينه ومنهجه القويم وصراطه المستقيم من عباده المؤمنين الصادقين الذين رضوا بالله ربًا ، وبالإسلام دينًا ، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولا .
وهنا لا بُد من معرفة أن الانتماء لهذا الدين لا يكون بمجرد الزعم والإدعاء ، وإنما يكون بالافتخار الحق والاعتزاز الواعي قولاً وعملاً ، وان يكون انتماءً بالدليل والبرهان ، ولا شك أن أعظم دليل على الافتخار والاعتزاز بهذا الدين الحنيف يتمثل في الإيمان بأركانه ، والتمسُك بتعاليمه وأحكامه ، وأداء فرائضه وواجباته ، والالتزام بقيمه ومبادئه ، والتحلي بأخلاقه وآدابه .
وإذا كان هناك من أبناء المسلمين من يتردد في إظهار تدينه ، ويستحيي من التزامه بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ، ويجد في ذلك حرجًا ؛ فإن سبب ذلك يعود في المقام الأول إلى أنه شخصٌ ضعيف الإيمان ، لأنه – في واقع الأمر – يُعاني من عدم استيعابه لحقيقة وجوهر هذا الدين العظيم ، إضافةً إلى عدم وضوح الرؤية عنده فيما يخص معنى الانتماء إليه والانضواء تحت رايته ، وهو إلى جانب ذلك ( خاطئٌ ) ومذنبٌ في حق نفسه وأُمته . وليس هذا فحسب ، بل إنه على خطرٍ عظيم إذ يُخشى عليه من الوقوع في ذنبٍ كبيرٍ هو النفاق مصداقًا لقوله تعالى : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ } ( سورة المنافقون : من الآية 8 ) .
وهنا أذكِّر نفسي وإخواني بقاعدةٍ ثابتةٍ خالدةٍ أعلنها أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه وأرضاه ) في سمع الزمان بقوله : " نحنُ قوم أعزنا الله بالإسلام ، فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله " . والحمد لله رب العالمين .

=-=-=

ثالثًا / الشباب والأناشيد
س3 / هناك كثير من الشباب الذين جعلوا شغلهم الشاغل هذه الأناشيد ، فهم يتربون عليها ويقضون الساعات الطوال في سماعها ، وفي المقابل يُهملون سماع القرآن الكريم ، والأشرطة النافعة ؛ فما توجيهكم في ذلك حفظكم الله ؟
الحمد لله الذي منحنا الأفئدة وأكرمنا بالأسماع والإبصار ، والصلاة والسلام على من أرسله الله تعالى ليهدينا طريق الجنة ويُنقذنا من النار ، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم من الكرام والأخيار ، أما بعد ؛
فالأناشيد الإسلامية مظهرٌ من مظاهر الترويح عن النفس بالحق ، وهي إحدى وسائل تنشيط الهمم لفعل الخير ، والتحفيز على القيام بالأنشطة والأعمال ولاسيما الجماعية منها ، لغرض المُساعدة في طرد الخمول والكسل ، وإضفاء جوٍ من النشاط والحيوية بين الأفراد و الجماعات ، وفي المناسبات والرحلات والأُمسيات ، ونحوها . وعلى وجه العموم فقد قال عددٌ من أهل العلم أن من الأناشيد ما هو مشروعٌ ومباح ، وهو ما كان قليلاً ولغرض الترويح المنضبط ، وتقوية النفس على الطاعة ، وحثها على فعل الخير وبخاصةٍ عند فتور الهمم . كما أن من الأناشيد ما هو محظورٌ ومكروه ، وهو ما اشتمل على منكرٍ ، أو زاد عن الحد المعقول ، أو صرف عن القيام بالطاعات ، أو ألهى عن أداء الواجبات .
وفي تصوري أننا في أمس الحاجة إلى تحقيق التوازن المطلوب بين الإقدام و الإحجام والرفض والقبول ، فما كان من الأناشيد مباحًا في نظمه وأدائه ودواعيه ؛ فهو مقبولٌ ولا بأس به - إن شاء الله تعالى - في وقته ، ودونما انشغالٍ به عن ما هو أهم منه وأولى ، وما كان فيه شُبهةٌ ، أو منكرٍ ، أو كثرةٍ ؛ فهو مرفوضٌ وغير مقبول . والله تعالى أعلى وأعلم .
وإجابةً على ما جاء في السؤال : أرى أن من أبرز ما يؤخذ على ما يُعرف اليوم بالأناشيد الإسلامية أنها قد تشتمل على ما لا يُباح من القول أو المعنى ، أو أنها تؤدى بكيفيةٍ ساذجةٍ وممجوجة لا تليق بالإنسان المسلم العاقل الواعي الرشيد ، أو أنها قد تُسهم بصورةٍ أو بأُخرى في إسقاط مروءة من يؤديها إذا كان في أدائها تشبهًا بالغناء والتلحين ونحو ذلك ، أو أنها قد تُشغل أصحابها ومُحبيها عما هو أولى منها وأهم ، وعند ذلك تخرج عن دائرة المباح ، ويجب في هذه الحالات الحذر منها ، والامتناع عن إضاعة الوقت في شأنها .
وخُلاصة القول تتمثل في أنني أرى أن قليل الأناشيد نافعٌ ( إن شاء الله تعالى ) ، و كثيرها ضارٌ ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ، والله تعالى أعلى وأعلّم .


=-=-=


رابعًا / التقصير في حق القرآن الكريم
س4/ نجد إهمال من الشباب في جانب القرآن الكريم بحجة أنهم مشغولون بأعمال أخرى فلا تجده يحفظ القرآن الكريم ولا يتدبره بل عنده تقصير كبير في تلاوته فما رأيكم حفظكم الله ؟
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد ؛
فمن الملاحظ أن هناك شيئًا من التقصير في العناية اللازمة بكتاب الله العظيم وتلاوته وتدبر معانيه وآياته على الوجه الذي يُفترض أن يكون عليه حال الأُمة بعامة ؛ إلاّ أن هذا التقصير يظهر بوضوحٍ عند بعض الشباب الذين توجد لديهم الكثير من الاهتمامات الأخرى في حياتهم ، فهم لكثرة هذه الاهتمامات ( وإن كانت إيجابيةً ومُباحة ) في شُغلٍ شاغلٍ عن كتاب الله تعالى ، وعن تلاوته وتدارسه والعناية به ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى .
وعلى الرغم من ذلك فإن الواجب علينا جميعًا أن نكون على وعيٍ وإدراكٍ بأن الناس لا يُمكن أن يكونوا على وتيرةٍ واحدةٍ ومقدرةٍ متساويةٍ على حفظ كتاب الله العظيم أو العناية الكاملة به ، ولاسيما أن هناك فروقًا فرديةً بين الناس في الطاقات والقدرات والاستعدادات ونحو ذلك ، وهو ما يؤكده معنى قوله تعالى : { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } ( سورة البقرة : من الآية 286 ) .
أما الأمور التي يُمكن أن تُعين الشباب على الاهتمام اللازم بكتاب الله العظيم ، فيأتي من أبرزها ما يلي :
= إخلاص النية لله تعالى في هذا الشأن .
= الإكثار من الدعاء وسؤال الله تعالى العون والتوفيق لحفظ ما يُمكن حفظه من سور القرآن الكريم .
= مجاهدة النفس ومغالبة الظروف بتخصيص وقت مُحدد لتلاوة القرآن الكريم ، ومحاولة تدبره وتدارسه .
= الالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم لمن كانت لديه الإمكانية .
= كثرة الاستماع لأشرطة التلاوات القرآنية ، ولاسيما لبعض القراء من أصحاب الأصوات الجميلة والتلاوات الجيدة التي تميل إليها النفس وترتاح لها الأُذن .
= الحرص على الاستماع لإذاعة القرآن الكريم ، ولاسيما أثناء قيادة السيارة ذهابًا وإيابًا ، أو أثناء أداء بعض الأعمال المنزلية التي يمكن معها الإنصات للتلاوة والترديد معها ، والله تعالى أسأل لأبناء المسلمين التوفيق والسداد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .


=-=-=


خامسًا / الترف
س5/ أنا شاب مستقيم ولله الحمد ، ولكني أهتم كثيرا بنفسي ، وأهتم بتتبع كل جديد مثلا في الجوالات ، وفي العطور ، وفي الأشمغة ، وغير ذلك ؛ فهل يعد ذلك خللاً .. أفيدونا ؟
الحمد لله الذي يُحب الجمال ويتصف بصفات الجلال و الكمال ، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ الذي اتسم في كل شأنه بالوسطية والاعتدال ، أما بعد ؛
فمن فضل الله تعالى وكرمه أنه ليس هناك ما يمنع الإنسان المسلم صغيرًا كان أم كبيرًا من الاهتمام بنفسه ، والعناية بجمال شكله والحرص على حُسن مظهره ، ولاسيما في المواضع التي يُشرع فيها التجمل كحضور الصلوات في المساجد ، ويوم الجمعة والأعياد ونحو ذلك فقد جاء الحث على ذلك في القرآن الكريم وفي الحديث النبوي الشريف ، فيقول سبحانه : { {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } ( سورة الأعراف : من الآية31 ) .
وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر . قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ، ونعله حسنة . قال : إن الله جميل يحب الجمال " ( رواه مسلم ) .
وعلى الرغم من ذلك كله ، فإن الإفراط في التزين والتجمل ، والعناية الزائدة في هذا الشأن قد تُخرج الإنسان من دائرة المباح إلى دائرة المكروه وغير المباح ، ولاسيما عندما يُصبح هم الإنسان ( محصورًا ) في هذا الجانب الذي على الرغم من أهميته ، إلاّ أنه ينبغي أن يُقدّر بقدره دونما إفراطٍ أو تفريط .
ولعل لنا في الحديث الشريف الذي جاء في صحيح البخاري خير دليل وخير منهجٍ تربويٍ يجب علينا أن نتمسك به وأن نتربى عليه في كل شأنٍ من شؤون حياتنا ، وأن نسير على هديه ونهجه في كل جزئيةٍ من جزئياتها ، ويتمثل هذا النهج في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة " ( رواه البخاري ) . وقال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) : " كل ما شئت ، والبس ، واشرب ما شئت ، ما أخطأتك اثنتان : سرفٌ أو مخيلة " .
وقد جاء في شرح المقصود بالسرف أنه تجاوز الحد في كل فعلٍ أو قولٍ . كما جاء في معنى ( مخيلة ) : أنها من الخيلاء وهو التكبر .
والخلاصة ، أن للإنسان أن يتطيب ويتجمل ويتزين دونما إسرافٍ في هذا الشأن ودونما خُيلاء أو تكبُر ، وإن كان الواجب يفرض على الشباب المسلم أن يهتموا بعظائم الأمور ، وألاّ يجعلوا هذه الأمور الثانوية أكبر همهم ومنتهى غايتهم ، وما أجمل قول الشاعر في هذا المعنى :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم .................... وتأتي على قدر الكرام المكارم .
والحمد لله رب العالمين .
...المزيد

فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام ...

فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر، خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهذه الست ليس لها أيام معدودة معينة، بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإن شاء صامها في أوله، وإن شاء صامها في أثنائه، وإن شاء صامها في آخره، وإن شاء فرقها، صام بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، وبعضها في آخره، الأمر واسع بحمد الله، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل من باب المسارعة إلى الخير، ولكن ليس في هذا ضيق بحمد الله، بل الأمر فيها واسع إن شاء تابع وإن شاء فرق، ثم إذا صامها بعض السنين وتركها بعض السنين فلا بأس؛ لأنها نافلة، تطوع ليست فريضة، فإذا صامها في بعض السنين وتركها في بعض السنين، أو صام بعضها وترك بعضها فلا حرج عليه والحمد لله. ...المزيد

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . اللهم إني أعوذ بك من الفقر ، والقلة ...

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
اللهم إني أعوذ بك من الفقر ، والقلة والذلة وأعوذ بك من ان أَظلِم أو أُظلَم .
يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
*********

اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل ، وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات .
الله أهدني وسددني ، اللهم إني أسالك الهدى والسداد.
*********

اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق ، والأعمال والأهواء. اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ، ودعاء لا يُسمع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن علم لا ينفع . أعوذ بك من هؤلاء الأربع .
*********

اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجأة نقمتك ، وجميع سخطك .
اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في الدار المقامة ، فإن جار البادية يتحول .
اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً متقبلاً .
*********

اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل .
اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء ، ومن ليلة السوء ، ومن ساعة السوء ، ومن صاحب السوء ، ومن جار السوء في دار المقامة .
*********

اللهم أكثر مالي وولدي وبارك لي فيما أعطيتني .
اللهم إني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم .
*********

لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم . اللهم إني أسألك الجنة وأستجير بك من النار .
*********

اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت .
اللهم طهرني من الذنوب والخطايا اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .
اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد.
*********

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
اللهم إني أسالك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت (وحدك لا شريك لك) المنان يا بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم إني أسألك (الجنة وأعوذ بك من النار).
*********

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني .
اللهم ارزقني حُبك وحُب من ينفعني حُبّهُ عندك ، اللهم مارزقتني مما أُحبُ فاجعله قوة لي فيما تحب ، اللهم ما زويت عني مما أُحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب.
*********

اللهم إني اسألك عيشة نقية وميتة سوية ومرداً غير مخزٍ ولا فاضح.
اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف عليَّ كل غائبة لي بخير .
اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي .
*********
اللهم إني أسألك العافية في الدنيا ولآخرة .
اللهم متعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث منيِّ وانصرني على من يظلمُني ، وخذ منه بثأري .
اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
*********

اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .
*********

اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والهرم وعذاب القبر ، اللهم آت نفسي تقواها زكها انت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها .
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها .
*********

اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنت المستعان وعليك البلاغ . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
اللهم إني أسألك علماً نافعاً وأعوذ بك من علم لا ينفع.
*********

اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وربَّ إسرافيل أعوذ بك من حر النار ومن عذاب القبر .
اللم إني أعوذ بك من شر سمعي ، ومن شر بصري ، ومن شر لساني ، ومن شر قلبي ومن شر منيي.
*********

اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم والقسوة والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة ، وأعوذ بك من الفقر والكفر والفسوق والشقاق والنفاق والسمعة والرياء ، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجزام والبرص وسييء الأسقام .
*********

اللهم اجعل أوسع رزقك عليّ عند كبر سني ، وانقطاع عمري .
اللهم إني أسألك بأني اشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد .
*********

رب أعني ولا تعن عليّ ، وانصرني ولا تنصر عليّ وامكر لي ولا تمكر عليّ ، وأهدني ويسر الهدي إليّ ، وانصرني على من بغى عليّ ، رب اجعلني لك شكاراً لك ذكاراً ، لك رهَاباَ ، لك مطواعاً إليك مخبتاَ أوّاهاً منيباَ ، رب تقبل توبتي ، واغسل حوبتي ، وأجب دعوتي ، وثبت حُجتي واهد قلبي ، وسدد لساني ، وأسْلُلْ سخيمة قلبي .
*********

اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ، ومن سيئ الأسقام .
اللهم قني شر نفسي واعزم لي على ارشد أمري ، اللهم اغفر لي ما اسررتُ وما أعلنتُ ، وما أخطأتُ وما عملتُ وما جهلتُ.
*********

اللهم حاسبني حساباً يسيراَ .
اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات حُب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون ، وأسألك حُبّك ، وحب من يُحبِك ، وحُب عمل يقربني إلى حُبك .
*********

اللهم فقهني في الدين .
اللهم احفظني بالإسلام قائماً ، واحفظني بالإسلام قاعداً واحفظني بالإسلام راقداً ولا تشمت بي عدواً ولا حاسداً . اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك ، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك .
*********

اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من أن أُرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر .
اللهم جنبني منكرات الأخلاق ، والأهواء ، والأعمال ، والأدواء.
*********

اللهم أغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري ، ما أنت أعلم به مني . اللهم اغفر لي هزلي وجدي ، وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي .
اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدَّين ، وغلبة العدوِّ ، وشمائة الأعداء .
*********

اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت . فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .
اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ، أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة .
*********

رب اغفر لي وتب عليّ إنك انت التواب الغفور.
اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت .
اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتن.
*********

اللهم إنّا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والسلامة من كل إثم ، والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة والنجاة من النار.
اللهم إني أعوذ بك من البخل والجبن وسوء العمر وفتنة الصدر وعذاب القبر .
*********

اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك .
اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم والغرق والحرق ، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت ، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مُدْبراً وأعوذ بك ان أموت لديغا .
*********

اللهم إني أعوذ بك أن اشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا اعلم .
اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ، واعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة .
*********

اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، واصلح لي دنياي التي فيها معاشي واصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر .
*********

اللهم ألف بين قلوبنا ، واصلح ذات بيننا ، واهدنا سبل السلام ، ونجنا من الظلمات إلى النور , وجنبنا الفواحش ما ظهر منها ومابطن ، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك قابلين لها وأتممها علينا .
*********

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقِلة والذِلة ، وأعوذ بك من أن أَظلم أو أَظلم ، يا مُقلب القلوب ثبت قلبي على دينك .
*********

اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ، ومن شر ما لم أعمل .
اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء ، ومن ليلة السوء ، ومن ساعة السوء ، ومن صاحب السوء ، ومن جار السوء في دار المقامة.
*********

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . اللهم إني أسألك بان لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان (يا) بديع السماوات والأرض ياذا الجلال والإكرام ياحي يا قيوم إني اسالك الجنة وأعوذ بك من النار .
*********

اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات . اللهم اهدني وسددني ، اللهم إني أسألك الهدى والسداد .
*********

اللهم أكثر مالي وولدي وبارك لي فيما اعطيتني ، اللهم إني أسالك يالله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم .
*********

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني . اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك . اللهم وارزقني مما احب فاجعله قوة لي فيما تحب . اللهم ما زويت عني مما احب فاجعله فراغاً لي فيما تحب.
*********
اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء . اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ودعاء لا يسمع ومن نفسع لا تشبع ومن علم لا ينفع .
اعوذ بك من هؤلاء الأربع .
*********

لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم .
الله إني أسالك الجنة وستجير بك من النار .
*********

اللهم إني أسألك عيشةً نقية وميتة سوية ومرداً غير مخز ولا فاضح.
اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف على كل غائبة لي بخير . اللهم الهمني رشدي واعذني من شر نفسي .
*********

اللهم إني اعوذ من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك ، وجميع سخطك. اللهم إني اعوذ بك من جار السوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول . اللهم إني اسالك علماً نافعاً ورزقاً طيباً ، وعملاً متقبلاً.
*********

اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، واصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت ، طهرني من الذنوب والخطايا ، اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم طهرني بالثلج وبالبرد والماء البارد .
*********

اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم ، وعذاب القبر . اللهم أتي نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكَّها ، أنت وليها ومولاها .
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها .
...المزيد

اتفق جمهور العلماء على فضل ليلة القدر، وأنها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وأما تحديدها في العشر ...

اتفق جمهور العلماء على فضل ليلة القدر، وأنها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وأما تحديدها في العشر الأواخر فمختلف فيه تبعا لاختلاف الروايات الصحيحة، والأرجح أنها في الليالي الوتر من العشر الأواخر، وأرجى ليلة لها هي ليلة السابع والعشرين.

وفضلها عظيم لمن أحياها، وهي ليلة عامة لجميع المسلمين، وإحياؤها يكون بالصلاة، والقرآن، والذكر، والاستغفار، والدعاء من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وصلاة التراويح في رمضان إحياء لها.

وللعلماء آراء في تعيين هذه الليلة؛ فمنهم من يرى أنها ليلة الحادي والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الثالث والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم من ذهب إلى أنها ليلة التاسع والعشرين، ومنهم من قال: إنها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الأواخر، وأكثرهم على أنها ليلة السابع والعشرين.

ويكثر البحث عن دعاء ليلة القدر، خاصة مع أولى الليالي الوترية، التي تأتي مع مغرب اليوم الخميس 20 من رمضان وتنتهي مع فجر غد الجمعة، والتي من المحتمل أن تكون ليلة القدر، لذا فاحرص على التماسها في الليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان 2022، كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم.

أوضح الدكتور رمضان عبد الرازق، عضو اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بمشيخة الأزهر الشريف، وفقا لموقع مصراوي، بعضا من الأدعية المستحبة التي على الانسان أن يدعو بها في الليالي الوترية، وهي:

اللَّهمَّ إنَّكَ عَفوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّي

اللهم اجعلنا من أعظم عبادك نصيبا في كل خير تقسمه الليلة ونور تهدي به ورحمة تنشرها ورزق تبسطه وضر تكشفه وبلاء ترفعه وفتنه تصرفها.

اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا واهدي أولادنا وحقق آمالنا واستجب دعائنا

اللهم لا تخرجنا من رمضان الا بذنب مغفور وسعي مشكور وعمل متقبل مبرور

اللهم أعد علينا رمضان أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة ونحن في أحسن صحة وحال

اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي

اللهمَّ إنِّي أسألُكَ مِنَ الخيرِ كلِّهِ عَاجِلِه وآجِلِه ما عَلِمْتُ مِنْهُ وما لمْ أَعْلمْ، وأعوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كلِّهِ عَاجِلِه وآجِلِه ما عَلِمْتُ مِنْهُ وما لمْ أَعْلمْ، اللهمَّ إنِّي أسألُكَ من خَيْرِ ما سألَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ ونَبِيُّكَ، وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما عَاذَ بهِ عَبْدُكَ ونَبِيُّكَ، اللهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنةَ وما قَرَّبَ إليها من قَوْلٍ أوْ عَمَلٍ، وأعوذُ بِكَ مِنَ النارِ وما قَرَّبَ إليها من قَوْلٍ أوْ عَمَلٍ، وأسألُكَ أنْ تَجْعَلَ كلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لي خيرًا

اللهمَّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ، في الدنيا والآخرةِ، اللهمَّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ، في دِيني ودنيايَ وأهلي ومالي، اللهمَّ استُرْ عوراتي، وآمِنْ روعاتي، واحفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذُ بك أن أُغْتَالَ من تحتي.
...المزيد

خطبة : الاعتداء على الأقصى يحي العقيلي الحمد لله نصير المؤمنين وولي المتقين... الحمد لله ...

خطبة : الاعتداء على الأقصى

يحي العقيلي


الحمد لله نصير المؤمنين وولي المتقين... الحمد لله قاصم الجبارين والمتكبرين.... لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير... لا اله إلا الله نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده.... والصلاة والسلام على إمام الموحدين وسيد الأنبياء والمرسلين وقائد الغر المحجلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين ،،، أما بعد فاتقوا الله عباد الله فإن تقوى الله تُّفرج الكربات وتستجلب البركات وتستنصر رب البريات "ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما" .

معاشر المؤمنين ..
لم تكد تمر علينا الذكرى المؤلمة التي كانت طعنة في قلب الأمة الإسلامية ، ذكرى إحراق المسجد الأقصى على يد يهودي صهيوني عام ألف وتسعمائة وتسعة وستين ميلادية ، حين التهمت النار أجزاء هامة منه كمنبر صلاح الدين الايوبي محرر الأقصى من الصليبيين، في اعتداء آثم لازالت ذكراه تؤلم قلوب المسلمين ،حتى دنس الصهاينة ارض المسجد الأقصى قبل أيام لإقامة صلواتهم الباطلة كما يزعمون ، في سلسلة اعتداءات آثمة متكررة تستهدف تهويد المكان المقدس وبناء هيكلهم المزعوم ، أنها النار التي لا زالت تلتهم الأقصى والقدس والمقدسيين حتى الآن.

انها نار الكيد الصهيوني لتدنيس المسجد وتهويد القدس ، فلا زالت حرب الاقتحامات و المصادرة لأملاك المقدسيين والتهويد والاغتصاب العنصري مستمرة، ولا زال المقدسيون يعانون، ولا زال الأقصى يعاني من محاولات عزله عن أهله، ومنع المسلمين من الصلاة فيه. انه المسجد الأقصى _عباد الله_أولى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه الى السموات العلا، وموضع إمامته للصلاة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام،قال تعالى :" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير"

استهداف الأقصى –عباد الله- لم يمنع المسلمين من الدفاع عنه، فقد شهدت ساحاته والساحات المحيطة بالقدس مواجهات قدم فيها المقدسيون المرابطون خيرة أبنائهم دفاعاً عن القدس والأقصى،رأيناهم شبابا وشيبا ،رجالا ونساء يتصدون لهجمات الصهاينة بأسلحتهم وهم عزّل الا من الإيمان والفداء والشجاعة.

معاشر المؤمنين ..
إن الأقصى في خطر محدق ، انهيارات أرضية نتيجة للحفريات أسفل الأقصى، وتشققات في ساحات الأقصى ناتجة عن عمليات الحفر المجنونة تحت بلاط الأقصى، يقول أحد خبراء الآثار الفلسطينيين، أفقنا يوماً، ولم نجد قطرة ماء في أحد آبار المسجد الأقصى، فنزلنا في البئر لنعرف السبب، فوجدنا عدداً من الصهاينة اليهود يقومون بأعمال حفريات داخل البئر وقد وصلوا له من الأسفل!
لقد أصبح أسفل المسجد الاقصى منطقة فارغة مختلة القواعد ، نتج عنها انهيارات وتشققات في ارضيته بشكل مستمر، فماذا لو تم العبث بأساسات المسجد من الذين يقومون بالحفريات، وافتعلوا انفجاراً أو هزة ما؟

كما يخطط الصهاينة لبناء جسر، لحمل شاحنات تدخل من باب المغاربة الى باحة المسجد، فما الذي ستحمله تلك الشاحنات التي يخطط لإدخالها للأقصى؟

لقد تم بالأمس القريب_عباد الله_ إحباط مخطط لتغيير أقفال ومفاتيح أحد أبواب المسجد الأقصى من قبل مجموعة من الصهاينة الذين يعملون على اقتحام المسجد بشكل مستمر، انهم يسعون-عبادالله- لتقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين،توطئة لتخصيص موقع لهيكلهم المزعوم ، وقد تم الإعلان عن تدريبات للقوات الخاصة الصهيونية لتسلق جدران المسجد الأقصى واقتحامه، كما انهم وضعوا-مؤخرا- مجسما لهيكلهم المزعوم في باحات المسجد الاقصى في تحد للعرب وللمسلمين جميعا ، وتأكيدا على مخططهم لهدمه وبناء الهيكل ، كل هذا الكيد والمكر يشير إلا أن المسجد الأقصى على أبواب خطر كبير، خطر داهم، يهدد كيانه وبنيانه، فما الذي أعده المسلمون لمواجهة هذا المكر الصهيوني تجاه قبلتهم الاولى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

نسأل الله جل وعلا أن يحمي بيته ويحفظ دينه وأن يعين الأمة على أداء واجبها والقيام بدورها لحماية الأقصى وتحريره من دنس اليهود ، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وأكرمنا بالإيمان وشرفنا بالقرآن ، وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له جعل امتنا خير امة أخرجت للناس،وأشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين ومن تبعهم بإحسان اما بعد ..

معاشر المؤمنين ..
اننا حين نجدد الذكريات فإننا ننشد تمييز طريق الهدى عن سبل الضلالات، وحين نتذكر الالام فاننا نجدد العزم والامال ،فقد كانت النكبات لأمتنا تنبيها عن الغفلات وتجديدا للعزمات واستدراكا للضعف والتراجعات، والواجب على كل مسلم اليوم ان ينتصر للأقصى بما يطيق ويستطيع ولو بالكلمة والدعاء لأن اعتقاد القلب بوجوب النصرة والتبرؤ من الخذلان أمر لازم لتبرأ الذمة، يوم الوقوف بين يدي الواحد الديان .

الجهاد والدفع واجب لتحرير الاقصى بل وفلسطين جميعها _عباد الله_، هذا هو حكم الاسلام فلا تحرير للأقصى ولااسترجاع للحقوق المغتصبة الا بالجهاد في سبيل الله ، لانقول ذلك دغدغة للعواطف وتجاهلا للواقع بل عن عقيدة وايمان واستجابة لحكم العزيز المنان ، واستمعوا لقول ربكم أيها المسلمون لتدركوا الطريق المستقيم وتسلكوه ، قال تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌالَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ٌالَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )) .
هؤلاء هم الموعودون بالنصر وليسوا أولياء اليهود واتباع الشيطان الذين باعوا دينهم ووطنهم ومقدساتهم بثمن بخس ،فهؤلاء ليسوا أهلا بتنزل النصر عليهم .

عباد الله ..
نصرة الاقصى واجبة بالدعاء والمساندة المادية التي تثبت رباط المقدسيين فهناك مشروع شد الرحال للأقصى بتسيير قوافل المصلين اليه ليكون عامرا بأهله ومشاريع الترميم والعمارة ومشاريع التعليم وغيرها من المشاريع الخيرية التي يترجم المسلم خلالها نصرته للأقصى عمليا ، كما ان الوقوف امام مخططات التطبيع مع العدو الصهيوني واجبة في ظل الضغوط والمؤمرات التي تمارسها قوى الاستكبار والعداء للاسلام ، والاوهام التي يجري وراءها عملاء الاستسلام ووكلاء الخيانة، الذين لازالوا يلهثون وراء السراب ويتذللون للصهاينة لاستجداءه، ثم هم يشهرون السلاح في وجهة المقاومة الباسلة حماية للصهاينة وامعانا في مهاوي الخيانة والعمالة، فعسى الله ان يأتي بالفتح او أمر من عنده فيصبحوا على ماأسروا في أنفسهم نادمين.

فاتقوا الله عباد الله وانتصروا لدينكم ومقدساتكم وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ،هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه.

الخطيب : يحي العقيلي
...المزيد

ظرية المؤامرة وشيطنة الاسلام هشام الخلايلة 16-06-2016 03:06 PM يحق لنا كمسلمين أن نشكك بكل ما ...

ظرية المؤامرة وشيطنة الاسلام

هشام الخلايلة
16-06-2016 03:06 PM
يحق لنا كمسلمين أن نشكك بكل ما يحدث من هجمات ارهابية وخاصةً في ظل نمو اليمين المتطرف في أوروبا، والعالم على حد السواء، والآن في الولايات المتحدة ويمثله دونالد ترامب والذي أعلن عداءه للإسلام والمسلمين وتعهد بمنع المسلمين من دخول أمريكا، وإذا ما تم انتخابه رئيساً لامريكا فالآتي سيكون مدمراً لنا كمسلمين وللولايات المتحدة معاً.

ولا شك أن محاولات شيطنة الاسلام لم تتوقف على مدى التاريخ ولكنها اتخذت منحنىً خطراً في الآونة الاخيرة حيث تسعى الاَلات الإعلامية العملاقة إلى بث سمومها وتوجيه أصابع الاتهام الى كل مسلم حتى يثبت براءته، بل أن ذلك اللوبي العالمي تمادى في غيه وتعاليه وبدأ مؤخراً بتوجيه أصابع الاتهام الى دول إسلامية كانت في طليعة الدول التي حاربت ومازلت تحارب الاٍرهاب الا وهي السعودية، ولولا التأثير الكبير والذي تملكه السعودية وتدارك بعض المؤثرين في الادارة الامريكية ومنهم مدير الاستخبارات الامريكية السابق والذي نفى اي علاقة للسعودية بدعم الاٍرهاب او تمويله لاصبحت السعودية ضحية من ضحايا هذا اللوبي الجديد القديم، ولكن هناك تحليلات تفيد بأن إدارة اوباما تسعى الى خلط الأوراق في الشرق الأوسط من خلال التقارب مع ايران، وعزل او أضعاف السعودية.

إذاً ما الذي يحدث؟ ولماذا هذه الحملة المكثفة ضد الاسلام والمسلمين؟ والمسلمون هم الذين يتعرضون للارهاب اكثر من اي شعب اخر، فهم يقتّلون في كل مكان في العالم وعلى مرأى ومسمع ما يسمى بالأمم المتحدة، وأوروبا الحرة التي تهتم بحياة الكلاب اكثر ما تهتم بحياة المسلمين، والامريكان الذين وضعوا الخطوط الحمر الوهمية لإطلاق يد النظام السوري الفاشي في قتل شعبة وتشريده حتى بكت الانسانية وانتحرت الرحمه لما حدث ويحدث للسوريين ولا من مجيب.

لم نسمع عن الدولة الاسلامية او ما يسمى (داعش) الا بعد أن خذل العالم الشعب السوري في نيل حريتهم والتخلص من النظام البعثي الفاشي والذي تربع على صدورهم لأكثر من أربعين عاماً، وإخفاق العالم في وقف آلة القتل السورية أدى الى أن تتشكل مجموعات للمقاومة سواء كانت متطرفة او معتدلة ( كما يطلق عليها الأمريكان) لوقف العدوان ولحماية الشعب السوري الاعزل، فمن هو المسؤل عن تولد داعش وغيرها؟ انه النظام العالمي الأعور ممثلاً بالولايات المتحدة والذي تآمر على إبادة الشعب السوري مكتفياً بإطلاق تعبيرات الاستنكار والادانة لجرائم النظام السوري، ولم نسمع من الامم المتحدة او الولايات المتحدة اي إدانات للارهاب الروسي والذي دمر وقتل الشعب السوري حيث أن معظم ضحاياه كانوا من المدنيين، ولا ننسى قصف المستشفيات والمدارس.

وبالعودة الى نظرية المؤامرة، فإن مؤنس (الشيعي الذي تسنن) والذي أحتجز مجموعة من المدنيين في مقهى لندت في سيدني لم يكن ارهابياً وإن رفع راية داعش لانه كان في مصحة نفسية ويحمل شهادة مريض عقلي ويتناول أدوية لتساعده على البقاء هادئاً، ولكن الاعلام الأسترالي والعالمي صوره على أنه ارهابي له ارتباطات بالدولة الاسلامية وقد ثبت كذب كل تلك الادعاءات ولكن الاعلام لا يتكلم عن ذلك الان وإن تكلم عنه فهو على استحياء وقد أدت تلك المؤامره الى زيادة اليمين المتطرف في استراليا وخروج المئات في مسيرات ضد الاسلام، وهذا مثال واحد فقط للمؤامرة التي تحدثت عنها سابقاً. المثال الثاني، عمر متاني والذي قيل أنه قتل خمسين شخصاً في نادي للشواذ في اورلاندو، وقبل بدأ اي تحقيقات قامت وسائل الاعلام الجبارة باتهام المسلمين ووصفتهم بأنهم وباء وبأنهم يحملون الكثير من الكراهية والضغينة للغرب وثقافتهم، وكانت هذه أيضاً فرصة رائعة لدونالد ترامب لبث سمومه ضد المسلمين وشيئاً فشيئاً بدت ملامح تلك الجريمة تظهر، وبدا لنا أن هذا الشخص يرتاد ملاهي ونوادي الشواذ ويشرب الخمر وهو معروف لدى الكثير من مرتادي ذلك النادي، وقد وصفته زوجته السابقة بأنه كان عصبي المزاج، وأنه كان يضربها باستمرار، فهذا الشخص ليس له علاقة لا بالارهاب ولا بالارهابيين وإن قامت الدولة الاسلامية بأستثمار ذلك الحادث فقط من باب قدرتها على الوصول الى قلب أمريكا. وهناك الكثير من الامثله ولكن لا مجال لطرحها في هذه المقالة.

ورغم عدم دعم السواد الأعظم من المسلمين للمنظمات الإرهابية ولكن يبقى في عقول المسلمين أن أمريكا هي عدو للإسلام والمسلمين بسبب سياساتها الاحادية في العالم الاسلامي من الدعم الأعمى لإسرائيل الى مباركة جهود دولة مينمار في قتل شعب الروهنجا المسلم على يد البوذيين حيث قام اوباما بزيارة تلك الدولة بعد وقت قليل من التنكيل بالمسلمين ولم يدين ذلك النظام العسكري الفاشي ولو بكلمة وكأن مسلمي الروهنجا ليسوا بشراً.

في نهاية مقالتي، نحتاج في العالم الاسلامي والعربي الى صحوة إعلامية لتفنيد كذب وادعائات الاعلام الغربي بشأن الاسلام، ولتوضيح الصورة الحقيقية لديننا الحنيف ولتسليط الضوء على الاٍرهاب الغربي ضد المسلمين لوقف الهجمة الظالمة على الاسلام.

* خبير فُض نزاعات / استراليا
...المزيد

وفي رمضان فساد إعلامي أيضا !! خباب بن مروان الحمد ما أن يبزغ هلال شهر رمضان ؛ لا تنفك كثير ...

وفي رمضان فساد إعلامي أيضا !!

خباب بن مروان الحمد


ما أن يبزغ هلال شهر رمضان ؛ لا تنفك كثير من وسائل الإعلام المرئيَّة والمسموعة والمقروءة ، بتقديم رصيدها الإعلامي الذي جمعته خلال عام كامل منذ أن انصرم شهر رمضان السابق ، وهكذا في كل الأعوام ، فحالة الإعداد والتجهيز والتحضير والتصوير والتقديم لأناس متخصصين في عرض المسلسلات والأفلام والمهرجانات تجري على قدم وساق لكل شهر رمضان قادم!!

تلك حالة مشاهدة يغنينا عنها الرصد والتتبع والاستقراء للكم الإعلامي المعروض الهائل ، والذي يلاحظه أدنى مشاهد للقنوات الفضائية ، حيث يتناوب كثير من فناني وفنانات الإعلام على تقديمها مع بدء شهر رمضان المبارك !
حقاً .. إنَّها حالة محمومة يتسابق فيها المفسدون بشتَّى أجناسهم وطبقاتهم ؛ لتوظيف الناس وإشغالهم في هذا الشهر الكريم لمتابعة برامجهم الساقطة ، مع دسِّ السمِّ في العسل حينا ، بعلَّة أنَّ تلك البرامج اجتماعيَّة أو ترفيهيَّة أو تعرض فيها المسابقات والفوازير الرمضانيَّة !

ولعلِّي أستعرض شيئاً من هذا القبيل لعرض شيء مما لدى الإعلام العربي الذي يقدِّم علانية في شهر رمضان المبارك مقابلات مع بعض ( قليلات الأدب والحياء) على فضائياتنا العربية :
ـ في إحدى القنوات والتي عرضت برنامجاً بعد الإفطار في شهر رمضان المبارك حيث يستضيف الممثلين والممثلات ، استضاف في إحدى حلقاته إحدى الراقصات ، فسألتها مقدمة البرنامج : كيف وصلت إلى ما وصلت له من مجد؟! فأجابت هذه الراقصة: أنا هربت من أسرتي وعمري 12 سنة ومارست حياتي ! حتى وصلت وأصبحت فلانة صاحبة الشهرة والملايين!!
ثمَّ سألتها المذيعة : أنت تزوجت 3 مرات رسمياً و4 عرفياً ؟ فقالت : لا بل 4 رسمياً و7 عرفياً !!
هكذا تقدم بعض فضائياتنا العربية قليلات الحياء والأدب والدين في شهر رمضان ليتحدثوا عن مجدهن الملطَّخ الذي مارسوا فيه حياتهن بكلِّ حريَّة !
ـ وفي برنامج آخر في شهر رمضان سئلت إحدى الفاسقات عن عدد مرَّات الزواج ؟ فقالت أربع رسمياً أمَّا العرفي فلا أعرف له عدداً .
فسألوها لم كل هذا العدد ؟ يبدو أنَّ العيب في الرجال ؟! فقالت : لا العيب في نظام الزواج لأنَّه نظام بالٍ ومتخلِّف عفاه الزمن !! [مجلة البيان عدد 141: صـ 39]
ـ يقول الدكتور أحمد المجذوب أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة في ندوة له في مجلة البيان عدد 141 ص 36 :( إحدى القنوات التي كانت تقدم إعلاناً للتعارف من أجل الجنس تبدأ من الثامنة حتى الحادية عشر ثمَّ تشفّر قبل رمضان بيومين ، فتحت إرسالها لمدة (24) ساعة في اليوم بأفلام جنس صارخ طوال الشهر المبارك ، وظل الإرسال حتى رابع أيام العيد ثمَّ شفِّرت مرة أخرى ! ويبدو أنَّ البعض اشتكى فاعتذرت القناة بأنَّ آلة التشفير تعطَّلت ولكن مراسل "الاندبندنت" علَّق قائلاً : لقد كان أسلوباً فجَّاً أن تظهر هذه القناة قبل رمضان بيومين ثم تذيع على مدى اليوم كله موجهة للعالم الإسلامي خلال الشهر كله ، وذلك طبعاً إفساد للشباب المسلم كي ينتهك حرمة الشهر الكريم!!
هذه نماذج مثيرة وجزء من كل ، عرضتها لإيقاظ أصحاب القلوب بأنَّ وراء الأكمة ما وراءها ، وأنَّ أرباب هذه القنوات والبرامج الفاضحة يريدون من ورائها أن يفرغوا رمضان من محتواه الحقيقي ويتحوَّل إلى موسم ومناسبة للأكل أو المسلسلات أو المسابقات التافهة ، كما يقول الكاتب (فهمي هويدي) بأنَّ (هؤلاء يريدون من رمضان أن يكون موسم ومناسبة أشبه بالكريسماس الذي يفترض أنه احتفال بذكرى ميلاد المسيح وتحول إلى موسم للتبضع وحفلات اللهو واختفى كل ما هو ديني وهيمن الدنيوي فهم علمنوا مناسبة ميلاد عيسى ويريدون المضي من المسلمين على هذا النحو ذاته ليكون تراجع تدريجي للعقدي والإيماني في هذا الشهر وتصاعد مقابل لكل ما هو مسل وعبثي ودنيوي من خلال الإعلام العربي)ا.هـ
ومن الغريب أن نجد هناك فنَّانين وفنَّانات عرف عنهم الفسق وقلَّة الحياء ، يعرضوا في رمضان برامج تراثيَّة دينيَّة فيقوموا بتمثيل دور الأنبياء أو الصحابة أو التابعين ، ويدسوا السمَّ في العسل ، مدَّعين أنَّهم يقوموا بدور توعوي رمضاني.

إنني أتساءل : ما الذي يريده أصحاب هذه البرامج الموبوءة بالعهر والتثني ، والرقص والتغني ؟
ولم نجوم الدراما يتسابقون للحاق بخريطة رمضان التلفزيونيَّة بأشكال عديدة من البرامج التي يبدو من ظاهرها أنَّها اجتماعية أو فوازيريَّة أو حواراتيَّة ، وأمَّا بواطنها فإثارة للشهوات ، وتهييج للغرائز ، قاضين أوقاتهم لأجل ذلك ما بين التصوير والمونتاج ، والمكياج والمكساج ؟!
وما الفائدة من عرض قصص الحب والغزل في شهر رمضان الكريم المأمور بقضاء الوقت فيه بذكر الله وعبادته والتصدق فيه وإطعام الطعام للفقراء والمساكين وخدمتهم وقضاء حوائجهم؟
ولم تعرض تلك البرامج التراثيَّة بالصورة التي تشوِّه المجاهدين الأقدمين والعلماء الأسبقين؟
إني لا أفهم من ذلك إلاَّ ما أخبرنا عنه ربّ العزة والجلال حين قال ـ وقوله الحق والصدق ـ :( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً).
لقد كان الفسقة الأقدمون يدارون الناس ويسايرونهم في شهر رمضان ولا يجرؤوا أن يبدوا ما لديهم من فساد ، فهذا أبو نواس الشاعر الماجن كان يستحي من إظهار المعصية في شهر رمضان ويقول :
منع الصوم عقاراً وذوي اللهو فغارا
وبقينا في سجون الصوم للهم أسارى
غير أنَّا سنداري فيه ما ليس يدارى
وأمَّا فسَّاق هذا الزمن فإنَّهم لا يجاملون النَّاس ، بل يبدون كلَّ ما لديهم من فسق ومجون ، بل قد تجدهم يتحيَّنون فرصة قدوم شهر رمضان المبارك لصرف الناس عن العبادة، ويختارون أوقاتاً جديرة بصرف القلب والقالب فيها للعبادة والطاعة ، فيختارون قبل وقت الإفطار وهو الوقت المشروع للعبادة والدعاء ، ويختارون ما بعد صلاة المغرب ، وكذا التراويح ؛ وذلك لعرض ما لديهم من برامج إعلاميَّة مغرضة ، كما أنَّ كثيراً منهم من يختار وقت صلاة الجمعة لبثِّ البرامج الخليعة والسيئة لصرف قلوب الشباب والناس عن طاعة الله وعبادته في هذا الوقت الجليل.
إنَّها دعوة لأصحاب هذه القنوات ، ومنتجي هذه البرامج أن يعودوا إلى ربِّهم ويؤوبوا إلى بارئهم قبل أن يأتيهم الموت بغتة ، فتقول نفس يا حسرتا على ما فرَّطت في جنب الله ، ويا ويلتا على ما حملته من أوزاري وأوزار الذين أضللناهم بعلم وغير علم.

• دور الإعلام الإسلامي في شهر رمضان الكريم :
لا ريب أنَّ الإعلام هو السلطة الرابعة ولا أبالغ إن قلت إنَّ سلطته في هذا الزمن تعادل سلطة القوى والمنظومات السياسية ، فالناس في هذا الزمن على دين إعلامهم ، وما يبثّه الإعلام هو الشيء الذي ستجده مكرّساً في أخلاق الناس وقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم ـ إلا ما رحم الله وقليل ماهم ـ.
وعبر الفضائيات الفاسدة التي يمرّر من خلالها هذا العفن الفنِّي ، والتي تخلط في كثير من الأحيان العهر بالثقافة ينبغي أن نعترف نحن الإسلاميين بأنَّ هذه البرامج استقطبت واجتذبت الكثير والكثير من المشاهدين المسلمين .
وعليه فما أجدر الإسلاميين أن يكون لهم دور قوي واضح وحيوي ومثير في زمن تصارع القوى الإعلاميَّة ، بتقديم البديل الإسلامي( ) الجيد والجديد والمفيد في ساحات القوى الإعلاميَّة ، كي يتقن فنَّ اقتياد المشاهدين ، فنحن في عصر التأثير الثقافي والإعلامي ولا شك ، والمهم أن يكون لدى الإسلاميين دور فعَّال في إدارة هذه الحقبة الزمنية الرمضانية بنوع من الرؤى والتصورات الإعلاميَّة الرشيدة الفاعلة والفعَّالة في عصر التواصل المعلوماتي والتأثير الفكري .

ومن الملامح الهامَّة ، والومضات المتواضعة التي نستطيع أن نقدِّم من خلالها بديلاً منضبطاً ، ونواجه بها الغزو الإفسادي الإعلامي:
ـ أهميَّة الثبات على منهج أهل السنَّة والجماعة وعدم التنازل تحت ضغط الواقع.
ـ محاولة تقديم البرامج المتميزة والجديدة الجادة غير المكررة فالتكرار وخصوصاً في الجانب الإعلامي يحرق الورقة التي تراهن عليها القناة أو البرامج الإعلامية الإسلاميَّة ، في قيمة برامجها ذات الأهميَّة والتجديد المفيد.
مع التنبيه على أهميَّة الابتكار والتجديد والإبداع التطويري للبرامج الإعلاميَة الإسلامية الهادفة ، ومحاولة إضفاء الجديد عليها وتقديم البرامج الخاصَّة .
ـ الموضوعيَّة وإضفاء المنهجيَّة المنطقيَّة التي لا تنحرف مع الاتِّجاهات المنحرفة.
ـ المصداقيَّة وتقديم البرامج التي تعالج القضايا بعلمية وعملية بروح واقعيَّة.
ـ الإثارة والتشويق بنَفَسٍ إسلاميَّة مرنة ومتزنة ومنضبطة بمنهج أهل السنَّة والجماعة.
ـ استخدام أسلوب الترفيه المباح ، واللهو الجائز ، فكثير من النفوس ميَّالة بطبعها إلى الترفيه واللهو ، فإن لم يكن في هذه القنوات الفضائيَّة ما يشغل هذه النفوس باللهو المباح ، فإنَّ الناس سيقبلون على ما عداها من القنوات الفضائيَّة الفاسدة.
ولا ريب أنَّ الأولى في شهر رمضان الانشغال بالعبادة والطَّاعة ، ولكنَّا ـ شئنا أم أبينا ـ فسنجد أنَّ هناك نفوساً ميَّالة بطبعها إلى الترفيه ، فلئن نصرفها إلى اللهو المباح أفضل من الإقبال على الغير من فساد ساقط .
ـ تقديم المباح على الأقل ، وتقديم ما يثري النفس ويثيرها لطاعة الله تعالى ، بشكل يحفِّزها على ذلك ويدفها ويدفعها للابتعاد عن المعاصي ، ورحم الله الإمام ابن تيميَّة إذ يقول :( وكذلك كل ما يعين على طاعة الله من تفكر أو صوت أو حركة أو مال أو أعوان أو غير ذلك ، فهو محمود في حال إعانته على طاعة الله ومحابه ومراضيه ، ولا يستدل بذلك على أنه في نفسه محمود على الإطلاق ، ويحتج بذلك على أنه محمود إذا استعين به في طاعة الله ، ولا يحتج على ما ليس من طاعة الله بل هو من البدع في الدين أو الفجور في الدنيا) (الاستقامة لابن تيمية :291).
ـ تغذية الذهن والفكر بما يزيد من رصيده المعرفي .
ـ تعرية الأفكار المنحرفة ، واستقطاب المتخصصين ذوي المنهج العلمي النقدي الرفيع عن التهم والحدَّة في النقاش.
ـ تربية الناس على معالم الرقابة الذاتية ، وتقوى الله في السر والعلن ، وكما قال أحد المفكرين : حبَّذا أن نقدِّم في هذا الزمن التذكير بأهمية بناء المناعة على أسلوب المنع ، وإشعار الناس بأهميَّة عبوديَّة المراقبة.
فتربية النفس على صراع الشهوات ، ومعاركة وسواس الشيطان ، سيجد صاحبها من خلال ذلك ألم وقسوة ، إلاَّ إنَّها ستكون مرارة يعقبها لذَّة وارتياح بال واطمئنان ضمير.
ـ محاولة فضح فساد القنوات المفسدة وتحذير رجال الأعمال والملاَّك من دعمها.
ـ بعث الرسائل الخاصَّة لأصحاب هذه القنوات ومموِّليها وتذكيرهم بالله ، وأهميَّة الرجوع للحق ، واستخدام أسلوب الرفق واللين فهو أحرى بهم وأولى وأنفع .
ـ تحذير فئة الشباب والفتيات من هذه القنوات وإعلامهم بمقاصد أصحابها ، وأنَّ من أولوياتهم في ذلك محاولة صرف الشباب عن دين الصحيح لمتابعة ما يبث عبر هذه القنوات من شهوات وشبهات.

لعلَّ الله يجعل من وراء هذه الملامح الخير كلَّه ، وأن يهدي في هذا الشهر الكريم ضال المسلمين ، ويردهم إليه رداً جميلاً ، إنه أعظم مأمول ، وبالله التوفيق .
...المزيد

* خطتي في رمضان وكيفية تحقيقه * عادل بن عبدالعزيز المحلاوي @adelalmhlawi بسم الله الرحمن ...

* خطتي في رمضان وكيفية تحقيقه *

عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
@adelalmhlawi


بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله وب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين .

•• مقدمة مختصرة /
أيقن أنّ رمضان فرصة لكل خير ، وموعداً للإنطلاقة الكبرى نحو ملكوت السماء ، والفوز برضا الرحمن ، واكتساب عز الدنيا والآخرة .
أيقن أنّ رمضان غنيمة لعتق الرقاب من النّار لتفوز بسعادة الأبد والنجاة من أعظم خطر .
أيقن أنّ رمضان موسماً لإصلاح النفس ، وتعديل السلوك ، واكتساب العادات الحسنة .
أيقن أنّ رمضان ميقاتاً لإصلاح الخلل وسد الرتق .
أيقن أنّ رمضان وقت إنطلاق لأن تكون من المصلين المسبحين المتصلين بكتاب الرابحين للحسانت .

🌱خطتي في رمضان 🌱

( كتبتها مختصرة بلسانك ، ولعلها تقع عندك بمكان ، وتبرز لدنيا الواقع )

•• أولاً : إصلاح صلاتي
وأعظمها المحافظة على الفرائض فهي أجل قربى ، وأرجى طاعة ، سأهتم فيها اهتماماً خاصاً لأنّ التفريط فيها أكبر خطر على صاحبه ، ورمضان فرصة لإصلاح الخلل فيها .
سأحرص على صلاة التراويح ؛ أيعقل أن أتركها وفيها أجر قيام كل ليلة ، والفوز بمغفرة ذنوبي بسببها .
وسأبدأ عهداً جديداً مع السنن الرواتب لأفوز كل يوم ببيت في الجنّة ، والسنن الرواتب هي :
( ركعتان قبل الفجر ، وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء )

تكاسلت عنها كثيراً وحان وقت المحافظة والحرص عليها .
•• ثانياً : قرآني في رمضان
وذلك بقراءة ثلاثة أجزاء كل يوم ، وإن ضعفت فلا أقل من جزء أو جزأين ، ووالله إنّي لألوم نفسي وأنّا أرى المتنافسين على الختمات وأنا لا زلت أرواح مكاني بل وأتراجع القهقرى .
إن لم اقرأ في رمضان فمتى سأقرأ !؟
إن لم أفرّغ وقتي له في رمضان فمتى أفرّغه !؟
إن لم اغتنم رمضان للتلاوة فمتى اغتنم !؟

•• ثالثاً : سألتزم بأذكار الصباح والمساء
ففيهما الأجر العظيم ، والتعويض عن كثير من الطاعات .

•• رابعاً : سأحافظ على وقتي في رمضان .
فرمضان أيام قليلة ، وساعات معدودة ، وبإذن الله سأربي نفسي في المحافظة على الوقت ، وهناك أوقات سأعاتي بها عناية خاصة فمنها :
* الحرص على جلسة الإشراق فكم فيها من أجور التي لا تُحصى .
* السعي للتقدّم للمسجد مع أول الوقت .
* الجلوس بعد العصر لقراءة القرآن ففترة العصر طويلة هذه الأيام .
* سأغتنم ساعتين مهتمين في رمضان :
الساعة الأولى قبيل الإفطار سأفرّغه للدعاء ورفع حوائجي لمولاي ، فربي كريم جواد يُحب الملحين في الدعاء .
والساعة الثانية قبيل الفجر ، وهي ساعة السَحَر - وهو وقت نفيس - سأجعله خالصاً لوجه الله ، سأناجي فيه ربي وأكثر من الإستغفار والدعاء .
* سأفرغ بعض وقتي بعد التراويح لزيارة رحمي وصلتهم ، فلقد قصّرت معهم كثيراً ، ولعل رمضان بداية العودة لهذا الخير العظيم .

•• سأحرص على العمرة في رمضان
ومن أعظم ماشجعني عليها أنّ أجرها ( كحجة مع النبي ﷺ ) فأي فضل أعظم من هذا !

•• سأحرص على التوبة وتجديدها
وبعض النّاس يظنّ التوبة للعاصين فقط وماعلِم أن سيد التائبين هو رسول الله
فكيف أنّا وأنت !
فلذا سأجدد التوبة كل وقت في رمضان لحاجتي إليها .

• وأذكركم بهذا الحديث لعله أن يكون دافعاً لنا جميعاً في العناية في طاعة الرحمن والإستجابة له في هذا الشهر ، صَعَد النبي صلى الله عليه وسلم يوماً المنبر فقال : آمين ، آمين ، آمين . قيل : يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت : آمين ، آمين ، آمين . فقال : إن جبريل عليه السلام أتاني فقال لي : مَن أدرك شهر رمضان فلم يُغْفَر له ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قُل آمين ، فقلت : آمين...."
رواه ابن خزيمة والحاكم وصححه .

فتأمّل معي بالله عليك :
الداعي - هنا - جبريل عليه السلام .
المُؤمّن على الدعاء محمد وهو بمقام الداعي .
وزاد الدعاء تخويفاً أنّه صار على منبره ﷺ .
فأي رعب يصيب النفوس وهي تسمع بمثل هذا ثم لا تسعى في اغتنام رمضان ، والحذر من أن تُصيبه هذه الدعوة بعدم تعظيمه وإجلال من أمر بتعظيمه !!

* أخي أخيتي .
ألحوا بالدعاء على الله بأن يقبلك ويقبل منك .
ألحوا بالدعاء على الله بأن يعينكم ويُوفقكم لهداه .
ألحوا بالدعاء على الله بأن يجعلكم في هذا الشهر أرضى العباد وأسعدهم وأن يكتب لكم الحب في ملكوت السماء .

* وقبل أن أضع قلمي أوصيكم أوصي نفسي وإياكم أن نكون جادين في الأخذ بالأوامر ، عازمين في هذا الشهر أن نجعله نقطة تحوّل في حياتنا بالإلتزام بالشعائر وتأدية الفرائض واغتنام بقية العمر .
فهل نضمن أن ندرك رمضان مرة أخرى ؟
وهل نضمن صحتنا وعافيتنا في مستقبل الأيام ؟
اللهم أعنّا على مراضيك ، وخذ بنواصيك لمحابِّك ، وارضَ علينا وأرضنا يارحمن .


كتبه أخوكم / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
المملكة العربية السعودية / محافظة أملج ( الحوراء )
١٤٣٩/٨/٢٣
...المزيد

الحرب الخفية والحرب المعلنة محمد بن عبدالله الشمراني الحرب تأخذ أشكالاً مختلفة وأنواعاً ...

الحرب الخفية والحرب المعلنة

محمد بن عبدالله الشمراني


الحرب تأخذ أشكالاً مختلفة وأنواعاً متعددة، فتكون تارة حرباً عسكرية، وتارة حرباً اقتصادية، وتكون تارة حرباً فكرية وثقافية، وتارة تكون حرباً إعلامية ونفسية... إلى غير ذلك سواء كانت الحرب بين أهل الحق وأهل الباطل، أوكانت بين أهل الباطل بعضهم مع بعض.
ولكن أشد هذه الحروب خطراً وأعظمها نتيجة وتأثيراً على الإطلاق هي الحروب الفكرية، فقد جرب أهل الباطل في حروبهم الطويلة مع أهل الحق كل أنواع الحروب، وتوصلوا إلى أن الحرب العسكرية مع ما تكلفه من الخسائر البشرية والمادية وغيرها؛ فإن نتائجها محدودة، مع أن النصر فيها غالباً يكون ليس حليفاً لهم والانتصار فيها لا يمتد أمده طويلاً؛ فإن المهزوم لاينسى الهزيمة، ويظل يسعى جاهداً في استعادة القوة، ومحاولة الانتقام؛ بل ورد الكيل كيلين والصاع صاعين.
فقرروا أن تكون الحرب البديلة هي الحرب الفكرية، ووجدوا أنها لاتكلف كثيراً، وأن نتائجها أكبر مما قد يخطر ببال، وأن الهزيمة فيها أو السقوط لا يعقبه قيام إلى الأبد، فركزوا على هذا النوع من الحرب، وتفننوا في الوسائل والأساليب المستخدمة لها.
ومع أنهم لم يهملوا أو يغفلوا الحروب الأخرى؛ فكرسوا الترسانات الهائلة في المجال العسكري لما يسمونه بأسلوب الردع، وفي المجال الاقتصادي استنزفوا ثروات وخيرات الدول الضعيفة أو المغلوبة على أمرها؛ حتى تبقى ذليلة خانعة لا هم لها إلا لقمة العيش وهكذا في كل المجالات الأخرى.

وهذه الحرب الفكرية "أو قل: الحرب الخفية" ليست وليدة الساعة بل إنها قديمة قدم الإنسان نفسه، ولكن الأعداء لم يكونوا يولونها الاهتمام الذي أخذوا يولونها إياه مؤخراً. سأتناولها من جانبين:
الجانب الأول: متى بدأت هذه الحرب؟ وما هي أول معركة فيها؟ وما نتيجتها؟ وما هي أخطر الأساليب والطرق التي تدار بها رحى هذه الحرب من قبل الأعداء؟
إن الحرب القائمة بين الحق والباطل، والهدى والضلال، ليست وليدة الساعة، فقد بدأت منذ أن خلق الله آدم عليه السلام، وأمر سبحانه وتعالى الملائكة أن تسجد لهذا الكائن الجديد الذي خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه ،كما قال تعالى: إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ( 71 ) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ( 72 ) فسجد الملائكة كلهم أجمعون ( 73 ) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين ( 74 ) قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين ( 75 ) قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ( 76 ) قال فاخرج منها فإنك رجيم ( 77 ) وإن عليك لعنتي إلى" يوم الدين ( 78 ) قال رب فأنظرني إلى" يوم يبعثون ( 79 ) قال فإنك من المنظرين ( 80 ) إلى" يوم الوقت المعلوم ( 81 ) قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين ( 82 ) إلا عبادك منهم المخلصين ( 83 ) قال فالحق والحق أقول ( 84 ) لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ( 85 ) {ص: 71 - 85}.
فبدأت المعركة من تلك اللحظة التي أعلن فيها إبليس، وأقسم ليغوين بني آدم أجمعين.
فأخذ الشيطان الأكبر يجند لهذه الحرب جنوده، ويجيش جيوشه، وتحالف معه في حربه على الحق أمم لا يحصي عددهم إلا الله من الجن والإنس.
وفي السياق القرآني إشارة لكثرة جنوده وأتباعه من الثقلين، كما في قوله تعالى: لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين 85 {ص: 85}، وكما في قوله تعالى: الذي يوسوس في صدور الناس 5 من الجنة والناس 6 {الناس: 1 - 6}. بل إن الشيطان يجند الدواب، والطيور، والعضاة، وغيرها للإفساد في الأرض كما روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "خمروا الآنية وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت"(1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "جاءت فأرة فجرت الفتيلة فألقتها بين يدي النبي على الخمرة التي كان قاعداً عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال النبي :"إذا نمتم فأطفئوا سراجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم"(2).
قال ابن حجر: "وفي هذا الحديث بيان سبب الأمر أيضاً، وبيان الحامل للفويسقة وهي الفأرة على جر الفتيلة وهو الشيطان، فيستعين وهو عدو الإنسان عليه بعدو آخر وهي النار"(3).
وقل مثل ذلك في شجرة الغرقد التي تقاتل مع حزب الشيطان من اليهود، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون؛ حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر: يا مسلم، يا عبدالله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود"(4).
وهذه الحرب بين حزب الرحمن وحزب الشيطان دائمة مستمرة إلى أن يرث الله السموات والأرض.

ولي مع قصة إغواء الشيطان لآدم عليه السلام وقفتان جديرتان بالتأمل:
الوقفة الأولى:
أن إبليس الذي تمرد على الله جل وعلا، وأبى واستكبر، وكان من الكافرين، يقسم بالله تعالى لآدم: إنه لمن الناصحين، ومعلوم أن القسم نوع من التعظيم، فكيف يقسم بالله تعالى؟! ليس لهذا جواب إلا أنه المكر والخديعة، وهو أسلوب من أساليب الحرب الفكرية الماكرة.
وهذا الأسلوب هو نفسه الأسلوب الذي ينهجه أهل الباطل من شياطين الإنس في كل زمان ومكان، فهذا فرعون يقول عن موسى عليه السلام: إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد 26 {غافر: 26} .
لماذا؟ هل لأن فرعون يهمه أمر الدين أو يتمنى أن تتطهر الأرض من الفساد؟ كلا، ولكنه الأسلوب الشيطاني في الحرب الفكرية، حتى إذا سمع الناس هذا قد يظن ظان أن الأمر كما يسمع!!
وكذلك يفعل المنافقون، كما في قوله تعالى: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون 11 {البقرة: 11} والله تعالى يقول عنهم: ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون 12 {البقرة: 12} .
وفي هذا دليل على أن أهل الباطل يصل بهم الحال أحياناً إلى أن يعتقدوا أنهم فيما يفعلون من الفساد، والدمار، والانحلال، على حق.
وهذا الأسلوب أعني أسلوب الوصول إلى فكر الخصم وغزوه عن طريق القناعات التي يؤمن بها، كما فعل إبليس مع آدم عليه السلام هو نفس الأسلوب الذي ينهجه أهل الباطل في عرض باطلهم، فتراهم يلمعون أسماءً وشخصيات، فيطلقون عليها العالم، والشيخ، والمفكر، والأديب، وربما هم ليسوا من أهل العلم والأدب، وما ذاك إلا ليسوقوا بضاعتهم؛ فإن أهل الدين إذا رأوا من يلبس لبس العلماء، ويظهر بمظهر المشائخ؛ أخذوا قوله، وقبلوا رأيه، ولا يخطر لهم أنه متقمص لهذه الشخصية.
وهذا لا يعني أن نسيء الظن في أهل العلم والصلاح، ولكن المراد أن يكون المؤمن فطناً، وأن لايؤتى على غرةٍ ، وقد قال : "إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون".
هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن العلماء بشر يصيبون ويخطئون وخطؤهم ليس كخطأ غيرهم، فعن عمر قال: "هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: قلت: لا. قال: يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين".
وقد تنبه أعداء الإسلام إلى خطورة هذا الأمر فأخذوا ينشرون ويشيعون بين الناس كل رأي لأيّ من العلماء يوافق ما يذهبون إليه، وما يخدم غاياتهم ومقاصدهم، في الوقت الذي يحجبون عن الناس اجتهاداته الأخرى التي لا توافق أهواءهم.

الوقفة الثانية:
أن آدم عليه السلام عندما تأثر بهذا الأسلوب الذي كان سبباً في إخراجه من الجنة، وإهباطه إلى الأرض كان ذلك بقضاء الله وقدره؛ لحكم عظيمة جسيمة من أهمها:
أن يعلم من بعده خطورة هذا الأسلوب في هذه الحرب الخفية الماكرة، وليعلم كذلك أن هذا الأسلوب إذا أثمر مع نبي من أنبياء الله تعالى فإن من دونه أضعف منه، وبالتالي فهو أحرى أن ينهزم في مثل هذه المعركة إذا لم يأخذ حذره، ويعد العدة اللازمة للوقاية من مثل هذا الأسلوب الماكر.
ولكي يستيقظوا من سباتهم الذين يرون أنهم أصحاب عقول كفيلة أن تميز بين الحق من الباطل، فيفتحوا على أنفسهم قنوات الهدم التي يديرها أعداء الإسلام، وأعداء الفضيلة من قنوات فضائية، ومواقع معلوماتية على (الإنترنت)، وصحف ومجلات هابطة، أو حتى وساوس شيطانية، أو لقاءات ومحاورات فكرية، فإنني أذكرهم بقول النبي : "إنكم تختصمون إلي، وإن أحدكم يكون ألحن بالحجة من الآخر، فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقتطع له قطعة من نار"(7).
فإذا كان محمد قد تُلبَّس عليه الحقائق بسبب صاحب حجة بليغ اللسان، فماذا عسانا أن نقول عمن دونه مهما كان يحمل من فطنة وذكاء، أو نظر ودهاء، أو شهادات وثقافة، وخصوصاً أمام من قد بلغوا من الأساليب والتفنن المبني على التدريب والدراسات المكثفة في الوصول إلى عقلية المتلقي وإقناعه بما يعجز عنه الوصف، حتى إن هذه الوسائل وكما لا يخفى على ذي عقل قد مسخت أمماً بأكملها وصاغتها بالصياغة التي يريدها القائمون عليها.
فهذه الشعوب الغربية على سبيل المثال استطاعت وسائل الإعلام المختلفة أن تصور لها أن الإسلام وأهله شبح مخيف لاهم له إلا القتل والدماء.
حتى أصبح من المسلّم الذي لا نقاش فيه لدى عامة الغربيين أن المسلمين إذا لم يستطيعوا أن يقتلوا السياح ونحوهم؛ فإنهم يعودون على أنفسهم بالضرب بالسلاسل والسياط حتى تسيل الدماء، ويعرضون بعض المشاهد مما يفعله البعض ممن ينتسبون للإسلام وهم مارقون منه بأنفسهم في طقوسهم البشعة.
وقد التقيت بأحد الأطباء الغربيين وهو غير مسلم في أحد المستشفيات العسكرية فكان من كلامه أن قال: لقد أتيت من بلادي وأنا لا أعرف عن الإسلام إلا أنه قتل للأبرياء من السياح وغيرهم، وضرب للنفس بالسلاسل، فلما أتيت إلى هذه البلاد عرفت أن الإسلام دين رحمة ومحبة وتسامح، وعرفت أن القرآن شفاء، وقد رأيت حالات كثيرة عجز الطب عن تشخيصها، فضلاً عن علاجها، ثم نجد علاجها بالقرآن.

الجانب الثاني: العدة لمواجهة مثل هذه الحرب:
إذا تبين خطر مثل هذه الحرب، فاعلم أن الهزيمة فيها ليست كالهزيمة في غيرها، فإن المسلم إذا قتل في المعركة ترجى له الشهادة بإذن الله تعالى، أما الهزيمة الفكرية فإنها تعني خسارة الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: والفتنة أشد من القتل191 {البقرة: 191}، وقال تعالى: والفتنة أكبر من القتل 217 {البقرة: 217}، كما أن هذه الحرب تعني بالنسبة للعدو الانتصار بدون أدنى مقابل.. إذا علم هذا فإن من أهم الأسلحة التي لابد للمسلم من إعدادها لمثل هذا النوع من الحروب:
أولاً: تقوى الله جل وعلا في السر والعلن، كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا 29 {الأنفال: 29}.
نقل ابن كثير قول محمد بن إسحاق: "فرقاناً أي: فصلاً بين الحق والباطل" ثم قال: "فإن من اتقى الله بفعل أوامره، وترك زواجره، وفق لمعرفة الحق من الباطل فكان ذلك سبب نصره"(8).
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا \تقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم 28 {الحديد: 28} .
ثانياً: اللجوء الصادق إلى الله جل وعلا، والتضرع إليه بالدعاء فتكثر من قولك : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وقولك: اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، وتستشعر دائماً وأبداً ما تردده في كل ركعة من صلاتك: \هدنا الصراط المستقيم 6 صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين 7 {الفاتحة: 6 7}.
وقد كان النبي يستفتح صلاته في الليل بهذا الدعاء: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ماكانوا فيه يختلفون اهدني لما أختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".
وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من قول: "يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك...".
ثالثاً: الرجوع إلى العلماء في الملمات، وسؤالهم عن كل ما يشكل؛ فإن الرجوع إليهم وسؤالهم عبادة، كما قال تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون 43 {النحل: 43} مع ذلك فإن العلماء يرون بنور الله تعالى، ولهم من الفراسة ماليس لغيرهم.
ومما يجليّ هذه القضية موقف ابن عباس رضي الله عنهما مع الخوارج الذين خرجوا على عليّ رضي الله عنه، وأخذوا يكفرونه حينما علموا أن علياً ومعاوية رضي الله عنهما اتفقا على أن يوقفا الاقتتال ويختارا اثنين من خيرة صحابة النبي ، ويحتكما إليهما، ويقبلا مايحكمان به، فلما بلغ ذلك الخوارج أخذوا يشيعون بين الناس أن علياً رضي الله عنه قد كفر بتحكيمه الرجال في دين الله تعالى؛ فإن الله جل وعلا يقول: إن الحكم إلا لله 57 {الأنعام: 57} .
ويقول سبحانه: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون 44 {المائدة: 44} .
فأثرت هذه الشبهة على عدد كبير جداً ممن كانوا في صفوف عليّ رضي الله عنه، كما روى عبدالرزاق والطبراني أن عدد الحرورية حين خرجوا كان أربعة وعشرين ألفاً رجع منهم بعد مناظرة ابن عباس عشرون ألفاً، وبقي أربعة الآف فقتلوا(11).

فأثرت هذه الشبهة في هذا العدد الهائل؛ لأنها كانت تستند على دليل من القرآن الكريم، ولم يتنبه المتأثرون بها أن وجه الدلالة غير صحيح؛ فخرج لهم ابن عباس رضي الله عنهما يناظرهم فجمعهم، ثم قال لهم: ماذا تنقمون من ابن عم النبي ، وزوج ابنته، وأول من آمن به من الصبية. قالوا: ننقم منه ثلاثاً، قال: وما هي: قالوا:
أولها: أنه حكم الرجال في دين الله.
وثانيها: أنه خالف هدي النبي فلم يسب في قتاله مع معاوية.
ثالثها: أنه لم يقبل أن نطلق عليه أمير المؤمنين وقد أمرناه، فإذا لم يكن أميراً للمؤمنين فهو أمير للكافرين.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: أرأيتم إن حدثتكم بما في كتاب الله تعالى من محكمه، وبما في سنة نبيه أكنتم ترجعون؟
قالوا: نعم، قال: أما قولكم: إنه حكم الرجال في دين الله تعالى فإن الله يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم 95 {المائدة: 95}.
وفي المرأة وزوجها قال تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها 35 {النساء: 35}.
فنشدتكم بالله، هل تعلمون حكم الرجال في إصلاح ذات بينهم، وحقن دمائهم أفضل، أم حكمهم في دم أرنب وبضع امرأة؟ فأيهما ترون أفضل؟ قالوا بل هذه، قال: أخرجنا من هذه؟ قالوا: نعم، قال: وأما قولكم: إنه خالف هدي النبي فقاتل ولم يسب، فمن منكم يريد أن تكون أم المؤمنين عائشة في سبيه، ويستحلها كما تستحل السبايا؟ إن كان منكم من يقول ذلك فقد كفر، وإن كان منكم من يقول: إنها ليست للمؤمنين بأم فقد كفر، وكذب الله تعالى في كتابه إذ يقول: النبي أولى" بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم 6 {الأحزاب: 6}.
فوالله إنكم إذاً بين الضلالتين، أخرجنا من هذه؟ قالوا: خرجنا، قال: وأما قولكم: إنه محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن له في رسول الله أسوة حسنة، فإنه يوم الحديبية كاتب المشركين أبا سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو، فقال رسول الله : ياعلي، أكتب: هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله، فقال المشركون: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، اكتب: محمد بن عبدالله، فقال : اللهم إنك تعلم أني رسولك، أمح يا علي، واكتب: محمد بن عبدالله، قال علي: والله لا أمحو، أنت رسول الله رغم أنوفهم، فمحاها بنفسه صلى الله عليه وسلم.
أليس له في رسول الله أسوة حسنة؟ قالوا: بلى، فرجع منهم عشرون ألفاً، وبقي أربعة الآف فقتلوا.
ففي هذه القصة بيان فضل العلماء، وفيها أيضاً كيف أن الباطل قد يروج له بأدلة من القرآن ومن السنة أو بفتاوى لعلماء!!
رابعاً: الإحساس بخطورة هذا النوع من الحروب، ومعرفة طرقها، وأساليب العدو في إدارتها والوسائل التي تستخدم في شن هجماتها.
نسأل الله تعالى أن ينصر الإسلام وأهله، وأن يخذل الشرك وأهله، وأن يجعل كيدهم في نحورهم، ونسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يكشف أسرارهم، ويفضح أخبارهم، ويظهر عوارهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

---------------------------------
@ الهوامش:
1 رواه البخاري: (6295).
2 رواه أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم، وانظر: فتح الباري لابن حجر: (11-103102).
3 فتح الباري: (11-103).
4 مختصر صحيح مسلم للألباني :(2025).
5 صحيح الجامع: (1551).
6 رواه الدارمي في سننه: (214) وصححه الألباني في المشكاة: (1-89).
7 رواه البخاري (5-212) ومسلم (1713).
8 تفسير ابن كثير (4-43).
9 رواه مسلم، انظر: شرح النووي (6-56 57).
10 رواه أحمد: (4-182) وابن ماجه (2199)، وصححه ابن حبان: (2419) والحاكم: (1-525).
11 انظر: حاشية الأرناؤوط ومرشد على مسند الإمام أحمد (5-265)
...المزيد

التشبه بالكفار الشيخ فيصل الشدي أما بعد: فاتقوا الله أيّها المسلمون، وأطيعوا الله ورسوله ...

التشبه بالكفار

الشيخ فيصل الشدي


أما بعد: فاتقوا الله أيّها المسلمون، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين.
عباد الله، دينكم الذي تدينون به قد أكمله ربكم وبه أتم نعمته عليكم، ورضيه لكم شرعة ومنهجًا وسلوكًا، وجرت نواميس الكون وتقلبات التاريخ ليثبت بكل وضوح وجلاء أن من تمسك بهذا الدين أعزه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، ومن تركه ورغب عنه قصمه الله.
وكتب الله على عباده أن كل أمة تستبدل الضلال بالهدى وتتخلى عن خصائصها وتخجل من مبادئها أنها أمة لا تزال في تقهقر وانحطاط وتلاش واضمحلال في فكرها وقوتها وسلوكها.

معاشر الإخوة، وإنه مما ابتلي به السواد العظيم من أمة الإسلام في هذا الزمن أنها أصبحت تأخذ كل ما يساق إليها، وتعبُّ من كل وارد يأتيها، ناسية أو متناسية أن لديها ثوابت عقدية وقواعد شرعية وضوابط ربانية، تضبط ما يؤخذ من الأمم الأخرى ويُقبل، وما يحذر منه ويعرض عنه ويُهمل.
ومما يزيد الظلام ظلمة والعقدة عُقَدًا أن يكون ميل الآخذين من الغير إلى التافه الحقير من فنون ما يسلب الأخلاق ويدمر القيم ويُذل الأمة ويكرّس العبودية، أما أن يأخذ من غيرنا سرّ التفوق وإكسير القوة والنافع المفيد فذاك القوم عنه غافلون.

عباد الله، إنه التشبه بالكفار وتقليدهم والسعي وراءهم في استعباد فكري وخنوع معنوي وتبعية مهينة، والله سبحانه ينادي: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153]، ولكن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحيـن: ((لتتبعنَّ سنن الذين من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه))، قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟!)).
لله درك قلت ـ يا رسول الله ـ حقًا، وتلفّظت صدقًا، خرجت أجيال من المسلمين لا تفكّر إلا بعقول الأعداء، ولا تبصر إلا بأعينهم، راسخٌ في نفوسها ـ شعرت أم لم تشعر ـ أن الحق ما جاء من عند عدوها، والباطل لا يكون عندهم، مقاييس الحق والصدق والأدب ما قررته نظريات الغرب ومناهجه.

وحتى لا يكون كلامنا هذا ضربًا من القيل والقال ولا تلاعبًا بالأقوال فهلمَّ إلى شارع حياتنا لنلقي الضوء على شواهد ظاهرة وخواطر شاهدة على انسياق بعض بني جلدتنا خلف تقليد الكفار والتشبه بهم، فمنها:

1- العصبية إلى قوم أو إلى مذهب أو إلى بلد أو قبيلة، وهذه العصبيات البغيضة جعلت المسلمين في هذا الزمن يرفعون لواء القوميات المقيتة والوطنيات الضيقة التي جعلت المسلمين شعوبًا وفرقتهم أممًا، ناهيك عمّن يشمخ بأنف الكبر والخيلاء لأنّه من قبيلة كذا وكذا، يوالي ويعادي على ذلك، وفي الحديث الصحيح في سنن أبي داود وغيره يقول صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل لعصبية، وليس منا من مات على عصبية)).

2- تبرج النساء والافتتان بهن، وهذا ـ وربي ـ من أفتك الأمراض الخلقية التي تبتلى بها الأمم وتنهار بسببها الحضارات، وتبرّجُهن سمة الكفار، {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33]، والفتنة بهن سنة بني إسرائيل، ((فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))، ولا يخفى على من له أدنى بصر السباقُ المحموم الذي تتسابقه كثير من النساء لهثا وراء تقليعات الغرب وركضًا في كشف ما أمرت بستره، رويدًا رويدًا حذو القذة بالقذة.

3- الاحتفال والاحتفاء بأعياد الكفار وكذا الأيام والأسابيع التي ابتدعوها، وهي من أشد وأخطر ما تساهل فيه المسلمون، فمن الاحتفال بالمولد النبوي إلى الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وهذه كلها أحدثت محاكاة للكفار، وكذلك الأعياد الوطنية والقومية التي تزداد يومًا بعد يوم بين المسلمين، وكذا أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية وعيد الحب وهو من آخر ما ابتليت به أمة الإسلام، الذي يحتفي به قِطاع من شباب الأمة وفتياتها، يرتدون فيه الملابس الحمراء ويتبادلون الورود الحمراء، سبحان ربي، تشبّه ظاهر، وتفرنج معلن، يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان:72]، قال جمع من السلف: "أي: لا يحضرون أعياد الكفار"، بل وبعضهم يستسهل تهنئتهم، يقول ابن القيم رحمه الله فيمن هنأهم بأعيادهم: "إنه إن سلم من الكفر قائله فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئهم بسجودهم للصليب".

4- تقليد الكفار بلباسهم، ويا لله هذا ـ وربي ـ بحر لا ساحل له، ألوانه شتى، ونماذجه هنا وهناك، نرى بأم أعيننا محاكاتهم للكفار وتقليدهم فيها. إنك لتأسى أشدَّ الأسى ويُكلم فؤادك عندما ترى عددًا من شباب الأمة الذين هم أملها يرتدون ملابس الكفار، بل يشهرونها ويعدّونها تحضرا ومدنية وأناقة وتقدمية. انظر إلى قبعاتهم التي يرتدونها على رؤوسهم بل حتى مع الثياب، ألا فليعلموا أن هذه من خصائص بني يهود في لباسهم، انظر إلى فنايلهم التي تعجّ بالكلمات الأعجمية وقد يكون منها ما هو دعوة للزنا أو الحرام وهو لا يعلم، بل يعلق بعضهم على صدره صور أهل الشذوذ الجنسي والعفن الفني، ووالله إنّ قلبك ليتقطع مرارة عندما ترى إمعان هؤلاء الشباب في ذلك، سلاسل حول رقابهم، وأشكال مراكبهم، فأين العزة يا مسلمون؟! إنا لله وإنا إليه راجعون.
وكذا النساء، وكفاك أن مجلات الأزياء اللاتي يسمرن أعينهم فيها تؤخذ موديلاتها من الغرب والله المستعان، فأين هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم عندما رأى على رجل ثوبين معصفرين قال له: ((إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها)). وهذا فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب للمسلمين المقيمين ببلاد فارس: (إياكم وزي أهل الشرك) رواه البخاري.

5- تعلم لغة الكفار من أجل الشهرة لا من أجل الدعوة، وسبحان ربي أصبح بعض المسلمين يحيي بها ويختم لقاءه بها، بل بدأت بعض كلماتهم تتخلل بعض كلمات المسلمين، ولكأنه يرى هذا تمدّنا وتقدما، بل تجده يتكلم الأعجمية مع بعض أهلها الذين يجيدون العربية، ولكن يتحدث بها فخرًا وإعجابًا بها وإظهارًا لمعرفته بها.
سبحان الله أين هؤلاء من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إياكم ورطانة الأعاجم)؟! والسلف رحمهم الله كانوا يكرهون التكلم بغير العربية أشدّ الكراهية وينهون عنه إلا إذا كان في تعلمها مصلحة وحاجة فهذا جائز، ويتبع تعلم لغتهم والتحدث بها التسمّي بأسماء الغرب والتكني بكناهم والتلقب بألقابهم.

6- وصل الشعر وتقليد الكفار بتسريحات الشعر. فيا مسلمون، من منّا يرى نساءه وبناته وأهل بيته ماذا يتعلق بشعورهن؟! قصات عجيبة وتسريحات غريبة تُعدّ لهن بمال كثير، وما علمن ـ والله ـ أنهن يحصدن الذنوب بها، رؤوسهن كأسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ناهيك عن شباب الأمة الذين يفترض فيهم الخشونة، والله إنك لترى أشكالاً غريبة من قصات رؤوسهم، حتى إنك لتشكّ هل هذا من أبناء البلد أم من غيرها.

7- تقليد الكفار بما يحصل في حفلات الزواج، وقد سبق الحديث عن هذا في خطب ماضية.

8- حلق اللّحى وإعفاء الشوارب، وهذا تشبه بالمشركين والمجوس وغيرهم، وفي صحيح مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: ((جزّوا الشوارب وأرخوا اللحى))، يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: "إن إعفاء الشوارب واتخاذ الشنبات ذنب من الذنوب ومعصية من المعاصي، وهكذا حلق اللحية وتقصيرها من جملة الذنوب والمعاصي التي تنقص الإيمان وتضعفه ويخشى منها حلول غضب الله ونقمته" اهـ.

9- الاعتماد في التاريخ على الميلاد والأشهر الإفرنجية أي: ميلاد عيسى عليه السلام متابعةً للنصارى، وإن أعداءنا يسعون لذلك سعيًا حثيثًا، وقد نجحوا في كثير من بلاد الإسلام، لماذا؟ يريدون أن ننسى الأشهر الهجرية لأنها تاريخنا وجهادنا وعبادتنا، يريدون أن ننسى المحرم وصفر ورمضان شهر القرآن وذو الحجة شهر الحج والنسك وغيره.

10- تربية الكلاب واقتناؤها لغير حاجة، ولا شك في حرمة ذلك إلا كلب الصيد والماشية أو الحرث،كفاك أن من رباه لغير حاجة ينقص من أجره كل يوم قيراط، كما في الصحيحين.

11- الموسيقى والغناء، ولا يشك شاك في حرمتها لتوافر الأدلة في ذلك، سواء كانت عربية أم عجمية، وإنك لا تدري أتضحك أم تبكي عندما ترى شابًا يرفع صوت مسجله على أغنية غربية لا يعلم معناها ولكن الشيطان يحركه، بل قد يكون فيها سب لدينه وأهله وهو لا يعلم.
أصلح الله الحال، وهدى النفوس لطاعته والجوارح لمرضاته، إنه ذو العزة والقدرة والجلال.

الخطبة الثانية
الحمد لله على كل حال، وأعوذ بالله من حال أهل الضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله الكبير المتعال، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله شريف النسب وكريم الخصال، صلى الله عليه وآله وصحبه خير صحب وآل.
ثم أما بعد: لو تفحّصنا تلك المظاهر الماضية وغيرها لعلمنا منشأ أدوائنا وأسباب عللنا ولوجدناها عدّة كثيرة ولكن من أهمها:
1- الانحراف العام عن الكتاب والسنة، ولقد ذاق المسلمون ـ والله ـ ويلات ذلك من الذل والعبودية والهزائم المتتالية والتفرق والتبعية.
2- جهل المسلمين وعدم تفقههم في الدين، فيقعون في التشبه من حيث علموا أم لم يعلموا، بل وبعضهم يستسهل القضية.
3- انبهار المسلمين بالتقدم المادي مع جهلهم بحقيقة الحضارة الغربية، فظاهرها بريق ولمعان، وباطنها دمار للأخلاق والقيم، ومن عاش هناك ولو يسيرًا عرف ذلك وأيقنه.
4- ضعف التربية والتوجيه للأجيال المسلمة الناشئة، نعم إذا تخلّى المربون الصادقون والدعاة المخلصون عن مِقود التربية بدأت فئام عريضة من شباب الأمة تتجه إلى القنوات الفضائية وشلل الفساد لتربيها وتخرّج جيلا يتنكر لدينه، ويدين بالولاء والحب لعدوه.
5- القنوات الفضائية، فهذه أسطح كثير من المسلمين تستقبل لوثات الشرق والغرب لتخرج جيلاً ممسوخًا في خلقه وعقيدته، وغيرها كثير.

ولكن إخوة الإسلام، من أجل عودة صادقة وأوبة حقيقية علينا أن نربي نفوسنا وأجيالنا على الاعتصام بالكتاب والسنة وجعلهما حقًا لا رسمًا منهاج حياتنا، علينا أن نعرف حقيقة الحظيرة الغربية ونكشف عوارها لأمة الإسلام، علينا أن نربي أنفسنا ومن تحت أيدينا على العلم والتفقه في الدين، علينا أن نعيش مع شباب الأمة تربية وتوجيهًا وتعليمًا وتأديبًا، وفطرةُ الخير ما زالت ولكن أين من ينميها ويحييها؟! علينا أن نربي أنفسنا وأجيالنا على عزة الإسلام وعظمته، وعلى كره الكفار وبغضهم والتبصر بما يحيكونه ضد أهل الإسلام، والله المستعان.
...المزيد

تَبِعَاتُ الْفَاحِشَةِ يحيى بن موسى الزهراني بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد ...

تَبِعَاتُ الْفَاحِشَةِ

يحيى بن موسى الزهراني

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الواحد القهار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي الجبار ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المختار ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الأخيار . . وبعد :
المقصود بالفاحشة هنا فاحشة الزنا ، لقوله تعالى : { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } [ الإسراء32 ] ، وإلا فالفاحشة يُراد بها اللواط كما قال سبحانه : { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ } [ الأعراف80 ] .
وسوف نتحدث في هذه الأسطر عن تبعات ومخاطر فاحشة الزنا ، والتي وقع فيها البعض من المسلمين غير مبالين بما أعد الله لهم من عقوبة وتبعات تتبع فعل هذه الفاحشة العظيمة الأليمة .
ثم نتحدث عن أدعية يدعو بها من وقع في فاحشة الزنا وربما ألفها وأحبها وشغف بها واستزله الشيطان ليكون من حزبه ، لعل الله أن ينقذه منها قبل فوات الأوان ، وإليكم البيان ، والعون من الله الواحد الديان .
كان هناك تاجر من العراق صاحب خلق ودين واستقامة وكثير الإنفاق على أبواب الخير من الفقراء والمعوزين وباني المساجد ومشاريع الخير .
فلما كبرت به السن وكان له ولد وبنت ، وكان كثير المال ذائع الصيت ، فأراد أن يسلم تجارته لابنه ، حيث كان التاجر يشتري من شمال العراق الحبوب والأقمشة وغيرها ويبيعها في الشام ويشتري من الشام الزيوت والصابون وغير ذلك ليبيعه في العراق .
فبعد أن جلس مع ابنه وأوصاه وعرّفه بأسماء تجار دمشق الصادقين ، ثم أوصاه بتقوى الله إذا خرج للسفر وقال : ( يا بني ، والله إني ما كشفت ذيلي في حرام ، وما رأى أحدٌ لحمي غير أمّك ، يا بنيّ حافظ على عرض أختك بأن تحافظ على أعراض الناس ) .
وخرج الشاب في سفره وتجارته ، وباع في دمشق واشترى وربح المال الكثير ، وحمّله تجّار دمشق السلام الحار لأبيه التاجر التقيّ الصالح .
وخلال طريق العودة وقبيل غروب شمس يوم وقد حطّت القافلة رحالها للراحة ، أما الشاب فراح يحرس تجارته ويرقب الغادي والرائح ، وإذا بفتاة تمرّ من المكان ، فراح ينظر إليها ، فزيّن له الشيطان فعل السوء ، وهاجت نفسه الأمّارة بالسوء ، فاقترب من الفتاة وقبّلها بغير إرادتها قبلة ، ثمّ سرعان ما انتبه إلى فعلته وتيقّظ ضميره ، وتذكّر نظر الله إليه ، ثمّ تذكّر وصية أبيه ، فاستغفر ورجع إلى قافلته نادماً مستغفراً .
فينتقل المشهد إلى الموصل ، وحيث الابن ما زال في سفره الذي وقع فيه ما وقع ، حيث الوالد في بيته يجلس في علّيته وفي زاوية من زواياها ، وإذا بساقي الماء الذي كان ينقل إليهم الماء على دابته يطرق الباب الخارجي لفناء البيت ، وكان السّقا رجلاً صالحاً وكبير السن ، اعتاد لسنوات طويلة أن يدخل البيت ، فلم يُر منه إلا كلّ خير .
خرجت الفتاة أخت الشاب لتفتح الباب ، ودخل السقا وصبّ الماء في جرار البيت بينما الفتاة عند الباب تنتظر خروجه لتغلق الباب ، وما أن وصل السقا عند الباب وفي لحظة خاطفة زيّن له الشيطان فعل السوء ، وهاجت نفسه الأمّارة بالسوء فالتفت يميناً وشمالاً ، ثمّ مال إلى الفتاة ، فقبّلها بغير إرادتها قبلة ، ثم مضى ، كل هذا والوالد يجلس في زاوية من زوايا البيت الواسع يرى ما يجري دون أن يراه السّقا ، وكانت ساعة الصمت الرهيب من الأب ، ثم الاسترجاع أن يقول ( إنّا لله وإنّا إليه راجعون ) ، ثم الحوقلة أن يقول ( لا حول ولا قوّة إلا بالله ) ، وأدرك أنّ هذا السّقا الذي ما فعل هذا في شبابه فكيف يفعلها اليوم ، وأدرك أنّما هو دينٌ على أهل البيت ، وأدرك أنّ ابنه قد فعل في سفره فعلة استوجبت من أخته السداد .
ولمّا وصل الشاب وسلّم على أبيه وأبلغه سلام تجّار دمشق ، ثمّ وضع بين يديه أموالاً كثيرة ربحها ، إلا أنّ الصمت كان سيد الموقف ، وإنّ البسمة لم تجد لها سبيلاً الى شفتيه ، سوى أنّه قال لابنه : هل حصل معك في سفرك شيء ، فنفى الابن ، وكرّرها الأب ، ثمّ نفى الابن، إلى أن قال الأب : ( يا بني ، هل اعتديت على عرض أحد ؟ ) ، فأدرك الابن أن حاصلاً قد حصل في البيت ، فما كان منه إلا أن اعترف لأبيه ، ثمّ كان منه البكاء والاستغفار والندم ، عندها حدّثه الأب ما حصل مع أخته ، وكيف أنّه هو قبّل تلك الفتاة بالشام قبلة ، فعاقبه الله بأن بعث السقا فقبّل أخته قبلة كانت هي دين عليه ، وقال له جملته المشهورة : ( يا بُنيّ دقة بدقة ، ولو زدت لزاد السقا ) ، أي أنّك قبّلت تلك الفتاة مرة فقبّل السّقا أختك مرة ، ولو زدت لزاد ، ولو فعلت أكثر من ذلك لفعل .
من تبعات الزنا أنه دين أيها الناس ، فاتقوا الله في أعراضكم ، في زوجاتكم وبناتكم وأخواتكم .
قال الأول :

عفوا تعف نساؤكم في المحرم*****وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
يا هاتكاً حرم الرجال وتابعاً*****طرق الفساد تعيش غير مكرم
من يزن في قوم بألفي درهم*****في أهله يزني بغير الدرهم
إن الزنا دين إذا أقرضته*****كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

ومضمون هذا الكلام غير صحيح باللازم ، فأهل الزاني قد يكونون من أهل الخير والصلاح ، فكيف يؤاخذهم الله بجريرة غيرهم ، وهو سبحانه عز وجل يقول : { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } [ الأنعام164 ] ، وقد يقبل مثل هذا الكلام في حالة أن يكون الزاني وأهله من أهل الشر والفسق والفساد ، فيعاقب الله الزاني بزوجته العاصية ، فيصيبه في عرضه كما أصاب الناس في أعراضهم ، وكما تدين تدان ، وقد وجد الناس هذا الأمر في أحوال الزناة كثيراً .
ومن استمر على المعصية وأصر عليها ، فيُخشى عليه أن يظلم قلبه ويسود ، وينتكس ، ولا يزال العبد ينتهك حرمات الله تعالى حتى يغضب الله عليه ، فيخسر دنياه وأخراه ، وإن ربك لبالرمصاد .
الزنا من أبشع الجرائم ، وأشد العظائم ، شؤم كله ، وعار كله ، وفضيحة في الدنيا والآخرة .
صاحبه متوعد بالعذاب في الدنيا والقبر والآخرة ، وليس له خلاق ولا أخلاق .
الزنا جريمة منكرة ، وكبيرة مهلكة ، وعدوان على الشرف والعرض وهتك للستر ، وقتل للعفاف والحشمة والفضيلة ، ونشر للرذيلة ، فلا يميل إليه ولا يرضى به إلا كل فاسد وفاسدة وفاجر وفاجرة ؛ ولا يفعل الزنا ويرتكبه مؤمن ولا مؤمنة بل هو محرم عليهم ، قال تعالى : { الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [ النور3 ] .
الزاني لا يرضى إلا بنكاح زانية أو مشركة لا تُقِرُّ بحرمة الزنى، والزانية لا ترضى إلا بنكاح زان أو مشرك لا يُقِرُّ بحرمة الزنى, أما العفيفون والعفيفات فإنهم لا يرضون بذلك، وحُرِّم ذلك النكاح على المؤمنين. وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب, وكذلك تحريم إنكاح الزاني حتى يتوب.
ولا يقدم على الزنا سوي الفطرة ، صحيح العقل ، كامل الإيمان ، قوي الدين ، بل لا يفعله إلا الضال ، وفاسد العقل ، ضعيف الإيمان والدين ، قليل البصيرة ، سفيه الرأي ، ميت المروءة ، عديم الحياء ، فاقد الغيرة والعفة ، قال تعالى : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [ الروم30 ] .
من عواقب الزنا وتبعاته المريرة المحرقة ، الإصابة بمرض الإيدز ، وهو مرض خطير مميت لم يجد له الطب الحديث علاجاً ، لأنه عقوبة من الله للزناة والزواني في الدنيا قبل القبر والآخرة ، وللأسف أن هذا المرض في انتشار رهيب عجيب في بلاد المسلمين ، لأنهم غفلوا عن عواقب فاحشة الزنا ، وعن الفعل الذي حرمه الله تعالى على عباده المؤمنين ، وتشير الإحصائيات في السعودية إلى تنامي عدد مرضى الإيدز ليصبح العدد الإجمالي لمرضى الايدز السعوديين 4458 مريضاً بنهاية عام 2010م ، فيما يتوقع أن يكون هناك من يخفون المرض لحرجهم الاجتماعي ، وهناك حالات تتلقى العلاج سراً في دول الخليج أو دول أخرى ، ولم يستبعد الأطباء أن تكون عشر حالات مقابل كل حالة مثبتة بما يعني أن الحالات في المملكة قد تصل إلى 44580 مصاب .
وأشارت الإحصائيات بأن زيادة عدد المرضى مخيف ، بل وينذر بوقوع كارثة إنسانية كبيرة وخطيرة .
واليوم في عام 1433هـ من شهر رجب ، تم منع أكثر من 1200 زواج بسبب إصابة أحد الطرفين بمرض الإيدز ، عافانا الله والمسلمين من ذلك .
ومن تبعات فاحشة الزنا المنع من التوبة ، فهناك ممن أُصيب بالإيدز بسبب فعل الفاحشة ، لم يستطع التوبة إلى الله قبل موته ، بل زاد ألمه ومرضه وشدته ومات ولم يتب إلى الله وهذا ما يُسمى بالاستدراج والإملاء للظالم فليحذر المسلم من الوقوع في فاحشة الزنا فعاقبتها وخيمة ، وخاتمتها سيئة .
ومن تبعات فاحشة الزنا أن الزنا سبب لعذاب الأمم والشعوب ، وهلاك الدول والأفراد والجماعات إذا تمادوا فيه ولم يتناهوا عنه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال صلى الله عليه وسلم : " إذا ظَهَرَ الزِّنا والرِّبا في قَرْيَةٍ فقد أحَلُّوا بأنْفُسِهِمْ عَذَابَ الله " [ رواه الطبراني والحاكم وصححه وكذلك الألباني في صحيح الجامع برقم 679 ] .
كم من الناس ممن انغمسوا في فاحشة الزنا حتى أدركوا عواقبه ، فأبوا أن يتزوجوا لخوفهم من الدَّين ، علموا أن الزنا وفاء من أهل البيت ، فعندئذ أحجموا عن الزواج الشرعي الحلال ، ومضوا في الحرام المفضي إلى النار والعذاب والنكال في القبر قبل الآخرة ، وكما قيل : من زنا يُزنا ولو بجدار بيته ، وهذا من تبعات فاحشة الزنا وخطورته .
قال أحدهم : كان رجل في الحي _ الحارة _ معروف بفعل الفاحشة ، لا يتورع عن ارتكاب ما حرم الله عليه ، ولأن الوفاء من أهل البيت ، يقول : فكانت زوجته وبناته يدخل عليهن الرجال ويمارسون معهن فاحشة الزنا ، وكما تُدين تُدان .
فاحفظوا فروجكم ، وصنوا أعراضكم ، بالحذر من الوقوع في الفاحشة والرذيلة .
ألا وإن من تبعات الزنا عذاب وصراع نفسي رهيب ، ربما وقع فيه كل أب ظالم قاس القلب إلى أن مات ، ثم انهال عليه الدعاء باللعنة والعذاب والغضب من الله ، بسبب منع بناته من الزواج لغرض دنيوي حقير فكان سبباً في وقوعهن في الفاحشة والعياذ بالله ، ولا أقول ذلك مجيزاً فعل الفاحشة الشنيع المحرم المريع ، بل محذراً كل مسؤول من أن يكون سبباً في انحراف الشباب والشابات انحرافاً بعيداً عن أوامر الدين ونواهيه بسبب التعنت في أمور الزواج ، بل الواجب على الشباب ذكوراً وإناثاً الإعفاف والخوف من الله تعالى ، مهما حصل لهم من موانع وعراقيل تعيق زواجهم سواء من قبل الآباء أو بسبب قلة ذات اليد ، وتأملوا قول الله تعالى لكم : { وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [ النور 33 ] ، وعليكم باتباع وصية النبي صلى الله عليه وسلم لكم بالصوم وكثرة العبادة والطاعة ، قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " [ متفق عليه ] .
ألا فليحذر الجميع من الانجراف وراء الأوهام وأحلام الشيطان ، فذلك طريق مظلم موصل للنار ، والسلامة من ذلك أن يحرص الآباء والأولياء على تزويج الشباب والشابات وأن يبذلوا في ذلك الطاقات ، لا أن يقفوا حجر عثرة في ذلك ، فيقعوا في الإثم والعدوان ، ويحق عليهم العذاب يوم القيامة بسبب تعنتهم ومنع الخاطب الكفء ، لأجل راتب ومال ووسخ من اوساخ الدنيا ، وماذا ينفع المال إذا وقعت البنت في الفاحشة ؟
والذكرى لكل عبد لله وأمة لله ، أن من وقع في الزنا فعليه بالتوبة الصادقة النصوح التي تهدم ما قبلها ، فالله جل وعلا يقبل توبة عبده ما لم تغرغر روحه أو تطلع الشمس من المغرب ، قال تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى } [ طه82 ] ، ويقول الله تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [ الزمر53 ] .
والله عز وجل يحب التوابين ، ويفرح بتوبة التائب والنادم والعائد إليه تعالى ، بل يبدل سيئاته حسنات ، وهذا من فضل الله الكريم الغفور الرحيم ، قال تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [ الفرقان 68-70 ] .
وإن باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها ، أو حالة الاحتضار ومعالجة سكرات الموت .
فعلى من ارتكب ذنباً أن يتوب إلى الله ، ويندم على ما مضى ، ويرد الحقوق لأربابها ، أو يستبيحهم منها ، ويظن بالله خيراً ويرجو رحمته ، وإن كان ذنبه أكبر الذنوب فرحمته سبحانه أوسع ، ومغفرته أشمل ، وعليه أن يستتر بستر الله رجاء أن يستره الله ، ولا يفضحه .
وإنني في هذه الكلمات أحذر كل من وقع في فاحشة الزنا وهو مستمر فيها بلا خوف ولا حياء من الله ، أُحذره بأن ذلك استدراج من الله عز وجل له ليأخذه وهو متلبس بالجرم ، مرتكب لهذا الذنب العظيم ، يموت على سوء خاتمة والعياذ بالله ، الله عز وجل لا يعجل للناس العقوبة ، وإنما يملي لهم ويؤخرهم لعلهم يتوبون ، لكن من استمر في الزنا فربما مات عليه .
عَنْ أَبِى مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ " ، قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ : { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهْىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } " [ متفق عليه ] .
ومن أبحر في بحر المعاصي والذنوب فيوشك أن يغرق ، وحينئذ يُخشى عليه أن لا يُقبل منه ندم ولا توبة ، كما لم تُقبل من فرعون عندما أدركه الغرق .
واعلم أن الوقوع والولوغ في فاحشة الزنا والاستمرار فيها خطره عظيم ، ونهايته مؤلمة ، وخاتمته سيئة ، ولا يتمادى فيه إلا جاهل بقوة الله تعالى وقدرته ومكره ، قال تعالى : { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } [ الأعراف99 ] .
فليحذر المنغمس في فاحشة الزنا من مكر الله ، فالله جل وعلا يمهل ويملي له ، ثم تكون الخسارة والندامة إذا لم يُعجل بالتوبة النصوح ، ويبكي ندماً على ما فعل وفرط في جنب الله عز وجل .
ومن أعظم تبعات فاحشة الزنا لمن وقع فيها ، قتل الأجنة في بطون أمهاتهم أو قتلهم بعد ولادتهم وهذا من قبيل قتل النفس التي حرم الله ظلماً وعدواناً ، والتي توعد الله عليها بالعذاب الشديد يوم القيامة .
فما ذنب هذا الجنين أو الطفل ليُقتل ؟ أيُقتل لجرم لم يقترفه ولم يرتكبه ؟ قال تعالى سائلاً من قتل طفلاً ظلماً : { وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } [ التكوير 8-9 ] .
وقال الله عز وجل : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } [ النساء93 ] .
فالله عز وجل لم يحرم الزنا إلا وفتح باب الحلال وهو الزواج الشرعي مكتمل الشروط والأركان ، وكم من إنسان فتح على نفسه باب الزنا فوقع فيما هو أشد منه ، فالزنا يتبعه خمور ومخدرات ومسكرات ولواط وبعد عن الصلوات ، وهجر لبيوت الله ، والسرقة وارتكاب كثير من الحرمات ، فإياكم وارتكاب حرمات الله ، وتعدي حدوده فذلكم الهلاك ، عَنِ النَّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً صِرَاطاً مُسْتَقِيماً ، وَعَلَى جَنْبَتَىي الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ ، وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعاً وَلاَ تَتَفَرَّجُوا ، وَدَاعِى يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتَحَ شَيْئاً مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ : وَيْحَكَ لاَ تَفْتَحْهُ ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ _ تدخله _ وَالصَّرِاطُ الإِسْلاَمُ ، وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلِى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ " [ رواه أحمد ] .
فيا عبد الله . . ويا أمة الجبار . . . أما لكم في واعظ الله عبرة تعتبرون بها وتخافون من سوء عاقبة تركها ؟ لا تقحموا أنفسكم ناراً تلظى ، فأجسادكم عليها لا تقوى .
وهناك دعاء ورد في سورة الحجرات ، وهو دعاء مجرب للحفظ من الوقوع في المعاصي والعصمة منها بإذن الله تعالى ، أقول : دعاء مجرب لمن تواطئ لسانه مع قلبه ، وأخلص لله في دعائه ، وهو أن تقول :
اللهم حبب إلي الإيمان وزينه في قلبي ، وكره إلي الكفر والفسوق والعصيان واجعلني من الراشدين ، اللهم كره إلي الزنا واجعله أبغض شيء إلى قلبي . كرر الدعاء وقم به في الليل وفي كل وقت ، فهو فاحشة عظيمة وساءت سبيلاً .
وتذكر دعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ففي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى " .
وهناك دعاء آخر أذكر لكم قصته :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : أن غلاماً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله أتأذن لي في الزنا ؟ فصاح الناس به , فقال النبي صلى الله عليه وسلم قربوه , ادن ، فدنا حتى جلس بين يديه , فقال النبي عليه الصلاة والسلام : أتحبه لأمك فقال : لا , جعلني الله فداك , قال : كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم , أتحبه لابنتك ؟ قال : لا جعلني الله فداك قال : كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم , أتحبه لأختك ؟ وزاد ابن عوف حتى ذكر العمة والخالة , وهو يقول في كل واحد لا , جعلني الله فداك , وهو صلى الله عليه وسلم يقول كذلك الناس لا يحبونه , فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال : اللهم طهر قلبه ، واغفر ذنبه ، وحصن فرجه ، فلم يكن شيء أبغض إليه منه .
فعليك أيها المسلم أن تدعو بهذا الدعاء :
اللهم طهر قلبي ، واغفر ذنبي ، وحصن فرجي ، ولسوف يكون الزنا أبغض شيء إلى قلبك بإذن الله تعالى .

وصايا لكل متزوج وقع في الفاحشة :
وهذه ذكرى لكل من رزقه الله زوجة ، أو رزقها زوجاً ، أن يتقوا الله تعالى ويحمدوه ويشكروه على هذه النعمة العظيمة وهي إحصان الفروج بالزواج .
وليس من وقع في فاحشة الزنا وهو لم يتزوج كمن وقع فيها وهو متزوج ، فهذا عذابه ونكاله أشد وأعظم من ذاك .
إن العلاقة الآثمة المحرمة بين المتزوجين والمتزوجات من أخطر الذنوب ، وأشد الخطوب ، وأعظم الكروب ، لأن الله تعالى قد أغنى كلاً منهم بزوج وزوجة ، يقضي معه ومعها وطره ونزوته ، فمن ابتلي بهذه الفاحشة وقد منَّ الله عليه بالزواج والإحصان فهذه وصايا لعل الله أن ينفع بها :
1- سرعة التوبة إلى الله توبة صادقة أكيدة نصوحاً من فعل الفاحشة ، والإكثار من الاستغفار ، والانكسار بين يدي الله العزيز الغفار ، فهو يغفر الذنوب جميعاً ، قال الله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور31 ] ، وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً } [ التحريم8 ] .
2- الاستعانة بالله ، والاستعاذة به من شر الفرج ، والتوكل عليه في ذلك ، فمن توكل على الله كفاه ، ومن توكل على الله فهو حسبه ، عليك بهذا الدعاء المأثور كما في حديث شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَلِّمْنِي دُعَاءً أَنْتَفِعُ بِهِ ، قَالَ : " قُلِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي وَبَصَرِي وَقَلْبِي وَمَنِيِّي _ فرجي _ " [ رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني ] .
3- الحرص على غض البصر لكلا الجنسين ، لاسيما من لديه رغبة وغريزة للآخرين ، فلا تنظرا إلى ما يحرك الشهوة ، ويفجر النزوة ، وتذكرا دائماً قوله تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ } [ النور30 ] ، وأمر من الله تعالى للمؤمنات حيث يقول سبحانه : { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور31 ] .
4- فضل الزواج وأنه نعمة كبرى ، ومنة من الله عظمى ، به يتحصن الفرج ، ومن وفق ووفقت لزوج أو زوجة صالحين فقد أعانه الله على شطر دينه ، فليتق الله في الشطر الآخر ، قال صلى الله عليه وسلم : " مَنْ رَزَقَهُ الله امْرَأَةً صَالِحَةً فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ ، فَلْيَتَّقِ الله فِي الشَّطْرِ الْبَاقِي " [ رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ] .
وإذا رأى امرأة أعجبته ، فلا يتردد في مواقعة زوجته بالحلال ، فإن ذلك يرد شهوته ويكسرها ويزيلها ، بل وله في ذلك أجر وثواب ، عن جَابِرٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ " [ رواه مسلم ] ، وعَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم : يَا رَسُولَ اللَّهِ : ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ _ الأغنياء أصحاب الأموال _ بِالأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ ، قَالَ : " أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ ، إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً ، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ ، وَنَهيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ ، وَفِى بُضْعِ _ الجماع أو الفرج وكلاهما صحيح _ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ " ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ ؟ قَالَ : " أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ " [ رواه مسلم ] .
ألا ما أعظمه من توجيه نبوي كريم ؟ فهل يفهم ذلك كل عاقل وعاقله ؟ وكذلك يقال للمرأة .

فائدة مهمة :
في هذا الحديث دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف زوجته ومنعهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة أجراً .
5- الإكثار من ذكر على الدوام فهو الحصن الحصين من كيد الشيطان الرجيم ، عَنِ الْحَارِثِ الأَشْعَرِىِّ ، أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ وَأَنْ يَأْمُرَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ . . . . وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعاً فِي أَثَرِهِ فَأَتَى حِصْناً حَصِيناً فَتَحَصَّنَ فِيهِ وَإِنَّ الْعَبْدَ أَحْصَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " [ رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني ] .
6- المحافظة على الصلوات المفروضة للرجل في جماعة ، والمرأة في بيتها ومصلاها فيه ، والإكثار من النوافل ، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، كما قال الله تعالى : { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } [ العنكبوت45 ] .
اللهم طهر قلوبنا من النفاق ، وأعمالنا من الرياء ، وألسنتنا من الكذب ، وأعيننا من الخيانة ، اللهم حصن فروجنا ، واحفظنا من الحرام واعصمنا منه ما بقينا ، اللهم جنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، اللهم أبعد عن الزنا والربا وجميع الفتن والشرور يا رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

ولمزيد من الفائدة راجع مقالي الآخر تكرماً وتلطفاً ، وهو بعنوان : الزنا .
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً