رسائل طاغوت النصارى في زيارته للعراق اهتمام كبير انصب على زيارة طاغوت النصارى "البابا" إلى ...

رسائل طاغوت النصارى في زيارته للعراق


اهتمام كبير انصب على زيارة طاغوت النصارى "البابا" إلى العراق، والتي أريد منها الدعاية لبعض الأفكار الصليبية الجديدة تجاه بلدان المسلمين، وعلى رأسها العراق، الذي تدور على أرضه منذ عقدين من الزمان رحى حرب طاحنة بين المسلمين والمشركين، ولو أردنا تتبع مسار تلك الزيارة لوجدنا في كل محطة من محطاتها رسالة حرص الطاغوت من ورائه أتباعه وأولياؤه على إيصالها للمتابعين لأخبارها.

فلا شك أن زيارته للحكومة الرافضية واستقبالها له رسالة دعم وتأييد لهذه الحكومة الطاغوتية المجرمة، وإيحاءً باستقرار هذه الحكومة وسيطرتها على الأرض، وإحساس زوارها بالأمن، وهو بخلاف الواقع المعاش طبعا، فهذه الحكومة هي -بحمد الله تعالى- في أضعف حالاتها، فلم تعد قادرة على الزعم بأنها حسمت الحرب مع جنود الدولة الإسلامية في مناطق نشاط عملهم العسكري، والذي يمتد إلى داخل بغداد، ولا هي قادرة على الزعم أنها مسيطرة على مناطق الوسط والجنوب التي يكثر فيها الرافضة، بسبب حالة الانفلات الأمني والمظاهرات والاحتجاجات المستمرة منذ عامين، ولا هي قادرة حتى على الزعم أنها حكومة مستقرة ثابتة وهي تعلم حجم إفلاسها المالي وتمزقها السياسي في ظل صراعات الأحزاب الرافضية المشكلة لها.

فطاغوت النصارى إذن يسعى لطمأنة أوليائه الصليبيين في كل مكان إلى استقرار هذه الحكومة، والدعاية لتقديم الدعم والقروض لها، وهو ما يجد الرافضة اليوم صعوبة كبيرة في تأمينه، في ظل تراكم الديون عليها، والصراع المستمر بين إيران وأمريكا للهيمنة على العراق، وعدم ثقة الحكومات الصليبية في جدوى الاستمرار في دعم هذه الحكومة المنهارة بإذن الله رب العالمين.

ولا نستبعد هنا أن هذه الزيارة "الدينية" التي قام بها طاغوت النصارى لها أهداف اقتصادية بحتة، وأن طرفا ما قد موّلها بالكامل، لتقديم هذا الدعم المعنوي للحكومة الرافضية لقاء تحصيل عقود مهمة ستظهر للعلن خلال الفترة المقبلة أو تبقى طي الكتمان كما حال معظم العقود الوهمية الموقعة بين الحكومات الرافضية السابقة والشركات الأمريكية والأوروبية.

أما في جنوب العراق، فقد أطلق طاغوت النصارى الدعوة إلى ديانة الكفر والإلحاد الجديدة التي يسعى اليهود ومن والاهم من الصليبيين وطواغيت بلاد الإسلام إلى الترويج لها، بالتقارب بين أتباع الديانات التي تنتسب إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام حقا أو باطلا، والتي يطلقون عليها "الديانة الإبراهيمية" ، وذلك بناء على قولهم أنّ مدينة "أور" التي زارها طاغوت النصارى لإطلاق الدعوة منها هي مسقط رأس نبي الله إبراهيم عليه السلام.

وهذه الدعوة الشيطانية قد أنكرها الله تعالى من فوق سبع سماوات، وأنزل في ذلك قرآنا على رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، فكذّب دعوى الكافرين بالانتساب إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام أو نسبته إلى أديانهم الباطلة، قال تعالى: }مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ { ]آل عمران:67[.
فإبراهيم عليه السلام كان على دين الإسلام قبل أن يزوّروا أديانهم، وتوحيده سابق لشرك أولئك المشركين وكفرهم بالله العظيم، فما كان يؤمن بثالوث النصارى الشركي، ولا بأوثانهم التي يعبدونها من دون الله تعالى، ولا كان يعبد المسيح بن مريم عليه السلام الذي يعبدون، ولا كان يعبد أئمة الرافضة ولا يطيع طواغيتهم الذين يعبدونهم من دون الله تعالى، بل كان عليه السلام بريئا من الشرك وأهله، ومنهم مشركو أهل الكتاب وكفارهم، والمشركون المنتسبون إلى الإسلام زورا وبهتانا، فهم بريؤون من دينه بما أحدثوه من شرك بالله العظيم، وهو بريء منهم ومن شركهم إلى يوم الدين.

وإن إطلاق هذه الدعوة في ظل حكم الرافضة وطاغوتهم "السيستاني" يشي أنهم اختاروا هؤلاء المشركين لإعلان الدخول في هذا الدين الملفق، ليزعموا -إن تحقق لهم ذلك- أنهم أدخلوا المسلمين فيه، والروافض إخوان لهم في دين الشرك بالله العظيم وإن اختلفوا في الآلهة التي يعبدها كل منهم من دونه سبحانه، وليسوا بمسلمين.

وأما الرسالة الثالثة، وهي الأكثر وضوحا، فكانت رفع طاغوت النصارى لصليبه النجس فوق خرائب الموصل التي دمّرها أولياؤه، ليعلن هدف تلك الحملة الصليبية على دولة الإسلام، بأنها حرب لإزالة شرع الله تعالى من هذه الأرض، وإقامة دين الشرك مكانه فيها، وسنزيل صلبانهم منها كما أزلناها أول مرة عن قريب بإذن الله.

وهذه الرسالة أدركها حتى المرتدون الذين حاربوا الدولة الإسلامية، وكانوا يزعمون أنهم بذلك ينصرون الإسلام، فقد تأكد من فعل طاغوت النصارى أن كل من قاتلوها كانت نتائج أفعالهم تصب في مصلحة الحملة التي تستهدف نصرة الصليب وغيره من أوثان المشركين، علم ذلك من علم وجهله من جهل.

ونسأل الله تعالى أن تكون هذه الزيارة لطاغوت النصارى آخر زيارة له إلى أي من بلدان المسلمين، وأن يمكننا منه ومن أوليائه أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 277
الخميس 27 رجب 1442 هـ
...المزيد

ألا إنَّ نصر الله قريب بيّن ربُّنا تبارك وتعالى أن ابتلاء المؤمنين بالشدائد سنّة في كل أتباع ...

ألا إنَّ نصر الله قريب


بيّن ربُّنا تبارك وتعالى أن ابتلاء المؤمنين بالشدائد سنّة في كل أتباع المرسلين، فيصيبهم بما يشاء من الابتلاءات قبل أن يمنَّ عليهم بالنصر في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، قال سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].

وإن كان وعد الله تعالى لعباده المؤمنين بالنصر القريب متحققاً ولا شك، فإن هذا النصر الموعود يناله العباد بعد صبر وتحمل منهم لمشاق الطريق، وبعد بذل كثيرٍ من العرق والدماء في سبيل التمكين لدين الله تعالى في أرضه، وليس النصر لمن يزعمون استحقاقهم له وهم يعصون الله تعالى؛ فلا يصبرون على الأذى في سبيله، ويمتنعون عن الجهاد لإقامة دينه، وإزالة الشرك من أرضه، فهؤلاء مستحقون للعذاب في الدنيا والآخرة جزاء لمعصيتهم ربهم، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

فقد توعّد ربُّنا تبارك وتعالى مَن يرتدون عن دينه ولم يصبروا على فتنة المشركين لهم في سبيله بالعذاب المقيم في النار، ولم يستحقوا بسبب كفرانهم نصر الله تعالى لهم، قال سبحانه: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217].

وقد عذّب ربُّنا جل في علاه مَن امتنعوا عن طاعته بجهاد أعدائه، بعد أن وعدهم بالتمكين في أرضه، فلما تولّوا عن طاعته، لم ينلهم وعده، قال تعالى: { قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 24 - 26]،
وقال جل جلاله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 38 ، 39].

وإن كان رسولنا عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام هم أوضح مثال على نصر الله تعالى لعباده المؤمنين بعد الذلة والاستضعاف، فإن ذلك التمكين في الأرض لم يكن وليد اعتقادٍ قلبي بالله تعالى ودينه فحسب، بل كان بإيمانٍ بهذا الدين اعتقادا وقولا وعملا، فهم قد صبروا على أذى المشركين في مكة سنين، ثم تحملوا المشاق في هجراتهم عن بلدانهم وأهليهم فرارا بدينهم سنين، ثم جاهدوا أعداء الله المشركين بما استطاعوا سنين، حتى فتح الله تعالى عليهم البلاد وقلوب العباد فتحا مبينا، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم، فهو ينصر عباده المؤمنين ولو خذلهم الناس وتولوا عن نصرتهم، كما قال تعالى: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].

فهذه أسباب النصر التي قام بها المسلمون الأوائل من هذه الأمة حتى استحقوا نصر الله تعالى وتمكينه لهم في الأرض، ولو أنهم امتنعوا عن طاعة الله تعالى وتولوا عن أداء واجبات هذا الدين لخُذلوا ولم ينالوا النصر، ولن تجد لسنة الله تحويلا.

وأما من ترك ما عليه من واجبات، بل وزاد عليها بفعل المحرمات ثم تمنّى على الله تعالى الأماني فهذا ليس له إلا الخيبة والندامة في الدنيا والآخرة، وأشد منهم من قعدوا عن الجهاد مخافة الموت والابتلاء وانشغلوا بالطعن في المجاهدين في سبيل الله تعالى، وهم يزعمون أنهم ينتظرون نصر الله تعالى!، فهؤلاء أفعالهم من أفعال المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَّاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 167 - 168].

فالواجب على المسلمين أن يؤمنوا بالله تعالى، فينصروا دينه ويجاهدوا في سبيله ويسألوه سبحانه الإعانة والتوفيق والسداد في ذلك، ويرتقبوا نصر الله العظيم لهم، وهو قريب كما وعد جل جلاله، ما يؤخره عنهم إلا مشيئته سبحانه وذنوبهم، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 276
الخميس 20 رجب 1442 هـ
...المزيد

صراخ الرافضة على قدر آلامهم إن من يتابع أخبار الروافض في العراق ويشاهد الحالة الجنائزية التي ...

صراخ الرافضة على قدر آلامهم


إن من يتابع أخبار الروافض في العراق ويشاهد الحالة الجنائزية التي تطغى عليهم عند كل ضربة يتلقونها من جنود الدولة الإسلامية، والحالة الاحتفالية التي يشيعونها عند تحقيق أي نصر مزعوم مهما كان صغيرا، سيدرك جيداً مدى الضعف الذي يشعرون به والخوف الذي ينتابهم، فهم يخشون من كل ضربة للمجاهدين أن تقصم ظهورهم، فيحاولون إظهار القوة والسيطرة لتغطية ما هم عليه في حقيقة الأمر من ذلة وانكسار.

ففي كل مرة تنجح مفرزة من مفارز المجاهدين المنتشرة في العراق بتوجيه ضربة إلى قواتهم، نتفاجأ بقوة صراخهم وشدة عويلهم المبالغ فيه، لأن الضعف الذي هم فيه يجعلهم يشعرون بالألم أضعافاً مضاعفة عما قد يشعر به غيرهم من الكفار والمرتدين المحاربين للدولة الإسلامية والذين نالهم من البطش أكثر مما نال الروافض أحيانا.

وفي كل فترة يطالعوننا بأخبار مزعومة عن تمكنهم من قتل أعداد كبيرة من المجاهدين أو إحباط مخططات كبيرة لهم أو استهداف قياداتهم وأمرائهم، ونتفاجأ أيضا بحجم الاحتفالات التي يقيمونها لتلك المزاعم، وذلك لأنهم يحاولون التغطية على الهزيمة النفسية التي يشعرون بها ويخشون أن تؤول قريبا إلى هزيمة عسكرية في الميدان بأخبار انتصارات وفتوحات وتمكين، وهكذا الضعيف المهزوم يفرح لأي خبر انتصار مهما صغر، وينفخ فيه حتى يصبح بحجم هزيمته وانكسار نفسه، علّه يغطي عليهما ويحجبهما عن أعين الآخرين.

وليس بخاف اليوم على أحد أن أسباب ضعف الروافض في العراق كثيرة خطيرة، وليست حربهم المنهكة ضد جنود الخلافة الوحيدة فيها، وإن كانت من أكثر عوامل الكشف عن ذلك الضعف، ومما يقوي أثر بقية الأسباب المضعفة للحكومة الرافضية وميليشياتها.

فالحكومة الرافضية تدرك واقع جيشها المتهالك، الذي سُحق تماماً في الحرب ضد الدولة الإسلامية طوال السنوات الماضية، وصار أشبه بالميليشيات ضعيفة الأداء قليلة التسليح منه إلى الجيوش النظامية القوية، وتدرك أيضا أنه أصبح كالمريض المنهك الذي تؤدي كل حركة منه إلى زيادة إنهاكه وتعزيز ضعفه، وفي الوقت نفسه لا أمل في تجديد هذا الجيش وتعزيز قوته، في ظل حالة الإفلاس التي قد تدفع الحكومة الرافضية حتى إلى قطع أو تخفيض رواتب الجنود، ما سيشكل كارثة حقيقية على هذا الجيش المرتد وقيادته، بإذن الله تعالى.

كما أنها تدرك جيداً الحالة الاقتصادية والمالية السيئة لها، في ظل الديون التي تراكمت عليها خلال الحرب مع الدولة الإسلامية، والتي عجزت عن سداد أي جزء منها، بل زادت عليها أضعافا كثيرة، لتغطية نفقات هذه الحرب، ولضمان استمرارية عمل الحكومة ولو بشكل صوري، خاصة في ظل تراجع مواردها النفطية، وزيادة ضغوط الميليشيات عليها لتحصيل مكاسب أكبر للأحزاب، ولتأمين المزيد من الوظائف والخدمات للسكان الذين يعيشون تحت حكمها، فلذلك كله فإنهم يخشون كثيرا من عجزهم في الفترة القادمة عن تمويل الحرب على الدولة الإسلامية، أو أن يفتح الله تعالى على جنود الخلافة من جديد فلا يجدوا شيئا يستعينون به على حربها مرة أخرى.

كما أن الحالة السياسية لرافضة العراق اليوم ليست في أفضل حالاتها، فالصراع بين الأحزاب والميليشيات في تصاعد خطير، ويكاد يقترب من عتبة الصدام والتطاحن وينفلت من يد أجهزة استخبارات إيران وحرسها الثوري، وكذلك فإن حمّى المظاهرات والاحتجاجات لم ترفع منذ عام تقريبا، ضاغطة بشكل دائم على أعصاب الحكومة الرافضية وأحزابها، مهددة بحريق خطير في مناطق الوسط والجنوب، لن يكون من السهل عليهم إخماده، وفوق ذلك كله فموعد الانتخابات التي تتجه إليها أنظار المتصارعين يقترب أكثر، مقرَّبا مواعيد صدامات مؤجلة فيما بينهم، بإذن الله رب العالمين.

وهذه الأمور وغيرها مما تدركه الحكومة الرافضية في العراق وميليشياتها أكثر من غيرهم، تكشف لهم ضعف قوتهم وقلة حيلتهم، بخلاف ما يظهرونه للناس من قوة وتمكين، ولذلك فإنهم يشعرون بألم كل ضربة يتلقونها من المجاهدين شديدا عليهم، فهم يتألمون لضعفهم أكثر مما تؤلمهم الضربات، ويتألمون لعجزهم عن التوقّي من الهجمات أكثر من تألمهم من تلك الهجمات، نسأل الله أن يزيدهم على ضعفهم ضعفا، وعلى مصائبهم مصائبا، وأن يقوينا عليهم ويمكننا منهم، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحميد، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 275
الخميس 13 رجب 1442 هـ
...المزيد

{ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } كثيرة هي الأساطير والخرافات ...

{ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }


كثيرة هي الأساطير والخرافات المتداولة في أوساط الأحزاب المنتسبة للإسلام زوراً، والتي يتلقفها الأفراد مِن أفواه مَن يتبعونهم على ضلال دون تحقيق أو قياس إلى الواقع، بعضها يكون منشؤه دعائيا ثم يتحول إلى منهج عمل، وبعضها لا يقصد منه إلا خداع السذج والأغرار من الأتباع ليستمروا في السير على الطريق المرسوم لهم.

ومن الكلام الدارج كثيراً على ألسنة قادة تلك الأحزاب المرتدة، والذي جعلوه قاعدة ثابتة وأصلاً راسخاً، قولهم إن الناس في بلدان المسلمين إذا رُفعت عنهم قبضة الصليبيين والطواغيت فإنهم سيختارون -بدون شك- أن يُحكموا بشريعة الإسلام، ولذلك فإن تلك الأحزاب تزعم أن عملها يقتصر على فتح المجال أمام الناس ليختاروا هم إقامة الدين بحرية، وأنهم بذلك يحترمون إرادة الناس.

ومثل هذا الكلام ينطوي على أمور عديدة، منها ما هو أخبار لا تثبت أمام امتحان الشرع والعقل والواقع، ومنها ما هو وعود وعهود أثبت الواقع كذبها وغدْر مَن يُطلقها، ومنها ما هو إعلان مراوغ للرضا بالكفر يخفيه مطلقوه تحت ستار من الوجوه المحتملة.

ويكفي لتكذيب هذا الكلام ما رأيناه ونراه واقعا في بعض البلدان التي يختار فيها الناس مَن يريدون مِن الحكام وما يحكمون به، فإنهم لم يختاروا كلهم مَن يزعمون أنهم يدافعون عن الإسلام، ويسعون لإعادته حاكما للناس، بل اختاروا بدلاً عنهم مَن يصرّحون علناً بمعاداة الإسلام والحرص على العلمانية! وحسبنا أن نعلم أن عدد الكفار والمرتدين الذين اختاروا الطاغوت "محمد مرسي" لحكم مصر مساو -تقريباً- لعدد مَن انتخبوا خصمه الطاغوت "أحمد شفيق"! ولا شك أن "شفيق" كان معروفا لأهل مصر بكفره وعدائه للدين لكونه مِن رجال الطاغوت الأسبق "مبارك"، وكذلك الأمر في تركيا إذ أن الكفار والمرتدين المنتخبين للطاغوت "أردوغان" هم أقلية إذا ما قورنوا بمجموع الكفار والمرتدين الذين انتخبوا كل خصومه في الانتخابات.

فإن كان مقياس الانتخابات الشركية التي يسعى إليها مرتدو الأحزاب الكافرة مقبولاً لديهم، فهو قد أثبت مراراً أن الأمر ليس كما يزعمون، وأن الناس إن تُركوا لحريتهم فسيختار كل منهم مَن يوافق هواه، أو يحسب أنه سيقدم له نفعاً أو يدرأ عنه ضرراً، أو مَن هو أقدر على خداعهم وتضليلهم بالوعود والشعارات، ولن يختار مَن يزعمون رغبتهم بتحكيم الشريعة إلا أقلية!، خاصة إن خاف الناس أن تؤدي إقامة الدين إلى إغضاب الكفار وأن تتأثر بذلك معاشاتهم واقتصادات بلدانهم.

ويندرج تحت هذه القضية سؤال مهم يتهرب مرتدو الديموقراطية من الإجابة عنه، وهو إن كانوا يعذرون متخذي الطواغيت الحاكمين آلهة لهم بأنهم متأولون بفعلهم، لكونهم يختارون إقامة الإسلام من خلال انتخاب أولئك الطواغيت، فلا يكفرونهم، فبأي عذر يعذرون مَن ينتخبون الطواغيت الذين يصرّحون علناً بعدائهم للإسلام وعزمهم على تغيير شرائعه وتبديل أحكامه؟! ولعل معرفتنا أنه في حالة مَن انتخبوا الطاغوت "أحمد شفيق" في مصر كانوا قرابة 12 مليوناً من الناس يوضح حجم المشكلة على حقيقتها.

ومن جانب آخر نرى أن تلك الأحزاب المرتدة تكذّب بنفسها مزاعمها السابقة بثقتها في رغبة أكثر الناس في بلدان المسلمين بتحكيم الشريعة، بمجرّد أن يمكنها الله تعالى في أي بقعة من الأرض، حيث تمتنع عن إقامة الدين معلنة أن الناس غير مهيئين بعد لأن يحكموا بالشريعة، وأنهم سيفرغون جهودهم لدعوة الناس وتعريفهم من جديد بدين الإسلام حتى يصبحوا مهيئين لأن يحكموا بدين الإسلام.

والحق الذي هدى الله تعالى قادة الدولة الإسلامية إليه هو التفصيل الذي يتيح تكوين تصور واقعي لحال الناس والحكم عليه ومعاملتهم وفق ذلك، فليس كل الناس الذين يعيشون في بلدان المسلمين هم من الذين سينصرون الدعوة لإقامة الدين وتحكيم شريعة الله على كل حال ومهما كانت التوقعات لتعرضهم لضرر في معاشهم جراء ذلك، ولا أغلبهم، وكذلك فليس كلهم سيُظهرون المعاداة لهذا الأمر ويناصبونه العداء ويمنعونه بكل ما استطاعوا.

بل الناس منقسمون إلى ثلاث طوائف، مؤمن بالله تعالى يحبّ دينه ويحرص على إقامته ويدافع عنه، فهذا يُحكم بإسلامه ويعامل معاملة المسلمين في كل شيء، وقسم ثانٍ كافر معاند محارب لدين الله تعالى، يُظهر العداء له والحرب عليه، أو يظاهر أولياءه الكافرين على المسلمين لمنع إقامة الدين وتثبيت حكم الجاهلية، فهذا يُحكم بكفره ويقاتل عليه، وقسم ثالث لا يحبّ الدين وأهله أو يحبّ الشرك وأهله، أو يحبّ ما ينفعه في دنياه ويكره ما يضرّه فيها ولو كان دين الله سبحانه!، ولكنه مع ذلك لا يظهر شيئا من ذلك بل يعيش بين المسلمين ويظهر أنه واحد منهم ولا يظهر الموالاة للكفار والمرتدين عليهم، فهذا منافق يُعامل معاملة المسلمين ما بقي على حاله، فهو مسلم في الظاهر كافر مرتد في الباطن حسابه على الله العظيم، فإن أظهر الكفر بأي صورة كانت، ألُحق بالطائفة السابقة وعومل معاملة المرتدين ولو كان يزعم الإسلام.

فمن المهم على العاملين لإقامة الدين أن ينتبهوا لهذا الأمر قبل تمكنهم في الأرض، وأن يفرقوا بين الناس، فينصروا المؤمنين ويستنصروهم لإقامة الدين، ويحذروا من المنافقين ويتعرفوا عليهم بسيماهم، ويحاربوا الكفار والمرتدين ويغلظوا عليهم، والحذر كل الحذر أن يخلطوا بين هذه الطوائف في المعاملة، فيعاملوا المؤمن معاملة الكافر، أو يعاملوا المنافق معاملة المؤمن، فهو ظلم عظيم، وهو من أبواب الهزيمة والخسارة في الدنيا والآخرة، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 274
الخميس 6 رجب 1442 هـ
...المزيد

حوار: أمير البيضاء في ولاية اليمن: القاعدة تنسق مع "جيش الطاغوت هادي" لقتال جنود الخلافة في ...

حوار: أمير البيضاء في ولاية اليمن:


القاعدة تنسق مع "جيش الطاغوت هادي" لقتال جنود الخلافة في قيفة..

بعد أن كان لها دور في زج تنظيم القاعدة في الشام في موالاة الصحوات ضد جنود الدولة الإسلامية، أعلنت قيادة القاعدة في اليمن حربها عليهم في منطقة قيفة وسط اليمن، بتنسيق ومساعدة من جيش الطاغوت (منصور هادي)، ورغم تمكّن جنود الخلافة من كسر هجمتهم الأولى -بفضل الله تعالى- إلا أنهم لا زالوا يحرّضون ويحشدون عليهم، نسأل الله أن يرد كيدهم -وإخوانهم المشركين- في نحورهم.

وللوقوف على أحداث ما جرى في قيفة، التقت (النبأ) أمير منطقة البيضاء في ولاية اليمن ليطلعنا على حقيقة الوضع هناك، وتوقعاتهم بخصوصه في الأيام القادمة.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

• أخي المبارك.. لو تحدثنا بداية عن منطقة قيفة وكيف بدأت فيها الدولة الإسلامية.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
منطقة قيفة هي جزء من ولاية البيضاء الواقعة وسط اليمن والتي تعد ذات أهمية؛ كونها تربط بين أهم المدن اليمنية، ومنطقة قيفة تابعة لمدينة رداع، المدينة المهمة استراتيجيا لدى الحوثة المشركين، وتظهر أهمية رداع عند الحوثة كون هذه المدينة فيها كبار الروافض وتجّارهم، وكونها محطة لتعبئة جبهاتهم، وقد سعى الحوثة لحماية هذه المدينة بالسيطرة على أهم الجبال المطلة على بلاد قيفة كإسبيل والعليب والثعالب وجميدة وغيرها، كما يهدفون من السيطرة عليها أيضا أن تُحاصر قيفة؛ تفاديا من أن تكون منطلقا إلى مدينة رداع المهمة لديهم.

وقد رأت الدولة الإسلامية أن أرض قيفة تمتاز بتضاريس وعِرة تصلح لإعداد العدة وأن تكون منطلقا جيّدا لنشر نور الله تعالى في يمن الإيمان والحكمة، كما يمتاز أكثر أهلها بعدم اختلاطهم بما يسمّى بالشرعية المرتدين أتباع الطاغوت (عدو ربه) عبد ربه، فأكثر الجبهات في اليمن ضد الحوثة هي في ظل ما يسمى بالشرعية إن لم تكن كلها، ولم تصْفُ منهم سوى جبهة قيفة آنذاك، باستثناء تنظيم القاعدة الذي كان له وجود يسير في جبهات قليلة في قيفة وكان قد سحب جُل عناصره آنذاك إلى المُكلّا.

بدأت دولة الإسلام ببناء لبنتها الأولى في قيفة بدعوة الناس إلى الهدى ودين الحق وتعليمهم أمور دينهم، فوجدوا بفضل الله في هذه البلاد استبشارًا بدولة الإسلام ونصرة لها، ففتح الأنصار لهم البيوت، ومكّنوهم من الشعاب لتجهيز المعسكرات، وبدأت بفضل الله بالدورات التأسيسية من شرعية وعسكرية، فانضم إليها كثير من الأنصار ولحقهم المهاجرون من كل مكان، ورسخت الأمور وثبتت الأركان بفضل الله تعالى، حتى فُتحت جبهة للقتال ضد الروافض الحوثة، ما زاد يقين الناس أن الدولة ما أتت إلا لحرب الروافض، واندحض ما أُشيع أن الدولة إنما أتت لقتال أهل السنة في قيفة.

بعدها شارك الأنصار إخوانهم المهاجرين في الجبهات حتى ترجّل منهم الأبطال شهداء نحسبهم والله حسيبهم، واستمرت الدولة الإسلامية في تعليم الناس المنهج الراسخ والدين القويم من جهة، وقتال المشركين من جهة أخرى، حتى توسّعت جبهاتها، وفتح الله عليها.

فسيطرت الدولة الإسلامية بفضل الله على الجبل الاستراتيجي المُسمى (حمة لقاح) في منطقة لقاح، وكسر الله على أيدي جنود الخلافة أعتى الحملات الرافضية منها حملة واسعة في 27 رمضان 1438، وحملة واسعة أيضا في ذو القعدة 1438 التي هلك على إثرها قائد حملاتهم المرتد (أبو مرتضى المحطوري)، كما شنّ جنود الخلافة على مواقع الحوثة المشركين في منطقة الظهرة عدة عمليات اقتحامية وصولات واستهدافات، راح ضحيتها العشرات منهم بين قتيل وجريح ولله الحمد، كما قاموا بصد هجمات للرافضة على عوام المسلمين ونصرتهم.

أثناء ذلك كان لتنظيم القاعدة وجود، وبعد انسحابه من المكلّا خصوصًا، سحب أكثر عناصره إلى قيفة، لِما له من الأنصار والمقرات فيها.
وبدأ الناس يعرفون الفرق بين الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة، حتى قال بعضهم لجنود الدولة الإسلامية أنتم تذكروننا بالمجاهدين الأوائل الذين كنا نعرفهم؛ لما رأوا بعض مَن كانوا مع التنظيم قديمًا وهداهم الله تعالى للحاق بدولة الإسلام، كما كان التنظيم سابقا يدعو لما تدعو إليه الدولة الإسلامية اليوم، فثبتها الله تعالى وهم بدّلوا.

وبهذا الظهور للدولة الإسلامية وحظيها بخيرة الأنصار، وتقدمها على الأرض، علم التنظيم أن مشروعه سيؤول إلى زوال.


• كيف يبدو طابع جبهات تنظيم القاعدة وعملياته العسكرية في بلاد قيفة؟

كان تنظيم القاعدة بعد رجوعه من المكلّا يعمل على تثبيت مواقعه الأولى في قيفة ودعمها ببعض أفراده، ولم تكن لهم عمليات تُذكر من هجوم وسيطرة على مواقع للروافض الحوثة، أو أي تقدمات عليهم، باستثناء بعض الهجمات اليسيرة التي يهدف منها إلى تفعيل أنصاره، وليبين للناس وجوده في الأرض، بل ما زالت الانسحابات والانتكاسات طابعا فيهم -نسأل الله السلامة-، ومن رأى حالهم ومجاهرتهم بالمعاصي من تعاطٍ "للقات" وغيرها في معاركهم، لا يعجب كيف أن الله تعالى خذلهم.

ومن أساليب تنظيم القاعدة في القتال استنفاره لأهل الأرض ثم خذلانهم بالانسحاب المفاجئ، وجعلِهم في الأمر الواقع أمام العدو فيصول العدو على ديارهم ويأسر منهم، وهذه سياسة التنظيم من قديم فقد كان يُشعل الحرب مع الحوثة من داخل قرى قيفة ثم يتركها تواجه مصيرها ويولّي هارِبًا، فعل هذا في المناسح وفي خبزة وفي الزُوَب، وقد كان من أهل قيفة تخوفٌ في بداية الأمر من أن تفعل بهم الدولة الإسلامية مثل هذا، ولكن بفضل الله بعدما رأوا ثبات جند الخلافة زال ذلك عنهم.

وقد تكرر في التنظيم انكساره أمام الحوثة المشركين وسيطرتهم على مواقعه، فيقوم بعدها بعض قبائل قيفة برد الحوثة عن تلك المواقع كونها مطلة على قراهم وطرقهم.


• بشكل عام من هم الأعداء المتربّصون بالدولة الإسلامية في قيفة؟

كل من نصّب نفسه لحرب دين الله فهو عدو لدولة الإسلام لأن الدولة إنما تعمل لإقامة الدين وتحكيم الشرع، وعلى رأس أولئك الأعداء المحاربين لدولة الإسلام في قيفة هم الروافض الحوثة الذين طالما شنّوا الهجمة تلو الهجمة على مواقع الدولة، فيردهم الله بحوله وقوته ومنته.

أيضًا من الأعداء ما يسمى بالشرعية أتباع حكومة عبد ربه منصور وهم الجيش اليمني المرتد والصحيح تسميتهم بالشركية لجعلهم الطواغيت والدساتير شركاء لله في حكمه وتشريعه، هؤلاء الشركية قد كانوا في بداية الأمر يستخدمون أرض قيفة كخط آمن للمرور لمن يستقطبونهم للتجنيد من المناطق الشمالية من خارج البيضاء التي تقع تحت نفوذ الحوثة، وبترتيب وتنسيق مع مهربين بقيفة كان منهم بعض أنصار القاعدة، ويمرون بنقاط لتنظيم القاعدة، ثم يتم تسليمهم لقيادة ما يسمى بالشرعية في مأرب.

وقتها كانت الدولة الإسلامية في مواقع رباطها بعيدة عن ذلك الخط.

حتى تمادى مرتدو الشركية بعد ذلك وأرادوا تكوين معسكر في قيفة لوحدات من اللواء 117 الذي أنشئ في مأرب وفيه البعض من أبناء قيفة وغيرهم، بقيادة وكيل محافظة البيضاء السابق الطاغوت "سنان جرعون" لكن -بفضل الله تعالى- حطّمت الدولة الإسلامية هذا المشروع، كما بيّن ذلك المكتب الإعلامي للبيضاء في إصدار له بعنوان "أنقذوا أنفسكم".

وبعدها رأت الشركية أن أفضل مشروع للمكر بدولة الإسلام أن يكون تحت غطاء تنظيم القاعدة.

قامت الشركية باستخدام عباءة القاعدة، فجعلت بعضَ أنصار القاعدة يتولّى الأمر، وأبرز هؤلاء أبو وافي الصريمي، وأخوه أبو وسام وأبو الحسن الجوفي وأبو كساب التيسي فكانت تدعمهم بالذخيرة والسلاح وترتب أمورهم وتهيئ لأن تجعل من بعضهم قادة للكتائب، باسم مقاومة أبناء وقبائل قيفة، وبعضهم يُظهر رُتبته العسكرية وبعضهم لا يُظهرها، وبفضل الله انكشف هذا المشروع ولم يفلح.

وما كان التنظيم يجد حرجًا في علاقة كبار أنصاره بالشركية؛ للتدهور والانتكاسة التي وصل إليها التنظيم في المنهج، والحقد الذي أعماه وجعله يمد يده لكل من يريد النيل من مجاهدي دولة الخلافة، فكان الحال العام بين مشروع الخلافة ومشروع القاعدة كمشروعين انتهى أحدهما وفشِل ولم يجد إلا أن يُفشل الآخر، ثم فشلوا أيضا -بفضل الله تعالى- في إفشال مشروع الخلافة، والحمد لله من قبل ومن بعد.

كيف صار تنظيم القاعدة عدوا جديدًا في الساحة؟

بعد كل ما سبق ذكره ومع زيادة إيذاء عناصر القاعدة واستفزازهم لجنود الخلافة، بات التنظيم وكأنه مدفوع لقتال الدولة الإسلامية -أعزّها الله تعالى وأدامها-.

حتى حصلت وقْعَة الحاجز، وما كان من التنظيم إلا اتهام الدولة بالغدر ثم قام ينشر ويستعطف الناس أن الدولة قتلت عناصره غدراً، والتنظيم كان يعلم أن كل ذلك كان كذبا، وأن جنوده كانوا أحياء آنذاك، ولكن رآها الفرصة السانحة للتأجيج لقتال الدولة، ولا ضير أن يضحّي بجنوده أولئك في سبيل عدم إضاعة فرصة كهذه انتظرها كثيرا.
نُشر ذلك الخبر ليلاً، وما أتى صباح اليوم التالي إلا وقد باغت التنظيمُ جنود الخلافة وقتل بعض رجالهم، ولكن وراء الأكمة ما وراءها، ثم إن التنظيم لم يكن جادّا حتى في السؤال عن أمر جنوده كما ذكر صاحبهم في مقطع أعماق قائلاً: "فهم سدوا الباب في وجوهنا... وحكموا علينا وجعلونا قد قتلنا وجعلونا مطية لهذه الحرب"، وبهذا يتبين غدر التنظيم بالموحّدين من جنود دولة الإسلام.
ومن المعلوم أيضا لدى أنصار وجنود تنظيم القاعدة أن التنظيم إذا أراد هجمة كهذه رتّب لها من فترة طويلة وجمع أصحابه من أكثر الأماكن، فما جعلنا نتفاجأ أن المشكلة صارت عصرا وفي الصباح حاصر التنظيم الكثير من مواقع الدولة في قيفة العليا، خصوصًا المواقع المتأخّرة وقتل مجموعة منهم، وهذه الجاهزية الغريبة توحي أن التنظيم إنما كان يرتّب لقتال دولة الإسلام مسبقًا، لكنه كان ينتظر سببًا لذلك، وقد تم له مراده.

وفي النهاية ظهر عِداؤه، وقد استبان أكثر في هذا القتال بتوحّده مع الشركية وبدعم منهم من سلاح وذخيرة وتغذية ولباس وغيرها، وهذا بشهادة أبناء قيفة أنفسهم على ذلك.


• من ينظر إلى أحداث الاقتتال بين التنظيم ودولة الإسلام في البداية، يقرأ أن التنظيم أراد أن يمحو الدولة الإسلامية من قيفة تمامًا، هل هذا صحيح؟

من المهم أن نذكر هنا أن تنظيم القاعدة كان يشكو قلة جنوده من قبل، فيشكو ذلك لقبائل قيفة وغيرهم، بل أخرج بيانا بتاريخ 10 جمادى الآخرة 1438 مخاطبًا القبائل "أن البدار البدار بتعزيز الجبهات وإلا ستسقط"، والذي يعني أن التنظيم كان في مرحلة رخوة وبدأ يُبدي ضعفه في قيفة أو كما يقول هو في بيانه، هذا أمام قتال الحوثة الروافض، لكن تفاجأ الجميع بعدها عند الاقتتال مع جنود دولة الإسلام بحشده لجنوده من كل مكان في أرجاء اليمن إلى قيفة واستبسال التنظيم في القتال وهجماته الكثيرة جدًا بطريقة لم يعهدها حتى أهل قيفة من قبل! حتى قال بعضهم: لو كان هذا القتال من التنظيم ضد الروافض لطرد الحوثة من قيفة بل وسيطر على مدينة رداع.

وللعلم مازال التنظيم في قتاله للروافض يُبدي ضعفه وجُبنه وأنه لا يستطيع، وبالأمس القريب يريد من أهل قيفة أن يقاتلوا معه؛ بحجة أن جنوده يُقتلون بالقصوفات!!

الشاهد أن التنظيم كان يرى هذه الحرب فرصة له أن ينهي وجود دولة الإسلام في قيفة -خابوا وخسروا-، وروّجوا لشائعات كهذه، وهذه هي خطة الشركية كما سبق، ثم تبين لنا بعدُ أن التنظيم لم يكن وحده في هذه الحرب بل معه بعض المنتسبين للجيش اليمني (الشركية)، بل أصبح هناك دعم للجبهة ضد الدولة عن طريق بعض ضباط الشركية من قيفة كجبر عبد الله وحزام صالح الصراري وفهد قناص التيسي، والتنسيق مع حكومة الشركية بمأرب لمعالجة جرحاهم، وبفضل الله ما لقوا من جنود دولة الإسلام إلا صد هجماتهم والصلابة في القتال فرد الله كيدهم في نحورهم، ولن يطفؤوا نور الله مهما اجتمعوا أو انتهزوا الفرص أو تستّروا بأي قناع، فالله مولى المؤمنين ومبطل كيد الخائنين.


• كيف كان ثبات جنود دولة الإسلام أمام هجمات التنظيم؟

كان التنظيم يريد الاستفراد بالمواقع الخلفية للجبهات أو المواقع البعيدة من الإخوة، فكان من توفيق الله تعالى لجنود الخلافة أن سحبوا الأفراد من المواقع البعيدة جدًا - وهم مرابطون على الحوثة المشركين - خشية أن يستفرد بهم التنظيم، فسحبوهم لمكان ليكون نقطة انطلاق، وظن التنظيم أنه قد أنهى الدولة من هذه الأماكن، وما درى أنها خطة من جنود الخلافة لترتيب صفوفهم، ثم سار الإخوة بخطى ثابتة، يتصدون لهجمات التنظيم مرة ويكرّون عليه مرة حتى اقتحموا على مواقع للتنظيم وأخذوها وثبتوا فيها، والآن بات التنظيم في تخبّط ملحوظ، ولله الحمد أولاً وآخرا.
وكما نرى اليوم وبعد هجماتهم ومحاربتهم لدولة الإسلام أصبحت الدولة بفضل الله تعالى هي من تهاجم التنظيم في مواقعه، وكذلك نرى العبوات تزمجر وتفتك بهم.

وهنا يُذكر أن الدولة الإسلامية لو أرادت النكاية أكثر في التنظيم لزرعت له العبوات في الطرق التي يستخدمها، ولكن ما أوقفنا عن هذا العمل أن الطرق يستخدمها بعض العوام أيضًا، ما جعل جنود دولة الإسلام يمتنعون عن ذلك لا كما يدّعي التنظيم قتل الدولة للأبرياء وعامة المسلمين، ولا يضعون العبوات في طريق عام إلا بطريقة التحكّم عن بُعد ويتم تفجيرها على آليات التنظيم المعروفة لديهم مسبقًا، والشاهد أنهم تركوا أكثر هذه الخطوط رغم سهولة زرع الألغام فيها قربة لله عزّ وجلّ وخشية من سفك دماء المسلمين بغير قصد، بينما التنظيم لا يأبه بزرع الألغام في الطرق العامة التي يمر فيها جنود دولة الإسلام وغيرهم، وبفضل الله العظيم باءت بالفشل.


• يتساءل الكثير عن عجلة النفير للدولة الإسلامية في ولاية البيضاء بعد هذه الحرب هل هي مستمرة؟

بحمد الله عجلة النفير لازالت مستمرة حتى بعد الحرب، رغم أنها كانت قبل الحرب أكثر، لكن في بداية المرحلة خَفّ النفير قليلاً، لأن البعيدين كانوا يسمعون من الإعلام وكان التنظيم ينشر الأكاذيب والأراجيف أن الدولة الإسلامية محاصرة وأنها انتهت ولم يعُد لها وجود في بلاد قيفة، وبفضل الله نشِط إعلام الدولة وبيّن الحقيقة، وعندما رأى الناس الحقيقة عرفوا ما الذي يدور في أرض قيفة، بل اتضح للناس تعاون التنظيم مع الشركية، وعلموا أنه خنجرٌ مسمومٌ في ظهور المسلمين، فبدأت عجلة النفير تسرع من جديد والناس تأتي من كل مكان بفضل الله والأمور إلى خير إن شاء الله تعالى.


• ما هو ردّكم على من يقول أن هذا الاقتتال فتنة فيُحجم عن النفير لذلك؟

هناك من الناس من يعلم بما صار إليه التنظيم الآن، ولازال يرى أنه فتنة، فنقول : القتال لأجل الدين ليس فتنة، فقد استبان مشروع الدولة الإسلامية، واستبان أيضا مشروع التنظيم المختلط مع مشروع الشركية، فلا تتأخر عن نصرة إخوانك ونصرة راية التوحيد، التي لم يرفعها إلا أجناد دولة الإسلام، وقد بان جليا كيف أن التنظيم قد تخلى عنها وأنزلها من قبل في ظل سيطرتهم في المكلّا، والآن أنزلها في أرض قيفة لأجل الشركية، الذين اتفق مع بعضهم لتصوير مواقع هي للتنظيم، فينسبونها إليهم ويأتيهم إثر ذلك الدعم من قيادة الشركية، فينكّس التنظيم الراية لتقاسم الدعم، ولنا في الشام عبرة فقد بدأ حالهم بمثل هذا، تقاسم الفصائل في الدعم المشروط والغير مشروط واختلافهم فيه وفي النهاية انتهوا إلى أحضان الأتراك واتفاقيات سوتشي وغيرها من الخزي والهوان، وفي خراسان أيضا انتهى قادتهم الطالبان إلى أحضان الروس والأمريكان باتفاقيات ومؤتمرات، وسينتهي هنا قريبًا إن شاء الله تعالى، لأن الأمر حق وباطل لا غير ولا ثالث لهما، والقاعدة إلى حضن الشركية أقرب، وقد رأينا إرهاصات ذلك.


• هل توقّفت العمليات ضد الحوثة بسبب الانشغال بحرب التنظيم؟

بفضل الله عزّ وجلّ جنود الخلافة رغم انشغالهم برد كيد التنظيم وقتاله إلا أنهم لم ينسوا الأصل الذي بدأوا به وهو قتال الروافض، فلازالت جبهاتهم مشتعلة، كما رأينا قبل فترة حيث حاول الحوثة المشركون مهاجمة مواقع الدولة الإسلامية في قيفة العليا، وذلك أن الروافض قالوا: إن الدولة انشغلت بحرب التنظيم وهذه فرصة للدخول على مناطق أهل السنة والسيطرة عليها، فقاموا بهجوم واسع، فردّهم الله العظيم مدحورين، وتصدّى لهم جنود الخلافة الذين كانوا يقظين بفضل الله وحده.

كما قام جنود الخلافة -بفضل الله تعالى- في الأسابيع الماضية أيضاً بعدة استهدافات لمواقع الرافضة الحوثة بالرشاشات والمدفعية في كل من (الظهرة - سبلة الجرم - حمة بقر - تبة سفيان - الجرو - جبل جميدة) ولله الحمد على توفيقه.
كما لوحظ تتابع الحملات على مواقع الإخوة في قيفة، فما إن ينتهي المجاهدون من صد هجوم للحوثة، حتى يشن تنظيم القاعدة هجوماً أخر ويرد الله عاديتهم، ثم يشن الآخر لأنهما يعلمان أنه وبوجود الدولة الإسلامية ستتكسر آمالهم وتتبدد أحلامهم وستخيب مشاريعهم الفاسدة -بإذن الله العظيم-، ولازال جند الخلافة يدافعون عن أهل السنة، وما الحرب مع التنظيم إلا مرحلة من مراحل القتال، والعاقبة إنما هي للمتقين وقد قال سبحانه: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}.

هذا والحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 197
الخميس 28 ذو الحجة 1440 هـ
...المزيد

ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره إن الله تعالى لا يظلم عبادَه مثقال ذرةٍ من أعمالهم، فيجازيهم ...

ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره


إن الله تعالى لا يظلم عبادَه مثقال ذرةٍ من أعمالهم، فيجازيهم عليها في الدنيا أو الآخرة، وهم مجزيّون على أجزائها وإن لم ينلْهم جزاءَ تمامِها، فإذا تقاعس العبدُ عن إتمامِ عملٍ ما، كان له من الأجر بمقدار ما عمِل منه لا يحبط عنه إلا بخروجه من الإسلام بالكلية، وإن كان أعظم الأجرِ في إتمامِ العمل، إذ أن الحسنات تتضاعف بصبر المسلم على طاعة الله وثباته عليها رغم كثرة الصوارف عنها.

وقد قال ربنا جل جلاله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلك بأنَّهمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: 120، 121].

وهذه الحقيقة في غاية الأهمية أن يوقن بها المجاهد في سبيل الله تعالى، ويتزود بها في سيره الطويل إلى رضوان ربه الجليل، لتتشوق نفسُه أكثر للبذل، ويهون عليه ما يلقاه من تعبٍ وبلاءٍ، خاصة عندما تبعد عن بصره القاصر صورةَ النصر الذي يرجوه، ويسعى في تثبيطه عن جهاده شياطينُ الإنس والجن، بتشكيكه في جدوى ما يبذله من جهدٍ قد يبدو له غير ذي فائدة طالما أن الهدف الدنيوي منه قد تأخر عنه.

ولنا أن ندرك أهمية ذلك إن وضعنا في الاعتبار أن تلك الآيات من سورة التوبة نزلت على المسلمين لتحثهم على المسير مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في تبوك، حين بعُدت الشُقّة وعظُمت المشقّة، وقويَ المشركون وضعُف المسلمون، وكانت احتمالاتُ النصرِ على الروم قليلةً في حسابات الناس، فبشّر ربُّنا عبادَه أن لهم في كل عملٍ يعملونه في سيْرهم إلى عدوهم أجراً عليهم أن يطلبوه ولا يزهدوا فيه، ثم منّ عليهم مرة أخرى أن كفاهم لقاءَ عدوِهم، فعادوا بالأجر العظيم ولم يمسسهم سوء، وخاب من رغِب بنفسه عن رسول الله وصحبه رضوان الله عليهم.

فالمجاهد يضع في اعتباره أن الغاية الأخروية من جهاده -وهي الأجر من الله تعالى- متحصلةٌ له ولو لم يحقق النصر أو الفتح أبداً، ولو فاته كل ما كان يحبه من الغنيمةِ والظفَر، والعز والتمكين، والسلامة له والنكاية في أعدائه، أضعاف ما لو تحققت له تلك الغايات الدنيوية، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مَا مِنْ غَازِيَةٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، تَغْزُو فَتَغْنَمُ وَتَسْلَمُ، إِلَّا كَانُوا قَدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أُجُورِهِمْ، وَمَا مِنْ غَازِيَةٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، تُخْفِقُ وَتُصَابُ، إِلَّا تَمَّ أُجُورُهُمْ) [رواه مسلم].

وإنكار هذه الحقائق أو السهو عنها كان سبباً في ضلال كثير من العباد، ونكوصهم عن طاعة الله جلّ جلاله، بجهادِ أعدائه وبذل الجهد لإقامة دينه وتحكيم شرعه وتطهير أرضه من الشرك وأهله، وذلك أنهم أوحت إليهم شياطينُ الإنس والجن أن لا فائدة لهم من جهادٍ وبلاءٍ لا يُلازمه نصرٌ وتمكينٌ، فالجهاد بالنسبة إليهم ليس أكثر من وسيلةٍ دنيويةٍ لغايةٍ دنيويةٍ، يسهل عليهم تركه إن تأخر جنْيُ الثمرة التي يرجونها منه، وهكذا قعَد أكثرُ المنافقين عن جهاد الروم في تبوك لأنه جهادٌ لا تُرجى منه غنيمة، ولا يُؤمن فيه هلاك.

ويغفل الكثيرون عن حقيقة أن الجهاد له ولا شك ثمارٌ دنيويةٌ كبيرةٌ مهما طال الزمان، من الفتح والتمكين وإقامة الدين، ولا شك أن النصر متحققٌ لهم أو لإخوانهم الذين يأتون من بعدهم، فيكون دورهم دورُ الزارعِ للنبتةِ، المتعهدِ لها حتى يشتد ساقها وتضرب جذورها في الأرض، وتصبح قادرة على الإثمار، فينتفع بها هو نفسُه أو من يأتي بعده، وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا)، فيكون غرسه لها من باب العبادة لا من باب انتظار الثمر، وكذلك المجاهد في سبيل الله تعالى فإنه يستمر في جهاده حتى تقوم الساعةُ أو يهلك قبلها وقد أدى ما عليه من طاعة لأمر ربه جلّ وعلا.

وقد رأينا الكثيرَ ممن كانوا يزعمون الجهاد لتحكيم شرع الله تعالى، فتَح اللهُ عليهم الأرض ومكنّهم فيها، وابتلاهم بذلك، فكان فيه خسارتهم وحبوط أجرِ جهادهم الذي قاموا به وتحملوا ما تحملوه فيه من الضيق والشدة ليقيموا به الدين كما زعموا، فلمّا صارت الثمرةُ بأيديهم داسوها بأقدامهم، وأقاموا دين الكفر وامتنعوا عن شريعة الله سبحانه، أو سلّموا تلك الثمرة لأعداء الله من العلمانيين والديموقراطيين وعملاء الصليبيين.

فالواجب على المسلم إذن أن يعتقد أن جهاده طاعة لله سبحانه، هو مأجورٌ على القيام به إن أخلص واتبع، وأن يحرص على النصر في جهاد المشركين، ليزيل شركَهم ويقيم دينَ الله في الأرض، وأن يسأل الله سبحانه الثبات على جهاده، وأن يعينه على إقامة الدين في نفسه ومن يرعاهم، قبل أن يقيمه في الأرض وبين الناس، وأن لا يحبط ذلك كله وينكث غزله من بعد قوة كما فعل القوم الظالمون، ومن يصدق الله يصدقه، ومن يخنه فإن الله لا يحب الخائنين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 197
الخميس 28 ذو الحجة 1440 هـ
...المزيد

اكفروا بها وبأربابها وردفا للجهاد بالدعوة، نكرر النصح والدعوة لأهل العراق بوجوب سلوك سبيل ...

اكفروا بها وبأربابها

وردفا للجهاد بالدعوة، نكرر النصح والدعوة لأهل العراق بوجوب سلوك سبيل التوحيد والجهاد في الحكم والتغيير، والكفر بكل السبل الجاهلية الأخرى وفي مقدمتها الديمقراطية وانتخاباتها وأحزابها، فهي سبل خاسرة في الدنيا والآخرة، لأنها تنازع الخالق في عبوديته وحاكميته! وقد قال تعالى عن المتحاكمين إلى غير شريعته: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}، فهذا أمر إلهي بيّنٌ جليٌّ بوجوب الكفر بالطاغوت ومِن أظهر صوره الاحتكام لغير شرعه، والديمقراطية ليست من شرعه سبحانه، بل هي من شرع أعدائه الكفرة الفجرة، فاكفروا بها وبأربابها كما أمركم ربكم، ولا تكونوا من الخاسرين.


• المصدر:
افتتاحية صحيفة النبأ العدد [522]
"الفائزون والخاسرون"
...المزيد

بين النصرة والخذلان ومما لا شك فيه أن امتناع المسلم القادر أو تقصيره في نصرة أخيه المسلم، خلل ...

بين النصرة والخذلان


ومما لا شك فيه أن امتناع المسلم القادر أو تقصيره في نصرة أخيه المسلم، خلل يقدح في كمال الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير) [متفق عليه]،

ومنه يفهم أنه لن يكتمل إيمانك ما لم تحقق هذه الخصلة العظيمة، فما تحب أن يصيبك من الخير فلتحبه لإخوانك، وما تكره أن يصيبك من الأذى والشرور فلتكرهه لإخوانك، وتسعى لرفعه عنهم،


ولا يجوز لك أن تتخلف عن نصرتهم أو تتركهم لعدوهم يفتنهم في دينهم، كما في الحديث الصحيح: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه)،

ومعلوم في ديننا أن الجزاء من جنس العمل ولذا قال في نفس الحديث: (ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة)،

ومن أحب أن ينصره الله وقت محنته فلينصر أخاه في محنته، وليحذر وعيد الله له بالخذلان إن هو ترك نصرة أخيه مع القدرة عليها، كما في الحديث: (ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته). [أحمد]


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 479
المقال الافتتاحي: السودان المنسي!
...المزيد

أنظمة فاسدة ولقد ضرب الله تعالى لنا مثلا لفوضى النظام الشركي الذي يخسر المشاركون فيه وتتنازعهم ...

أنظمة فاسدة


ولقد ضرب الله تعالى لنا مثلا لفوضى النظام الشركي الذي يخسر المشاركون فيه وتتنازعهم فيه آلهة وطواغيت شتى، مقارنة بنظام التوحيد الذي يفوز فيه المؤمنون الذين يُسْلمون وجوههم لله وحده دون شريك في الحكم أو العبادة، فقال سبحانه: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}، قال ابن القيم: "هذا مَثَل ضربه الله -سبحانه- للمشرك والموحد، فالمشرك بمنزلة عبدٍ تملكه جماعة متنازعون، مشتركون في خدمته لا يمكنه رضاهم أجمعين!، والموحد لمّا كان يعبد الله وحده؛ فمثله كمثل عبدِ رجلٍ واحدٍ، قد سلم له وعلم مقاصده وعرف الطريق إلى رضاه، فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه، بل هو سالم لمالكه من غير منازع فيه، مع رأفة مالكه به ورحمته له وشفقته عليه وإحسانه إليه وتوليه بمصالحه، فهل يستوي هذان العبدان؟ وهذا منه أبلغ الأمثال، فإن الخالص لمالك واحد يستحق من معونته وإحسانه والتفاته إليه وقيامه بمصالحه؛ ما لا يستحقه صاحب الشركاء المتشاكسين". [الأمثال في القرآن].

تغيب هذه الحقائق الإيمانية عن سائر المجتمعات الجاهلية بنخبها وكوادرها التي تؤمن بالديمقراطية نظام حكم؛ تمنحه أصواتها وثمرة فؤادها وتضحيات أبنائها فيحترقون بها في الدنيا قبل الآخرة، فأي خسارة تفوق هذه الخسارة؟!


• المصدر:
افتتاحية صحيفة النبأ العدد [522]
"الفائزون والخاسرون"
...المزيد

رسالة إلى أهل الشام المباركة ولا أنسى أن أُثني على أهلنا في أرض الشام المباركة الحبيبة؛ الذين ...

رسالة إلى أهل الشام المباركة


ولا أنسى أن أُثني على أهلنا في أرض الشام المباركة الحبيبة؛ الذين أطلقوا رصاصة الرحمة على الخوف الجاثم منذ عقود على صدر هذه الأمَّة، وهَبُّوا ينفضون عن جبين عزِّها غبار الذلِّ بأشلائهم، ويغسلون عن ثوب كرامتها وَصَمَات العار بدمائهم، لقد لقَّنتم العالم دروسًا في الشجاعة والجهاد والصبر، ولقد علَّمتم الأمَّة وأثبتُّم لها بالدليل القاطع والحجَّة الدامغة أنَّ الظلم لا يُرفع إلا بالقوَّة والبأس، ولا يُمحى الهوان إلا ببذل النفوس والمهج، ونضح الدم، وبعثرة الأشلاء والجماجم، والشهداء والجرحى على طول الطريق، لقد أقَضَّيتم مضاجع الكفَّار فوقف مجلس خوفهم وجامعة أممهم وكلُّ رؤوسهم يراقبون عاصفتكم؛ مذهولين، عاجزين، مرعوبين، حائرين.

مذهولين؛ من جهادكم وصمودكم.
عاجزين؛ عن قمعكم وإخضاعكم.
مرعوبين؛ من مستقبل بركانكم.
حائرين؛ في حلٍّ يُخمد جهادكم.

فامضوا بارك الله فيكم، وإيَّاكم أن ترضوا بحكم أو دستور غير حكم الله وشريعته المطهَّرة فتضيِّعوا ثورتكم المباركة؛ التي لن تُؤتِيَ أُكُلها إلا إذا تُوِّجت بتحكيم الشريعة، وتوحيد الأمَّة بهدم حدود سايكس بيكو، ووأد القومية النتنة والوطنية المقيتة، وإعادة الدولة الإسلامية التي لا تعترف بالحدود المصطنعة ولا بجنسيةٍ غير الإسلام، ولا تظنُّوا أبدًا أنَّ الحقَّ والعدل والخير في دستور أو قانون أو نظام غير شريعتنا المطهَّرة، فقد جعل الله عقيدة هذا الدين ومنهجه وأساليب تمكينه من عنده جلَّ وعلا، وليس للمسلم المؤمن إلا السير ضمن هذا المخطَّط الربانيِّ المرسوم له، واجتناب كل الحركات والأنظمة البشرية الأرضية الباطلة الزائفة، التي مبناها على الهوى والتخبُّط، وتحاول تنظيم الحياة بمنأى عن الدين وبغير هدًى من الله، فالثبات الثبات يا أهل الشام فإنَّ العاقبة للمتَّقين.


• الخليفة أبو بكر البغدادي (تقبله الله تعالى)
من كلمة صوتية بعنوان: { ويأبى الله إلا أن يتم نوره }
...المزيد

الفائزون في العراق أما في ظلال الشريعة الإلهية ووفق حساباتها السماوية، يربح المجاهدون بثباتهم ...

الفائزون في العراق


أما في ظلال الشريعة الإلهية ووفق حساباتها السماوية، يربح المجاهدون بثباتهم على توحيدهم رغم شظف عيشهم ومحنتهم، فهم وحدهم مَن كسب المعركة في العراق، معركة الشريعة لا الديمقراطية، نحسبهم ولا نزكيهم.

وقد يستهجن المرتابون الحكم على المجاهدين الثابتين على توحيدهم بالفوز؛ وأحدهم لا يأمن قضاء حاجته في ظل عكوف المسيّرات على رأسه كأنها صُنعت له! وقد آوى به المبيت وحيدا طريدا في قفار موحشة لا جار له فيها إلا السباع والوحوش! في غربة حقيقية يتحدث عنها "أدعياؤها" لكنهم لم يدركوها ولا عشر معشارها! لأنها غربة بواطن لا ظواهر، غربة حقائق لا مسميات، غربة متون وأصول لا هوامش جانبية!

والسبب الحقيقي وراء ذلك الاستهجان هو ضعف قدر التوحيد في قلوب هؤلاء المرتابين، فماذا يعني المسك الفواح للأخشم؟! وهل يسمع عذب الترانيم الأصم؟! إنه الفرق بين من يرى التوحيد كل شيء، وبين من يراه لا شيء أو بعض شيء!


• المصدر:
افتتاحية صحيفة النبأ العدد [522]
"الفائزون والخاسرون"
...المزيد

التوبة من الشرك الشرك من الذنوب التي لا يغفرها الله -عز وجل- البتة، قال تبارك وتعالى: { إِنَّ ...

التوبة من الشرك

الشرك من الذنوب التي لا يغفرها الله -عز وجل- البتة، قال تبارك وتعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ } [ النساء: 48 ]، فالشرك من الذنوب الغير القابلة للتوبة بأي حال من الأحوال، فإذا علمت ذلك فعليك أن تتقصى وأن تبحث حتى لا نذهب إلى الله -عز وجل- وفي سجلنا شيءٌ من الشرك، وأعني به الشرك الأكبر المخرج من الملة، وإلا فإن الشرك الأصغر لا ينجو منه أحد.


• اقتباسات من سلسلة البراعة في تبيان شرك الطاعة
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً