النظام النصيري ودروس حرب لبنان (1) اعتمدت "الحرب اللبنانية" التي بدأت مطلع هذا القرن الهجري ...

النظام النصيري ودروس حرب لبنان (1)


اعتمدت "الحرب اللبنانية" التي بدأت مطلع هذا القرن الهجري بشكل أساسي على مبدأ الإدخال المستمر لأطراف جديدة في الصراع كلما تحقق التوازن بين القوى المتصارعة على أرضه، فيكون دخول الطرف عاملا مساعدا في إمالة الكفة لصالح حلفائه، حتى يقترب من تحقيق النصر على أعدائه، الذين يسعون جهدهم في جر بعض الأطراف إلى صالحهم لإعادة التوازن من جديد على الأقل.

وهكذا دخل الجيش النصيري إلى "لبنان" بعد أن اقتربت الفصائل الفلسطينية العلمانية وحلفاؤها من القوميين (المنتسبين إلى أهل السنة) والاشتراكيين (ومنهم الدروز) من الانتصار على أعدائهم من النصارى، بفرضها الحصار على مناطقهم والتمهيد لاقتحام معاقلهم الجبلية، فوجد فيها النظام النصيري فرصة للتدخل في "لبنان" دون أن يلقى معارضة من الدول الصليبية أو الدولة اليهودية.

فتمكن الجيش النصيري خلال فترة وجيزة من كسر تقدم أعداء النصارى، وأعاد التوازن إلى ساحة المعركة نوعا ما، ولكنه في الوقت نفسه فرض سيطرته على مناطق النصارى في لبنان، الذين أرادوا أن تكون نتيجة المعركة كسر خصومهم في الداخل دون أن يؤدي ذلك إلى سيطرة نظام "قومي عربي" على البلاد بحيث تكون هذه السيطرة سبباً في تعطيل مشاريعهم الهادفة إلى إلحاق "لبنان" بالدول الصليبية الأوروبية وحلفائها من اليهود.


• لعبة الخطوط الحمراء:

ولما كانت الأحزاب والفصائل المسلحة اللبنانية أضعف من أن تجبر النظام النصيري على سحب جيشه من "لبنان" بعد إنقاذ النصارى من هزيمة محققة، وعجزت في الوقت نفسه عن إقناع أمريكا أو فرنسا أو أي من دول الطواغيت العرب بالتدخل لتحقيق ذلك، فإنها سعت إلى إقناع قادة اليهود بالضغط على الجيش النصيري لإجباره على الانسحاب، من خلال تذكيرهم بتشابه حال نصارى "لبنان" مع اليهود في فلسطين، لكونهم أقليات في محيط مليء بالمسلمين، ومن المفيد تحالفهم ضد أعدائهم، وكذلك تخويفهم من خطورة تثبيت وجود الجيش النصيري على حدودهم الشمالية، دون أن يستطيعوا خلق الذريعة الكافية لإقناع قادة اليهود للتدخل في هذه الحرب.

ولعلمهم بالخطوط الحمراء التي رسمها الجيش اليهودي على خارطة "لبنان"، والتي أعلم الجيش النصيري بخطورة تجاوزهم لها، فإن خطة الأحزاب النصرانية اللبنانية اعتمدت على مبدأ جر الجيش النصيري لتجاوز هذه الخطوط، وكان التدخل اليهودي في "لبنان" بعد ذلك لإعادة النصيرية إلى الحدود المرسومة لهم، وخاصة في منطقة سهل البقاع، حيث شن هجمات جوية قاتلة على القوات البرية للجيش النصيري، أعقبها سحق لسلاح الجو النصيري الذي تدخل لحماية قطعانه المنتشرة على الأرض، وبالرغم من أن هذا التدخل لم يجبر الطاغوت (حافظ الأسد) على سحب جيشه الضخم من لبنان، إلا أنه فتح الباب نحو سلسلة من التدخلات المستمرة من الجيش اليهودي في "لبنان" تكللت بالاجتياح الكبير الذي أقدم عليه مخترقا مناطق الجنوب التي كانت بؤرة الصراع بين اليهود والمنظمات الفلسطينية العلمانية ليكون هدف هذا الاجتياح القضاء التام على تلك المنظمات، من خلال السيطرة على مراكز قيادتها، وإجبارها على الخروج من "لبنان" باتجاه المنافي في تونس وليبيا واليمن وغيرها من المناطق البعيدة عن ساحة صراعها الأساسية مع اليهود، ثم إجبارها على الجلوس على طاولة المفاوضات والقبول بشروط مخزية تكون نتيجتها ما نراه اليوم واقعا حيا في حكومة (السلطة الفلسطينية) المرتدة الحاكمة صوريا لبعض المدن والقرى على أرض فلسطين.

تضرر الجيش النصيري كثيرا من اجتياح الجيش اليهودي للبنان رغم تمكنه لاحقا من إزالة كثير من آثاره، ولكنه في الوقت نفسه استفاد دروسا كبيرة في كيفية الموازنة بين الخصوم والأعداء في ساحة المعركة، وفق ما نراه اليوم من ملامح الصراع المرتسم بين كل من دولة اليهود ودولة إيران الرافضية على أرض الشام.


• ثمن التدخل الإيراني:

النظام النصيري استدعى إيران لإنقاذه من هزيمة مؤكدة على الأرض تهدد بسقوطه كليا، بعدما فقد السيطرة على أغلب مساحة البلاد، وانهار جيشه بفعل الانشقاقات والخسائر الكبيرة في صفوفه، وقد تمكن الإيرانيون بما لديهم من قوة عسكرية أساسها الميليشيات الرافضية التي استدعاها من كل مكان من إعادة التوازن إلى ساحة المعركة، مستفيدين من خيانة فصائل الصحوات، وقدرات الطيران الروسي المساند للنصيرية وميليشيات الروافض، ولكن النظام الإيراني في الوقت نفسه بدأ يعلن عن منّه على النظام النصيري ويطالبه بدفع الثمن المناسب للفائدة التي تحصل عليها جرّاء تدخلهم لصالحه، بل بات الكلام يجري عن سعي إيراني لفرض السيطرة على النظام النصيري نفسه، وخاصة مع اعتقادهم بقرب حسم الحرب خلال الأشهر القادمة في ظل اتفاقيات مع الطواغيت في دول الجوار والدول الصليبية التي كشفت عن دعمها لاستمرار حكم النظام النصيري لديار المسلمين في الشام.

وفي الوقت نفسه بدأت الدويلة اليهودية بمحاولات لرسم خطوط حمراء على خارطة "سوريا" لحدود القوة والانتشار الإيراني الذي ستقبل به على الأرض، شبيهة بتلك التي سعت لرسمها من قبل للجيش النصيري في "لبنان"، وكانت ذريعة لاجتياحه فيما بعد للقضاء على الفصائل الفلسطينية وحلفائها.


• ثنائية "إيران - دولة اليهود":

وهنا نجد أنه من المفيد استدعاء "النموذج اللبناني" للصراع بين القوى الخارجية على ساحات أخرى، لفهم مستقبل الصراع بين كل من الروافض واليهود على أرض "سوريا".

فالنظام النصيري وإن كان سعيدا بالتدخل الإيراني لصالحه في معركته ضد أهل السنة، فإنه بالتأكيد ليس سعيدا من المساعي الظاهرة لإيران للسيطرة على الحكم وتحييد النصيرية عنه، مع علمه أن الحكومة الرافضية الإيرانية لن تكتفي ببعض المكاسب الاقتصادية والمالية كمقابل لما قدمته من مساعدة له، وخاصة في ظل عجزه الظاهر عن إبداء أي مقاومة ذاتية للهيمنة الإيرانية، ولو بمساعدة حلفائه الروس الذين يبدون الاكتفاء بمكاسب محدودة على الأرض يمكن تحصيلها بوجود النظام النصيري أو حتى بوجود حكومة أخرى موالية لإيران في دمشق، وكذلك فإن الحرب في الشام لم تحسم بعد، ومن المحتمل أن يؤدي أي ضعف في الدعم الإيراني إلى استعادة زخمها والتهديد بالتالي بخسارة كثير من المكاسب التي تحققت لهم خلال السنتين الماضيتين.

ولذلك كله فإن من مصلحة النظام النصيري أن يجري إضعاف الوجود الرافضي الإيراني في الشام دون فقدانه بالكلية، ريثما يستعيد قوته ويتمكن من فرض سيطرته على الأرض وهذا ما لن يتحقق في سنوات قليلة، وهو ما توافق على تحقيقه الدولة اليهودية ومن معها من الدول الصليبية أيضا، في ظل عجزهم الظاهر عن إجبار إيران على سحب قواتها وميليشياتها من المنطقة، في تكرار لما حدث سابقا في "لبنان".

وبالتالي فإن الإغارات المستمرة على قواعد الجيش الإيراني ستكون الوسيلة الأولى لمنعه من تحقيق وجود ثابت مستقل على الأرض، وتدفعه للعمل بشكل فصائل خاضعة للجيش النصيري وتحت قيادته، وفي الوقت نفسه يسعى الصليبيون واليهود إلى تقوية النظام النصيري حتى يقوى على التخلي عن الدعم الإيراني، مستفيدا من انضمام فصائل الصحوات إليه في المستقبل لتشكيل جيش جديد برعاية روسية، مع إمكانية تأمين الغطاء المناسب لمثل هذا التحرك من قبل علماء السوء ودعاة الكفر، في تكرار لما حدث في العراق عندما أفتوا للفصائل المسلحة هناك بالانضمام إلى الجيش الأمريكي الصليبي الذي كانوا يقاتلونه من قبل بدعوى التصدي للهيمنة الإيرانية، في إطار المشروع الذي أطلق عليه آنذاك مسمى (التصدي لأخطر الاحتلالين)، والذي كان في الحقيقة موجها ضد الموحدين وهادفا الى التمكين للصليبيين وعملائهم في الحكومة والذين تبين أنهم عملاء لإيران ووسائل تحقيق هيمنتها على العراق.


• الدرس اليمني:

النموذج الثاني الذي يجب أن نلفت إليه الانتباه هو "النموذج اليمني" والذي نقصد به أسلوب تعامل إيران مع الطاغوت (علي صالح) الذي تدخلوا للوقوف معه وتثبيت نظامه بعد موجة المظاهرات التي أجبرته على التنازل صوريا عن الحكم، فعندما وجدوا مساعي من أعدائهم لتقويته ليصبح ندا في وجه أتباعهم من رافضة اليمن "الحوثيين" لم يترددوا في القضاء عليه وقتله، بعد أن سيطروا على كل مفاصل النظام السياسية والعسكرية والأمنية والمالية، فتمكنوا من إدارة النظام من بعده دون معوقات أو معارضة داخلية.

وهذا النموذج ممكن التحقق في الشام أيضا في حال تمكن إيران من فرض هيمنتها على مختلف مفاصل النظام النصيري ووجدت نفسها قادرة على القضاء على رأس النظام (بشار الأسد) في حال محاولته الخروج من تحت هيمنتها، مع وجود الفارق أن النظام النصيري يعتمد على طائفة يهيمن أتباعها على كل مفاصل النظام، ولم تتمكن إيران من اختراقها بالشكل الكافي بعد.

والأيام القادمة كفيلة -والله أعلم- بإثبات أن الصراع في الشام لا زال بعيدا عن الحسم لأي من أطراف الصراع الكثيرة التي دخلت فيه، ولن تكون نتيجته النهائية إلا لصالح الموحدين بإذن الله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 130
الخميس 17 شعبان 1439 ه‍ـ
...المزيد

مقال: الفتن والابتلاءات (4) الحمد لله الذي جعل للمتقين فرقاناً يفرقون به بين الصحيح والفاسد ...

مقال: الفتن والابتلاءات (4)


الحمد لله الذي جعل للمتقين فرقاناً يفرقون به بين الصحيح والفاسد من الأقوال والأعمال، والصلاة والسلام على رسوله الذي لنا فيه أسوة حسنة في سائر الأحوال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فإن الله -تعالى- يبتلي عباده بما يشاء، وله الحكمة البالغة في ذلك، ومما ابتلاهم به الفتن التي تُظهر إيمان المؤمنين ونفاق المنافقين، وبعض الناس يصبحون بعد الفتن مرضى قلوب، لا ترى لهم رشداً في تبين الحق وكشف الباطل، فتطيش عقولهم وتضطرب تفسيراتهم للأحداث، حتى يصير المعروف عندهم منكراً والمنكر معروفاً، كما في حديث حذيفة -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تُعْرَض الفتن على القلوب كالحصير عَوداً عَوداً، فأيُّ قلب أُشْربَها نُكِتَ فيه نُكتة سوداء؟ وأي قلب أنكرها نُكِتَ فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: أبيضَ مثل الصَّفا، فلا تَضره فتنة، ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مُرْباداً، كالكوزِ مُجَخِّياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، إلا ما أُشرب من هواه) [رواه مسلم].


• فقه الحديث:

إن من حكمة الله أن تتعرض القلوب لأنواع من الفتن المتتابعة، فعلى المؤمن أن يعتصم بالله -عز وجل- وبسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ليعصمه الله من الفتن عند نزولها، ومن هذه الفتن نعم الدنيا المتنوعة أو المصائب المختلفة في الأهل والأولاد أو تسلط الأعداء ونقص الأنفس والثمرات، فيشكر المسلم ربه على ما أنعم به عليه ويعترف أن هذه النعم هي من فضل الله وأنه لم ينلها بحوله وقوته، بل ولا باستحقاقه -لأن المسلم دوماً يتهم نفسه ويخاف من عاقبة ذنوبه وتقصيره- وأيضاً موقف المؤمن أمام النعم أنه لا يغتر بها ولا يقول إنها دليل رضا الله عنه، بل يخاف من الاستدراج من حيث لا يعلم، ويبتلى المؤمن بالنعم ليَظهر هل يستخدمها في طاعة الله وفيما أباحه الله أم أنها تشغله عن طاعة مولاه، وهل يقدم ما يحب من مال وجاه ومناصب وزوجات وبنين على طاعة ربه؟

فإذا خالف المسلم ذلك فقد وقع في الفتن، ثم إنه يألفها ويحبها ويدافع عنها حتى يشرب قلبه حبها ويتعلق بها.

وأما فتن الضراء، فيقابلها المسلم بالصبر والرضا ويتذكر أنها من عند الله فيقابلها بالتسليم لأمر الله، ويعلم أنه إن صبر عليها كانت كفارة لذنوبه، وإن لم يصبر عليها وسخط، سخط الله عليه ولم يجد لمشكلته حلا إلا بما يريده الله عز وجل، ويعلم المؤمن أن المصائب ليست دلالة على سخط الله عليه إلا إذا رأى نفسه ساخطاً على القدر مستغرباً من الابتلاء فهذه والله خسارة الدين والدنيا، والمصائب خير للمؤمن إن صبر وكانت سبباً لعودته إلى ربه ومحاسبته لنفسه.


• فتنة اشتباه الحق بالباطل:

وهناك فتن أخرى أعظم وهي اشتباه الحق بالباطل وأن تبحث عن ناصح صالح فلا تجد إلا ما شاء الله، وأن تسمع تفسير الأحداث باطلاً يشوبه شيء من حق يجعله حمّال أوجه، وأن ترى من كنت تظنهم أهل العلم والحلم مبحرين في الضلال مدافعين عن الباطل بشتى الشبه، منتقصين لأهل الحق رامين لهم بقصور النظر أو بالضلال.

وقد يشتبه الحلال بالحرام، فهنا أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نتورع ولا نقدم على الأمر إلا إذا تبينا حِله، قال صلى الله عليه وسلم: (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله تعالى في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) [رواه الشيخان].

هنا يُختبر المرء، هل يُحكّم هواه أم يبحث صادقاً عن الحق الذي لا شبهة فيه، هل يطلب العلاج في كتاب الله وسنة رسوله، عليه الصلاة والسلام، وهو متيقن أن الحق لا يمكن أن يكون في غير سبيل الصحابة ومن تبعهم بإحسان.

والفتن لا تتوقف ما دام المرء حياً، فلا تعجب إذا رأيت مَن صحبوك في طريق التوحيد والجهاد والدعوة وتحكيم الشريعة ينقسمون إلى فريقين:
فريق شبّه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قلوبَهم في بياضها وصلابتها بالصفا وهي الحجرة الملساء التي لا تشرب الماء ولا تعلق بها القاذورات، بل ازدادت لمعاناً وصفاءً وصقلاً، فهؤلاء لا تضرهم الفتن بفضل الله ورحمته، بل ازدادوا بعدها قوة ونضارة حتى يصير الواحد منهم قدوة في طاعة الله والصبر على طلب مرضاة الله مهما كان الحال.

وفريق -نعوذ بالله من حالهم- انقلبوا على أعقابهم يشككون في صحة طريق الإيمان وارتباط الهداية بالجهاد في سبيل الله، ويقولون لو كنا على حق ما قتلنا ههنا وما صرنا إلى الضيق والحصار، متناسين ما مر على خير البشر من محن في طريق دعوتهم وفي سبيل جهادهم، بل تمر عليهم السنون والحال لا يتغير إلا ما شاء الله، وأهل الإيمان ثابتون يعلمون أن كل لحظة تمر عليهم وهم صابرون محتسبون فمعها الأجر والثواب ورضا الله وعونه وتأييده بل وفتحه على المؤمنين بما لا يحتسبون في العلم والعمل والإصلاح والصبر والرد على أهل الباطل والشبهات.

وإذا أصابتك -يا أخي- فتنة ثم نجاك الله منها فاحمد الله واعلم أنها ليست الأخيرة، فلا راحة للمؤمن دون لقاء ربه عز وجل.


- سبيل النجاة من الفتن:

• سل الله الهداية بصدق وافتقار وضراعة إلى الله، واستشعر هذه المعاني عند قراءتك {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]، واستعذ بالله من الفتن.

• تعلم العلم الشرعي لتصرف عنك الجهل، وانوِ بتعلمه وجه الله تعالى، وتذكر أن العلم هو من أجْل العمل، وإلا كان وبالاً على صاحبه وحجة عليه.

• اعمل بما علمت، واتق الله حيثما كنت، وجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجل، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال:29]، فرقاناً تفرق به بين الحق والباطل، وبين والهدى والضلال وبين أهل السعادة وأهل الشقاء.

• لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، فقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لزومهما هو النجاة لدين المرء من فتنة الدعاة على أبواب جهنم، والذين هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا كما جاء في الحديث الذي في الصحيحين الذي رواه حذيفة اليمان، رضي الله عنه.

• اجعل لك ورداً يومياً من كتاب الله فتقرأه بتدبر وخشوع.

• احرص على تكميل الفرائض وإتقانها، ثم تقرب إلى الله بالنوافل والإكثار منها، واحرص على أن يكون كثير منها خفياً عن الخلق لا يعلمه إلا الله، قال صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا) [رواه مسلم].

نسأل الله أن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحيينا ويميتنا على ما يرضيه عنا، إنه هو الولي الحميد.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 130
الخميس 17 شعبان 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية ودين الديموقراطية لم يُخفِ الموحدون في العراق يوماً موقفهم من دين ...

الدولة الإسلامية ودين الديموقراطية


لم يُخفِ الموحدون في العراق يوماً موقفهم من دين الديموقراطية وأتباعه المشركين، فأعلنوا منذ الأيام الأولى لجهادهم أن الديموقراطية كفر، وأن أربابها من المشرعين من دون الله والحاكمين بغير ما أنزل الله طواغيت، وأن من ينتخبهم أو يرضى بأحكامهم وشرائعهم هم عُبَّاد لهم مشركون.

ولم يمنعهم من إظهار الحق الذي يدينون به أن كان كثير من التنظيمات والأحزاب المنتسبة إلى الإسلام زوراً وبهتاناً يؤمن بدين الديموقراطية، بل صرحوا بتكفيرهم، وقاتلوا من يليهم منهم قتال الكفار المشركين، كما قاتلوا أولياءهم من العلمانيين والروافض والنصارى المحاربين.

أما غيرهم من أدعياء السلفية والزاعمين الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا فقد اتخذ كثير منهم منهجاً باطنياً خبيثاً يقوم على إخفاء حقيقة مذهبهم في الديموقراطية وأوليائها، والاكتفاء بما يحمل الأوجه من الكلام، وبما يُرضي جميع الأطراف ويمنع من الحكم عليهم بما هم أهل له، ليتبين أن القوم يحكمون بإسلام الديموقراطيين، ويعذرون المشرعين من دون الله، والحاكمين بغير ما أنزل الله، والمنتخِبين، بما لم يأذن به الله، بل ويجيز بعضهم انتخاب الطواغيت لما يرون فيه مصلحة للمسلمين، وأيُّ مصلحة في الشرك بالله العظيم؟

وما تزال الدولة الإسلامية منذ أيامها الأول تصرح بلا خفاء ولا تورية بكفرها بالديموقراطية وبراءتها من أوليائها ومعاداتها لهم، معاداة الموحدين للمشركين، فلا تترك مجالاً لزاعم أن يكذب عليها في هذا الباب فينسب إلى أمرائها إعذارهم من وقع في الشرك الأكبر، ونقض أصل الدين، بما لا يعذر فيه عاقل مختار من أعذار المجادلين عن المشركين.

ومع هذا فقد كانت تتمهل في استهداف بعض أصناف من وقع في شرك الديموقراطية كالمنتخِبين، إرجاءً لإيقاع القتل بهم لعلهم يرعوون ويهتدون لنداءات الحق والهداية، وهي مستمرة طوال هذه السنين في بيان حقيقة الانتخابات وأنها عملية استنابة وتفويض من المنتخِبين لمن ينوب عنهم في التشريع من دون الله والحكم بغير ما أنزل الله، فيكونون بذلك "نواباً" عنهم في هذه الأفعال المكفرة، وأن الذين وقعوا في هذا الفعل مشركون بالله -تعالى- لأنهم أجازوا أن يعطوا لغير الله -تعالى- صفات لا تجوز لغيره سبحانه، وهي التشريع والحكم.

وإنا لنحسب أن الدولة الإسلامية قد أعذرت في دعوتها إلى الله -تعالى- في شأن شرك الانتخابات، بل إن في ما قامت به الحكومات الكافرة نفسها من بيان لحقيقة الديموقراطية من خلال البث اليومي لأخبار البرلمانات والحكومات الكافرة، وأخبار انتخاباتها، والحديث المستمر عنها، والدعوة إليها وبيان حالها لترغيب الناس فيها، ما هو كاف لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

ولذلك فإن الدولة الإسلامية مستمرة في منع شرك الانتخابات بأي وسيلة كانت، كما كانت تفعل دائماً، وأنها ستستهدف معابد دين الديموقراطية التي يقرّ فيها أتباعه بعبوديتهم لطواغيت التشريع من دون الله، وهي أماكن انتخاب الطواغيت، وأماكن التشريع من دون الله، وأماكن الحكم بغير ما أنزل الله، قاصدة منع الشرك فيها، وقتل المشركين الذين يمارسون شركهم داخلها.

وكذلك فإنها تستهدف بالقتل كل مشرك يدعو إلى طقوس دين الديموقراطية، كالترشح للمناصب الطاغوتية، وانتخاب الطواغيت، والحكم بشرعهم، والتحاكم إليهم.

وفي الإعلان الذي صدر على لسان المتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر -حفظه الله- كفاية لمن أراد الهداية من المشركين فيتوب إلى الله من شركه، ويبرأ إلى الله من المشركين، ويبتعد عن معابدهم ومجالس شركهم.

فقال حفظه الله: "وننوِّہ إلى أن حكومة الحشد الرافضي الإيراني في العراق، مقبلة على ما يسمونه انتخابات، فكلُّ من يسعى في قيامها بالمعونة والمساعدة فهو مُتَوَلٍّ لها ولأهلها، وحكمه كحكم الداعين إليها والمظاهرين لها، والمرشحون للانتخاب هم أدعياء للربوبية والألوهية، والمنتخِبون لهم قد اتخذوهم أرباباً وشركاء من دون الله، وحكمهم في دين الله الكفر والخروج عن الإسلام، فإنا نحذركم يا أهل السنة في العراق من تولي هؤلاء القوم الذين ما تركوا باب ردة إلا وولجوه، وإن مراكز الانتخاب ومن فيها هدف لأسيافنا فابتعدوا عنها واجتنبوا السير بقربها".

فيا أيها المسلمون احفظوا عليكم دينكم ولا يغرنكم علماء السوء ولا تستجيبوا لفتاوى الدعاة على أبواب جهنم.

ويا أيها المجاهدون، جاهدوا أئمة الكفر ممّن دعا إلى هذا الشرك وحرّض الناس عليه وزيّنه لهم ليفسد دينهم ودنياهم، وابدؤوهم بالقتال، واقصدوا مراكز الانتخاب، وأفسدوا على الديموقراطيين دينهم، وسعيهم إلى الإفساد في الأرض.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 130
الخميس 17 شعبان 1439 ه‍ـ
...المزيد

أخي المجاهد من تواضع لله رفعه لا تكتمل الصفات الحسنة للرجال ما لم يتزينوا بالتواضع، فهو بوابة ...

أخي المجاهد من تواضع لله رفعه

لا تكتمل الصفات الحسنة للرجال ما لم يتزينوا بالتواضع، فهو بوابة العبور للقلوب، لا يسلكها إلا من اتصف به، وقلَّ أن ترى رجلا مألوفا عند الناس ليس متخلقا به، أجمع الناس على استحسانه، وجبلت النفوس على حبه.

عرَّفه أهل اللغة بالتذلل، من تواضعت الأرض، أي انخفضت عمّا يليها، واصطلاحا: بلين الجانب والبُعد عن الاغترار بالنفس، قال تعالى: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا } [الفرقان: 63] قال ابن كثير: "أي بسكينة ووقار من غير تجبُّر ولا استكبار".

إنه التواضع، يرتقي صاحبه بأعين الناس إن ألان لهم جانبه، ويعظم في عيونهم إن بسط لهم نفسه، وكما الأرض المتواضعة المنخفضة تفيض بالماء وتنعم بالبركة والخير الوفير، كذلك النفس المتواضعة تنعم بالقبول والأنس من الجميع.

أخي المجاهد: كيف لبشر خلقه الله من تراب، وشرفه بعبوديته أن يتجاوز حدود ما شرعه الله ويتكبر، وينظر لغيره بعين الصغار، وهو عند الله أصغر، فهنيئا للمتواضعين اندراجهم تحت: { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [المائدة: 54]، وتعسا للمندرجين تحت { فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ } [الزمر: 72].

قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ } [المائدة: 54]، وقال تعالى: { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتّبَعَكَ مِنَ المؤْمِنِينَ } [الشعراء: 215].

فكان أكثر من تمثلت به هذه الصفة الكريمة هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكان -عليه الصلاة والسلام- يركب الحمار ويلبس الصوف ويأكل على الأرض وينام على الأرض ويجلس على الأرض على حصير وكان يعقل الشاة ويخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في خدمة أهله في بيته ويسلم على الصبيان ويجيب دعوة المملوك على خبز شعير، وتأخذ الأمة الصغيرة بيده فتنطلق به حيث شاءت في المدينة، فهذه صفة النبي الكريم في التواضع، وهو القائل صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) [رواه مسلم].

وحذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من التكبر وضرب لنا مثلا على سوء مصرع ومصير صاحبه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: (بينما رجل يتبختر يمشي في برديه، قد أعجبته نفسه، فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة) [رواه مسلم].

ورفض -صلى الله عليه وسلم- أن يتم إطراؤه بالكلام وفضل وصفه بالعبد فعن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله) [رواه البخاري].

أخي المجاهد لقد دعا -صلى الله عليه وسلم- إلى التواضع، وحَثّ عليه لما له من فوائد كثيرة، فقد روى عياض بن حمار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله أوحَى إليَّ أنْ تواضعوا حتى لا يَفْخَر أحد على أحد ولا يَبغي أحد على أحد) [رواه مسلم].

وقد ذكر لنا ربنا -عز وجل- أن أعظم فوائده هي الجائزة الكبيرة التي يحصل عليها المتواضعون في الدار الآخرة فقال سبحانه: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].

قال ابن كثير: "يخبر تعالى أنَّ الدَّار الآخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول، جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين الذين لا يريدون علوا في الأرض، أي: ترفُّعاً على خلق الله وتعاظماً عليهم وتجبُّراً بهم".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 130
الخميس 17 شعبان 1439 ه‍ـ
...المزيد

إِحيَاءُ السُّنَنِ (1) • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن أحيا سنّة من سنّتي، فعمل ...

إِحيَاءُ السُّنَنِ (1)


• قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن أحيا سنّة من سنّتي، فعمل بِها النّاس، كان له مثل أجر من عمل بها، لا ينقص من أجورهم شيئا). [الترمذي].


▪ نفضُ الفراش قبل النوم بطرف الإزار
قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفض فراشه بداخلة إزاره؛ فإنه لا يدري ما خلفه عليه). [متفق عليه].

▪ النوم على طهارة على الشق الأيمن
قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن). [متفق عليه].

▪ مسح أثر النوم عن الوجه باليد
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده". [البخاري].

▪ أكل اللقمة إذا سقطت بعد تنظيفها
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان). [مسلم].

▪ البدء بالسواك عند دخول البيت
عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- "أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل بيته بدأ بالسّواك". [مسلم].

▪ تغطية الأواني والقِرب في الليل
قال -صلى الله عليه وسلم-: (غطّوا الإناء وأوكوا السقاء؛ فإن في السّنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمرّ بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء؛ إلا نزل فيه من ذلك الوباء). [مسلم].

▪ منع الصبيان عن الخروج وقت الغروب
قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا كانَ جُنْحُ اللَّيْل -أوْ أمْسَيْتُمْ- فكفّوا صبيانكم؛ فإنّ الشّياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من اللّيل فخلّوهم). [البخاري].

▪ التنفس خارج الإناء أثناء الشرب
عن أنس -رضي الله عنه- قال: "كانَ رَسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتنفّس في الشّراب ثلاثا، ويقول: (إنّه أروى وأبرأ وأمرأ)". [متفق عليه].
...المزيد

مِن أقوال علماء الملّة قال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-: "أطيب العيش، من يعيش مع ...

مِن أقوال علماء الملّة


قال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-:

"أطيب العيش، من يعيش مع الخالق سبحانه، فإن قيل: كيف يعيش معه؟ قلت: بامتثال أمره، واجتناب نهيه، ومراعاة حدوده، والرضا بقضائه، وحسن الأدب في الخلوة، وكثرة ذكره، وسلامة القلب من الاعتراض في أقداره، فإن احتجت، سألته، فإن أعطى، وإلا، رضيت بالمنع، وعلمت أنه لم يمنع بُخلًا، وإنما نظرا لك، ولا تنقطع عن السؤال؛ لأنك تتعبد به، ومتى دمت على ذلك، رزقك محبته، وصدق التوكل عليه، فصارت المحبة تدلك على المقصود، وأثمرت لك محبته إياك، فحينئذ تعيش عيش الصديقين".

[صيد الخاطر]
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 512 الافتتاحية: • ليبيا الأمجاد "تحظى ليبيا بأهمية ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 512
الافتتاحية:

• ليبيا الأمجاد

"تحظى ليبيا بأهمية بالغة لأمة الإسلام، كونها قلب إفريقية وجنوب أوروبا، إضافة لكونها مفتاح الصحراء الإفريقية التي تمتد لعدة دول مهمة".

بهذه الكلمات لخّص أمير الولايات الليبية أبو المغيرة القحطاني -تقبله الله تعالى- في إحدى لقاءاته الصحفية، أهمية الساحة الليبية بالنسبة للمسلمين في المنطقة، ومدى خطورتها على أوروبا الصليبية.

ولا ريب أنّ ما قاله القائد المحنك الذي أدار الولايات الليبية وأشعل الحرب فيها لسنوات على النصارى والمرتدين؛ لم يكن وليد لحظة آنية وحماسة عابرة، بل هو فهم راسخ لطبيعة المنطقة، متصل بالتاريخ القديم، معايش للواقع المعاصر، متفرّس للمستقبل القادم الذي هو قطعا للإسلام كما وعدنا الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

وبالعودة للتاريخ الإسلامي، وتحديدا في عهد الخليفة عمر الفاروق، تحركت جيوش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص وعقبة بن نافع وغيرهم باتجاه ليبيا حتى أخضعوها للفتح الإسلامي بمناطقها الثلاث؛ برقة وطرابلس وفزان، واستمر الفاتحون يتوغلون في الساحة الإفريقية دعوة وجهادا حتى وصلوا إلى سواحل الأطلسي.

وفي الماضي القريب، قبل نحو عقد من الزمان، سار أجناد الدولة الإسلامية على درب أسلافهم الفاتحين في معركة الشريعة، ووصلت سنابك خيولهم إلى أرض ليبيا بمناطقها الثلاث، حتى صارت ساحة لصولاتهم وجولاتهم التي قوبلت بقلق وفرَق كبير من الحكومات المرتدة والصليبية للأسباب التي تقدّم ذكرها؛ كونها قلب إفريقية وبوابة أوروبا الجنوبية، وعقدة المواصلات بين ستّ دول بحدود شاسعة، ناهيك عن الإقبال الكبير لأبناء المسلمين في شمال إفريقية على الالتحاق بالولايات الليبية، وهو ما شكّل تهديدا حقيقيا للمشاريع الطاغوتية المحلية، والأطماع والمخططات الصليبية الدولية.

وكان مما جذب الأنظار في المشهد الليبي، نظام الحكم الإسلامي الذي طبقته الدولة الإسلامية، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، صونا للفضيلة وقمعا للرذيلة، وهو ما فسّر التدخل القوي للتحالف الصليبي وأوباشه المرتدين ضد الولايات الفتية آنذاك، لأن سيادة حكم الشريعة يعني بالضرورة نهاية أطماع الكافرين وأحلام المنافقين وانقطاع مؤامراتهم ومتاجراتهم.

لكن سرعان ما تداعى أولياء حزب الشيطان لحرب هذا المشروع المبارك، فأقيمت التحالفات الإبليسية بين ثوار "الإخوان والقاعدة" في غرف الردة المشتركة يقودهم وينفخ فيهم إبليس، حتى قاتَلوا المجاهدين كافة كتفا بكتف بغية تحقيق هدف مشترك هو إخراج الدولة الإسلامية وإسقاط حكمها، وهو نفس الهدف الذي مهّدت له الطائرات الصليبية بكثافة كبيرة.

وبعد أن تمالؤوا على إسقاط حكم الشريعة؛ انقلب الحلفاء على بعضهم وباع قادة الحكومات المحلية ميليشيا القاعدة وقضوا عليها بعد أن قضوا وطرهم منها في الحرب على الدولة الإسلامية، فخسروا الدين والدنيا معا ونافسوا الإخوان المرتدين على حجز مقعد في قائمة التيه والمهانة، وانتهى المشهد الليبي على هذا الحال، حيث تقاسم الشركاء والفرقاء المرتدون الحكم مع استمرار الصراعات فيما بينهم، حتى صار كثير من الناس يحنون لأيام الطاغوت القذافي! في اعتراف ضمني متأخر بأن الثورات ليست سوى دورة من دورات الجاهلية المتعاقبة تذهب بطاغوت وتأتي بآخر.

موجة الردة والحرب على الشريعة لم تكن استثناء في التاريخ الليبي، فقد سبقها حقبات تاريخية مشابهة ارتدت فيها طوائف عن الإسلام في عهد عمرو بن العاص، وذكر "ابن خلدون" وغيره أن بعض هؤلاء "ارتدوا اثنتي عشرة مرة من طرابلس إلى طنجة، وزحفوا في كلها على المسلمين! ولم يثبت إسلامهم إلا في أيام موسى بن نصير"، وكانت كلما تركها القادة الفاتحون ارتدت عن الإسلام، وبعد مقتل الخليفة الفاروق ارتدت بعض هذه القبائل، فأرسل الخليفةُ عثمان القائد عبد الله بن أبي السرح لقتال المرتدين وتأديبهم.

ومع تكرار هذا الواقع اليوم، فلا بد لأبناء الإسلام وحراس العقيدة أن يحذوا حذو أسلافهم في تأديب المرتدين وأن يتأسوا بصنيع الفاتحين الأولين، وذلك بالسعي الحثيث لقلب هذه المعادلة والعمل الدؤوب لكسر حالة الجمود والركود التي طالت، والنهوض من جديد لإعادة ليبيا إلى مجدها التليد تحت حكم الإسلام لا حكم الطاغوت، ولن يتم ذلك إلا بالاجتماع على درب التوحيد والجهاد فكل الدروب غيره مبتورة مقطوعة.

أجناد الإسلام في ليبيا، لقد كان لكم تاريخ قريب ينبض بالعزة ويحفل بالبطولات ويضج بالمكرمات، وهو ما ينبغي عليكم إحياؤه وتجديد عهده، فصحائف الأعمال ماضية والشمس لم تشرق من مغربها، والواجبات والفروض لم تتبدل، والأحكام لم تُنسخ، فما زال الولاء والبراء واجبا متحتما، وما زال الجهاد فرض عين بل فرض الساعة الذي يتأكد حكمه في مثل هذا الظرف، حيث الشريعة معطلة والمستضعفون يستغيثون، والطاغوت بكل أنواعه رافع رأسه يشرّق ويغرّب وينفث شركه في البلاد.

فعملا بواجب التحريض، نخاطب المجاهدين في ليبيا وما جاورها؛ نستنهض عزائمهم ونستثير طاقاتهم ونشحذ هممهم ونذكرهم بتجديد نواياهم وإخلاص طواياهم، ونحرضهم على السعي الجاد لإحياء الساحة الليبية بالجهاد على منهاج النبوة، عملا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، قال الإمام البغوي: "قال ابن إسحاق: هو الجهاد أعزكم الله به بعد الذل، وقال غيره: بل الشهادة". وبين الجهاد والشهادة تجتمع كل أسباب الحياة في الدنيا والآخرة، فاستجيبوا لما يحييكم.

وليتذكر المجاهدون في ليبيا أن إخوانهم في الولايات القريبة ينتظرون منهم الكثير في تسخير الطبيعة الميدانية والحدود الرخوة في رفد الجهاد بالطاقات، فدور ساحة ليبيا وأثرها في دفع عجلة الجهاد المحلي لا يخفى، وإنْ تعثّر فلا بد أن ينهض ويستمر.

والأمر لا يقتصر على البعد المحلي بل يتعداه إلى البعد الدولي عبر استغلال الساحة الليبية المتاخمة لأوروبا الجنوبية، في تهديد المصالح الصليبية القريبة أو على الأقل إشغالها، ولا يكن "طلاب اللجوء" أجرأ منكم -فوارس التوحيد- على تقحُّم الأخطار وركوب الأهوال وأنتم "طلاب الشهادة" الفارون بدينهم إلى باريهم سبحانه، وليس من سابق وبادر كمن جاء في الصف الآخر، ولينصرن الله من ينصره.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 512
السنة السابعة عشرة - الخميس 19 ربيع الأول 1447 هـ
...المزيد

ونراه قريبا ولا يظن أحدٌ من المشركين في أي مكان أننا نسينا جرائمهم بحق المسلمين، فجرائم ...

ونراه قريبا


ولا يظن أحدٌ من المشركين في أي مكان أننا نسينا جرائمهم بحق المسلمين، فجرائم الصليبيين والروافض وحلفائهم من مرتدّي الصحوات وجنود الطواغيت لم ولن تُنسينا - بإذن الله - جرائم الروس في القوقاز ولا جرائم الصرب والكروات في البلقان ولا جرائم الأحباش في شرق إفريقية ولا جرائم الهندوس في الهند والسند وبنغلادش ولا جرائم النصارى في الفلبين ولا جرائم الشيوعيين في الصين ولا النصارى المحاربين في وسط وغرب إفريقية، وغيرها من جراحات المسلمين وكلّها بحول الله وقوته سنردها للمشركين أضعافاً، الصاع صاعات والمكيال مكاييل، إنهم يرون ذلك بعيداً ونراه قريباً، وما الله بغافل عما يعمل الظالمون.


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [201]
...المزيد

حربٌ على الديمقراطية نعم، إنها حرب على كل طواغيتهم وأوثانهم، حرب على العلمانية التي تقوم على ...

حربٌ على الديمقراطية

نعم، إنها حرب على كل طواغيتهم وأوثانهم، حرب على العلمانية التي تقوم على الكفر بربوبية الله في ملكه وأمره، حرب على الديموقراطية التي تكفر بألوهية الله وتعطي للإنسان الحق أن يتألّه غيره من البشر بما يشرعه لهم من أحكام وقوانين، حرب على عبودية المنفعة التي أباحت لهم أن يفعلوا كل الموبقات، من قتل لعباد الله، واستعباد لهم، وسرقة لأموالهم وثمرة عرقهم، إنها حرب على كل ذلك.

إن حربنا اليوم عليهم هي فأس إبراهيم الخليل -عليه السلام- التي ستدمر بإذن الله كل ما يعبده مشركو الغرب من دون الله، حتى يُعبد الله وحده.


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [135]
"نعم.. إنها حرب على الديمقراطية"
...المزيد

رسالة إلى المسلمين عامة فيا أيها المسلم في كل مكان تدبَّر كتاب ربك، وسنة نبيك، واقرأ سيرة ...

رسالة إلى المسلمين عامة


فيا أيها المسلم في كل مكان تدبَّر كتاب ربك، وسنة نبيك، واقرأ سيرة الصحابة والسلف الصالح، لتعرف أن ما بذله المجاهدون، وما عانوه من أمور تشق على النفوس، وما عاشته الرعية في ظل دولة الإسلام، ما هو إلا ثمن زهيد لثمرات في الدنيا والآخرة، والمحروم من حرمه الله عزوجل من أن يُستعمل في طاعته فلا تركن للدنيا واعمل في سبيل الله قدر طاقتك وليكن هدفك رضى الله والفوز بالنعيم المقيم.

• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [135]
"ضريبة الجهاد"
...المزيد

بغير دولة الإسلام لا أمان ولا سلام فليعلم القاصي والداني والشرق والغرب؛ أننا أقسمنا وعزمنا أنه ...

بغير دولة الإسلام لا أمان ولا سلام

فليعلم القاصي والداني والشرق والغرب؛ أننا أقسمنا وعزمنا أنه بغير دولة الإسلام لا أمان ولا سلام، لا في العراق ولا في الشام، ولا مصر ولا الجزيرة ولا خراسان، ولا في الشرق ولا في الغرب، لن نساوم ولن نسالم، لن نفاوض ولن نقايض، فشرع الله لا يُحكم إلا بالسيف ولا يقوم إلا على الشوكة والقوة.. هذا منهجنا وهذه عقيدتنا، لن نغير ولن نبدل، وما زالت أقدامنا ثقيلة وهذه الساحة:
لن نرضى بنظامٍ أو دولةٍ لا تحكِّم شرع الله.


الشيخ أبو محمد العدناني (رحمه الله تعالى)
من كلمة صوتية بعنوان: العراق العراق يا أهل السنة
...المزيد

التَّوحِيدُ أَسَاس اليَقين لهذا اليقين الذي جعله الله تعالى في قلوب عباده أسباب كثيرة، أهمها صحة ...

التَّوحِيدُ أَسَاس اليَقين

لهذا اليقين الذي جعله الله تعالى في قلوب عباده أسباب كثيرة، أهمها صحة المعتقد وسلامة الدين من الشرك بالله، وحسن الظن به والمعرفة به سبحانه، فالمشرك به مهما أظهر من التوكل على الله عز وجل لا يلبث أن ييأس من روح الله إذا ضل عنه من كان يشركه معه سبحانه ويتوكّل عليه من دونه، ومقدار خلو القلب من الأنداد يمتلئ يقينًا بالله عز وجل ووعده لعباده بنصرهم على عدوّه ومجازاتهم على صبرهم وجهادهم في الدنيا والآخرة.


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [200]
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً